إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٥

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٥

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩

متعلق بزيّن. أعمال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة أمّا «الشيطان» فهو فاعل «زين» مرفوع بالضمة.

(فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ) : الجملة حكاية الحال الماضية التي كان يزيّن لهم الشيطان أعمالهم فيها فهو وليّهم في الدنيا أي وليّ أمرهم .. بجعل «اليوم» عبارة عن زمان الدنيا. أو بجعلها حكاية للحال الآتية الفاء استئنافية. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. وليّ : خبر «هو» مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اليوم : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية الزمانية متعلق بوليّ وعلامة نصبه الفتحة.

(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) : الواو استئنافية. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المنونة.

(وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٦٤)

(وَما أَنْزَلْنا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أنزل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(عَلَيْكَ الْكِتابَ) : جار ومجرور متعلق بأنزلنا. الكتاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى القرآن.

(إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي) : أداة حصر لا عمل لها. اللام حرف جر للتعليل. تبيّن : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور

٤٠١

متعلق بتبيّن. والجملة الفعلية «تبيّن لهم الذي» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بأنزل. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(اخْتَلَفُوا فِيهِ) : الجملة صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. فيه : جار ومجرور متعلق باختلفوا أي من أمر التوحيد والرسل والكتب.

(وَهُدىً وَرَحْمَةً) : معطوفان على محل «لتبيّن» إلّا أنّهما انتصبا على أنهما مفعول لهما ـ لأجلهما ـ منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة الظاهر في آخر الثاني وقدرت على آخر الأول «هدى» للتعذر.

(لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) : جار ومجرور متعلق بهدى ورحمة. يؤمنون : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (٦٥)

(وَاللهُ أَنْزَلَ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. أنزل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «أنزل من السماء ماء» في محل رفع خبر المبتدأ.

(مِنَ السَّماءِ ماءً) : جار ومجرور متعلق بأنزل. ماء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ) : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «أنزل من السماء ماء» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل «أحيا» الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والجار والمجرور «به» متعلق بأحيا.

٤٠٢

(بَعْدَ مَوْتِها) : ظرف مبهم لا يفهم معناه إلّا بالاضافة لغيره وهو ظرف زمان هنا متعلق بأحيا منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. موت : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جرّه الكسرة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.

(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بفي. اللام للبعد والكاف حرف خطاب والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر «إنّ» المقدم.

(لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) : اللام لام الابتداء ـ المزحلقة ـ للتوكيد. آية : اسم «إنّ» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى علامة على قدرة لله. لقوم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آية» والجملة الفعلية «يسمعون» في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى سماع تدبّر.

** (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الحادية والخمسين بمعنى : ارهبوني أي خافوني وفيه انتقل سبحانه بالكلام من «الغيبة» إلى «المتكلم» وهو أبلغ في الترهيب من القول : فإيّاه فأرهبوه. والفعل «رهب» بكسر الهاء لأنه من باب «طرب» ومصدره : رهبة .. بفتح الراء والهاء على الباب المذكور وبتسكين الهاء و «رهبا» أيضا بضم الراء. قال الجوهريّ ويقال : رجل رهبوت ـ بفتح الراء والهاء ـ بمعنى : مرهوب ـ اسم مفعول ـ ويقال : رهبوت خير من رحموت بمعنى : لأن ترهب خير من أن ترحم. و «الترهب» بمعنى : التعبد.

** (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الخامسة والخمسين .. وفيه حذف مفعول «تعلمون» التقدير : فسوف تعلمون أنكم كنتم ضالّين أو عاقبة أمركم.

** (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الثامنة والخمسين .. التقدير والمعنى : وإذا بشّر أحد المشركين بولادة الأنثى صار وجهه متغيرا بالغم وهو ممسك غيظه في نفسه .. يقال : كظم الرجل غيظه ـ يكظمه ـ كظما : بمعنى : اجترعه وأمسك على ما في نفسه والفعل من باب «ضرب» فهو رجل كظيم ـ فعليل بمعنى فاعل ـ و «الغيظ» مكظوم ـ اسم مفعول ـ وقال الفيّوميّ : وربّما قيل : كظمت على الغيظ وكظمني الغيظ فأنا كظيم ـ اسم فاعل ـ ومكظوم ـ اسم مفعول ـ. وقد حذف المضاف «ولادة» وحلّ المضاف إليه «الأنثى» محلّه.

٤٠٣

** (مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والخمسين ـ المعنى والتقدير : أيمسكه على هون أي أيتركه محبوسا بلا قتل بهوان وذلّ أم يدسّه ـ أي أم يئده أي أم يخفيه في التراب. وقد ذكّر الضمير في «به» و «يمسكه» و «يدسّه» ذكّر هذا الضمير لعودته على «ما» في «من سوء ما بشّر به» وقد قرئ : أيمسكها» على هون أم يدسّها في التراب .. بتأنيث الضمير لعودته على «الأنثى». يقال : وأد ابنته ـ يئدها ـ وأدا : من باب «وعد» بمعنى : دفنها حيّة فهي موءودة ـ اسم مفعول ـ والوأد : الثقل نحو : وأده : أي أثقله. و «آده» أيضا بمعنى أثقله وهو من باب «قال» قال تعالى في سورة «البقرة» : «ولا يؤده حفظهما» بمعنى : ولا يشقّ عليه ولا يثقله أو يبهظه حفظهما ومن الفعل «وأد» اشتقّ «اتّأد» نحو : اتّأد في مشيه : أي تأنّى. ومنه «التؤدة» بضم التاء وفتح الهمزة وهي التأنّي والتمهل. و «الوأد» من عادات الجاهلية .. كانت كندة تئد البنات. و «كندة» أو بنو كندة : هم قبيلة شهيرة من عرب اليمن حكموا حضرموت ونزحوا إلى الحجاز وظلّوا وقيل : ظلّ بعضهم على نصرانيته التي عرفوا بها في الجاهلية حتى أوائل العصر العباسيّ .. رحل قسم منهم إلى مصر مع عمرو بن العاص .. منهم كان الحارث ملك الحيرة وحجر : والد إمرئ القيس والمقنّع المتنبّئ .. وإليهم ينتسب الكنديّ الفيلسوف.

** (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الحادية والستين .. المعنى : بعقوبة ظلمهم فحذف المضاف «عقوبة» وأقيم المضاف إليه «ظلمهم» مقامه. أي ما ترك على الأرض دابّة ظالمة وقيل : من مشرك يدبّ على الأرض وهي كلّ ما يدبّ على الأرض ويدخل فيه الإنسان أيضا. يقال : دبّ الصغير ـ يدبّ ـ دبيبا .. من باب «ضرب» ودبّ الجيش دبيبا أيضا : أي ساروا لينا .. وتطلق الدابّة على الذكر والأنثى. ** (أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والستين .. أي أنّ لهم المثوبة الحسنى أو الخصلة الحسنى .. أي الجنة وحذف الموصوف «المثوبة» وحلّت الصفة «الحسنى» محلّه.

** (تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الثالثة والستين أي والله لقد أرسلنا رسلا إلى أمم من قبلك أي رسلا مثلك فحذف مفعول «أرسلنا» «وهو» رسلا.

** (فَهُوَ وَلِيُّهُمُ) : أي فهو وليّ أمرهم بمعنى متولّي امرهم فحذف المضاف إليه الأول «أمر» وأضيف المضاف «وليّ» إلى المضاف إليه الثاني «هم» ضمير الغائبين ـ فصار : وليّهم.

** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) : التقدير : إنّ في ذلك الإنزال والإحياء لعبرة فحذف النعت أو البدل المشار إليه وهو «الإنزال».

(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) (٦٦)

(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ) : الواو استئنافية. إنّ : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. لكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إنّ» المقدم والميم علامة

٤٠٤

جمع الذكور. في الأنعام : جار ومجرور متعلق بحال من «عبرة» لأنها صفة قدمت عليها. وهي جمع «نعم» وهي الإبل والغنم والبقر.

(لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ) : اللام لام الابتداء والتوكيد ـ اللام المزحلقة ـ عبرة : اسم «إنّ» مؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. نسقيكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. والجملة الفعلية استئنافية لا محل لها وهي جواب لسؤال مقدر : قيل : كيف العبرة؟ فقيل نسقيكم.

(مِمَّا فِي بُطُونِهِ) : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بنسقي أو بمفعول «نسقي» الثاني المحذوف لأن «من» التبعيضية حلّت محلّه بتقدير : نسقيكم بعضا لأن اللبن بعض ما في بطون الأنعام. في بطونه : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره «استقر» والجملة الفعلية «استقرّ في بطونه» صلة الموصول «ما» لا محل لها. والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة.

(مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ) : حرف جر لابتداء الغاية لأن بين الفرث والدم مكان الإسقاء. بين : اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والجار والمجرور يجوز ان يكون متعلقا بحال محذوف من قوله «لبنا» مقدما عليه أي كائنا من بين فرث ودم. ولو تأخر الجار والمجرور فقيل : لبنا من بين فرث ودم لكان صفة له. وقيل في التفسير : إنّما قدّم لأنه موضع العبر لذلك فهو قمين ـ أي جدير ـ بالتقديم. فرث : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. ودم : معطوف على «فرث» ويعرب مثله.

(لَبَناً خالِصاً) : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. خالصا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «لبنا» منصوب بالفتحة المنونة.

(سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) : صفة ثانية منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. للشاربين : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «سائغا» على تأويل فعله وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد.

٤٠٥

(وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٦٧)

(وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ) : الواو عاطفة. من ثمرات : جار ومجرور متعلق بنسقيكم. النخيل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأعناب : معطوفة بالواو على «النخيل» وتعرب مثلها.

(تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. منه : جار ومجرور متعلق بتتخذون .. وقد كرّر للتوكيد. سكرا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون شبه الجملة ـ الجار والمجرور «من ثمرات النخيل والأعناب» في محل رفع متعلقا بخبر مقدم ويكون المبتدأ المؤخر محذوفا تقديره : ثمر فتكون الجملة الفعلية «تتخذون» في محل رفع صفة ـ نعتا للموصوف المقدّر «ثمر» والهاء في «منه» يرجع إلى عصير الأعناب.

(وَرِزْقاً حَسَناً) : معطوف بالواو على «سكرا» ويعرب مثله. حسنا : صفة نعت ـ للموصوف «رزقا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة. المراد بالرزق الحسن هنا : التمر .. الدبس .. الزبيب .. والخل.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الخامسة والستين.

(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (٦٨)

(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) : الواو استئنافية. أوحى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. ربك : فاعل مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. والجار والمجرور «إلى النحل» متعلق بأوحى بمعنى. وألهم ربّك وعلّم النحل.

(أَنِ اتَّخِذِي) : حرف تفسير لا عمل له لأن الإيحاء فيه معنى القول. والجملة الفعلية «اتّخذي» تفسيرية لا محل لها ويجوز أن تكون «أن» التفسيرية

٤٠٦

مصدرية فتكون «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدّر أي أوحى إلى النحل باتخاذ .. والجار والمجرور متعلق بأوحى أو يكون الجار والمجرور على التفسير والمعنى في محل نصب مفعولا به ثانيا لأوحى بمعنى : علّم .. أي علّم النحل اتّخاذ البيوت المساكن. اتخذي : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والياء ضمير متصل في محل رفع فاعل. وأنّث الفعل أو ضميره الياء لأنّ «النحل» لفظها مذكّر .. ومعناها مؤنث فأنّث الضمير على المعنى لا اللفظ.

(مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) : جار ومجرور متعلق باتخذي و «من» للتبعيض. وحذف المفعول به الأول لاتّخذي لدلالة «من» التبعيضية عليه. بيوتا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) : الجار والمجرور معطوف بواو العطف على «من الجبال» ويعرب مثله اي واتّخذي من الجبال. الواو عاطفة. ممّا : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق باتّخذي. يعرشون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٦٩)

(ثُمَّ كُلِي) : حرف عطف. كلي : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) : جار ومجرور متعلق بكلي أو تكون «من» للتبعيض وحذف مفعول «كلي» لدلالة «من» عليه. الثمرات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

٤٠٧

(فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ) : الفاء واقعة في جواب شرط مقدر .. أي فإذا أكلت من كل الثمرات فاسلكي. اسلكي : تعرب إعراب «كلي» سبل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ثان.

(ذُلُلاً يَخْرُجُ) : حال من «السبل» أو من الضمير الفاعل في «اسلكي» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وهي جمع «ذلول» أي مذلّلة ممهّدة بمعنى : وأنت في ذلك منقادة لما أمرت به غير ممتنعة. يخرج : فعل مضارع مرفوع بالضمة.

(مِنْ بُطُونِها شَرابٌ) : جار ومجرور متعلق بيخرج. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. شراب : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : عسل.

(مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) : صفة ـ نعت ـ لشراب مرفوع مثله بالضمة المنونة وهو اسم فاعل. ألوانه : فاعل لاسم الفاعل بتأويل فعله «يختلف» مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.

(فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة ثانية لشراب. فيه : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. شفاء : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. للناس : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شفاء».

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الخامسة والستين.

(وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (٧٠)

(وَاللهُ خَلَقَكُمْ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. خلقكم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل

٤٠٨

ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والميم علامة جمع الذكور.

(ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ) : حرف عطف يدل على الترتيب والتراخي. يتوفى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. و «كم» أعرب في «خلقكم».

(وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ) : الواو استئنافية. منكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والميم علامة جمع الذكور. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. يردّ : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) : جار ومجرور متعلق بيردّ. العمر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي الهرم.

(لِكَيْ لا يَعْلَمَ) : اللام حرف جر للتوكيد. كي : حرف مصدري ونصب. لا : نافية لا عمل لها. يعلم : فعل مضارع منصوب بكي وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «لا يعلم ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «كي» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيردّ.

(بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بلا يعلم وهو مضاف. علم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. شيئا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي بعد علم الأشياء شيئا منها.

(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إنّ» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. عليم قدير : خبرا «إنّ» بالتتابع مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة.

٤٠٩

(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٧١)

(وَاللهُ فَضَّلَ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : فاعل بالأصل قدّم على الفعل فصار مبتدأ مرفوعا للتعظيم وعلامة الرفع الضمة. فضّل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. على بعض : جار ومجرور متعلق بفضّل.

(فِي الرِّزْقِ) : جار ومجرور متعلق بفضل. والجملة الفعلية «فضلّ» في محل رفع خبر المبتدأ.

(فَمَا الَّذِينَ) : الفاء استئنافية. ما : نافية تعمل عمل «ليس» وتسمّى «ما» الحجازية وهي نافية لا عمل لها عند بني تميم. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ على اللغة الثانية.

(فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. الباء حرف جر زائد لتأكيد النفي. رادّي : اسم مجرور لفظا بالباء وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون للإضافة أصله : رادين ـ منصوب محلا على أنه خبر «ما» أو مرفوع محلا على أنه خبر المبتدأ «الذين» رزق : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.

(عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق برادي والجملة الفعلية «ملكت أيمانكم» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. أيمان : فاعل مرفوع بالضمة

٤١٠

و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة أو تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى. التقدير والمعنى : بمعطي مماليكهم الرزق المقسوم لهم.

(فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) : الفاء استئنافية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. فيه : جار ومجرور متعلق بسواء. سواء : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة أي المالك والمملوك.

(أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. الفاء زائدة ـ تزيينية. بنعمة : جار ومجرور متعلق بيجحدون. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر : الكسرة. يجحدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (٧٢)

(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. جعل : الجملة الفعلية مع مفعولها في محل رفع خبر المبتدأ. وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. لكم : جار ومجرور متعلق بجعل والميم علامة جمع الذكور.

(مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) : جار ومجرور في محل نصب حال من «أزواجا» لأنه صفة له قدمت عليه. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى : من جنسكم. أزواجا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ) : معطوف بالواو على «جعل لكم من أنفسكم» ويعرب إعرابه و «من» هنا للتبعيض.

(بَنِينَ وَحَفَدَةً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته. وحفدة : معطوف بالواو على «بنين» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

٤١١

(وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) : الواو عاطفة. رزقكم : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. من الطيبات : جار ومجرور متعلق برزق و «من» هنا تبعيضية لأن كل الطيبات في الجنة وما طيبات الدنيا إلّا أنموذج منها وحذف مفعول «رزقكم» الثاني لأن «من» التبعيضية تدل عليه بمعنى : ورزقكم بعض الطيبات.

(أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. الفاء زائدة ـ تزيينية ـ بالباطل جار ومجرور متعلق بيؤمنون. يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : أيؤمنون بالأصنام.

(وَبِنِعْمَتِ اللهِ) : الواو عاطفة. بنعمة : جار ومجرور متعلق بيكفرون. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(هُمْ يَكْفُرُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يكفرون : تعرب إعراب «يؤمنون» والجملة الفعلية «يكفرون» في محل رفع خبر «هم» بمعنى : وهم بنعمة الله يكفرون.

(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ) (٧٣)

(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) : الواو عاطفة. يعبدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. من دون : جار ومجرور متعلق بيعبدون أو في محل نصب حال من الاسم الموصول «ما» لأنه متعلق بصفة محذوفة منه قدمت عليه. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(ما لا يَمْلِكُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. لا : نافية لا عمل لها. يملك : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

٤١٢

(لَهُمْ رِزْقاً) : اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيملك. رزقا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «لا يملك لهم رزقا» صلة الموصول لا محل لها.

(مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بصلة للرزق إن اعتبر مصدرا بمعنى لا يرزق من السموات مطرا ويكون في محل نصب صفة أو متعلقا بصفة محذوفة من «رزقا» إن كان اسما لما يرزق .. أي مرزوقا بمعنى : مطرا يرسله إليهم من السماء. والأرض : معطوفة بالواو على «من السموات» وتعرب إعرابها بمعنى : أي لا يرزق من الأرض نباتا أو رزقا يخرجه لهم من الأرض كالنبات.

(شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ) : فيه لغتان .. الأولى : أن تكون «رزقا» مصدرا بمعنى أو بتقدير : لا يملكون أن يرزقوا شيئا وهو مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وهذا قول الكوفيّين واللغة الثانية بجعل الكلمة بمعنى المرزوق عند البصريين فتكون «شيئا» بدلا بمعنى رزقا قليلا وهناك من لم يجوّز نصبه برزق لأنه اسم وليس مصدرا. ويحتمل أن يكون تأكيدا لجملة «لا يملك» أي لا يملك شيئا من الملك. الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يستطيعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٧٤)

(فَلا تَضْرِبُوا) : الفاء استئنافية تفيد التعليل. لا : ناهية جازمة. تضربوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(لِلَّهِ الْأَمْثالَ) : جار ومجرور متعلق بتضربوا. الأمثال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

٤١٣

(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إنّ» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. يعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «يعلم» ومفعولها في محل رفع خبر «إنّ» بمعنى : فلا تجعلوا لله أمثالا تشركونها به سبحانه.

(وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) : الواو عاطفة. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. تعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «لا تعلمون» في محل رفع خبر المبتدأ «أنتم».

(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٧٥)

(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) : فعل ماض مبني على الفتح بمعنى : وصف وبيّن. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. مثلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : بيّن الله لكم وصفا.

(عَبْداً مَمْلُوكاً) : مفعول به منصوب بفعل مضمر تقديره : جعل عبدا وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون منصوبا بضرب أي ضرب عبدا مثلا أو يكون مفعولا به ثانيا للفعل «جعل» المقدر المتعدي إلى مفعولين. مملوكا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عبدا» منصوب مثله بالفتحة المنونة.

(لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية للموصوف «عبدا» بمعنى : عاجزا عن الكسب والتصرف. لا : نافية لا عمل لها. يقدر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. على شيء : جار ومجرور متعلق بيقدر.

(وَمَنْ رَزَقْناهُ) : الواو عاطفة. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على «عبدا» بتقدير : وحرا أو ورجلا رزقناه أو تكون

٤١٤

الواو استئنافية فتكون «من» في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «رزقناه» صلة الموصول. والجملة الاسمية «فهو ينفق» في محل رفع خبر المبتدأ «من» رزق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) : حرف جر و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور في محل نصب حال من «رزقا» لأنه صفة له قدّم عليه. رزقا : مصدر سدّ مسدّ المفعول به و «حسنا» صفة ـ نعت ـ للموصوف «رزقا» منصوب مثله وعلامة نصبهما الفتحة المنونة.

(فَهُوَ يُنْفِقُ) : الفاء استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ينفق : تعرب إعراب «يقدر» والجملة الفعلية «ينفق» في محل رفع خبر «هو».

(مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) : جار ومجرور متعلق بينفق. سرا : حال من ضمير «ينفق» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وجهرا : معطوف بالواو على «سرا» ويعرب مثله بمعنى سرا وعلنا ويجوز نصبهما على الظرفية أي وقتي سرّ وجهار أو مجاهرة أو على المصدر بمعنى : ينفق إنفاق سرّ وإنفاق جهار.

(هَلْ يَسْتَوُونَ) : حرف استفهام لا محل له. يستوون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : هل يستوي الأحرار والعبيد؟

(الْحَمْدُ لِلَّهِ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع خبر المبتدأ أي مختص لله.

(بَلْ أَكْثَرُهُمْ) : حرف ابتداء أو استئناف لا محل له. أكثر : مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(لا يَعْلَمُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يعلمون : تعرب إعراب «يستوون».

٤١٥

(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٧٦)

(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ) : معطوف بالواو على «ضرب الله مثلا عبدا» الوارد في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابها وعلامة نصب «رجلين» الياء لأنه مثنى والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته.

(أَحَدُهُما أَبْكَمُ) : الجملة الاسمية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «رجلين» أحد : مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة و «ما» علامة التثنية أو يكون الميم علامة الجمع أو حرف عماد لا محل له والألف حرف دال على تثنية الغائب. أبكم : خبر «أحدهما» مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» وبوزن الفعل.

(لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «أحدهما» أو في محل رفع صفة ـ نعت ـ لأبكم. لا : نافية لا عمل لها. يقدر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجار والمجرور «على شيء» متعلق بيقدر.

(وَهُوَ كَلٌّ) : الواو عاطفة ويجوز أن تكون حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو : ضمير منفصل ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كلّ : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.

(عَلى مَوْلاهُ) : جار ومجرور متعلق بكلّ ـ على تأويل فعله ـ وعلامة جره ـ جر الاسم ـ الكسرة المقدرة على الألف للتعذر والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة بمعنى وهو عالة وليّ أمره.

(أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) : اسم شرط جازم مبني على الفتح في محل نصب ظرف مكان متعلق بجوابه و «ما» زائدة. يوجّهه : الجملة الفعلية في محل جر

٤١٦

بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «أين» وهي فعل مضارع مجزوم بأين وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : إلى أيّ جهة يرسله.

(لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يأت : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط ـ جزاؤه ـ وعلامة جزمه حذف آخره ـ الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. بخير : جار ومجرور متعلق بيأتي.

(هَلْ يَسْتَوِي هُوَ) : حرف استفهام لا محل له. يستوي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : هو. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع توكيد لفاعل «يستوي».

(وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) : الواو حرف عطف. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع معطوف على الفاعل المضمر في «يستوي» يأمر : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالعدل : جار ومجرور متعلق بيأمر.

(وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) : الواو عاطفة ويجوز أن تكون حالية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. على صراط : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «هو» مستقيم : صفة ـ نعت ـ لصراط مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى : وهو في نفسه على سيرة صالحة.

(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٧٧)

٤١٧

(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : الواو استئنافية. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر مقدم. غيب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها.

(وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أمر : مبتدأ مرفوع بالضمة. الساعة : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) : أداة حصر لا عمل لها. كلمح : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. أو تكون الكاف للتشبيه بمعنى «مثل» اسما مبنيا على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ «أمر» و «لمح» مضافا إليه مجرورا بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. البصر : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي إلّا مثل لمح العين.

(أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) : حرف عطف للإبهام. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أقرب : خبر «هو» مرفوع بالضمة ولم ينوّن لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل صيغة تفضيل وبوزن الفعل أي هو عند الله أقرب.

(إِنَّ اللهَ عَلى) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إنّ» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. على : حرف جر.

(كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) : اسم مجرور بعلى وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والجار والمجرور «على كلّ ..» متعلق بقدير. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. قدير : خبر «إنّ» مرفوع بالضمة المنونة.

** (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) : هذا القول الكريم ورد في بداية الآية الكريمة السادسة والستين .. يقال : سقاه الماء ـ يسقيه ـ إيّاه .. من باب «رمى» وأسقاه إيّاه : بمعنى : أشربه إيّاه. و «السقاء» بكسر السين يكون للّبن والماء و «القربة» تكون للماء خاصة. والاسم : السقيا ـ بضم السين. وقيل : سقاه : جعله يشرب بشفته. وأسقاه أشرب ماشيته وأرضه. وسقيت الزرع فأنا ساق والزرع مسقيّ ـ اسم مفعول ـ ومؤنث «الساقي» اسم الفاعل. هو «الساقية» ويقال للقناة الصغيرة : ساقية لأنها تسقي الأرض. ومنهم من يقول : سقيته : إذا كان بيدك

٤١٨

وأسقيته : إذا جعلت له سقيا. أمّا كلمة «الاستسقاء» فهي الدعاء بطلب السقي مثل «الاستمطار» لطلب المطر. وقال : ممّا في بطونه أي ممّا في بطون هذه الأنعام وذكّر الضمير العائد عليها باعتبار إرادة الجنس كتذكير «هذا» في الآية الكريمة الثامنة والسبعين من سورة «الأنعام» واسم الإشارة يعود إلى الشمس وذكر لأن المراد بالشمس : الكوكب. و «الأنعام» وردت في القرآن الكريم على مراعاة جانب اللفظ وعلى جانب المعنى. وفي الآية الكريمة المذكورة جاء التذكير في «بطونه» مراعاة لجانب اللفظ فإنه ـ أي الأنعام ـ اسم جمع. وجاء تأنيثه في سورة «المؤمنين» : «في بطونها» أي من ألبانها لأن المراد رعاية جانب المعنى. ومعناه جمع أيضا. قال الزمخشري : ويجوز أن يقال في «الأنعام» وجهان .. أحدهما : أن يكون مكسر «نعم» أي جمع تكسير وأن يكون مفردا مقتضيا لمعنى الجمع. فإذا ذكّر فكما يذكّر «نعم» في قول الشاعر قيس بن الحصين الحارثيّ وهو صبيّ من بني سعد :

في كل عام نعم تحوونه

يلقحه قوم وتنتجونه

هيهات هيهات لما يرجونه

أربابه توكى فلا يحمونه

ولا يلاقون طعانا دونه

وإذا أنّث «الأنعام» فقيه وجهان : إنّه مكسر ـ جمع تكسير ـ نعم .. وإنّه في معنى الجمع. الشاعر يخاطب قوما من اللصوص والمغيرين .. ويقول لهم : تحوون كل عام نعما لقوم ألقحوه وأنتم تنتجونه في حكيم .. ثم يقول على طريق التحسر والتحزن : أرباب هذه النعم حمقى لا يجمعونه من غاراتكم ولا يحاربون بالطعان دونه فلهذا أنتم تأخذونه منهم بالغارة. و «توكى» جمع «تائك» وهو اسم فاعل للفعل «تاك» نحو : تاك ـ يتيك ـ تيوكا ـ بمعنى كان أحمق فهو تائك.

** (سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) : أي سهل المرور في الحلق .. يقال : ساغ له هذا الأمر ـ يسوغ ـ سوغا : بمعنى سهل وهو من باب «قال» و «ساغ» بمعنى : سهل مدخله في الحلق وأسغته إساغة : أي جعلته سائغا ويتعدّى الفعل بنفسه في لغة وقوله تعالى في سورة «إبراهيم» : «ولا يكاد يسيغه» معناه : يبتلعه. ومن هنا قيل : ساغ فعل الشيء بمعنى «الإباحة» ويتعدّى بالتضعيف فيقال : سوّغته أي أبحته. فهو مسوّغ ـ اسم مفعول ـ

** (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة السابعة والستين .. بمعنى وتتخذون من ثمار النخيل وعصير الأعناب. فحذف المضاف «عصير» وحلّ المضاف إليه «الأعناب» محلّه. أو بتقدير حذف مفعول. أي ونسقيكم من ثمرات النخيل والأعناب عصيرا تتخذون منه سكرا.

** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) : أي في ذلك المذكور .. فحذفت الصفة أو البدل المشار إليه «المذكور» أي المذكور من أمر النحل.

** (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) : أي لإدواء الناس .. فحذف المضاف «إدواء» وأقيم المضاف إليه «الناس» مقامه. ونكّر «شفاء» لاحتمال تعظيم الشفاء أو لأن فيه بعض الشفاء و «مختلف» اسم فاعل. ولم يقل «مختلف» لأن الفعل منه فعل لازم لا تأتي منه صيغة مفعول كما هو الحال مع الفعل المتعدي لأنه لا يصحّ أن يقال : اختلف الناس القضية .. بل نقول : اختلف القوم في القضية ولا يجوز فتح لام «المختلف» إلّا بعد تعديته بحرف جر في قولنا : هذه هي القضايا المختلف فيها.

٤١٩

** (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السبعين. المعنى من يعمّر فيصل إلى أردأ العمر أي أخسّه أي الهرم فيصبح كالطفل. يقال : رذل ـ يرذل ـ رذالة .. من باب «ظرف» بمعنى : صار رذلا أي خسيسا رديئا. وهم أرذال ورذلاء. أما «العمر» فمأخوذ من عمر الرجل ـ يعمر ـ عمرا .. من باب «فهم» بمعنى : عاش زمانا طويلا وعمرت الخراب .. من باب كتب فهو عامر .. و «عمر» معدول من «عامر» ولهذا منع من الصرف. أما «عمرو» فهو اسم علم أيضا وتلحق به الواو رفعا وجرا تفرقة بينه وبين عمر ويجمع على «أعمر» و «عمور» وإذا جاءت لفظة «عمرو» منصوبة حذفت الواو نحو : إنّ عمرا شاعر كبير وحذفت الواو لأن هذه اللفظة لا تلتبس في حالة النصب مع لفظة «عمر» لأنها لا تنوّن فواو «عمرو» تسقط في النصب وتخلفها الألف وفي حالتي الرفع فنحن مضطرون إلى إبقاء الواو في «عمرو» وتنوينه للفرق بينه وبين عمر قال جرير بمدح عمر ابن عبد العزيز :

نال الخلافة إذ كانت له قدرا

كما أتى ربّه موسى على قدر

فلن تزال لهذا الدين ما عمروا

منكم عمارة ملك واضح الغرر

«قدرا» أي مقدرة. وعلى قدر : بمعنى : على موعد قدّرة الله تعالى له. وما عمروا : بمعنى : بقوا. أمّا «الغرر» فهي جمع «غرّة» وهي بياض من جبهة الفرس. يقول الشاعر : عمر الله منزلك يا عمر وجعله أهلا بسكّانه ودام الملك وعزّة الدين بكم. أما «العمران» فهما : أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطاب. وقال قتادة : هما عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.

** (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والسبعين وحذفت النون في «رادّي» للإضافة وهي جمع «رادّ» ولو ثبّتت نون «رادي» أي «رادّين» لانتصبت كلمة «رزقهم» مفعولا به لاسم الفاعلين «رادّين» لأن فعله متعد وهو يعمل عمل فعله.

** (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الرابعة والسبعين والتقدير والمعنى : إنّ الله يعلم فساد ما تزعمون أو يعلم الحقائق وأنتم لا تعلمون ذلك أو كنه ذلك بسبب جهلكم فحذف مفعول «يعلم» وهو «فساد زعمكم» ومفعول «تعلمون» أي ذلك وكرّر حذف مفعول «لا يعلمون» في الآية الكريمة التالية أي بل أكثرهم لا يعلمون الفرق.

** (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة السادسة والسبعين .. وفيه حذف مفعول «يأمر» اختصارا .. التقدير والمعنى : يأمر الناس بالعدل اي هل يستوي هو ورجل تامّ العقل يأمر الناس بالعدل والإحسان أو يأمر بالعدل بين الناس.

** (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أي ولله علم غيب .. أي ما غاب في السموات والأرض .. فحذف المضاف المبتدأ المؤخر «علم» وحلّ المضاف إليه «غيب» محله وارتفع ارتفاعه على الابتداء.

** (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) : أي وما أمر قيام الساعة في سرعته وسهولته على الله تعالى إلّا هو كرجع العين .. فحذف المضاف إليه الأول «قيام» وحلّ المضاف إليه الثاني «الساعة» محله.

٤٢٠