ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-103-6
الصفحات: ٤٧١

وفي المصرية للمرتضى : لا يجب (١) للأصل ،

والخبر يعقوب بن يقطين سألت الرضا عليه‌السلام عن الميت كيف يوضع على المغتسل ، موجّها وجهه نحو القبلة ، أو يوضع على يمينه ووجهه نحو القبلة؟ قال : « يوضع كيف تيسر ، فإذا طهر وضع كما يوضع في قبره » (٢). وهو مختار المحقّق (٣).

الثانية : يستحبّ وضعه على مرتفع‌ لئلا يعود إليه ماء الغسل ، وليجعل على ساجة أو سرير حفظا لجسده من التلطّخ ، وليكن مكان الرجلين منحدرا كيلا يجتمع الماء تحته ، وليحفر للماء حفرة ليجتمع فيها.

وروى سليمان بن خالد (٤) عن الصادق عليه‌السلام : « وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة » (٥).

والحفرة أولى من البالوعة ، قاله ابن حمزة (٦).

وقال ابن الجنيد : يقدّم اللوح الذي يغسّل عليه الى الميت ، ولا يحمل الميت الى اللوح. وكره أن يحضر الغسل جنب أو حائض أو نفساء.

وقال الصدوق : يعدّ الغاسل لنفسه مئزرا (٧) وهو حسن ليقي أثوابه.

الثالثة : يفتق قميصه وينزع من تحته ، لأنّه مظنّة النجاسة ، قال في المعتبر : ينزع كذلك إذا أريد ستره به ، ثم ينزع بعد الغسل من أسفله ، لخبر عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام : « ثمّ يخرق القميص‌

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٤٢.

(٢) التهذيب ١ : ٢٩٨ ح ٨٧١.

(٣) المعتبر ١ : ٢٦٩.

(٤) في م ، س : حماد ، وما أثبتناه من ط ، والمصادر.

(٥) الكافي ٣ : ١٢٧ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٢٣ ح ٥٩١ ، التهذيب ١ : ٢٨٦ ح ٨٣٥ ، ٢٩٨ ح ٨٧٢.

(٦) الوسيلة : ٦٤.

(٧) الهدية : ٥٠.

٣٤١

إذا فرغ من غسله وينزع من رجليه » (١).

وفي النهاية والمبسوط : ينزع قميصه ، ويترك على عورته ساتر (٢).

وخيّر في الخلاف بين غسله في قميصه أو يستر بخرقة ، ونقل الإجماع على التخيير (٣). وقد مرّت الرواية باستحباب القميص (٤).

وفي المعتبر : الوجه جوازهما ، وبخرقة عريانا أفضل ، لدلالة الأخبار عليهما.

وأفضليّة التجريد ، لأنّه أمكن للتطهير ، ولأنّ الثوب قد ينجس بما يخرج من الميت ، ولا يطهر بصبّ الماء فتتفاحش (٥) النجاسة في الميت والغاسل. وتغسيل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قميصه للأمن من ذلك فيه (٦).

وابن أبي عقيل : السنّة تغسيله في قميصه ، لتواتر الأخبار بفعل علي عليه‌السلام في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧) وهو ظاهر الصدوق (٨).

وابن حمزة أوجب تجريده إلاّ ما يستر العورة (٩).

قلت : عند المحقق أنّ نجاسة الميت تتعدّى إلى الملاقي ، فهي حاصلة وان لم يخرج منه شي‌ء ، وعدم طهارة القميص هنا بالصبّ ممنوع ، لإطلاق الرواية ، وجاز أن يجري مجرى ما لا يمكن عصره.

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٧٠.

والخبر في الكافي ٣ : ١٤٤ ح ٩ ، التهذيب ١ : ٣٠٨ ح ٨٩٤.

(٢) النهاية : ٣٣ ، المبسوط ١ : ١٧٨.

(٣) الخلاف ١ : ٦٩٢ المسألة : ٤٦٩.

(٤) تقدمت في ص ٣٣٥ الهامش ٣.

(٥) في م ، س : متفاحش.

(٦) المعتبر ١ : ٢٧٠ ـ ٢٧١.

وتغسيل النبي ٦ في : الموطأ ١ : ٢٢٢.

(٧) مختلف الشيعة : ٤٤.

(٨) المقنع : ١٨.

(٩) الوسيلة : ٦٥.

٣٤٢

وهذا كلّه لوجوب ستر العورة ، إلاّ أن يكون الغاسل غير مبصر أو واثقا من نفسه بكفّ البصر فيستحب استظهارا ، للأمن من البصر غلطا أو سهوا.

وعلى هذا لو كان زوجا أو زوجة لم يجب ، لإباحة النظر إن جوّزنا غسله مجرّدا ، وكذا لو كان طفلا يباح غسله للنساء ، لأنّه لا شهوة فيه ، ومن ثمّ جاز للنساء غسله.

قال في المعتبر : جواز نظر المرأة يدلّ على جواز نظر الرجل (١). فإن أراد إلى العورة أمكن توجّه المنع ، إلاّ أن يعلّل بعدم الشهوة فلا حاجة الى الحمل على النساء.

الرابعة : يجب إزالة النجاسة عن بدنه أولا ، لتوقّف تطهيره عليها ، وأولوية إزالتها على الحكمية ، ولخبر يونس عنهم عليهم‌السلام : « فإن خرج منه شي‌ء فأنقه » (٢).

الخامسة : قطع في الخلاف على وجوب النيّة على الغاسل‌ مدّعيا الإجماع (٣).

وتردّد في المعتبر ، لأنّه تطهير للميت من نجاسة الموت فهو كإزالة النجاسة عن الثوب ، ثم احتاط بها (٤).

قلت : وقد مرّ أنّه كغسل الجنابة ، وتجب فيه النيّة قطعا ، ولأنّه عبادة.

ولو اشترك في غسله جماعة نووا. ولو نوى الصابّ وحده أجزأ ، لأنّه الغاسل حقيقة. ولو نوى الآخر ، فالأقرب : الإجزاء ، لأنّ الصابّ كالآلة.

وعلى عدم النية : يجزئ في المكان المغصوب ، وبالماء المغصوب.

السادسة : يجب تغسيله ثلاثا : بالسدر ، ثمّ الكافور ، ثم القراح‌ وهو : الخالص البحت عند الأكثر ، لما مرّ ، ولقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمّ عطيّة‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٧١.

(٢) الكافي ٣ : ١٤١ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٠١ ح ٨٧٧.

(٣) الخلاف ١ : ٧٠٢ المسألة : ٤٩٢.

(٤) المعتبر ١ : ٢٦٥.

٣٤٣

غاسلة ابنته : « اغسليها ثلاثا ، أو خمسا ، أو أكثر » (١) فيجب أقلّ مراتب التخيير. ونقل فيه الشيخ الإجماع (٢).

واجتزأ سلاّر بالقراح (٣) للأصل ، ولخبر علي عن الكاظم عليه‌السلام في الميت جنبا ، قال : « غسل واحد » (٤). فغير الجنب أولى.

قلنا : الأخبار مخرجة عن الأصل ، والمراد بالوحدة عدم تعدّد الغسل بسبب الجنابة ، ولأنّ غسل الميت واحد بنوعه وان تعدّد صفة.

فروع :

الأول : الترتيب في هذه المياه واجب ، لظاهر خبر الحلبي السابق (٥) وغيره (٦).

ويلوح من كلام ابن حمزة استحباب الترتيب (٧) ، للأصل ، وحمل الروايات على الندب.

قلنا : المذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب.

الثاني : لو عدم الخليط ، فظاهر كلام الشيخ الاجتزاء بالمرّة (٨). وابن إدريس اعتبر ثلاثا (٩).

والأول أفقه ، للأصل ، وللشكّ في وجوب الزائد فلا يجب ، ولأنّ المراد ‌

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٩٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٦ ح ٩٣٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٦٨ ح ١٤٥٨ ، سنن النسائي ٤ : ٢٨.

(٢) الخلاف ١ : ٦٩٤ المسألة : ٤٧٦.

(٣) المراسم : ٤٧.

(٤) التهذيب ١ : ٤٣٢ ح ١٣٨٣ ، الاستبصار ١ : ١٩٤ ح ٦٧٩.

(٥) تقدم في ص ٣٣٥ الهامش ٣.

(٦) راجع : التهذيب ١ : ٤٥٠ ح ١٤٦٤.

(٧) الوسيلة : ٦٤.

(٨) المبسوط ١ : ١٨١ ، النهاية : ٤٣.

(٩) السرائر : ٣٤.

٣٤٤

بالسدر الاستعانة على النظافة ، وبالكافور تطييب الميت وحفظه من تسارع التغيّر وتعرّض الهوام ، فكأنّهما شرط في الماء فيسقط الماء عند تعذّرهما ، لانتفاء الفائدة ، ولأنّه كغسل الجنابة.

ووجه الثاني : إمكان الجزء فلا يسقط بفوات الآخر ، لأصالة عدم اشتراط أحدهما بصاحبه.

ولو مسّ بعد الغسل بني على الخلاف فيما لو وجد الخليط بعد الغسل بالقراح.

والأقرب : وجوبه ما لم يدفن ، لتوجّه (١) الخطاب حينئذ.

ويمكن المنع ، للامتثال المقتضي للإجزاء.

الثالث : لو وجد ماء لغسلة واحدة ، فالأولى القراح ، لأنّه أقوى في التطهير ، ولعدم احتياجه الى جزء آخر. ولو وجد لغسلتين ، فالسدر مقدّم لوجوب البدأة به ، ويمكن الكافور لكثرة نفعه. ولا ييمّم في هذين الموضعين ، لحصول مسمّى الغسل.

المسألة السابعة : تجب البدأة برأسه ، ثمّ جانبه الأيمن ، ثمّ الأيسر ، باتفاقنا ، وقد سبق في الأخبار دليله (٢).

والظاهر سقوطه بالغمس في الكثير ، كغسل الجنابة.

ولا يزاد على ثلاث غسلات اقتصارا على المنقول ، ولم يثبت عندنا خبر التخيير بينها وبين الخمس (٣) ، وإنّما ذكرناه التزاما.

الثامنة : يظهر من الأخبار السابقة وغيرها وجوب الوضوء ، لأنّه مذكور في سياق الغسل ، ولصحيح ابن أبي عمير عن حمّاد بن عثمان أو غيره ، عن الصادق‌

__________________

(١) في ط : أوجه.

(٢) راجع ص ٣٣٣ وما بعدها.

(٣) راجع ص ٣٤٤ الهامش ١.

٣٤٥

عليه‌السلام : « في كلّ غسل وضوء إلاّ الجنابة » (١). وهو ظاهر أبي الصلاح (٢).

وفي النهاية : أحوط (٣). وفي المبسوط : عمل الطائفة على ترك الوضوء (٤).

وفي المقنعة : يوضّأ (٥). ونقل سلاّر عن شيخه أنّه لا يرى وضوءه (٦) والمفيد أشهر شيوخه.

والأقرب الاستحباب ، لتظافر الأخبار به مع أصالة عدم الوجوب ، ولعدم ذكر العبد الصالح عليه‌السلام الوضوء في خبر يعقوب بن يقطين (٧). وكونه كغسل الجنابة لا يلزم منه عدم الوضوء ، لصدق المشابهة من وجه. وهو اختيار الاستبصار (٨) والفاضلين (٩).

نعم ، لا مضمضة ، ولا استنشاق ، للتعرض لخروج شي‌ء.

التاسعة : يستحبّ تليين أصابعه برفق ، فإن تعسّر تركها كما مرّ ، وبعد الغسل لا يليّن ، لعدم فائدته.

وابن أبي عقيل نفاه مطلقا (١٠) ، لخبر طلحة بن زيد عن الصادق عليه‌السلام : « ولا يغمز له مفصلا » (١١) وحمله الشيخ على ما بعد الغسل (١٢).

العاشرة : مسح بطنه في الأوليين قبلهما ليرد عليه الماء ، والغرض به التحفّظ‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٤٣ ح ٤٠٣ ، ٣٠٣ ح ٨٨١ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ح ٧٣٣.

(٢) الكافي في الفقه : ١٣٤.

(٣) النهاية : ٣٥.

(٤) المبسوط ١ : ١٧٨.

(٥) المقنعة : ١١.

(٦) المراسم : ٤٨.

(٧) التهذيب ١ : ٤٤٦ ، ١٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ ح ٧٣١.

(٨) الاستبصار ١ : ٢٠٨.

(٩) المعتبر ١ : ٢٦٧ ، مختلف الشيعة : ٤٢.

(١٠) مختلف الشيعة : ٤٢.

(١١) الكافي ٣ : ١٥٦ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ ح ٩٤١.

(١٢) الخلاف ١ : ٦٩٦ المسألة : ٤٨٠.

٣٤٦

من الخارج بعد الغسل لعدم القوة الماسكة ، ومن ثمّ أمر بحشو المخرج عند خوف الخروج كما دلّ عليه الخبر (١).

ونقل الشيخ فيه الإجماع (٢). وأنكره ابن إدريس ـ بعد أن جوّزه في أول الباب ـ لما ثبت من مساواة الميت الحيّ في الحرمة (٣).

قلنا : الحشو أبلغ في الحرمة.

ولا يستحبّ المسح في الثالثة بالإجماع ، بل يكره ، لأنّه تعرّض لكثرة الخارج ، ولهذا لم يذكر في خبر يونس عنهم عليهم‌السلام (٤).

ولا يمسح بطن الحامل ، لما مرّ ، وللخوف من الإجهاض.

ولو خرج منه نجاسة في الأثناء أو بعد الفراغ غسلت ولا يعاد الغسل ، للامتثال ، ولخبر الكاهلي والحسين بن المختار وروح بن عبد الرحيم عن الصادق عليه‌السلام : « ان بدا منه شي‌ء بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ، ولا تعد الغسل » (٥).

وابن أبي عقيل : إذا انتقض منه شي‌ء استقبل به الغسل استقبالا (٦). ونبه بهذا التأكيد على مخالفة ما يقوله بعض المنتمين إلى الشيعة من انّه إن حدث في أثناء الثلاث لم يلتفت اليه ، وان حدث بعد كمالها تمّمت خمسا ، وبعد الخمس تكمّل سبعا ، وبعد السبع لم يلتفت اليه. وهذا مبني على ما لم يثبت عن أهل البيت عليهم‌السلام.

وكلامه ـ رحمه‌الله ـ لم نقف على مأخذه ، فإن قال : لتكون خاتمة أمره على كمال الطهارة.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤١ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ ح ٨٧٧.

(٢) الخلاف ١ : ٧٠٣ المسألة : ٤٩٤.

(٣) السرائر : ٣٣.

(٤) لاحظ الكافي ٣ : ١٤١ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ ح ٨٧٧.

(٥) الكافي ٣ : ١٥٦ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٤٤٩ ح ١٤٥٥ ، ١٤٥٦.

(٦) المعتبر ١ : ٢٧٤ ، مختلف الشيعة : ٤٣.

٣٤٧

قلنا : الطهارة قد حصلت ، والحدث إنّما يكون ناقضا في الأحياء ، ولا فرق بين خروجها في الأثناء أو بعد الغسل أو بعد الإدراج ، وكذا لا يعاد الوضوء لو سبق. ويتخرّج من كونه كغسل الجنابة أو نفس غسل الجنابة الخلاف في غسل الجنابة إذا كان الحدث في الأثناء ، والرواية ظاهرها أنّه بعد كمال غسله (١).

الحادية عشرة : استحباب غسله تحت سقف اتفاق علمائنا ، قال المحقّق : ولعلّ الحكمة كراهة أن يقابل السماء بعورته (٢).

ولا حدّ في ماء الغسل غير التطهير ، كما مرّ. وظاهر المفيد : صاع لغسل الرأس واللحية بالسدر ، ثمّ صاع لغسل البدن بالسدر (٣). ونقل في المعتبر عن بعض الأصحاب أنّ لكلّ غسلة صاعا (٤) وهو مختار الفاضل في النهاية (٥) لخبر محمد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام : « غسل الميت مثل غسل الجنب » (٦).

والمسخّن جائز عند ضرورة الغاسل. والصدوق : توقي الميت في البرد ممّا توقّي نفسك ، ونسبه الى الحديث (٧). وحينئذ يقتصر على ما يدفع الضرورة من السخونة.

واستحباب الدّعاء المخصوص قد ذكر (٨) ، ويستحبّ معه الاستغفار وذكر الله تعالى.

الثانية عشرة : نقل الشيخ الإجماع على أنّه لا يجوز قصّ أظفاره ، ولا تنظيفها من الوسخ بالخلال ، ولا تسريح لحيته. وجعل حلق رأسه مكروها‌

__________________

(١) راجع ص ٣٤٧ الهامش ٥.

(٢) المعتبر ١ : ٢٧٥.

(٣) المقنعة : ١١.

(٤) المعتبر ١ : ٢٧٦.

(٥) نهاية الإحكام ٢ : ٢٢٦.

(٦) الفقيه ١ : ١٢٢ ح ٥٨٦ ، التهذيب ١ : ٤٤٧ ح ١٤٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ ح ٧٣٢.

(٧) الفقيه ١ : ٨٦ ح ٣٩٨.

(٨) راجع ص ٣٣٣ ، الهامش ١ و ٣.

٣٤٨

وبدعة ، وكره حلق عانته وإبطه وحفّ شاربه (١).

ولعلّ مراده الكراهية ، لقضية الأصل ، والنهي أعمّ من التحريم ، ويؤيّده أنّه ذكر كراهية قلم الأظفار بعد ذلك.

وابن حمزة حرّم القصّ والحلق والقلم وتسريح الرأس واللحية (٢) وقد ذكر مأخذ ذلك.

ولم يثبت عندنا قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « افعلوا بموتاكم ما تفعلون بعرائسكم » (٣) مع أنّه متروك الظاهر ، إذ العروس تطيّب بكل الطيب ويزيّن وجهها وتحلّى بخلاف الميتة.

ولا يظفر شعر الميتة ، لقول الصادق عليه‌السلام : « لا يمسّ من الميت شعر ولا ظفر » (٤).

ولم يثبت خبر أمّ سليم أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في ابنته : « واظفرن شعرها ثلاثة قرون ، ولا تشبّهنها بالرّجال » (٥).

ويكره التجمير حال الغسل ، والصدوق استحبّ تجمير الكفن (٦) ، لما في خبر عمار عن الصادق عليه‌السلام : « وجمّر ثيابه بثلاثة أعواد » (٧).

وقال الفاضل : يخرج الوسخ من أظفاره بعود عليه قطن مبالغة في التنظيف (٨).

ويدفعه : نقل الإجماع ، مع النهي عنه في خبر الكاهلي السابق (٩).

__________________

(١) الخلاف ١ : ٦٩٤ المسألة : ٤٧٥ ، وص ٦٩٥ المسألة : ٤٧٨ وص ٦٩٦ المسألة : ٤٨١ وص ٦٩٧ المسألة : ٤٨٢.

(٢) الوسيلة : ٦٥.

(٣) تلخيص الحبير : ١٢٠.

(٤) الكافي ٣ : ١٥٥ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ ح ٩٤٠.

(٥) السنن الكبرى ٤ : ٥.

(٦) الفقيه ١ : ٩١.

(٧) التهذيب ١ : ٣٠٥ ح ٨٨٧.

(٨) تذكرة الفقهاء ١ : ٤٢.

(٩) تقدم في ٣٣٥ الهامش ١.

٣٤٩

الثالثة عشرة : أجمعنا على كراهية إرسال الماء في الكنيف دون البالوعة ، لما مرّ. وعلى وضع خرقة على يد الغاسل اليسرى لغسل فرج الميت ، وهل يجب؟ يحتمل ذلك ، لأنّ المسّ كالنظر بل أقوى ، ومن ثمّ نشر حرمة المصاهرة دون النظر. أمّا باقي بدنه فلا تجب الخرقة قطعا ، وهل تستحب؟ كلام الصادق عليه‌السلام السابق يشعر به (١).

الرابعة عشرة : قال الفاضل ـ رحمه‌الله ـ : يشترط كون السدر والكافور لا يخرجان الماء إلى الإضافة ، لأنّه مطهر والمضاف غير مطهر (٢).

والمفيد ـ رحمه‌الله ـ قدّر السدر برطل أو نحوه (٣) ، وابن البراج : برطل ونصف (٤). واتفق الأصحاب على ترغيته. وهما يوهمان الإضافة ، ويكون المطهّر هو القراح ، والغرض بالأولين التنظيف ، وحفظ البدن من الهوام بالكافور ، لأنّ رائحته تطردها.

ولو عدم السدر ، قال الشيخ : يقوم الخطمي مقامه في غسل الرأس ، وقليل من الكافور في الغسلة الثانية (٥). وهو يشعر بإقامة غير السدر مقامه في الغسلة الأولى ، وتطيب الرائحة.

الخامسة عشرة : يستحبّ تقديم غسل يديه وفرجيه مع كلّ غسلة ، كما في الخبر (٦) وفتوى الأصحاب (٧). وتثليث غسل أعضائه كلّها من اليدين والفرجين والرأس والجنبين بالإجماع.

وحصرها الجعفي في كلّ غسلة خمس عشرة صبّة لا تنقطع ، وابن الجنيد‌

__________________

(١) تقدم في ص ٣٣٥ الهامش ١.

(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ٣٨.

(٣) المقنعة : ١١.

(٤) المهذب ١ : ٥٦.

(٥) المبسوط ١ : ١٧٧.

(٦) الكافي ٣ : ١٤١ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٣٠١ ح ٨٧٧.

(٧) كالمحقق في المعتبر ١ : ٢٧٢ ، والعلامة في تذكرة الفقهاء ١ : ٣٨.

٣٥٠

والشيخ قالا : بعدم الانقطاع أيضا حتى يستوفي العضو (١). والصدوق ذكر ثلاث حميديات (٢). وكأنّه إناء كبير ، ولهذا مثّل ابن البراج الإناء الكبير بالإبريق الحميدي (٣).

السادسة عشرة : لا يجزئ تكرار القراح ثلاثا في الغسل‌ مع إمكان الخليط ، لمخالفة الأمر.

قال الفاضل : يحتمل الإجزاء ، لأنّه أبلغ (٤). وهو مشكل على مذهبه من الاشتراط ، لأنّ الجميع ماء مطلق عنده ، وفي النصوص زيادة التنظيف بالخليط ، فالأبلغيّة إنّما هي في المنصوص.

السابعة عشرة : الغريق يعاد غسله بعد تيقّن موته بالاستبراء ، لخبر إسحاق ابن عمار (٥) ، ولأنّ السدر والكافور مفقودان فيه.

ولو قال سلار بعدم وجوب النية ، أمكن الإجزاء عنده (٦) إذا علم موته قبل خروجه من الماء ، لحصول الغرض من تنظيفه ، كالثوب النجس تلقيه الريح في الماء. نعم ، لو نوى عليه في الماء أجزأ عنده.

الثامنة عشرة : لا تستحب الدخنة بالعود ولا بغيره في أشهر الأخبار ، لقول علي عليه‌السلام : « لا تجمّروا الأكفان » (٧) ولما مرّ (٨). وعن أبي حمزة عن الباقر عليه‌السلام : « لا تقربوا موتاكم بالنار » (٩) يعني الدخنة.

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٧٨.

(٢) الفقيه ١ : ٩١ ، المقنع : ١٨.

(٣) المهذب ١ : ٥٨.

(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ٣٩.

(٥) الكافي ٣ : ٢٠٩ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٣٨ ح ٩٩٠.

(٦) بناء على قوله المتقدم في ص ٢٦٤ الهامش ٦.

(٧) الكافي ٣ : ١٤٧ ح ٣ ، علل الشرائع : ١ : ٣٠٨ ، الخصال : ٦١٨ ، التهذيب ١ : ٢٩٥ ح ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ح ٧٣٥.

(٨) راجع ص ٢٤٩ الهامش ٦ ، ٧.

(٩) التهذيب ١ : ٢٩٥ ح ٨٦٦ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ح ٧٣٧.

٣٥١

وقول الصادق عليه‌السلام في خبر عبد الله بن سنان : « لا بأس بدخنة كفن الميت ، وينبغي للمسلم أن يدخّن ثيابه إذا كان يقدر » (١) لا ينفي الكراهية بل يشعر بها ، وحمله الشيخ على التقيّة (٢).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٩٥ ح ٨٦٧ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ح ٧٣٨.

(٢) التهذيب ١ : ٢٩٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩.

٣٥٢

الحكم الثالث : تكفينه.

والواجب منه : مئزر ، وقميص ، وإزار ، عند الجميع إلاّ سلار ، فإنه اكتفى بقطعة واحدة ، وجعل الأسبغ سبع قطع ، ثمّ خمسا ثم ثلاثا (١) ، لقول الباقر عليه‌السلام في خبر زرارة : « إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب ، وثوب تام لا أقلّ منه يواري فيه جسده كلّه ، فما زاد فهو سنة الى ان يبلغ خمسة ، فما زاد فهو مبتدع ، فالعمامة سنة » (٢).

لنا : الإجماع ، وما روي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفّن في ثلاثة أثواب بيض سحولية (٣) بالحاء المهملة بعد السين المفتوحة ، قيل : منسوب الى سحول قرية باليمن. وعن زرارة عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثة أثواب : ثوبين سحوليين ، وثوب حبرة يمنية عبريّ » (٤). وعن أبي مريم الأنصاري : كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاثة أثواب (٥) وحمل ال « ثوب التام » على التقية ، أو نقول : هو من عطف الخاص على العام ، على أنّ لفظ « ثوب » محذوف في كثير من النسخ (٦).

وهل يتعيّن القميص أو يكفي ثوب مكانه؟ المعظم على الأول (٧) ، لما روى ابن المغفّل : انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفّن في قميص (٨) ولخبر معاوية بن‌

__________________

(١) المراسم : ٤٧.

(٢) الكافي ٣ : ١٤٤ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩٢ ح ٨٥٤ ، وفيه : « أو ثوب ».

(٣) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ٤٢١ ح ٦١٧١ ، مسند أحمد ٦ : ٤٠ ، صحيح البخاري ٢ : ٩٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ح ٩٤١ ، السنن الكبرى ٣ : ٣٩٩.

(٤) أخرجه المحقق في المعتبر ١ : ٢٧٩ ، والعلامة في نهاية الإحكام ٢ : ٢٤٤. وسيأتي نحوه في ص ٣٦١ الهامش ١.

(٥) التهذيب ١ : ٢٩٦ ح ٨٦٩.

(٦) يلاحظ في ذلك : الحدائق الناضرة ٤ : ١٥.

(٧) راجع : المقنعة : ١١ ، المبسوط ١ : ١٧٦ ، النهاية : ٣١ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٤٣.

(٨) مجمع الزوائد ٣ : ٢٤ عن الطبراني في الكبير.

٣٥٣

وهب عن الصادق عليه‌السلام : « يكفّن الميت في خمسة أثواب : قميص لا يزرّ عليه ، وإزار ، وخرقة ، وبرد يلفّ فيه ، وعمامة » (١).

وابن الجنيد والمحقّق خيّرا بين القميص وبين ثوب يدرج فيه ، لخلوّ أكثر الأخبار من تعيينه (٢) وأصل البراءة ، ولخبر محمد بن سهل ، عن أبيه ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الثياب التي يصلّي فيها الرجل ، أيكفن فيها؟ قال : « أحبّ ذلك الكفن » ، يعني : قميصا. قلت : يدرج في ثلاثة أثواب؟ قال : « لا بأس به ، والقميص أحبّ اليّ » (٣).

وروت عائشة : انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص (٤).

قلت : لعلّ القميص هو المعهود ، وهو ما كان يصلّي فيه ، ولقول الباقر عليه‌السلام : « ان استطعت ان يكون كفنه ثوبا كان يصلّي فيه » (٥) فجاز أن يكون في الثلاثة الأثواب قميص غيره.

وروى الصدوق تكفينه في ثلاثة أثواب بغير قميص عن الكاظم عليه‌السلام (٦). وهي الرواية بعينها (٧) ولكن حذف صدرها ، وخبرها معارض بما مرّ ، والمثبت راجح.

مسائل :

الأولى : يجزي (٨) عند الضرورة ثوبان. ولو لم يوجد إلاّ واحد كفى ، لأنّ‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٥ ح ١١ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ ح ٨٥٨ ، ٣١٠ ح ٩٠٠.

(٢) المعتبر ١ : ٢٧٩.

(٣) التهذيب ١ : ٢٩٢ ح ٨٥٥.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ح ٩٤١ ، الجامع الصحيح ٣ : ٣٢١ ح ٩٩٦ ، السنن الكبرى ٣ : ٣٩٩.

(٥) الفقيه ١ : ٨٩ ح ٤١٣ ، التهذيب ١ : ٢٩٢ ح ٨٥٢.

(٦) الفقيه ١ : ٩٣ ح ٤٢٤.

(٧) أي رواية محمد بن سهل المتقدمة في الهامش ٥.

(٨) في س : يجوز.

٣٥٤

الضرورة تجوّز دفنه بغير كفن فبعضه أولى. نعم ، لو كان هناك بيت مال تمّم الكفن منه ، لأنّه مصلحة لمسلم.

الثانية : لا يجوز التكفين في المغصوب ، إجماعا ، وللنهي عن إتلاف مال الغير.

ولا في الحرير للرجل والمرأة باتفاقنا ، لإعراض السلف عنه ، ولدلالة مقطوعة الحسن بن راشد عليه ـ وهي من المقبولات ، لأنّه نفى البأس إذا كان القطن أكثر من القز (١) ، فيثبت البأس عند عدمه ، وقد أرسلها الصدوق عن الهادي عليه‌السلام (٢). ولخبر مروان بن عبد الملك عن أبي الحسن عليه‌السلام في كسوة الكعبة : لا يكفّن بها الميت ، مع حكمه بجواز بيعها وهبتها (٣) والظاهر أنّه لأجل الحرير.

ولا في النجس ، إجماعا ، ولوجوب إزالة النجاسة العارضة في الكفن.

واشتراط كونه من جنس ما يصلّى فيه ، ينفي أوبار وأشعار غير المأكول.

وأمّا الجلد فيمنع منه مطلقا ، لعدم فهمه من إطلاق الثوب ، ولنزعه عن الشهيد.

نعم ، لو اضطرّ الى ما عدا المغصوب ففيه ثلاثة أوجه : المنع ، لإطلاق النهي. والجواز لئلاّ يدفن عاريا ، مع وجوب ستره ولو بالحجر. ووجوب ستر العورة لا غير حالة الصلاة ، ثمّ ينزع بعده.

وحينئذ ، فالجلد مقدّم ، لعدم صريح النهي فيه ، ثمّ النجس ، لعروض المانع ، ثمّ الحرير ، لجواز صلاة النساء فيه ، ثم وبر غير المأكول. وفي هذا الترتيب للنظر مجال ، إذ يمكن أولوية الحرير على النجس ، لجواز صلاتهنّ فيه اختيارا.

الثالثة : يجب وضع الكافور على المساجد السبعة ، وهو : الحنوط ، ونقل الشيخ فيه الإجماع (٤).

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٩ ح ١٢ ، التهذيب ١ : ٤٣٥ ح ١٣٩٦ ، الاستبصار ١ : ٢١١ ح ٧٤٤.

(٢) الفقيه ١ : ٩٠ ح ٤١٥.

(٣) الكافي ٣ : ١٤٨ ح ٥ ، الفقيه ١ : ٩٠ ح ٤١٦ ، التهذيب ١ : ٤٣٤ ح ١٣٩١.

(٤) الخلاف ١ : ٧٠٤ المسألة : ٤٩٥.

٣٥٥

وأقله مسمّاه ، قاله في المعتبر ، لصدق الامتثال (١).

واختلف الأصحاب في تقديره.

فالشيخان والصدوق : أقلّه مثقال ، وأوسطه أربعة دراهم (٢).

والجعفي : أقلّه مثقال وثلث ، قال : ويخلط بتربة مولانا الحسين عليه‌السلام.

وابن الجنيد : أقلّه مثقال ، وبه رواية مرسلة عن الصادق عليه‌السلام (٣).

وفي مرسلة عنه عليه‌السلام : « مثقال ونصف » (٤).

وأوسطه أربعة مثاقيل ، لرواية الحسين بن مختار عن الصادق عليه‌السلام (٥).

وحملها في المعتبر كلّها على الفضيلة (٦) تطييبا لمواضع العبادة ، وتخصّصا لها بمزيد العناية.

وأكثره مرّ (٧) ، وابن البراج جعله ثلاثة عشر درهما ونصفا (٨).

ولا يشاركه الغسل في هذه المقادير ، قطع به الأكثر.

وابن إدريس فسّر المثاقيل بالدراهم (٩) نظرا الى قول الأصحاب ، وطالبه ابن طاوس ـ رحمه‌الله ـ بالمستند.

واختلف الأصحاب في تحنيط ما عدا السبعة والصدر ، من الأنف والسمع والبصر والفم.

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٨١.

(٢) المقنعة : ١١ ، الخلاف ١ : ٧٠٤ المسألة : ٤٩٨ المقنع : ١٨ ، الهداية : ٢٥.

(٣) الكافي ٣ : ١٥١ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩١ ح ٨٤٦.

(٤) التهذيب ١ : ٢٩١ ح ٨٤٩.

(٥) الكافي ٣ : ١٥١ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩١ ح ٨٤٧ ، ٨٤٨.

(٦) المعتبر ١ : ٢٨١.

(٧) تقدم في ص ٣٣٦ الهامش ٩.

(٨) في المهذب ١ : ٦١ ثلاثة عشر درهما وثلث ، ولعل المصنف نقل عن غيره.

(٩) السرائر : ٣٢.

٣٥٦

فالصدوق تحنّط ، وكذا المغابن ، وهي : الآباط وأصول الأفخاذ (١).

وابن أبي عقيل والمفيد ألحقا الأنف بالسبعة (٢).

وأضاف الصدوق الى الكافور المسك (٣).

والشيخ أنكر ذلك كله (٤).

ولنشر الى الحديث :

ففي خبر سماعة عن الصادق عليه‌السلام : « إذا كفّنته فذر على كل ثوب شيئا من الذريرة والكافور ، واجعل شيئا من الحنوط على مسامعه ومساجده ، وشيئا على ظهر الكف (٥) » (٦).

وفي خبر عمار عنه عليه‌السلام : « واجعل الكافور في مسامعه ، وأثر سجوده منه ، وفيه » (٧).

وفي خبر يونس عنهم عليهم‌السلام : « يوضع على جبهته وموضع سجوده ، ويمسح به مغابنه من اليدين والرجلين ووسط راحته » الى قوله : « ولا تجعل في منخريه ، ولا في بصره ، ولا في مسامعه ، ولا وجهه ، قطنا ولا كافورا » (٨).

وفي مقطوع عبد الرحمن : « ولا تجعل في مسامعه حنوطا » (٩).

وفي خبر الحلبي عن الصادق عليه‌السلام : « فامسح به آثار السجود ومفاصله كلّها ، ورأسه ولحيته ، وعلى صدره من الحنوط » ، وقال : « الحنوط للرجل‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٩١ ، المقنع : ١٨.

(٢) المقنعة : ١١ ، مختلف الشيعة : ٤٣.

(٣) الفقيه ١ : ٩٣ ح ٤٢٢.

(٤) الخلاف ١ : ٧٠٣ المسألة : ٤٩٥ ، المبسوط ١ : ١٧٧ ، ١٧٩.

(٥) في م ، ط ، المصدر : « الكفن ».

(٦) التهذيب ١ : ٤٣٥ ح ١٣٩٩.

(٧) التهذيب ١ : ٣٠٥ ح ٨٨٧.

(٨) الكافي ٣ : ١٤٣ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٠٦ ح ٨٨٨.

(٩) التهذيب ١ : ٣٠٨ ح ٨٩٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٢ ح ٧٤٨.

٣٥٧

والمرأة سواء » (١).

ومثله في خبر زرارة عن الباقر والصادق عليهما‌السلام ، وزاد : « فاه وسمعه وفرجه » (٢).

وفي خبر الحسين بن مختار عن الصادق عليه‌السلام : « يوضع على المساجد ، وعلى اللبّة وباطن القدمين ، وموضع الشراك من القدمين ، وعلى الركبتين والراحتين واللحية » (٣).

وفي خبر عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام : « يضع في فمه ومسامعه وآثار السجود » (٤) ، وشهادة هذه للصدوق ـ رحمه‌الله ـ أتمّ.

وأمّا المسك ، ففي خبرين أرسلهما الصدوق : أحدهما ـ « أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حنّط بمثقال من مسك سوى الكافور » (٥). والآخر عن الهادي عليه‌السلام أنّه سوّغ تقريب المسك والبخور الى الميت (٦).

ويعارضهما مسند محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا تجمّروا الأكفان ، ولا تمسّوا موتاكم بالطيب إلاّ بالكافور ، فإنّ الميت بمنزلة المحرم » (٧).

وخبر غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه‌السلام : « أنّ أباه كان يجمّر الميت بالعود » (٨) ضعيف السند.

ويستحبّ سحق الكافور باليد خوفا من الضياع ، قال في المعتبر : قاله‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٣ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٣٠٧ ح ٨٩٠ ، الاستبصار ١ : ٢١٢ ح ٧٤٦.

(٢) التهذيب ١ : ١٣٦ ح ١٤٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٣ ح ٧٥٠.

(٣) التهذيب ١ : ٣٠٧ ح ٨٩٢ ، الاستبصار ١ : ٢١٢ ح ٧٤٧.

(٤) التهذيب ١ : ٣٠٧ ح ٨٩١ ، الاستبصار ١ : ٢١٢ ح ٧٤٩.

(٥) الفقيه ١ : ٩٣ ح ٤٢٢.

(٦) الفقيه ١ : ٩٣ ح ٤٢٦.

(٧) الكافي ٣ : ١٤٧ ح ٣ ، علل الشرائع ١ : ٣٠٨ ، الخصال : ٦١٨ ، التهذيب ١ : ٢٩٥ ح ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ح ٧٣٥.

(٨) التهذيب ١ : ٢٩٥ ح ٨٦٥ ، الاستبصار ١ : ٢١٠ ح ٧٣٩.

٣٥٨

الشيخان ، ولم أتحقّق مستنده (١).

وقال في المبسوط : ويكره سحقه بحجر أو غير. ذلك ، ويكفي وضعه ـ على المساجد من غير قطن (٢).

الرابعة : يستحبّ الذريرة على الأكفان. قال الشيخ في التبيان : هي فتات قصب الطيب ، وهو قصب يجاء به من الهند كأنّه قصب النّشاب (٣).

وقال في المبسوط والنهاية : تعرف بالقمّحة ـ بضم القاف وتشديد الميم المفتوحة والحاء المهملة أو بفتح القاف والتخفيف ـ كواحدة القمح (٤). وسمّاها به أيضا الجعفي.

وقال الصغاني : هي فعيلة بمعنى مفعولة ، وهي ما يذرّ على الشي‌ء ، وقصب الذريرة دواء يجلب من الهند ، وباليمن يجعلون أخلاطا من الطيب يسمّونها الذريرة.

وقال المسعودي : من الأفاوية الخمسة والعشرين : قصب الذريرة ، والورس ، والسليخة ، واللاّذن ، والزباد. والأفاوية : ما يعالج به الطيب كالتوابل للطعام. وعدّ أصول الطيب خمسة : المسك ، والكافور ، والعود ، والعنبر ، والزعفران (٥).

وابن إدريس : هي نبات طيب غير الطيب المعهود ، يسمّى : القمّحان ـ بالضمّ والتشديد. ثم استشهد بقول الأصمعي : يقال للذي يعلو الخمر مثل الذريرة القمّحان ، وانشد فيه شعرا :

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٨٦.

وقول الشيخين في : المقنعة : ١١ ، المبسوط ١ : ١٧٩.

(٢) المبسوط ١ : ١٧٩.

(٣) التبيان ١ : ٤٤٨.

(٤) المبسوط ١ : ١٧٧ ، النهاية : ٣٢.

(٥) مروج الذهب ١ : ١٩٤.

٣٥٩

إذا فضّت خواتمه علاه

يبيس القمّحان من المدام (١).

وليس فيهما صراحة بالمطلوب ، ولا في كلامه تعيين له.

قال في المعتبر : وهو خلاف المعروف بين العلماء ، بل هي الطيب المسحوق (٢).

وقال الراوندي : قيل : إنّها حبوب تشبه حبّ الحنطة التي تسمى بالقمح ، تدقّ تلك الحبوب كالدقيق ، لها ريح طيب.

قال : وقيل : الذريرة هي الورد والسنبل والقرنفل والقسط والأشنة ، وكلّها نبات ، ويجعل فيها اللاّذن ويدقّ جميع ذلك.

ويجعل الذريرة أيضا على القطن الذي يوضع على الفرجين ، قاله ابن بابويه (٣) والشيخ في المبسوط (٤).

ولا يطيّب بغير الكافور والذريرة ، لما مرّ. ولا يجب استيعاب كل المسجد بالمسح.

الخامسة : يستحبّ عندنا أن يزاد الرجل والمرأة حبرة‌ ـ بكسر الحاء وفتح الباء ـ يمنية عبرية ـ منسوبة إلى موضع أو جانب واد ـ لقول أبي مريم الأنصاري : سمعت الباقر عليه‌السلام يقول : « كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثة أثواب : برد حبرة أحمر ، وثوبين أبيضين صحاريين ، وقال : إنّ الحسن بن علي عليهما‌السلام كفّن أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة ، وإنّ عليا عليه‌السلام كفّن سهل بن حنيف ببرد أحمر حبرة » (٥).

__________________

(١) السرائر : ٣٢.

والبيت للنابغة الذبياني ، راجع ديوانه ص ١١٢.

(٢) المعتبر ١ : ٢٨٤.

(٣) الفقيه ١ : ٩٢ ، المقنع : ١٨.

(٤) المبسوط ١ : ١٧٩.

(٥) التهذيب ١ : ٢٩٦ ح ٨٦٩.

وذيل الحديث في الكافي ٣ : ١٤٩ ح ٩ ، والتهذيب ١ : ٢٩٦ ح ٨٦٨.

٣٦٠