تفسير سورة هل أتى - ج ١

السيد جعفر مرتضى العاملي

تفسير سورة هل أتى - ج ١

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المركز الإسلامي للدّراسات
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

(سَمِيعاً بَصِيراً) ، بصيغة المبالغة :

وسبب التعبير ب (سَمِيعاً بَصِيراً) هو :

١ ـ إن الهدايات الإلهية تحتاج إلى السميعية ، والبصيرية العميقتين ، ولا يكفي فيها مجرد السمع والبصر ..

وعلى ذلك جاء قوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) (١).

وقال سبحانه : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها) (٢).

وقال : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) (٣).

وسبب ذلك أن هناك آيات ومعجزات وكرامات تحتاج إلى إدراك عميق ، وإلى ضمير حي ، ووجدان طاهر ، يستطيع أن يحوّل تلك الإدراكات إلى محفزات وبواعث ، توقظ الفطرة ، وتجعلها تتفاعل وتنشدّ إليها ، وتلتذ وتسعد بها.

ولأجل ذلك نلاحظ أن الخطاب الإلهي المرتبط بالأمور العقائدية ، كالتوحيد مثلا ، يحول الأمر العقائدي إلى أمر واقعي ، وحياتي تنشد إليه الفطرة ، وتستعيده كقوة محركة في داخل وجودها ..

وبما أن الهدايات كلها ، ومنها العقلية والتشريعية ، لا بد أن تنتهي إلى

__________________

(١) سورة الملك الآية ١٠.

(٢) سورة الأعراف الآية ١٧٩.

(٣) سورة البقرة الآية ٧.

٨١

الهداية الفطرية ، فإنه تعالى لم يتحدث للإنسان عن التوحيد مثلا ، وعن صفات الله ، وعن الآخرة ، وعن .. وعن .. بالطريقة الفلسفية أو النظرية المجردة ، فلم يستدل له بالدور أو التسلسل ، أو بغير ذلك من مصطلحات.

بل اتخذ في حديثه عن الآخرة أسلوب : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ* أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ* إِنَّا لَمُغْرَمُونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) (١).

وقال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ* قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٢).

ومن الواضح : أن الليل والنهار ، والماء ، والزرع ، والنار ، ونحو ذلك هي من صميم حياة الإنسان ـ ولها ارتباط مباشر ترتبط بحركته ، ونشاطه ، وعمله ، ونومه ، وراحته ، وأكله وشربه ، ونحو ذلك ..

وحتى حين قال تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (٣) فإنه

__________________

(١) سورة الواقعة الآيات ٦٣ / ٧٢.

(٢) سورة القصص الآيتان ٧١ / ٧٢.

(٣) سورة الأنبياء الآية ٢٢.

٨٢

إنما أثار أمام الإنسان موضوع الفساد الذي يخشاه «الإنسان».

وقال تعالى أيضا ، فيما يرتبط بالتوحيد : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ* وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ* وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ* وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (١).

وقال : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (٢).

وقال : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) (٣).

فهو تعالى يقدم لنا التوحيد على أساس أن نومنا وأكلنا وشربنا وكل مفردات حياتنا وسعادتنا ، مرتبط به.

وهذا هو الأسلوب الذي يفهمه البشر كلهم ، ويريد الله من خلاله أن يستدرجهم إلى الهدى جميعا.

أما الأسلوب الفلسفي ، أو أي أسلوب آخر ، فهو خاص بفئة من الناس ، لا يصلح لأن يخاطب به جميع الناس.

تماما كما هو الحال في قضية «عاشوراء» ، فإنها مفهومة للبشر جميعا ، لكن صلح الإمام الحسن [عليه‌السلام] إنما يفهمه فريق من

__________________

(١) سورة الروم الآيات ٢١ / ٢٤.

(٢) سورة الغاشية الآية ١٧.

(٣) سورة يونس الآية ٦٧.

٨٣

الناس ، وذلك بسبب تدني مستوى الوعي والمعرفة من جهة ، ولأن كثيرا من الحقائق قد طمست ، أو أثيرت حولها الشبهات من قبل الطغاة ، والظالمين ، وأهل الأهواء ، من جهة أخرى ..

وإذا كانت المعرفة متمازجة مع فطرة الإنسان ، ومتجذرة في عمق ضميره ووجدانه ، وليست مجرد معادلة عقلية ، أو تصورات ذهنية ، فسيكون لها التأثير العميق في كيان الإنسان ، تماما كتلك المعرفة بالله ، التي تشعر بها الأم بعد استجابة دعائها بشفاء ولدها ، ونجاته من موت محتم ، فإن هذه المعرفة تغنيها عن كل دليل فلسفي أو غيره ، بل إن الفيلسوف قد لا يشعر بعظمة الله مثلما تشعر بها تلك المرأة ، وإنما يكون إيمان الفيلسوف مجرد استسلام للدليل القاهر لعقله ، من دون أن يكون أي تفاعل مع وجدانه وفطرته.

فدليله بمثابة الآيات المعجزة التي تقهر العقل ، أما انسجامه مع الله وفناؤه فيه ، فله سبل ووسائل أخرى.

٢ ـ لعل من أسباب اختيار صيغة المبالغة ، وهي سميع وبصير أيضا ، أن البصر إنما يوصل إلى الإنسان الأشكال والألوان والأحجام ؛ ويمكّنه أيضا من إدراك جزئي لبعض المسافات .. ولكنه يحتاج لكي يكون بصيرا إلى قوة وحدّة في البصر ، تمكنه من إدراك دقائق وخفايا قد يعجز عنها البصر العادي. فما يدركه من خلال حدّة البصر ، هو أمور أخرى تضاف إلى ما كان قد أدركه أولا ..

أما السمع .. فإن أصل حصول السمع يحتاج إلى حاسة السمع ، ثم ينعدم المسموع بمجرد حصوله .. ثم ينتقل منه إلى حصة وجودية أخرى ، فيدركها السمع أيضا ، ثم تتلاشى لتأتي حصة أخرى بعدها ، وهكذا ..

٨٤

فإذا دق الصوت وخفت ، فقد يدركه السمع الرهيف القوي ، وقد يعجز عن إدراكه فيتلاشى لتأتي حصة أخرى مماثلة يكون لها نفس الحالة ..

فالسمع والمسموع متحدان في الوجود ، وفي التلاشي. والاختلاف بينهما إنما هو في طرف النسبة ، وليس الأمر كذلك في المبصرات دقت أو جلت ، فإن المبصرات تبقى موجودة ، سواء نالتها الأبصار ، أم عجزت عن نيلها ..

والسميعية تبقى هي الأهم ، والأولى بالملاحقة ، لأن فوات السمع مساوق لفوات المسموع ، لأن الصوت يتلاشى بصورة تدريجية كما قلنا ..

٣ ـ ومن جهة أخرى : فإن المسموع إذا علمنا بوجوده عن غير طريق السمع ، فإنما نعلم به ـ إذا لم يكن هناك إخبار غيبي ـ بعد انقضائه وتلاشيه .. أما المبصرات ، فيمكن أن نعلم بوجودها مع بقائها. فيكون وجودها سابقا على علمنا ، ومصاحبا ومرافقا له ، وباقيا بعده ..

حاسة السمع هي الأسبق :

وعن حاسة السمع نفسها نقول : إن ثمة حديثا بين أهل الاختصاص عن أن حاسة السمع هي الأسبق ظهورا ونشاطا عند الجنين ، وهي آخر الحواس موتا في الإنسان.

وهناك من يسعى إلى تأكيد ذلك ، بما ثبت عن النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] ، من أنه قد خاطب قتلى بدر ، وهم في البئر. كما أن الإمام عليا [عليه‌السلام] قد خاطب بعض القتلى في حرب الجمل ، وقد أخبرا صلوات الله وسلامه عليهما وعلى آلهما : أن أولئك المخاطبين قد سمعوا ووعوا ذلك الخطاب ، ولكنهم لا يقدرون على الجواب.

٨٥

وورد في الشرع استحباب تلقين الميت معتقداته بعد موته ، وأن الملائكة الذين يأتون لسؤال الميت عن ذلك يعودون من حيث أتوا ، حيث يرون أن الميت قد لقن حجته ، وأصبح قادرا على الإجابة الصحيحة.

ولكن قد يقال : إن هذا إما جار على سبيل الإعجاز ، كما فيما جرى للنبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] وللإمام علي [عليه‌السلام] ، أو هو نشأة خاصة بالنشأة الأخرى ، أو أن الكلام إنما هو مع الروح ، وليس لحاسة السمع لدى الميت دور في ذلك ، كما في المثالين الأخيرين.

سامع أم سميع؟ :

ولأنه لا يكفي في الهداية بواسطة الأنبياء مجرد وجود سمع وبصر ، بل تحتاج إلى سميعية وبصيرية ، فقد أراد أن يبين مدى وحدود فعالية حاستي السمع والبصر ، من حيث إن الابتلاء قد أنتج شدة رهافة في السمع ، وحدة في البصر ، بسبب حالة من الاحتكاك والصراع بين متطلبات الجسد ، ومتطلبات الفطرة الإنسانية ، التي تنشد الحصول على كمالاتها ، وقد نشأ ذلك عن تلك الأمشاجية ، بما فيها من مزايا روحية ونفسية ، وملكات ، هي مبادىء للإدراك ، ثم الاختيار والإرادة ، التي هي مبدأ صدور الأفعال من الإنسان ..

وحتى في الاستعمالات العرفية ، فإنه فرق بين قولك : بصرت الشيء أو بصرت به ، بمعنى وقع نظرك عليه ، وبين قولك : أنا بصير بالشيء ، أي خبير به ، أي عارف بخفاياه وأسراره ، سواء أكانت خبرتك أتت عن طريق البصر ، أم السمع ، أم القراءة ، أم اللمس ، أم الوحي ، أم غير ذلك. فكلمة بصير عندهم كناية عن عمق الخبرة بالشيء. ولأجل ذلك لم يكف قوله : «سامعا مبصرا» ، عن قوله : «سميعا بصيرا» ..

٨٦

نظرة إجمالية لمسار الخطاب في الآيات :

قد يغفل الإنسان عن أمور لا ينبغي له أن يغفل عنها ، فتذكيره بها يكون إحسانا إليه ومساعدة له ..

وقد يجهل الإنسان بأمور يكون علمه بها ضروريا ، فيحتاج إلى أن يتعلمها ..

وقد يكون عالما بالأمور ، لكنه يتعامل معها معاملة الجاهل أو الغافل ، لأسباب يرى أنها تبرر له ذلك ، فيحتاج إلى من يناقشه في تلك الأسباب ، ويوقفه على عدم قدرتها على تبرير موقفه هذا ..

ويكون من يتصدى لذلك قد أسدى إليه خدمة جليلة ، لأنه يكون قد ثبته على ما في ثباته عليه مصلحة له ، أو جنّبه الآثار والأوضاع السلبية ، التي يجب أن يتخلص منها ، سواء في ذلك منها ما له أثر سلبي على روحه ، أم على فكره ، أم على أي شأن من شؤون حياته ..

ومن الواضح : أن الأحوال النفسية ، والروحية ، والحياة الاجتماعية ، والقدرات والإمكانات في مختلف المواقع والمواضع ، لا تطلب لنفسها ، وإنما تطلب لأجل دورها ، وآثارها في الأعمال والمواقف.

والمواقف والأعمال أيضا لا تطلب لذاتها ، بل تطلب لغاياتها الشريفة والفاضلة ، وهي الوصول إلى الله سبحانه ، والحصول على مواقع القرب والزلفى لديه. وتحقيق ما يرضيه ، وتجنب ما يسخطه ..

والعلم بالله سبحانه له قيمة حقيقية كافية فيه وفي نفس حصوله ، لكن العلم بغير الله ، فإن قيمته ليست في بداياته ، وفي نفس حصوله لدى العالم ، وإنما هي في نهاياته ، وغاياته ..

وإذا نظرنا إلى قضية الإيمان والكفر ، فسنجد أنهما تعبير آخر عن

٨٧

العلم بالمعنى المشار إليه .. فالكفر يمثل حالة الجهل المركب ، المعتضد بالاستكبار والعناد .. وأخرى يكون غفلة واحتجابا حقيقيا ، وابتعادا وغربة عن الحق ..

أو أن الكفر هو حالة من التمرد والتعدي على مقام العزة الإلهية ، وأخذ موقعه ، واستبدال الحق الصادر عنه بباطل يفسد الحياة ، ثم السعي لوأد ذلك الحق ، أو لا أقل إلى إبعاده عن ساحة العمل والتداول ، وعدم الاعتراف به ، حتى مع رؤيته له .. كما قال الله تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (١) ..

فإن من الواضح : أن هذا الاحتجاب هو العمق الواقعي لكلمة الكفر. فالزارع كافر ، لأنه يحجب البذر بالتراب ، ويغطيه به. والليل كافر ، لأنه يحجب الأشياء عن أن ينالها النظر ..

أما الإيمان ، فهو يمثل حالة الوعي واليقظة ، والتزام الحق ، والسكون إليه ..

وحين يتحدث الله سبحانه عن خلق الإنسان من نطفة أمشاج ، فإنما يريد أن يعالج حالة الغفلة التي تعيشها هذه النفس الإنسانية ، المؤمنة والكافرة على حد سواء ..

فأما الكافرة التي احتجبت عمدا أو غفلة وجهلا عن الحق ، أو حجبت الحق عن الحضور في مواقع الحركة في الحياة ، فيحاول دفعها إلى إزالة ذلك الحجاب ، للخروج عن حالة التحدي للسنن الإلهية ، والتمرد على إرادة الله ، والسعي لإفساد الحياة ، والعبث بنواميسها ..

__________________

(١) سورة النمل الآية ١٤.

٨٨

وأما النفس المؤمنة المطمئنة التي تعيش السّلام بكل معانيه ، فيريد أن يزيدها يقظة ، وحصانة ، واندفاعا ، وتوثبا نحو العمل الجاد للرقي في مدارج الكمال ، ونيل المعارف ، والحصول على التوفيقات ، والهدايات ، والألطاف الإلهية ، في كل موقع تكون فيه ، للتحرك منه إلى مواقع تطمح لأن تصل إليها ..

فهذا الخطاب الإلهي للمؤمن وللكافر ، هو خطاب تربوي تدبيري ، تعليمي ، يهدف إلى فتح قلب الكافر ليستقبل إشراقة النور ، ثم إلى تثبيت المؤمن ، وتقويته ، ليزداد إيمانا ، ويقينا ، وإبعاده عن مواقع الخطر ، وتحصينه في مواجهة كل التحديات الشيطانية.

على أن من الواضح : أن العلم وحده لن يكون كافيا لتحقيق الهداية ، بل هو قد يكون سببا في الضلال ، والإضلال .. كذلك الذي (أَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) (١) .. (الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) (٢) ..

وذلك لأن الشيطان يأتيه عن طريق هذا العلم بالذات ، فيضخم له نفسه ، ويخرجه من حالة التوازن ، ويدعوه إلى العجب ، والزهو ، والعلو ، ويدفعه لأن يدعي ما ليس فيه ، وما ليس له ، ويتجاوز حدوده ..

وإنما تمكن الشيطان منه ، لأنه إنما أشغله ببدايات العلم ، فبهرته أحجامه ، وأقسامه ، وطمس وعمّى عليه غاياته الكبرى والسامية والنبيلة .. كالذي يريد تفسير القرآن ، فيشغل نفسه بعدّ حروفه ، وكلماته .. وخصوصيات النغم الصوتي حين أداء الكلمات ، ويغفل عن المعاني ،

__________________

(١) سورة الجاثية الآية ٢٣.

(٢) سورة الأعراف الآية ١٧٥.

٨٩

وعن الأوامر والزواجر ، وعن القيم والمثل والمآثر التي يدعوه إليها القرآن .. وعن الغايات التي يدفعه إليها ..

وقد جاءت هذه الآيات التي تحدثت عن خلق الإنسان من نطفة أمشاج الخ .. ، لإعادة هذا الإنسان إلى دائرة التوازن ، وإلى حجمه الطبيعي ، لكي يتأمل ويفكر ، بعيدا عن أي خيلاء أو عجب مهلك ، واستكبار مقيت ..

وقد نصبت له الغايات والنهايات أمام عينيه ، وجعلت الخيار والاختيار إليه .. وقالت له : هذه بدايتك ، وهذه نشأتك ، فلم تستكبر (١)؟! ولم تزهو؟ ولم تطلب ما ليس لك بحق؟! وهل يجوز لك أن تستكبر وتتمرد على من أعطاك القوة ، وخلقك ، ورباك ، ونشأك؟! أليس ذلك يعد خروجا عن مقتضيات فطرتك؟! ..

ثم وجه إليه التهديد بعيدا عن حالة التحدي ، والمواجهة ، وإنما بصورة ترتيب النتائج على مقدماتها ، بعد كشف الواقع أمامه ، وإعادته إلى التوازن ، وإرجاعه إلى حجمه الطبيعي ، وتنفيس الانتفاخات الكاذبة التي كان يرى نفسه فيها ، من خلال إدخاله في حسابات دقيقة ، وتفاصيل لا بد له من وعيها ، مع تعريفه بأن هذه المراحل ليس له هو أي تدخل فيها ، ولم يبذل فيها أي جهد.

ولأجل ذلك ، فإنه يصبح بإمكانه أن يفهم بعمق معنى قوله له : إنه إن أساء الاختيار ، فله السلاسل ، والأغلال ، والسعير .. وبشّره ، إن أحسن الاختيار ، بما يبشر به المؤمنون الأخيار ، والمتقون الأبرار ..

وفي سياق هذه الآيات المباركة ، نلاحظ : أن الله سبحانه قد أغرى

__________________

(١) الاستكبار هو أن يطلب أن يكون كبيرا ، مع أنه فاقد لذلك في الواقع.

٩٠

هذا الإنسان بالرجوع إلى ربه ، وإنشاء العلاقة معه ، حيث عرّفه بأنه لم يزل يرعاه ، ويهتم به في كل لحظة وآن .. وأنه هو الذي يربيه وينميه ، وينشؤه .. ويتفضل عليه بالنعم ، من دون أن يقهره على شيء ، بل هو يعطيه كل القدرات وكل الإمكانات ، ثم يعطيه حق الاختيار ، ويمكّنه من أن يتصرف في كل شيء ، وأن يحدد موقفه وموقعه .. حتى لو كان ما يختاره يتعارض مع ما يريده الله منه ، وما يدعوه إليه ..

وتلمس في هذه الآيات المباركة كيف أنه تعالى لا يبادر إلى التهديد والوعيد ، في أسلوب قمعي ، قاس ، وصاعق .. بل هو يمهد إلى إخراج الإنسان من جهله وغفلته ، واستكباره ، وعجبه ، وكفره ، وضلاله ، وانحرافه ، بأسلوب رضي عطوف ، يهيؤه لتلمس واقعه بنفسه ، ممسكا بيده برأفة ، وبلطف ، وعطف ، مذكرا إياه بمحبة الله ورعايته له ، مثيرا كوامن وجدانه ، وبريء مشاعره وأحاسيسه ، وصافي فطرته ، بصورة السؤال ، لا بصورة الخبر المفروض : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً).

وآيات السؤال عن الخلق وكيفياته كثيرة :

(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)؟!

(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (١)؟!

(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ* وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) (٢)؟!

ألم .. ألم ..

__________________

(١) سورة القيامة الآية ٣٧.

(٢) سورة البلد الآيتان ٨ / ٩.

٩١

فلما ذا الصدود منه إذن؟ ولما ذا الاستكبار؟! .. ولما ذا الكفر؟! .. ولما ذا؟! .. ولما ذا؟! ..

ثم هو يترك الخيار له في أن يجعل نفسه مع أي فريق شاء .. فهو الذي يختار ـ بعد هذا البيان ـ الاستكبار والعناد ، فيكون كافرا .. فيواجه مصير الكافرين .. أو يختار الإيمان ، فيكون من ومع المؤمنين ..

ثم يعرض عن الخطاب مع هؤلاء لكي تستمر الآيات في بيان أحوال أهل الإيمان ، لأنهم هم الذي يجسدون الإنسانية الحقيقية .. مقدما لهم المثل والنموذج الأعلى للإنسانية ، وهم أهل البيت [عليهم‌السلام] ، ليكونوا لهم الأسوة والقدوة والمثال ..

فيرغب الإنسان العاقل بالتأسي بهم. والسير على نهجهم ..

وهذا ما سيتضح في تفسير الآيات التالية ..

* * *

٩٢

الفصل الثالث :

(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)

٩٣
٩٤

قال تعالى :

(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً).

«إنّا» :

ويرد هنا سؤال ، وهو :

لما ذا قال تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ) ولم يقل : «فهديناه». أو «ثم هديناه» ..

وقد يقال في الجواب :

إن سبب ذلك هو أن السميعية والبصيرية تعبير عن درجة عالية من الإدراك ، يستطيع الإنسان من خلالها أن يبصر المعجزات ، ويتفاعل معها ، ويبصر ويسمع كل ما من شأنه أن يفتح باب هداية ، سواء كان ذلك بالتعليم له ، أم بالتدبر والتفكر في خلق الله ، وربط المقدمات بالنتائج ، والوسائل بالغايات والأهداف.

وذلك معناه : أن الهداية المذكورة هنا هي نتيجة تلك السميعية والبصيرية ، التي نشأت عن الابتلاء ، المستند إلى الأمشاجية في النطفة. فالمراد هنا كل ما يوجب الهداية ، من شرع وعقل ، وتفكر ، وتدبر وما إلى ذلك ، ولا ينحصر الأمر بالهداية التشريعية ..

لكن قد يقال : إن ثمة فهما آخر للآيات ، وهو أنه تعالى قد ابتدأ كلامه بصورة الاستئناف في قوله : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) موازيا لقوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ ..) فلعله لكي يشير إلى

٩٥

أن الهداية للإنسان قد بدأت مذ خلقه الله نطفة ، حيث صاحب هذا الخلق له إعطاءه الحالات والميزات التي بدأ من خلالها مسيرته التكاملية ، فهو خلق لوحظ فيه مضمون المخلوق ، وحالاته ، وأشكاله ، وتفاصيله .. وروعيت أيضا في كيفية خلقه ، وأوضاعه ، وكونه أمشاجا ، أن يكون أهلا للابتلاء ، ثم انتقل إلى الابتلاء الذي من شأنه أن ينقله إلى مراتب أعلى .. فأوصله ذلك إلى درجة السميعية والبصيرية ..

فالهدايات إذن قد بدأت منذ نشأة الإنسان ، فكانت له الهداية التكوينية ، ثم الإلهامية ، ثم الحسية ، ثم الفطرية ، ثم الغريزية ، ثم العقلية ، ثم التشريعية ، وهذا معناه أنه لو قال : فهديناه السبيل ، لكان المراد بالهداية هنا هي الهداية التشريعية ، لكنه لما قال : (إِنَّا هَدَيْناهُ ..) عرف أن المراد : أن هدايته قد صاحبته منذ بداية خلقه ..

غير أن التأمل الدقيق في هذين الفهمين لمسار الكلام في الآيات يعطي : أن كلا من هذين السياقين متمم للآخر ، وليس مختلفا معه. فإن وجود الهدايات للإنسان منذ بدء تكوينه ، لا يأبى عن كونه لا يزال محتاجا إليها أيضا حتى بعد حصوله على السميعية والبصيرية ، وذلك ظاهر لا يخفى ..

«هديناه» :

والهدايات التي أشرنا إليها آنفا ، هي التالية :

١ ـ الهداية التكوينية ، ونشوء الإنسان وفق السنن ، ولا يتعلق غرضنا بالحديث عنها ..

٢ ـ الهداية الإلهامية ، ومصدرها الله سبحانه .. من قبيل هداية الجنين إلى مص إصبعه ، وهو في الرحم ، ثم اندفاعه بعد ولادته لالتقام ثدي أمه.

٩٦

٣ ـ الهداية الفطرية ـ وتدخل فيها الغرائزية .. وهي تنبع من داخل الإنسان ، من قبيل ميل الإنسان إلى العدل ، والكمال ، والعلم ، والفقه ، وحب الذات وغير ذلك من ميول طبيعية جبلّية ، نابعة من صميم الذات الإنسانية ، بلا حوافز من خارج ذاته ..

٤ ـ هداية الحواس الظاهرة ، فالسمع يهدي إلى الأصوات الرخيمة ، والمنكرة. والبصر يهدي إلى الأشكال ، والأجسام ، والألوان. والذائقة تهدي إلى أصناف الطعوم ، كالحلاوة ، والمرارة ، والملوحة ، ونحو ذلك. والشامّة تهدي إلى الروائح الكريهة والطيبة. واللامسة تهدي إلى الخشونة والنعومة ، والصلابة ، والليونة ، والحرارة والبرودة إلخ ..

٥ ـ هداية الحواس الباطنة ، لمعان قائمة بالنفس ، كالإحساس الوجداني بالخوف ، والحزن ، والفرح ، والأمن ، وما إلى ذلك.

أو هداية الحواس الباطنة لمعان قائمة في الذات ـ الجسد ـ كإدراك الجوع ، والعطش ، والألم ، والتعب ، والنشاط ، والإحساس بثقل الأجسام وخفتها ، وما إلى ذلك.

٦ ـ الهداية العقلية : وهي تتمثل في قوة يمن الله بها على هذا الإنسان ، تدرك له الكثير من المعاني التي لا تنال بالحس الظاهري ولا الباطني ، وربما كانت هذه المعاني نتيجة للمدركات الحسية أحيانا ، أو تكون المدركات الحسية طريقا إليها .. وقد تخرج عن هذا وذاك كما سيتضح.

هذه المعاني يحتاج إليها الإنسان في مسيرته الحياتية ، وفي بنائها على أسس صحيحة وسليمة.

وهي معان تفيد في تأسيس قواعد ومنطلقات ، وفي وضع ضوابط

٩٧

ورسم حدود لا مجال لتجاوزها .. وهذه الصور العقلية هي الأرقى والأتم في سلسلة الصور الوجودية التي يتعامل معها الإنسان ..

بيان ذلك : أن الصور العينية الخارجية لها حظ من الوجود ، ثم تأتي الحواس لتأخذ عنها صورا حسية ..

ثم يترقى مستوى الإدراك إلى حد إدراك أحوال المحسوسات ، وربما يتصرف في الصور أيضا ، فيدرك أن هذا أكبر من ذاك ، أو أطول ، أو يؤلف من خلالها صورا تشتمل على عناصر مؤتلفة ، فيتخيل المدينة الفلانية التي لم يرها ، من خلال صور ما رآه بالفعل.

ثم هذا القسم والذي سبقه هو عبارة عن صور حسية وخيالية للأعيان الخارجية ، لكن صورها تكون في الذهن ، سواء أكانت الصورة لنفس الشيء ، أم لحالة من حالاته ..

وهناك قسم ثالث : أرقى من القسمين السابقين ، وهو إدراك معان جزئية ، ليس لها منطبق خارجي محسوس بالحواس الخمس .. لكنه موجود حقيقي يدرك بآثاره ، وذلك كإدراك حب أبويه له ، وخوف الخائف ، وحزن الحزين ..

وهناك معان كلية ليس لها موطن إلا الذهن ، وليست صورا للأعيان الخارجية ، ولا هي من قبيل التصرف في صور المحسوسات ، ولا هي معان جزئية. وهي على قسمين :

أحدهما : معان كلية ذهنية ، محضة ، مثل مفهوم الكلي والجزئي ، والجنس ، والفصل.

الثاني : معان كلية موطنها الذهن ، وظرف وجودها الخارج ، مثل : الصغير والكبير ، والحسن والقبح .. والوحدة والكثرة ، والوجود والعدم.

٩٨

والعدل والظلم. فكأن لها قدما في الذهن ، وقدما في الخارج ..

وكل تلك الدلالات إنما تنطلق من داخل الإنسان ..

٧ ـ الهداية الشرعية ، وهي لا تأتي الإنسان من داخله ـ كما هو الحال في الهدايات السابقة ـ بل تأتيه من خارج ، لتأخذ بيده إلى حيث لا يجد العقل ، ولا غيره من وسائل الهداية الداخلية سبيلا للوصول إليه ، أو التعرف عليه .. ولتصوب له ما اشتبه الأمر فيه ، بسبب حيلولة الغرائز والشهوات ، حتى ظن الحق باطلا والباطل حقا ، وظن السراب ماء ، فلما جاءه لم يجده شيئا ..

وبعد هذا التوضيح نقول :

إن كل ما يوصل إلى الغرض ، فهو هداية إليه ، سواء أكان بالقول أم بالعمل ، شرط أن يكون للواصل درجة من المشاركة في ذلك. وبذلك تكون الهدايات التكوينية ، والإلهامية ، والحسية ، والعقلية ، وما شابه ؛ داخلة في ذلك ..

وإذا كانت هذه الهدايات قد صاحبت الإنسان مذ كان نطفة ، فإنه منذئذ يصبح موردا لقوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ ..) وتستمر معه الهدايات ، وهو يمر في مراحل الابتلاء ، إلى أن يصبح سميعا بصيرا ، ثم يحتاج إلى هدايات جديدة تضاف إلى ما سبق ، فتأتيه الهداية العقلية ، ثم يحتاج إلى الهداية الشرعية .. فالله سبحانه قد هداه السبيل لحظة فلحظة ، وآنا بعد آن .. وتمت عليه الحجة. وعليه هو أن يقرر ، ويختار ، فيكون (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ..)

فالهداية للسبيل إذن لم تبدأ بعد السميعية والبصيرية .. وإلا ، لكان المناسب أن يقول : ثم هديناه السبيل ، أو فهديناه ، بل بدأت منذ بداية خلقه ، واستمرت معه ..

٩٩

ظاهرة الجحود والإيمان :

ونريد أن نشير هنا إلى أن الهداية التشريعية قد جاءت في سياق الهدايات الأخرى ، لتؤكدها ، ولتركز مضامينها ، وتستجيب لمقتضياتها ، فدورها ليس سوى الإرشاد والدلالة إلى ذلك ، ولا شيء أكثر من هذا ..

فمن لم تستيقظ فطرته ، وتتعرف على مقتضياتها التي تسانخها ، بل بقيت منفصلة عنها ، بإملاءات الغرائز ، والأهواء. والشوائب ، والأغشية العازلة التي صنعتها المعاصي وغيرها ، فإن سبيله الذي سيتخذه هو الجحود .. وسيجنّد العقل وكل ما يملكه في خدمة تلك الغرائز ، فيمتثل أوامرها ، ويلبي حاجاتها .. ويكون وسيلة دفاع عن كل انحرافاتها ..

فإذا ما كسرت شرته ، بالمعجزة القاهرة ، فإنه سيندحر ويأرز في حجره .. ولكنه يبقى بانتظار الأوامر التي تصدرها له تلك الغرائز والأهواء ، لأنه قد فقد السميعية والبصيرية ، وأصيبت فطرته بالضعف والضمور ، وألمت بها عاهات ذهبت بقوتها ، وأبطلت حركتها ، أو ألمت بها تشوهات جعلت حركتها باتجاهات خاطئة ، ومنحرفة.

وهذا ما يفسر لنا استجابة الإمام علي [عليه‌السلام] ، وخديجة ، وأبي طالب ، وجعفر ، وحمزة للهدايات الإلهية ، من دون حاجة إلى رؤية المعجزة ، بل بتلمس فطرتهم للحق والدين ، وإدراكهم الوجداني لمزاياه ، وإحساسهم العميق بانسجامه مع واقع الخلق والتكوين ، وحقائق الوجود ، ومع الفطرة الصحيحة .. مما يجعل من كل هذه المخلوقات منظومة واحدة ، تسير باتجاه واحد ، وفقا للهداية الإلهية للخلق وللوجود بكل ما ومن فيه ..

كما أن هذا يفسر لنا النهج القرآني ، والبيان البرهاني ، لأمور العقيدة

١٠٠