أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

عنه (معا لان مفهوم احدهما لا يعدم الا بعدمهما وان لم يعلم له بدل كما هو مفروض البحث كان الحكم) حينئذ(مختصا به) اي بهذا الشرط الواحد(ولزمه) اي لزم لهذا الشرط(من عدمه) اي من عدم هذا الشرط(عدم المشروط) اي عدم الحكم (للدليل الذي ذكرناه) وهو انه جار مجرى قولنا الشرط في اعطائه اكرامك (و) الجواب (عن الثاني) اي عن احتجاج الموافقين (بوجوه احدها ان ظاهر الآية يقتضي) بمقتضى مفهوم الشرط(عدم تحريم الاكراه اذا لم يردن التحصن لكن لا يلزم من عدم الحرمة) اي من عدم حرمة الاكراه (ثبوت الاباحة) اي لا يلزم منه كون الاكراه مباحا(اذ انتفاء الحرمة قد يكون بطريان الحل) اي قد يكون بعروض الحل مقامها كما في قولنا ان شرب التتن ليس بحرام مثلا يكون حينئذ معناه هو حلّية الشرب (وقد يكون) انتفاء الحرمة اي تكون الحرمة منتفيا(لامتناع وجود متعلقها) اي متعلق الحرمة الذي هو الاكراه فيما نحن فيه حتى يكون حراما(عقلا لان السالبة تصدق بانتفاء المحمول تارة) كما تقول زيد ليس بقائم (و) قد تصدق (بعدم الموضوع اخرى) كما تقول العنقاء ليس بطائر وولد زيد لم يختن (و) ما نحن فيه من قبيل الثاني لأن (الموضوع هاهنا) الذي هو الاكراه (منتف) كان القضية هنا الاكراه ليس بحرام اذا لم يردن التحصن فالموضوع اذا كان غير موجود اي اذا انتفى الاكراه فلا يتصور فيه الحل والحرمة(لأنهن اذا لم يردن التحصن) والعفة(فقد اردن البغاء ومع ارادتهن البغاء) والزنا(يمتنع اكراههن عليه) اي على الزنا(فان الاكراه هو حمل الغير على ما يكرهه)

١٨١

ويقبحه (فحيث لا يكون) الغير كالبنات (كارها) بل مريدة وراغبة للزنا(يمتنع تحقق الاكراه) واذا امتنع الاكراه لاجل عدم تحقق معناه (فلا يتعلق به) اي بالاكراه (الحرمة) والاباحة وفيه اولا يمكن وجود الواسطة عند عدم الالتفات او عنده مع التردد وثانيا ان ذلك الغاء للمفهوم لا التزام به لما ثبت من لزوم التطابق بين المفهوم والمنطوق في جميع الامور سوى الايجاب والسلب فاعتبار وجود الموضوع في المنطوق ينافي اعتبار انتفائه في المفهوم فلو قال المولى لعبده مثلا ان جاءك زيد فأضفه وجب ان تكون الضيافة المنفية في جانب المفهوم امرا مقدورا فالاولى ان يقال ان الجملة الشرطية في المقام مسوقة لبيان موضوع الحكم ومحقق للموضوع ولا مفهوم له ح نظير قولك ان ركب الامير فخذ ركابه ان رزقت ولدا فاختنه الى غير ذلك فافهم (وثانيها) اي ثاني الوجوه (ان التعليق بالشرط انما يقتضي انتفاء الحكم عند انتفائه) اي عند انتفاء الشرط(اذا لم يظهر للشرط فائدة اخرى) لانه ان لم يقتض انتفاء الشرط انتفاء الحكم لكان وجوده وذكره عبثا واذا كان فائدة في الشرط غير الاقتضاء لم يجب هذا الاقتضاء كما في الآية(ويجوز ان تكون فائدته) اي فائدة الشرط(في الآية المبالغة في النهي عن الاكراه يعني انهن اذا اردن العفة) مع نقصان عقولهن (فالمولى احق بارادتها) لكماله في العقل وفيه انه ينافي القول بالمفهوم اذ اللازم حينئذ اقتصار الحكم بما اذا علم عدم الفائدة لا مطلقا(و) الدليل على ارادتهن العفة هو (ان الآية نزلت فيمن يردن التحصن ويكرههن المولى على الزنا) حاصله انه قيل ان لابن ابي كانت ست جوار وهو كان يكرههن على

١٨٢

البغاء ويضربهن فشكت بعضهن الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلت الآية(وثالثها ان سلمنا ان الآية تدل على انتفاء حرمة الاكراه بحسب الظاهر) اي بحسب الظن لان انتفاء المشروط بانتفاء الشرط ليس قطعيا بل ظني (نظرا الى الشرط لكن الاجماع القاطع) اي الاجماع الذي هو قطعي (عارضه ولا ريب ان الظاهر) اي الظني (يدفع بالقاطع) اي بالقطعي هذا واعلم ان ثمرة وجود المفهوم يظهر فيما كان المفهوم مخالفا للاصل كقوله لا زكاة في الغنم ان كانت معلوفة فالقائل بالحجية يقول بوجوب الزكاة فى السائمة والقائل بعدمها يقول ان السائمة مسكوت عنها وفيما كان معارضا مع دليل آخر كما لو قال اكرم العلماء ثم قال اكرم العلماء ان كانوا فقهاء فمفهوم الاخير يعارض الاول في غير الفقهاء والاخير خاص والاول عام فيلاحظ قواعد التعارض من تقديم الخاص على العام وغيره من القواعد على القول بالحجية واما على القول بعدم الحجية فيكون الثاني تأكيدا لجزء مفاد الاول ويعمل بهما معا فتدبر والله الهادي

١٨٣

(اصل واختلفوا في اقتضاء التعليق) اي تعليق الحكم (على الصفة) سواء كان الصفة بحال الموصوف او بحال المتعلق وسواء كان مفردا مثل اكرم رجلا عالما او جملة اسمية مثل اكرم رجلا ابوه عالم او فعلية مثل اكرم رجلا اكرمك او ظرفا مثل اكرم رجلا من العلماء(نفي الحكم عند انتفائها) اي عند انتفاء الصفة على اقوال (فاثبته) اي الاقتضاء(قوم) وهو المشهور بين المتقدمين من الاصوليين والفقهاء(وهو الظاهر) ايضا من (كلام الشيخ) الطوسي «ره» (وجنح) اي مال (اليه) اي الى هذا القول (الشهيد) الاول «ره» (في الذكرى) حيث قال لا بأس بالقول به (ونفاه السيد والمحقق والعلامة وكثير من الناس وهو) اي القول الاخير(الاقرب) وهنا اقوال أخر ضعيفة شاذة والقول بها نادر منها الفرق بين ما كان في مقام البيان وغيره ذهب اليه عبد الله البصري ومنها الفرق بين ما كان علة وبين غيره كما ذهب اليه الفاضل الهندي ومنها غير ذلك والدليل (لنا انه لو دل) تعليق الحكم على الصفة على انتفاء الحكم عند انتفائها(لكانت) هذه الدلالة(باحدى الثلاث) اي باحدى الدلالات الثلاث اعني المطابقة والتضمن والاستلزام (وهي) اي الدلالات (باسرها) وبتمامها(منتفية اما الملازمة) وهي انه لو دل لكانت الخ (فبينة) وواضحة لان دلالة اللفظ لا تكون بغيرها(واما انتفاء اللازم) اعني احدى الثلاث (فظاهر بالنسبة الى المطابقة والتضمن اذ) معنى

١٨٤

اكرم عالما مطابقة وجوب اكرام العالم وليس في هذا دلالة على (نفي الحكم) اي نفي الاكرام (عن غير محل الوصف) اي عن غير العالم لان محل الوصف هو العالم في المثال لا مطابقة ولا تضمنا اذ من الواضحات ان نفي الحكم (ليس عين اثباته) اي اثبات الحكم (فيه) اي فى محل الوصف حتى يصدق المطابقة(ولا) هو اي نفي الحكم عن غير محل الوصف (جزئه) اي جزء اثبات الحكم في محل الوصف حتى يصدق التضمن (ولأنه) اي لأنّ نفي الحكم عن غير محل الوصف (لو كان كذلك) اي عين اثباته او جزئه (لكانت الدلالة بالمنطوق لا بالمفهوم) وقد مر معنى المنطوق والمفهوم في الاصل المتقدم فراجع (و) الحال ان (الخصم معترف) ومقر(بفساده) اي بفساد المنطوق هذا بالنسبة الى المطابقة والتضمن (واما بالنسبة الى الالتزام) فعدم دلالة تعليق الحكم على الوصف على انتفاء الحكم عن غير محله بالالتزام (لانه لا ملازمة في الذهن ولا في العرف بين ثبوت الحكم عند صفة) اي في صورة وجود صفة(كوجوب الزكاة في السائمة) وهي التي ترعى في الصحراء في تمام السنة(وانتفائه) اي انتفاء الحكم (عند اخرى كعدم وجوبها) اي وجوب الزكاة(في المعلوفة) مثلا وهي التي يكون غذائها من مال مالكها وما هو المعروف من ان تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية بعد الغض عن عدم اطراده الا في مثل قولك اشتر لي عبدا اسود وعن ان مجرد الاشعار غير الظهور المعتبر ان العلية بمجردها غير كافية في ثبوت المفهوم ما لم تكن منحصرة فافهم (واحتجوا) اي المثبتون انتفائه بانتفائها(بانه لو ثبت الحكم) اي لو لم

١٨٥

ينتف الحكم (مع انتفاء الصفة لعرى) ويخلو (تعليقه) اي تعليق الحكم (عليها) اي على الصفة(عن الفائدة) الجار متعلق بقوله لعرى (وجرى مجرى قولك الانسان الابيض لا يعلم الغيوب والاسود اذا نام لا يبصر) ولما لم يكن ذكر الابيض والاسود مفيدا لثبوت العلم لغيره كان مستهجنا وقبيحا عاريا عن الفائدة وهكذا فيما نحن فيه (والجواب المنع عن الملازمة) وهي انه لو ثبت الحكم مع الانتفاء لعرى عن الفائدة وسند المنع هو ان يقال (فان الفائدة غير منحصرة فيما ذكرتموه) من انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف (بل هي) اي الفائدة(كثيرة منها) اي من الفوائد(شدة الاهتمام) والسعي من المتكلم (ببيان حكم محل الوصف) اي حكم السائمة في المثال مثلا ووجه ذلك (اما لاحتياج السامع الى بيانه) اي الى بيان حكم محل الوصف (كأن يكون) السامع (مالكا للسائمة مثلا دون غيرها) اي غير السائمة اعني المعلوفة مثلا(او) الفائدة ليست هي بل ذكر الصفة في المثال (لدفع توهم عدم تناول الحكم) وعدم شموله (له) اي للوصف المذكور(كما) ذكر القيد لدفع التوهم (في قوله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) فانه لو لا التصريح بالخشية) بان يقال في الآية ولا تقتلوا اولادكم (لأمكن ان يتوهم جواز القتل معها) اي مع الخشية(فدل) قوله تعالى (بذكرها) أي بذكر الخشية(على ثبوت التحريم) أي ثبوت تحريم القتل (عندها ايضا ومنها ان تكون المصلحة مقتضية لإعلامه) اي لإعلام المتكلم السامع (حكم الصفة بالنص) والصراحة فقط(و) يعلم (ما عداها) اي ما عدى الصفة المذكورة(بالبحث والفحص) اي بحث السامع وفحصه ليستدل

١٨٦

فيحصل له رتبة الاجتهاد مثلا(ومنها وقوع السؤال عن محل الوصف) بأن سئل السائل هل تجب الزكاة في السائمة(فيجاب على طبقه) اي طبق السؤال لاجل التطابق بين السؤال والجواب ويقال في الجواب في الغنم السائمة زكاة(او) يقال ان التعرض لحكم السائمة فقط لأجل (تقدم بيان حكم الغير) اي غير السائمة اي المعلوفة(لنحو هذا من قبل) اي قبل ذكر حكم السائمة(واعترض) بهذا الجواب (بان الخصم) اي الذي يقول بالمفهوم انما يقول (باقتضاء التخصيص بالوصف نفي الحكم من غير محله) اي من غير محل الوصف (اذا لم يظهر للتخصيص فائدة سواه) اي سوى نفي الحكم (فحيث يتحقق ما ذكر تموه من الفوائد) العديدة(لا يبقى من محل النزاع في شيء) يعنى انه يخرج عن حريم النزاع وهو لأنّ النّزاع فيما كان الفائدة منحصرة لنفي الحكم فقط(وجوابه) اي جواب هذا الاعتراض هو ان يقال (ان المدعى عدم وجدان صورة لا تحتمل فائدة من تلك الفوائد) حاصل هذا الجواب ان عدم الظهور لا يكفي في اقتضاء التخصيص بل لا بد من عدم احتمال فائدة اخرى ولا توجد صورة لا يحتمل ذلك (وذلك) اي احتمال وجدان الفائدة(كاف في الاستغناء عن اقتضاء النفي) اي عن اقتضاء التعليق على الصفة نفي الحكم (الذي صرتم) وذهبتم (اليه) اي على الاقتضاء(صونا) وحفظا(لكلام البلغاء عن التخصيص لا لفائدة) يعني انكم قلتم بالاقتضاء لأجل ان لا يكون كلام البلغاء خاليا عن الفائدة وهذا مردود(اذ مع احتمال فائدة منها يحصل الصون) والحفظ عن عدم الفائدة واللغوية(ويتأدى ما) اي الفائدة التي (لا بد في الحكمة منه فيحتاج

١٨٧

اثبات ما سواه الى دليل واما) الجواب عن (تمثيلهم في الحجة بالابيض والاسود فلا نسلم ان المقتضي) والسبب (لاستهجانه) اي لقبح هذا المثال (هو عدم انتفاء الحكم) وهو عدم العلم بالغيب (فيه) اي في المثالين المذكورين (عند عدم الوصف) اي عند كون الانسان اسود في المثال الاول وابيض في المثال الثاني بل (وانما هو) اي القبح والاستهجان (في كونه) أي في كون المثالين (بيانا للواضحات) وثمرة الباب تعلم من ثمرة الاصل المتقدم فراجع.

١٨٨

(اصل) اختلفوا في ان التقييد بالغاية يدل على مخالفة ما بعدها لما قبلها على قولين وليعلم اولا انه قد يطلق الغاية ويراد بها الفائدة فيقال غاية الشيء لفائدته وغاية العلم لثمرته وهذا هو الشائع في اطلاقات هذا اللفظ وقد يطلق ويراد بها المسافة زمانا او مكانا كقولهم من لابتداء الغاية والى لانتهاء الغاية اي المسافة وقد يطلق ويراد بها النهاية زمانا او مكانا فيقال غاية الشيء لنهايته والمراد في هذا المقام هو الاخير(و) اذا عرفت ذلك فاعلم ان (الاصح) هو ان يقال (ان التقييد بالغاية) مثل اتمّوا الصيام الى الليل (يدل على مخالفة ما بعدها) اي ما بعد الغاية(لما قبلها وفاقا لأكثر المحققين وخالف في ذلك السيد) والشيخ الطوسي «ره» (فقال ان تعليق الحكم بغاية انما يدل على ثبوته) اي على ثبوت الحكم (الى تلك الغاية وما بعدها) اي ما بعد الغاية(يعلم انتفائه او اثباته بدليل) آخر غير دلالة اللفظ التي هي محل النزاع بين القوم (ووافقه على هذا) اي وافق السيد «ره» في هذه المسألة(بعض العامة) كالآمدي وابي حنيفة والدليل (لنا ان قول القائل صوموا الى الليل معناه آخر وجوب الصوم مجيء الليل) اي دخول اول جزء من الليل (فلو فرض ثبوت وجوبه) اي وجوب الصوم (بعد مجيئه لم يكن الليل آخرا او هو) اي عدم كون الليل آخرا(خلاف المنطوق) بل المنطوق دل على انه آخر الصوم دخول الليل (احتج السيد «ره») وموافقوه (بنحو ما

١٨٩

سبق في الاحتجاج على نفي دلالة التخصيص بالوصف) وهو انه لو دل التعليق بالغاية على مخالفة ما بعدها لما قبلها لدل باحدى الثلاث وكلها منتفية(حتى انه قال من فرق بين تعليق الحكم بصفة وتعليقه بغاية ليس معه الا الدعوى) اي الادعاء بدون الدليل (و) مع ذلك (هو) اى الفارق (كالمناقض) اي كالذي يتكلم بحرف مناقض (لفرقه بين امرين) هما تعليق الحكم بالصفة والتعليق بالغاية والحال انه (لا فرق بينهما) ثم قال السيد «ره» ايضا(فان قال) اي من فرق (فاي معنى لقوله تعالى (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) اذا كان ما بعد) اليوم الذي هو الليل داخلا في الحكم لما قبله (يجوز ان يكون فيه) ايضا(صوم) قال السيد «ره» في جوابه (قلنا واي معنى لقوله عليه‌السلام) في الاصل المتقدم (في سائمة الغنم زكاة و) الحال ان (المعلوفة مثلها) اي مثل السائمة في الحكم ثم قال ايضا(فان قيل لا يمتنع ان يكون المصلحة في ان يعلم ثبوت الزكاة في السائمة بهذا النص) اي بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سائمة الغنم زكاة(ويعلم ثبوتها في المعلوفة بدليل آخر) قال «ره» في جوابه (قلنا لا يمتنع فيما علق بغاية) ايضا ان تكون المصلحة فيه ان يعلم بهذا النص وما بعدها بدليل آخر(حرفا بحرف) هو حال من مفعول القول يعني اي دليل اتيت لعدم امتناع قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سائمة الغنم اتينا مثله في قوله اتموا الصوم (والجواب) عن احتجاج السيد «ره» (المنع عن مساواته) اي التعليق بالغاية(للتعليق بالصفة) بل بينهما فرق واضح ووجه الفرق (فان اللزوم هنا) اى فى التعليق بالغاية ظاهر اذ لا ينفك تصور الصوم المقيد بكونه الى الليل مثلا عن عدمه أي عن عدم

١٩٠

الصوم (في الليل بخلافه) أي بخلاف ما نحن فيه (هناك) اي التعليق بالصفة(كما علمت) في بابه (ومبالغة السيد «ره» في التسوية بينهما لا وجه لها) اي لهذه المبالغة(والتحقيق ما ذكره بعض الافاضل من انه) اي التعليق بالغاية(اقوى دلالة من التعليق بالشرط) مع كونه اقوى من التعليق بالصفة فعلى هذا يكون التعليق بالغاية اقوى من التعليق بالصفة ايضا بطريق اولى (ولهذا) اي ولأجل انه اقوى (قال بدلالته) اي بدلالة التعليق بالغاية(كل من قال بدلالة الشرط وبعض من لم يقل بها) اي بدلالة الشرط وهذا يعطي ان دلالة التعليق بالغاية اقوى منه.

١٩١

(اصل) اعلم ان الشرط المعتبر في الفعل قد يكون شرطا في وجوده وقد يكون شرطا في وجوبه وقد يكون شرط فيهما معا ومحل الكلام في المقام في شرط الوجوب سواء كان شرطا في الوجود ايضا او لا ومعه يتصور في المقام ثمانية صور اربع منها مع وجود الشرط ووجه ضبطها اما ان يكون الآمر والمأمور كلاهما عالمين بوجود الشرط او ان يكون كلاهما جاهلين به او ان يكون الآمر عالما دون المأمور او بالعكس فهذه الاقسام الاربعة مما لا خلاف بين الخاصة والعامة في جوازه واما الصور الاربعة الاخيرة ففيما اذا فقد الشرط فهي ايضا تارة يكون الآمر والمأمور عالمين بفقدان الشرط واخرى يكون الآمر عالما دون المأمور وهذان القسمان كانا معركة الخلاف بين الخاصة والعامة واما القسمان الآخران اعني صورة كونهما جاهلين او يكون الآمر جاهلا دون المأمور فهما ايضا مما لا خلاف بينهما ومما ذكرنا يعلم ان اطلاق الشرط في المقام ليس على ما ينبغي كما سيشير اليه المصنف «ره» بقوله لا تعجبني الترجمة اذا عرفت هذا فاعلم انه (قال اكثر مخالفينا ان الامر بالفعل المشروط جائز وان علم الآمر انتفاء شرطه وربما تعدى) وتجاوز عن حد الاعتدال (بعض متأخريهم) اي متاخري العامة(فأجازه) هذا الامر مع علم الامر بالانتفاء(وان علم المأمور ايضا

١٩٢

مع) انه خلاف اتفاقهم لانه (نقل كثير منهم) اي من العامة(الاتفاق على منعه) اي منع جوازه مع علم المأمور(وشرط اصحابنا) المعاشر الامامية(في جوازه) اي في جواز الأمر(مع انتفاء الشرط كون) وهو مفعول للفعل المذكور(الامر جاهلا بالانتفاء) اي انتفاء الشرط(كأن يأمر السيد عبده بالفعل في غد مثلا ويتفق موته قبله) اي قبل الفعل (فان الامر هنا) اي في هذه الصورة(جائز) عند الاصحاب (باعتبار عدم العلم) اي علم الآمر(بانتفاء الشرط) في المأمور وهو الحياة(ويكون) هذا الامر في الواقع (مشروطا ببقاء العبد الى الوقت المعين) عند الامر اعني الغد في المثال (واما مع علم الآمر كأمر الله تعالى زيدا بصوم غد) مثل ان يقول زيدا صم غدا(و) الحال انه (يعلم موته فيه) اي في الغد(فليس بجائز) عند الاصحاب لأنه تكليف بما لا يطاق خلافا للعامة(وهو) اي ما ذهب اليه الاصحاب (الحق لكن) لمّا كان التعبير عن محل البحث بوجه غير مستحسن كما اشرنا اليه في اول الباب قال «ره» (لا تعجبني الترجمة) والتعبير(عن المبحث بما ترى) متعلق بالترجمة(وان تكثّر ايرادها) اي ايراد هذه الترجمة بنحو هذا التعبير(في كتب القوم و) لكن (سيظهر لك سر) وعلة(ما قلته) بقولنا لا تعجبني الترجمة ونحن قد تلونا لك العلة ان قلت ان هذه الترجمة اذا كانت غير مستحسنة لم جئت بها ولم ما عدلت عنها الى ما هو احسن منها قلت (وانما لم اعدل عنها) اي عن الترجمة(ابتداء قصدا الى مطابقة دليل الخصم) فيما سيأتي (لما عنون) على وزن دحرج اي الخصم (به الدعوى حيث جعله) اي جعل الخصم الدليل (على الوجه

١٩٣

الذي حكيناه) حيث قال في دليله واقلها ارادة المكلف له ومن المعلوم ان الارادة من شرط الوجود دون الوجوب (ولقد اجاد) واحسن السيد المرتضى (علم الهدى حيث تنحى) اي مال (عن هذا المسلك واحسن التأدية عن اصل المطلب) حيث عبر في عبارته الآتية من الشرط بشرط الوجوب ولم يعبر بالشرط مطلقا(فقال وفي الفقهاء والمتكلمين من يجوز ان يأمر الله تعالى بشرط ان لا يمنع المكلف من الفعل) المأمور به بان لا يكون مريضا بأن يقول له صم غدا ان لم تمنع من الفعل (او بشرط ان يقدره) اذا توجه الأمر اليه فى صورة كونه مريضا بأن يقول له صم غدا ان قدرت عليه (ويزعمون) اي الفقهاء والمتكلمون (انه يكون مأمورا بذلك) الفعل (مع المنع) منه ايضا(وهذا) اي قول الفقهاء والمتكلمين (غلط لأن الشرط انما يحسن فيمن لا يعلم العواقب) اي عواقب الامور(ولا طريق له الى علمها واما العالم بالعواقب وبأحوال المكلف فلا يجوز ان يأمره بشرط) لانه ان كان عالما بحصول الشرط جاز الامر ولم يجز الاشتراط وان كان عالما بعدمه لم يجز الامر ولا الاشتراط ثم (قال) السيد المرتضى «ره» (والذي يبين ذلك) اي الذي قلناه هو (ان الرسول لو أعلمنا ان زيدا لا يتمكن من الفعل في وقت مخصوص قبح منا) حينئذ(ان نأمره بذلك) اي بذلك الفعل الذي كنا نعلم انه لا يقدر عليه (لا محالة وانما حسّن) بتشديد العين (دخول الشرط فيمن نأمره فقد) وهو فاعل لقوله حسن (علمنا بصفته) اي بصفة زيد(في المستقبل ألا ترى انه لا يجوز الشرط فيما يصح فيه العلم ولنا اليه طريق نحو حسن الفعل) وهذا مثال لما يصح فيه العلم ولنا اليه طريق (لانه) اي حسن الفعل بمعنى ان

١٩٤

الفعل الفلاني حسن والفعل الفلاني قبيح (مما يصح ان نعلمه) ولهذا لا يصح فيه ان نأمره بشرط(وكون المأمور متمكنا) مما(لا يصح ان نعلمه عقلا فاذا فقد الخبر) بضم الاول وسكون العين اي العلم بالتمكن (فلا بد) في الامر حينئذ(من الشرط ولا بد) مع ذلك (من ان يكون احدنا في امره) الضمير يعود الى احد(يحصل في حكم الظان لتمكن من يأمره بالفعل مستقبلا) حاصله انه اذا فقد العلم منا بتمكنه لا بد من الاشتراط ولا بد ايضا من الظن ببقائه ولو علم موته وعدم تمكنه لم يصح الامر حينئذ(و) اذا حصل الظن (يكون هذا الظن في ذلك) اي في هذه الصورة(قائما مقام العلم وقد ثبت ان الظن يقوم مقام العلم اذا تعذر العلم) وفيه نظر لانه اذا كان الآمر ظانا بحصول الشرط فلا اشكال في جواز امره من دون تعليق على الشرط لقيام الظن مقام العلم والقول بالاشتراط في هذه الصورة ابطال وهدم لما تقدم إلّا ان يكون مراده «ره» من الامر في قوله ولا بد ان يكون احدنا في امره الخ هو الامر بالفعل منجزا ومن غير تعليقه على شرط وحينئذ يرجع حاصل ما افاده «ره» انه في صورة عدم العلم وعدم الظن لا بد من الاشتراط بخلاف صورة العلم والظن القائم مقامه فان في الصورتين يصح الامر على وجه التنجيز وبلا اشتراط فعلى هذا لا يرد الاشكال عليه بما ذكرناه (واذا كان القديم تعالى عالما بتمكن من يتمكن وجب) اي جاز(ان يوجه الامر نحوه) اي نحو الشخص المتمكن (دون من يعلم انه لا يتمكن) يعني انه لا يجوز الامر منه تعالى لمن يعلم انه لا يتمكن (فالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاله كحالنا اذا اعلمنا الله تعالى حال من نأمره فعند ذلك) اي في هذه

١٩٥

الصورة (نأمره بلا شرط) فالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ايضا كذلك فانه لو اعلمه تعالى حال من يأمره فهو ايضا لا بد ان يأمر بلا شرط انتهى ما قاله السيد «ره» في هذا المقام (قلت هذه الجملة التي افادها السيد «ره») وذكرها(كافية في تحرير المقام وافية في اثبات المذهب المختار فلا غرو) اي لا عجب (ان نقلناها بطولها) وبالجملة(اكتفينا بها) اي بالجملة التي افادها السيد «ره» (عن اعادة الاحتجاج على ما صرنا اليه) حاصله انه بعد تمامية احتجاج السيد «ره» في المقام لا حاجة الى الاحتجاج للمختار(احتج المجوزون) اي الذين قائلون بجواز الامر في صورة العلم بانتفاء الشرط(بوجوه الاول لو لم يصح التكليف بما علم عدم شرطه لم يعص احد واللازم) اي عدم العصيان (باطل بالضرورة من الدين وبيان الملازمة ان كل ما) اي كل فعل (لم يقع فقد انتفى شرط من شروطه) اي من شروط الفعل (واقلها) اي اقل الشروط(ارادة المكلف له) اي للفعل (فلا تكليف) حينئذ(به) لعدم التكليف لعلمه تعالى بفقدان الشرط وهو الارادة(فلا معصية) واما عدم المعصية فلأنها باعتبار مخالفة التكليف والفرض انها منتفية باعتبار عدم شرط التكليف (الثاني لو لم يصح) التكليف بما علم عدم شرط(لم يعلم احد انه مكلف واللازم باطل اما) وجه (الملازمة فلأنه مع الفعل) اي حين الفعل (وبعده ينقطع به التكليف) اما حين الفعل للعلم العادي حين الفعل بانه متمكن منه البتة او ان التلبس بالفعل اتمام له او في حكم الاتمام واما بعده فللضرورة(و) اما(قبله) فلأنه (لا يعلم لجواز) واحتمال (ان لا يوجد شرط من شروطه) اي من شروط الفعل المأمور به

١٩٦

(فلا يكون مكلفا) حينئذ وحاصل مراده ان العلم بالتكاليف ليس تابعا ومنوطا للشروط بحيث اذا تحقق الشروط يكون عالما بالتكاليف واذا لا فلا بل الانسان يعلم بأنه مكلف ولو قبل الفعل بالضرورة وما هذا إلّا بامر الآمر ولو مع انتفاء الشرط(لا يقال قد يحصل له العلم قبل الفعل اذا كان الوقت متسعا واجتمعت الشرائط) اي شرائط الفعل المأمور به (عند دخول الوقت وذلك) اي هذا القدر(كاف في) العلم بتحقق التكليف لأنا نقول (نحن نفرض الوقت المتسع زمنا زمنا) يمكن ايقاع الفعل فيه (ونردد في كل جزء جزء) في وجود شرط الفعل المأمور به فلا يحصل حينئذ العلم بالتكليف (فانه مع الفعل فيه) اي في الوقت الموسع (وبعده ينقطع) التكليف (وقبل الفعل يجوز ان لا يبقى بصفة التكليف في الجزء الآخر) وحينئذ(فلا يعلم حصول الشرط الذي هو بقائه بالصفة فيه فلا يعلم التكليف واما بطلان اللازم) اي عدم علم احد بأنه مكلف (فبالضرورة الثالث لو لم يصح) اي لو لم يصح التكليف بما علم عدم شرطه (لم يعلم ابراهيم عليه‌السلام بوجوب ذبح ولده) واللازم باطل اما الملازمة(فلانتفاء شرطه) اي شرط وجوب الذبح (عند وقته وهو) اي شرط الذبح (عدم النسخ) وهذا يقتضي عدم وجوبه المستلزم لعدم العلم بالوجوب ضرورة ان العلم بالشيء فرع ثبوته في نفسه فتأمل (و) اما بطلان اللازم فلأنه (قد علم وإلّا لم يقدم على ذبح ولده ولم يحتج الى فداء) لأن الفداء جعل الشيء مكان الشيء لدفع الضرر عنه فاذا لم يكن ذبح الولد واجبا يكون الفداء لغوا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وايضا لا خطاء في علم الانبياء ليكون من باب الجهل المركب (الرابع كما ان

١٩٧

الامر يحسن لمصالح تنشأ من المأمور به كذلك يحسن لمصالح تنشأ من نفس الامر وموضع النزاع من هذا القبيل) اي من الاخير(فان المكلف من حيث عدم علمه بامتناع فعل المأمور به) من جهة النسخ من الامر(ربما يوطن) ويحضر(نفسه على الامتثال) للمولى والانقياد له (فيحصل له) اي للمكلف (بذلك) اي بسبب التوطين (لطف) وهو في عرف المتكلمين ما يقرب الى الطاعة ويبعد عن المعاصي (في الآخرة وفي الدنيا لانزجاره) ومنعه نفسه (عن القبيح) وهو ترك المأمور به هنا(ألا ترى ان السيد قد يستصلح بعض عبيده بأوامر ينجزها) اي الاوامر ويقطعها(عليه) اي على بعض العبيد(مع عزمه على نسخها) اي الاوامر(امتحانا له) مفعول به لقوله يستصلح وهكذا(الانسان قد يقول لغيره وكّلتك في بيع عبدي مثلا مع علمه بانه سيعزله اذا كان غرضه استمالة الوكيل او امتحانه في امر العبد) فلا يكون الشرط حينئذ مع علم الامر بانتفائه خاليا عن الفائدة(والجواب عن الاول) اي عن اول الاحتجاج وهو قوله لو لم يصح التكليف لم يعص احد(ظاهر مما حققه السيد «ره» اذ ليس نزاعنا في مطلق شرط الوقوع) والوجود ولو لم يكن شرطا للوجوب ايضا(وانما هو) اي النزاع كما علم في اول الاصل (في الشرط الذي يتوقف عليه تمكن المكلف شرعا وقدرته على امتثال الأمر) وبعبارة اخرى انما النزاع في شرط الوجوب لا مطلق شرط الوجود(وليست الارادة) التي ادعاها الخصم (منه) اي من شرط الوجوب (قطعا) بل انما هي من شرائط الوجود والوقوع (والملازمة) التي ادّعاها الخصم (انما يتم) ويصح (بتقدير كونها) اي بتقدير كون الارادة

١٩٨

(منه) اي من الشرط المذكور(وحينئذ) اي اذا كان النزاع في الشرط الذي يتوقف عليه تمكن المكلف شرعا الخ (فتوجه المنع عليها) اي على الملازمة(جلي) وواضح وفيه نظر لأن المستدل هو الاشعري والارادة عنده خارجة عن تحت القدرة فالاولى في الجواب هو ان يقال بان الارادة امر مقدور كما حقق في محله فالمبنى فاسد(و) الجواب (عن الثاني المنع من بطلان اللازم) وهو انه لم يعلم احد انه مكلف (و) اما(ادعاء الضرورة فيه) اي في آخر الاحتجاج فهو (مكابرة وبهتان و) الدليل على ذلك هو انه (قد ذكر السيد «ره» في تتمة تنقيح المقام ما يتضح به سند هذا المنع) الذي قد اوردناه على الخصم (فقال) السيد «ره» (ولهذا) اي ولاجل انه لا يصح الامر مع العلم بانتفاء الشرط(فذهب الى انه) اي المكلف (لا يعلم بانه مأمور بالفعل الّا بعد تقضي الوقت) وانقضائه (وخروجه فيعلم) بعده (انه كان مأمورا به و) قال «ره» (ليس يجب اذا لم يعلم) المكلف (قطعا انه مأمور ان يسقط) خبر لليس (عنه وجوب التحرز) حاصله انه يجب عليه التحرز عن ترك المأمور به ويجب عليه الاشتغال بمقدمات المأمور به وان لم يكن عالما قبل الفعل بأنّه مأمور ومكلّف بل يكفي الظن بالبقاء ومن المعلوم امكانه (لانه اذا جاء وقت الفعل وهو صحيح سليم وهذه امارة يغلب معها) اي مع هذه الامارة(الظن ببقائه فوجب) عليه ح (ان يتحرز من ترك الفعل والتقصير ولا يتحرز من ذلك) اي لا يحصل التحرز عن ترك المامور به ولا يوجد(إلّا بالشروع بالفعل والابتداء به) هذا عطف تفسيري لقوله بالشروع (ولذلك مثال في العقل وهو ان) الشخص (المشاهد للسبع) كالكلب

١٩٩

والخنزير مثلا (من بعد مع تجويزه) واحتماله (ان يخترم) وهلك (السبع) هو فاعل لقوله يخترم (قبل ان يصل) السبع (اليه) اي الى الشخص المشاهد(يلزمه) خبر لقوله ان المشاهد(التحرز منه لما ذكرناه) من ان صحة السبع وسلامته امارة ببقائه واضراره وبالجملة يجب التحرز منه بمجرد الظن ببقائه ولزمه التحرز عنه (و) لكن (لا يجب اذا لزمه التحرز ان يكون عالما ببقاء السبع وتمكنه من الاضرار به) أي بهذا الشخص بل يكفى الظن انتهى كلام السيد «ره» (و) نحن نقول (هذا) اي كلام السيد «ره» (كلام جيد ما عليه) اي ليس فوق كلام السيد(في توجيه المنع) من عدم علم احد بانه مكلف (من مزيد) يعنى ان ما قال السيد «ره» كاف في مقام المنع على شبهة الخصم وليس على جوابه «ره» جواب (و) اذ عرفت ذلك فاعلم انه (به يظهر الجواب عن استدلال بعضهم على حصول العلم بالتكليف قبل الفعل) وبيان الاستدلال هو انهم يقولون (بانعقاد الاجماع على وجوب الشروع فيه) اي بالفعل (بنية الفرض) والوجوب فلو لم يكن عالما بان الفعل وجب عليه لم يجب عليه بنية الفرض وهذا يدل على العلم بانه مكلف قبل الفعل هذا ولكن الجواب عن هذا التوهم يظهر مما ذكرنا وحاصله ان الاجماع على وجوب نية الفرض لا يدل على حصول العلم بالتكليف قبل الفعل (اذ يكفي في وجوب نية الفرض) الذي قام به الاجماع (غلبة الظن بالبقاء والتمكن) من الفعل المأمور به وبالجملة يكفي الظن (حيث لا سبيل الى القطع) بالبقاء والتمكن (فلا دلالة له) اي للاجماع (على حصول العلم) بوجه (و) الجواب (عن الثالث) وهو قوله لو لم يصح لم

٢٠٠