تفسير من وحي القرآن - ج ١٦

السيد محمد حسين فضل الله

تفسير من وحي القرآن - ج ١٦

المؤلف:

السيد محمد حسين فضل الله


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الملاك
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٦

الآيات

(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) (٢٢)

* * *

معاني المفردات

(بِقَدَرٍ) : أي بمقدار معلوم.

(طُورِ سَيْناءَ) : جبل سيناء.

١٤١

(وَصِبْغٍ) ؛ الصبغ : الإدام الذي يؤتدم به ..

* * *

من مظاهر نعم الله

(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ) أي المنطقة العالية ، لأن كل ما علا الإنسان وأظله فهو سماء ، (ماءً بِقَدَرٍ) ، وهو المطر النازل حسب حاجة البلاد والعباد التي يحددها التدبير الإلهيّ ، (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) حيث تختزنه في آبارها وأنهارها وعيونها ، وتمتلئ به الخزّانات الجوفية. العميقة في باطن الأرض ، (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) بكل الوسائل الخفية أو الظاهرة التي تمنع الناس من الانتفاع به ، كأن تجففه ، أو تبخّره ، أو غير ذلك من الأمور التي يعلمها الله سبحانه ، (فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) من رطب أو تمر أو عنب أو زبيب ، (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ) وهي شجرة الزيتون التي تكثر في تلك المنطقة ، (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) أي : تثمر ثمرة تشتمل على الدهن المعروف بالزيت ، (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ). ولعل تخصيص هذه الأشجار يعود إلى كونها منتشرة في بلاد العرب التي نزل فيها القرآن ، أو لما ذكره بعضهم من خصائص مميزة تشتمل عليها.

(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ) وهي الإبل والبقر والغنم (لَعِبْرَةً) أي درسا تعتبرون به وتستوحون منه سرّ النعمة التي أنعم الله بها عليكم ، كما تستوحون منه الرعاية التي يشملكم بها من خلالها ، (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها) اللبن اللذيذ الذي تتنوع منافعه ، (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ) في أصوافها وأوبارها وأشعارها ، (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) من لحومها ، (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) من مكان إلى مكان ، فهي تختصر عليكم الزمن عند قطع المسافات الشاسعة ، وتخفف عنكم الكثير

١٤٢

من جهد السير وعنائه وحمل الأثقال ..

وتلك هي بعض نعم الله التي أنعمها عليكم ، أفلا تشكرون؟!.

* * *

١٤٣

الآيات

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ(٢٣) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) (٣٠)

* * *

١٤٤

معاني المفردات

(الْمَلَأُ) : رؤوس القوم وأشرافهم.

(يَتَفَضَّلَ) : أي : يتشرّف ويترأس عليكم ، بأن يصير متبوعا وأنتم له تبع ، فيكون له الفضل عليكم (١).

(جِنَّةٌ) : جنون.

(فَتَرَبَّصُوا) : فانتظروا.

(بِأَعْيُنِنا) : تحت نظرنا.

(فَاسْلُكْ) : ادخل.

(اسْتَوَيْتَ) : استقرّيت.

* * *

نوح عليه‌السلام مع قومه

ولم تقتصر نعم الله على العباد في ما سخره لهم من قوى كونية ، أو في ما خلقه من حيوان ينتفعون به ، بل تعدّت ذلك إلى النعم الرسالية التي تضمّنت توجيههم إلى ما يصلح أمورهم في الدنيا والآخرة بالإيمان والعمل الصالح ، من خلال رسل الله ورسالاته التي بلّغوها للناس ، ليهتدوا بها في ظلمات الحياة ..

__________________

(١) مجمع البيان ، ج : ٧ ، ص : ١٦٥.

١٤٥

وهذه جولة جديدة في تاريخ الرسل ، وفي النتائج السلبية التي واجهوها في إبلاغهم لرسالاتهم من قبل قومهم.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) ليهديهم سواء السبيل ، وليبلغهم رسالة الله ، (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) وحده ولا تشركوا به شيئا ، (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) ، لأن الآلهة التي تصنعونها بأيديكم ، أو التي ترفعونها إلى مقام الألوهية بإرادتكم ، أو التي تفرض نفسها عليكم من مواقع القوّة أو السلطة أو المال ، لا تحمل أيّ سرّ من أسرار الألوهية ، ولا تملك أيّ موقع من مواقعها لجهة ما تمثّله من قوّة مطلقة لا تقف عند حدّ ، ومعرفة غير محدودة ، بحيث لا يغيب عنها شيء ، وغنى مطلق لا تحتاج معه إلى أحد أو إلى شيء ، فارجعوا إلى عقولكم لتفكروا فتهتدوا بها ، وتحرّكوا مع فطرتكم التي تؤكد لكم بأن هذا السلوك الذي تسلكونه لا يحقق لكم أيّ مقدار من الأمن من الخوف الذي تعيشون ، (أَفَلا تَتَّقُونَ) الله الذي خلقكم ورزقكم من الطيبات ومن كل شيء ، وهداكم سواء السبيل ، لتقودكم التقوى إلى الإيمان بوحدانيته في خط العقيدة والعبادة.

ولكن هؤلاء ليسوا طلاب فكر ، وليسوا روّاد حقيقة ، بل هم أتباع شهوة ، وطلّاب منفعة ، ولهذا ابتعدوا عن التفكير في مضمون ما قدّمه إليهم ، وفضّلوا المبادرة إلى الرفض من أقرب الطرق التي لا تكلفهم عناء البحث والحوار وصولا إلى الحقيقة ، لأنهم لا يرغبون في معرفة الحقيقة والاطلاع على مواردها ومصادرها.

* * *

اتهام نوح بالجنون

(فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) فكيف يمكن أن يكون

١٤٦

نبيا مرسلا؟ وهل يمكن للبشر أن يصلوا إلى هذه الدرجة؟! إننا لا نؤمن بذلك ، فهو ككثير من الطامحين الذين يودون الوصول إلى مواقع اجتماعية متقدّمة في مجتمعهم من خلال الإيحاء للآخرين بأن لهم صفات خاصة أودعها الله بهم ليسيطروا على الناس من خلالها ، فهو (يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) ليكون له الميزة والفضل عليكم ، فيرأس الناس من موقع النبوّة ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) فالملائكة أقرب إلى الله ، وبذلك يكونون أقرب إلى هذا المركز الخطير ، فهل يمكن أن يستبدلهم بمثل هذا الإنسان الذي لا يتميز عن الناس بأية صفة من الصفات ، (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) ، وهم بالنسبة لنا المصدر الأوثق للمعلومات الدينية ، التي نلتزمها كعقيدة وسلوك ، فلم يرد منهم أيّ شيء من هذا القبيل.

(إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) لأن الذي يدّعي هذا الادّعاء ، ويدعو إلى التوحيد ورفض عبادة الأصنام ، لا بد من أن يكون به مسّ من جنون ، لأنه يتحدى الناس كلهم في عقيدتهم وسلوكهم ، ويزعم لنفسه الاتصال بالله بشكل مباشر أو غير مباشر ، (فَتَرَبَّصُوا بِهِ) أي أمهلوه واصبروا عليه حتى ينكشف أمره ، (حَتَّى حِينٍ) كي يرجع عن ذلك الجنون وإلا قتلتموه.

إنه موقف مرتبك متخبط يدفعهم إلى البحث عن كلمة ـ أية كلمة ـ لمواجهة دعوة الرسول ، وهم بنتيجته يرفضون الرسالة لبشر ، ويرضون الألوهية للحجر ، وينكرون المبدأ في هوّية صاحب الرسالة ، ثم يحكمون عليه بالجنون دون أيّ دليل على ذلك ، فهم لم يروا في شخصيته أيّ خلل في رأي أو سلوك ، ولكنه المأزق الذي يعيشه أصحاب الكفر والضلال ، فيبحثون عما يؤكدون به ضلالهم حتى بالباطل .. وتلك هي قصة الناس في كل زمان ومكان ، في تنكّرهم للحق ، وإصرارهم على العناد ، دون إعمال الفكر والوجدان.

* * *

١٤٧

طلب نوح النصرة من الله

(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ) فقد كان وحده ، ولكنه كان يشعر أن الله معه ، وكان يستمدّ القوّة من هذا الشعور ، كلّما أرادوا أن يضعفوا موقفه ، أو يهزموا روحه. كان يوصل الليل بالنهار ، ويستنفد كل التجارب والأساليب بغية الدخول إلى عقولهم وقلوبهم وحياتهم ، ولكنهم كانوا يزدادون عنادا كلما ازداد إصرارا على دعوتهم إلى الإيمان حتى لم يبق له ما يقوله لهم ، فقد قال كل شيء ، واستنفد كل الوسائل والأساليب ، لكنه بقي وحده ، مع قليل من المؤمنين ، فدعا ربّه يسأله النصرة عليهم جرّاء تكذيبهم له ..

(فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) : أي بنظرنا ، وهو تعبير عن الحفظ والرعاية الإلهية ، كأن معه من الله حفّاظا يكلأونه بعيونهم ، لئلا يتعرض له أحد في ما يقوم به من عمل ، (وَوَحْيِنا) في ما نوحي به إليك من طريقة الصنع ، وفي ما نعلمك من وسائل المواجهة ، (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا) بالطوفان الذي يغرق كل شيء حوله (وَفارَ التَّنُّورُ) بالماء الذي ينبع منه ، كما لو كان في حالة غليان وفوران ، (فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍ) مما حولك من الحيوان (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) من ذكر وأنثى ، (وَأَهْلَكَ) من عيالك (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ) ممن حقّت عليه كلمة العذاب بكفره وضلاله من زوجك وولدك ، (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم بالكفر والضلال ، لأن الموقف ليس موقف عاطفة تتحرك فيه شخصية الأب تجاه ولده ، أو الزوج تجاه زوجته ، بل هو موقف حقّ ورسالة تنطلق فيها العاطفة لتؤكد رفضها للكفر كله حتى من أقرب الناس إليه .. (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) فيمن يغرق من الكافرين.

* * *

١٤٨

قل الحمد لله

(فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ) من المؤمنين (عَلَى الْفُلْكِ) وتطلّعت إلى قومك الكافرين وهم يغرقون ويهلكون وينتهي أمرهم بعقاب الله ، فاذكر نعمة الله عليك وعلى هؤلاء الذين معك لما هداكم إلى دينه واختصكم برحمته ونصركم بنصره (فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بالكفر وظلموا المؤمنين بالبغي والعدوان .. (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً) تزيد لي فيه النعمة وتمنحني فيه الاستقرار (وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) ، لأنك الرّبّ الرحيم الذي يشمل عباده برحمته ويزيدهم من نعمته ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) لمن يتذكر ويعتبر أمام ما يشاهده من إنزال العذاب بالكافرين المتمردين على الرسل ، (وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) في ما نبتلي به العباد لنختبر مواقفهم في طريق الحق والباطل.

* * *

١٤٩

الآيات

(ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩) قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ (٤٠) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٤١)

* * *

١٥٠

معاني المفردات

(قَرْناً) ؛ القرن : أهل العصر الواحد.

(وَأَتْرَفْناهُمْ) : نعّمناهم ، من الترف وهي النعمة.

(هَيْهاتَ) : اسم فعل بمعنى بعد.

(غُثاءً) ؛ الغثاء : ما يحمله السيل مما يمرّ به من الأشياء الحقيرة البالية.

* * *

قوم هود .. والصيحة

(ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) وهم عاد قوم هود عليه‌السلام ـ كما قيل ـ بقرينة قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) [الأعراف : ٦٩] .. وكان هؤلاء الجيل الجديد الذي أعقب الجيل الذي هلك بالطوفان ، (فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) حسب السنّة المتّبعة التي تقضي بأن يكون النبيّ المرسل فردا من القوم الذين يعيش بينهم ، وكانت رسالته في مجملها هي رسالة نوح عليه‌السلام ، (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) من خلال التوحيد لله في العقيدة والعبادة والطاعة على خط المنهج والشريعة ، فهذا الأصل الذي تتفرّع عنه كل فروع الحركة والسلوك في الحياة التي تدعو الناس كلهم من خلاله إلى التقوى والانضباط على الخط المستقيم ، (أَفَلا تَتَّقُونَ) وتراقبون الله في السرّ والعلانية ، ذلك هو الصراط المستقيم.

(وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ،

١٥١

وتحوّل الترف عندهم إلى طبقيّة تتجلى في النظرة الفوقية إلى من هم دونهم في المستوى الاقتصادي ، وإلى قيمة اجتماعية ذات امتيازات خاصة تغريهم بالمحافظة على عاداتهم وتقاليدهم ، وتمنعهم من الاقتناع بأيّة دعوة إصلاحيّة ، خطها التوحيد والاعتراف بحرية الإنسان وحقه في احترام إنسانيته ، دون أن يكون للجاه والمال والنسب أيّة علاقة في ذلك ، ولذلك كانوا يواجهون أيّة دعوة رساليّة بالكفر والجحود ، وكانوا يرفضون التوحيد لله الذي قد يفقدون معه الكثير من امتيازاتهم الطبقية ، لأن أمثال هؤلاء الغارقين بأجواء الترف واللهو والعبث لا ينطلقون في مواقفهم من مواقع فكرية ، بل من مواقع طبقيّة ..

وهذا ما جعلهم يكذّبون الرسول ويعلنون الكفر ويعملون على إثارة عواطف الناس الذاتية تضده بأنه مثلهم في الشكل والعادات ، فكيف يقبلون أن يتقدم عليهم دون أن تكون له أيّة ميزة خاصة؟! وفي ذلك محاولة استثارة الزهو الذاتي وانتفاخ الشخصية لاستيلاد العداء الشخصي ضد الرسول بعيدا عن أيّة إثارة فكرية .. وذلك من خلال المقولة التالية المماثلة لما كان يثيره قوم نوح : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) ، وربما تضمنت الإشارة إلى مسألة المساواة في الأكل والشرب بعض الإيحاء بأن المساواة في القضايا الحسيّة تفرض مساواة في القضايا المعنوية ، باعتبار أن ذلك الجانب المادي من الحياة هو مقياس التقييم لدى الناس ..

ويتابع هؤلاء عملية الإثارة السلبية ـ في ما ينقله القرآن لنا من كلامهم ـ (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) لأن فقدان الامتياز المادّي في شخصية الرسول يعني أنه لا يحمل معه أيّ شيء يمكن أن يكون ربحا في الموقف الذي يدعوهم إليه ، أو تعويضا عن الخسارة التي قد تلحقهم في ما يمكن أن يحوّلهم عنه ..

* * *

١٥٢

قوم هود ينكرون البعث

ثم يتابعون الحديث عن طروحاته ، فيواجهونها بالمنطق الانفعالي الذي يستبعد اليوم الآخر استبعادا ، ولا يناقش إمكانية حدوثه عقليا : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) إنه الوعد الذي لم نألف له مثيلا في ما عرفناه. وشاهدناه ، وهل ينقلب التراب إلى حياة ، وهل تتحوّل العظام إلى إنسان؟ (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) إنه وعد بعيد عن الواقع والحقيقية ، (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) وتلك هي الحقيقة المادية التي تجسّدها الحياة والموت الذي يعقبها ويمتد ، فلا تتجدد الحياة منه أبدا ، كما يتحدث هذا الذي يدّعي الرسالة من الله ، فليس هناك أيّ عين أو أثر للحياة في أيّ شيء مات وانتهى ..

* * *

بعدا للقوم الظالمين

(إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) ، إنهم يحاولون التحدث بطريقة إيحائيّة تمنع الناس من التفكير الموضوعي الهادىء ، ولهذا فإنهم يصلون إلى النتيجة التي يريدون الوصول بالناس إليها مباشرة ، (وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) فكيف تؤمنون به أنتم ، في الوقت الذي تعرفون فيه أننا مصادر القرار؟!

(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ) بعد أن استنفد جهده الفكري والروحي والعملي ، ولم يبق لديه أيّ أمل في إيصالهم إلى الإيمان .. واستجاب الله له دعاءه : (قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) على هذا الموقف المتمرد المعاند الذي لا يرجع إلى حجّة ولا يقف أمام حقيقة ، (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِ)

١٥٣

فأهلكهم الله بالصيحة التي هزّتهم من الأعماق وصرعتهم ، بما يستحقّونه من ذلك ، (فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) كالأشياء الحقيرة التي يحملها السيل ، (فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ، الذين بعدوا عن الله ورسله ، وظلموا أنفسهم كما ظلموا الرسول والناس والحياة كلها ، فأبعدهم الله عن ساحة رحمته.

* * *

١٥٤

الآيات

(ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ (٤٢) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (٤٤) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦) فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (٤٨) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) (٥٠)

* * *

معاني المفردات

(تَتْرا) : من الوتر ، وهو الواحد تلو الآخر ، أي : بشكل متتابع.

(أَحادِيثَ) : جمع أحدوثة ، أي : يتحدث الناس بما جرى عليهم.

١٥٥

(وَسُلْطانٍ) : حجّة.

(عالِينَ) : متكبّرين.

(رَبْوَةٍ) : مرتفع من الأرض.

(وَمَعِينٍ) : الملاء الجاري.

* * *

تكذيب الأمم لرسلها

(ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) أيّ من بعد عاد (قُرُوناً آخَرِينَ) جماعات متعددة في عصور متعددة ، ولكلّ منها أجل في ولادتها ونموّها وحركتها وموتها ، تحدّدها السنن الكونية التي أودعها الله في الحياة ، (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) فهم خاضعون لإرادة الله في ذلك ، وهي لا تتخلّف عن إنجاز ما تريد ، فإذا كان قد حدّد لأية أمة حدّا معينا ، فإنها لا تسبقه أو تتجاوز مداه.

(ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) ، فقد كان الرسل ينطلقون في مراحل متتابعة ، باعتبار ان الأمم تتلو بعضها البعض ، وأن الله جعل لكل واحدة منها رسولا ، (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ) ، لأنه يريد تغيير الواقع من حولهم ، من خلال تغييره الفكر الذي أنتجه ذلك الواقع وحرّك خطواته وركز مواقعه .. ولم يكن ذلك ملائما لما اعتادوه أو ألفوه ، ولم يكن منسجما مع شهواتهم وملذّاتهم التي تمثّل القاعدة الثابتة التي يريدون إخضاع الحياة لها ، ولم يكن الأمر مقتصرا على التكذيب ، بل كان ينتهي تارة إلى الضرب والاضطهاد والإبعاد ، وتارة إلى القتل ، (فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً) بالعذاب والهلاك ، (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) لمن بعدهم ، كما تتحدث روايات التاريخ عن النتائج السلبية التي حصلت لهؤلاء نتيجة تكذيب رسلهم ، ليكون ذلك عبرة للأمم اللاحقة عند مواجهة خط

١٥٦

الرسالات ، (فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) ، لأنهم لم ينطلقوا من موقع فكر ، بل من موقع الأهواء والشهوات.

* * *

موسى .. وفرعون

(ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا) التي تتحرك في دائرة المعجزة ، كانقلاب العصا ثعبانا ، وخروج اليد بيضاء تلمع ، (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) في ما يملكان من البراهين القويّة على صدق رسالتهما ، وقوة موقفهما ، وكانت الدعوة الأولى (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) أي : وقومه ، باعتبارهم الطبقة المهيمنة على الواقع كله ، والقوّة القاهرة التي تمنع المستضعفين من ممارسة حرياتهم واختيار قناعاتهم الفكرية لجهة ما يؤمنون به وما يجحدونه ويكفرون به ، فجاءت دعوتهما إلى الايمان وإلى رفع أيديهم عن المستضعفين ، ليكون الدين كله لله ، ولتكون الحرية للمستضعفين من عباد الله .. وربما كان ذكر فرعون لما يمثله من تسلّط واستعلاء ، فكانت الدعوة موجّهة إليه أولا ، وذلك من باب أن الصدمة لا بد من أن توجّه للسلطة العليا في بادئ الأمر ، إضعافا لمركزها وزلزلة لمواقعها وإذهابا لهيبتها وإفساحا في المجال أمام الضعفاء بالتمرد عليها عند سقوط قناع العظمة الزائفة المخفية تحته نقاط الضعف ، بحيث يسقط تأثير القوّة في القلوب ، عند ما تسقط مصداقيتها في الواقع.

وجاء موسى وأخوه هارون إلى هؤلاء القوم ، وأعلنا لهم الدعوة إلى الإيمان بالله الواحد ، والسير على النهج الرسالي في شريعته ، والابتعاد عن اضطهاد المستضعفين .. وكان ذلك مفاجاة لهم ، فكيف يجرأ هذان اللذان لا يملكان أيّة قوّة على الوقوف موقف التحدي للعظمة الفرعونية التي تقف في

١٥٧

مصافّ الآلهة؟! (فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ) يعيشون الكبرياء والإحساس بالعلوّ على الناس ، لما يملكونه من امتيازات طبيعية وما يحتلّونه من مراكز متقدمة ، وكانت الربوبيّة التي كان يتربع عليها فرعون ويريد للناس أن يصدّقوه قمّة هذا العلوّ وهذه الكبرياء.

وشكّلت الكبرياء أساسا لرفض كلّ موقف رسالي في شكله ومضمونه .. وكان المنطق الذي يستخدمونه في الرفض منطق الطبقة العليا التي تحتقر الطبقة السفلى ، وتحتقر كل طروحاتها ، لأن من يملك شرعية مخاطبة الطبقة العليا هم الذين يقفون في المستوى نفسه من السلّم الاجتماعي.

(فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا) في الشكل؟! والبشرية ـ في نظرهم ـ لا تلتقي مع النبوّة ، (وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) مما يجعلهما في موقع العبيد لنا ، فهل يجرأ العبد أن يدعو سيّده إلى طاعته ، وإلى السير خلفه؟!

(فَكَذَّبُوهُما) بعد كل ما أبرزاه لهم من تحديات القوّة التي تستطيع أن تهزمهم في كل المواقف ، (فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ) حيث أغرقهم الله في البحر ، وجعلهم عبرة لأمثالهم ممن لا يعرف حدّه ليقف عنده.

* * *

بين موسى وعيسى عليه‌السلام

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) وهو التوراة (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) ولكنهم لم يهتدوا به ، بل تركوه وراء ظهورهم ، وربما كان المراد بالضمير بني إسرائيل الذين جاء موسى عليه‌السلام من أجل تحريرهم من عبوديتهم لفرعون ، وجعل العبودية خالصة لله وحده ، فأبوا إلا عبادة الشيطان ، (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) إذ إن الله خلق عيسى عليه‌السلام من دون أب ، فولدته أمه عليه‌السلام من دون ذكر

١٥٨

(وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ) في فلسطين التي ولد فيها السيد المسيح عليه‌السلام ، (ذاتِ قَرارٍ) يستقرّ فيه الإنسان ويطمئن ويهدأ ، (وَمَعِينٍ) أي وماء جار يرتوى منه.

* * *

١٥٩

الآيات

(يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤) أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (٥٦)

* * *

معاني المفردات

(فَتَقَطَّعُوا) : تفرقوا.

(زُبُراً) : جمع زبور ، وهو الكتاب.

(غَمْرَتِهِمْ) : الغمرة : معظم الماء السائرة لمقرها ، وجعلت مثلا للجهالة التي تغمر صاحبها.

* * *

١٦٠