أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

لنسبتها الى جعل الشارع ووضعه ثم ان الحكم الوضعي لا يتوهم انحصاره بعدة امور بل كلما جعله الشارع وقرره ولم يكن من قبيل الحكم التكليفي الذي هو عبارة عن البعث والزجر فهو حكم وضعي وانما كان البحث عنها(من حيث كونها عوارض لافعال المكلفين فلا جرم كان موضوعه) اي موضوع علم الفقه (هو أفعال المكلفين) يرد عليه ان كثيرا من مباحث الفقه لا يتعلق بافعال المكلفين كمباحث الميراث سيما اذا كان الوارث والمورث غير مكلف وكذا الاحكام المتعلقة بافعال الاطفال والمجانين كالحكم بفساد عقودهم وايقاعاتهم واستحباب عبادات الصبي المميز بناء على شرعية عباداته والقول بأنها استطراد بعيد جدا(من حيث الاقتضاء والتخيير) وبيان ذلك هو ان الحكم الشرعي المتعلق بافعال المكلفين اما بالاقتضاء او التخيير فالاقتضاء والطلب قد يكون للوجود مع المنع عن النقيض فيكون وجوبا ولا معه فيكون ندبا وقد يكون للعدم مع المنع من النقيض فيكون حراما ولا معه فيكون مكروها والتخيير الاباحة والى هنا بيّنا موضوع علم الفقه (و) اما(مباديه) فهو (ما يتوقف) علم الفقه (عليه) فهو اما(من المقدمات) يقال لها المبادي التصديقية(كالكتاب والسنة والاجماع) ولا يخفى ان ذكر الثلاثة من باب المثال وإلّا فدليل العقل داخل ايضا(و) اما(من التصورات) يقال لها المبادي التصورية(كمعرفة الموضوع) اي موضوع الفقه (واجزائه وجزئياته ومسائله هي المطالب الجزئية المستدل عليها) اي على المطالب (فيه) اي في الفقه وبيانه ان في مثال الصلاة واجبة المسألة هو المحمول اي قوله واجبة من حيث

٢١

لحوقها بالغير وهذا الغير هو الموضوع اي الصلاة ولا بد لهذه المسألة من مقدمات كالكتاب والسنة والاجماع بان يتوقف استدلال هذه المسألة عليها كما تتوقف هذه المسألة بالاستدلال على الكتاب كقوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ولا بد ايضا من تصور نفس الموضوع من انه ما هو ومن تصور اجزائه كركوعها وسجودها مثلا ومن تصور جزئياته كتصور الصلاة اليومية والجمعة والآيات وغيرها(المقصد الثاني في تحقيق مهمات المباحث الاصولية التي هي الاساس لبناء الاحكام الشرعية وفيه) اي في المقصد الثاني (مطالب) لا يخفى ان التعرض للمباحث الاصولية لكونها اساسا للفقه وإلّا فقد قلنا ان المقصود بالذات هو الفقه.

٢٢

المطلب الاول

(في نبذة) اي في قليل ويسير ومختصر(من مباحث الالفاظ تقسيم اللفظ والمعنى ان اتحدا فاما ان يمنع نفس تصور المعنى) وانما قيد بنفس التصور لان من الكليات ما يمنع الشركة بالنظر الى الخارج كمفهوم الواجب الوجود فان الشركة فيه ممتنعة بدليل خارجي اعني البرهان القائم بالوحدانية لكن اذا جرد العقل النظر اليه لم يمنع (من وقوع الشركة فيه وهو الجزئي) كالاعلام فان فيها اللفظ والمعنى متحدان وتصور المعنى مانع من شركة الغير(او لا يمنع) من وقوع الشركة(وهو الكلي ثم الكلي) لا يخلو عن قسمين (اما ان يتساوى معناه في جميع موارده) وافراده من حيث الظهور والخفاء كلفظ من وما على ما قيل في استعمالها واطلاقها لاولي العقل وغير اولي العقل اذ لو لا هذا الاعتبار للزم ان يكون متواطئ الاصولي عين متواطئ المنطقي والحال ان بينهما فرقا واضحا لان المعتبر عند الاصولي التساوي من حيث الظهور والانصراف وعند المنطقي التساوي من حيث الصدق بحيث لا يتفاوت افراده بالاولية والاولوية وغيرهما كما قرر في محله ولو كانت متفاوتا من حيث الظهور والخفاء مثل الانسان فان صدقه على الافراد على السوية وعند الاطلاق ينصرف الى الكامل في الانسانية وكذلك ينصرف عند الاطلاق الى ذي رأس واحد وبعبارة اخرى النسبة بين المتواطئ الاصولي والمنطقي هي

٢٣

العموم والخصوص المطلق لان كل متواط اصولي متواط منطقي مثل من وما بلا عكس فان المتواطي المنطقي ليس متواطيا اصوليا مثل الانسان على ما قلنا ومما تقدم تبين وجه التسمية بالتواطي لانه بمعنى التوافق وهذا يصح على كلا المذهبين ومخالفة الاصولي بالمنطقي فيما ذكر باعتبار ان غرض الاصولي استنباط الحكم من الدليل وهو في الغالب يكون لفظا مثل الكتاب والسنة فلا بد عندهم ان ينظر الى اللفظ في مقام الاستنباط حتى من حيث الخفاء والظهور بخلاف المنطقي فان نظرهم الى المعنى لان موضوع المنطق هو المعرف والحجة وكلاهما من قبيل المعنى ويؤيده قول الشاعر في شعره الفارسي : منطقي در بند بحث لفظ نيست «ليك بحث لفظ او را عارضى است» (وهو المتواطئ او يتفاوت) اي لم يكن متساويا ظهورا وخفاء في جميع الافراد(وهو المشكك) والنسبة بين المشكك الاصولي والمنطقى ايضا عموم مطلق لأن كل مشكك منطقي ما شكك اصولي مثل الوجود فانّه مشكك على كلا المذهبين باعتبار ان صدقه وظهوره ليس متساويا بخلاف العكس فان المشكك الاصولي ليس مشككا منطقيا مثل الانسان فانه مشكك اصولي ومتواط منطقي وانما سمي مشككا لانه يشك الناظر له في انه متواط او مشترك (وان تكثرا) اي اللفظ والمعنى بان كان اللفظ كثيرا والمعنى ايضا كثيرا(فالالفاظ متباينة) قطعا(سواء كانت المعاني) اي معاني هذه الالفاظ المتباينة(متصلة) اي يمكن اجتماعها في محل واحد(كالذات والصفة) مثل زيد وضارب وقائم فان زيدا وضاربا وقائما الفاظ متباينة ومعانيها متصلة يعني حاصلة وموجودة في شخص واحد

٢٤

(ومنفصلة) اي لا يمكن اجتماعها في محل واحد(كالضدين) مثل البياض والسواد فان لفظهما متغايران ومعناهما متغايران ايضا واجتماعهما في شيء واحد محال (وان تكثرت الالفاظ واتحد المعنى) مثل غضنفر واسد وليث فانها متباينة لفظا لكن معناها واحد(فهي مترادفة) اي فيقال لها الفاظ مترادفة(وان) كان بالعكس بان (تكثرت المعاني واتّحد اللّفظ) لكن (من وضع واحد) والمراد من الوضع الواحد هو ما لم ينظر فيه الى الوضع الاول حتى من جهة عدم المناسبة بان كان كل وضع انفراديا وابتدائيا واستقلاليا فعلى هذا المعنى لا ينافي قولهم المشترك ما وضع باوضاع متعددة(فهو المشترك) كلفظ العين فان لفظها واحد ومعانيها كثيرة مثل الذهب والفضة والجارية والباصرة الى غير ذلك (وان اختص الوضع) اي الوضع الابتدائي والانفرادي والاستقلالي (بأحدها) اي باحد المعانى مثل لفظ اسد فان معانيه كثيرة منها الحيوان المفترس والرجل الشجاع لكن لم يوضع اللفظ لكل منهما بل وضع لاحدهما اعني الحيوان المفترس (ثم استعمل في الباقي) اعني في الرجل الشجاع لكن (من غير ان يغلب فيه) اي في المعنى الثاني (فهي الحقيقة) بالنسبة الى المعنى الاول (والمجاز) بالنسبة الى المعنى الثاني (وان) اختص الوضع باحدها ايضا واستعمل في الباقي و (غلب) اي هجر وترك معنى الاول (وكان) هذا(الاستعمال بالمناسبة) للمعنى الاول (فهو المنقول اللغوي) ان كان الناقل من اهل اللغة كلفظ الغائط فانه اسم للارض المنخفضة وقد جعل اسما للحدث المعروف ثم لا يخفى ان المثال بالمنقول اللغوي مجرد فرض ولم يثبت

٢٥

وجوده ولذا تركه جماعة(او الشرعي) ان كان الناقل من اهل الشرع كالصلاة مثلا فانها وضعت اولا للدعاء ثم نقلت في لسان اهل الشرع للاركان المخصوصة(او العرفي) ان كان الناقل من اهل العرف كلفظ الدابة فانها في الاصل موضوعة لكل ما يدب ويتحرك في الارض ثم نقلت في العرف على ذي القوائم الاربعة(وان كان) استعمال اللفظ في المعنى الثاني (بدون المناسبة) بان ينظر الى المعنى الاول فيلاحظ عدم المناسبة بين المعنى الاول والمعنى الثاني (فهو المرتجل) مثل وضع الاعلام هذا على رأي المصنف «قدس‌سره» وقد نوقش فيه وادخلوا المرتجل تحت المشترك فتأمل ثم اعلم ان المرتجل في اصطلاح الاصوليين كيف كان مخالف لاصطلاح النحاة فانه عند النحاة على ما قيل علم لم يسبق استعماله في غير العلمية او سبق وجهل ثم جعل علما وعند الاصولي ما يلاحظ فيه عدم المناسبة بين المعنى الاول والثاني.

٢٦

(اصل لا ريب في وجود الحقيقة اللغوية) بان كان اللفظ عند اهل اللغة موضوعا لمعنى واستعمل فيه كلفظ الحمار في حيوان ناهق وكلفظ الفرس في حيوان صاهل (و) هكذا الحقيقة(العرفية) كلفظ الدابة بالنسبة الى المعنى العرفي كما بيّنا(واما) الحقيقة(الشرعية) وهو ما كان اللفظ حقيقة في معنى عند الشارع تعيينا او تعيّنا وينبغي ان يعلم ان الحيثية معتبرة في الوضع الشرعي فمجرد صدور الوضع منه لا يصير اللفظ حقيقة شرعية كما في الحسن والحسين عليهما‌السلام ما لم يكن المعنى امرا شرعيا ايضا كالصلاة وذلك لان الشارع من اهل العرف ايضا فما لم يعتبر في اوضاعه حيثية الشرع الحقت بالاوضاع العرفية بخلاف اللغوي اذ انحصار جهته في اللغة مغن عن اعتبار تلك الجهة فيه ثم لا يخفى ان المتبادر من الشارع هو جاعل الشرع ومخترعه وهو بهذا المعنى منحصر في الله تعالى شأنه واطلاقه على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» مسامحة نعم يمكن اطلاق لفظ الشارع بمعنى المبيّن عليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» اما مجازا او على الاشتراك اللفظي ولكن لازمه صحة اطلاقه على الائمة عليهم‌السلام بل على العلماء ايضا إلّا ان يقال المراد من بيان الشرع هو بيان مختص بالنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» واتمامه مختص بهم عليهم‌السلام (فقد اختلفوا في اثباتها ونفيها فذهب الى كل فريق وقبل الخوض في الاستدلال لا بد من تحرير) وبيان (محل النزاع فنقول) لا خلاف

٢٧

(ولا نزاع في ان الالفاظ المتداولة على لسان اهل الشرع) والمراد من اهل الشرع هو من يتشرع بشرعنا ويقال له المتشرعة ايضا(المستعملة في خلاف معانيها اللغوية قد صارت حقايق في تلك المعاني) اي في المعاني الجديدة التي هي غير معانيها اللغوية(كاستعمال الصلاة في الافعال) والاركان (المخصوصة بعد وضعها) اي بعد وضع الصلاة(في اللغة للدعاء واستعمال الزكاة في القدر المخرج من المال) كالعشر مثلا في الحنطة(بعد وضعها) اي وضع لفظ الزكاة(في اللغة للنمو واستعمال) لفظ(الحج في اداء المناسك) والعبادات (المخصوصة بعد وضعه) اي بعد وضع لفظ الحج (في اللغة لمطلق المقصد) على شيء(وانما النزاع) والخلاف (في ان صيرورتها) اي صيرورة هذه الالفاظ(كذلك) اي حقايق في تلك المعاني الجديدة(هل هي بوضع الشارع) وقد اسلفنا المراد من الشارع ومعناه (وتعيينه) اي هل هي بتعيين الشارع (اياها) اي هذه الالفاظ(بازاء تلك المعاني) الجديدة(بحيث تدل) هذه الالفاظ(عليها) اي على المعاني الجديدة(بغير قرينة) في لسان الشارع (لتكون حقايق شرعية فيها) اي في المعاني الجديدة(او) ليس كذلك اي بوضع الشارع بل كون الالفاظ حقيقة في المعاني الجديدة(بواسطة غلبة هذه الالفاظ) المذكورة(في المعاني المذكورة) الجديدة(في لسان اهل الشرع) لا في لسان الشارع (وانما استعملها الشارع فيها) اي في المعاني الجديدة(بطريق المجاز) اي مجازا مثل قول الشارع صلوا كما رأيتموني اصلي ثم قام فصلى و (بمعونة القرائن) كما بيّنا(فتكون) ح (حقايق عرفيّة) ومتشرعة(خاصة لا شرعية) ثم لا يخفى انه لا بد في

٢٨

الخلاف من كون الالفاظ هل هي حقيقة شرعية في المعاني الجديدة او لا من ثمرة وإلّا فلا معنى للخلاف المذكور والى هذا المعنى اشار قدس‌سره بقوله (وتظهر ثمرة الخلاف) في ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه (فيما اذا وقعت) هذه الالفاظ(مجردة عن القرائن في كلام الشارع فانها) اي هذه الالفاظ(تحمل على المعاني المذكورة) اي على المعاني الجديدة(بناء على الاول) اي بناء على كون الحقيقة بوضع الشارع وتعيينه (وعلى اللغوية) اي تحمل هذه الالفاظ على المعنى اللغوي (بناء على الثاني) اي بناء على كونها حقيقة في لسان اهل الشرع فقط دون لسان الشارع (واما اذا استعملت) هذه الالفاظ في المعاني الجديدة(في كلام اهل الشرع) دون لسان الشارع (فانها) اي هذه الالفاظ في هذه الصورة(تحمل على) المعنى (الشرعي) الجديد(بغير خلاف) ونزاع (احتج المثبتون) اي القائلون بالحقيقة الشرعية بمقدمات ثلاث المقدمة الاولى ناظرة الى الاستعمال اي استعمال هذه الالفاظ في المعاني الجديدة في قبال قول القاضي ابي بكر الباقلاني الذي هو منكر لهذا الاستعمال رأسا الثانية ناظرة الى كونها حقايق في هذه المعاني الثالثة ناظرة الى شرعيتها وتفصيل ذلك هو ان يقال المقدمة الاولى (بأنّا نقطع) ونجزم (بأنّ) لفظ(الصلاة اسم للركعات المخصوصة) اي مستعمل في هذه الركعات مركبة ومجتمعة(بما فيها) اي مع ما فيها اي في الركعات المخصوصة(من الاقوال والهيئات) هذا تفصيل وبيان للمركبة وإلّا فالركعات المخصوصة هي عين الاقوال والهيئات (وان الزكاة لاداء مال مخصوص) اي مستعمل فيه (و) هكذا(الصيام لا مساك مخصوص

٢٩

والحج لقصد مخصوص) المقدمة الثانية(و) أنّا(نقطع ايضا بسبق هذه المعاني) الجديدة(منها) اي من هذه الالفاظ(الى الفهم) والذهن (عند اطلاقها وذلك) اي سبق المعاني الى الفهم والذهن مجردا عن القرائن (علامة الحقيقة) اي علامة كون الالفاظ المذكورة حقيقة في المعاني الجديدة المقدمة الثالثة(ثم ان هذا) اي سبق هذه المعاني من تلك الالفاظ لم يحصل إلّا بتصرف الشارع) في هذه الالفاظ(ونقله) اي نقل الشارع (لها) اي الالفاظ المذكورة(اليها) اي الى المعاني الجديدة(وهو) اي تصرّف الشارع ونقله (معنى الحقيقة الشرعية و) قد(اورد عليه انه لا يلزم من استعمالها) اي هذه الالفاظ(في غير معانيها) اي في غير معانيها اللغوية(ان تكون) هذه الالفاظ(حقايق شرعية) في المعاني الجديدة(بل يجوز كونها) اي يحتمل كون الالفاظ المذكورة في المعاني الجديدة(مجازات) وفيه ان هذا الاشكال غير وارد بعد ما عرفت المقدمة الثانية والثالثة(و) مع ذلك (رد بوجهين) ايضا(احدهما انه) الضمير للشّأن (ان اريد بمجازيتها) اي بمجازية هذه الالفاظ في المعاني الجديدة(ان الشارع استعملها) اي هذه الالفاظ(في غير معانيها) اللغوية يعني في المعاني الشرعية لكن (بالمناسبة للمعنى اللغوي ولم يكن ذلك) اي المعاني الجديدة(معهودا) ومعلوما(من اهل اللغة) يعني ان اهل اللغة لم يعلموا هذه المعاني (ثم) بعد استعمال الشارع (اشتهر) هذه الالفاظ في المعاني الشرعية(فأفاد بغير قرينة فذلك) المعنى الذي اريد من مجازيتها هو (معنى الحقيقة الشرعية وقد ثبت المدعى) اي كونها حقيقة شرعية(وان اريد بالمجازية)

٣٠

اي مجازية هذه الالفاظ في المعاني الجديدة(ان اهل اللغة استعملوها) اي الالفاظ المذكورة(في هذه المعاني) الجديدة(و) لكن (الشارع تبعهم) اي اهل اللغة(فيه) اي في هذا الاستعمال (فهو خلاف الظاهر لانها) اي المعاني الجديدة(معان حدثت) في زمن النبي «ص» (ولم تكن اهل اللغة يعرفونها) اي المعاني الجديدة(و) الحال ان (استعمال اللفظ في المعنى فرع معرفته) اي معرفة المعنى يعني انه لا بد اولا من معرفة المعنى ثم استعمال اللفظ فيه والحال ان اهل اللغة لم يعرفوه حتى يستعملوه (وثانيهما) اي ثاني الوجهين (ان هذه المعاني) الجديدة(تفهم من الالفاظ عند الاطلاق بغير قرينة ولو كانت) هذه الالفاظ(مجازات لغوية لما فهمت) هذه المعاني من تلك الالفاظ إلّا بالقرينة مع انها مفهومة منها مجردة عن القرائن (وفي كلا هذين الوجهين مع اصل الحجة) اي احتجاج المثبتين (بحث) واشكال (اما) البحث والاشكال (في الحجة فلأنّ) ما قاله المثبتون في الاحتجاج بتلخيص منا اعني (دعوى كونها) اي الالفاظ المذكورة(اسماء لمعانيها الشرعية لسبقها) اي المعاني (منها) اي من الالفاظ(الى الفهم) والذهن (عند اطلاقها) اي اطلاق الالفاظ(ان كانت هذه الدعوى بالنسبة الى اطلاق الشارع فهي) اي دعوى تبادرها في لسان الشارع (ممنوعة) لانها عين المتنازع فيه واول الكلام لأنّا لم نسمع اقوال الشارع ولم يصرح بنا ما يتكلم به الشارع (وان كانت) دعوى تبادر المعاني الجديدة(بالنظر الى اطلاق اهل الشرع) يعني ان اهل الشرع اذا تلفظوا وتكلموا بالالفاظ المذكورة يتبادر المعاني الجديدة منها(فالذي يلزم ح) اي حين تبادر المعاني في

٣١

اطلاق اهل الشرع (هو كونها) اي الالفاظ المذكورة(حقايق عرفية لهم) اي لأهل الشرع (لا حقايق شرعية) التي هي محل الكلام (واما) الاشكال (في الوجه الاول) من الوجهين (فلانّ قوله) اي قول المستشكل (فذلك معنى الحقيقة الشرعية ممنوع اذ) من الواضحات ان (الاشتهار والافادة بغير قرينة) الذي ادعاه المجيب والمستشكل (انما هو) اي الاشتهار(في عرف اهل الشرع لا في اطلاق الشارع فهي ح) اي حين الاشتهار لكن في عرف اهل الشرع يكون (حقيقة عرفية لهم) اي لاهل الشرع (لا شرعية) والحال ان كلامنا فيها(واما) الاشكال (في الوجه الثاني) من الوجهين (فلما اوردناه على الحجة) اي على احتجاج المثبتين وبيانه ان يقال (من ان السبق) اي سبق المعاني الجديدة(الى الفهم بغير قرينة انما هو بالنسبة الى) اهل الشرع و (المتشرعة) ايضا(لا) بالنسبة(الى الشارع) وح تكون حقيقة متشرعة في هذه المعاني الجديدة لا حقيقة شرعية(حجة النافين) للحقيقة الشرعية(وجهان) الوجه (الاول انه لو ثبت نقل الشارع هذه الالفاظ) المذكورة من معانيها اللغوية(الى غير معانيها اللغوية لفهمها) اي المعاني (المخاطبين بها) اي بالالفاظ(حيث انهم) اي المخاطبين (مكلفون بما) اي بالمعاني التي (تتضمنه) اي تتضمن الالفاظ المذكورة(ولا ريب ان الفهم) والتفهيم (شرط التكليف ولو فهّمهم اياها) اي لو فهّم الشارع المخاطبين المعاني المذكورة(لنقل ذلك) اي النقل والتفهيم (الينا) ايضا(لمشاركتنا لهم في التكليف ولو نقل) فلا يخلو عن قسمين (فاما) ان يكون النقل (بالتواتر او بالآحاد) ويأتي تعريفهما في اواخر الكتاب

٣٢

ان شاء الله تعالى (والاول) اي التواتر(لم يوجد قطعا وإلّا لما وقع الخلاف فيه) اي في ثبوت الحقيقة الشرعية واورد عليه ان وجود التواتر لا يستلزم عدم الخلاف لجواز ان يوجد التواتر بالنسبة الى طائفة دون اخرى واجيب بانّا نجعل البحث وننقل الكلام في الطائفة التي لم يوجد التواتر عندهم فافهم (والثاني) اي الخبر الواحد(لا يفيد العلم) وفيه انه على تقدير وجوده وان لا يفيد العلم في نفسه إلّا انه قد قام الدليل على حجية قول الثقة كما يأتي في محله وان قلتم ان حجية قول الثقة الجامع للشرائط مقصورة على المسائل الفرعية ففيه ان اخباره اذا استند الى الحس او الى ما يرجع الى الحس كالاخبار عن العدالة ونحوها يكون حجة مطلقا من غير فرق بين المسألة الفرعية وغيرها وان اشترط في باب الشهادة حجية قول العدل بانضمام عدل آخر ونحوه على تفصيل في محله نعم لا اعتناء بالظن في اصول الدين ولا بد فيها من تحصيل اليقين ودعوى عدم حجية قول الثقة في اصول الفقه كما يظهر من بعض العبارات مدفوعة بعموم دليل حجية الثقة للمسائل الاصولية ايضا وليس مجرد اشتراك اصول الفقه مع اصول الدين في التسمية واطلاق لفظ الاصول عليهما منشأ لاشتراكهما في الحكم فقياس اصول الفقه على اصول الدين قياس مع الفارق وكيف كان لا معنى لكلام المستدل في المقام بقوله والثاني لا يفيد العلم لما عرفت من حجية الخبر الواحد الجامع للشرائط على تقدير وجوده في غير اصول الدين مطلقا والمناط وجود الحجة في البين ولو لم يحصل العلم (على ان العادة) الجار يتعلق بافعال العموم وهو

٣٣

خبر على التحقيق لمبتدا محذوف تقديره والتحقيق ثابت على ان الخ (تقتضي في مثله) اي في مثل ما نحن فيه الذي كان محل الابتلاء وكثير الحاجة(بالتواتر) ولا يكفي الخبر الواحد المفيد للظن (الوجه الثاني) من حجة النافين (انها لو كانت) هذه الالفاظ(حقايق شرعية لكانت غير عربية واللازم) اي كونها غير عربية(باطل فالملزوم) اعني كونها حقايق شرعية(مثله) اي مثل اللازم في البطلان (بيان الملازمة) واثباتها هو ان يقال (ان اختصاص الالفاظ باللغات) اي اختصاص لفظ الصلاة والزكاة وغيرهما بالعربية واختصاص الالفاظ الفارسية بالفارسية والتركية بالتركية(انما هو) اي الاختصاص (بحسب دلالتها) اي دلالة هذه الالفاظ(بالوضع) اي بسبب وضع الواضع (فيها) اي في اللغات يعني انها تابعة لواضعها فان كان واضع الالفاظ عربا فالالفاظ عربية وان كان فارسا فالفارسية وان كان تركا فالتركية قيل ان واضع لغة العرب هو يعرب ابن قحطان وواضع لغة الفارس فارس بن سام بن نوح وواضع لغة الترك ترك بن يافث بن نوح وهذا القول خلاف التحقيق والتفصيل موكول الى محله وفيما نحن فيه (العرب) اي واضع الالفاظ العربية اعني يعرب بن قحطان على ما قيل (لم يضعها) اي الالفاظ المذكورة في ازاء المعاني الجديدة(لانه المفروض) اي عدم وضع العرب هو المفروض لان الفرض في اثبات الحقيقة الشرعية وهي لا تكون الا بوضع الشارع ان قلت ان الشارع ايضا عرب قلت نعم إلّا انه ليس واضع الالفاظ العربية واذا لم يكن الوضع من واضع الالفاظ العربية(فلا تكون) الالفاظ المذكورة(عربية) ان قلت فما المانع من

٣٤

بطلان اللازم اعني كونها غير عربية وثبوت الحقيقة الشرعية في الالفاظ المذكورة قلت (واما) المانع من (بطلان اللازم فلانّه يلزم) بناء على وضع الشارع وثبوت الحقيقة الشرعية(ان لا يكون القرآن عربيا لاشتماله) اي لاشتمال القرآن (عليها) اي على الالفاظ المذكورة ان قلت ان بعضه عربي وعربية القرآن بالنسبة الى هذا البعض قلت (وما بعضه خاصة عربي لا يكون عربيا كله) مع ان المعتبر في عربية القرآن هو كون القرآن كله عربيا(و) وجه ذلك انه (قد قال الله سبحانه انا انزلناه قرآنا عربيا واجيب عن الاول) اي عن اول وجه النافين (بان فهمها) اي المعاني الجديدة(لهم) اي المخاطبين بالصراحة(و) فهم (لنا) ايضا لكن لا بالصراحة بل (باعتبار الترديد) والارجاع (بالقرائن) اي بالقرائن المفهمة للمعنى الحقيقي وليس المراد القرينة الصارفة اي قرينة المجاز(كالاطفال يتعلمون اللغات) اي يتعلمون اللغات العربية والفارسية مثلا(من غير ان يصرح لهم) اي من دون تصريح للاطفال (بوضع اللفظ للمعنى) بان يقال للاطفال اعلموا ان هذا اللفظ وضع لهذا المعنى (اذ هو) اي التصريح (ممتنع بالنسبة الى من) اي للاطفال الذين (لا يعلم شيئا من الالفاظ) يعني ان لفظ الفلاني وضع لازاء معنى الفلاني (وهذا) اي الارجاع بالقرائن (طريق قطعي لا ينكر فان عنيتم بالتفهيم وبالنقل ما) اي معنى (يتناول) ويشمل (هذا) اي الارجاع الى القرائن (منعنا) ح (بطلان اللازم) اي عدم التفهيم رأسا ولو باعتبار الترديد بالقرائن (وان عنيتم به) اي بالتفهيم وبالنقل (التصريح بوضع اللفظ للمعنى) يعني ان يكون ثبوت الحقيقة الشرعية منوطا على تصريح

٣٥

الشارع بانّي وضعت هذه الالفاظ بازاء المعاني الجديدة لا غير(منعنا الملازمة) بين نقل الشارع وتصريحه بل له ان ينقل اللفظ من المعنى الاول الى المعنى الثاني ووضعه له لكن التفهيم يكون بالارجاع الى القرائن (و) اجيب (عن الثاني بالمنع من كونها) اي الالفاظ المذكورة(غير عربية) بل كلها عربية(كيف) لا تكون عربية والحال انه (قد جعلها) اي الالفاظ المذكورة(الشارع حقايق شرعيّة في تلك المعاني) يعني ان الشارع بعنوان انّه الشارع وضعها للمعاني الجديدة اما بالوضع التّعييني او التّعيني فعلى هذا تكون حقائق شرعية بلا كلام واما الدليل على عربيتها فانها(مجازات لغوية) اي مجازات عند اهل اللغة وإلّا فهي عند الشارع حقيقة من جهة وضعه واستعماله (في المعنى اللغوي) اي مجازيتها بالنسبة الى المعنى اللغوي الذي كان في الالفاظ المذكورة واذا ثبت مجازيتها ثبت عربيتها ايضا(فان المجازات الحادثة) في اللغة العربية(عربية) وتوضيحه كما ان الحقائق تنسب الى واضعها فان كان الواضع عربا فتكون الالفاظ عربية الى آخر ما ذكرنا سابقا وهكذا المجازات تنسب الى واضعها فان كان واضع المجازات عربا تتصف الالفاظ بالعربية وهكذا فان فيها ايضا وضعا لكن وضعا نوعيا بمعنى ان الواضع اجاز استعمال الالفاظ التي وضعت للمعاني اللغوية في المعاني التي لها مناسبة للمعنى اللغوي (وان لم يصرح العرب بآحادها) اي بآحاد المجازات فردا بعد فرد بل جوّز الواضع الاستعمال بعد ملاحظة العلاقة كالعلاقة الموجودة بين اللازم والملزوم والحال والمحل والسبب والمسبب الى غير ذلك وهذا

٣٦

المقدار من الرخصة كاف في صحة الاستعمال والاتصاف بالعربية وذلك (لدلالة الاستقراء) والتتبع من موارد الاستعمالات على (تجويزهم نوعها) اي نوع المجازات (ومع التنزل) والقبول بان الالفاظ المذكورة غير عربية واما الاشكال من انه يلزم ح كون القرآن غير عربي فنقول في جوابه انّا(نمنع كون القرآن كله) وتمامه (عربيا و) اما(الضمير في انا انزلناه) فهو راجع للسورة وتذكير الضمير بتأويل السورة الى المنزّل او المذكور او المقروء او البعض المعهود وفيه نظر بملاحظة الآيات الأخر الّتي في هذه السّورة لذكر كلمة يوسف فيها وهو عجمي ثم لا يخفى ان القرآن له اطلاقان فانه قد يطلق على القرآن كله (وقد يطلق القرآن على السورة وعلى الآية فان قيل يصدق على كل سورة وآية انها بعض القرآن) قطعا(وبعض الشيء لا يصدق عليه انه نفس ذلك الشيء) يعني يقال للسورة والآية عرفا انها بعض من القرآن ومع ذلك لا يقال انها قرآن كيد زيد مثلا يقال عليه انه بعض من زيد ولا يقال انه زيد(قلنا) في جوابه (هذا) اي عدم صدق الكل على البعض (انما يكون فيما لم يشارك البعض الكل في مفهوم الاسم كالعشرة فانها اسم لمجموع الآحاد المخصوصة فلا يصدق) لفظ العشرة(على البعض) اي على بعض من العشرة باعتبار عدم مشاركة الكل للبعض في مفهوم العشرة(بخلاف نحو الماء فانه اسم للجسم البسيط البارد الرطب بالطبع فيصدق) اي لفظ الماء باعتبار هذا المعنى (على الكل) اي على جميع المياه (وعلى اي بعض فرض منه فيقال) مثلا هذا البحر الذي هو جزء من المياه (ماء) من دون ذكر البعض (و) ح يراد(بالماء مفهومه الكلي) اي انه اسم للجسم

٣٧

البسيط البارد الرطب بالطبع (و) تارة(يقال انه) اي البحر(بعض الماء) ولكن (يراد) ح (به) اي من الماء(مجموع المياه الذي هو) اي المجموع (احد جزئيات ذلك المفهوم) والبحر بعض وجزء من مجموع المياه (والقرآن) فيما نحن فيه (من هذا القبيل) اي من قبيل الماء(فيصدق على السورة انها قرآن وبعض من القرآن بالاعتبارين) اي باعتبار المجموع والمفهوم يعني يقال ان هذه السورة بعض القرآن باعتبار ان القرآن هو جميع ما انزل من الله تعالى الى رسوله وهذه السورة بعضه ويقال ايضا ان هذه السورة قرآن باعتبار معناه الكلي وهو ما انزل من الله تعالى الى رسوله جميعا كان او سورة او آية ثم لا يخفى ان هذا الاشكال والجواب كلاهما في صورة كون القرآن موضوعا بالاشتراك المعنوي وحاصله ان المستشكل توهم بانّ القرآن من قبيل العشرة واستشكل ان السورة يصدق عليها بعض القرآن ولا يصدق عليها انها قرآن واجاب المصنف قدس‌سره انه ليس من هذا الباب بل من باب الماء على ما فصّل ثم بعد هذا الجواب اراد ان يجيب بنحو الاشتراك اللفظي وهو القول بأن القرآن موضوع تارة للمجموع الشخصي واخرى لكل سورة وآية وانما الاشكال وارد بملاحظة الوضع الاول وبعبارة اخرى على اول الوضعين يصح القول بانّ السورة بعض القرآن ولا يطلق عليه القرآن واما على ثاني الوضعين الذي هو المفهوم من العبارة الآتية وهو القول بانّه موضوع لكل سورة وآية فلا يرد الاشكال لانه يصح على هذا الاعتبار اطلاق القرآن عليه قطعا واليه اشار بقوله (على انّا نقول ان

٣٨

القرآن قد وضع بحسب الاشتراك) اللفظي (للمجموع الشخصي وضعا آخر فيصح بهذا الاعتبار ان يقال السورة بعض القرآن اذا عرفت هذا) اي اذا عرفت الجواب عن حجة النافين كما عن حجة المثبتين (فقد ظهر لك ضعف الحجتين) اي حجة المثبتين والنافين (والتحقيق) في المقام (ان يقال) انه (لا ريب في وضع هذه الالفاظ) المذكورة(للمعاني اللغوية وكونها) اي كون الالفاظ المذكورة(حقايق فيها) اي في المعاني اللغوية(لغة) اي عند اهل اللغة(ولم يعلم من حال الشارع إلّا انه استعملها) اي الالفاظ(في المعاني المذكورة) وهذا الاستعمال اي استعمال الشارع لا يخلو عن احتمالات ثلاث (اما كون ذلك الاستعمال بطريق النقل) والوضع فيكون ح حقيقة شرعية تعيينيا من باب التفعيل (او انه غلب) استعمال الالفاظ في المعاني الجديدة(في زمانه) اي في زمان الشارع (واشتهر حتى افاد بغير قرينة) ليكون ح حقيقة شرعية ايضا لكن تعينيّا من باب التّفعل (فليس) واحد من الاحتمالين (بمعلوم) حتى يثبت الحقيقة الشرعية(لجواز) احتمال ثالث وهو (الاستناد) اي استناد الشارع (في فهم) اهل زمانه (المراد منها) اي من الالفاظ(الى القرائن الحالية او المقالية) بان اطلق الشارع الالفاظ المذكورة واراد منها المعنى المجازي اعتمادا الى القرائن غايته انها لم تصل الينا وح اي حين احتمال ثالث (فلا يبقى لنا وثوق بالافادة مطلقا) اي في صورة عدم القرينة(وبدون ذلك) اي بدون الوثوق (لا يثبت المطلوب) اي الحمل على المعاني الشرعية في الالفاظ المجردة عن القرائن واذا علمت انها حقايق في المعاني اللغوية واستعملها الشارع ايضا في المعاني الجديدة

٣٩

لكن مع الشك في كيفية استعمالها هل هو بطريق النقل اولا بل الاستعمال فيها مجازا فاصالة عدم النقل يقتضي ح عدم النقل ومع هذا لا يثبت الحقيقة الشرعية والى هذا اشار بقوله اخذا للنتيجة(فالترجيح لمذهب النافين) يعني ان الراجح هو مذهب النافين عملا باصالة عدم النقل الى زمان ثبوت النقل (وان كان المنقول من دليلهم) اي من دليل النافين كما عرفت (مشاركا في الضعف لدليل المثبتين) يعني ان كلا الدليلين مشتركان في الضعف ولكنّ المذهب مذهب النافين هذا والتحقيق وقوع اطلاق الالفاظ المذكورة في لسان الشارع على معانيها على وجه الحقيقة وثبوتها في الشرائع السابقة ايضا وان اختلف كيفياتها باختلاف الشرائع كما يدل على الثبوت قوله تعالى في مقام الحكاية واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وقوله تعالى (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) وقوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ودعوى عدم استلزام ثبوت العبادات في الشرائع السابقة اطلاق هذه الالفاظ المخصوصة عليها ووضعها لها عند العرب المتشرعين بهذه الاديان ايضا ولعل اسامي هذه العبادات عند المتشرعين بهذه الاديان من العرب غير هذه الالفاظ الدائرة عندنا مدفوعة بعدم نقل الفاظ أخر على هذه الماهيات في خبر ولا اثر ولا تاريخ ولا يكاد يخفى مثله لو كان واحتمال وجودها عند العرب وعدم نقلها لنا لعدم الداعي الى النقل يكاد يلحق بانياب الاغوال بعد ما نرى من نقل الوقائع غير المعتنى بها في زمان الجاهلية وغيره في التواريخ مع عدم ورود نقل اطلاق الفاظ أخر اصلا في تاريخ مصحح ولا مصنف ومع الغض عما

٤٠