موسوعة التاريخ الإسلامي - ج ٦

الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي

موسوعة التاريخ الإسلامي - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: أضواء الحوزة ـ لبنان
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤١

وخرجوا مسرعين وهم مئتان ، فأشرفوا عليهم وهم غارّون فحملوا على جانب منهم ، فما قاتلوا إلّا قليلا واصيب منهم رجال وجرح كثير منهم ، ثمّ خرجوا من عسكرهم وخلّوه وانهزموا ، فأخذوا بعض دوابّهم وما خفّ عليهم ، وصاح بهم الفزاري : الرجعة فانصرفوا ، فانصرفوا.

وبلغ خبرهم إلى ابن زياد خلفهم فسرّح إليهم الحصين بن نمير السكوني في اثني عشر ألفا حتّى نزل بهم (١).

معركة التوّابين في عين الوردة :

عاد الفزاريّ بالأربعمئة إلى الثلاثة آلاف والأربعمئة مع سليمان الخزاعي ، فأعاد سليمان نظامهم ، فجعل الفزاري في يساره ، وعبد الله بن سعد على ميمنته ، ووقف هو في القلب ، لثمان بقين من جمادى الأولى (٢).

وجاءهم الحصين السكوني الكنديّ الحمصيّ الشامي وعلى ميمنته جبلة بن عبد الله ، وربيعة بن المخارق الغنوي على ميسرته ، ثمّ زحف إليهم ، فلمّا دنوا منهم دعوهم إلى اجتماع الكلمة على طاعة (مروان بن الحكم) (٣) فأبى ذلك التوّابون.

ودعاهم التوّابون إلى أن يخلعوا (مروان بن الحكم) وعبيد الله بن زياد ويدفعونه إليهم ليقتلوه ببعض من قتل من إخوانهم (لا بالحسين عليه‌السلام فهو دونه!)

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٩٧ ـ ٥٩٨ عن أبي مخنف ، عن حميد بن مسلم.

(٢) الطبري ٥ : ٥٩٨ ، الموافق للرابع من كانون الثاني (٦٨٥ م).

(٣) في خبر الطبري عن الكلبي عن أبي مخنف عن حميد بن مسلم الأزدي : عبد الملك بن مروان ، ولا يصح لموت مروان في رمضان القادم.

٣٢١

فإذا فعلوا ذلك عادوا إلى بلادهم (العراق) فيخرجون من فيه من آل ابن الزبير «ليردّوا هذا الأمر (الحكم) إلى أهل بيت النبيّ» الذين آتاهم الله من قبلهم بالنعمة والكرامة! فأبوا.

لا نجد فيما بأيدينا إلّا أن عبد الله بن سعد في ميمنة التوّابين بدؤوا القتال فحملوا على ربيعة الغنوي في ميسرة أهل الشام فهزموهم. مع أنّهم كانوا ثلاثة أضعاف التوّابين ، ولم يكن عبد الله بن سعد في القلب ولا القائد العامّ ، ولا ذكر أمر من سليمان ، نعم كان التوّابون لا شكّ أكثر اندفاعا وحماسا. وحملت ميسرة التوّابين بإمرة الفزاريّ على جبلة بن عبد الله في ميمنة الشام ، وحمل سليمان في القلب على جماعتهم فهزموهم حتّى اضطروهم إلى معسكرهم من خلفهم ، وما زال أهل العراق قاهرين حتّى مساء الأربعاء فانصرفوا.

وكان شرحبيل بن ذي الكلاع في ثمانية آلاف (١) وكان الحصين السّكوني ادّعى أنه على جماعتهم جميعا ، وأبى شرحبيل وقال : ما ولّيت عليّ! ثمّ تكاتبا إلى ابن زياد ينتظران أمره ، وكان ابن ذي الكلاع على رأس ميل من عسكر ابن نمير (٢) ولم ينصره! وبلغ خبره إلى ابن زياد فبعث إليه يشتمه ويقول له : إنّما عملت عمل الشباب الأغمار تضيع عسكرك ومسالحك! سر إلى الحصين بن نمير حتّى توافيه وهو على الناس فجاءه بجمعه ، فتكاملوا عشرين ألفا إلّا من اصيب منهم يوم أمس (٣).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٩٨ عن أبي مخنف.

(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٥٩٧ عن أبي مخنف.

(٣) مرّ أنّ ابن الخياط بلغ بهم إلى ستّين ألفا ، واكتفى ابن الأعثم بعشرين ألفا ، ورجّحه الدكتور بيضون في كتابه : سليمان بن صرد : ١٤٨ ، ووصف الأوّل بأنّه احتوى على كثير من المبالغة ، وهو الصحيح.

٣٢٢

وعبّر الخبر عمّن شهد قتال التوابين والشاميّين في اليوم الثاني : الخميس قال : فغدوا علينا وغاديناهم فقاتلناهم. ولعلّه يعني أنّ الشاميّين بدؤوهم ، ويقول : قتالا لم ير الشيب والمرد مثله قط ، يومنا كلّه. وإنّما حجزت الصلاة (للظهر والعصر) بيننا وبين القتال ، حتّى أمسينا ، فتحاجزنا ؛ وقد أكثروا فينا الجراح ، وأفشيناها فيهم. وفي أوّل النهار في هذا اليوم الثاني من القتال جرح أبو الجويرية العبدي (البصري) فلزم رحله ، وكان يحثّ الناس على القتال.

ومثله في عمله كان صخير بن حذيفة المرّي ، ففي مساء اليوم الثاني الخميس ليلة الجمعة كان يدور الليل كلّه في التوابين ويقول لهم : عباد الله أبشروا بكرامة الله ورضوانه ، فو الله إنّه لحقّ لمن ليس بينه وبين الراحة من إبرام الدنيا وأذاها ودخول الجنة ولقاء الأحبة إلّا فراق هذه النفس الأمّارة بالسوء ، حقّ له أن يكون سخيّا بفراق نفسه ومسرورا بلقاء ربّه!

وفي اليوم الثالث يوم الجمعة أيضا يظهر أنّ الحصين السكوني هو الذي بدأ فخرج إليهم في عشرة آلاف ، فاقتتلوا قتالا شديدا إلى ارتفاع الضّحى ، ثمّ تكاثر أهل الشام على العراقيين وتعطّفوا عليهم من كلّ جانب.

فلمّا رأى سليمان ذلك نزل ونادى : من أراد «التوبة» من ذنبه و «الوفاء» بعهده والبكور إلى ربّه فإليّ يا عباد الله! فنزل معه ناس كثير ، فكسر جفن سيفه فكسروا جفون سيوفهم ومشوا معه فقاتلوهم ، ونزل سائر الرجال يشتدّون مصلّتين سيوفهم وقد كسروا جفونها ، فقاتلوهم فقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة ، وأكثروا الجراح فيهم.

فلمّا رأى الحصين ذلك أمر رماته يرمونهم بنبالهم ، وفيهم يزيد بن الحصين السكوني رمى سليمان بسهم ـ وهو في التسعين من عمره ـ فوقع.

فأخذ الراية المسيّب الفزاري وقال له : رحمك الله يا أخي! فقد صدقت و «وفيت» بما عليك ، وبقي ما علينا. ثمّ شدّ بالراية فقاتل ساعة ثمّ رجع ، ثمّ شدّ بها فقاتل ثمّ رجع ، وهكذا حتّى قتل رحمه‌الله.

٣٢٣

ولما قتل المسيّب أخذ الراية عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ثمّ قال : أخويّ (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)(١) وأقبل معه الأزديون فالتفّوا حول رايته!

وخرج المثنى بن مخربة العبدي البصري من البصرة بثلاثمئة رجل وبلغ خروجه إلى سعد بن حذيفة بن اليمان بالمدائن ، فخرج سعد من المدائن بمئة وسبعين رجلا قبل أن يصلها العبدي البصري بخمس ليال ، وقدّم منهم ثلاثة على آثار الكوفيين ليبشروهم بخروجهم إليهم وبخبروهم بمجيء أهل البصرة إليهم أيضا. فانتهوا إليهم وأخبروهم! ثمّ قاتلوا معهم حتّى قتلوا ونجى أحدهم.

وحمل عليهم ربيعة الغنوي في ميسرتهم على التوّابين حملة منكرة فاقتلوا قتالا شديدا ، حتّى اختلف هو وعبد الله بن سعد بضربتين ، ثمّ اعتنق كلّ صاحبه فوقعا إلى الأرض واضطربا ، وطعن ابن أخي ربيعة على عبد الله بن سعد بطعنة في نحره فقتله رحمه‌الله. وحاول خالد بن سعيد أخو عبد الله بن سعيد أن يقتل قاتل أخيه فقتل رحمه‌الله. وبقيت راية عبد الله بن سعد لا أحد لها ، فأمسكها عبد الله بن خازم الكثيري ثمّ أخذها منه عبد الله بن وال التيمي ، وذلك عند العصر.

ثمّ نادى عبد الله بن وال : من أراد الحياة التي ليس بعدها موت ، والراحة التي ليس بعدها نصب ، والسرور الذي ليس بعده حزن ، فليتقرّب إلى ربّه بجهاد هؤلاء المحلّين ، فالرواح إلى الجنة. ثمّ شدّ عليهم فشدّوا معه فكشفوهم ، ثمّ تعطّف اولئك عليهم من كلّ جانب ، وشدّ عليهم أدهم الباهلي في خيله ورجاله فقتل عبد الله بن وال التيمي رحمه‌الله (٢).

__________________

(١) الأحزاب : ٢٣.

(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٥٩٨ ـ ٦٠٢ عن أبي مخنف.

٣٢٤

ورفع الراية رفاعة ، واستشهد آخرون :

لما قتل عبد الله بن وال قال الوليد الكناني لرفاعة بن شدّاد : أمسك رايتك ؛ قال : لا اريدها! فقيل له : مالك؟ قال : ارجعوا بنا لعلّ الله يجمعنا لشرّ يوم لهم!

فوثب عليه عبد الله بن عوف الأحمر وقال له : والله لئن انصرفت ليركبنّ أكتافنا ، فلا نبلغ فرسخا حتّى نهلك من عند آخرنا ، فإن نجا منّا ناج أخذه الأعراب وأهل القرى فتقرّبوا إليهم به فيقتل صبرا! أنشدك الله أن لا تفعل ذلك ، وهذه الشمس قد طفلت للمغيب ، وهذا الليل قد غشينا ، ونحن الآن ممتنعون فنقاتلهم على خيولنا هذه ، فإذا غسق الليل ففي أوّله نركب خيولنا فنرمي بها حتّى نصبح ، فنسير ونحن على مهل العشرة والعشرون معا ، ويحمل الرجل منا جريحه وينتظر صاحبه ، ويعرف الناس الوجه الذي يأخذون فيتبع فيه بعضهم بعضا ، ولو كان الذي ذكرت لم يعرف رجل وجهه لا أين بذهب ولا أين يسقط ، فلا نصبح إلّا ونحن بين مقتول ومأسور!

فقال له رفاعة البجلي : فإنّك نعم ما رأيت.

وأخذ أهل الشام يتنادون : إنّ الله قد أهلكهم! فأقدموا عليهم فافرغوا منهم قبل الليل.

فأخذوا يقدمون عليهم فقاتلوهم حتّى العشاء قتالا شديدا.

وقام كريب بن زيد الحميري فجمع إليه رجالا من حمير وهمدان في جماعة إن كانت أقل من مئة رجل فقلّما تنقص ، فقال لهم : عباد الله! إنّه قد بلغني أنّ طائفة منكم يريدون أن يرجعوا إلى ما خرجوا منه إلى دنياهم ، وإن هم ركنوا إلى دنياهم رجعوا إلى خطاياهم ؛ فأمّا أنا فو الله لا اوّلي هذا العدوّ ظهري حتّى أرد موارد إخواني ؛ فروحوا إلى ربّكم ، فو الله ما في شيء من الدنيا خلف من رضا الله و «التوبة» إليه. فقالوا له : رأينا مثل رأيك.

٣٢٥

فمضى برايته حتّى دنا من جموع ذي الكلاع الحميري ، فسأل عنهم فأخبروه أنّهم من حمير ، فعرض عليهم الأمان ، فأجاب كريب : إنّا كنا آمنين في الدنيا وإنّما خرجنا نطلب أمان الآخرة! ثمّ قاتلوا حتّى قتلوا رحمهم‌الله.

وكان صخير بن حذيفة المزني من المحرّضين على القتال ، والآن مشى في ثلاثين رجلا من مزينة وقال لهم : لا تهابوا الموت في الله فإنّه لاقيكم ، ولا ترجعوا إلى الدنيا التي خرجتم منها إلى الله فإنّها لا تبقى لكم ، ولا تزهدوا فيما رغبتم فيه من ثواب الله فإنّ ما عند الله خير لكم! فأجابوه فمشى بهم فقاتلوا حتّى قتلوا رحمهم‌الله. ثمّ أمسى المساء وباء أهل الشام بغضب من الله ورسوله إلى معسكرهم (١).

وارتفع رفاعة بالباقين ليلا :

ولمّا أمسى المساء ورجع أهل الشام إلى معسكرهم ، أمر رفاعة أن يدفع كلّ جريح إلى قومه ، ثمّ أمر أبا الجويرية العبدي (البصري) في سبعين فارسا معه أن يستروهم من خلفهم ويحملوا لهم كلّ حمل ساقط. ثمّ أمر بالرحيل ليلة الخامس والعشرين من جمادى الأولى ، فسار بهم الليل كلّه حتّى أصبح في التّنينير على شاطئ الخابور فهنا عبره بهم ثمّ قطع الجسر ، ثمّ قطع سائر الجسور حتّى بلغوا إلى خارج قرقيسياء ، وعلم زفر بن الحارث الكلابي بهم فأرسل إليهم أن أقيموا عندنا ما أحببتم فلكم المواساة والكرامة! فأقاموا ثلاثا ، فأرسل إليهم من لديه من الأطباء! ومن الطعام والعلف مثل ما بعث في المرّة الأولى ، ثمّ زوّدهم بما أحبّوا من الطعام والعلف.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ٦٠٣ ـ ٦٠٤ عن أبي مخنف.

٣٢٦

وأصبح الحصين السكوني فبعث إليهم فوجدهم قد ذهبوا ، فأسرع العودة بجيشه.

وكان المثنّى بن مخرّبة العبدي البصري قد وصل بالثلاثمئة معه إلى قرية صندوداء ، وتقدّمه سعد بن حذيفة بن اليمان بالمئة والسبعين معه إلى بلدة هيت ، فأخبره الأعراب بما لقي التوابون فعاد سعد إلى المثنى في صندوداء فأخبره ، ثمّ أقاموا حتّى دنا منهم رفاعة فاستقبلوه بالسلام والبكاء وأقاموا معهم يوما وليلة يتناعون إخوانهم ويبكونهم ، ثمّ انصرف أهل المدائن إليها ، وأهل البصرة إليها ، وعاد أهل الكوفة إليها.

وكان مروان حيّا ولكنّه كان قد بايع لابنه عبد الملك لما بعده ، فلمّا بلغه خبر مصير «التوابين» صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّ الله قد أهلك من رؤوس أهل العراق ملقح فتنة ورأس ضلالة : سليمان بن صرد! ألا وإنّ السيوف قد تركت رأس المسيّب بن نجبة خذاريف! ألا وقد قتل الله من رؤوسهم رأسين عظيمين ضالّين مضلّين : عبد الله بن سعد أخا الأزد! وعبد الله بن وال أخا بكر بن وائل ؛ فلم يبق بعد هؤلاء أحد عنده دفاع ولا امتناع (١)!

أواخر أخبار مروان :

انصرف مروان من مصر إلى الأردن وعليها حسّان بن بجدل الكلابي خال

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ٦٠٥ ، وهو المصدر المتوفّر على أكثر أخبار التوّابين من كتاب «أخبار التوابين بعين الوردة» لأبي مخنف ، واختصر المسعودي ذكرهم في أربع صفحات وصرّح بالنقل عن كتابه بهذا الاسم ، في مروج الذهب ٣ : ٩٣ ـ ٩٦ ، وأكثر عن الطبري ابن نما الحلّي (ق ٧ ه‍) في رسالته : ذوب النضّار في شرح أخذ الثار. ونقلها المجلسي في بحار الأنوار ٤٥ : ٣٤٦ ـ ٣٨٦ وفيها تخليط.

٣٢٧

يزيد بن معاوية ومعه بنو كلاب ، فلمّا وصل مروان إلى الصّنّبرة (١) بلغه أنّ حسّان بن بجدل لم يزل على بيعة عمرو بن سعيد الأشدق ، فأحضره وقال له : بلغني أنّك بايعت عمرو بن سعيد؟ فأنكر ذلك ، فقال له : فبايع لعبد الملك ثمّ بعده لعبد العزيز بن مروان (٢).

فقال له مالك بن هبيرة اليشكري : إنّه ليست لك في أعناقنا بيعة ، ولا نقاتل إلّا عن عرض الدنيا! فإن تكن لنا على ما كان لنا معاوية ويزيد نصرناك! وإن تكن الأخرى فو الله ما قريش عندنا إلّا سواء.

وكان حسّان رئيس قحطان وسيّدها بالشام ، وكان لهم من الشروط على معاوية وابنه يزيد وابنه معاوية بن يزيد : أن يكون لهم الأمر والنهي وصدر المجلس ، فما يكون من حلّ وعقد إلّا عن مشورتهم ورأي منهم! وأن يفرض لألفي رجل منهم لكلّ رجل ألفين ألفين! وإن مات حسّان قام ابنه أو ابن عمه مقامه! فرضي مروان بذلك ، فانقاد حسّان لمروان (٣)! وقام في الناس ودعاهم إلى بيعة عبد الملك بن مروان بعد مروان وبيعة عبد العزيز بن مروان بعد عبد الملك ، فبايعوهما ولم يخالفه أحد في ذلك (٤).

قال ابن قتيبة : ثمّ لمّا قدم الشام من مصر قال له خالد بن يزيد بن معاوية : اردد إليّ السلاح الذي أخذته. فأبى عليه مروان ، فألحّ خالد عليه ، وكان مروان فاحشا سبّابا فقال له : يابن الرّبوخ! يابن الرّطبة! فعاد خالد إلى امّه وأخبرها

__________________

(١) كذا في اليعقوبي ٢ : ٢٥٧ ، وفي مروج الذهب ٣ : ٨٨ : الصنبرة على ميلين من طبرية من الأردن.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥٧.

(٣) مروج الذهب ٣ : ٨٦.

(٤) مروج الذهب ٣ : ٨٨ ـ ٨٩.

٣٢٨

بما قال له. ثمّ لبث مروان بعد ما قال لخالد ذلك ليالي ثمّ جاء إلى امّ خالد فرقد عندها ، فأمرت جواريها فطوين عليه الدواشك (الفرش) حتّى قتلنه ، ثمّ خرجن يشقّقن جيوبهن ويصرخن : يا أمير المؤمنين (١)!

وقال اليعقوبي : إن خالدا لما أخبرها مغضبا قالت له : والله لا يشرب البارد بعدها! ثمّ صيّرت له سمّا في لبن فلمّا دخل إليها سقته منه. أو : وضعت وسادة على وجهه حتّى قتلته ، قيل : قبل أن يبرح من الصّنّبرة في الأردن ، وقيل : بل بدمشق وبها دفن (٢).

وقال المسعودي : دخل خالد على امّه وشكى إليها ما قاله له وقبّح لها تزوّجها بمروان! فقالت له : لا يعيبك بعدها! فمنهم من قال : إنّها وضعت وسادة على متنفّسه وقعدت عليها حتّى مات ، ومنهم من قال : إنّها أعدّت له لبنا مسموما فلمّا دخل عليها ناولته إياه فشرب ، فلما استقرّ في جوفه وقع يجود بنفسه وأمسك لسانه!

وحضره ولده وفيهم عبد الملك فجعل مروان يشير إلى امّ خالد أنّها قتلته ، وجعلت امّ خالد تقول : بأبي أنت وامي يوصيكم بي! حتّى هلك في أوّل شهر رمضان سنة (٦٥ ه‍) وله ٦٣ سنة (٣) ، وخالفه عمرو بن سعيد الأشدق فشرط له عبد الملك أن لا يقطع شيئا دونه ولا ينفّذ أمرا إلّا بمحضره ، وأن يستخلفه بعده ، فبايعه على ذلك (٤)!

__________________

(١) الإمامة والسياسة ٢ : ١٧.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥٧.

(٣) مروج الذهب ٣ : ٨٩.

(٤) الإمامة والسياسة ٢ : ١٧.

٣٢٩

جيش حبيش إلى المدينة :

قال ابن قتيبة : ثمّ إنّ عبد الملك بعث حبيش بن دلجة القيني في سبعة آلاف رجل إلى المدينة (في حكم ابن الزبير) فدخلها بلا مقاومة حتّى جلس على المنبر الشريف ، فدعا بخبز ولحم! فأكل وهو على المنبر ؛ ثمّ طلب ماء ليتوضّأ ، فتوضّأ وهو على المنبر!

ثمّ أرسل إلى جابر بن عبد الله الأنصاري فدعاه ، فلمّا جيء به إليه قال له : تبايع لعبد الملك أمير المؤمنين بالخلافة ، عليك بذلك عهد الله وميثاقه وأعظم ما أخذ لله على أحد من خلقه بالوفاء ، فإن خالفت فأهرق الله دمك على الضلالة!

فقال له جابر بن عبد الله : إنّك أطوق لذلك منّي! ولكنّي ابايعه على ما بايعت عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الحديبية : على السمع والطاعة. فبايعه.

ثمّ أرسل إلى عبد الله بن عمر فلمّا جيء به قال له : تبايع لعبد الملك أمير المؤمنين على السمع والطاعة؟

فقال ابن عمر : إذا اجتمع الناس عليه بايعت له إن شاء الله. فاقتنع القينيّ منه بذلك.

ثمّ خرج ابن دلجة من يومه ذلك إلى الربذة ، وذلك في رمضان من سنة خمس وستّين.

وكتب ابن الزبير إلى عباس بن سهل الساعدي بالمدينة أن يجهّز الناس ثمّ يسير بهم إلى ابن دلجة وأصحابه ، فسار بهم حتّى لقيهم بالربذة في شهر رمضان.

وكتب ابن الزبير إلى والي البصرة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة أن يمدّ عباس بن سهل بجيش ، فأمدّه بتسعمئة رجل ، فساروا حتّى انتهوا إلى الربذة. فبات أهل المدينة والبصرة ليلتهم يقرؤون القرآن ويصلّون حتّى أصبحوا ، وبات جيش الشام بالخمور والمعازف حتّى أصبحوا ، ثمّ غدوا إلى القتال ، فقتل حبيش

٣٣٠

ومن معه من أهل الشام ، ولجأ خمسمئة منهم إلى جبل عمود بالربذة ، وأحاط بهم عباس بن سهل حتّى ينزلوا على حكمه فنزلوا على حكمه فضرب أعناقهم أجمعين ، وكان فيهم أبو الحجاج يوسف بن الحكم الثقفي (فهربا).

ثمّ رجع ابن سهل إلى المدينة فجدّد البيعة لابن الزبير فبايعوا ، وسار أهل البصرة إلى مكّة ، فبعث ابن الزبير ابنه حمزة بن عبد الله عاملا عليهم وهو شاب فاستحقره أهل البصرة ، فبعث إليهم أخاه مصعب بن الزبير فقال لهم : يا أهل البصرة ، لا يقدم عليكم أحد إلّا لقّبتموه ، وأنا القّب لكم نفسي : أنا القصّاب (١)!

__________________

(١) الإمامة والسياسة ٢ : ١٨ ـ ١٩ ، وذكر اليعقوبي ٢ : ٢٥٦ جيش القيني وقتلهم عامّة ، وقال : وأفلت منهم يوسف الثقفي وابنه الحجاج ، ولكنّه قال : أرسلهم مروان!

٣٣١
٣٣٢

بداية أخبار المختار

٣٣٣
٣٣٤

وحبسوا المختار بعد ابن صرد :

روى الطبري عن أبي مخنف قال : لما خرج سليمان بن صرد إلى الجزيرة (جزيرة ابن عمر ـ الموصل) شعر عمر بن سعد وأصحابه بالشرّ من المختار بعد سليمان ، واجتمع إليه لذلك شبث بن ربعي التميمي ويزيد بن الحارث بن رويم الشيباني واتّفقوا على أن يأتوا الخطمي الأمير الزّبيري على الكوفة فيشيرون عليه بذلك. وأتوا إليه وقالوا له : إنّ سليمان بن صرد إنّما خرج يقاتل عدوّكم ويذلّلهم لكم وقد خرج عن بلادكم. وإنّ المختار أشدّ عليكم من سليمان ، فهو إنّما يريد أن يثب عليكم في مصركم! فسيّروا إليه وخلّدوه في السجن حتّى يستقيم أمر الناس.

وقبل الأميران الزبيريان : عبد الله بن يزيد الخطمي وإبراهيم بن محمّد بن طلحة التيمي مشورة ابن سعد وأصحابه ، ولكنّهم لم يروا إرسال الشرط عليه ، بل خرجوا إليه في جمع من الناس حتّى أحاطوا بداره وطلبوه ، فلمّا خرج إليهم قال له إبراهيم التيمي : يابن عبيد! ما أنت وما يبلغنا عنك؟! قال : أعوذ بالله من غشّ كغشّ أبيك! ما الذي بلغك عني إلّا باطل! فالتفت التيميّ إلى الخطمي وقال له :

٣٣٥

شدّه كتافا ومشّه حافيا! فقال الخطميّ : سبحان الله! ما كنت لأفعل هذا برجل لم يظهر لنا حربا ولا عداوة ، وإنّما أخذناه على الظنّ ، فما كنت لاحفّيه ولا لامشّيه! فأتي ببغلة دهماء ليركبها ، فقال إبراهيم لعبد الله الخطمي : ألا تشدّ عليه القيود؟ فقال : كفى له بالسجن قيدا (١).

هذا ، وقد مرّ الخبر عن حميد بن مسلم الأزدي : أنّه سمع نفرا من أصحاب المختار يقولون : قد كملنا ألفي رجل (٢) وذلك قبل خروج التوّابين من الكوفة. وعاد رفاعة بن شدّاد البجلي بفلول التوّابين إلى الكوفة وإذا بالمختار محبوس (٣).

ونقل أبو مخنف قولا آخر عن أبي زهير العبسي : أنّ المختار لم يحبس قبل وصول فلول التوّابين مع ابن شداد البجلي من عين الوردة ، فكتب إليه يقول : أمّا بعد ، فمرحبا بالعصب الذين أعظم الله لهم الأجر حين انصرفوا ، ورضى انصرافهم حين قفلوا. أما وربّ البنيّة التي بنى ؛ ما خطا خاط منكم خطوة ، ولا ربا ربوة إلّا كان ثواب الله له أعظم من ملك الدنيا. إنّ سليمان قد قضى ما عليه وتوفّاه الله ، فجعل روحه مع أرواح الأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين ، ولم يكن بصاحبكم الذي به تنصرون!

إنّي أنا الأمير المأمور! والأمين المأمون! وأمير الجيش وقاتل الجبّارين ، والمنتقم من أعداء الدين ، والمقيد من الأوتار! فأعدّوا واستعدّوا ، وأبشروا واستبشروا. أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلى الطلب بدماء «أهل البيت» والدفع عن الضعفاء ، وجهاد المحلّين ، والسلام.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٨٠ ـ ٥٨١ عن أبي مخنف.

(٢) المصدر المتقدم : ٥٨٤ عن أبي مخنف.

(٣) المصدر المتقدّم ٥ : ٦٠٥ عن أبي مخنف.

٣٣٦

قال العبسي : وتحدّث الناس بهذا من أمر المختار حتّى بلغ ذلك إلى أميري الكوفة فخرجا في الناس إلى دار المختار فأخذاه وحبساه (١) وهو أولى ممّا مضى.

ويبدو أنّ المختار كان مقيّدا في حبسه بلا منع عن زيارته أحيانا ، وممّن زاره هو حميد بن مسلم الأزدي بعد عودته مع فلول التوّابين ، دخل إليه مع يحيى ابن أبي عيسى قال : فرأيته مقيّدا ، وسمعته يقول : أما وربّ البحار ، والنخيل والأشجار ، والمهامه والقفار ، والملائكة الأبرار ، والمصطفين الأخيار ، لأقتلنّ كلّ جبار بكل لدن خطّار ومهنّد بتّار ، في جموع من الأنصار ... حتّى إذا أقمت عمود الدين ورأبت شعب صدع المسلمين وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت ثار النبيّين ، لم يكبر عليّ زوال الدنيا ، ولم أحفل بالموت إذا أتى!

قال الراوي يحيى : وكنّا كلما زرناه في السجن يردّد علينا هذا القول (٢) فلم يكن ممنوعا عن ذلك! ويكرّر الطبري خبر الكتاب فيقول : جاء بالكتاب سيحان بن عمرو الليثي العبدي وجمع له رفاعة بن شدّاد البجلي وأخاه عبد الله ، وأحمر بن شميط الأحمسي وعبد الله بن كامل ويزيد بن أنس ، وقرأه عليهم ، فاتّفقوا أن يبعثوا إليه ابن كامل وقالوا له : قل له : قد قرأنا كتابك ، ونحن حيث يسرّك ، فإن شئت أن نأتيك حتّى نخرجك فعلنا!

فأتى عبد الله بن كامل إلى المختار في السجن ، فأخبره بما ارسل إليه به. فسرّ المختار باجتماع «الشيعة» له ولكنّه قال له : لا تريدوا هذا ؛ فإنّي أخرج في أيامي هذه (٣) فلم يكن يمنع عنه! بل روى الكلبي عن أبي مخنف : أنّ رفاعة بن

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ٦٠٦ عن أبي مخنف.

(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٥٨١ ـ ٥٨٢ عن أبي مخنف ، ويروي أيضا عنه قريبا منه في ٦ : ٧.

(٣) تاريخ الطبري ٦ : ٧ ـ ٨ ، وسمّى الخبر معهم : سعد بن حذيفة بن اليمان ، ولم يكن معهم في الكوفة بل عاد إلى المدائن ، وكذلك المثنّى العبدي البصري ، وعاد إلى البصرة.

٣٣٧

شدّاد وعبد الله بن شدّاد وأحمر بن شميط الأحمسي ويزيد بن أنس الأسدي والسائب بن مالك الأشعري أخذوا يبايعون الناس للمختار وهو لا يزال في السجن ، فلم يزل يكثر أصحابه ويقوى ويشتدّ أمره (١).

وأطلق المختار بكفالة وتحليف :

ولمرّة ثانية توصّل المختار إلى الخروج من حصار الأشرار بالتوسّل بصهره عبد الله بن عمر زوج اخته صفيّة الثقفيّة ، فكتب إليه : أمّا بعد ، فإنّي قد حبست مظلوما ، وظنّ بي الولاة ظنونا كاذبة! فاكتب فيّ يرحمك الله ـ إلى هذين الظالمين كتابا لطيفا ، عسى الله أن يخلّصني من أيديهما بلطفك وبركتك ويمنك! والسلام عليك. وبعث به مع غلامه زربي.

فكتب عبد الله بن عمر إلى الأميرين الزبيريّين : أمّا بعد ، فقد علمتما الذي بيني وبين المختار بن أبي عبيد من الصهر ، والذي بيني وبينكما من الودّ ؛ فأقسمت عليكما بحقّ ما بيني وبينكما لمّا خلّيتما سبيله ، حين تنظران في كتابي هذا ، والسلام عليكما ورحمة الله.

وعاد زرپيّ غلام المختار إليه بكتاب صهره ابن عمر ، فبعث به إلى الأميرين الزبيريّين ، فلمّا أتاهما كتاب ابن عمر دعوا للمختار بكفلاء يضمنونه ، فأتاهما ناس كثير من أصحاب المختار ، فضمنه عشرة من أشرافهم معروفين وترك سائرهم ، فلمّا ضمنوه دعوا به ، فلمّا احضر حلّفاه بالله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، أن لا يبغيهما غائلة ما كان لهما سلطان! ولا يخرج عليهما! فإن هو فعل ذلك فعليه ألف بدنة ينحرها لدى رتاج الكعبة ،

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ : ٩ عن أبي مخنف.

٣٣٨

وأن يصبح مواليه كلّهم أحرارا إناثا وذكورا ، فحلف لهما بذلك ، ثمّ خرج من عندهما إلى داره.

وسمع يقول : أمّا حلفي لهم بالله ؛ فإنّه إذا حلفت على يمين ثمّ رأيت ما هو خير منها ، فإنّه ينبغي لي أن أدع ما حلفت عليه وآتي الذي هو خير وأكفّر عن يميني ، وخروجي عليهم خير من كفّي عنهم. وأمّا عتق مماليكي ؛ فو الله لوددت أنّه قد استتبّ لي أمري ثمّ لم أملك مملوكا أبدا ، وأمّا هدي ألف بدنة ؛ فهو أهون عليّ من بصقة! وما ثمن ألف بدنة فيهولني!

وأخذت «الشيعة» تختلف إليه وتجتمع عليه حتّى اتّفق رأيهم على الرضا به (١) وذلك قبل شهر رمضان من سنة (٦٥ ه‍).

فدعا ابن الزبير أخاه مصعبا وعبد الله بن المطيع العدوي والحارث بن عبد الله المخزومي ، فبعث أخاه على المدينة ، وابن المطيع العدوي على الكوفة ، والحارث المخزومي على البصرة ، فقدم ابن المطيع العدوي الكوفة يوم الخميس لخمس بقين من شهر رمضان سنة خمس وستين (٢).

أوّل خطبة لابن المطيع في الكوفة :

مرّ في الخبر أنّ ابن مطيع العدوي وصل الكوفة أميرا يوم الخميس ، ففي آخر جمعة من شهر رمضان خطبهم للجمعة فقال لهم : أمّا بعد ؛ فإنّ أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بعثني على مصركم وثغوركم ، وجباية فيئكم ، وأن لا أحمل فضل فيئكم عنكم إلّا برضا منكم ، وبوصيّة عمر بن الخطاب .. وبسيرة عثمان بن عفّان التي سار بها في المسلمين ....

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ : ٨ ـ ٩ عن أبي مخنف.

(٢) تاريخ الطبري ٦ : ٩ ـ ١٠ عن أبي مخنف.

٣٣٩

فأراد أن يقوم إليه يزيد بن أنس الأسدي فسبقه السائب بن مالك الأشعري فقال للعدوي :

أمّا أمر ابن الزبير (كذا بلا لقب لإمرة) إيّاك أن لا تحمل فيئنا عنّا إلّا برضانا ، فإنا نشهدك أنا لا نرضى أن تحمل فيئنا عنّا ، وأن يقسّم إلّا فينا .. وأن لا يسار فينا إلّا بسيرة عليّ بن أبي طالب التي سار بها في بلادنا هذه حتّى هلك «رحمة الله عليه»! ولا حاجة لنا في سيرة عثمان في أنفسنا ولا في فيئنا فإنّها كانت أثرة وهوى! ولا في سيرة عمر بن الخطاب في فيئنا! وإن كانت أهون السيرتين ضرّا علينا!

فقام يزيد بن أنس الأسدي وقال : صدق السائب بن مالك وبرّ! رأينا مثل رأيه وقولنا مثل قوله!

فقال ابن مطيع : نسير فيكم بكلّ سيرة أحببتموها وهويتموها! ثمّ نزل.

وكان ابن مطيع قد اختار لشرطته إياس بن مضارب العجلي ، وأمره بالشدّة على المريب.

فجاء ابن إياس إلى ابن مطيع وقال له : إنّ السائب بن مالك من رؤوس أصحاب المختار.

وإنّ عيوني قد أتوني وأخبروني أنّ أمر المختار قد استجمع له فكأنّه قد وثب بالكوفة ، فلست آمنه ، فابعث إليه فليأتك فإذا جاءك فاحبسه في سجنك حتّى يستقيم أمر الناس (١).

استحضار المختار :

فاستحضر ابن المطيع زائدة بن قدامة الثقفي وضمّ إليه الحسين بن عبد الله

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ : ١٠ ـ ١١ ، عن أبي مخنف.

٣٤٠