أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

اجماعيا فلا وجه لجعله مناطا للبحث ولا نفع في اخذه محل النزاع هذا وفي هذه الحجة نظر اما او لا فلان مجرد الاستبعاد لا يثبت به الحكم الشرعي واما ثانيا فقوله «ره» ان تعلق الأمر بالمسبب نادر ضعيف جدا لورود تعلق الامر بالمسببات كثيرا كالامر بالكون على السطح فانه مسبب عن الصعود والامر بالعتق فانه مسبب عن العقد وهكذا وتنظر صاحب الفصول وصاحب القوانين «ره» ايضا وقالوا ان دعوى الاجماع في نظائر المقام ليست بحجة حيث ان الظاهر منه مجرد الاتفاق لا الاتفاق الكاشف عن قول المعصوم عليه‌السلام او المشتمل عليه وفيه نظر فان المراد من الاجتماع والاتفاق فيما نحن فيه ليس ما ذكراه بل المراد اتفاق ارباب العقول الكاشف عن ثبوت المتفق عليه قطعا نظير ما في كلام بعض اهل المعقول من اجماع ارباب النحل على حدوث العالم بالحدوث الزماني فتأمل هذا في السبب (واما غير السبب) من الشرط وغيره (فالاقرب فيه عندي) ايضا(قول المفصل) من ان ايجاب المشروط لا يدل على ايجاب الشرط مثلا والدليل (لنا انه ليس لصيغة الامر دلالة على ايجابه) اي على ايجاب غير السبب (بواحدة من الثلاث) اعني المطابقة والتضمن والالتزام يعني ان قوله كن على السطح مثلا معناه ليس ايجاب نصب السلم ولا هو جزئه (وهو) اي عدم الدلالة على وجوب المقدمة لفظا(ظاهر) ولما كان مختار المصنف «ره» ملفقا من امرين اعني نفي الدلالة على وجوب المقدمة لفظا ونفي الملازمة له عقلا واثبت الاول بما ذكر اراد اثبات الثاني بقوله (ولا يمتنع تصريح الامر) بذي المقدمة(بانه) اي المقدمة مطلقا

١٢١

شرطا او غيره (غير واجب والاعتبار الصحيح) يعني ان العقل الصحيح (بذلك شاهد ولو كان الامر مقتضيا لوجوبه) اي لو كان وجوب المشروط مثلا مستلزما لوجوب شرطه (لامتنع التصريح بنفيه) اي نفي لزوم الشرط واللازم باطل والملزوم مثله اما الملازمة فبيّنة لان التصريح بالنفي مناقض للحكم باللزوم واما بطلان اللزوم فبحكم العقل الصحيح (احتجوا) اي القائلون بوجوب المقدمة مطلقا اما في السبب فبالاجماع السابق واما في غير السبب فبوجهين اما اولا(فبأنه لو لم يقتض) اي الامر(الوجوب) اي وجوب المقدمة(في غير السبب ايضا) يعني انه يقتضي وجوب غير السبب ايضا ولو لم يقتض (للزم) احد الامرين (اما تكليف ما لا يطاق او خروج الواجب عن كونه واجبا والتالي) اي تكليف ما لا يطاق وخروج الواجب عن كونه واجبا(بقسميه باطل) والمقدم وهو عدم اقتضاء الامر وجوب المقدمة الغير السببي مثله في البطلان (بيان الملازمة انه مع انتفاء الوجوب) عن المقدمة(كما هو المفروض يجوز تركه وحينئذ) اي حين الترك (فان بقي ذلك الواجب) اي وجوب ذي المقدمة(واجبا لزم تكليف ما لا يطاق اذ حصوله) اي حصول المشروط(حال عدم ما يتوقف عليه) اي المقدمة(ممتنع) والتكليف بالممتنع تكليف بما لا يطاق (وان لم يبق) ذو المقدمة(واجبا خرج الواجب المطلق) الذي هو مورد البحث (عن كونه واجبا مطلقا) لان وجوبه اذا زال بزوال مقدمته لزم ان يكون مقيدا بالنسبة اليها والمفروض انه مطلق (وبيان بطلان كل من قسمي اللازم) اعني تكليف ما لا يطاق وخروج الواجب الخ (ظاهر) وواضح واما الثاني فاشار اليه

١٢٢

بقوله (وايضا فان العقلاء لا يرتابون) ولا يشكون (في ذم تارك المقدمة مطلقا) سببا كان او شرطا(وهو) اي ذم العقلاء(دليل الوجوب) اي دليل على وجوب المقدمة مطلقا(والجواب عن الاول) انا نختار الشق الاول من الترديد وهو ان الواجب يبقى على وجوبه عند ترك المقدمة وقلنا(بعد القطع ببقاء الوجوب) اي وجوب ذي المقدمة(ان) الشيء (المقدور كيف يكون ممتنعا) اذ الممتنع هو التكليف بشرط عدم المقدمة لا حال عدم المقدمة مع امكان تحصيلها نظير تكليف الكفار بالفروع حال الكفر وعدم الاسلام الذي هو شرط لصحة عملهم ومقدمة لان الاسلام كان مقدورا لهم ضرورة ثبوت الفرق بين المشروط بشرط الوصف وفي حين الوصف ومحصل الكلام انك قد عرفت سابقا ان محل النزاع هو الوجوب المولوي وإلّا فقد عرفت عدم النزاع في اللابدية العقلية والزام العقل باتيان المقدمة للتوصل الى ذي المقدمة فعلى هذا عدم الوجوب الشرعي لا ربط له بجواز ترك المقدمة عقلا فانه على القول بعدم وجوب المقدمة مولويا لا اشكال في لزوم اتيان المقدمة عقلا ايضا فعليه لا يلزم محذور التكليف بما لا يطاق لدخول اتيان المقدمة تحت اختياره والزام العقل بها وكذا اتيان ذي المقدمة بتوسط المقدمة ومن المعلوم ان عدم الوجوب شرعا غير تحريم المقدمة والمحذور يلزم لو كان اتيان المقدمة حراما والكلام ليس فيه ولم يقل به احد وهذا اوضح من ان يخفى على جاهل فضلا عن عالم ومما ذكرنا يظهر عدم خروج الواجب المطلق عن اطلاقه كما لا يخفى (و) الحال ان (البحث انما هو في المقدور) اذ لا وجوب مع انتفاء القدرة كما يشعر به عنوان الكلام

١٢٣

(وتأثير الايجاب) اي ايجاب المقدمة(في القدرة) اي في القدرة على ذي المقدمة(غير معقول) للزوم الدور وبيانه ان ايجاب المقدمة موقوف على ايجاب ذي المقدمة وايجاب ذي المقدمة موقوف على القدرة عليه فينتج ان ايجاب المقدمة موقوف على القدرة على ذي المقدمة وعلى هذا فلو توقف القدرة عليه اي على ايجاب المقدمة كما يقوله الخصم لزم الدور وللزوم محذور الدور اجاب «قدس‌سره» ان تأثير الايجاب غير معقول هذا وقد اورد ابو الحسين البصري بانه بناء على عدم وجوب المقدمة شرعا يكون تركها جائزا مع ان خطاب الشرع بجواز تركها بعد امره بذي المقدمة قبيح (و) اجاب قدّس سره عنه بانّ (الحكم بجواز الترك هنا عقلي لا شرعي لان الخطاب) اي خطاب الشارع (به) اي بجواز الترك (عبث فلا يقع) العبث (من الحكيم واطلاق القول فيه) اي في جواز الترك بقوله يجوز تركه (يوهم ارادة المعنى الشرعي) كما توهم ابو الحسين (فينكر) ويقال ان خطاب الشارع به عبث (وجواز تحقق الحكم العقلي هاهنا) فقط(دون الشرعي يظهر بالتأمل) ولا يخفى ان مراده «ره» من هذه العبارة محتمل الوجهين احدهما بيان حكم العقل بجواز ترك المقدمة بما هي هي وليس لها وجوب نفسي يوجب بنفسه ترتب العقوبة على مخالفته مضافا الى ترتب العقوبة على مخالفة ذي المقدمة فيحكم العقل مستقلا بعدم وجوب المقدمة بهذا المعنى اي الوجوب النفسي وان كان يحكم بلزوم اتيان المقدمة من باب التوصل الى ذي المقدمة ومعه فحكم الشارع بعدم الوجوب النفسي للمقدمة وتصريحه به عبث لعدم الفائدة في هذا التصريح بل يمكن توهم جواز ترك المقدمة

١٢٤

رأسا لو اطلق الشارع عدم الوجوب بان يقول بالصراحة ان مقدمات الواجب يجوز تركها فيتوهم منه بيان جواز ترك المقدمة مطلقا وعدم وجوب المقدمة غيريا وتبعا ايضا فيخل حينئذ بالغرض وحاصل الكلام بناء على هذا هو انه لا اشكال في حكم العقل بلزوم اتيان المقدمة تبعا وللتوصل بها الى الواجب ويحكم بهذا الوجوب الغيري التبعي الشرع ايضا في متن الواقع ويطابق حكمه حكم العقل في الواقع ولكن تصريح الشارع بخطاب خاص منه على ان المقدمة يجوز تركها نفسا ولا يجوز تركها من باب التوصل الى ذي المقدمة عبث من الشارع لا فائدة فيه لاستقلال العقل به بل يوجب توهم جواز الترك رأسا لو اطلق وقال بانه يجوز ترك المقدمة من غير تقييده بالنفسية ومن المعلوم عدم معقولية جواز الترك رأسا للزوم الاخلال بذي المقدمة وهذا الوجه المحتمل من عبارته «ره» مبنيّ على جعل النزاع في وجوب المقدمة في الوجوب النفسي الموجب مخالفته بنفسه للعقوبة مع الفراغ عن الوجوب الغيرى التبعي المولوي كالفراغ عن اللابدية العقلية فيجعل انكاره «ره» وجوب المقدمة في غير السبب انكارا لوجوبها النفسي لا الغيري التبعي ولكن جعل النزاع في الوجوب النفسي بعيد جدا لما عرفت من ان محل النزاع هو انه هل ثبت الملازمة العقلية بين وجوب ذي المقدمة ووجوب المقدمة بالوجوب الغيري التبعي المولوي او لم يثبت بل ما هو المتعلق للوجوب المولوي هو ذو المقدمة ووجوب اتيان المقدمة انما هو وجوب عقلي من باب اللابدية من غير توجه بعث غيري تبعي ولا ارادة غيرية الى المقدمة من جانب المولى

١٢٥

ثانيهما بيان عدم وجوب المقدمة نفسيا ولا غيريا لان متعلق امر الشارع هو ذو المقدمة وهو المحصل لغرض الشارع ولا يرتبط اتيان المقدمة بالشارع بما هو شارع لان محط نظره ومطلوبه هو نفس ذي المقدمة ولا مطلوبية لمقدماتها للشارع بما هو شارع بل العقل يدرك لزوم اتيان المقدمات من باب توقف ذي المقدمة عليها فلو فرض سؤال العبد من المولى بانك هل اوجبت المقدمات ايضا للتوصل الى ذيها فلا اشكال في ان المولى يقول في جواب العبد أنّي اوجبت لك ذا المقدمة واطلبه منك باي طريق حصل ولزوم اتيان المقدمة انما يحكم به عقلك وليس مربوطا لي بما اني مولى وآمر وهذا واضح جدا وكيف كان فالعقل يستقل بجواز ترك المقدمة بمعنى عدم الوجوب المولوي للمقدمة لا نفسيا ولا غيريا وان كان يحكم بلزوم اتيانها من جهة توقف ذي المقدمة عليها ولكن هذا الحكم عبارة عن ادراك العقل وليس مربوطا بالشارع بما هو شارع لكونه من المقدمات العقلية من غير استتباع للحكم المولوي حتى في متن الواقع ايضا لعدم ملاك لاعمال المولوية فترتب الحكم المولوي على هذا الحكم العقلي لا يمكن لا بالصراحة ولا في الواقع ان قلت ما ذكرت انكار للملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع وقد ثبت ان ما حكم به العقل حكم به الشرع قلت قد ثبت في محله ان قاعدة الملازمة على فرض تسليمها محلها هو المورد القابل لتعلق الحكم الشرعي اليه وقابلية المورد لتعلق الحكم الشرعي يتوقف على وجود ملاك في البين وكيف كان استتباع حكم العقل لحكم الشرع انما يكون في مورد قابل لتعلق الحكم المولوي وإلّا

١٢٦

يستقل به العقل ويكون حجة على العبد من غير استتباع الحكم المولوي لعدم ملاك في البين فعلى هذا يمكن ان يقال فيما نحن فيه ايضا بان العقل يحكم استقلالا بعدم وجوب المقدمة شرعا لا نفسيا ولا غيريا لعدم ارتباط المقدمات بالشارع بل يرشد العقل الى اتيانها من جهة توقف ذي المقدمة عليها وهذا الحكم العقلي لا يكشف عن حكم شرعي واقعي ايضا لعدم وجوب المقدمة لعدم ملاك له فتأمل جيدا فعلى هذا الوجه محل النزاع هو الوجوب الغير المولوي وقد عرفت ان ما يليق ان يبحث عنه هو هذا الوجوب هذا وبالتأمل في بيان الوجه الثاني من المحتملين في عبارة المصنف «ره» يظهر لك ان الحق عدم وجوب المقدمة مطلقا سببا كان او غيره لما عرفت ان ما بعث الشارع اليه وامر العبد به هو نفس ذي المقدمة فالمطلوب ايجاده في الخارج ولكن العقل يحكم بلزوم اتيان مقدماته ليتوصل بها اليه من غير فرق بين السبب وغيره اصلا فتفصيل المصنف «ره» لا يرجع الى محصل وتعرض المولى احيانا باتيان المقدمة كقوله انصب السلّم وكن على السطح هو ايضا ارشاد الى حكم العقل كاوامر الطبيب فلا يتوهم كونه امرا مولويا وقد خرجنا في بسط الكلام عما يقتضيه وضع الكتاب ولكن التعرض بهذا المقدار لدفع اختلاط الامر على بعض الاذهان والتامل بهذا المقدار يوصل المنصف الى المطلوب والله الهادي وهو حسبنا ونعم الوكيل.

(و) الجواب (عن الثاني منع كون الذم على ترك المقدمة وانما هو على ترك الفعل المأمور به حيث لا ينفك) ترك ذي المقدمة(عن تركها)

١٢٧

اي عن ترك المقدمة توضيحه ان ترك الفعل حيث لا ينفك عن ترك المقدمة يقع الذم على ترك الفعل وحده واشتبه عليهم الامر فزعم انه على ترك المقدمة ويظهر ثمرة الاصل في تعدد الثواب والعقاب وعدمه كما اشرنا اليه في المقدمة الخامسة فعلى القول بالاقتضاء يتعدد وعلى عدمه فلا.

«فى اقتضاء الأمر بالشّىء النّهى عن ضدّه»

(اصل) اختلفوا في ان الامر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده على اقوال خمسة احدها نفي الاقتضاء رأسا كما هو مذهب الحاجبي والعضدي والعميدي وجمهور المعتزلة وكثير من الاشاعرة وثانيها الاقتضاء على وجه العينية ثالثها الاقتضاء على وجه التضمن رابعها الالتزام اللفظي خامسها الالتزام المعني ثم ان الضد في اللغة المنافي والمعاند وفي اصطلاح اهل المعقول امر وجودي لا يجتمع مع وجودي آخر في محل واحد وفي زمان واحد والمتناقضان يندرجان تحت الضد اللغوي دون الاصطلاحي لانهما ليسا امرين وجوديين بل احدهما وجودي والآخر عدمي وقول المصنف «قدس‌سره» فيما سيأتي وقد يطلق ويراد به الترك لا يخلو عن اشكال لان الترك امر عدمي والمأخوذ في الضد المصطلح ان يكون وجوديا ولو جعل الترك عبارة

١٢٨

عن الكف عن الفعل لكان حسنا لان هذا امر وجودي إلّا ان يراد من الضد الضد اللغوي اي مطلق المعاند والمنافي وجوديا كان او عدميا وليعلم ان الضد الخاص للمأمور به هو كل واحد من الامور الوجودية المضادة له عقلا او عرفا واما الضد العام فله اطلاقان وقد يطلق على احد الاضداد الوجودية لا على التعيين وهو يرجع الى الاول بل عين الاول في الحقيقة لان الحق في الكلي الطبيعي وجوده في الخارج واتحاده وجودا مع افراده وقد يطلق على الترك اي ترك المأمور به ثم لا يخفى ان جعل النزاع فيما اذا كان المأمور به مضيقا والضد موسعا فلو كانا موسعين فلا نزاع ولو كانا مضيقين فيلاحظ ما هو الاهمّ كما عن صاحب القوانين «ره» خروج عن محل النزاع فان محل البحث بين القوم في مطلق الامر بالشيء سواء كان مضيقا اولا كما اشرنا اليه في خلال كلماتنا فتدبر جيدا

اذا عرفت ذلك فاعلم ان (الحق) ان يقال (ان الامر بالشيء على وجه الايجاب لا يقتضي النهي عن ضده الخاص) وقد ذكرنا المراد منه (لا لفظا ولا معنى) والمراد من الدلالة لفظا الدلالة باحدى الدلالات الثلاث اي المطابقة والتضمن والالتزام ويعبر عنه باللازم البيّن بالمعنى الاخص بحيث يلزم تصوّره من تصور الملزوم والمراد من الاقتضاء معنى ان يجزم العقل بعد تصورهما والنسبة بينهما باللزوم سواء كان بمجرد تصورها من غير حاجة الى الدليل الخارجي ويقال له البين بالمعنى الاعم او بالدليل الخارجي ويقال له الغير البين (واما) الضد(العام فقد يطلق ويراد به احد الاضداد الوجودية لا بعينه) اي لا على

١٢٩

التعيّن (وهو راجع الى الخاص بل هو عينه) اي عين الضد الخاص (في الحقيقة) كما قلنا في مقدمة المبحث مفصلا وحينئذ(فلا يقتضي) الامر بالشيء(النهي عنه) اي عن الضد العام بالمعنى المذكور(ايضا) كما في الضد الخاص المعروف (وقد يطلق) اي الضد العام (ويراد به الترك وعلى هذا) المعنى (يدل الامر على النهي عنه بالتضمن) لا بالمطابقة والالتزام.

(وقد كثر الخلاف في هذا الاصل واضطرب) واختلف (كلامهم في بيان محله) اي محل الخلاف (من المعانى المذكورة للضد فمنهم من جعل النزاع في الضد العام بمعناه المشهور اعني الترك وسكت عن الخاص ومنهم من اطلق لفظ الضد ولم يبيّن المراد منه) اي من الضد أهو خاص او عام (ومنهم من قال ان النزاع انما هو في الضد الخاص.

واما) الضد(العام بمعنى الترك فلا خلاف فيه) اي في دلالة الامر عليه (اذ لو لم يدل الأمر بالشيء على النهي عنه) اي عن الضد العام مثلا يعني لو لم يقتض الامر بالصلاة النهي عن الترك (لخرج الواجب) اي الصلاة مثلا(عن كونه واجبا) لان الواجب لا يجوز تركه هذا.

(وعندي في هذا) اي في قول من قال ان النزاع في الخاص واما العام فلا خلاف فيه (نظر لان النزاع ليس بمنحصر في اثبات) اصل (الاقتضاء ونفيه) بانه هل يقتضي الامر بالشيء النهي عن الضد او لا يقتضي (ليرتفع النزاع في الضد العام باعتبار استلزام نفي الاقتضاء فيه)

١٣٠

اي في الضد العام (خروج الواجب عن كونه واجبا) وببيان اوضح النزاع في الضد على نحوين احدهما النزاع في أصل الاقتضاء بمعنى ان الامر بالشيء هو يقتضي النهي عنه اولا وثانيهما في كيفية الاقتضاء يعني انه بعد الفراغ عن اصل الاقتضاء والبناء عليه انه هل الامر بالشيء عين النهي عنه او جزئه او لازمه اذا عرفت ذلك فاعلم ان النزاع فيما نحن فيه ليس بمنحصر في الاول حتى يلزم من عدم القول بالاقتضاء خروج الواجب عن كونه واجبا(بل الخلاف واقع على القول بالاقتضاء) اي باقتضاء الامر بالشيء النهي عن الضد(في) كيفية الاقتضاء يعني (انه) اي الامر بالشيء(هل هو عينه) اي عين النهي عن الضد(او يستلزمه كما ستسمعه) من ان النزاع في الثاني دون الاول (وهذا النزاع) اي النزاع في الكيفية(ليس ببعيد عن الضد العام بل هو) اي النزاع (اليه) اي الى الضد العام (اقرب ثم ان محصل الخلاف هاهنا) اقوال خمسة قد ذكرناها في اول الاصل توطئة والمصنف «ره» ذكر منها اربعة سيجيء ذكرها ولم يتعرض الى الاول وكان الاول عنده مما لا خلاف فيه كما يشعر به عبارته السابقة وتنظر اليه القوم ونحن ذكرنا القائل منها عند ذكر الاقوال واما الاقوال الاربعة فاحدها(انه ذهب قوم الى ان الامر بالشيء عين النهي عن ضده) لا في اللفظ بل (في المعنى) وسيأتي المراد من العينية عند ذكر الحجة(و) ثانيها انه ذهب (آخرون الى انه) اي الامر بالشيء(يستلزمه) لفظا كما يدل على الدلالة اللفظية حججهم فيما يأتي إلّا انهم لم يصرحوا بالدلالة اللفظية مع كونها مرادة بل (وهم بين مطلق) بصيغة الاسم الفاعل (للاستلزام و)

١٣١

بين (مصرّح بثبوته) اي ثبوت الاستلزام (لفظا و) ثالثها انه (فصل بعضهم فنفى الدلالة لفظا) اي قالوا بانه لا يدل بالدلالة اللفظية(واثبت اللزوم معنى) فقالوا بانه يدل عليه بالالتزام المعنوي وقد ذكرنا المراد من الدلالة اللفظية والمعنوية فراجع (مع تخصيصه لمحل النزاع بالضد الخاص) واما الضد العام فلا نزاع فيه اذ لو لم يدل الامر الخ ورابعها التفصيل بين الضد الخاص والضد العام والقول بعدم الاقتضاء في الاول والاقتضاء في الثاني لكن على نحو التضمن واليه ذهب المصنف «ره» واحتج على الاول بقوله (لنا على عدم الاقتضاء في الخاص لفظا انه لو دل لكانت) الدلالة(واحدة من) الدلالات (الثلاث وكلها منتفية اما) انتفاء(المطابقة فلان مفاد الأمر) اي الذي يدل عليه الامر بالمطابقة(لغة وعرفا هو الوجوب على ما سبق تحقيقه وحقيقة الوجوب ليست إلّا رجحان الفعل مع المنع من الترك وليس هذا معنى النهي عن الضد الخاص ضرورة) وبعبارة اخرى ان مفاد الامر اعني صل مثلا طلب الصلاة مع المنع من الترك ومعنى النهي عن الضد الخاص اعني لا تأكل ولا تشرب مثلا هو النهي عن الاكل والشرب وهذا معنى غير معنى الاول وبينهما بون بعيد ومع هذا كيف يدل عليه (واما) انتفاء(التضمن فلان جزئه) اي جزء الوجوب (هو المنع من الترك ولا ريب في مغايرته للاضداد الوجودية المعبر عنها) اي عن اضداد الوجودية(بالخاص) اي بالضد الخاص (واما) انتفاء(الالتزام فان شرطها) اي شرط الدلالة الالتزامية(اللزوم العقلي) كالبصر والعمى (او العرفي) كالجود والحاتم (ونحن نقطع بان تصور معنى صيغة الامر لا يحصل

١٣٢

منه) اي من هذا التصور(الانتقال الى تصور ضد الخاص فضلا عن النهي عنه) يعنى ان من شرط اللزوم الانتقال من تصور الملزوم الى تصور اللازم كالبصر بالنسبة الى العمى فاذا لم يكن الشرط موجودا لم يكن المشروط اعني الدلالة موجودا ايضا(و) الدليل (لنا على انتفائه) اي انتفاء دلالة الامر على النهي عن ضده الخاص (معنى ما سنبيّنه من ضعف متمسك) بصيغة المفعول (مثبتيه) اي مثبت اللزوم المعنوي في الضد الخاص (وعدم قيام دليل صالح سواه) اي غير متمسك وحجة الخصم (عليه) اي على مدعي الخصم قد يقال ان ضعف متمسك القوم وعدم وجدان دليل آخر عليه لا يدلّ على انتفائه وفيه ان عدم وجدان دليل صالح عليه بعد بذل الوسع فيه ووقوع البحث عنه بين العلماء في مدة مديدة يفيد الوثوق بعدمه (و) الدليل (لنا على الاقتضاء في العام بمعنى الترك ما علم من ان ماهية الوجوب مركبة من امرين احدهما) رجحان الفعل والآخر(المنع من الترك فصيغة الامر الدالة على الوجوب دالة على النهي عن الترك) والمنع عنه (بالتضمن وذلك واضح) لان الامر موضوع للوجوب والوجوب طلب الفعل مع المنع من الترك فينتج ان الامر يدل على المنع من الترك وفيه نظر لانه يستلزم تركب كل واحد من الاحكام الخمسة من الحكمين لان الوجوب حينئذ يتضمن النهي عن الترك الذي يقتضي التحريم والتحريم نهي عن الفعل ويتضمن ايجاب الترك والاباحة مركبة من الاذن في الفعل والاذن في الترك فيكون الاباحة مركبة من الاذنين وهكذا بل الصواب القول بان الاحكام الخمسة بسيطة لا تركب فيها وان الوجوب والاستحباب

١٣٣

عبارتان عن المرتبتين من الطلب ليس إلّا والحرمة والكراهة عبارتان عن المرتبتين من الزجر ليس إلّا والاباحة عن رخصة بسيطة(احتج الذاهب الى انه) اي الامر بالشيء(عين النهي عن الضد) والمراد منه انه عينه بملاحظة ما يتحصل منه في الخارج فان الامر الحاصل من انشاء الامر بحسب الخارج هو الحاصل من انشاء النهي عن ضده وان اختلفا في المفهوم الحاصل منهما في الذهن ضرورة ان المفهوم الحاصل في الذهن من افعل غير ما يحصل من النهي عن ضده غير أنّ المحصل منهما في الخارج امر واحد(بانه لو لم يكن) الامر بالشيء كالحركة(نفسه) اي نفس النهي عن الضد كالسكون (لكان اما مثله) اي مثل النهي عن الضد(او ضده) اي ضد النهي عن الضد(او خلافه) اي خلاف النهي عن الضد(واللازم باقسامه باطل) لا يخفى ان هذه الحجة وان وردت في كلماتهم في مطلق الضد إلّا ان ظاهر سوقها هو الضد الخاص (بيان الملازمة) ان الامر لو لم يكن نفس النهي عن الضد لكان غيره وكلما كان غيره كان اما مثله او ضده او خلافه واذا لم يكن مثله او ضده او خلافه لم يكن غيره واذا لم يكن غيره يكون نفسه وتفصيله (ان كل) شيئين (متغايرين اما ان يكونا متساويين في الصفات النفسية اولا والمراد بالصفة النفسية ما لا يفتقر) ولا يحتاج (اتصاف الذات بها) اي بالصفة والمراد منها الصفات المنتزعة عن نفس الذات مع قطع النظر عن الامور الخارجة عنها المنضمة اليها ومحصله التساوي في الذاتيات (الى تعقل) وتصور(امر زائد) على ذات الموصوف (كالانسانية للانسان) فان الانسانية من الصفات النفسية لان اتصاف الانسان بها لا يحتاج الى

١٣٤

شيء زائد (وتقابلها) اي تقابل الصفة النفسية الصفة(المعنوية) فهي (المفتقرة الى تعقل) وتصور(امر زائد عن) تصور ذات الموضوع وبعبارة اخرى الصفة المعنوية هي التي اذا اتصف الذات بها يحتاج الى تعقل وتصور امر زائد(كالحدوث) للانسان فان اتصاف الانسان بالحدوث يحتاج الى تصور وتعقل انه مسبوق بالعدم ومجرد تصور الذات لا يكفي في اتصافه له (و) هكذا(التحيز له) اي للانسان فان اتصاف الانسان بالتحيز باعتبار كونه جسما وان كل جسم متحيز وعليه (فان تساويا) اي الشيئان المتغايران (فيها) اي في الصفة النفسية فيقال لهما(مثلان كسوادين) فانهما شيئان متغايران لان السواد الذي في ضمن زيد مثلا غير السواد الذي في ضمن عمرو ومع هذا متحدان في الصفة النفسية اعني السوادية(وبياضين) فانهما ايضا شيئان متغايران ومتحدان في الصفة النفسية اعني البياضية(وإلّا) اي وان لم يكونا متساويين في الصفة النفسية فهو على قسمين (فاما ان تنافيا) اي الشيئان (بانفسهما بان يمتنع اجتماعهما في محل واحد بالنظر الى ذاتيهما) اي بان يكون التنافي بينهما بحسب الذات (او لا) يتنافى (فان تنافيا كذلك) اي بانفسهما فيقال لهما(ضدان) والمراد من التضاد ليس المعنى الاصطلاحي وهو التقابل بين امرين وجوديين يمتنع اجتماعهما في محل واحد بل المراد مطلق التقابل فيندرج فيه جميع اقسام المتقابلين اعني المتضايفين وهما ما لا يكون واحد منهما متعقلا إلّا بالقياس الى الآخر كالابوة والبنوة والمتضادين وقد سبق قبيل هذا تعريفهما ومثالهما وتقابل الايجاب والسلب وهو ما كان

١٣٥

احد الطرفين وجوديا والآخر عدميا ولا يكون في العدمي محل قابل للوجود كالسواد واللاسواد ويقال له المتناقضان ايضا وتقابل العدم والملكة وهو ما كان احد الطرفين ايضا وجوديا والآخر عدميا لكن يكون في العدمي محل قابل للوجود وهو على قسمين اما مشهوري كالالتحاء والكوسجية واما حقيقي كالالتحاء والامردية(كالسواد والبياض) فانهما شيئان متغايران بحيث لا يجتمعان في محل واحد وفيهما صفة نفسية اعني السوادية والبياضية ومع هذا ليسا متحدين فيها كما ترى (وإلّا) اي وان لم يتنافيا لذاتيهما بان يكون اجتماعهما في محل واحد جائزا في بعض الموارد دون بعض (فخلافان كالسواد والحلاوة) كما في التمر الاسود والى هنا قد ذكرنا بيان الملازمة(و) اما(وجه انتفاء اللازم باقسامه) الثلاثة من المثلين والضدين مع اقسامه والخلافين فهو (انهما) اي الامر بالشيء والنهي عن الضد(لو كانا ضدين او مثلين لم يجتمعا في محل واحد) اما الضدان فلان عدم الاجتماع معتبر في مفهومهما واما المثلان فلانهما لو اجتمعا لزم ارتفاع الاثنينية(و) الحال ان (هما) اي الامر والنهي عن الضد(مجتمعان ضرورة انه يتحقق في الحركة الامر بها والنهي عن السكون الذي هو) اي السكون (ضدها) اي ضد الحركة(ولو كانا) اي الامر والنهي (خلافين لجاز اجتماع كل واحد منهما) اي الامر والنهي (مع ضد الآخر لان ذلك) اي الاجتماع (حكم الخلافين كاجتماع السواد وهو خلاف الحلاوة) اي مع كونهما من قبيل المتخالفين (مع الحموضة) التي هي ضد الحلاوة وكذا العكس كاجتماع الحلاوة وهو خلاف السواد مع

١٣٦

البياض الذي هو ضد السواد كالسكّر ولو كان الامر والنهي عن الضدّ من قبيل الخلافين (فكان يجوز ان يجتمع الامر بالشيء) اي الامر بالحركة مثلا(مع ضد النهي عن ضده) اي مع السكون الذي هو ضد لا تسكن (وهو الامر بضده ولكن ذلك) اي اجتماع الامر مع ضد النهي عن الضد(محال اما لانهما) اي الامر وضد النهي (نقيضان اذ يعد افعل هذا) اي تحرك مثلا(وافعل ضده) اي اسكن مثلا(امرا متناقضا) والامر بالمتناقضين امر محال وتكليف محال يعني انه لا يجوز الجمع بين متضادين (كما يعد) في العرف زيد(فعله) اي تحرك مثلا وزيد(فعل ضده) اي ضد الحركة الذي هو السكون (خبرا متناقضا) ولا يجوز اجتماع الخبرين المتناقضين في آن واحد(واما) انهما ليسا من قبيل المتناقضين ومن قبيل التكليف المحال بل (لانه) تكليف بالمحال وتكليف بغير المقدور و (تكليف بغير الممكن) كما هو كذلك لانهما ليسا من قبيل المتناقضين (وانه) اي كل واحد من التكليفين (محال) بالضرورة(والجواب ان كان المراد بقولهم ان الامر بالشيء) هذا مقول للقول (طلب لترك ضده على ما هو حاصل المعنى) اي حاصل معنى قولهم ان الامر بالشيء نهي عن ضده (انه) خبر لكان (طلب لفعل ضد ضد الذي) صفة للضد الاول (هو) اي الضد الاول (نفس الفعل المأمور به فالنزاع لفظي لرجوعه) اي لرجوع النزاع (الى تسمية فعل المأمور به تركا لضده) اولا(وتسمية طلبه) اي طلب فعل المأمور به الذي اسمه الامر بالشيء عندنا(نهيا عنه) اي عن ضده ثانيا(وطريق ثبوته) اي ثبوت ما ذكر(النقل لغة) يعني انه لا بد من الرجوع الى اللغة والنظر الى

١٣٧

انه هل ثبت هذه التسمية ام لا(و) من البداهة انه (لم يثبت ولو ثبت) ما ذكر من التسمية(فمحصله ان الامر بالشيء) الذي هو اسم لطلب الفعل المأمور به (له عبارة اخرى كاللاحجيّة) اي اللغز(نحو انت وابن اخت خالتك) والمراد من كلا العبارتين المخاطب لكن بشرط ان لا يكون له اخ ولا لخالته اخت اخرى غير الاخت التي هي ام المخاطب (ومثله لا يليق ان يدون) ويكتب ويجمع (في الكتب العلمية) هذا ولكنه عجيب من المصنف «قدس‌سره» لان الكلام في عينية المفهومين بحسب المصداق كما اشرنا اليه في اول المبحث لا في التسمية اذ لم يدّع احد ان النهي عن الضد له معنى غير معناه المتداول اعني طلب الترك حتى يطالب فيه بالنقل (وان كان المراد) بقولهم ان الامر بالشيء طلب لترك ضده (انه) اي الامر بالشيء(طلب للكف عن ضده) قلنا ان الامر بالشيء والنهي عن الضد من قبيل الخلافين حينئذ لكن (منعنا ما زعموا انه لازم للخلافين وهو اجتماع كل) اي كل واحد من الخلافين (مع ضد الآخر لان الخلافين قد يكونان متلازمين) كوجود النهار وطلوع الشمس فان عدم كونهما من المتماثلين والمتضادين واضح فهما من المتخالفين ويستحيل اجتماع كل منهما مع ضده اذ طلوع الشمس لا يجتمع مع ضد وجود النهار الذي هو الليل وكذا وجود النّهار لا يجتمع مع ضد الطلوع وهو الظلمة(فيستحيل فيهما ذلك) اي اجتماع كل مع الآخر كما عرفت في المثال (اذ اجتماع احد المتلازمين) كالشمس مثلا(مع الشيء) اي مع الظلمة مثلا(يوجب اجتماع الآخر) اي اللازم الآخر وهو الليل (معه) اي مع الشيء والمراد منه ضد الليل وهو

١٣٨

الاشراق (فيلزم) حينئذ(اجتماع كل) من المتلازمين (مع ضده وهو) اي الاجتماع مع ضده (محال وقد يكونان) اي الخلافان (ضدين لامر واحد كالنوم) فانه ضد(للعلم والقدرة) كما ان العلم والقدرة خلافان والنوم ضدهما فاجتماع العلم مع ضد القدرة الذي هو النوم يستلزم اجتماع الضدين العلم والنوم (فاجتماع كل مع ضد الآخر يستلزم اجتماع الضدين) كما عرفت في المثال اذا عرفت ذلك فاعلم ان ما نحن فيه من هذا القبيل فان الامر بالشيء والنهي عن ضده ليسا من المتماثلين والمتضادين بل من المتخالفين ومعه محال ان يجتمع كل منهما مع ضده وهو الامر بضده فافهم (حجة القائلين بالاستلزام) اي حجة القائلين بان دلالة الامر على النهي التزامية(وجهان الاول ان حرمة النقيض) وهو لا يكون إلّا ان يكون منعا من النقيض والمراد من النقيض الترك وحاصله المنع من الترك (جزء من ماهية الوجوب) فان ماهية الوجوب عبارة عن رجحان الفعل مع المنع من الترك وفيه ما مرّ فراجع (فاللفظ الدال على الوجوب يدل على حرمة النقيض) أعني المنع من الترك (بالتضمن) ان قلت ان المدعى هو الاستلزام والحال ان الدليل يفيد التضمن قلنا(واعتذر بعضهم عن اخذ المدعى بالاستلزام واقتضاء الدليل التضمن بان الكل يستلزم الجزء) يعني ان دلالة كل على الجزء التزامي (وهو) اي هذا الجواب (كما ترى) اشارة الى ضعفه لان المراد بالاستلزام في المدعى هو الاستلزام بالمعنى المصطلح والمأخوذ في الاعتذار هو المعنى اللغوي وبينهما بون بعيد وما فهمه مولانا ملا صالح «ره» لا يخلو عن خدشة(واجيب) عن هذا الاحتجاج

١٣٩

(بانهم ان ارادوا بالنقيض الذي هو جزء من ماهية الوجوب الترك) اعني الضد العام (فليس) الضد بهذا المعنى (من محل النزاع في شيء) لان النزاع في الضد الخاص لا في الضد العام والاخراج الواجب عن كونه واجبا كما مر تفصيله (وان ارادوا) من النقيض الضد الخاص اعني (احد الاضداد الوجودية فليس بصحيح اذ مفهوم الوجوب ليس بزائد على رجحان الفعل مع المنع من الترك فاين هو) اي احد الاضداد(من ذاك) اي من مفهوم الوجوب (اذ لا خلاف في ان) اللفظ(الدال على الوجوب دال على المنع من الترك وانت اذا احطت خبرا) اي كنت عالما(بما حكيناه في بيان محل النزاع) في اول الاصل من ان النزاع في كيفية الاقتضاء لا في أصل الاقتضاء(علمت ان هذا الجواب لا يخلو عن نظر) واشكال (الجواز) واحتمال (كون الاحتجاج) المذكور(لاثبات كون الاقتضاء) اي اقتضاء الامر النهي عن الضد(على سبيل الاستلزام في مقابلة من ادعى انه) اي الامر بالشيء(عين النهي) وبعبارة اخرى يحتمل ان يكون الاحتجاج المذكور في كيفية الاقتضاء التي هي محل النزاع (لا على اصل الاقتضاء) فانه خارج عن محل النزاع فانه مجمع عليه على ما زعموا وقد مر الكلام فيه فراجع (وما ذكر في الجواب) من انه لا نزاع فيه وإلّا خرج الواجب عن كونه واجبا(انما يتم) ويصح (على التقدير الثاني) اي على كون الاحتجاج لاثبات اصل الاقتضاء ولما كان هذا الجواب غير مرضي عند المصنف قال (فالتحقيق ان يردد في) الشق الاول من (الجواب) اعني قوله ان ارادوا من النقيض الترك (بين الاحتمالين) أي احتمال كيفية الاقتضاء واحتمال أصل الاقتضاء

١٤٠