ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-103-6
الصفحات: ٤٧١

الجنب من الحرام » (١).

وعن أبي الحسن عليه‌السلام : « لا تغتسل من غسالته ، فإنه يغتسل فيه من الزنا » (٢).

أمّا عرق الجنب من الحلال ، والحائض ، والنفساء ، والمستحاضة ، فطاهر إجماعا ، قاله في المعتبر (٣).

وخامسها : المذي‌ ـ في المشهور ـ ونقل فيه الإجماع ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ليس بشي‌ء » (٤) وقول الصادق عليه‌السلام : « انما هو بمنزلة النخامة » (٥) ولمرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليه‌السلام (٦).

وابن الجنيد : ينجّس المذي عقيب الشهوة وينقض الطهارة (٧) ، لرواية الحسين بن أبي العلاء عن الصادق عليه‌السلام : « فاغسله » (٨).

وفي السند منع ، ويحمل على الندب.

والودي ـ بالمهملة ـ الخارج عقيب البول ، والوذي ـ بالمعجمة ـ عقيب المني ، طاهران.

والحديد طاهر إجماعا. وقول الصادق عليه‌السلام في من حلق شعره أو قص ظفره بالحديد : « عليه أن يمسحه بالماء » (٩) محمول على الندب ، وما في‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٠٣ ح ٣٨.

(٢) الكافي ٦ : ٤٩٨ ح ١٠.

(٣) المعتبر ١ : ٤١٥.

(٤) التهذيب ١ : ١٧ ح ٣٩ ، الاستبصار ١ : ٩١ ح ٢٩٢.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩ ح ١ ، علل الشرائع : ١ : ٢٩٥ ، التهذيب ١ : ٢١ ح ٥٢ ، الاستبصار ١ : ٩٤ ح ٢٠٥.

(٦) التهذيب ١ : ١٩ ح ٤٧ ، الاستبصار ١ : ٩٣ ح ٣٠٠.

(٧) المعتبر ١ : ٤١٧ ، مختلف الشيعة : ١٨.

(٨) التهذيب ١ : ٢٣٥ ح ٧٣١ ، الاستبصار ١ : ١٧٤ ح ٦٠٦.

(٩) التهذيب ١ : ٤٢٥ ح ١٣٥٣ ، الاستبصار ١ : ٩٦ ح ٣١١.

١٢١

الرواية : « ان الحديث نجس » (١) لتأكيد الاستحباب.

وأمّا الحكم ففيه عشرون بحثا :

الأول : يجب ازالة ما عدا الدم عن الثوب والبدن ، للصلاة ، والطواف ، ودخول المساجد مع التلويث ، لعموم ( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) (٢) وقول النبي عليه‌السلام : « جنّبوا مساجدكم النجاسة » (٣).

ومنه يعلم وجوب إزالتها عن المساجد ، وهو فرض كفاية.

هذا مع التلويث ، أمّا مع عدمه فلا ، لجواز دخول الحائض والمستحاضة المسجد والأطفال وهم لا ينفكون عن النجاسة غالبا ، ومنع الكافر لغلظ نجاسته أو لأنّه معرّض للتلويث.

وقال في الخلاف : لا يجوز للجنب والحائض دخول المسجد بالإجماع ، ولم يعتبر التلويث. ثم قال : لا خلاف في ان المساجد يجب ان تجنّب النجاسات (٤).

ويجب إزالة النجاسة أيضا :

عن مسجد الجبهة ، للنص (٥).

وعن المصلّى بأسره عند المرتضى (٦) ، والمساجد السبعة عند أبي الصلاح (٧).

والأقرب : العدم ، لدعوى الشيخ الإجماع على ذلك (٨) ، ولتجويز الصلاة على‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٢٥ ح ١٣٥٣ ، الاستبصار ١ : ٩٦ ح ٣١١.

(٢) سورة المدثر : ٤.

(٣) لاحظناه في تذكرة الفقهاء ١ : ٩١.

(٤) الخلاف ١ : ٥١٣ المسألة : ٢٥٨ ، ٥٢٨ ، ٢٦٠.

(٥) قال في جواهر الكلام ـ بعد أن حكى كلام الشهيد ـ ٦ : ١٠٠ : لعل المراد به موثقة عمار عن الصادق عليه‌السلام ، وهي في التهذيب ١ : ٢٧٢ ح ٨٠٢ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ح ٦٧٥.

(٦) المعتبر ١ : ٤٣١.

(٧) الكافي في الفقه : ١٠٦.

(٨) الخلاف ١ : ٥٠٢ المسألة : ٢٤٢.

١٢٢

الشاذ كونة (١) عليها الجنابة بنص الباقر والصادق عليهما‌السلام (٢) ، ولا يستقر الوجوب في شي‌ء من ذلك إلاّ مع تعيّن الحاجة إليه.

وعن كلّ مستعمل برطوبة ، في أكل أو شرب ، أو ضوء تحت ظل ، لتحريم النجس ، والنص (٣).

وعمّا أمر الشرع بتعظيمه ، كالمصحف ، والضرائح المقدّسة.

والواجب ذهاب العين والأثر ، ولا عبرة بالرائحة واللون ، لعسر الإزالة ، دفعا للحرج ، والرواية (٤). ويستحب صبغه بالمشق ـ بكسر الميم وإسكان الشين ـ وهو المغرة (٥) ـ بتحريك الغين المعجمة ـ وشبهه ، للنص (٦) لتزول صورته من النفس. ويستحبّ حتّ دم الحيض وقرصه (٧) وليسا بشرطين في الغسل.

ولا يجب العصر في غير القليل من الماء. وفيه يجب ، لوجوب إخراج النجاسة ، والأولى : الشرطية ، لظن انفصال النجاسة مع الماء بخلاف الجفاف المجرد. أمّا بول الصبي فيكفي الصب عليه ، للنص (٨). وفي بول الصبية قول بالمساواة ، والعصر أولى.

الثاني : انما يطهر بالغسل العددي ما يمكن فصل الغسالة عنه‌ كالثوب ويجزئ في الثخين كاللحاف : الدقّ والغمز ، للرواية (٩) ـ فلا تطهر المائعات‌

__________________

(١) الشاذكونة : ثياب غلاظ مضرّبة تعمل باليمن ، وقيل : انها حصير صغير يتخذ للافتراش. مجمع البحرين ـ مادة شذك.

(٢) التهذيب ١ : ٢٧٤ ح ٨٠٦ ، و ٢ : ٣٦٩ ح ١٥٣٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ ح ١٤٩٩ ، وح ١٥٠٠.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٧٢ ح ١٥٤٨.

(٤) الكافي ٣ : ١٧ ح ٩ ، التهذيب ١ : ٢٨ ح ٧٥.

(٥) المغرة : الطين الأحمر الذي يصبغ به. مجمع البحرين ـ مادة مغر.

(٦) التهذيب ١ : ٢٥٧ ح ٧٤٦.

(٧) القرص : الغسل بأطراف الأصابع .. وقيل : هو القلع بالظفر ونحوه. مجمع البحرين ـ مادة قرص.

(٨) الكافي ٣ : ٥٦ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٢٤٩ ح ٧١٥ ، الاستبصار ١ : ١٧٣ ح ٦٠٢.

(٩) قال البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٣٧٠ : والذي وقفت عليه مما يتعلق بهذا المقام روايات

١٢٣

والقرطاس والطين ولو ضربت بالماء إلاّ في الكثير.

وفي طهارة الدهن في الكثير وجه اختاره الفاضل في تذكرته ، وكذا العجين إذا رقّق وتخلّله الماء (١) ، وفي صحاح ابن أبي عمير المرسلة عن الصادق عليه‌السلام طهره بالخبز (٢) والبيع (٣) والدفن (٤) وهي مشعرة بسد باب طهارته بالماء ، إلاّ أن يقيّد بالمعهود من القليل.

والظاهر : طهارة الحنطة واللحم وشبهه ـ مما طبخ بالماء النجس ـ بالكثير إذا علم التخلل ، وكذا الجلد المدهون بالنجس.

وفي طهارة الحديد المشرب بالنجس ، بتشريبه بالماء الطاهر ، احتمال مع كثرة الماء بل ومع قلته ، لملاقاة الطاهر ما لاقى النجس. ويمكن طهره كالآجر ، لما يأتي.

الثالث : يكفي الغسل مرة في غير الإناء ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في دم الحيض : « حتّيه ثم اغسليه » (٥) وكذا أوامر الغسل ، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار.

أمّا البول فيجب تثنيته ، لقول الصادق عليه‌السلام في الثوب يصيب البول : « اغسله مرتين ، الأول : للإزالة ، والثاني : للإنقاء » (٦).

ولو قيل في الباقي كذلك كان أولى ، لمفهوم الموافقة ـ فان نجاسة غير البول أشد ـ وظاهر التعليل. وتستحب الثالثة ، وفي المبسوط : لا يراعى العدد إلاّ في‌

__________________

ثلاث ، وهي لا تعرض في شي‌ء منها لما ذكروه من الدق والتغميز والتقليب. وقال الشيخ محمد حسن في جواهر الكلام ٦ : ١٤٤ : ولم نعثر فيما وصل إلينا من الروايات على شي‌ء من ذلك.

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٩.

(٢) الفقيه ١ : ١١ ح ١٩ ، التهذيب ١ : ٤١٤ ح ١٣٠٤ ، الاستبصار ١ : ٢٩ ح ٧٥.

(٣) التهذيب ١ : ٤١٤ ح ١٣٠٥ ، الاستبصار ١ : ٢٩ ح ٧٦.

(٤) التهذيب ١ : ٤١٤ ح ١٣٠٦ ، الاستبصار ١ : ٢٩ ح ٧٧.

(٥) راجع : تلخيص الحبير ١ : ٤٧ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٧.

وألحت : ان يحك بطرف حجر أو عود مجمع البحرين ـ مادة حتت.

(٦) عوالي اللئالي ١ : ٣٤٨ ح ١٣١ ، وراجع الحدائق الناضرة ٥ : ٣٥٩.

١٢٤

الولوغ (١).

أمّا الإناء ، فالإجماع على الثلاث في ولوغ الكلب ، ولخبر الفضل عن الصادق عليه‌السلام : « اغسله بالتراب أول مرة ، ثم بالماء مرتين » (٢).

وابن الجنيد أوجب سبعا (٣) ، للخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) ولقول الصادق عليه‌السلام : « يغسل من الخمر سبعا ، وكذا الكلب » (٥).

ويعارض بما روي من التخيير بينها وبين الخمس والثلاث (٦) ، فيحمل على الندب.

ويجب التراب في الأولى ، لخبر الفضل (٧). والمفيد : الوسطى (٨).

والراوندي وابن إدريس : تمزج بالماء ، تحصيلا لحقيقة الغسل (٩).

قلنا : لا ريب في انتفاء الحقيقة على التقديرين ، والخبر مطلق فلا ترجيح ، وازالة اللعاب حاصلة بهما.

ولا يجزئ غير التراب إلاّ للضرورة ، للنص. وابن الجنيد خيّر (١٠).

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٧.

(٢) أخرجه المحقق في المعتبر ١ : ٤٥٨ ، والعلامة في مختلف الشيعة : ٦٣. وفي التهذيب ١ : ٢٢٥ ح ٦٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٩ ح ٤٠ ، بدون كلمة : « مرتين ». راجع في ذلك : الحدائق الناضرة ٥ : ٤٧٧ ، جواهر الكلام ٦ : ٣٥٥.

(٣) المعتبر ١ : ٤٥٨.

(٤) صحيح مسلم ١ : ٢٣٤ ح ٩٠ ، ٩١ ، الجامع الصحيح ١ : ١٥١ ح ٩١ ، سنن الدار قطني ١ : ٦٣ ، السنن الكبرى ١ : ٢٤٠.

(٥) التهذيب ٩ : ١١٦ ح ٥٠٢.

(٦) سنن الدار قطني ١ : ٦٥ ، السنن الكبرى ١ : ٢٤٠.

(٧) راجع الهامش ٥.

(٨) المقنعة : ٩.

(٩) السرائر : ١٥.

(١٠) مختلف الشيعة : ٦٤.

١٢٥

ومباشرة الكلب بباقي أعضائه كولوغه ، عند المفيد (١) وابن بابويه (٢). والمشهور خلافه.

والأولى اعتبار تقدّم التراب في الجاري والكثير ـ ثم لا يشترط فيهما العدد ، خلافا للشيخ (٣) ـ لإطلاق الأمر بالتراب ، ولعلّه تعبّد. ولو قلنا : إنّه لإزالة النجاسة ، كفى زوالها.

وهو اختيار الفاضل ، لظاهر رواية عمار عن الصادق عليه‌السلام في غسل الإناء : « بماء يصبّ فيه ثم يحرّك فيه ، ثم يفرغ ثم يصبّ فيه ماء ثم يفرغ ، ثم يصب فيه ماء آخر » (٤) ، فان مفهومه : ان العدد مع صب الماء.

ولا يتكرر الغسل بتكرر الولوغ. نعم ، يعاد بولوغ في الأثناء. ولو نجس بغيره في الأثناء ، كفى الإتمام إن لم نوجب الثلاث في الإناء ، وإلاّ استؤنف ثلاثا بالماء.

ولا يعتبر التراب فيما نجس بماء الولوغ ، ولا الجفاف ، خلافا للشيخ (٥).

والخنزير لا يساويه ، خلافا للشيخ في المبسوط ، لتسميته كلبا ، ولعدم الفارق (٦).

والأقرب : السبع فيه بالماء ، لنص الكاظم عليه‌السلام (٧).

__________________

(١) المقنعة : ٩.

(٢) الفقيه : ١ : ٨ ، المقنع : ١٢.

(٣) المبسوط ١ : ١٤ ، الخلاف ١ : ١٨١ المسألة : ١٣٦.

(٤) مختلف الشيعة : ٦٤.

وحديث الصادق عليه‌السلام في التهذيب ١ : ٢٨٤ ح ٨٣٢.

(٥) لعل المراد بـ ( الشيخ ) : المفيد ـ بخلاف المتعارف من إطلاق ( الشيخ ) على الطوسي ـ فيه وبالصدوقين انحصر اعتبار الجفاف ـ راجع : المقنعة : ٩ ، الفقيه ١ : ٨ ، المعتبر ١ : ٤٥٨ ، الحدائق الناضرة : ٥ : ٤٨٣.

(٦) المبسوط ١ : ١٥ ، الخلاف ١ : ١٨٦ المسألة : ١٤٣.

(٧) التهذيب ١ : ٢٦١ ح ٧٦٠.

١٢٦

وكذا الخمر والمسكر والجرذ ، للخبرين عن الصادق عليه‌السلام (١).

وفي المعتبر : ثلاث فيهما ، لرواية عمار عن الصادق عليه‌السلام في الخمر ، واحتمل فيه أن تحمل السبع على الجرذ فلا يتناول الفأرة ، ثم رجع إلى المرة (٢) كما يأتي.

ويغسل الإناء من غير ذلك ثلاثا ، لرواية عمار عن الصادق عليه‌السلام في الكوز والإناء : يصب فيه الماء ويفرغ ثلاثا (٣).

وفي المعتبر والمختلف : يكفي المرّة فيما عدا الولوغ ، لحصول الغرض من الإزالة ، وضعف رواية عمار (٤).

قلنا : قد يعلم المذهب بالرواية الضعيفة ، وخصوصا مع نقل الشيخ الإجماع (٥).

ولا ريب في عدم اعتبار العدد في الجاري والكثير في غير الولوغ.

وقول ابن بابويه : باعتبار المرتين في الراكد دون الجاري (٦) ، لحسنة محمّد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام (٧) محمول على الناقص عن الكر أو على الندب ، لتغاير المياه في الجاري ، فكأنّه غسل أكثر من مرّة بخلاف الراكد.

ولا فرق في آنية الخمر بين المغضور (٨) وغيره ، لإطلاق الرواية (٩). ونهى‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٨٤ ح ٨٣٢ ، و ٩ : ١١٦ ح ٥٠٢.

(٢) المعتبر ١ : ٤٦٠ ـ ٤٦١. ورواية عمار في التهذيب ١ : ٢٨٣ ح ٨٣٠ و ٩ : ١١٥ ح ٥٠١.

(٣) راجع الهامش ٤ صحيفة ١٢٦.

(٤) المعتبر ١ : ٤٦١ ، مختلف الشيعة : ٦٤.

(٥) قال في مفتاح الكرامة ١ : ١٩٧ ـ بعد نقل إجماع الشيخ عن المصنف ـ : ولعله أشار إلى ما في الخلاف ١ : ٢٧ المسألة ١٣٨ من قوله : إذ مع الغسلات الثلاث يحصل الإجماع على طهارته .. والشيخ انما استدل على ذلك بالخبر والاحتياط ولم يستدل بالإجماع.

(٦) الفقيه : ١ : ٤٠.

(٧) التهذيب ١ : ٢٥٠ ح ٧١٧.

(٨) المغضور : الإناء المطلي بطين اخضر لازق يمنع خروج شي‌ء منه أو نفوذ شي‌ء إليه ، لاحظ : لسان العرب ـ مادة غضر.

(٩) الكافي ٦ : ٤١٨ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٢٨٣ ح ٨٢٩ ، و ٩ : ١١٥ ح ٤٩٩ ، ٥٠٠.

١٢٧

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الخشب (١) للتنزيه.

وأمّا البدن فيصبّ عليه مرتين ، لقول الصادق عليه‌السلام في البول يصيب الجسد : « يصب عليه مرتين ، فإنما هو ماء » (٢) وفيه اشعار بعدم الدلك فيه ، ولو احتيج الى الدلك في غيره وجب. ويكفي في المرتين تقديرهما كالماء المتصل.

الرابع : تطهر الأرض والحصر والبواري بتجفيف الشمس ، من نجاسة البول وشبهه ، والخمر في الأقرب ، لقول الصادق عليه‌السلام : « ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر » (٣) وفي رواية عمار عنه عليه‌السلام : « البول وغيره » (٤).

وقال الراوندي وابن حمزة : يجوز الصلاة عليها ولا تطهر (٥). ومال إليه المحقق ، لروايتي عمار وعلي بن جعفر ، عن الصادق والكاظم عليهما‌السلام ، بجواز الصلاة (٦).

ومنع الراوندي من طهارة غير الثلاثة (٧) ، والخبر يدفعه ، لشموله : البناء ، والشجر ، وشبههما. نعم ، لا يطهر المنقول عادة غير الأخيرين (٨) اقتصارا على المتيقن.

وفي الخلاف : الريح المزيل للعين تطهّر ، وأوّل بإرادة ذهاب الأجزاء‌

__________________

(١) راجع الهامش السابق.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥ ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٤٩ ح ٧١٤.

(٣) التهذيب ١ : ٢٧٣ ح ٨٠٤ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ح ٦٧٧ ، عن الباقر عليه‌السلام.

(٤) التهذيب ١ : ٢٧٣ ح ٨٠٢ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ح ٦٧٥.

(٥) الوسيلة ٧٦ ، وحكاه عن الراوندي : المحقق في المعتبر ١ : ٤٤٦ ، والعلامة في مختلف الشيعة : ٦١.

(٦) المعتبر ١ : ٤٤٦. ورواية عمار تقدمت في الهامش ١٠ ، ورواية علي بن جعفر في التهذيب ١ : ٢٧٣ ح ٨٠٣ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ، ح ٦٧٦.

(٧) مختلف الشيعة : ٦١.

(٨) في س : غير الأخير من الحصر والبواري. ولعل ( من ) تصحيف لعلامة التثنية ، والحصر والبواري مقحمة إذ في « م » وردت تحت : « الأخيرين ».

١٢٨

المنجّسة ، لحكمه فيه : أنه لا تطهر الأرض بجفاف غير الشمس (١)

وقطع في المبسوط بعدم الطهارة بتجفيف الريح ، وبطهارة حجر الاستنجاء بالشمس (٢).

ولا تطهر المجزرة (٣) والكنيف بالشمس ، لبقاء العين غالبا ، وكذا كل ما يبقى فيه العين.

الخامس : يطهر باطن القدم وباطن النعل والخف بالأرض ، سواء مشى عليها أو لا ، للخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النعلين : « فليمسحهما وليصلّ فيهما » (٤).

وقوله عليه‌السلام : « إذا وطأ أحدكم الأذى بخفّيه ، فان التراب له طهور » (٥).

وقول الباقر عليه‌السلام في العذرة يطؤها برجله : « يمسحها حتى يذهب أثرها » (٦).

ولا يشترط جفاف النجاسة ، ولا كونها ذات جرم ، للعموم. نعم ، يشترط طهارة الأرض.

ولا حصر في المشي ، وابن الجنيد : نحو خمس عشرة ذراعا ، وهو مروي عن الصادق عليه‌السلام (٧).

وحكم الصنادل حكم النعل ، لأنّها مما ينتعل.

السادس : لا خلاف في طهارة النّطفة والعلقة والبيضة بصيرورتها حيوانا.

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢١٨ المسألة : ١٨٦.

(٢) المبسوط ١ : ١٧ ، ٩٣.

(٣) المجزرة : موضع الجزر ونحر الإبل. مجمع البحرين ـ مادة جزر.

(٤) سنن أبي داود ١ : ١٧٥ ح ٦٥٠ ، شرح معاني الآثار ١ : ٥١١ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٠٢.

(٥) سنن أبي داود ١ : ١٠٥ ح ٣٨٥ ، المستدرك على الصحيحين ١ : ١٦٦ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٣٠.

(٦) التهذيب ١ : ٢٧٥ ح ٨٠٩.

(٧) الكافي ٣ : ٣٨ ح ١.

١٢٩

وتطهّر النار ما أحالته رمادا ، لنقل الشيخ الإجماع (١) ولكتابة أبي الحسن عليه‌السلام في الجصّ يوقد عليه بالعذرة : « إن الماء والنار قد طهّراه » (٢). وكذا الدخان للإجماع على عدم توقّي دواخن الأعيان النجسة.

ولو صار آجرا أو خزفا ، طهر عند الشيخ أيضا ، لجريانه مجرى الرماد (٣).

وكذا لو استحالت العين النجسة ـ كالعذرة ، والميتة ـ ترابا ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « التراب طهور » (٤). ولو صارت ملحا أمكن ذلك ، لزوال الاسم والصورة.

السابع : تطهر الأرض بما لا ينفعل من الماء بالملاقاة. وفي الذنوب (٥) قول لنفي الحرج ، ولأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به في الحديث المقبول (٦). والتأويل بالكر ، وذهاب الرائحة ، والأعداد للشمس ، بعيد.

نعم ، روي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بإلقاء التراب الذي أصابه البول ، وصبّ الماء على مكانه (٧).

والشيخ حكم بطهارة الأرض التي يجري عليها وإليها ، قال : ويتعدّد بتعدّد البول (٨) وتبعه ابن إدريس في الجميع (٩).

الثامن : لو طهّر بعض الثوب النجس ، أو شيئا من البدن النجس طهر ،

__________________

(١) الخلاف ١ : ٥٠٠ المسألة : ٢٣٩.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٠ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٧٥ ح ٨٢٩ ، التهذيب ٢ : ٢٣٥ ح ٩٢٨ ، و ٣٠٦ ح ١٢٣٧.

(٣) الخلاف ١ : ٤٩٩ المسألة : ٢٣٩ ، المبسوط ١ : ٩٤.

(٤) سنن أبي داود ١ : ١٠٥ ح ٣٨٥ ، المستدرك على الصحيحين ١ : ١٦٦ ، السنن الكبرى ٤٣٠٢.

(٥) الذنوب : في الأصل الدلو العظيم ، لا يقال لها ذنوب الا وفيها ماء. مجمع البحرين ـ مادة ذنب.

(٦) مسند أحمد ٣ : ١١٠ ، صحيح البخاري ١ : ٦٥ ، صحيح مسلم ١ : ٣٣٦ ح ٢٨٤ ، مسند أبي عوانة ١ : ٢١٤.

(٧) سنن أبي داود ١ : ١٠٤ ح ٣٨١ ، سنن الدار قطني ١ : ١٣٢ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٢٨.

(٨) المبسوط ١ : ٩٢.

(٩) السرائر : ٣٧.

١٣٠

قطع به : الشيخ (١) والمحقق (٢) والفاضل (٣). وتوهّم السريان مدفوع : بطهارة السمن والزّيت بإلقاء المنجّس منه خاصّة ، ولزوم نجاسة العالم كلّه بنجاسة موضع منه.

التاسع : لو اشتبه موضع النجاسة غسل كل ما يمكن ، لتيقن الخروج عن العهدة ولا يتحرى. ولو كان بعدد غير محصور فلا ، للعسر.

العاشر : الظاهر : اشتراط ورود الماء على النجاسة ، لقوته بالعمل ، إذ الوارد عامل ، وللنهي عن إدخال اليد في الإناء قبل الغسل (٤) ، فلو عكس نجس الماء ولم يطهر. وهذا ممكن في غير الأواني وشبهها مما لا يمكن فيه الورود ، الاّ ان يكتفى بأول وروده.

مع ان عدم اعتباره مطلقا متوجه ، لأن امتزاج الماء بالنجاسة حاصل على كل تقدير ، والورود لا يخرجه عن كونه ملاقيا للنجاسة.

وفي خبر الحسن بن محبوب ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، في الجصّ يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى : « ان الماء والنار قد طهّراه » (٥) تنبيه عليه.

الحادي عشر : يطهر الكافر بإسلامه إجماعا‌ ـ ولو كان عن ردّة فطريّة على الأشبه ـ لا ما كان قد باشره ، ولا ثيابه التي عليه.

الثاني عشر : يطهر الدم بانتقاله إلى البعوض والبرغوث ، لسرعة استحالته الى دمها.

وتطهر البواطن كلّها بزوال العين لرفع الحرج ، وهو مروي عن الصادق عليه‌السلام في الأنف عليه الدم : « انما عليه ان يغسل ما ظهر منه » (٦) وكان‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٧.

(٢) المعتبر ١ : ٤٥٠.

(٣) تذكرة الفقهاء ١ : ٩.

(٤) تقدم في ص ٧٢ الهامش ٥.

(٥) الكافي ٣ : ٣٣٠ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٧٥ ح ٨٢٩ ، التهذيب ٢ : ٢٣٥ ح ٩٢٨ ، ٣٠٤ ح ١٢٢٧.

(٦) الكافي ٣ : ٥٩ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٤٢٠ ح ١٣٣٠.

١٣١

السؤال عن باطنه.

وتطهر أدوات الاستنجاء والاستبراء ، وقد مر النزح ، والنقص ، والتراب في الولوغ. اما الغيبة فلا.

نعم ، لو علم المكلّف بالنجاسة ، ثم مضى زمان يمكن فيه الإزالة ، حكم بالطهارة ، لظاهر تنزه المسلم عن النجاسة.

الثالث عشر : طهّر المرتضى الصقيل ـ كالسيف والمرآة ـ بالمسح‌ (١) ، لصلابتها فلا يتداخلها شي‌ء من النجاسة. ومنعه الشيخ ، لعدم ورود الشرع به (٢).

الرابع عشر : روي عن علي عليه‌السلام : « لا بأس ان يغسل الدم بالبصاق » (٣) وهو في الضعيف ، وعمل به ابن الجنيد (٤) وحمل على دم طاهر (٥). نعم ، لو جعل الماء في فيه وغسل به جاز ، للخبر عن الكاظم عليه‌السلام (٦).

الخامس عشر : لا تتعدّى النجاسة مع اليبوسة ، وهو منصوص في الكلب والخنزير والكافر (٧).

وفي المرسل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « انضحه يابسا » (٨) وهو للندب ، وحمله ابن حمزة على الوجوب (٩) وقال عليه‌السلام : « كل يابس ذكي » (١٠).

__________________

(١) المعتبر ١ : ٤٥٠ ، مختلف الشيعة : ٦٣.

(٢) الخلاف ١ : ٤٧٩ المسألة : ٢٢٢.

(٣) التهذيب ١ : ٤٢٥ ح ١٣٥٠.

(٤) مختلف الشيعة : ٦٣.

(٥) العلامة في مختلف الشيعة : ٦٣.

(٦) التهذيب ١ : ٤٢٣ ح ١٣٤٣.

(٧) راجع في الموارد الثلاث : الكافي ٣ : ٦٠ ، التهذيب ١ : ٢٦٠ ح ٧٥٧ ، ٧٦٠ ، ٧٦٤ ، قرب الاسناد : ٨٩ ، ٩٦.

(٨) الكافي ٣ : ٦٠ ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٦٠ ح ٧٥٦.

(٩) الوسيلة : ٧٣.

(١٠) التهذيب ١ : ٤٩ ح ١٤١ ، الاستبصار ١ : ٥٧ ح ١٦٧.

١٣٢

أمّا الميت فقد قيل بالتعدي مطلقا ، لعموم قول الصادق عليه‌السلام : « فاغسل ما أصاب ثوبك منه » (١) وترك الاستفصال دليل العموم.

وكذا الميتة ؛ لمرسل يونس عن الصادق عليه‌السلام ، في مس شي‌ء من السباع أو الثعلب والأرنب حيا أو ميتا : « يغسل يده » (٢). والتسوية بين الحي والميت تشعر بالاستحباب ، لطهارة المذكورة حال الحياة ، فيحمل على اليبوسة ـ للفرق مع الموت ـ والرطوبة قطعا.

والشيخ في المبسوط بعد إطلاقه نجاسة الثوب الملاقي للميت ، قال : كل نجاسة أصابت الثوب أو البدن وكانت يابسة لا يجب غسلها ، وانما يستحب مسح اليد بالتراب أو نضح الثوب (٣).

وعن الكاظم عليه‌السلام في الثوب يقع على خنزير ميت ، أيصلّي فيه؟ « لا بأس » (٤).

وقال عليه‌السلام في كلب ميت يقع عليه الثوب : « ينضحه ويصلّي فيه » (٥) وحمله في التهذيب على صيرورته عظما بعد سنة (٦) ، لقول الصادق عليه‌السلام : « عظم الميت إذا جاز سنة فلا بأس » (٧). وكل هذا يشعر بعدم النجاسة باليبوسة.

السادس عشر : لا يطهر جلد الميتة بالدباغ ، إجماعا ، وبه أخبار متواترة ، مثل : قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تنتفعوا من الميتة بشي‌ء » (٨).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٦١ ح ٥ ، ١٦١ ح ٧.

(٢) الكافي ٣ : ٦٠ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٢٦٢ ح ٧٦٣ ، و ٢٧٧ : ٨١٦.

(٣) المبسوط ١ : ٣٧ ـ ٣٨.

(٤) التهذيب ١ : ٢٧٦ ح ٨١٣ وفيه : « حمار ميت ».

(٥) الفقيه ١ : ٤٣ ح ١٦٩ ، التهذيب ١ : ٢٧٧ ح ٨١٥ ، الاستبصار ١ : ١٩٢ ح ٦٧٤.

(٦) التهذيب ١ : ٢٧٦ ذيل الحديث ٨١٣.

(٧) الكافي ٣ : ٧٣ ح ١٣ ، التهذيب ١ : ٢٧٧ ح ٨١٤ ، الاستبصار ١ : ١٩٢ ح ٦٧٣.

(٨) شرح معاني الآثار ١ : ٤٦٨ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٢ : ٢٨٦ ح ١٢٧٦ ، نيل الأوطار ١ : ٧٨ عن البخاري في تاريخه.

١٣٣

وقول الباقر عليه‌السلام : « لا ، ولا ، ولو دبغ سبعين مرة » (١).

وقول الصادق عليه‌السلام : « لا تصلّ في شي‌ء منه ، ولا شسع » (٢).

والشلمغاني وابن الجنيد طهّرا بالدبغ ما كان طاهرا في حال الحياة (٣) لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أيّما إهاب دبغ فقد طهر » (٤) ولخبر شاة ميمونة (٥).

وعن الصادق عليه‌السلام في جلد الميتة : « يدبغ ويتوضأ منه ، ولا يصلّي فيه » (٦).

والصدوق أرسل عن الصادق عليه‌السلام في جلود الميتة : « تجعل فيها ما شئت من لبن أو سمن ، وتتوضأ منه وتشرب ، ولا تصلّ فيها » (٧).

ولم يذكر الدبغ ، وهو أغرب من الأول وأشذ ، والشاذ لا يعارض المتواتر ، مع عدم معرفة صحّة السند وصحة معارضه ، كصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه‌السلام : « زعموا ان دباغ جلد الميتة ذكاته ، ثم لم يرضوا ان يكذبوا في ذلك الاّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٨).

وفي صحاح العامة : كتب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى جهينة : « كنت رخصت لكم في جلود الميتة ، فإذا جاءكم كتابي هذا ، فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٦٠ ح ٧٥٠ ، التهذيب ٢ : ٢٠٣ ح ٧٩٤.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٠٣ ح ٧٩٣.

(٣) مختلف الشيعة : ٦٤.

(٤) المصنف لعبد الرزاق ١ : ٦٣ ح ١٩٠ ، مسند أحمد ١ : ٢١٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٨٥ ، صحيح مسلم ١ : ٢٧٧ ح ٣٦٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٣ ح ٣٦٠٩ ، سنن أبي داود ٤ : ٤٦ ح ٤١٢٣.

(٥) المصنف لعبد الرزاق ١ ٦٢ ح ١٨٤ ، الموطأ ٢ : ٤٩٨ ح ، مسند أحمد ١ : ٣٢٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٧٦ ح ٣٦٣ ، سنن أبي داود ٤ : ٦٥ ح ٤١٢٠ ، سنن النسائي : ٧ : ١٧٨.

(٦) التهذيب ٩ : ٧٨ ح ٣٣٢ ، الاستبصار ٤ : ٩٠ ح ٣٤٣ ، باختصار في الألفاظ.

(٧) الفقيه ١ : ٩ ح ١٥.

(٨) الكافي ٣ : ٣٩٨ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٠٤ ح ٧٩٨.

١٣٤

ولا عصب » وكان ذلك قبل موته بشهر أو شهرين (١) فيكون ناسخا للمتقدم ان صح. وخبر شاة ميمونة (٢) أو سودة بنت زمعة (٣) مأوّل بقول الصادق عليه‌السلام : « ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا بإهابها ، أي : بالذكاة ، وكانت مهزولة » (٤) وهو أعرف بالنقل.

وابن الجنيد وأفق على عدم جواز الصلاة فيه وان دبغ (٥).

ولا ينتفع بجلد الميتة أيضا في اليابس ، لعموم ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) (٦) ، و « لا تنتفعوا » (٧).

السابع عشر : الأصح وقوع الذكاة على الطاهر في حال الحياة كالسباع ، لعموم ( إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ ) (٨) وقول الصادق عليه‌السلام : « لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه ، ذكّاه الذبح أو لم يذكّه » (٩) فيتطهر بالذكاة.

والمشهور : تحريم استعماله حتى يدبغ. والفاضلان جعلاه مستحبا ، لطهارته ، وإلاّ لكان ميتة فلا يطهره الدبغ (١٠).

وليكن الدبغ بالطاهر ، كالقرظ ، وهو : ورق السلم ، والشث ـ بالشين‌

__________________

(١) مسند أحمد ٤ : ٣١٠ ، سنن أبي داود ٤ : ٦٧ ح ٤١٢٨ ، الجامع الصحيح ٤ : ٢٢٢ ح ١٧٢٩ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٢ : ٢٨٦ ح ١٢٧٤ ، السنن الكبرى ١ : ١٥.

(٢) راجع ص ١٣٤ الهامش ٥.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩٨ ح ٦ ، و ٦ : ٢٥٩ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٢٠٤ ح ٧٩٩.

(٤) راجع الهامش السابق.

(٥) مختلف الشيعة : ٧٩.

(٦) سورة المائدة : ٣.

(٧) راجع ص ١٣٣ الهامش ٨.

(٨) سورة المائدة : ٣.

(٩) الكافي ٣ : ٣٩٧ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٢٠٩ ح ٨١٨ ، الاستبصار ١ : ٣٨٣ ح ١٤٥٤ ، باختلاف في ألفاظ الحديث.

(١٠) المعتبر ١ : ٤٦٦ ، مختلف الشيعة : ٦٥.

١٣٥

والثاء المعجمتين المثلثتين ـ وهو : نبت طيب الريح مر الطعم يدبغ به ، قاله الجوهري (١) وقيل : بالباء الموحدة تحت ، وهو يشبه الزاج. والأصل فيهما ما روي من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أليس في الشث والقرظ ما يطهره » (٢).

ولا يجوز بالنجس ، فلا يطهر عند ابن الجنيد (٣).

والأجود : انه يكفي فيما يحتاج إلى الدبغ ، ولكن لا يستعمل إلاّ بعد طهارته ، لقول الرضا عليه‌السلام في جلود الدارش ـ بالراء المهملة ، والشين المعجمة ـ : « لا تصلّ فيه ، فإنها تدبغ بخرء الكلاب » (٤).

الثامن عشر : عفي عن الدم في الثوب والبدن عما نقص عن سعة الدرهم الوافي. وهو البغلي ـ بإسكان الغين ـ وهو منسوب الى رأس البغل ، ضربه للثاني في ولايته بسكة كسرويّة ، وزنته ثمانية دوانيق ، والبغلية كانت تسمى قبل الإسلام الكسرويّة ، فحدث لها هذا الاسم في الإسلام والوزن بحاله ، وجرت في المعاملة مع الطبريّة ، وهي أربعة دوانيق ، فلما كان زمن عبد الملك جمع بينهما واتّخذ الدرهم منهما ، واستقر أمر الإسلام على ستة دوانيق ، وهذه التسمية ذكرها ابن دريد.

وقيل : منسوب الى بغل ـ قرية بالجامعين ـ كان يوجد بها دراهم يقرب سعتها من أخمص الراحة ، لتقدم الدراهم على الإسلام.

قلنا : لا ريب في تقدّمها ، وانّما التسمية حادثة ، فالرجوع الى المنقول أولى.

وانما يعفى عنه لصحيح عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق عليه‌السلام : « يغسله ولا يعيد صلاته ، إلاّ أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا ، فيغسله ويعيد » (٥) ونقل فيه الإجماع (٦).

__________________

(١) الصحاح ١ : ٢٨٥.

(٢) تلخيص الحبير ١ : ٢٩٣.

(٣) المعتبر ١ : ٤٦٦ ، مختلف الشيعة : ٦٥.

(٤) الكافي ٣ : ٤٠٣ ح ٢٥ ، التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥٢ ، علل الشرائع : ٣٤٥.

(٥) التهذيب ١ : ٢٥٥ ح ٧٤٠ ، الاستبصار ١ : ١٧٦ ح ٦١١.

(٦) كالعلامة في مختلف الشيعة : ٦٠.

١٣٦

والغسل في الرواية ان وجب ينافي الحكم بالعفو.

والمتفرق ، المشهور : انه عفو ، وإلحاقه بالمجتمع أولى ، لظاهر الخبر.

واعتبر بعضهم المتفاحش (١) وهو : الزائد عن الحد عادة.

وسلار : يعفى عن سعته (٢).

وابن أبي عقيل : إذا كان بسعة الدينار غسله ولم يعد الصلاة (٣) لحسن محمد ابن مسلم ، قلت له : الدم يكون في الثوب : « لا إعادة ما لم يزد على مقدار الدرهم » (٤).

وابن الجنيد قدّر الدرهم بعقد الإبهام ، وطرد الحكم في جميع النجاسات بالعفو عما دونه الا دم الحيض والمني ، وقطع بان الثوب لا ينجس بذلك (٥).

ويعفى عن دم الجرح والقرح لا يرقأ وان كثر ، لقول الصادق عليه‌السلام : « يصلي وان كانت الدماء تسيل » (٦) وصلّى به عليه‌السلام وقال : « لست أغسل ثوبي حتى تبرأ » (٧).

فرع :

لو تعاقب هذا الدم بفترة تسع الصلاة ، فالأقرب : إزالته والصلاة ، لزوال الضرورة. ويظهر من الرواية عدمه.

__________________

(١) في س ، ط : التفاحش.

(٢) المراسم : ٥٥.

(٣) المعتبر ١ : ٤٣٠ ، مختلف الشيعة : ٦٠.

(٤) الكافي ٣ : ٥٩ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٦١ ح ٧٥٨ ، التهذيب ١ : ٢٥٤ ح ٧٣٦ ، الاستبصار ١ : ١٧٥ ح ٦٠٩ ، باختصار في الألفاظ.

(٥) مختلف الشيعة : ٥٩.

(٦) التهذيب ١ : ٢٥٦ ح ٧٤٤ ، ٣٤٨ ح ١٠٢٥ ، الاستبصار ١ : ١٧٧ ح ٦١٥ ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام.

(٧) التهذيب ١ : ٢٥٨ ح ٧٤٧ ، الاستبصار ١ : ١٧٧ ح ٦١٦.

١٣٧

واستثني دم الحيض في المشهور ، وهو في موقوف أبي بصير : « لا تعاد الصلاة من دم لم تبصره الا دم الحيض ، فإن قليله وكثيره في الثوب ، لمن رآه ومن لم يره ، سواء » (١).

والحق به دم الاستحاضة والنفاس (٢) لتساويها (٣) في إيجاب الغسل ، وهو يشعر بالتغليظ ، ولأنّ أصل النفاس حيض ، والاستحاضة مشتقة منه.

وألحق الراوندي والفاضل دم نجس العين (٤) لأن نجاسته لا عفو فيها.

وأنكره ابن إدريس ، قضية للظاهر (٥).

فروع :

الأول : لو تفشّى الدم ، فواحد إن رقّ الثوب ، والا تعدّد.

الثاني : لو أصابه نجاسة أخرى فلا عفو ، وان اصابه مائع طاهر فالعفو قوي ، لأن المنجس بشي‌ء لا يزيد عليه ، ولمسّ الحاجة.

الثالث : لا فرق بين المسجد وغيره ، لما مر من اعتبار التلويث.

وعفي عن مطلق النجاسة فيما لا تتم الصلاة فيه وحده ، لقول الصادق عليه‌السلام : « كل ما كان على الإنسان أو معه ، مما لا يجوز الصلاة فيه ، فلا بأس ان يصلي فيه وان كان فيه قذر ، مثل : القلنسوة ، والتكّة ، والنعل ، والخفين ، وما أشبه ذلك » (٦). والخبر وان أرسل الا أنّه متأيّد بغيره وبالعمل.

واقتصر الراوندي على ما في الرواية والجورب (٧) ولفظ « مثل » ، و « ما أشبه‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠٥ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٢٥٧ ح ٧٤٥.

(٢) كالشيخ في المبسوط ١ : ٣٥.

(٣) في س : لتساويهما.

(٤) السرائر : ٣٥ ، مختلف الشيعة : ٦٠.

(٥) السرائر : ٣٥.

(٦) التهذيب ١ : ٢٧٥ ح ٨١٠.

(٧) مختلف الشيعة : ٦١.

١٣٨

ذلك » يأباه.

وألحق الصدوقان العمامة (١). وقيّدها بعضهم بالصغر (٢). واشترط الفاضل كونها في محالها (٣) ويمنعه قوله عليه‌السلام : « أو معه ».

وظاهرهم اعتبار الملابس ، فلا يعفى عن محمول ، والرواية مشعرة بالعموم ، وقد أومأ إليه في المعتبر (٤).

وعفي عن نجاسة ثوب المربية للصبي ذات الثوب الواحد إذا غسلته كل يوم مرة ، عن الصادق عليه‌السلام (٥) والليلة تابعة ، ولتتحر إقلال النجاسة بجهدها. ولا يعفى عن نجاسته بغير الصبي ، والأولى : دخول الصبية ، للمشقة ، ولأن السؤال عن مولود ، ودخول المربّي ، والمتعدد.

وعفي عن خصيّ يتواتر بوله بعد غسل ثوبه مرّة في النهار ، وان ضعفت الرواية عن الكاظم عليه‌السلام (٦) للحرج.

التاسع عشر : لو تعذّر الستر بغير ثوب نجس تعذّر تطهيره ، فالمشهور : الصلاة عاريا إلا لضرورة ، لقول الصادق عليه‌السلام : « يطرحه ويومئ » (٧). وحمل قول الصادق والكاظم عليهما‌السلام : « يصلّى فيه » (٨) على الضرورة. والتخيير قوي ، لتعارض الستر والقيام ، واستيفاء الافعال والمانع.

وروى عمار عن الصادق عليه‌السلام : « إعادة ما صلى فيه » (٩) وتحمل على‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٤٢ ، الهداية : ١٥ ، وحكاه عن علي بن بابويه : العلامة في مختلف الشيعة : ٦١.

(٢) كالراوندي ، كما في المعتبر ١ : ٤٣٥.

(٣) تحرير الأحكام ١ : ٢٤ ، مختلف الشيعة : ٦١ ، منتهى المطلب ١ : ١٧٤.

(٤) المعتبر ١ : ٤٣٤.

(٥) الفقيه ١ : ٤١ ح ١٦١ ، التهذيب ١ : ٢٥٠ ح ٧١٩.

(٦) الكافي ٣ : ٢٠ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٤٣ ح ١٦٨ ، التهذيب ١ : ٣٥٣ ح ١٠٥١ ، و ٤٢٥ ح ١٣٤٩.

(٧) التهذيب ١ : ٤٠٦ ح ١٢٧٨ ، و ٢ : ٢٢٣ ح ٨٨٢ ، الاستبصار ١ : ١٦٨ ح ٥٨٣.

(٨) الفقيه ١ : ١٦٠ ح ٧٥٣ ، ٧٥٤ ، ٧٥٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٤ ح ٨٨٤ ، ٨٨٥.

(٩) التهذيب ١ : ١١٥ ح ١٢٧٩ ، و ٢ : ٢٢٤ ح ٨٨٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٩ ح ٥٨٧.

١٣٩

الندب.

ولو اشتبه النجس بغيره ، صلّى فيما زاد على عدد النجس في المشهور ، لحسن صفوان عن أبي الحسن عليه‌السلام في الثوبين (١) وعليه يحمل الزائد.

ونقل الشيخ الصلاة عاريا (٢) واختاره ابن إدريس ، تفصّيا من شروعه شاكا في الصلاة ، والواجب مقارنة الوجه المقتضي لوجوبه (٣).

قلنا : لمّا كان اليقين موقوفا على الجميع قطع بوجوب الجميع ـ كالصلاة إلى الجهات ـ فقارن وجه الوجوب ، وما أبعد ما بين الصلاة في الثوب المتيقن النجاسة والصلاة عاريا هنا.

ولو ضاق الوقت صلّى المحتمل.

ولو كثرت الثياب وشق ذلك ، فالتحرّي وجه ، للحرج.

ولو حصلت أمارة تظن بها طهارة بعض ، أمكن الاقتصار عليه. والوجه : الجميع.

ولو فقد أحد المشتبهين صلّى في الآخر وعاريا. وعلى القول : بجواز الصلاة في متيقن النجاسة ، يكفيه الصلاة في الباقي.

العشرون : يعيد المصلّي بنجاسة في بدنه أو ثوبه مع تمكنه‌ من ثوب طاهر إذا كان عامدا إجماعا ، للنهي المفسد للعبادة.

ولو علم ثم نسي حال الصلاة ، فخبران عن الصادق عليه‌السلام : أشهرهما إطلاق الإعادة (٤) والآخر إطلاق عدمها (٥).

وفي مكاتبة مجهولة المروي عنه التقييد بخروج الوقت (٦) واختارها في‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٦١ ح ٧٥٧ ، التهذيب ٢ : ٢٢٤ ح ٨٨٧.

(٢) المبسوط ١ : ٩١.

(٣) السرائر : ٣٧.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٠٢ ح ٧٩٢ ، الاستبصار ١ : ١٨٢ ح ٦٣٩.

(٥) التهذيب ١ : ٤٢٤ ح ١٣٤٥ ، و ٢ : ٣٦٠ ح ١٤٩٢ ، الاستبصار ١ : ١٨٣ ح ٦٤٢.

(٦) التهذيب ١ : ٤٢٦ ح ١٣٥٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٤ ح ٦٤٣.

١٤٠