أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

لان لفظ الرجل قد استعمل فيما وضع له ولم يؤخذ خصوص العالمية في المستعمل فيه إلّا أنه مراد بدال آخر فقيّد الطبيعة بهذه الخصوصية فقرينة ارادة العالم في الصورة الاولى هي قرينة الاستعمال كما في قولنا رأيت اسدا يرمي والقرينة في الصورة الثانية هي قرينة التقييد والاطلاق والتطبيق وكم من فرق بين المقامين فعلى هذا يتضح ان استعمال الصيغة في نفس طبيعة الطلب والاطلاق على الوجوب او الندب بدال آخر يدل على تطبيق هذه الطبيعة وتقييدها بالخصوصية اجنبي عن استعمال اللفظ في غير ما وضع له وكونه مجازا فلا يرد على القائل بالقدر المشترك لزوم التجوز في الوجوب والندب على قولكم نعم لو استعمل صيغة الامر في خصوص الوجوب او خصوص الندب لكان الاشكال في محله إلّا ان حمل المحاورات الواقعة فيها استعمال الصيغة على الاستعمال في الطلب بقيد خصوصية الوجوب او الندب يحتاج الى دليل يدل عليه فتأمل جيدا وثانيا ان ما ذكره رحمة الله عليه في وجه المجازية على القول الذي استظهره من تضمن ارادة الخصوصية لنفي صلاحية اللفظ لإرادة غيرها وانه معنى زائد لا وجه له لان هذا النفي ليس جزء من المستعمل فيه كما هو ظاهر كلامه بل لازم عقلي لاصل الاستعمال في الخصوصية على ما هو حاق معنى الاستعمال فاحفظ ذلك ولعله ينفعك فيما يأتي إن شاء الله تعالى (احتج السيد المرتضى رضى الله تعالى عنه على انها) اي صيغة افعل (مشتركة لغة) اي مشتركة بين الوجوب والندب اشتراكا لفظيا(بانه لا شبهة في استعمال صيغة الأمر في الايجاب والندب معا في اللغة والتعارف والقرآن والسنة وظاهر

٨١

الاستعمال) اي ظاهر استعمال الأمر في المعنيين (يقتضي الحقيقة وانما يعدل عنها) اي عن الحقيقة(بدليل) يعني انه لو دل الدليل على ان الامر حقيقة في احد المعنيين لقبل والفرض أنه لم يقم عليه الدليل وليس الموجود من الادلة الّا الاستعمال في المعنيين وهو يقتضي الحقيقة فيهما معا قال السيد(وما استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين او الاشياء الا كاستعمالها) اي كاستعمال اللفظة الواحدة(في الشيء الواحد في الدلالة على الحقيقة) يعني كما ان استعمال اللفظ الواحد في معنى يدل على انه حقيقة فيه فكذلك في المعنيين يدل على انه حقيقة فيهما(واحتج) السيد(على كونها حقيقة في الوجوب) فقط لكن (بالنسبة الى العرف الشرعي بحمل الصحابة كل أمر ورد في القرآن او السنة على الوجوب بالنسبة الى العرف) اي الى العرف الشرعي اما بالنسبة الى اللغة فهو حقيقة فيهما كما مر(وكان) الاصحاب يناظر(بعضهم بعضا في مسائل مختلفة ومتى أورد أحدهم) أي احد من الصحابة(على صاحبه) وخصمه (امرا من الله سبحانه او من رسوله لم يقل صاحبه) وخصمه (هذا امر والامر يقتضي الندب او الوقف بين الوجوب والندب بل اكتفوا في اللزوم والوجوب بالظاهر) يعني ان حمل الامر على الوجوب كان اجماعيا بينهم حتى عملوا في مقام المباحثة والمناظرة واستقر عملهم به (وهذا) اي حمل الصحابة الامر على الوجوب (معلوم ضرورة من عاداتهم ومعلوم أيضا ان ذلك) اي الحمل على الوجوب (من شأن التابعين لهم وتابعي التابعين فطال ما اختلفوا وتناظروا فلم يخرجوا عن القانون الذي ذكرناه) وهو

٨٢

الحمل على الوجوب في العرف الشرعي (وهذا) أي عدم الخروج عن القانون (يدل على قيام الحجة عليهم بذلك) اي بكون الامر للوجوب في العرف الشرعي (حتى جرت عادتهم وخرجوا عما يقتضيه مجرد وضع اللغة) وهو الاشتراك بين الوجوب والندب (في هذا الباب) اي في باب الامر ثم (قال) رحمة الله عليه ايضا(واما اصحابنا معاشر الامامية فلا يختلفون في هذا الحكم الذي ذكرناه) وهو حمل الصحابة صيغة الامر للوجوب شرعا(وان اختلفوا في احكام هذه الالفاظ) من صيغة الامر وغيرها(في موضوع اللغة ولم يحملوا قطّ ظواهر هذه الالفاظ الا على ما بيّناه) وهو الوجوب (ولم يتوقفوا) في الحمل على الوجوب (على الادلة وقد بينا في مواضع من كتبنا ان اجماع اصحابنا حجة والجواب عن احتجاج الاول) اولا منع استعمال الامر في كل من الخصوصيتين اذ لعل ارادتهما من باب اطلاق الكلي على الفرد وثانيا انا قد بينا(ان الوجوب هو المتبادر من اطلاق الامر عرفا) وبضميمة اصالة عدم النقل ثبت لغة(ثم) ثالثا(ان مجرد استعمالها في الندب لا يقتضي كونه حقيقة ايضا) كما في الوجوب (بل يكون) الاستعمال (مجازا لوجود اماراته) أي امارة المجاز وعلامته ومن جملتها عدم تبادره مع تبادر الغير وهو الوجوب (و) رابعا مع الغض عن ذلك اذا دار الامر بين الحقيقة والمجاز والاشتراك اللفظي فيرجّح الاول اي الحقيقة والمجاز باعتبار(كونه) اي الحقيقة والمجاز(خيرا من الاشتراك) اللفظي بالمرجحات السابقة(و) اما(قوله ان استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين او الاشياء) ليس الّا(كاستعمالها في الشيء الواحد في الدلالة على الحقيقة) فهو (انما

٨٣

يصح اذا تساوت نسبة اللفظة الى الشيئين او الاشياء في الاستعمال اما مع التفاوت بالتبادر) أي تبادر الوجوب (وعدمه) اي عدم تبادر الندب (او بما اشبه هذا) اي بالتبادر وعدمه (من علامات الحقيقة والمجاز) مثل الاطراد وعدمه وعدم صحة السلب وصحته (فلا) أي فلا يصح الحكم بمجرد الاستعمال (وقد بينا ثبوت التفاوت) بالتبادر وعدمه (واما احتجاجه) الثاني (على انه في العرف الشرعي للوجوب) باجماع الاصحاب فهو مع الغض عن عدم ثبوته اما المراد منه العمل اي السيرة كما يعطيه صدر كلامه والمعتبر فيه هو احراز الوجه كما يأتي في باب الاجماع إن شاء الله تعالى ولعل وجه حمل بعضهم على الوجوب يغاير وجه حمل الآخر فلا يجدي في اثبات خصوص الوضع الشرعي واما المراد منه الاجماع القولي ـ كما يعطيه قوله واما اصحابنا معاشر الامامية الخ ـ ويرد عليه ان الاجماع القولي ليس بحجة في اثبات الاوضاع ولو سلم جميع ما ذكرناه (فيحقق ما ادعيناه) من كونه حقيقة في الوجوب لغة ايضا(اذ الظاهر ان حملهم) أي حمل الصحابة(له) اي الامر(على الوجوب إنما هو) أي الحمل (لكونه) اي الامر(له) اي للوجوب (لغة ولان تخصيص ذلك) اي تخصيص الوجوب (بعرفهم) أي بعرف الصحابة(يستدعي تغير اللفظ عن موضوعه اللغوي) لانه على مذهب السيد «ره» مشتركة بين الوجوب والندب لفظا(وهو مخالف للاصل) يعني ان الاصل عدم تغير اللفظ عن موضوعه اللغوي فمقتضى الاصل الحكم بكونه للوجوب في اللغة ايضا(هذا) اي خذ ذا(ولا يذهب) المطلب (عليك ان ما ادعاه في اول الحجة من استعمال الصيغة للوجوب

٨٤

والندب في القرآن والسنة مناف لما ذكره من حمل الصحابة كل أمر ورد في القرآن أو السنة على الوجوب فتأمل) وحاصله التدافع بين قوله «قدس‌سره» في اول الحجة وبين ما في آخرها من حمل الصحابة الخ لان السلب الجزئي يناقض الايجاب الكلي ويندفع بان ظهور الاستعمال في الوجوب والندب المقتضي للاشتراك بينهما في اللغة والقرآن والسنة لا ينافي قيام دليل من اجماع او غيره على خلاف مقتضاه لان الاصل لا يعارض الدليل فالمراد من قوله ان الصحابة جرت سيرتهم على ان الاصل في اوامر الكتاب والسنة هو الحمل على الوجوب فحملوا اوامرهما على الوجوب ما لم يقم على ارادة غيره دليل يعني جرت عادتهم على معاملة الظاهر في الوجوب مع الاوامر وكذلك اصحابنا اجمعوا على انها ظاهرة في الوجوب ومقتضى ذلك هو الحمل عليه ما لم يوجد صارف عنه وليس ذلك إلّا لوضعها له شرعا وايضا يمكن ان يقال ان المراد من الحمل فى كلامه ليس هو الحمل مطلقا بل الحمل ما لم يوجد صارف عنه وهذا لا ينافي الحمل على الندب او على غيره مع وجود صارف عن الوجوب فاراد السيد رضي الله عنه من الاستعمال ومن الحمل الحمل عند عدم الصارف وبذلك يثبت مدعاه ويمكن ان يكون اشارة ايضا على ان مراده «ره» من حمل الصحابة كل امر ورد في القرآن والسنة على الوجوب هو خصوص الاوامر المطلقة عن القرينة والذي استعمل في الندب هو الامر المنضم اليه قرينة الندب فالمراد من الأمر المحمول على الوجوب في آخر كلامه هو الامر المطلق ومن الامر المستعمل في الندب المذكور في اول كلامه هو

٨٥

الامر المحفوف بقرينة الندب فلا تدافع ولعله الى ذلك اشار بقوله فتامل (احتج الذاهبون الى التوقف بانه لو ثبت كونه) اي الأمر(موضوعا لشيء من المعاني) اعني منها الوجوب والندب وغيرهما(لثبت بدليل واللازم) اي الدليل (منتف لان الدليل) منحصر على قسمين اما دليل عقلي واما نقلي (اما العقل فلا مدخل له) في وضع الالفاظ بل الالفاظ لا بد له من النقل (واما النقل فهو) على قسمين ايضا(اما الآحاد ولا يفيد العلم أو التواتر والعادة تقتضي بامتناع عدم الاطلاع على التواتر ممن يبحث ويجهد في الطلب) اي في طلب الدليل حاصله انه لو كان فيما نحن فيه دليل نقلي متواتر لوجب الاطلاع عليه ممن يبحث ويجتهد في طلب الدليل والحال انه لم يطلع ولو اطلع (فكان الواجب) حينئذ(ان لا يختلف فيه) والاختلاف وعدم الوجدان دليل على عدمه (والجواب) اما اولا فقد قلنا سابقا أن الخبر الواحد المفيد للظن كاف في المقام وثانيا انه لا ملازمة بين وجود التواتر والظفر به وثالثا(منع الحصر) في قوله اما عقلي واما نقلي بل (فان هنا قسما آخر وهو ثبوته) اي ثبوت الوضع (بالادلة التي قدمناها) ومراده «قدس‌سره» من ذلك منع حصر الدليل في العقلي والنقلي اذ قد يكون مركبا من العقلي والنقلي كالرجوع الى الامارات الدالة على الحقيقة فان العلم بتلك الامارات انما يكون بسبب النقل والانتقال منها الى المقصود بالعقل بملاحظة اللزوم بينهما وقد يقال ان مراده بذلك الاستقراء بملاحظة مواقع وموارد استعمال اللفظ والامارات الدالة على المقصود ويوهم ذلك قوله (ومرجعها الى تتبع مظان استعمال اللفظ والامارات الدالة به) اي بالوجوب (عند الاطلاق حجة من قال

٨٦

بالاشتراك) اي بالاشتراك اللفظي (بين ثلاثة اشياء) الوجوب والندب والاباحة(استعماله) اي استعمال الامر(فيها) اي في الثلاثة وهذا الاحتجاج كائن (على حذو) وطبق (ما سبق في احتجاج السيد على الاشتراك بين الشيئين) الوجوب والندب وهو ان ظاهر الاستعمال يقتضي الحقيقة(والجواب) عن ذلك القائل هو (الجواب) عن السيد وهو ان الاستعمال اعم من الحقيقة لإمكان ان يكون مجازا(وحجة القائل بانه) اي الامر(للقدر المشترك بين الثلاثة) الوجوب والندب والاباحة(و) المراد من القدر المشترك الجامع (هو الاذن) في الفعل (كحجة من قال لمطلق الطلب) المشترك بين الوجوب والندب (وجوابها) اي جواب هذه الحجة(كجوابها) اي كجواب من قال لمطلق الطلب وهو ان المجاز وان كان مخالفا للاصل إلّا أنه قد اثبتنا بالأدلة المتقدمة ان الامر حقيقة في الوجوب بخصوصه فلا بد من القول به وإلّا لزم المحاذير المتقدمة فافهم (واحتج من زعم انها) اي صيغة افعل (مشتركة) اشتراكا لفظيا(بين الامور الاربعة) الوجوب والندب والاباحة والتهديد(بنحو ما تقدم في احتجاج من قال بالاشتراك) اللفظي وهو ان ظاهر الاستعمال يقتضي الحقيقة(وجوابه) اي جواب هذا القائل (مثل جوابه) اي مثل جواب من قال بالاشتراك اللفظي بين الوجوب والندب.

(فائدة يستفاد من تضاعيف احاديثنا) اي من اثنائها واواسطها وتكرارها(المروية عن الائمة عليهم الصلاة والسلام أن استعمال صيغة الامر في الندب كان شايعا في عرفهم بحيث صار)

٨٧

الاستعمال في الندب في عرفهم (من المجازات الراجحة المساوي احتمالها) اي احتمال المجازات الراجحة(من اللفظ لاحتمال الحقيقة عند انتفاء المرجح) والقرينة(الخارجي) وحينئذ(فيشكل التعلق) والتمسك (في اثبات وجوب امر) اي وجوب شيء(بمجرد ورود الامر) اي صيغة الامر(به) اي بهذا الشيء(منهم عليهم‌السلام) وتوضيح ذلك يحتاج الى بيان اقسام خروج اللفظ عما وضع له اولا وله مراتب خمس احدهما المجاز المرجوح وهو الذي يستعمل فيه اللفظ احيانا بمعونة القرينة وثانيها المجاز الراجح وهو ما يكون له نوع امتياز من بين سائر المجازات بغلبة الوقوع في الاستعمال ويظهر اثر ذلك فيما لو قامت القرينة على عدم ارادة المعنى الحقيقي من دون تعيين شيء من المجازات فيحمل اللفظ عليه دون غيره وينظر اليه قولهم اذا تعذرت الحقيقة وتعددت المجازات فاقرب المجازات متعين وثالثها المجاز المشهور وهو ما يبلغ استعمال اللفظ في المعنى المجازي من جهة الشيوع والشهرة الى ان يصير الامر بحيث لو سمع اللفظ ينصرف الى المعنى الحقيقي وبسبب الشهرة ينصرف الى المعنى المجازي ورابعها الاشتراك وهذا يتحقق اذا بلغ كثرة الاستعمال الى ان يصل اللفظ الى حد الحقيقة فيساوي استعماله في المعنى الثاني بالمعنى الاول ولا يكون ذلك الا بعدم هجر المعنى الاول وهي الواسطة بين المجاز والنقل ولا بد من تحققها لئلا يلزم الطفرة وخامسها النقل ويتحقق ببلوغ كثرة الاستعمال في المعنى الثاني حدا يوجب هجر المعنى الأول اذا عرفت هذا فاعلم ان مراده «قدس‌سره» من المجاز الراجح هو القسم الثالث اعني

٨٨

المجاز المشهور لانه هو الذي يساوي احتماله لاحتمال الحقيقة عنده وقد اطلق عليه المجاز الراجح لا القسم الثاني فانه ليس مساويا لاحتمال الحقيقة فعلى هذا يجب التوقف في الاحاديث المروية عنهم عليهم‌السلام عند انتفاء القرائن الخارجية هذا لكن فيه نظر من وجوه الاول منع الغلبة بمرتبة يصير اللفظ مجازا مشهورا في الندب اذ حال الامام عليه‌السلام كحال سائر الانام وتكلماته كتكلماتهم على معاصريهم فلا ريب ان اغلب تكلمات الناس واغلب اوامرهم انما هو في الوجوب وان ارادة الندب في غاية القلة نعم استعمال الصيغة في الندب في الاوامر الشرعية غالب وكثير لا في سائر محاوراتهم مع عبيدهم ومع الناس كسائر اهل العرف فانهم فيها مثلهم ولا ريب في ان غلبة خصوص الاوامر الشرعية في الندب لا يصير اللفظ مجازا مشهورا بل السبب لصيرورة اللفظ مجازا مشهورا هو اغلبية سنخ الاستعمال لا الغلبة في موضع من تكلمات اهل اللسان إلّا ان يدعى جريان حكم المجاز المشهور من الوقف او غيره في هذه الصورة ايضا بالنسبة الى هذا الموضوع الخاص الثاني النقض بالعام المستعمل في الخاص حتى قيل ما من عام إلّا وقد خص منه ومع انه «قدس‌سره» لا يتوقف في حمل اللفظ على العموم عند فقد القرينة على الخصوص ولا يقول بصيرورة العام مجازا مشهورا في الخاص ، وكذا استعمال المطلق في المقيد على مذاقه «قدس‌سره» إلّا ان يقال بالفرق بين الامر المستعمل في الندب والعام المستعمل في الخصوص بكثرة صيغ العموم واختلافها فلا يوجد في كل من صيغ العموم كثرة الاستعمال في

٨٩

الخصوص مع تعدد الوضع في كل من هذه الصيغ وكونه وضعا شخصيا وهذا بخلاف المقام لان المستعمل في المقام هو امر واحد وهو هيئة افعل في ضمن اي مادة حصلت مع كون وضع الهيئة نوعيا نعم لو قيل بكون وضع الهيئة في المقام شخصيا لكان قياس المقام بالعام المستعمل في محله فتدبر جيدا ، الثالث ان تلك الكثرة في الامر قد حصلت من ملاحظة كل الاوامر الواردة من كل الائمة عليهم‌السلام وليست اوامر كل واحد كثيرة الاستعمال في الندب فالصيغة عند كل واحد منهم عليه‌السلام وعند كل راو ليست من المجاز المشهور فمثل امر الصادقين مثلا لا يمكن الوقف فيها ولا حملها على المعنى المجازي على ما تقدم في كلام السيد المرتضى «ره» من دعوى الاجماع القولي والعملي من لدن زمان الصحابة والتابعين من اصحابنا وغيرهم الى زمانه على حمل كلما ورد من الامر في الكتاب والسنة على الوجوب ومع ذلك كيف يدعي «ره» المجاز المشهور الموجب للتوقف في اوامر السنة مطلقا او خصوص اخبار الائمة عليهم الصلوات والسلام هذا كله على مذاق المصنف «ره» واما بناء على ما عرفت سابقا من ان الأمر لا يستعمل في الوجوب بل المستعمل فيه هو نفس البعث من غير دخالة الوجوب في المستعمل فيه الى آخر ما قرر سابقا فلا مساغ لدعوى المجاز المشهور لان الملاك فيه هو كثرة الاستعمال في المعنى المجازي وعلى ما حققناه المستعمل فيه هو نفس البعث في موارد الوجوب والندب وقيام القرينة في الندب يوجب خلل الظهور لا رفع اليد عن الموضوع له والمستعمل هو فيه فتأمل لئلا تبادر بالاشكال

٩٠

(اصل) اختلفوا في ان مفاد الامر هل هو المرة كما عن ابي الحسين البصري بل عن ظاهر الشافعي او التكرار كما عن ابي حنيفة بل عن استاده ابي إسحاق واصحابه بل عن المعتزلة ام لا بل هو طلب الماهية كما هو المعروف بين المحققين او هو مشترك بينهما لفظا كما عن المرتضى او يتوقف فيه اقوال وليعلم ان المرة اما لا بشرط أو بشرط لا على وجه التقييد بان يكون التكرار قادحا فى تحقق الامتثال للاخلال بالشرط او بشرط لا على وجه الاستقلال بان لا يمنع التكرار عن الامتثال فينحل معنى الامر حينئذ الى طلب الفعل مرة والمنع عنه ثانيا وثالثا وهكذا فيتعدد المطلوب حينئذ بخلاف التقيد لاتحاده عليه وعلى الجميع اما يكون المرة وحدية فتعتبر بملاحظة الافراد واما تكون دفعية فتعتبر بملاحظة الازمان فالاقسام ستة وكذلك التكرار قد يكون مجموعيا بان يكون المكررات من اجزاء المطلوب فلا امتثال الا بالجميع وقد تكون استقلاليا بان يكون كل واحد من المكررات مطلوبا مستقلا غير مرتبط بالآخر وعليها اما ان يكون التكرار اعيانيا بان يكون عتق عبدين دفعة تكرارا واما يكون ازمانيا بحيث لا يتحقق التكرار إلّا بإنشاء العتق دفعتين وعلى الجميع اما يكون دائميا فالمطلوب بالامر استيفاء جميع المكررات او عرفيا فيقتصر على ما يتحقق بموضوع التكرار عرفا او عقليا فيقتصر على المقدور فالمحتملات اثنى عشر والظاهر من محتملات المرة هو الدفعية لا بشرط كما ان الظاهر من التكرار هو

٩١

الازماني الاستقلالي لا الفرد الواحد او الافراد اذا عرفت هذا فاعلم ان تحقيق القول هو ان يقال (الحق ان صيغة الامر بمجردها) اي عارية عن قرائن الوحدة والتكرار(لا اشعار فيها بوحدة ولا تكرار) فضلا ان تكون فيها دلالة(وانما تدل على طلب الماهية وخالف في ذلك قوم فقالوا بافادتها التكرار ونزلوها) أي اجروها(منزلة ان يقال) اي مجرى ان يقال : (افعل ابدا و) خالف (آخرون فجعلوها للمرة من غير زيادة عليها وتوقف في ذلك جماعة فلم يدروا لأيّهما هي) اي صيغة الامر والدليل (لنا ان المتبادر من الامر طلب ايجاد حقيقة الفعل والمرة والتكرار خارجان عن حقيقته كالزمان والمكان ونحوهما) مثل الشدة والضعف (فكما ان قول القائل اضرب غير متناول لمكان ولا زمان ولا آلة يقع بها الضرب كذلك غير متناول للعدد في كثرة ولا قلة) واذا ثبت ذلك عرفا ثبت ذلك لغة وشرعا بضميمة اصالة عدم النقل ان قلت ان حصول الامتثال بالمرة يدل على كون الصيغة لها وهو خلاف المقصود قلت : (نعم لما كان اقل ما يمتثل به الامر هو المرة لم يكن بد من كونها) اي المرة(مرادة) واين الدلالة من الارادة(ويحصل بها الامتثال لصدق الحقيقة التي هي المطلوبة بالامر بها) اي بالمرة والجار الاخير متعلق بقوله لصدق ان قلت ان هذا بعينه استدلال القائلين بالمرة مع جوابه وسيجيء صريحا فلا وجه لذكره قلت ان ذكره هنا لغرض دفع السؤال وفيما بعد لدفع الاستدلال فلا تكون تكرارا بلا فائدة(وبتقرير آخر وهو انا نقطع بان المرة والتكرار من صفات الفعل اعني) من الفعل (المصدر) اي المعنى المصدري وهما(كالقليل والكثير) والشاهد بانها من صفات الفعل (لانك تقول اضرب

٩٢

ضربا قليلا او كثيرا او مكررا او غير مكرر فتقيده) اي المصدر(بصفاته المختلفة ومن المعلوم ان الموصوف بالصفات المتقابلة) والمتضادة(لا دلالة له على خصوصية شيء منها) اي من الصفات لانه لو كان له دلالة على خصوصية شيء منها لما اتصف بصفة اخرى ومن البداهة انه يتصف بالصفات المتضادة وليس هذا إلّا لعدم الدلالة فيها على خصوص شيء منها والفرق بين هذا التقرير والتقرير الاول ظاهر من حيث البيان على ما هو الشأن فى اختلاف التقريرين وبينهما مع ذلك اختلاف آخر في بيان عدم دلالة المصدر على خصوص المرة والتكرار حيث انه احتج عليه في الاول بمجرد خروجه عن الطبيعة كالزمان والمكان وقد احتج عليه هنا بكونه اعم من الامرين حيث انه يصح تقيده بكل من القيدين والعام لا دلالة فيه على الخاص بخصوصه (ثم انه لا خفاء في انه ليس المفهوم من الامر الا طلب ايجاد الفعل اعني المعنى المصدري فيكون معنى اضرب مثلا طلب ضرب ما فلا يدل على صفة الضرب من تكرار او مرة او نحو ذلك) من الشدة والضعف ولا يخفى ان الحكم بانحصار مدلول الامر في الطلب بالمعنى المصدري يدفع الايراد الآتي بقوله وما يقال من ان هذا انما يدل الخ اذ ما ذكره في جوابه انما هو ما تضمه اصل الدليل بلا زيادة عليه وهو سياق غير مستحسن فافهم (وما يقال من ان هذا) اي هذا الاحتجاج (انما يدل على عدم افادة الامر الوحدة او التكرار بالمادة فلم لا يدل عليهما) اي على الوحدة والتكرار(بالصيغة) والحال ان الصيغة غير المادة(فجوابه انا قد بينا انحصار مدلول الصيغة بمقتضى حكم التبادر في طلب ايجاد الفعل واين هذا من الدلالة على الوحدة او

٩٣

التكرار) وايضا ان الصيغة لطلب ايجاد المادة ودعوى وضع الصيغة لما يزيد على المادة من الوحدة والتكرار خلاف الاصل (احتج الاولون) اي القائلون بانها تفيد التكرار(بوجوه احدها انه لو لم يكن) الامر(للتكرار لما تكرر الصوم والصلاة و) الحال انه (قد تكررا قطعا والثاني انّ النهي يقتضي التكرار فكذلك الامر قياسا عليه) أي على النهي (بجامع اشتراكهما) اي اشتراك الامر والنهي (في الدلالة على الطلب) يعني ان الجهة الجامعة بينهما اشتراكهما في الدلالة على الطلب اذ لا بد بين المقيس والمقيس عليه من جهة جامعة إلّا انهما يفترقان بان الامر يدل على طلب الفعل والنهي على طلب الترك (والثالث ان الامر بالشيء نهي عن ضده) يعني ان قولنا مثلا تحرك معناه انه لا تسكن (والنهي) اعني قولنا لا تسكن (يمنع عن المنهي عنه) وهو السكون (دائما فليزم التكرار في المامور به والجواب عن الاول المنع عن الملازمة) وهو قوله لو لم يكن للتكرار لما تكرر الصوم (اذ لعل التكرار) في الصوم والصلاة(انما يفهم من دليل آخر) وهو الاجماع والحديث لا من امرهما(سلمنا) ان التكرار فيهما يستفاد من امرهما(لكن) نقول انه (معارض بالحج فانه قد امر به) اي بالحج (ولا تكرار) بل هو واجب في العمر مرة واحدة بحسب الاصل (وعن الثاني من وجهين احدهما انه) اي قوله ان النهي يقتضي التكرار فكذلك الخ ، (قياس في اللغة وهو باطل وان قلنا بجوازه في الاحكام) حاصله ان القياس ليس بجائز في الاحكام عندنا واما في اللغة فهو باطل عندنا وعند العامة وما نحن فيه من قبيل القياس في اللغة فهو

٩٤

مجمع على بطلانه (وثانيهما) اي ثاني الوجهين (بيان الفارق) يعنى ان قياس الامر بالنهي قياس مع الفارق (فان النهي يقتضي انتفاء الحقيقة) يعنى ان قولنا لا تضرب مثلا يقتضي انتفاء حقيقة الضرب (وهو) اي انتفاء الحقيقة(انما يكون بانتفائها) اي بانتفاء الحقيقة(في جميع الاوقات والامر يقتضي اثباتها) اي اثبات الحقيقة(وهو يحصل بمرة) وفيه ان الايجاد والانتفاء ان تقيدا بوقت فيتحققان فيه او بالدوام فلا يتحققان الا به وان لم يتقيدا باحدهما فيتحققان في الجملة فلا فرق بينهما من هذه الجهة ولذا يعد تارك المنهي عنه في الجزء الاول من زمان المنع تاركا من غير توقف على ملاحظة تركه بعد ذلك او فعله فتأمل (وايضا التكرار في الامر مانع من فعل غير المامور به) حاصله انه فرق بين الامر والنهي فان المامور به في الامر لو كان مكررا يلزم عدم فعل غيره (بخلافه) اى بخلاف الامر(في النهي اذا التروك) في النهي (تجتمع) في نفسها مثل ترك الزنا وترك الربا وترك شرب الخمر(وتجامع) التروك المذكورة مثلا مع (كل فعل) من الافعال مثلا في حال كون الشخص تاركا للزنا والربوا وشرب الخمر يمكن ان يشتغل بالاكل والشرب وتحصيل المعاش ونحوها وفيه ان افعال القلوب كالتروك تجتمع وتجامع الافعال ايضا بل الكف والسكون ايضا فعل وهما كذلك بل بعض افعال الجوارح مثل تحريك اليد والرجل وغمض العينين وفتحهما ونحو ذلك تجتمع وتجامع كثيرا من الافعال والتروك بعضها كترك الاكل والشرب ونحوهما لا يجامع جميع الافعال وترك مقدمة الافعال لا يجامعها وبالجملة القضية وان كانت غالبية إلّا انها ليست كلية مع ان

٩٥

ذلك لا اثر له في اثبات التكرار ونفيه في نظر الواضع اذ غاية ذلك وجوب التكرار مهما امكن فيسقط فيما لا قدرة عليه كسقوط سائر التكاليف بالعجز فافهم وقد اورد عليه سلطان العلماء «ره» ان من قال بالتكرار انما يقول بكونه للتكرار الممكن عقلا وشرعا فلا يكون للتكرار على نحو يمنع من فعل غيره مما يجب عليه فعله وفيه ان مراده «قدس‌سره» ابداء الفرق بين ارادة الدوام من النهي فانه مما لا حرج فيه اصلا نظرا الى انه يجامع كل فعل من الواجبات والمباحات وغيرها بخلاف الامر فانه وان اريد به التكرار على نحو يمكن اجتماعها مع سائر الواجبات إلّا انه لما لم يجتمع مع غيره من سائر الافعال كان فيه من الحرج ما لا يليق بحال الامرين هذا(وعن الثالث بعد تسليم كون الامر بالشيء نهيا عن ضده) يعني ان الخلاف واقع في ان الامر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده او لا ويأتي ان الضد له معان احدها الضد العام بمعنى الترك وثانيها الضد العام بمعنى احد الاضداد وثالثها الضد الخاص ويعبر عنه بالضد الوجودي ومختار المصنف «ره» فيما يأتي هو ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده بالمعنى الاول فقط لا مطلقا ومع تسليم كونه نهيا عن ضده مطلقا كما هو الظاهر من عبارة الخصم (او تخصيصه) اي الضد(بالضد العام وارادة الترك منه) كما هو المختار فيما يأتي لا الضد بمعنى احد الاضداد(منع كون النهي الذى في ضمن الامر مانعا عن المنهي عنه دائما بل) النهي الذى في ضمن الامر اعني لا تسكن مثلا(يتفرع على الامر الذي هو) اي النهي (في ضمنه) اي في ضمن الامر وهو قوله تحرك مثلا حاصله

٩٦

ان النهي الضمني تابع للامر(فان كان ذلك) الامر(دائما) فكان النهي الضمني (دائما وان كان) الامر(في وقت ففي وقت) اي فيكون النهي في وقت خاص (مثلا الامر بالحركة دائما يقتضي المنع من السكون دائما) اذ لو جاز السكون في الجملة لزم التناقض (والامر بالحركة ساعة يقتضي المنع من السكون فيها) اي في هذه الساعة(لا دائما) ويجاب عن الثالث ايضا ان كون الضد متروكا دائما لا يقتضي فعل المأمور به دائما لجواز الواسطة إلّا ان يفرض في ضدين لا ثالث لهما وهو لا يفيد دعوى الكلية وقد قيل ان جواب المصنف «قدس‌سره» عن الثالث ينافي ما قرره في بيان الفارق في ثاني الوجهين المتقدمين فتدبر(واحتج من قال بالمرة بانه اذا قال السيد لعبده ادخل الدار فدخلها مرة عد ممتثلا عرفا ولو كان) الامر(للتكرار لما عد) ممتثلا ثم لا يخفى ان التعبير بهذه العبارة ليس بجيد والاولى التعبير بأنه لو كان للماهية او التكرار لما عد اذ المقصود نفي المذهبين القول للماهية والقول للتكرار(والجواب انه انما صار ممتثلا لان المأمور به وهو الحقيقة حصل بالمرة لا لان الامر ظاهر في المرة بخصوصها اذ لو كان كذلك) اي لو كان الامر للمرة(لم يصدق الامتثال في ما بعدها) اي فيما بعد المرة(ولا ريب في شهادة العرف بانه لو اتى بالفعل مرة ثانية وثالثة لعد ممتثلا وآتيا بالمأمور به وما ذاك) اي ليس الامتثال (الا لكونه) اي لكون الامر(موضوعا للقدر المشترك بين الوحدة والتكرار وهو طلب ايجاد الحقيقة وذلك) اي الطلب (يحصل بايهما وقع) بالمرة او التكرار وفيه بعد ما تبين انه لا دلالة للصيغة الا على طلب الماهية فاذا اوجد المأمور الماهية مرة حصل الامتثال فلا معنى

٩٧

للامتثال عقيب الامتثال اذ الامتثال اتيان ما وقع الامر به وبعد اتيانه دفعة لا يبقى امر حتى يصدق الامتثال في الدفعة الثانية(احتج المتوقفون بمثل ما مر) في الاصل المتقدم (من انه) اي كون الامر للماهية او التكرار او المرة(لو ثبت لثبت بدليل والعقل لا مدخل له) في وضع الالفاظ منفردا كما مر بيانه (والآحاد) اي اخبار الآحاد(لا تفيد العلم والتواتر) لو كان (يمنع الخلاف) والاختلاف دليل على عدم التواتر(والجواب على سنن) اي طريقة(ما سبق) في الاصل المتقدم وحاصله (بمنع حصر الدليل فيما ذكر فان سبق المعنى الى الفهم امارة) اي علامة(وضعه) اي وضع اللفظ(له) اي للمعنى (وعدمه) اي عدم السبق والتبادر(دليل على عدمه) اي على عدم الوضع (و) اذا عرفت هذا فاعلم انه (قد بينا انه لا يتبادر من الامر الا طلب ايجاد الفعل وذلك) اي التبادر(كاف في اثبات مثله) اي مثل هذه المسألة ولا يخفى ان الذي اوردناه في المسألة المتقدمة على المتوقفين آت هنا ايضا والتطويل لا يليق بهذا المختصر فراجع فافهم.

تذنيبان الاول ان الدوام والتكرار يفترقان بحسب المفهوم من حيث ان التكرار ظاهر في الافراد المتعددة المنفصلة والظاهر من الدوام هو الفرد الواحد المستدام او الاعم منه ومن الاول والظاهر ان المراد منهما في المقام امر واحد الثاني في ثمرات الاقوال والاحتمالات المذكورة للمرة والتكرار وملخص القول فيها هو ان الثمرة بين القول بالماهية والقول بالمرة الدفعية لا بشرط بناء على عدم تحقق الامتثال بالزائد ليست إلّا اعتبارية واما بينهما وبين المرة

٩٨

الفردية فتظهر فيما لو اتى بالزائد دفعة فعلى الماهية يمتثل بالجميع لتحققها في ضمنها كتحققها في ضمن واحد منها وعلى المرة يمتثل بواحد لا غير ويستخرج لو احتيج اليه بالقرعة واما المرة بشرط لا تقييدية على ما مر فالثمرة بين الدفعية منها وبين الماهية واضحة اذ الثانية لا تنافي التكرار بخلاف الاولى وكذلك بينها وبين التكرار لوضوح التمانع والثمرة بين الفردية منها وبين الماهية عدم حصول الامتثال في صورة الاتيان بالافراد مجتمعة على الاولى وحصوله على الثانية وكذلك بينها وبين التكرار الاعياني لحصول الامتثال ح على الثاني لا الاولى لانتفاء الشرط واما التكرار الازماني فلا ينافي تلك المرة اذ يمكن امتثال امر اضرب بضرب رجل واحد مكررا فالتكرار حاصل مع تحقيق المرة الفردية فالثمرة تظهر فيما لو ضرب في كل مرة أو بعض المرات غير من ضربه في الآخر فيمتثل على التكرار دون المرة وأما المرة بشرط لا على وجه الاستقلال فالثمرة بين الدفعية منها وبين الطبيعة أو بين التكرار ما مر في التقيدية والثمرة بين الفردية منها وبين الماهية او التكرار تظهر فيما لو اتى بالافراد مجتمعة فعلى الطبيعة يمتثل لحصولها بها ذلك على التكرار الاعيانى وعلى المرة لا امتثال بل يعاقب على القول بعدم جواز الاجتماع الامر والنهي واما على الجواز فيمتثل ويعاقب على الجهتين فافهم.

٩٩

(اصل) اختلفوا في ان صيغة الامر بمجردها هل تقتضي الفور والتعجيل او هي مشتركة بينه وبين التراخي او يتوقف فيه اقوال (ذهب الشيخ «ره» وجماعة الى ان الامر المطلق يقتضي الفور والتعجيل فلو أخر المكلف عصى وقال السيد «رضي الله عنه» هو مشترك) لفظي (بين الفور والتراخي فيتوقف في تعيين المراد منه) اي من لفظ الامر(على دلالة) اي على قرينة (تدل على ذلك) اي على المراد كما هو شأن الالفاظ المشتركة عند الاطلاق (وذهب جماعة منهم المحقق ابو القاسم بن سعيد والعلامة رحمهما‌الله الى انه لا يدل على الفور ولا على التراخي بل) تدل (على مطلق الفعل وبأيّهما) اي بكل من الفور والتراخي (حصل) الفعل (كان مجزيا وهذا) اي القول الاخير(هو الاقوى) واما القول بتعيين التراخي فلم نجد مصرحا به ثم المراد من الفور اما ثاني زمان الصيغة او اول اوقات الامكان او الفورية العرفية فلا ينافيه شرب ماء او تخلل نفس ونحو ذلك او الفورية العرفية المختلفة بحسب اختلاف الافعال كطلب الماء وشراء اللحم ، والذهاب الى القرية القريبة والبلاد البعيدة على اختلافها في البعد وتهيؤ الاسباب او المراد به ما لا يصل الى حد التهاون (لنا نظير ما تقدم في التكرار من ان مدلول الامر طلب حقيقة الفعل) فقط من غير دلالة على الفور والتراخى لا بحسب المادة ولا بحسب الصيغة(والفور والتراخى خارجان عنها) اي عن حقيقة الفعل (والفور والتراخى) كما بيّنا سابقا(من صفات الفعل) اعني المصدر(فلا دلالة له عليهما) اي على الفور والتراخي (حجة القول بالفور امور ستة الاول ان السيد اذا قال لعبده اسقني فأخّر العبد السقي من

١٠٠