أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

المطلب الثالث في العموم والخصوص

(وفيه فصول الاول في الكلام على الفاظ العموم اصل) اختلفوا في ان للعموم صيغة تخصه اولا على اقوال وينبغي التنبيه على امور الاول ان العنوان المذكور يعم ما لو كان اللفظ المذكور موضوعا للعموم او كان العموم من لوازم معناه كما هو كذلك في النكرة المنفية على ما يأتي إن شاء الله ولذا ترى المثبتين مستندين الى قول السيد لعبده لا تضرب احدا كما يأتي من المصنف «ره» وذلك لان الاختصاص اعم الثاني ان الفاظ العموم قد تكون مستقلة في افادة العموم كما في الجمع المحلى على القول بالوضع الجديد فيه وقد يكون افادته اياه بالآلة كما في كل رجل بناء على ان العام هو رجل دون الداخل والظاهر عموم العنوان لهما ايضا فيعم النزاع مثل لفظ كل واجمع وتوابعه كما صرح به المصنف «ره» فيما يأتي إلّا ان المحكي عن العضدي هو اختصاصه بالاول من الالفاظ الخاصة كأسماء الشرط والاستفهام والموصولات

٢٦١

والجمع المعرف والمضاف ومفرديهما والنكرة المنفية الثالث ان العموم في مقام تعلق الحكم على وجوه احدها ان يكون استغراقيا بان يراد بالعام جميع ما اندرج فيه على وجه يكون كل واحد منها مناطا للحكم المتعلق بالعام بحيث يكون لكل امتثال وعصيان استقلالا ثانيها ان يكون مجموعيا بان يراد بالعام جميع ما اندرج فيه على وجه يكون الحكم بالمجموع على وجه يعتبر الوحدة للمتكثرات بحيث لو اخلّ بواحد لما امتثل اصلا ثالثها ان يكون بدليا بأن يكون جميع الجزئيات المندرجة تحت العام مرادا من اللفظ في الجملة لكن على وجه يناط الحكم بواحد منها على سبيل البدلية وهذه الوجوه الثلاثة مشتركة في الدلالة على الاستغراق وحينئذ فنقول العام هو اللفظ المستغرق لما اندرج تحته من الاجزاء او الجزئيات فلا يندرج فيه العشرة اذ ليس كل من الآحاد ملحوظا فيها وانما الملحوظ هناك هو المجموع بما هو المجموع كما هو المفهوم من معنى العشرة فالفرق بين العشرة والعام المجموعي ان كلا من الآحاد ملحوظ في العام المجموعي بالملاحظة الاجمالية إلّا ان الحكم منوط بالمجموع بخلاف اسماء العدد فانه لا يلاحظ فيها الا الكل بما هو الكل ويخرج عنه المثنى ايضا لانه ليس مستغرقا لافراد مفهوم المثنى اذ لا يشمل رجلان كل رجلين رجلين ويخرج الجمع المنكر ايضا لعدم شموله

٢٦٢

للافراد ولا للاجزاء اذ ليس اجزاء الجمع الا الافراد المعتبرة بهيئة الانضمام كاسماء العدد بخلاف العام فان الافراد فيه ملحوظة استقلالا ولو بملاحظة واحدة لا في ضمن الهيئة فتدبر والعام الافرادي هو الذي يكون كل واحد من افراده مرادا من اللفظ استقلالا مثل كل رجل وكل واحد ونحو ذلك والعام المجموعي هو ان يكون المراد منه مجموع الافراد بملاحظة واحدة كلفظ جميع ومجموع فافهم اذا عرفت ذلك فاعلم ان في المسألة اقوالا(الحق) هو ان يقال (ان للعموم في لغة العرب صيغة تخصه) والمراد منه ان في لغة العرب صيغة هي كذلك بحسب الوضع لا غير اي لم يوضع على خلاف ذلك وعلى هذا لو استعلمت في غير العموم يكون مجازا(وهو) اي ما هو الحق عنده (اختار الشيخ والمحقق والعلامة وجمهور المحققين قال السيد وجماعة) انه ليس كذلك يعني (انه ليس له) اي للعموم (لفظ موضوع) بحيث (اذا استعمل في غيره) اي في غير العموم يعني في الخصوص (كان مجازا بل كل ما يدعي من ذلك) اي من الالفاظ الموضوعة للعموم (مشترك) لفظي اذ لم يقل احد بالاشتراك المعنوي هنا ولكن يجوز اعتباره ايضا(بين الخصوص والعموم) لغة(و) لكن (نص السيد على ان تلك الصيغ) التي موضوعة لغة للخصوص والعموم (نقلت في عرف الشرع الى العموم) خاصة(كقوله) في باب الاوامر(بنقل صيغة الامر) عن موضوعه اللغوي اعني

٢٦٣

من الاشتراك بين الوجوب والندب (في عرف الشرعي الى الوجوب) خاصة(وذهب قوم الى ان جميع الصيغ التي يدعي وضعها للعموم حقيقة في الخصوص) اي في الخصوص بالخصوص بحيث لو استعمل في العموم لكان مجازا لان هذا هو محل الكلام في المقام واليه اشار بقوله (وانما يستعمل في العموم مجازا لنا) مضافا الى نص اللغويين عليه في بعض الالفاظ فتأمل (ان السيد) والمولى (اذا قال لعبده لا تضرب احدا فهم) ويتبادر(من اللفظ) اي من قوله لا تضرب الخ (العموم عرفا حتى لو ضرب) العبد(واحد عد مخالفا) وحسن من المولى عقابه (والتبادر دليل الحقيقة) واذا ثبت ذلك عرفا(فيكون كذلك لغة) ايضا(لأصالة عدم النقل كما مرّ مرارا) ونحن بيّنا المراد من اصالة عدم النقل في باب الاوامر فراجع وبالجملة(فالنكرة في سياق النفي) التي هي ايضا داخل في محل النزاع كما اشرنا اليه في مقدمات المسألة(للعموم لا غير) لكن (حقيقة وهو المطلوب وايضا) ان الدليل على المدعى هو انه (لو كان نحو كل وجميع من الالفاظ المدعى عمومها مشتركة بين العموم والخصوص) كما هو مذهب السيد «ره» لكان القائل رأيت الناس الذي هو مشترك بين العموم والخصوص عند الخصم بعد تعقيبه بقوله (كلهم اجمعين مؤكدا للاشتباه وذلك) اي تاكيدا للاشتباه (باطل بيان الملازمة) بين قوله لو كان مشتركا لكان مؤكدا للاشتباه (ان كلا

٢٦٤

واجمعين مشتركة عند القائل باشتراك الصيغ) بين العموم والخصوص لفظا(و) من المعلوم ان (اللفظ الدال على شيء) ففيما نحن فيه ان لفظ الناس الذي هو يدل على العموم والخصوص عند الخصم بالاشتراك اللفظي (يتأكد) هذا الشيء اي المعنى اعني فيما نحن فيه من العموم والخصوص (بتكريره) اي بتكرير اللفظ اعني الناس في المثال المؤكد بتأكيد معنوي (فيلزم) على هذا القول (ان يكون الالتباس) والاشتباه (متأكدا) في المثال المذكور(عند التكرير) بقوله كلهم اجمعين (واما بطلان اللازم) اي كون التأكيد مؤكدا للاشتباه (فلانا نعلم ضرورة ان مقاصد اهل اللغة في ذلك) اي في التكرير والتأكيد(تكثير الايضاح وازالة الاشتباه) لا تأكيد الاشتباه هذا وقد اورد صاحب الفصول «ره» عليه «قدس‌سره» ان تأكيد المبهم بمثله لا يوجب تأكيد ابهامه والتباسه انتهى اراد به فساد قول المصنف «ره» من انه لو كان محتملا بين المعنيين للزم عند التأكيد مؤكدا للاشتباه ووجه الفساد انه من المعلوم اذا اكد لفظ مبهم مثل قوله رأيت عينا عينا في التأكيد اللفظي ورأيت عينا نفسها في المعنوي فلا يكون فيه تأكيد التباس واشتباه قطعا فكذا فيما نحن فيه بناء على مذهب الخصم انتهى بيان مراده «قدس‌سره» ولكنه لا يخلو من الضعف والدغدغة وبيان الضعف ان مراد المصنف «ره» من تاكد الالتباس تأكده في الكلام وتقوّيه بتعدد

٢٦٥

موارده حيث كان قبل ذكر التأكيد في المؤكد وبعده فيهما لا تاكد الالتباس في المؤكد ليرد ذلك (احتج القائلون بالاشتراك) اللفظي اعني السيد ومن تبعه (بوجهين الاول ان الالفاظ التي يدعى وضعها للعموم يستعمل فيه) اي في العموم (تارة وفي الخصوص) تارة(اخرى وظاهر استعمال اللفظ في شيئين) يدل على (انه حقيقة فيهما) اي في الشيئين (وقد سبق مثله) اي مثل هذا الاحتجاج في باب الاوامر في احتجاج السيد «ره» على كون الامر مشتركا بين الوجوب والندب بقوله وظاهر الاستعمال الخ (الثاني انه لو كانت) هذه الالفاظ المدعى وضعها للعموم مختصة(للعموم لعلم ذلك اما بالعقل وهو) اي العلم بانها وضعت للعموم خاصة بسبب العقل (محال اذ لا مجال للعقل بمجرده في الوضع) اي في وضع الالفاظ بل لا بد فيه من النقل (واما بالنقل) وهو على قسمين تارة يكون بالآحاد واخرى بالتواتر(و) اما(الآحاد منه) اي من النقل فهو (لا يفيد اليقين و) اما الثاني اعني التواتر فهو منتف هنا اذ من المعلوم انه (لو كان) الوضع للعموم (متواترا لاستوى الكل فيه) ولا تكون المسألة محل النزاع بين القوم والحال ان التشاجر فيه ظاهر جلي وحجة السيد «ره» على انها منقولة في عرف الشرع الى العموم فقط هو ان العلماء لم يزالوا يحملون تلك الالفاظ على العموم ويستدلون بها عليه نظير ما ذكره في بحث الاوامر(والجواب عن الاول ان مطلق

٢٦٦

الاستعمال) في كل واحد من العموم والخصوص لا يدل على الحقيقة بل هو (اعم من الحقيقة والمجاز و) لكن (العموم هو المتبادر) من هذه الالفاظ(عند الاطلاق وذلك) اي التبادر(آية الحقيقة فيكون في الخصوص مجازا) لا حقيقة كما ادعاه الخصم (اذ هو) اي المجاز(خير من الاشتراك) ووجه كونه خيرا منه ما ذكرناه في باب الاوامر فراجع (حيث لا دليل عليه) اي على الاشتراك اللفظي.

(و) الجواب (عن الثاني) اولا بقلب الدليل عليه ونقول بانه لو كانت مشتركة لعلم اما بالعقل الخ وثانيا بمنع قوله لو كان التواتر موجودا لما يكون فيه خلاف اذ من الممكن ان يكون التواتر بالنسبة الى بعض دون بعض وثالثا بما اجاب المصنف «قدس‌سره» بقوله (منع الحصر فيما ذكر من الاوجه) اعني من الدليل العقلي او النقلي (فان تبادر المعنى) اعني العموم (من اللفظ عند اطلاقه دليل على كونه) اي اللفظ(موضوعا له) اي للعموم (وقد بينا ان المتبادر) من الالفاظ المذكورة(هو العموم) وحاصل مراده «ره» من هذا الجواب هو منع حصر الدليل في العقلي والنقلي اذ قد يكون مركبا من الامرين كالرجوع الى الامارات الدالة على الحقيقة فان العلم بتلك الامارات انما يكون بالنقل والانتقال منها الى المقصود بالعقل ويمكن ان يكون المراد غير هذا وقد ذكرنا بالتفصيل في باب الاوامر فراجع (حجة من ذهب الى ان جميع الصيغ) التي يدعى وضعها للعموم (حقيقة في الخصوص) اي في الخصوص بالخصوص بحيث لو استعمل في العموم لكان مجازا كما اشرنا اليه في اول الباب امران الاول (ان الخصوص

٢٦٧

متيقّن) المراد من تلك الالفاظ حيث استعملت سواء اريد منها الخصوص فقط او في ضمن العموم بخلاف العموم فانه مشكوك الارادة واليه اشار بقوله (لانها) اي تلك الالفاظ(ان كانت) موضوعة(له) اي للخصوص فقط كما هو المطلوب (فمراد) قطعا من دون دخل للعموم فيه (وان كانت) الالفاظ موضوعة(للعموم) فقط(فداخل) اي كان الخصوص حينئذ داخلا(في المراد) الذي هو العموم (وعلى التقديرين) اي على كونها موضوعة للخصوص او العموم (يلزم ثبوته) اي ثبوت الخصوص (بخلاف العموم فانه مشكوك فيه اذ ربما) يقال اكرم العلماء ويراد منه الخصوص فقط واليه اشار بقوله (ويكون في الخصوص فلا يكون العموم مرادا ولا) يكون العموم (داخلا فيه) اي في الخصوص لان الخصوص اضيق دائرة من العموم فانه واسع فكيف يكون داخلا في الاضيق ولما كان الوضع للخصوص مسلما عند الخصم لأحد الامرين ولا بد له من مرجح فالاولى ان يقال انه موضوع للمتيقن المراد فانه اوفق بحكمة الواضع حيث ان غرض الواضع من الوضع التفهيم والى ما ذكرنا اشار بقوله (فجعله حقيقة في الخصوص المتيقن) المراد(اولى من جعله) موضوعا(للعموم المشكوك فيه) وبما قررناه واوضحناه يندفع ما اورده سلطان العلماء «ره» في الحاشية بقوله بانه انما يدل على انه متيقن المراد لا على كونه موضوعا للخصوص فتدبر جيدا والامر الثاني قوله (وايضا اشتهر في الالسن حتى صار مثلا ما من عام إلّا وقد خص منه) وذلك المثل ايضا مخصص في نفس الامر بآية ان الله على كل شيء قدير(و) اما قولنا ما من عام إلّا وقد خص فانما(هو وارد على سبيل المبالغة) لانه لو كان المراد ظاهره لكان كذبا للزوم التخصيص في نفس الامر كما ذكرنا(و) الذي يتراءى من عدم

٢٦٨

تخصيص نادرا كما في آية (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو لا يضر بادعاء العموم اعني ما من عام الخ لانه من باب (الحاق القليل بالعدم) لانه نادر وهو كالمعدوم واذا ثبت ان الخصوص اكثر واغلب من العموم فالامر يدور حينئذ بين كون الالفاظ حقيقة في الاكثر اعني الخصوص او حقيقة في الاقل اعنى العموم (والظاهر يقتضي كونه) اي المذكور من الالفاظ للعموم (حقيقة في الاغلب) اي في الخصوص و (مجازا في الاقل) اي في العموم وبالجملة لا بد من القول به (تقليلا للمجاز) مع كونه خلاف الاصل ولا بد من الحذر عنه بقدر الامكان وهنا لو قيل بالعكس لزم الارتكاب بما هو خلاف الاصل كثيرا(والجواب اما عن الوجه الاول) اي عن قوله ان الخصوص متيقن المراد الخ (فبأنه) اي هذا الاحتجاج من باب (اثبات اللغة بالترجيح) العقلي والرأي (وهو) اي اثبات اللغة بالعقل (غير جائز) لان طريق اثباتها منحصر في النقل اما العقل المحض فلا مدخلية له في اثبات اللغات وملخصه ان ذلك استحسان فلا يكون دليلا على ثبوت الوضع كما لا يخفى وثانيا ان المتيقن على تقدير تسليمه هو الخصوص الذي لا يجوز بعده التخصيص وهو اثنان او ثلاثة او غيرهما على الخلاف في منتهى التخصيص لا مطلق الخصوص وقد اجاب بعض عن هذا الاحتجاج بأنهما اي الخصوص والعموم كلاهما متعارضان وح فلا وجه للتمسك بما قاله الخصم ووجه التعارض هو ان الخصوص وان كان متيقنا لكن العموم الخصم ووجه التعارض هو ان الخصوص وان كان متيقنا لكن العموم احوط يعني انه لو قال يجب عليك اكرام العلماء فهو وان كان العلماء العدول فيه متيقن المراد لكن حمل قول المولى على العموم سواء كان عادلا او فاسقا احوط لئلا يلزم ترك وجوب الاكرام في نفس الامر واليه اشار بقوله (على انه معارض بأن العموم) اي حمل قول المولى في نحو

٢٦٩

اكرم العلماء على العموم (احوط اذ من المحتمل ان يكون) في المثال المذكور(هو) اي العموم (مقصود المتكلم فلو حمل اللفظ) في المثال (على الخصوص) كما ادعاه الخصم (لضاع غيره) اي غير الخصوص (مما يدخل في العموم) في نفس الامر(وهذا) اي ما اجاب البعض عن شبهة الخصم (لا يخلو عن نظر) واشكال ووجهه انه انما يصح في الاوامر الوجوبية والنواهي واما في صورة كون الامر للاباحة فالامر بالعكس فانه لو حمل قولنا كل الطعام على العموم فقد يفضي حينئذ الى تناول الحرام فيكون آثما فتدبر(واما) الجواب (عن الاخير) اي عن قوله اشتهر في الألسن الخ فبوجوه اما اولا(فبان احتياج خروج البعض عنها) اي عن العمومات (الى التخصيص) وهو متعلق للاحتياج (بمخصّص) وهذا متعلق للتخصيص (ظاهر) خبر ان (فى انها) اي الفاظ العموم (للعموم) وحاصله ان الاحتياج الى المخصص قرينة على انها وضعت للعموم ولو لا ذلك لما احتاج ارادة الخصوص منها الى المخصص والقرينة بل لا بد ان يكون المحتاج الى القرينة هو العموم والبداهة تنادي بفساده واما ثانيا فبالمنع من كون الظهور بمجرده يدل على الحقيقة بل هذا دليل على كونها حقيقة في الخصوص لو لا دليل خارجي على الحقيقة في العموم وقد عرفت الدليل عليه واليه اشار بقوله (على ان ظهور كونها حقيقة في الاغلب) اي في الخصوص (انما يكون عند عدم الدليل على انها حقيقة في الاقل) اي في العموم (و) الحال انا(قد بينا قيام الدليل عليه) من ان المتبادر منها هو العموم (هذا) اي قيام الدليل على العموم واضح مضافا الى ما في تمسكهم بالشهرة العامية الغير المفيدة للظن ولو افادت الظن فلا ينفع ايضا لعدم قيام دليل على اعتباره ومقتضى الاصل عدم الحجية واليه اشار بقوله (مع ما في

٢٧٠

التمسك بمثل هذه الشهرة من الوهن) ويرد على المصنف «ره» ان دعوى كون الفاظ العموم في الخصوص مجازا ممنوع لانها مستعملة في العموم دائما وغايته ان الارادة الجدية لم تطابق الارادة الاستعمالية وذلك لا يوجب كونها في الخصوص مجازا كما حقق في محله مستقصى وثانيا فلأن احتياج خروج البعض الى المخصص عند المستدل ليس لظهور العام في العموم كما قال به «قدس‌سره» بل لأن اللفظ عنده موضوع للبعض من غير تعيين ولما كان ذلك البعض محتملا لكل من الابعاض فالتخصيص انما يحتاج اليه لبيان المراد من اللفظ لا لظهورها في الجميع حتى يحتاج الى المخصص والحق فى الجواب ان يقال ان كثرة المجاز من المستعملين لا تعين فعل الواضع وانه وضعه للخصوص ولو سلمناه فانما هو فيما كان الواضع عالما بالعواقب لا مطلقا وتظهر ثمرة الاصل عند عدم القرينة على العموم والخصوص فعلى كونها حقيقة في العموم تحمل عليه قطعا وعلى الخصوص يتوقف حتى يتعين المراد منه بالقرينة.

٢٧١

(اصل) لا اشكال ولا خلاف بين العلماء على ما صرح به غير واحد في ان (الجمع المعرف بالاداة يفيد العموم حيث لا عهد) بل حكى ذلك عن محققي مخالفينا ومخالفة السيد «ره» لهم في ذلك في اصل اللغة كما سمعت في اول الباب لا ينافي موافقته لهم في افادته العموم في الجملة ولو شرعا او يقال بأن دعوى الوفاق من باب عدم الاعتداد بخلافه «قدس‌سره» او ان ارادة نفي الخلاف عند من قال بأن للعموم صيغة تخصه او على ظهوره في العموم لغة عنده ايضا وان كان ذلك بسبب غير الوضع عنده وكيف كان فالحكم في نفسه واضح اذ يشهد له بعد اطباقهم عليه اطلاقات ذلك في العرف وفي كلام اهل اللغة وهل ذلك من جهة وضعه له بخصوصه او انه يفيد من جهة اخرى وعلى الاول فهل الموضوع للعموم هو المركب او ان اللام هي المفيدة له وجوه. والتحقيق انه لا شك ولا ريب في ان لكل واحد من الالفاظ المندرجة تحت واحد من الاقسام الثلاثة الاسم والفعل والحرف وضعا مستقلا خاصا مع قطع النظر عن تركيبه مع غيره بنوع من التراكيب المعهودة بل الفعل ايضا لما تركب من الجزءين الهيئة والمادّة فكل منها وضع على هذه وكذلك المشتقات بأثرها وتمامها وكذلك جميع الملحقات والملحق بها لكل واحد منها وضع مستقل يحصل بانضمامها معنى ثالث وعدم امكان التلفظ بالهيئات مجردة غير مانع من جعلها موضوعة لمعنى العلامة كما في الجمع المكسر او لمعنى

٢٧٢

آخر كما في سائر الهيئات الفعلية والاسماء المشتقة والدليل على ذلك تبادر المعنى الهيئي من نفس الهيئات اذا طرأت على المواد المهملة كما في جسق وجاسق ومجسوق وعلى ذلك كله فاسم الجنس موضوع للماهية الكلية لا بشرط شيء مما يعرض عليها من القيود والمراد بالماهية مدلول جوهر اللفظ مع قطع النظر عن اللواحق وبعبارة اخرى ان الماهية المدلول عليها باسم الجنس جنس واللفظ المذكور اعني رجلا مثلا هو اسم جنس كما قال به المحققون من اهل العربية كالازهري ونجم الائمة والتفتازانى فما عن البعض من وضع اسم الجنس للفرد المنتشر خلاف مقتضى تبادر نفس جنس من اللفظ المجرد او الداخل عليه اللام أو لاء النافية للجنس فالنكرة تدل على الفرد المنتشر لكن هذه الدلالة ليست لوضعها له بوضع واحد جديد بل انما هي لوضع مفرداته من اللفظ الدال على الجنس والتنوين الدال على فرد منه من باب تعدد الدال والمدلول فمعنى وضع النكرة للفرد المنتشر هو ان دلالته عليه وضعية لا ان لها وضعا جديدا والفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس هو ان المأخوذ في مقام الوضع في الاول هو الماهية من دون لحاظ شيء آخر كأسد بخلاف الثاني كاسامة فانه لوحظ فيه حضوره وتعينه في الذهن ولذا يعامل مع الاول معاملة النكرة وبالثاني معاملة المعرفة من وقوعه مبتدأ وموصوفا لشيء معرّف كاسامة المفترسة. وعلى هذا فالفرق بين المعرف بلام الجنس وعلم الجنس هو ان التعريف في الاول بالآلة وفي الثاني بالوضع كذا قيل والتحقيق ان المتبادر من لفظ اسد واسامة معنى واحد وهو الطبيعة بما هي وتعريف اسامة تعريف لفظي كالتأنيث اللفظي في نار وشمس وايضا قد يطلق الجمع المحلى باللام ويراد به العهد الخارجي كأكرم

٢٧٣

هؤلاء الرجال وقد يطلق على العهد الذهني كالآية الشريفة الا المستضعفين من الرجال والنساء فيصح توصيفه بالجملة فيكون العهد ذهنيا لانه في المعنى كالنكرة وقد يجري ايضا احكام المعارف وقد يطلق ويراد به جنس الجمع كقوله والله لا اتزوج الثيبات بل الابكار فالمراد اني لا اتزوج من تلك الجماعة بل من تلك الجماعة وقد يطلق ويراد به الجنس المفرد كقولك فلان يركب الخيل والمراد فرس واحد وقد يطلق ويراد به الاستغراق الجمعي او الافرادي او المجموعي كقوله تعالى (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) اذا عرفت ذلك فاعلم ان اللام لما كانت موضوعة للتعريف في مدخولها ومن المعلوم ان مراتب الجمع مختلفة ولا تعيين فيها بنحو ولو كانت اشارة الى بعض دون بعض لزم الترجيح بلا مرجح ولا يحمل على اقل المراتب ايضا لمساواته لها وعدم تعينها فلا بد حينئذ ان تكون اشارة الى المرتبة العليا لتعينها ثم ان عموم الجمع هل هو افرادي كما صرح به بعض المتأخرين او مجموعي كما قال به بعض والظاهر هو الاول للتبادر ولو لم يكن مستندا الى حاق اللفظ حتى يكون منشأ للتجوز في غيره ثم ان هاهنا مباحثا لا يليق ذكرها بهذا المختصر وتركنا ايضا بعض الاشكالات الواردة على طريقة القوم في التعريف باللام وكيف كان ظهور الجمع المعرف باللام في العموم لم يعلم فيه خلاف كما افاده بقوله (ولا نعرف في ذلك) اي في افادة الجمع المحلى باللام العموم (مخالفا من الاصحاب ومحققوا مخالفينا على هذا) القول (ايضا وربما خالف في ذلك بعض من لا يعتد به منهم) اي من المخالفين (وهو شاذ ضعيف لا التفات اليه) كما اشرنا في طي كلماتنا اليه واوّلنا نحن مخالفة السيد ره بما لا يضر الى دعوى عدم الخلاف والاجماع فراجع ثم اعلم ان دعوى الاجماع لا

٢٧٤

فائدة لها في المقام والعمدة ظهوره في العموم عند العرف والظاهر انه المستند للمجمعين هذا وقد اختلفوا في ان المفرد المعرّف هل هو حقيقة في تعريف الجنس مجاز في غيره من العهد والاستغراق كما عن غير واحد من المتأخرين او حقيقة في الاستغراق مجاز في غيره على حد ساير صيغ العموم كما عن البعض او هو مشترك بينهما لفظا او غير ذلك اقوال والى ذلك اشار بقوله (واما المفرد المعرّف) نحو الرجل مثلا(فذهب جمع من الناس الى انه يفيد العموم) مثل سائر الصيغ الموضوعة للعموم (وعزاه) اي نسبه (المحقق الى الشيخ «ره» وقال قوم بعدم افادته) اي بعدم افادة المفرد المعرّف للعموم مثل سائر الصيغ (واختاره المحقق والعلامة وهو الاقرب) والدليل (لنا) هو (عدم تبادر العموم منه) اي من المفرد المعرّف (و) ايضا(انه لو عم) اي لو دل المفرد المعرف على العموم (لجاز الاستثناء منه) اي من المفرد المذكور(مطردا) وشايعا كما كان في الجمع المعرف (وهو) اي اطراد الاستثناء هنا(منتف قطعا) لقبح رأيت العالم الا النحويين واكرم الرجل الا الفساق ونحو ذلك (احتجوا) اي القائلون بكونه مفيدا للعموم مثل سائر الصيغ (بوجهين احدهما جواز وصفه) اي وصف المفرد المعرف (بالجمع فيما حكاه) اي اتصاف المفرد المعرف بالجمع (البعض) عن الاخفش (من قولهم اهلك الناس الدرهم البيض) جمع الابيض (والدينار الصفر) جمع الاصفر الوجه (الثاني) لهم (صحة الاستثناء منه كما) استثنى (في قوله تعالى (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) واجيب عن الاول) اي عن جواز وصفه بالجمع (بالمنع من دلالته على العموم) بل يدل المفرد المعرّف على الهيئة المجموعية للزوم اتحاد الصفة والموصوف في المعنى (وذلك لان مدلول العام كل فرد) من الافراد(ومدلول الجمع)

٢٧٥

في البيض والصفر(مجموع الافراد) دون كل فرد فرد(وبينهما) اي بين مدلول العام ومدلول الجمع (بون) وفصل (بعيد و) اجيب (عن الثاني) اي عن الاستثناء في قوله تعالى (بانه مجاز لعدم الاطراد) يعني ان استعمال الانسان في العموم في الآية مجاز والاستثناء في الآية قرينة المجازية والدليل على المجازية هو عدم الاطراد لقبح رأيت الرجل الا الفساق (وفي الجواب عن كلا الوجهين نظر اما الاول) اي الجواب الاول عن الخصم (فلأنه مبنى على ان عموم الجمع ليس كعموم المفرد) اي مبنى الجواب على الفرق بين العمومين (وهو) اي الفرق بينهما(خلاف التحقيق كما قرر في موضعه) اي في كتب الاصولية ونحن ايضا قد قررنا في اول الاصل بأن عموم الجمع افرادي بحكم التبادر(واما الثاني) اي النظر في الجواب الثاني عن الخصم اعني قوله بانه مجاز لعدم الاطراد(فلأن الظاهر) هو القول بان المفرد المعرف يفيد العموم في بعض الموارد لا على سبيل الكلية كما هو مراد مدعي العموم ويقال للمجيب (انه لا مجال لانكار افادة المفرد المعرف العموم في بعض الموارد حقيقة) كما في قوله ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا وامثال ذلك (كيف) يكون مجال الانكار(و) الحال ان (دلالة أداة التعريف على الاستغراق حقيقة وكونه) اي الاستغراق (احد معانيها) أي معانى أداة التعريف ومن معانيها الجنس والعهد(مما لا يظهر فيه خلاف بينهم فالكلام حينئذ) اي حين افادة المفرد المعرف العموم في بعض الموارد(انما هو في دلالته) اي في دلالة المفرد المعرف (على العموم مطلقا) اي في جميع الموارد بان يكون وضعه ذلك وحده لا غير(بحيث لو استعمل) المفرد المعرف (في غيره) اي في الخصوص (كان مجازا على حد صيغ العموم التي هذا) اي الاستعمال في غير العموم على سبيل

٢٧٦

المجازية كما في الجمع المحلى باللام (من شأنها) اي من شأن صيغ العموم (ومن البيّن ان هذه الحجة) من مدعي العموم اعني صحة الاستثناء(لا تنهض) ولا تقوم (باثبات ذلك) اي اثبات دلالته على العموم مطلقا(بل انما تثبت المعنى الاول) اي الافادة في بعض الموارد(الذي لا نزاع فيه) واما الاحتجاج بكون المفرد المعرف للعموم بما حكاه البعض عن الاخفش اعني الدرهم البيض والدينار الصفر فيرد عليه اولا انه شاذ نادر وثانيا بعدم صحته وعدم ثبوته وثالثا بمعارضة قولهم انه يستعمل في الجنس ايضا في نحو الرجل خير من المرأة ولو سلم جميع ذلك فيحقق ما ادعيناه من افادته في بعض الموارد العموم مما لا ينكر وهذا كما تراه ظاهر في اشتراك المفرد المعرف لفظا بين الاستغراق والجنس والعهد هذا بناء على ما حققه المصنف «قدس‌سره» والتحقيق في المقام بمقتضى ما قدمناه من الكلام هو ان اللام لما كانت لتعريف المدخول والاشارة اليه وكان المدخول موضوعا لنفس الطبيعة لا بشرط شيء فما لم يقم من الخارج ما يدل على تعيين الطبيعة في ضمن فرد او افراد كان اللفظ ظاهرا في تعريف الجنس بما هو هو واذا دل شيء على اعتبارها في ضمن فرد او افراد كما في العهد او جميع الافراد كالاستثناء حمل على العهد او الاستغراق لا لكونه مجازا بهما اذ لا مجازية اصلا اما في اللام فلوضعه للاشارة الى ما يراد بالمدخول وهو حاصل واما في المدخول فلوضعه للطبيعة لا بشرط فلا تنافي الف شرط اذا كان من باب الاطلاق كما في المقام دون الاستعمال بل لكونه موضوعا لما يعم الثلاثة وحينئذ فالتبادر المدعى مستند الى الاطلاق وانتفاء ما يتعين به العهد او الاستغراق دون الوضع وعدم اطراد الاستثناء انما هو لعدم اطراد افادته العموم وبالتأمل فيما

٢٧٧

ذكرنا تقدر على دفع ما حققه «قدس‌سره» من ان الاستعمال الواقع في كل منها على وجه الحقيقة انما هو لوضع كل من الداخل والمدخول لما يعمها على وجه الاشتراك المعنوي او لكل واحد منها على سبيل الاشتراك اللفظي بل صريح قوله كيف ودلالة أداة التعريف الخ ان الاستغراق مدلول اللام عنده وانها موضوعة بازائه وقد عرفت فساده فتدبر جيدا(فائدة مهمة حيث علمت ان الغرض من نفي دلالة المفرد المعرّف على العموم كونه ليس على حد الصيغ الموضوعة لذلك) يعني قد علمت ان دلالة المفرد المعرف على العموم ليس مثل دلالة الجمع المحلى والنكرة فى سياق النفي (لا عدم افادته) اي المفرد المعرف (اياه) اي العموم (مطلقا) حتى في بعض الموارد وعلمت ايضا ما هو الحق عندنا وبالجملة اذا عرفت ذلك (فاعلم ان القرينة الحالية قائمة في الاحكام الشرعية غالبا على ارادة العموم منه) اي من المفرد المعرف (حيث لا عهد خارجي) يعني ان المفرد المعرف يدل على العموم بحسب القرينة الحالية فيما اذا لم يكن الالف واللام اشارة الى عهد خارجي او ذكري او حضوري (كما في قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)) اي كل فرد فرد من البيع (وحرم الربوا) اي كل فرد فرد(وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء ونظائره) مثل قوله تعالى خلق الله الماء طهورا وامثال ذلك (ووجه قيام القرينة على ذلك) اي على العموم هو انه لا يخلو ما نحن فيه عن امور ثلاثة اما ان يراد من المفرد المعرف الطبيعة من حيث هي او الافراد اما جميعها او بعضها الغير المعين واما البعض المعين والاقسام الثلاثة كلها باطلة اما الاول فمن المعلوم (امتناع ارادة الماهية والحقيقة) من حيث هي مع قطع النظر عن وجودها(اذ الاحكام الشرعية انما تجري على الكليات باعتبار وجودها

٢٧٨

كما علم آنفا) وسابقا في مبحث اجتماع الامر والنهي (وحينئذ) اي حين امتناع ارادة الماهية(فاما ان يراد) الثاني من الاقسام اعني (الوجود الحاصل بجميع الافراد او) يراد الوجود الحاصل (ببعض غير معين لكن ارادة البعض) الغير المعين (ينافي الحكمة) للزوم الاغراء بالجهل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وكذا سائر الموالي العرفية(اذ لا معنى لتحليل بيع) غير معين (من البيوع وتحريم فرد) غير معين (من الربوا وعدم تنجيس مقدار الكر من بعض الماء الى غير ذلك من موارد استعماله) اي استعمال المفرد المعرّف (في الكتاب والسنة) وهكذا لا معنى في قوله تعالى خلق الله الماء طهورا بطهر ماء غير معين وحيث لا دلالة في اللفظ على البعض المعين (فتعين في هذا كله) ان المراد من المفرد المعرّف في قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذا كان الماء الخ هو القسم الثاني من الاقسام المذكورة وبعبارة اخرى ان المعين هو (ارادة الجميع ولم ار احدا تنبه لذلك) اي افادة المفرد المعرف العموم من باب الحكمة(من متقدمي الاصحاب سوى المحقق «ره» فانه قال في آخر هذا المبحث) في كتابه في باب افادة المفرد المعرف العموم (ولو قيل اذا لم يكن ثم معهود وصدر من حكيم) يعني انه لو صدر من المولى الحكيم مفرد معرّف باللام ولم يكن اشارة للعهد باقسامه (فان ذلك) اي الصدور بهذا النحو (قرينة حالية تدل على) كون اللام في المفرد المعرف في الامثال المذكورة اشارة الى (الاستغراق).

وبالجملة لو قيل كذا(لم ينكر ذلك) وحاصل ما ذكره «قدس‌سره» في هذا الباب هو ان اللفظ اما محمول على الجنس فهو باطل لبطلان تعلق الاحكام بالطبائع بما هي او على فرد معين عند المتكلم

٢٧٩

والمخاطب فخلاف الواقع والفرض كما اشرنا اليه واما على الفرد المعين عند المتكلم فقط فاغراء بالجهل واما على فرد غير معين عندهما فهو مناف للمقام لان المقام مقام البيان واما على الاستغراق فهو المطلوب وفيه اولا بمنع عدم تعلق الحكم بالطبيعة لما مر في مبحث الاجتماع من تعلق الاحكام بالطبائع وان كان الغرض ايجادها في الخارج وثانيا منع الاغراء بالجهل في الثالث اذ المقام يقتضي الاجمال فربما يتوهم المخاطب السلب الكلي كأن يتوهم انه لا بيع يكون حلالا فيرد وهمه بان بعض البيوع حلال فلعل تلك الخطابات من هذا الباب إلّا ان يقال بالعلم بكون هذا الحكم مثلا واردا في مقام البيان ومن المعلوم جريان سيرة العقلاء ايضا على الحمل الى مقام البيان لو شك في وقوعه موقع البيان في مثله مما هو مبين من حيث الحكم والموضوع عند العرف فتدبر جيدا والله الهادي.

٢٨٠