ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-103-6
الصفحات: ٤٧١

« لا غسل عليهما » (١) غير صريحين ، لأنّ الدبر فرج ، والإتيان لا يستلزم الإيقاب.

ولا فرق بين دبري الذكر والأنثى ، للإجماع المركّب.

قال المحقّق ـ لمّا نقل عن المرتضى : كلّ من قال بإيجاب الغسل في دبرها قال به في دبر الذكر ـ : لم أتحقّق إلى الآن ما ادّعاه ، فالأولى التمسّك فيه بالأصل (٢).

أمّا فرج البهيمة فلا نصّ فيه ، والحمل على ختان المرأة قوي ، ولفحوى قضيّة الأنصار (٣).

والمفعول كالفاعل في الوجوب.

والميتة كغيرها ، للخبر : « إن حرمة الميت كحرمة الحي » (٤) وصدق الختان وغيره من الظواهر.

وواجد المني على بدنه أو ثوبه أو فراشه المختصّ به جنب ، وان لم يذكر احتلاما ولا شهوة ، لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عمّن يجد البلل ولا يذكر احتلاما ، قال : « يغتسل » (٥) ، ولخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٦).

ويعيد كلّ صلاة لا يمكن سبقها بالنظر الى الحدث ، وبالنظر الى الخبث يعيد ما كان في وقته لا ما خرج.

وقول الشيخ في المبسوط بإعادة كل ما صلاّه بعد آخر غسل رافع للحدث (٧) للاحتياط ، أو لأنّه نزع الثوب وصلّى في غيره.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٧ ح ٨ ، التهذيب ١ : ١٢٥ ح ٣٣٦ ، الاستبصار ١ : ١١٢ ح ٣٧١ ، عن البرقي رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) المعتبر ١ : ١٨١.

(٣) راجع الهامش ٦ ، المتقدم.

(٤) التهذيب ١٠ : ٦٢ ح ٢٢٩.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٠ ح ٦١٢ ، الجامع الصحيح ١ : ١٩٠ ح ١١٣ ، السنن الكبرى ١ : ١٦٨.

(٦) التهذيب ١ : ٣٦٧ ح ١١١٨ ، الاستبصار ١ : ١١١ ح ٣٦٧.

(٧) المبسوط ١ : ٢٨.

٢٢١

ومع الاشتراك ، لا غسل عليهما ، للأصل. واعتبار الشركة بعد قيامه من موضعه عند الشيخ (١) ، والظاهر : اعتبارها مطلقا. ويستحب لهما الغسل الرافع للحدث ، وكذا لو تعدّوا.

وفي سقوط اعتبار الجنابة عن الجميع نظر ، من القطع بجنب ، ومن أصالة عدم تعلّق تكليف مكلّف بغيره. وتظهر الفائدة في الائتمام ، وانعقاد الجمعة. وقطع المحقّق بالأول (٢).

مسائل :

الأولى : مراعاة صفات المنيّ إنّما هي مع الاشتباه ، فلو تيقّن المني فلا عبرة بها ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الماء من الماء » (٣) ، وقول علي عليه‌السلام : « إنّما الغسل من الماء الأكبر » (٤).

وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمرأة تحتلم : « أتجد لذة؟ » (٥) محمول على الاشتباه ، لأنّ اللذة شرط. فلو أحسّ بخروجه فأمسك ، ثم خرج بعد بغير شهوة ولا فتور ، وجب الغسل حينئذ. وكذا لو لم يستبرئ واغتسل ، ثم وجد بللا معلوما أو مشتبها ، بناء على أنّه من الأول غالبا.

ومع الاشتباه يعتبر الصفات ، لخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : « إن لم يكن شهوة ، ولا فتور ، فلا بأس » (٦).

ويكفي في المريض الشهوة وحدها ، لخبر ابن أبي يعفور عن الصادق ( عليه‌

__________________

(١) النهاية : ٢٠.

(٢) المعتبر ١ : ١٧٩.

(٣) تقدم في ص ١٩٤ الهامش ٥.

(٤) الكافي ٣ : ٤٨ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٢٠ ح ٣١٦ و ٣٦٨ ح ١١٢١ ، الاستبصار ١ : ١٠٩ ح ٣٦٢.

(٥) أرسله المحقق في المعتبر ١ : ١٧٧.

(٦) قرب الاسناد : ٨٥ ، التهذيب ١ : ١٢٠ ح ٣١٧ ، الاستبصار ١ : ١٠٤ ح ٣٤٢.

٢٢٢

السلام ) (١).

الثانية : لا عبرة بالشهوة والفتور من غير أمناء‌ ـ وإن احتلم بالجماع ـ للخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ، ولخبر الحسين بن أبي العلاء (٣).

ولو شك في كونه منيّا ، ولم يتميّز بالصفة ، فالأصل : الطهارة.

الثالثة : روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن الصادق عليه‌السلام : عدم وجوب الغسل على المرأة بخروج نطفة الرجل (٤). نعم ، لو علمت الاختلاط وجب. ولو شكّت ، فالأحوط : الوجوب ، للاختلاط المظنون. وفي خبر سليمان ابن خالد عنه عليه‌السلام : « ما يخرج منها إنّما هو من ماء الرجل » (٥).

الرابعة : لا يكفي في الإيلاج غيبوبة بعض الحشفة ، للخبرين السالفين (٦) ، ولا إيلاج الخنثى فرجه ، لجواز زيادته ، ولا إيلاج الخنثى في الخنثى.

ولو أولج فيه الواضح دبرا وجب ، وقبلا لم يجب ، لما ذكر.

وفي التذكرة : يجب ، لصدق التقاء الختانين ، ووجوب الحدّ به (٧). وفيهما منع.

ويلزمه الوجوب ولو علم رجولية المولج فيه.

ولو أولج رجل في قبل الخنثى ، وأولجت في فرج امرأة ، وجب الغسل على الخنثى ، لامتناع الخلو عن الموجب ، والرجل والمرأة كواجدي المني على الثوب المشترك ، لأنّه إن كان الخنثى امرأة فالرجل جنب ، وإن كان رجلا فالمرأة جنب.

الخامسة : إيلاج الصبي في البالغة ، وبالعكس ، موجب للغسل على البالغ‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٨ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٣٦٩ ح ١١٢٤ ، الاستبصار ١ : ١١٠ ح ٣٦٥.

(٢) تقدم في ص ٢٢٢ ، الهامش ٣.

(٣) الكافي ٣ : ٤٨ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٢٠ ح ٣١٦ ، الاستبصار ١ : ١٠٩ ح ٣٦٢.

(٤) الكافي ٣ : ٤٩ ح ٣ ، التهذيب ١ : ١٤٦ ح ٤١٣.

(٥) الكافي ٣ : ٤٩ ح ١ ، علل الشرائع : ٢٨٧ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٤٣ ح ٤٠٤ ، الاستبصار ١ : ١١٨ ح ٣٩٩.

(٦) راجع ص ٢٢٠.

(٧) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٣.

٢٢٣

منهما ، وفي الآخر نظر ، وكذا الصبي في الصبيّة ، من أنّه من باب الأسباب أو الأحكام. وتظهر الفائدة في منعه عن المساجد ، والعزائم ، ومسّ كتابة القرآن. وفي استباحتها بغسله الآن وجهان ، وكذا في اكتفائه به لو بلغ ، والأقرب تجديده.

السادسة : الملفوف كغيره‌ وإن غلظت اللفافة ، لالتقاء الختانين.

واحتمل الفاضل السقوط ، لأنّ اللذة إنّما تحصل بارتفاع الحجاب (١).

وفي غير اللينة ـ وهي المانعة من الحرارة والبلل ـ وكذا باقي أحكام الإيلاج ـ كالمصاهرة ، والتحليل ، والحرمة ـ ، وفي المقطوع ، وآلة الميت ، والبهيمة ، نظر ، للأصل ، وصدق الالتقاء.

أمّا استدخال آلة النائم ، أو الإيلاج في النائمة ، فتتعلق بهما الأحكام قطعا ، ولا يقبل إخبار كلّ منهما على صاحبه إلاّ مع علم صدقه.

السابعة : لا فرق بين العضو الأشلّ وغيره. ولو قطع بعض الحشفة كفى الباقي ، إلاّ أن يذهب المعظم ، فيغيّب بقدرها.

الثامنة : لو خرج المني من ثقبة اعتبر الاعتياد. والخروج من الصلب فما دونه ومن فوقه وجه ، عملا بالعادة.

ولو خرج بلون الدم لكثرة الوقاع ، فالأقرب : الوجوب ، تغليبا للخواص.

ووجه العدم : أنّ المني دم في الأصل ، فلما لم يستحلّ الحق بالدّماء.

التاسعة : لا فرق بين الرجل والمرأة في خروج المني ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأم سليم لمّا سألته عن الغسل لاحتلام المرأة : « نعم ، إذا رأت الماء » (٢) وهو يشعر باشتراط الانفصال عن الفرج.

وفي خبر معاوية عن الصادق عليه‌السلام : « إذا أمنت من شهوة في نوم‌

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ٩٤ ، تذكرة الفقهاء ١ : ٢٤.

(٢) مسند أحمد ١ : ٢٩٢ ، ٣٠٢ ، سنن النسائي ١ : ١١٥ ، السنن الكبرى ١ : ١٦٨.

٢٢٤

أو يقظة ، جامعها أو لا ، فعليها الغسل » (١) ومثله عن الكاظم (٢) والرضا عليهما‌السلام (٣).

ولا يعارضه خبر عمر بن أذينة عن الصادق عليه‌السلام (٤) ، ومقطوع زرارة (٥) بعدم الغسل عليها ، لشهرة الأول ، وأوّل الثاني باحتمال رؤيتها الماء مناما لا غير.

العاشرة : الغسل يجب على الكافر كسائر العبادات ، ولا يسقط بإسلامه ، لبقاء سببه كالحدث الأصغر ، ولا يقع منه في حال كفره ، لاشتراط النّية الممتنعة منه.

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٢٢ ح ٣٢٤ ، الاستبصار ١ : ١٠٦ ح ٣٤٧.

(٢) الكافي ٣ : ٤٧ ح ٧ ، التهذيب ١ : ١٢٢ ح ٣٢٦.

(٣) الكافي ٣ : ٤٧ ح ٥ ، التهذيب ١ : ١٢٣ ح ٣٢٧ ، الاستبصار ١ : ١٠٨ ح ٣٥٤.

(٤) التهذيب ١ : ١٢٣ ح ٣٢٩ ، الاستبصار ١ : ١٠٧ ح ٣٥١.

(٥) التهذيب ١ : ١٢٤ ح ٣٣٢ ، الاستبصار ١ : ١٠٧ ح ٣٥٣ ، عن عبيد بن زرارة.

٢٢٥
٢٢٦

المقام الثاني : في الحيض.

وهو لغة : السيل بقوة ، من قولهم : حاض الوادي ، إذا سال بقوة.

ويسمّى : محيضا ـ للآية (١) ـ وطمثا ، وهو كثير في الأخبار (٢).

وشرعا : قال في المبسوط : انه الدم الذي له تعلّق بانقضاء العدّة على وجه ، اما بظهوره أو انقطاعه (٣) وعنى به : اختلاف تفسيري القرء. وهو غير مانع ، لمشاركة النفاس إيّاه في هذه الخاصة ، في مثل المطلقة وهي حامل من الزنا ، فإنّه ربّما رأت قرءين في الحمل ، بناء على حيض الحامل ، ثم ترى قرءا بعد الوضع ، فيكون بظهور دم النفاس أو انقطاعه انقضاء عدّتها.

وحذف شطره الأخير المحقّق (٤) لأنّ التعلّق مشعر به. ولو حذف الانقضاء أمكن ، لأنّ العدّة بالأقراء ، وهي : إمّا الحيض أو الطهر المنتهى به ، فله في الجملة تعلّق بالعدّة.

وعرّفه الشيخ أيضا بأنّه : الدم الأسود الخارج بحرارة على وجه (٥).

وهو مأخوذ من قول الصادق عليه‌السلام : « دم الحيض حار عبيط أسود (٦) والعبيط : هو الخالص الطري ـ بالعين المهملة.

والحكمة فيه تربية الولد ، لإعداده الرحم للحمل ، واغتذائه جنينا ورضيعا مخلوعا عنه صورة الدم ، ومن ثم قلّ حيض المرضع.

وفي الحامل خلاف. وادّعى الشيخ الإجماع على عدم الحيض إذا استبان‌

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٢.

(٢) لاحظ : الكافي ٣ : ٩٤ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٨٥ ح ١١٨٤.

(٣) المبسوط ١ : ٤١.

(٤) شرائع الإسلام ١ : ٢٨.

(٥) المبسوط ١ : ٤١.

(٦) الكافي ٣ : ٩١ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٥١ ح ٤٢٩.

٢٢٧

الحمل (١) ، ويمكن قبله.

وفي الأخبار الصحيحة المشهورة عن الصادق والكاظم عليهما‌السلام إطلاق حيضها (٢). وعليها : الصدوقان (٣) والمرتضى (٤) والفاضل (٥).

وفي خبر السكوني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما كان الله ليجعل حيضا مع حبل » (٦) ، وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة » (٧) فهي علم لبراءة الرحم من الحمل ، فكيف يجامعه؟ وعليه : المفيد (٨) وابن الجنيد (٩) وابن إدريس (١٠).

وفي صحيح الحسين بن نعيم عن الصادق عليه‌السلام في العادة أو قبلها بقليل : حيض ، لا بعدها بعشرين يوما (١١). وعليه النهاية (١٢). وحملت على عدم الشرائط غالبا بعد العادة.

ومن ثم لا تحيض الناقصة عن تسع إجماعا ، ولا الزائدة عن ستين سنة إن كانت قرشية أو نبطية ، أو خمسين لغيرهما ، لمرسل ابن أبي عمير عن الصادق ( عليه‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢٣٩ المسألة : ٢٠٥ ، وقد استفيد الإجماع على المسألة من قوله : عندنا ، ونسب الى الشيخ ذلك أغلب من تعرض للمسألة ، راجع : المعتبر ١ : ٢٠١ ، الحدائق الناضرة ٣ : ١٧٧ ، جواهر الكلام ٣ : ٢٦٢ ، مفتاح الكرامة ١ : ٣٤١.

(٢) الكافي ٣ : ٩٥ ح ١ ، ٩٨ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٣٨٦ ح ١١٨٦ ، ٣٨٨ ، ح ١١٩٧ ، الاستبصار ١ : ١٣٨ ح ٤٧٣ ، ١٤١ ح ٤٨٣.

(٣) الفقيه ١ : ٥١ ، المقنع : ١٦ ، المعتبر ١ : ٢٠٠.

(٤) الناصريات : ٢٢٧ المسألة ٦١.

(٥) تذكرة الفقهاء : ١ : ٢٦ ، مختلف الشيعة : ٣٧.

(٦) التهذيب ١ : ٣٨٧ ح ١١٩٦ ، الاستبصار ١ : ١٤٠ ح ٤٨١.

(٧) مسند أحمد ٣ : ٦٢ ، سنن الدارمي ٢ : ١٧١ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٤٨ ح ٢١٥٧.

(٨) المقنعة : ٨١.

(٩) المعتبر ١ : ٢٠٠ ، مختلف الشيعة : ٣٦.

(١٠) السرائر ٢٩.

(١١) الكافي ٣ : ٩٥ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٨ ح ١١٩٧ ، الاستبصار ١ : ١٤٠ ، ح ٤٨٢.

(١٢) النهاية : ٢٥.

٢٢٨

السلام ) : « إذا بلغت خمسين لم تر حمرة ، إلاّ القرشية » (١).

وفي خبري عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه‌السلام إطلاق الستين والخمسين (٢) فجمع بينهما بالتفصيل.

واما النبطيّة فذكره المفيد ـ رحمه‌الله ـ رواية ومن تبعه (٣) ولم أجد به خبرا مسندا.

وإذا طمثت البكر واشتبه بالطمث ، فتطوّق القطنة ينفي الحيض ، لخبر زياد بن سوقة عن الباقر عليه‌السلام (٤) وخلف بن حماد عن الكاظم عليه‌السلام ، وقال : « سرّ الله فلا تذيعوه ، ولا تعلّم هذا الخلق أصول دين الله » (٥).

وانتفاعها يثبته ، للخبرين.

قال المحقّق ـ رحمه‌الله ـ : الانتفاع محتمل (٦).

قلنا : ثبوت الحيض فيه إنّما هو بالشرائط المعلومة ، ومفهوم الخبرين انه ملتبس بالعذرة لا غير.

ولو اشتبه بالقرح ، استلقت وأدخلت إصبعها ، فمن الأيمن حيض. رفعه محمد بن يحيى الى أبان عن الصادق عليه‌السلام ، ذكره الكليني (٧) وأفتى به ابن الجنيد (٨). وفي كثير من نسخ التهذيب الرواية بلفظها بعينه.

وقال الصدوق والشيخ ـ في النهاية ـ : الحيض من الأيسر (٩).

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٠٧ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٣٩٧ ح ١٢٣٦.

(٢) الكافي ٣ : ١٠٧ ح ٤ ، ٦ : ٨٥ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٣٩٧ ح ١٢٣٧ ، ٨ : ٦٧ ح ٢٢٢ ، ٧ : ٤٦٩ ح ١٨٨١ ، الاستبصار ٣ : ٣٣٧ ح ١٢٠٢.

(٣) المقنعة : ٨٢ ، الفقيه ١ : ٥١ ، المبسوط ١ : ٤٢.

(٤) المحاسن : ٣٠٧ ح ٢١ ، الكافي ٣ : ٩٤ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٥٢ ح ٤٣٢.

(٥) المحاسن : ٣٠٧ ح ٢٢ ، الكافي ٣ : ٩٢ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٥ ح ١١٨٤.

(٦) المعتبر ١ : ١٩٨.

(٧) الكافي ٣ : ٩٤ ح ٣.

(٨) المعتبر ١ : ٢٠١ ، مختلف الشيعة : ٣٦.

(٩) الفقيه ١ : ٥٤ ، المقنع : ١٦ ، النهاية : ٢٤.

٢٢٩

قال ابن طاوس : وهو في بعض نسخ التهذيب الجديدة (١) ، وقطع بأنّه تدليس ، إلاّ أنّ الرواية مرسلة.

ولو اشتبه بالاستحاضة اعتبر : بالسواد والحمرة والغلظ والحرارة وأضدادها ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إذا كان دم الحيض فإنّه أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة ، وإذا كان الآخر فتوضّئي » (٢).

وقول الصادق عليه‌السلام السابق ، وقوله : « هو دم حار تجد له حرقة ، ودم الاستحاضة فاسد بارد » (٣).

وبالثلاثة والعشرة ، اللذين هما أقلّه وأكثره باتفاقنا ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خبر أبي أمامة : « أقلّ الحيض ثلاثة وأكثره عشرة » (٤) ، وبمعناه قول الصادق والرضا عليهما‌السلام (٥).

وخبر ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام بالثمانية في أكثره (٦) محمول على من عادتها ذلك واستمرّ بها الدم ، لمخالفته الإجماع ، كما قاله الشيخ في التهذيب (٧).

ويشترط التوالي ـ في المشهور ـ عملا بالمتيقّن.

والخبر عن الصادق عليه‌السلام بعدم التوالي ـ أرسله يونس (٨) ـ منقطع في العشرة ، وقد تركه الأكثر (٩).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٨٥ ، ١١٨٥.

(٢) سنن أبي داود ١ : ٧٥ ح ٢٨٦ ، سنن النسائي ١ : ١٨٥ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٠٦ ، السنن الكبرى ١ : ٣٢٥.

(٣) الكافي ٣ : ٩١ ح ٣ ، التهذيب ١ : ١٥١ ح ٤٣١.

(٤) سنن الدار قطني ١ : ٢١٨ ، كنز العمال ٩ : ٤٠٧ ح ٢٦٧١٩ عن الطبراني.

(٥) الكافي ٣ : ٧٥ ح ١ ، ٢ ، التهذيب ١ : ١٥٦ ح ٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ١٣٠ ح ٤٤٦.

(٦) التهذيب ١ : ١٥٧ ح ٤٥٠ ، الاستبصار ١ : ١٣١ ح ٤٥١.

(٧) التهذيب ١ : ١٥٧ ، الإستبصار ١ : ١٣١.

(٨) الكافي ٣ : ٧٦ ح ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٧ ح ٤٥٢.

(٩) راجع : المبسوط ١ : ٤٢ ، الجمل والقعود : ١٦٣ ، المعتبر ١ : ٢٠٢ ، مختلف الشيعة : ٣٦.

٢٣٠

وما بين الأقل والأكثر حيض مع إمكانه ـ وإن اختلف لونه ـ لاستصحاب الحيض.

ولخبر سماعة عن الصادق عليه‌السلام : « تستدخل الكرسف ، فإن خرج دم لم تطهر » (١).

وكذا لو لم تر هذه العاشر ، أو رأته متفرّقا بعد الثلاثة ، لخبر محمّد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام : « إذا رأته قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الاولى » (٢).

وأقلّ الطهر عشرة أيام باتفاقنا ، للنص عن الباقر والصادق عليهما‌السلام (٣). وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « تلبث شطر دهرها لا تصوم ولا تصلي » (٤). وقد ثبت أنّ أكثر الحيض عشرة فالشرط الآخر مثلها. وقول علي عليه‌السلام : « قالون » (٥) لمن قال فيمن ادّعت ثلاث حيض في شهر تأتي ببيّنة من أهلها (٦). وروى السكوني عن الصادق عليه‌السلام حكم علي بذلك (٧) ، ولا يتم مع كون الطهر خمسة عشر يوما.

ولا حدّ لأكثره إجماعا ، قاله الفاضل ، وحمل قول أبي الصلاح في تحديده بثلاثة أشهر على الغالب (٨).

والأغلب في الحيض الستة والسبعة ، والطهر باقي الشهر للوجدان في كثير. ويختلف بحسب السن ، فينقص عدده عند الكبر ، كما في مرسلة يونس عن‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٦١ ح ٤٦٢ ، باختصار في الألفاظ.

(٢) التهذيب ١ : ١٥٦ ح ٤٤٨ ، الاستبصار ١ : ١٣٠ ح ٤٤٩.

(٣) الكافي ٣ : ٧٦ ح ٤ ، ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٧ ح ٤٥١ ، ٤٥٢ ، الاستبصار ١ : ١٣١ ح ٤٥٢.

(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٧.

(٥) في هامش م ، س : لغة رومية ، أي : جيد.

(٦) صحيح البخاري ١ : ٨١.

(٧) الفقيه ١ : ٥٥ ح ٢٠٧ ، التهذيب ٨ : ١٦٦ ح ٥٧٦ ، الاستبصار ٣ : ٣٥٦ ح ١٢٧٧.

(٨) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٧. وقول أبي الصلاح في الكافي في الفقه : ١٢٨.

٢٣١

الصادق عليه‌السلام (١).

مسائل :

الأولى : تثبت العادة بمرتين متساويتين عددا ووقتا ، ففي الثالثة ترد إليها ، لأنّ العود لا يحصل إلاّ بالتكرار.

ولقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « دعي الصلاة أيام أقرائك » (٢) ، ولا يصدق الجمع على الواحد.

وفي مقطوع سماعة : « إذا اتفق شهران عدة أيام سواء فتلك أيامها » (٣).

ولا تشترط الثلاث باتفاقنا ، لأنّ الجمع يصدق على الاثنين ، وقد حصل المشتق منه.

الثانية : لا يشترط في العادة تعدّد الشهر ، وما ذكره في الخبر من الشهر بناء على الغالب. فلو تساوى الحيضان في شهر واحد كفى في العددية ، صرّح به في المبسوط والخلاف (٤) ، وكذا لو تساويا في زيادة على شهرين.

أمّا الوقتية ، فالظاهر : اشتراط تكرّر الطهرين متساويين وقتا.

ولو تساويا عددا واختلفا وقتا ، استقرّ العدد لا غير ، فحينئذ تستظهر برؤية الدم الثالث إلى ثلاثة أيام ، ولو عبر العشرة رجعت الى العدد.

ولو استقرّا وقتا واختلفا عددا ، اعتبر الوقت وأقلّ العددين ، لتكرّره ، ولعموم خبر الأقراء (٥).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٧٦ ح ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٧ ح ٤٥٢.

(٢) الكافي ٣ : ٨٣ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ ح ١١٨٣ ، سنن الدار قطني ١ : ٢١٢ ، السنن الكبرى ١ : ٣٣٢.

(٣) الكافي ٣ : ٧٩ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٠ ح ١١٧٨.

(٤) المبسوط ١ : ٤٧ ، الخلاف ١ : ٢٣٩ المسألة : ٢٠٦.

(٥) راجع الهامش ٢.

٢٣٢

ويمكن أن تكون وقتية لا غير ، لعدم عود العدد الأول.

اما لو اختلف العدد ، ولم يستقرّ الطهر بتكراره متساويا مرتين ، فلا وقت هنا قطعا ، وفي العدد الوجهان.

ويظهر من كلام الفاضل انه لا عبرة باستقرار الطهر (١).

وتظهر فائدته لو تغاير الوقت في الثالث ، فإن لم نعتبر استقرار الطهر جلست لرؤية الدم ، وإن اعتبرناه فبعد الثلاثة أو حضور الوقت.

هذا ان تقدم على الوقت ، ولو تأخر أمكن ذلك استظهارا.

ويمكن القطع بالحيض هنا ، إذ وجوده في الجملة مقطوع به ، وتأخر وقته يزيده انبعاثا.

والأقرب : أنّ اتحاد الوقت إنّما يؤثر في الجلوس برؤية الدم فيه ، وقلّما يتفق دائما.

وفي المبسوط : إذا استقرت العادة ، ثم تقدمها أو تأخّر عنها الدم بيوم أو يومين إلى العشرة حكم بأنه حيض ، وإن زاد على العشرة فلا (٢).

الثالثة : لو اتفقت أيام التمييز‌ عددا ووقتا وصفة مرتين استقرّت العادة ، للحكم بأنّها أقراء.

ولو اختلفت الصفة ، أمكن ذلك إذا حكمنا بكونه حيضا كالأسود والأحمر ، ويمكن عدم العادة هنا.

الرابعة : قد تتعدّد العادة على نظام طبيعي ، كالثلاثة ، والأربعة ، والخمسة.

أو لا ، كعكسه إذا حصل التكرار المعتبر في الواحدة. ولا فرق بين أن يكون تكرّرها على التوالي ، كما لو رأت كلّ واحدة شهرين متواليين. أو لا ، كما لو رأت الأعداد في ثلاثة أشهر ، ثم رأتها على الترتيب الأول في ثلاثة أشهر أخرى ، لأنّ‌

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٧.

(٢) المبسوط ١ : ٤٣.

٢٣٣

تعاقب الأقدار المختلفة قد صار عادة لها.

ويمكن منع تعدّد العادة ، لأنّ كلّ مقدار ناسخ لما قبله ، فيخرجه عن الاعتبار ، فحينئذ لو نسيت المستحاضة النوبة أخذت أقلّ المحتملات في كل شهر. ففي الفرض الأول تأخذ الثلاثة دائما ، ولو علمت عدمها أخذت أربعة ثم ثلاثة ثم ثلاثة ، وكذا في كلّ دور. وفي عكسه إن اتسق فالحكم كذلك ، وان لم يتسق فالثلاثة دائما.

ويمكن العود الى التمييز ، فإن فقد فإلى الروايات ، لما يأتي ـ إن شاء الله ـ ويتعيّنان لو منعنا تعدّد العادة.

الخامسة : قد تترك ذات التمييز الصلاة والصوم عشرين يوما متوالية ، بأن ترى الأحمر عشرة ، فإنّها تجلس فيها ، لإمكان كونه حيضا على القول بعدم الاستظهار ـ ثم ترى الأسود بعده عشرة ، فإنّها تعمل بأقوى الدمين ، وتبيّن أنّ الأول استحاضة. ولو فرض قوة الدم الثالث انتقلت إليه. وكذا يتعدّد الجلوس في ناسية العادة لو ذكرت.

وفي المعتبر : تحتاط في العشرة الثانية بالعبادة ، فإن انقطع عليها أو قبلها قضت الصوم (١) ، وإلاّ صحّ ، لأنّه مع تجاوز العشرة فات شرط التمييز.

السادسة : هل يشترط في التمييز بلوغ الدم الضعيف أقلّ الطهر؟ وجهان : نعم ، لأنّا إذا جعلنا القوي حيضا جعلنا الضعيف طهرا ، لأنّه مقابله. ولا ، لعموم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « دم الحيض أسود يعرف » (٢).

فلو رأت خمسة أسود ، ثم تسعة أصفر ، ثم عاد الأسود ثلاثة فصاعدا ، فعلى الأول لا تمييز لها ، وهو ظاهر المعتبر (٣). وعلى الثاني حيضها خمسة.

وظاهر المبسوط أنّ الحيض : العائد ، إن لم يتجاوز العشرة (٤) ، لأنّ الصفرة‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٠٦.

(٢) تقدم في ص ٢٣٠ الهامش ٢.

(٣) المعتبر ١ : ٢٠٥.

(٤) المبسوط ١ : ٥٠.

٢٣٤

لمّا خرجت عن الحيض خرج ما قبلها.

وفي خبر يونس بن يعقوب عن الصادق عليه‌السلام : « في الدم ثلاثة أو خمسة يتعقّبه طهر خمسة ، ثم يعود الدم أربعة إن رأت الدم لم تصلّ ، وإن رأت الطهر صلّت الى ثلاثين يوما ، فإذا انصبّ الدم فهي مستحاضة (١).

وحمله الشيخ على مضطربة اختلط حيضها ، أو مستحاضة استمرّ بها الدم ، واشتبهت عادتها ، ففرضها أن تجعل ما يشبه دم الحيض حيضها ، والآخر طهرا ـ صفرة كان أو نقاء ـ ليستبين حالها (٢). وهو تصريح بعدم اشتراط كون الضعيف أقلّ الطهر.

وفي المبسوط : إن اختلط عليها أيامها فلا تستقرّ على وجه واحد ، تركت العبادة كلّما رأت الدم ، وصلّت كلّما رأت الطهر ، الى أن تستقرّ عادتها (٣). وهو مطابق بظاهره الخبر.

وفي المعتبر : انّما كان كذلك لأنّه ليس هنا طهر ولا حيض على اليقين ، بل هو دم مشتبه تعمل فيه بالاحتياط (٤).

السابعة : قال في المبسوط : روي عنهم عليهم‌السلام : « انّ الصفرة في أيام الحيض حيض ، وفي أيام الطهر طهر ». وفسّر أيام الحيض بالعادة ، أو بما يمكن فيه ذلك كالمبتدأة ، والتي تعقب عادتها دم بعد أقلّ الطهر ، حملا للخبر على عمومه (٥).

والذي في الكافي عن الصادق عليه‌السلام : « كلّما رأت المرأة في أيام‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٧٩ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٨٠ ح ١١٧٩ ، ١١٨٠ ، الاستبصار ١ : ١٣١ ح ٤٥٣ ، ٤٥٤.

(٢) الاستبصار ١ : ١٣٢.

(٣) المبسوط ١ : ٤٣.

(٤) المعتبر ١ : ٢٠٧.

(٥) المبسوط ١ : ٤٤. والظاهر نقل الرواية بالمعنى انظر التهذيب ١ : ١٥٧ ح ٤٥٢ ، ٣٩٦ ح ١٢٣١ و ١٢٣٢ وغيرها.

٢٣٥

حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض ، وكلّما رأته بعد حيضها فليس من الحيض » (١).

وعنه عليه‌السلام : « السنّة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض إذا عرفت حيضا كلّه » (٢).

الثامنة : ذات العادة المستقرة تترك العبادة بالرؤية‌ حسب ما مرّ ، لأنّ المعتاد كالمتيقّن.

ولخبر محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيام حيضها : « لا تصلي » (٣).

وعنه عليه‌السلام : « إذا رأت الدم أيام حيضها تركت الصلاة » (٤).

والمبتدأة أيضا عند الشيخ (٥) ، لظاهر الخبر السالف بناء على ما فسّر به الأيام ، وما تلوناه من الخبرين ظاهرهما المعتادة.

ولخبر منصور بن حازم عن الصادق عليه‌السلام : « أيّ ساعة رأت الصائمة الدم تفطر » (٦).

وعن الباقر عليه‌السلام في خبر محمّد بن مسلم : « تفطر ، إنّما فطرها من الدم » (٧).

وردّه في المعتبر بحمل الدم على المعهود ، وهو دم الحيض ، وإنّما يكون في العادة. ورجّح قول ابن الجنيد والمرتضى بالتعبّد إلى الثلاثة ، لتيقن الأمر بالعبادة فلا يزول إلاّ بمثله.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٧٦ ح ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٧ ح ٤٥٢.

(٢) الكافي ٣ : ٨٣ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ ح ١١٨٣.

(٣) الكافي ٣ : ٧٨ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٩٦ ح ١٢٣٠.

(٤) الكافي ٣ : ٧٦ ح ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٨ ح ٤٥٢.

(٥) المبسوط ١ : ٤٢.

(٦) التهذيب ١ : ٣٩٤ ح ١٢١٨ ، الاستبصار ١ : ١٤٦ ح ٤٩٩.

(٧) التهذيب ١ : ١٥٣ ح ٤٣٥.

٢٣٦

ولا يعارض بالمعتادة ، وبأنّ الاحتمال قائم بعد الثلاثة ، لجواز وجود دم أقوى بعدها ناقل لحكم الحيض إليه ، لما مرّ. ولأنّ الأصل عدم دم طارئ (١).

وفي المختلف احتجّ على الأول بقول الصادق عليه‌السلام في خبرين : « ان دم الحيض حار » ، والوصف بالحرارة مسلّط على الحكم بالحيض حيث وجدت (٢).

قلنا : ظاهر الخبرين في المستحاضة مع الاشتباه.

سلّمنا ، لكن الدليل أخصّ من الدعوى ، فإنّه إن سلّم كان المصير إلى الحيض إذا حصل الشرط ، والمدّعى أعمّ منه. ولا ريب في قوّة قول الشيخ ، وإن كان الاستظهار أحوط.

وحكم المضطربة كالمبتدأة.

وقد روى سماعة ، قال : سألته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها ، قال : « إذا رأت قبل وقتها فلتدع الصلاة ، فإنّه ربّما تعجّل الوقت » (٣).

وفي خبر إسحاق بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام في المرأة ترى الصفرة : « إن كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض » (٤). وهما يرجّحان مذهب الشيخ (٥).

ولأنّ اتفاق الوقت دائما نادر.

التاسعة : المعتادة دون العشرة مع الدم المستمر ، تستظهر بترك العبادة يوما أو يومين ، ثم تغتسل للحيض وتأتي بأفعال المستحاضة مع المراعاة ، فتستدرك ما ظهر فيه الخلل في المشهور ، لخبر محمّد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام :

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢١٤.

(٢) مختلف الشيعة : ٣٧.

والخبران في : الكافي ٣ : ٩١ ح ١ ، ٢ ، التهذيب ١ : ١٥١ ح ٤٢٩ ، ٤٣٠.

(٣) الكافي ٣ : ٧٧ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٥٨ ح ٤٥٣.

(٤) الفقيه ١ : ٥١ ح ٥ ، الكافي ٣ : ٧٨ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٩٦ ح ١٢٣١.

(٥) المبسوط ١ : ٤٢.

٢٣٧

« إذا رأت دما بعد أيامها ، فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين » (١) ومثله عن الصادق عليه‌السلام (٢).

والمرتضى وابن الجنيد : تستظهر إلى العشرة (٣) ، لأنّها أيام الحيض.

ولخبر يونس بن يعقوب عن الصادق عليه‌السلام : « تنتظر عدتها ، ثم تستظهر بعشرة أيام » (٤).

والتخيير وجه قوي ، لأنّه في خبر سعيد بن يسار عن الصادق عليه‌السلام (٥) وخبر البزنطي عن الرضا عليه‌السلام : « أو ثلاثة » (٦) وإن كان الاقتصار أحوط للعبادة.

وترك الاستظهار جائز وإن كان ظاهر الشيخ والمرتضى وجوبه (٧) ـ وقد قطع به ابن إدريس رحمه‌الله (٨).

لنا : قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « دعي الصلاة أيام أقرائك » (٩) ومفهومه الصلاة بعدها.

ولخبر ابن أبي يعفور عن الصادق عليه‌السلام : « المستحاضة إذا مضى أيام أقرائها اغتسلت » (١٠).

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢١٥ عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب.

(٢) التهذيب ١ : ١٧٢ ح ٤٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ ح ٥١٣.

(٣) المعتبر ١ : ٢١٤ ومختلف الشيعة : ٣٨.

(٤) التهذيب ١ : ٤٠٢ ح ١٢٥٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ ح ٥١٦.

(٥) التهذيب ١ : ١٧٢ ح ٤٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ ح ٥١٣.

(٦) التهذيب ١ : ١٧١ ح ٤٨٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ ح ٥١٤.

(٧) النهاية : ٢٤ ، الناصريات : ٢٢٧.

(٨) السرائر : ٢٩.

(٩) الكافي ٣ : ٨٣ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ ح ١١٨٣ ، سنن الدار قطني ١ : ٢١٢ ، السنن الكبرى ١ : ٣٣٢.

(١٠) التهذيب ١ : ٤٠٢ ح ١٢٥٨.

٢٣٨

ولخبر معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام : « فإذا جاوزت أيامها ورأت دمها يثقب الكرسف اغتسلت » (١).

وابن الجنيد : الاحتياط أن تتطهّر بعد عادتها ، وتسبّح بقدر صلاتها إلى العشرة ، مع حكمه بالاستظهار إلى العشرة ، وكذا تصنع من يقدم الدم عادتها بيوم أو يومين عنده (٢).

وكلاهما يخالف المشهور ، وإن أراد بالتطهّر الاغتسال اشتدت المخالفة.

ولا فرق في الاستظهار والرجوع الى العادة بين تقدّمها وتأخّرها ، أو أن ترى قبلها وبعدها وفيها ، ولو لم يتجاوز فالجميع حيض.

فرع :

هذا الاستظهار إنّما هو مع بقاء الدم بأيّ لون اتّفق ، لمنطوق الأخبار ، واحتمال الحيض ، امّا مع النقاء فلا.

ويظهر من المختلف عمومه ، وحجته غير ظاهرة الدلالة (٣). وفي التذكرة قطع بما قلناه (٤).

وكذا تستظهر المبتدأة إذا رجعت الى عادة نسائها بيوم ، رواه محمّد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام (٥).

العاشرة : لو عارض التمييز العادة ـ بمعنى : عدم إمكان الجمع ـ فالعمل على العادة في المشهور ، لعموم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المذكور (٦) وعموم خبري الصفرة (٧).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٨٨ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٦ ح ٢٧٧ وص ١٧٠ ح ٤٨٤.

(٢) مختلف الشيعة : ٣٨.

(٣) مختلف الشيعة : ٣٨.

(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٩.

(٥) التهذيب ١ : ٤٠١ ح ١٢٥٢ ، الاستبصار ١ : ١٣٨ ح ٤٧٢.

(٦) تقدم في ص ٢٣٨ الهامش ٩.

(٧) تقدما في ٢٣٦ الهامش ١ ، ٢.

٢٣٩

وفي النهاية على التمييز (١) ، لصحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه‌السلام : « دم الحيض حار » (٢).

وفي حسن حفص عنه عليه‌السلام : « دم الحيض حارّ عبيط أسود ، له دفع وحرارة » (٣).

قلنا : الجمع بين الأخبار بحمل هذه على غير المعتادة.

__________________

(١) النهاية : ٢٤.

(٢) الكافي ٣ : ٩١ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٥١ ح ٤٣٠.

(٣) الكافي ٣ : ٩١ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٥١ ح ٤٢٩.

٢٤٠