الرجحان على طرفي النقيض ويتبعه الحكم فلا محذور.
السادس : ما ذكره العلامة (١) أيضا ، وهو أنّ المجتهد إما أن يكون مكلّفا بالحكم عن الدليل أو لا ، والثاني باطل لأنّه إن كان مكلفا بحكم معين في الواقع كان تكليفا بالمحال ، وإن كان مكلفا بحكم لا على التعيين كان قولا في الدين بمجرد التشهّي ، وهو فاسد ، فتعيّن الأول ، وحينئذ فالدليل إن كان خاليا عن المعارض كان تاركه مخطئا ، وإن كان له معارض فإن ترجّح أحدهما على الآخر كان الاخذ بالآخر مخطئا ، وإن تساويا كان الاخذ بكل منهما مخطئا لتعيينه ما ليس بمتعيّن ، وعلى التقديرين لا يكون الجميع مصيبا ، انتهى.
وفيه : أنّه يمكن كون المجتهد مكلفا بالحكم عما يكون دليلا عنده لا عن الدليل الواقعي حتى تلزم المحذورات المذكورة ، وحينئذ يمكن أن يكون جميع المجتهدين مصيبا لكون حكم كل واحد عمّا هو دليل عنده ، هذا.
فعلم أنّ الصحيح من الأدلة المذكورة هو الوجهان الأوّلان وفيهما كفاية ، وعلم بذلك بطلان القول بالتصويب بالبديهة ، فلا حاجة إلى ردّ أدلّتهم مفصلا لأنّا نعلم بطلانها إجمالا ، إلّا أنّه لا بأس بالإشارة الإجمالية إليها وإلى أجوبتها فنقول :
استدل للقول بالتصويب بوجوه ثلاثة :
الأول : أنّ الله تعالى أخبر بكفر من لم يحكم بما أنزل الله وفسقه في قوله :
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٢) وقوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
__________________
(١) نهاية الوصول : ٣١١ ، مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ٢٤٥.
(٢) المائدة ٥ : ٤٧.