تهذيب اللغة - ج ٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

مَفْصِل ما بيْن الكاهِلِ والعُنُق ثم الكاهل : وهو بين المَحْرَك والمَلْحاء ، والظَّهْرُ : ما بين المَحْرَك إلى الذَّنَب.

وقال الليث : الحَرَاكِيكُ هي الحَرَاقِفُ واحدها حَرْكَكَة.

ثعلب عن ابْن الأَعرابِي : حَرَكَ إذا منع من الحَقّ الذي عليه.

وحَرِكَ إذا عُنَّ عن النِّساء. والحَرِيكُ : العِنِّين.

وقال الفرّاء : حَركْتُ حَارِكَه : قَطَعْتُه فهو مَحْرُوك ، ورُوِي عن أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قال : «آمَنْتُ بِمُحرِّف القُلُوبِ» ورَوَاهُ بَعْضُهم آمَنْتُ بمُحَرِّك القُلُوبِ ، قال الفرّاء : المُحَرِّفُ : المُزِيل ، والمُحَرِّكُ : المُقَلِّب ، وقال العَبَّاس : والمُحَرِّكُ أجْوَدُ لأَنَّ السُّنَّة تُؤيِّدُه : «يَا مُقَلِّب القُلُوب».

ركح : أبو عُبَيْد عَن الأُمَوِيّ : أركَحْتُ إليه أي اسْتَنَدْتُ إليه. وقال الفراء : لَجَأُتُ إليه.

الليث : الرُّكْحُ : رُكْن من الجَبَل مُنِيفٌ صَعْبٌ ، وأنشد :

كأنَّ فاهُ واللِّجَامُ شَاحِي

شَرْجَا غَبِيطٍ سَلِسٍ مِرْكاحِ

أي كأنه رُكْح جَبَل. قلت : والمِرْكاحُ من الأقْتاب غَيْر ما فَسَّرَه اللَّيْثُ.

أقْرَأنِي الإيادِيُّ لأَبي عُبَيْد عن الأصْمَعِي قال : المِرْكاح : القَتَب الذي يَتَأخَّر فيكون مَرْكَبُ الرَّجُل فيه على آخِرةِ الرَّحْل ، وهذا هو الصحيح.

شَمِر عن ابن الأعرابي : رُكْحُ الجبل : جانِبه وحرْفُه ، ورُكْحُ كلِّ شيء : جانبُه.

ويقال : أركحْتُ ظَهْري إليه أي ألْجأْت ظَهْري إليه. وقال أبو كَبِيرٍ الهُذَلِيّ :

ولقد نُقِيمُ إِذا الخُصوم تنَافَدُوا

أحلامَهم صَعَر الخَصيم المُجْنِفِ

حتى يظلَّ كأنَّه مُتَثَبِّت

بُركُوحِ أمْعَزَ ذي رُيودٍ مُشْرف

قال : معناه يظَلُّ من فَرَقي أن يتكلَّم فيُخطىءَ ويزلّ كأنه يمشي بِرُكْح جبل : وهو جانبُه وحرْفه فيخافُ أن يزِلَّ ويسقُط.

وقال أبو خَيْرة : الرَّكْحاءُ : الأرضُ الغلِيظة المُرْتفعة. وفي الحديث : «لا شُفعةَ في فناء ولا طَريق ولا رُكْح». قال أبو عُبيْد :

الرُّكْحُ : ناحيةُ البيْت من ورائِه ، وربما كان فضَاءً لا بِناءَ فيه. وقال القُطَامِيُّ :

* أما ترى ما غَشِيَ الأرْكاحَا*

وقال ابنُ ميَّادة :

ومُضَبَّر عَرِد الزِّجاجِ كأنَّه

إرَمٌ لِعَادَ مُلَزَّزُ الأرْكاح

وإرَم : قبر عليه حجارة. ومُضَبَّر يَعْنِي رأسَهَا كأنه قبْر. والأرْكاح : الآساس والأركانُ والنَّواحي.

قال : ورواه بعْضُهم :

* ألا تَرَى ما غَشِيَ الأكْراحا*

قال : وهي بيوت الرُّهْبان قُلت : ويقال لها : الأُكْيَراحُ ، وما أراها عربيَّة.

أبو عُبيد عن أبي عُبيْدة : الرُّكْحة : البقِيَّة من الثَّرِيد تبْقى في الجفْنة ، ومنه قيل للجَفنة المُرْتَكِحة إذا اكْتَنَزَت بِالثَّريد.

٦١

ويقال : إنَّ لفلان ساحةً يتَرَكَّحُ فيها أي يَتوسَّع.

وفي النودار : تَرَكَّح فلان في المعِيشة إذا تَصَرّف فيها.

وتَرَكَّح بالمكان تَلبَّث به.

وركَحَ الساقي على الدَّلْوِ إذا اعْتَمد عليها نَزْعاً ، والرّكْحُ : الاعْتماد.

وأنْشَدَ الأصْمَعِيّ :

 فصادفْتَ أهْيَفَ مثل القِدْحِ

أجْرَدَ بالدَّلْو شَديد الرّكْحِ

ح ك ل

حكل ، حلك ، كلح ، كحل ، لحك ، لكح : مستعملات.

كحل : قال الليْث : الكُحْل : ما يُكْتَحل به.

والمِكْحال : المِيلُ تُكْحلُ به العيْنُ من المُكْحُلة.

وقال ابن السكيت : ما كان على مِفْعَل ومِفْعَلة مما يُعتمَل به فهو مكسور الميم مثل مِخْرز ومِبضع ومِسلّة ومِرْدَعة ومِخلاة إلَّا أَحْرفاً جاءتْ نوادر بضمِّ الميم والعين وهي : مُسْعُط ومُنْخُل ومُدْهُن ومُكحُلة ومُنْصُل.

وقال الليث : الكَحَل : مصدر الأكْحَل والكَحْلاء من الرجال والنساء : وهو الذي يعلُو مَنابتَ أشفاره سوادٌ خِلقة من غير كُحْل وأنشد :

* كأن بها كُحْلاً وإن لم تُكَحَّلِ *

والأكحلُ : عِرْقُ اليد يسمَّى أكحَلاً وفي كلِّ عضو منه شُعبة له اسم على حِدةٍ ، فإذا قُطع في اليد لم يرقأ الدَّمُ.

قال : والكَحْل : شِدة المَحْل ، يقال : أصابهم كَحْل ومَحْل.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : صَرَّحَت كَحْلُ غَير مُجْرًى ، وكَحَلَتهم السنون.

وأنشد :

قومٌ إذا صرَّحَتْ كَحْلٌ بيوتُهم

مأْوَى الضَّرِيكِ ومأْوَى كلِّ قُرضوبِ

فأجراه الشاعر لحاجته إلى إجرائه.

ثعلب عن سَلَمة عن الفراء : اكتَحَل الرجل إذا وقع في شِدة بعد رخاء.

الليث : الكُحَيْل : ضرب من القَطِران.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الكُحَيْل : الذي يُطلَى به الإبل للجرَب هو النِّفْط. قال : والقَطِران إنما هو للدَّبَر والقِرْدان.

وقال الفراء : يقال : عَيْن كَحِيل بغير هاء : مكحولة.

والكحلاء : نَبْتٌ من العُشب معروفٌ. أبو عُبيد : يقال لفلان كُحْل ولفلان سَوادٌ أي مال كثير. قال : وكان الأصمعيّ : يتأوَّلُ في سواد العراق أنه سُمي به للكثرة. وأما أنا فأحسبُه للخُضْرة.

ومن أمثال العرب القديمة قولُهم في التَّساوِي «باءَتْ عَرَارِ بكَحْل» وهما بقرتانِ كانتا في بني إسرائيل وقد مر تفسيرُهما.

حكل : أبو العباس عن ابن الأعرابي : في لسانه حُكْلَة : أي عُجْمة وقد أَحكَل الرجل على القَوْم إذا أَبَّرَ عليهم شرّاً. وأنشد :

أَبَوْا على الناس أبَوْا فأحْكَلوا

تأْبَي لهم أُرُومة وأوَّلُ

٦٢

يبْلَى الحديدُ قبلها والجَنْدَلُ

سَلَمة عن الفراء قال : أَشْكَلت عَلَيَّ الأخبارُ وأَحْكلَت وأعْكلَتْ واحْتكلَتْ أي أشكلَتْ.

وقال ابن الأعرابيّ : حَكَل وأَحْكل وعَكل وأَعْكَل واعْتكل واحْتكَل بمعنًى واحد.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : في لسانِه حُكلَةٌ أي عُجمةٌ.

وقال شمر : الحُكلُ : العُجمُ من الطيور والبهائم. وقال رؤبة :

لو أنني أُعْطِيتُ عِلمَ الحُكْلِ

عِلْمَ سلَيمان كلامَ النَّمل

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الحاكِل : المُخمِّن.

لحك : قال الليث : اللَّحْك : شدة لأْم الشيء بالشيء. تقول : لُوحِكَت فَقار هذه الناقة.

أي دُوخِل بعضُها في بعض ، والملاحَكة في البُنيان وغيره ملاءَمة. وقال الأعشى يصف ناقة :

ودَأْيَاً تَلاحَك مثل الفُؤو

س لَاحَمَ فيه السَّليلُ الفَقَارا

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال : لَحِكَ العسلَ يلْحَكه إذا لَعِقه. وأنشد :

* كأنما ألحَك فاه الرُّبا*

وسمعت العرب تقول : الدابَّة تكونُ في الرمل تشبه السَّمكة البَيْضاء كأنها شَحْمة مُشربة حُمْرة فإذا أحَسَّت بإنسان دارت في مكانها وغابت. ويقال لها : بِنْت النَّقَا ويشبه بها بَنانُ العذارَى ، وتسمى الحُلَكة واللُّحَكة ، وربما قالوا لها اللُّحَكاء ويقال لها الحُلَكاء.

أبو عُبيد عن أبي عمرو قال : المُتلاحِكة : الناقة الشديدةُ الخَلْق ، والمحبوكة مِثلُها لأنها أُدْمِجَت إدماجاً.

حلك : قال الليث : الحَلَك : شدة السّوادِ كلَون الغُرابِ. تقول : إنه لأشدُّ سواداً من حَلَك الغُراب. ويقال للأسود الشديد السواد : حالكٌ وحُلْكوك ، وقد حَلَك يحلُك حُلوكا.

ابن السكت عن ابن الأعرابي : أسْوَد حالك وحانِك ومُحْلَوْلك. وأسْودُ مثلُ حَلَكِ الغُراب وحَنكِ الغراب ، وحُلْكوك ومُحْلَنْكك ، والحُلَك : دابَّة قد مرَّ تفسيرُها.

كلح : الليث : الكُلوح : بُدوّ الأسنان عند العبوس ، وقد كلَح كُلوحاً ، وأكلَحَه الأمرُ وقال الله : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) [المؤمنون : ١٠٤].

قال أبو إسحاق : الكالحُ : الذي قد قَلَصَت شَفَتُه عن أسنانه نحو ما ترى من رؤوس الغَنم إذا بَرَزت الأسنانُ وتشمَّرَتِ الشِّفاه.

قلت : وفي بَيْضاء بني جَذِيمة ماءٌ يقال له كلح وهو شَروب عليه نَخل بَعْل قد رَسَخَتْ عروقُها في الماء.

ودَهْر كالِح وكُلاح : شديد. وقال لبيد :

* وعِصْمةً في السَّنَة الكُلاح *

وسَنةٌ كَلاحِ على فَعَالِ بالكسر إذا كانت مُجْدبة.

وسمِعْتُ أعرابيّاً يقول لجمل رَغُوٍّ قد كَشَّر عن أنيابه : «قَبَحَ الله كلَحَته». يعني فَمَه

٦٣

وأنيابَه.

وقال أبو زيد : تَكَلَّحَ البرْقُ تَكلُّحا وهو دوامُ برقِه واسْتِسْراره في الغَمامة البَيْضاء وهذا مثل قولهم : تَكلَّح إذا تبسَّم ، وتبسَّمَ البرْقُ مثلُه.

لكح : ابن دُريد : لَكَحَه يلكَحُه لكحاً إذا ضربَه بيدِه شَبيهٌ بالوَكْز. وأنشد :

يَلْهَزُه طَوْراً وطَوْراً يَلكَحُ

حتى تراهُ مائلاً يُرَنَّح

ح ك ن

حنك ، نكح : [مستعملات].

نكح : قال الليث : تقول : نكحَ فلان امرأة يَنكِحُها نِكاحاً إذا تزوَّجَها ، ونكَحَها إذا باضَعَها ينكِحُها أيضاً ، وكذلك دَحَمَها وخَجَأَها وقال الأعشى في نَكَحَ بمعنى تزوَّج :

ولا تَقَرَبَنَّ جارةً إنَّ سِرَّها

عليك حرامٌ فانكِحَن أو تأَبَّدَا

قال : وامرأةٌ ناكحٌ ـ بغير هاء ـ : ذاتُ زَوْج. وأنشد :

أحاطت بخُطَّاب الأيامَى فَطُلِّقت

غداتَئِذٍ منهن مَن كان ناكحا

ويجوز في الشعر ناكحة. وقال الطِّرِماح :

ومِثلُكَ ناحت عليه النسا

ءُمن بَينِ بِكْرٍ إلى ناكحه

قال : وكان الرجل يأتى الحَيَّ خاطباً فيقوم في نادِيهم فيقول : خِطْبٌ أي جئت خاطباً ، فيقال له : نِكْحٌ أي قد أنكَحْناك.

وقال الله جلّ وعزّ : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً) و (الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ) [النُّور : ٣] تأوِيلُه لا يتزوجُ الزاني إلا زانية وكذلك الزانية لا يتزَوَّجُها إلا زانٍ.

وقد قال قوم : معنى النِّكاح هاهنا الوطء ، فالمعنى عندهم الزّاني لا يطأ إلا زانية ، والزانيةُ لا يطؤها إلّا زانٍ ، قال : وهذا القول يَبْعُد ، لأنه لا يُعرفُ شيءٌ من ذِكْر النِّكاح في كتاب الله إلا على معنى التزويج. قال الله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) [النُّور : ٣٢]. فهذا تزوِيجٌ لا شكَّ فيه.

وقال الله جلّ وعزّ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ) [الأحزَاب : ٤٩] فأعلم أنَّ عقد التزويج يسمى النِّكاح ، وأكثرُ التفسير أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين فقراء بالمدينة وكان بها بَغَايا يَزْنين ويأخُذْن الأُجْرة فأرادُوا التزوُّج بهن وعَوْلَهن فأنزل الله تحريم ذلك.

ويقال : رجل نُكَحَةٌ إذا كان كثير النِّكاح.

قلت : أصلُ النِّكاح في كلام العرب الوطْء ، وقيل للتزوُّج نِكاح لأنه سببُ الوطء المُباح.

وقال أبو زيد : يقال إنه لنُكَحَة من قوم نُكَحاتٍ إذا كان شديد النِّكاح.

ويقال : نَكَحَ المطَرُ الأرضَ إذا اعْتَمد عليها. ونَكَحَ النّعاسُ عَيْنه وناكَ المطرُ الأرض. وناكَ النعاسُ عينَه إذا غلب عليها.

حنك : يقال : أَسْود حانِكٌ وحالِكٌ أَيْ شَديدُ السَّوادِ. وحَنَكُ الغُراب منقارُهُ.

٦٤

والحَنَك : الجماعة من الناسِ ينتجِعون بلداً يَرْعَوْنه. يقال : ما ترك الأحْنَاكُ في أَرْضِنا شيئاً يَعْنُون الجماعات المارة.

وقال أبو نُخَيْلَة :

إنا وكُنَّا حَنَكاً نَجْدِيّا

لمَّا انْتَجَعْنا الوَرَقَ المَرْعِيَّا

فلم نجد رُطْباً ولا لَوِيّا

ثعلب عن ابن الأعرابي : قال : الحَنَكُ : الأسفَلُ ، والفُقْمُ : الأعْلَى مِن الفم.

يقال : أخذ بفُقْمِه.

وقال الليث : الحَنَكانِ للأعْلى والأسفل.

فإذا فَصَلُوهُما لم يكادوا يقولون للأعْلَى حَنَك.

وقال حُمَيْدٌ يصف الفيلَ :

فالحَنَكُ الأعْلى طُوالٌ سَرْطَمُ

والحَنَكُ الأسفل منه أَفْقَمُ

يريد به الحَنَكَيْنِ.

وقول الله جلّ وعزّ : (لَأَحْتَنِكَنَ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسرَاء : ٦٢].

قال الفراء : يقول : لأسْتَوْلِيَنَّ عليهم إلا قليلاً ، يعني المعصومين.

وقال محمد بنُ سَلَّام : سألتُ يونُسَ عن هذه الآية فقال : يقال : كأن في الأرض كَلأً فاحتنَكه الجَرادُ أي أتى عليه. ويقول أحَدُهُم : لم أجد لِجاماً فاحْتَنَكتُ دَابَّتِي أي ألقيتُ في حَنَكها حَبْلا وقدته به.

وقال الأخفش في قوله تعالى : (لَأَحْتَنِكَنَ ذُرِّيَّتَهُ). قال : لأستأصِلَنَّهُم ولأستَمِيلَنَّهُمْ.

واحتنَك فلانٌ ما عند فلانٍ أي أخذه كله.

وأخبرني المُنذرِيُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنشده لزَبَّان بن سَيَّار الفزَاري :

فإن كنتَ تُشْكَى بالجِماحِ بن جعفر

فإنَّ لدَينا مُلْجِمِينَ وحانِك

قال تُشْكى : تُزَنّ. وحانك : مَن يدقّ حنَكه باللِّجَام.

سَلَمةُ عن الفراء : رجل حُنُك وامرأة حُنُكَة إذا كانا لبيبَين عاقلين.

وقال : رجل مُحَنَّك وهو الذي لا يُسْتقلُّ منه شيء مما قد عضَّته الأمور.

والمُحْتَنِك : الرجل المتناهِي عقلُه وسِنُّه.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحُنُك : العُقلاء.

والحُنُك : الأكَلَة من الناس.

والحُنُك : خشب الرَّحْل.

قلت : الحُنُك : العقلاءُ ، جمع حَنِيكٍ.

يقال : رجل مَحْنوك وحَنِيك ومُحْتَنِك ، ومُحْتَنَك إذا كان عاقلاً. وقوله : الحُنُك : الأكلة من الناس جَمْع حانك وهو الآكِلُ بحَنَكه. وأما الحُنُك : خشب الرّحْل فجَمْع حِناكٍ.

أبو عُبيد عن الأصمعي يقال للقِدَّةِ التي تَضُمُّ العَرَاصيفَ : حُنْكة وحِناك.

الليث : يقال حَنَكَتُه السِّن إذا نبتت أسنانُه التي تسمى أسنان العقل.

ثعلب عن ابن الأعرابي : جرَّذَه الدهر ودَلَكَه ووَعَسَه وحَنَّكه وعَرَكه ونَجَّذَه بمعنى واحد.

وقال الليث : يقولون : هم أهل الحُنْك والحِنْك والحَنَك والحُنْكة أي أهل السن

٦٥

والتجارب. قال : والتَّحْنيك : أن تُحَنَّك الدابةَ : تَغرِز عوداً في حَنَكه الأعلى أو طرَف قرن حتى يُدْميه لحَدَثٍ يحدث فيه.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يُحنِّك أولاد الأنصار. قال : والتَّحْنِيك أن يَمْضُغ التمر ثم يَدْلِكه بحَنك الصبيّ داخلَ فيه ، يقال منه حَنَّكْتُه وحَنَكتُه فهو مَحْنوك ومُحَنَّك. قال ذلك شَمِر.

ويقال : اسْتَحْنك الرجل إذا اشتد أكْله بعد قِلَّة.

والحِناك : وثاق يُرْبَط به الأسير وهو غلٌّ كلما جُذِب أصاب حَنَكه.

وقال الراعي يَذكر رجلاً مأسوراً :

إذا ما اشتكى ظُلْمَ العشيرة عَضَّه

حِناكٌ وقَرّاصٌ شديد الشكائم

وقال أبو سعيد : يقال : أحنَكهم عن هذا الأمر إحناكا وأحكمَهم أي رَدَّهم.

قال : والحَنَكة : الرابية المشرفة من القُفِّ يقال : أَشرِف على هاتيك الحنكة ، وهي نحو الفَلَكَة في الغِلَظ.

وقال أبو خيرة : الحَنَك : آكام صغار مرتفعة كرِفعةِ الدّار المرتفعة ، وفي حجارتها رَخاوة وبياضٌ كالكَذَّان.

وقال النضر : الحَنَكة : تَلٌّ غليظ وطوله في السماء على وجه الأرض مثل طول الرَّزن وهما شيءٌ واحد.

باب الحاء والكاف مع الفاء

ح ك ف

استعمل من وجوهه : كفح ، كحف ، حكف.

كفح : قال الليث : المُكافَحَة : مُصادَفَة الوَجْه مُفاجأة وأنشد :

أَعاذِلَ مَنْ تُكْتَبْ له النّارُ يَلْقَهَا

كِفاحاً ومَنْ يُكْتَب له الخُلْدُ يَسْعَد

قال وتقول في التَّقْبِيل : كافَحَها كِفاحاً غَفْلَةً وِجاهاً. قال : المُكافَحَةُ في الحَرْبِ : المضارَبَة تِلْقاءَ الوُجُوه. وفي حديث أبي هُرَيرة أنَّه سُئِل : أَتُقَبِّلُ وأنت صائم؟ فقال : نعم وأَكْفَحُها ، وبعضهم يَرْويه وأَقْحَفُها. قال أبو عُبَيْد : مَنْ رواه أَكْفَحُها أراد بالكَفْح اللِّقاءَ والمُباشرة لِلْجِلْد.

وكلّ مَنْ واجَهْتَه ولَقيته كَفَّةَ كَفَّة فقد كافَحْتَه كِفاحاً ومُكافَحَة.

وقال ابْنُ الرِّقاع :

تكافِحُ لَوْحاتِ الهَواجِر والضُّحَى

مكافَحَةً للمَنْخَرَيْنِ ولِلْفَم

قال : ومَنْ رَوَى أَقْحَفُها أَرادَ : شُرْبَ الرِّيق. من قَحَفَ الرجلُ ما في الإناء إذا شَرِبَ ما فيه.

أبو عُبَيد عن الكسائي : لقِيتُه كِفاحاً أي مُواجَهَة.

وقال شمر : كَفِحَ فلانٌ عَنِّي أي جَبُن.

والمُكافحة : المُواجهة بضَرْب أو بِشيء. تقول : كافَحْتُ فلاناً بالسَّيف أي واجَهْتُه. وكافَحْتُه أي قبَّلْتُه. وأَكْفَحْتُه عَنِّي أي رَدَدْتُه وجَبَّنْتُه عن الإقْدامِ عَلَيّ.

أبو عُبَيد عن الفَرَّاء : كفَحْتُه بالعَصا بالحاء أي ضَرَبتُه. وقال شَمِر : الصّوابُ كفَخْته بالخاء. قلت أنا : كفَحْتُه بالعصا والسَّيْف

٦٦

إذا ضربْتُه مُواجَهَة ، صَحِيحٌ ، وكَفَخْتُه بالعصا إذَا ضَرَبْتَه لا غير.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : أكْفَحْتُ الدَّابَّة إذا تَلَقَّيْتَ فاهَا باللِّجام تَضْربُه به ، وهو من قولهم : لَقِيتُه كِفاحاً أي اسْتَقْبَلْته كَفَّة كَفَّة.

وقال ابن دُرَيْد : كَفَحْت الشيءَ ، وكَثَحْتُه إذا كشفت عنه غِطاءه.

وقال ابن شُمَيلٍ في تفسير قوله : «أعطيت محمداً كفاحاً أي كثيراً من الأشياء من الدنيا والآخِرَة.

وفي «النوادر» : كَفْحَةٌ من الناس وكَثْحَةٌ أي جَماعة ليْسَت بِكَثِيرَة.

حكف : أهمله الليث. وروى أبو عمرو عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحُكوفُ : الاسْتِرْخاءُ في العَمَل.

كحف : أهمله الليث : وقال ابنُ الأعرابي : الكُحوفُ : الأعْضاء وهي القُحُوف.

ح ك ب

حبك ، كحب ، كبح : [مستعملات].

حبك : قال الليث : حَبَكْتُه بالسّيْف حَبْكا وهو ضَرْب في اللَّحْم دُونَ العَظْم.

ابن هانىء عن أبي زيد : يقال حَبَكْتُه بالسَّيْف حَبْكاً إذا ضَرَبْتَه به.

الليث : إنَّه لمَحْبوكُ المَتْن والعَجُز إذا كان فيه اسْتِوَاء مع ارتِفَاع ، وأنشد :

على كُل مَحْبوك السَّرَاةِ كأَنَّه

عُقابٌ هَوَتْ من مَرْقَبٍ وتَعَلَّتِ

وقال غيره : فرسٌ مَحْبوكُ الكَفَلِ أي مُدْمَجُه. قال لبيد :

* مُشْرِفُ الحارِكِ مَحْبوكُ الكَفَل*

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) [الذّاريَات : ٧]. قال : الحُبُك : تَكسُّر كلِّ شيء كالرَّمْلة إذا مَرَّت عليْهَا الرِّيحُ الساكنةُ والماء القَائم ، والدِّرْع من الحَدِيد لها حُبُك أيضاً. قال : والشَّعْرَةُ الْجَعدة تكسُّرها حُبُك ، وَوَاحِدُ الحُبُك حِباك وَحَبِيكَةٌ. وروى الثورِيُّ عن عطَاء عن سَعيد بن جُبَيْر عن ابن عباس في قوله : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) [الذّاريَات : ٧] : ذات الخَلْق الحسن. قال أبو إسحاق :

وأهل اللّغة يقولون : ذات الطرائق الحسنة.

قال : والمَحْبوك : ما أُجيد عَمَلُه. وقال شَمِر : دابّة مَحْبوكَة إذا كانت مُدْمَجَة الخَلْق.

وقال الليث : الحِبَاكُ : ربَاطُ الحظيرة بقصبات تُعَرَّضُ ثم تُشَدّ. تقول : حَبَكْتُ الحَظِيرَةَ كما تُحْبَك عُرُوش الكرْم بالحِبَالِ.

قال : وحَبِيكُ البَيْضِ للرأس : طرائق حَدِيده ، وأنشد :

والضارِبُون حَبِيكَ البَيْضِ إذْ لَحِقُوا

لا يَنْكُصُون إذا ما استُلحِمُوا وحَموا

وكذلك طَرائِقُ الرَّمْلِ مِمَّا تَحْبكه الرِّيَاحُ إذا جَرَت عليه.

ورُوِي عن عائِشَة أنَّها كانت تَحْتَبِك تحت دِرْعها في الصَّلاة.

قال أبو عُبَيد : قال الأصمعي : الاحتباك : الاحتِباءُ لم يُعرف إلا هذا. قال أبو عُبَيد : وليس للاحْتِبَاء

٦٧

ههنا معنى ، ولكن الاحْتِباك شَدُّ الإزار وإحكامه ، أرَادَ أنها كانت لا تُصلّي إلّا مُؤتَزِرَة.

قال : وكلُّ شيء أَحْكَمْتَه وأَحْسَنْتَ عَمَلَه فقد احْتَبَكْتَه. قال : ويقال : للدَّابَّة إذا كان شديد الْخلْق مَحْبُوك.

قلت : الذي روَاهُ أبو عُبيد عن الأصمعي في الاحْتِباك أنه الاحْتِباءُ غَلَطٌ والصواب الاحْتِياك باليَاءِ. يقال : احْتَاكَ يَحْتَاكَ احْتِياكاً وتَحَوَّكَ بِثَوْبِهِ إذا احْتَبَى به ، هكذا رواه ابن السكيت وغيره عن الأصمعي بالياء.

قلت : الذي يسبِقُ إلى وهمي أن أبا عبيد كتب هذا الحرف عن الأصمعي بالياء ، فزلّ في النقط وتَوهَّمَه باء ، والعالم وإن كان غاية في الضبط والإتقان فإنه لا يكاد يخلو من زلة ، والله الموفق للصواب.

وقال شمر : الحُبْكَةُ. الحُجْزَةُ ومنها أُخِذَ الاحْتِبَاكُ بالباء وهو شَدُّ الإزار.

وحكى عن ابن المبارك : أنه قال : جعلت سِوَاكي في حُبْكَتِي. أي في حُجْزَتي.

وقال غيره : التَّحْبِيكُ : التوثيق وقد حَبَّكْتُ العقدة أي وثَّقْتُها.

وقال الليث : يقال : ما طَعِمْنَا عنده حَبَكة ولا لَبَكة. قال وبعض يقول : عَبَكة قال : والعَبَكة والحَبَكةَ : الحَبَّة من السَّوِيق.

واللَّبَكَة : اللقمة من الثَّرِيدِ. قلت : ولم أسمع حبكة بمعنى عَبَكة لغير الليث ، وقد طلبته في باب العين والحاء لأبي تراب فلم أجده. والمعروف : ما في نِحْيِه عبكة ولا عَبَقَة أي لَطْخ من السمن أو الزيت من عَبِقَ به وعَبِكَ به أي لصق به.

كحب : قال الليث : الكَحَب بلُغَة أهل اليمن النَّوْرَة.

والحَبَّةُ منه كَحْبَةٌ. قلت : هذا حرف صحيح. وقد رواه أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال : ويقال : كحَّب العِنَبُ إذا انعقد.

وقال ابن دريد : الكَحْبُ والكَحْمُ : الحِصْرِمُ لغة يمانية.

وروى سَلَمة عن الفراء : يقال : الدراهم بين يديه كاحِبَة إذا واجهتك كثيرة. قال : والنار إذا ارتفع لهبُهَا فهي كاحِبة.

كبح : قال الليث : الكَبْح : كَبْحُك الدابةَ باللجام. وقال غيره : كَبَحه عن حاجته كَبْحاً إذا ردَّه عنها ، وكبح الحائطُ السهمَ كَبْحاً إذا أصاب الحائط حين رمى به فرده عن وجهه ولم يَرْتَزَّ فيه.

وقيل لأعرابي : ما للصَّقرِ يُحِبّ الأرنب ما لا يحب الخَرَب؟ فقال : لأنه يكْبَحُ سَبَلَته بذَرْقِهِ فَيَرُدّه.

حكى ذلك الأصمعي ، ثم قال : رأيت صقراً كأَنما صُبَّ عليه وِخاف خِطْمِيٌّ من ذَرْق الحُبَارَى.

قال : والكابحُ : مَن استقبلك مما يُتَطَيَّرُ منه من تَيْسٍ وغيره ، وجمعه كوابِحُ. قال البَعِيثُ :

* ومُغْتدياتٍ بالنُّحوس كَوَابِح *

ح ك م

حكم ، حمك ، كمح ، كحم ، محك : مستعملات.

٦٨

حكم : قال الليث : الحَكَم : الله تبارك وتعالى ، وهو أحكم الحاكمين ، و (هُوَ الْحَكِيمُ) (... لَهُ الْحُكْمُ).

قال : والحُكم : العِلم والفِقْه (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) [مريَم : ١٢] أي عِلْماً وفِقهاً ، هذا لِيَحْيَى بن زكريَّا. وكذلك قوله :

* الصَّمت حُكم وقليل فاعله*

والحُكم أيضاً : القضاءُ بالعدل. وقال النَّابِغَة :

واحكُم كحُكْم فتاة الحيِّ إذ نظرت

إلى حَمام سِراعٍ وارِدِ الثَّمَد

قلت : ومن صفات الله : الحَكَم ، و (الْحَكِيمُ) والحاكِمُ وهو أحكم الحاكمين ، ومعاني هذه الأسماء متقاربة والله أعلم بما أراد بها ، وعلينا الإيمان بأنها من أسمائه ، والحكيم يجوز أن يكون بمعنى حاكِم ، مثل قدير بمعنى قادر وعليم بمعنى عالم. والعرب تقول : حَكَمْت وأَحْكمتُ وحكَّمت بمعنى مَنَعْت ورددت ، ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكم : لأنه يمنع الظالم من الظلم. وأخبرني المنذري عن أبي طالب أنه قال في قولهم : حَكَم الله بيننا ، قال الأصمعي : أصل الحُكومة ردُّ الرجُل عن الظلم ، ومنه سُمِّيت حَكَمةُ اللِّجام : لأنها تَرُدُّ الدَّابَّة. ومنه قول لبيد :

أحكمَ الجِنْثِيَّ من عَوْراتِها

كلُّ حِرْباءٍ إذا أُكْرِه صَلّ

والجِنْثِيُّ : السيف ، المعنى ردَّ السيفَ عن عَوْرَاتِ الدِّرع وهي فُرَجُها كلُّ حِرْباء ، وهو المِسْمار الذي يُسَمّر به حَلْقُها. ورواه غيره :

أحكم الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها

كُل حِرباء ...

المعنى أحرَزَ الجِنْثِيُّ وهو الزَّرَّاد مساميرها ومعنى الإحكام حينئذٍ الإحْرازُ.

وأخبرني المُنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : حَكَم فلانٌ عن الشيء أي رجع ، وأحْكَمْتُه أنا أي رَجَعْتُه قلتُ : جعل ابن الأعرابي حكم لازماً كما ترى كما يقال : رَجَعتُه فرجعَ ونقصتُه فنقصَ ، وما سمعت حكم بمعنى رجع لغير ابن الأعرابي ، وهو الثِّقَةُ المأمون.

أبو عُبيد : عن أبي عُبيدة : حَكَمتُ الفرس وأَحْكمتُه بالْحكَمة ، وروينا عن إبراهيم النَّخَعِي أنه قال : حكِّم اليتيم كما تُحكِّم وَلَدَك.

قال أبو عُبيد : قوله : حَكِّم اليتيم أي امْنَعْه من الفساد وأصلِحْه كما تُصْلِح ولدَك وكما تمنعه من الفساد.

قال : وكلُّ مَنْ منعتَه من شيء فقد حَكّمْتَه وأَحْكَمْتَه.

قال جرير :

بني حنيفة أَحْكِمُوا سُفهاءَكم

إنِّي أَخَافُ عليكم أنْ أَغْضبا

يقول : امْنَعوهم من التعرُّض.

قال : ونَرى أنَ حَكَمَة الدابة سُمِّيت بهذا المعنى : لأنها تمنع الدابة من كثير من الجهل.

وأما قول الله جلّ وعزّ : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هُود : ١] فإن التفسير جاء أنه أُحْكِمَت آياته

٦٩

بالأمر والنهي والحلال والحرام ، ثم فُصلت بالوعد والوعيد ، والمعنى والله أعلم أن آياته أُحْكِمَت وفُصِّلت بجميع ما يُحتاج إليه من الدّلالة على توحيد الله وتثبيت نُبُوّة الأنبياء وشرائع الإسلام ، والدليلُ على ذلك قول الله جلّ وعزّ : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعَام : ٣٨].

وقال بعضهم : الحكيم في قول الله : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) [يُونس : ١] إنّه فَعِيل بمعنى مُفْعَل واسْتَدل بقوله جلّ وعزّ : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ).

قلت : وهذا إن شاء الله كما قيل : والقرآن يُوضِّح بعضُه بعضاً ، وإنما جَوَّزنَا ذلك وصوبناه : لأن حَكَمْتُ يكون بمعنى أَحْكَمْت فرُدَّ إلى الأصل والله أعلم.

وروى شمر عن أبي سعيد الضَّرير أنه قال في قول النَّخَعِيِ : حَكِّم اليتيم كما تُحَكِّم ولدَك معناه حَكِّمْه في ماله ومِلْكهِ إذا صَلَح كما تُحَكِّم ولدَك في مِلْكه.

قال : ولا يكون حَكَّم بمعنى أحكم لأنهما ضدَّان.

قلت : والقول ما قال أبو عُبيد ، وقول الضرير ليس بالمَرْضِيّ.

وأما قولُ النابغة :

* واحكم كحكم فتاةِ الحَيِّ*

فإن يعقوب بن السِّكِّيت حكى عن الرُّواة أن معناه كُنْ حَكِيماً كفتاة الحَيِّ أي إذا قُلت فأَصِبْ كما أصابت هذه المرأةُ إذْ نظرتْ إلى الحمَام فأَحْصَتْها ولم تُخْطِىء في عَدَدها.

قال : ويَدُلّك على أن معنى احكم أي كُن حكيماً قولُ النَّمِر بن تَوْلَب :

وأبغِضْ بغِيضَك بُغْضاً رُوَيداً

إذا أنت حاولت أن تَحْكُما

يريد إذا أردت أن تكون حكيما فكن كذا وليس من الحُكم في القضاء في شيء.

وقال الليث : يقال للرجل إذا كان حكيما : قد أَحْكَمَتْه التجارب.

قال : واسْتَحْكَمَ فُلانٌ في مال فلان إذا جَاز فيه حُكْمه. والاسم الحُكومة والأُحْكُومةُ وأنشد :

ولَمِثلُ الذي جَمَعت لريبِ الده

ر يأبى حكومةَ المُقتالِ

أي يأبى حُكومةَ المُحْتكِم عليك وهو المُقْتَال.

قلت : ومعنى الحُكومة في أَرْش الجراحات التي ليس فيها دِيَةٌ معلومة أن يُجْرحَ الإنسانُ في موضع من بدنه بما يبقى شَيْنُه ولا يُبطِل العُضوَ فيقتاسُ الحاكم أرْشَه بأن يقول : هذا المجروح لو كان عبداً غير مَشِين هذا الشَّيْنَ بهذه الجراحة كان قيمته ألفَ درهم ، وهو مع هذا الشَّيْن قِيمَتُه تِسْعُ مائة درهم ، فقد نقصه الشَّيْنُ عُشْرَ قيمته فيجبُ على الجارح في الحُرّ عُشرُ دِيَتِه. وهذا وما أشبهه معنى الحُكومة التي يستعملها الفُقَهاءُ في أرش الجِراحات فاعْلَمه.

وقال الليث : التَّحكيمُ : قول الحَرُورِيَّة لا حُكْمَ إلا لله ولا حَكَمَ إلا الله. ويقال :

٧٠

حَكَّمْنَا فلانا بيننا أي أَجَزْنا حكمه بيننا. وحاكمنا فلاناً إلى الله أي دعوناه إلى حكم الله.

قال الليث : وبلغني أنه نُهِي أن يُسَمَّى الرجلُ حَكَماً. قلت : وقد سمَّى الناس حكيماً وَحَكَماً وما علمت النَّهي عن التسمية بهما صحيحاً.

وقال الليث : حَكَمةُ اللِّجامِ : ما أَحاطَ بحَنَكَيْه وفيهما العِذَاران سُمِّي حَكَمَةً : لأنه يَمْنَعُ الدّابة من الجَرْي الشَّدِيد.

قال : وفَرسٌ مَحْكومةٌ : في رَأسها حَكَمَة ، وأنشد :

* محكومة حَكمات القِدِّ والأَبَقَا*

ورواه غيرُه :

* قد أُحْكِمَت حَكماتِ القِدِّ والأبَقَا*

وهذا يدل على جَواز حَكَمْتُ الفَرَس وأَحْكَمْتُه بمعنى واحد.

وقال اللَّيْث : وسَمَّى الأعْشى القَصِيدَة المُحْكَمة حَكيمة ، فقال :

وغَرِيبَةٍ تَأتي المُلوكَ حَكِيمةً

قد قُلْتُها ليُقالَ مَنْ ذا قالَها

وقال ابن شُمَيْل : الحَكَمة : حَلْقة تكون على فَمِ الفرس.

ثعلب عن ابن الأعْرابي : قِيلَ للْحاكم حاكِمٌ لأنّه يَمْنَعُ من الظُّلْمِ.

قال : وحكَمْتُ الرَّجل وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إذا مَنَعْتَه.

قال : وحَكَم الرجلُ يَحْكُم حُكْماً إذا بَلَغ النِّهايَة في مَعْناه مَدْحاً لازِماً! وقال مُرَقِّش :

يأتِي الشَّبابُ الأَقْوَرِين وَلَا

تغْبِط أخاكَ أَنْ يُقَالَ حَكَم

أي بَلَغ النهاية في معناه.

قال : والمُحَكِّم الشَّارِي. والمُحَكِّم : الذي يحكم في نَفْسه.

وقال شَمِر : قال أبو عَدْنان : اسْتَحْكَم الرجل إذا تَناهَى عما يَضُرُّه في دينه أَوْ دُنْياه وقال ذُو الرُّمَّة :

لَمُسْتَحْكِمٌ جَزْلُ المُروءَةِ مُؤْمِنٌ

من القوْم لا يَهْوَى الكلَامَ اللَّواغِيا

قال : ويقال : حَكَّمْتُ فُلانا أي أَطْلَقْتُ يَدَه فيما شاء.

ثعلب عن ابْن الأعرابي قال : الحَكَمَةُ : القُضَاةُ ، والحَكَمَةُ : المُسْتَهْزِئون.

حمك : قال الليث : الحَمَكُ من نعت الأَدِلَّاءِ تقول : حَمِك يَحْمَكُ.

أبو عُبَيد عن أبي زَيْد : الحَمَكَة : القَمْلَة ، وجمعها حَمَك.

وقال : قد يُقْتاسُ ذلك لِلذَّرَّة ومن ذلك قِيلَ للصبيان : حَمَك صِغار.

وقال الأصمعي : إنَّه لمن حَمَكِهم أي من أَنْذَالِهم وضُعَفائهم.

والفراخ تدعى حَمَكاً.

وقال الرَّاعي يصف فِراخَ القطا :

صَيْفِيَّةٌ حَمَكٌ حُمْرٌ حَواصِلُها

فما تكادُ إلَى النَّقْناقِ تَرْتفِع

أي لا تَرْتَفِعُ إلى أُمَّهاتِها إذا نَقْنَقَتْ. وقَوْل الطِّرِمَّاح :

٧١

وابن سَبيلٍ قَرَّبْتُه أُصُلاً

من فَوْز حَمْكٍ مَنْسُوبَةٌ تُلُدُه

أراد من فوز قِداح حَمكٍ فَخَفَّفَه لحاجته إلى الوَزْن ، والرِّواية المَعْرُوفَة من فَوْز بُحٍّ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحَمَكَةُ : الصَّبِيَّةُ الصغيرةُ ، وهي القَمْلَةُ الصغيرةُ.

محك : الليث : المَحْك : التَّمَادي واللِّجاجَة. يقال : تَماحَك البَيِّعان.

وقال غيره : رحل مَحِك ومُماحِك ومَحْكانُ إذا كان لَجُوجاً عَسِرَ الْخُلُق.

وفي «النَّوادِر» : رجل مُمْتَحِك ورجل مُسْتَلْحِك ومُتَلاحِكٌ في الغَضَب ، وقد أَمْحَكَ وألكَدَ يكون ذلك في الغَضَب وفي البُخْل.

كمح : قال الليث : الكَمْحُ : رَدُّ الفَرَسِ بِاللِّجام.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الكَمَحَة : الرَّاضَةُ.

وقال اللِّحياني : كَبَحْتُه باللِّجان وأَكْبَحْتُه وكَمَحْتُه بمعنى واحد.

قال : وقال الأصمعي : أَكْمَحْتُ الدَّابَّة إذا جَذَبْتَ عِنانَها حتى تصيرَ مُنْتَصِبَةَ الرأس.

قال ذُو الرُّمَّة :

* ... والرأسُ مُكْمَح *

قال : وكبَحْتُها باللِّجام بغير ألف ، وهو أنْ تَجْذِبَها إليك ، فتَضْرِبَ فاها باللِّجامِ لكيلَا تَجْرِي.

وقال اللِّحياني : إنَّه لمُكْمَح ومُكْبح أي شامخٌ. وقد أُكْبح وأُكْمِح إذا كان كذلك.

ابن شُمَيْل : أكْمَحَت الزَّمَعَة إذا ما ابيَضَّت وخَرَجَ عليها مثلُ القُطْن فذلك الإكماحُ ، والزَّمَعُ : الأُبَنُ في مَخارج العناقيد. ذَكَرَهُ عن الطَّائِفي.

أبو زَيْد : الكَيْمُوحُ ، والكِيحُ : التُّرابُ.

يقال : لِفُلَان الكِيحُ والكَيْمُوح ، قال : الكِيحُ : التُّرَابُ. والكَيْمُوح : المُشْرِفُ.

وقال غيره : الكَوْمَحان : هما حَبْلَان من حِبال الرَّمْل معروفان. قال ابنُ مُقْبل :

أناخَ برَمْل الكومَحَيْن إنَاخَة الْ

يَمانِي قِلَاصاً حَطّ عَنْهُنْ أَكْوُرا

يصِفُ سحابا. والعرب تقول : احْثُ في فِيه الكَوْمَح يَعْنُون التُّراب.

وقال ابن دريد : الكَوْمَح : الرجل المُتراكِبُ الأسنَانِ في الفمِ حتى كأنَّ فاهُ قد ضاقَ بأسنانِه. وأنشد :

أُهْجُ القُلاخَ واحْشُ فَاهُ الكَوْمَحا

تُرْباً فأَهْلٌ هُوَ أَنْ يُقَلَّحَا

أبواب الحاء والجيم

ح ج ش

شحج ، جحش : [مستعملات].

شحج : قال الليث : الشِّحيجُ : صوت البغلِ وبعضُ أصوات الحِمار تقول : شَحَجَ البغلُ يَشْحَجُ شَحِيجاً ، والغُراب يَشْحَجُ شَحَجاناً ، وهو ترجِيعُه الصَّوتَ فإذا مَدَّ رأسه قلت : نَعَب. ويقال للبِغال : بنَاتُ شاحِجٍ وبنات شحَّاج ، ويقال للحِمار الوحش : مِشْحَج وشَحَّاج. وقال لَبِيد :

٧٢

فهو شَحَّاجٌ مُدِلٌّ سَنِق

لاحق البَطْنِ إذا يَعْدُو زَمَل

وقال غيره : يقال للعربان : مُسْتَشْحَجَات ومُسْتَشْحِجَات بفتح الحاء وكسرها. قال ذو الرُّمَّة :

ومُسْتَشْحَجاتٍ بالفِراقِ كأنّها

مَثَاكِيلُ من صُيَّابَةِ النُّوبِ نُوَّحُ

وهو الشُّحَاجُ والشَّحِيجُ ، والنُّهاقُ والنَّهِيقُ.

جحش : الليث : الجَحْشُ : من أولاد الحمار كالمُهْرِ من الخَيْل والجميعُ الجِحَاش ، والعدد جِحَشَة. الأصمعي : الجَحْشُ : من أولاد الحَمِير من حين تَضَعُه أُمُّه إلى أن يُفْطَمَ من الرَّضاع ، فإذا استكمل الحَوْلَ فهو تَوْلَب. وقال الليث : الجَحْشَةُ يَتَّخِذُها الرَّاعي من صُوفة كالحَلْقة يُلقيها في يده ليَغْزِلها.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الجَحْشَةُ : الحَلْقَةُ من الوَبَر تكون في يَدِ الرَّاعي يَغْزِلُ منها.

وقال الليث : الجِحاشُ : مُدَافَعَة الإنسان الشيء عن نفسه وعن غيره. وقال غيره : هو الجِحاشُ والجِحاسُ ، وقد جاحَشَه وجاحَسَه مُجاحَشَةً ومْجاحَسَةً إذا قاتَلَه.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّه سَقَطَ من فرس فجُحِش شِقُّه. قال أبو عُبَيد : قال الكسائي في «جَحَش» : هو أن يُصِيبَه شيء فَيَنْسَحِج منه جلدُه وهو كالخَدْش أو أَكْبَر من ذلك. يقال : جُحِش يُجْحَشُ فهو مَجْحُوش.

وقال ابن الفَرَج : قال ابن الأعرابي : الجَحْش : الجِهادُ ، قال : وتُحوَّل الشين سِيناً ، وأنشد :

يوماً تَرَانا في عِراكِ الجَحْشِ

نَنْبُو بأجْلالِ الأُمُور الرُّبْشِ

أي الدواهي العظام.

والجَحْيش : الفريد. يقال : نزل فُلَانٌ جَحِيشاً إذا نزل حَرِيداً فريدا.

وقال شمر : الجَحِيشُ : الشِّقّ والنَّاحيةُ ، يقال : نَزَل فلان الجَحيشَ. قال الأعشى :

إذا نَزَل الحَيُّ حَلَ الجَحِيشُ

شَقِيّاً مُبِيناً غَوِيّاً غَيُورا

قال : ويكون الرجل مَجْحُوشا إذا أُصيب شِقُّه مُشْتَقّاً من هذا. قال : ولا يكون الجَحْشُ في الوجه ولا في البدن ، وأنشد :

لجارتنا الجَنْبُ الجَحِيشُ ولا يُرَى

لجارَتِنَا منا أخٌ وصَدِيقُ

وقال الآخر :

إذا الضَّيْفُ أَلْقَى نَعْلَه عن شمَالِه

جَحِيشاً وصَلَّى النارَ حَقّاً مُلَثَّما

قال : جَحِيشا أي جانباً بعيداً.

ح ج ض

استعمل من وجوهه : [حضج].

حضج : قال الليث : انْحَضَجَ الرجل إذا ضَرَبَ بنفسه الأرضَ ، ويقال ذلك إذا اتَّسَع بَطْنُه ، فإذا فعلتَ أنت به ذلك قلتَ : حضجتُه كأنّك أدخلت عليه ما كاد يَنْشَقُّ منه. ورُوِي عن أبي الدّرْداءِ أَنّه قال في الرَّكعتين بعد العصر : «أَمَّا أنا فلا أدَعهُما ، فمن شاء أَنْ يَنْحَضِج فَلْيَنْحَضج» قال أبو عُبَيد : قوله : أن ينحضج يعني أن يَنْقَدَّ من الغَيْظ ويَنْشَقَّ. ومنه قيل للرّجل إذا اتَّسَع

٧٣

بطنُه وتَفَتَّقَ : قد انْحَضَج. ويقال ذلك أيضاً إذا ضَرَب بنفسه الأرضَ ، فإذا فعلت به أنتَ ذلك ، قلت : حَضَجْتُه. وقال ابن شميل : يَنْحَضِجُ : يَضْطَجعُ.

أبو عُبيد عن الأصمعي : أخذتُه فحَضَجْتُ به الأرضَ ، أي ضَرَبْتُ به الأرض. وقال مُزاحم :

إذا ما السوْطُ شَمَّر حالِبيْه

وقلَّص بُدْنُه بعد انْحضَاج

الحَالِبان : عِرْقان يكُونان من الخَصْرين يعني بعد انتِفاح وسِمَن. وامرأة مِحْضاج : واسعَةُ البَطْن.

وقال الليث : الحَضيجُ : الماء القليل. يقال : حِضْج وحَضْج. قال أبو عُبَيْد عن الأصمعي : الحِضْجُ : الماءُ الذي فيه الطِّين يَتَمَطَّطُ. قال : وأخبَرني أبو مَهْدِيّ قال : سمعت هِمْيان بن قُحافة ينشده :

* فأسْأرَتْ في الحوض حِضْجاً حاضِجا*

وقال أبو عَمْرو في قول رُؤْبة :

* في ذِي عُبابٍ مالىء الأحضَاجِ *

قال : الأحضاجُ : الحِياضُ ويقال : حِضْجُ الوادي : ناحِيَتُه.

وقال أبو سعيد : حَضَجَ إذا عدا والمُحْضَجُ : الحائِدُ عن السبيل.

سَلَمَةُ عن الفرَّاء قال : المِحْضَبُ والمِحْضج والمِسْعَر : ما يُحرَّك به النار.

يقال : حَضَجْتُ النارَ وحَضبْتها.

أبو زيْد : حَضَجَ البعِيرُ بِحمْله وانْحضَجَت عنه أداتُه انْحضاجا.

سَلَمَةُ عن الفرَّاء : حَضَجتُ فلاناً ومغَثْتُه ومثْمَثْتُه وبرْطَلْته كله بمعنى غَرَّقْته. وفي الحديث أنَّ بَغْلَةَ النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمَّا تناول الحصى ليَرْمِي به يوم حُنَيْن فَهِمَت ما أراد فانْحضجَت أي انْبسطَت ، قاله ابن الأعرابي فيما رَوى عنه أبو العبَّاس ، وأنشد :

ومُقَتَّتٍ حضجَتْ به أيّامُه

قد قاد بعْدُ قلائِصا وعِشارا

قال : مُقَتِّتٌ : فقير. حَضَجَت : قال : انْبسطَت أيامه في الفقّرِ فأغناه الله وصار ذا مال.

ح ج ص

أهملت وجوهه.

ح ج س

استعمل من وجوهه : سحج ، سجح ، جحس.

سحج : قال الليث : سَحجْتُ رأسي بالمُشْط سَحْجا وهو تسريحٌ لَيّن على فرْوة الرأس.

قال : والسَّحْجُ : أن يُصِيب الشيءُ الشيءَ فيَسْحجُه أي يقشِر منه شيئاً قليلاً كما يُصيبُ الحافِرَ قبل الوَجَى سَحجٌ.

وانْسحج جِلدُه من شيء مرَّ به إذا تَقشَّر الجلدُ الأعلى.

قال : والسَّحْجُ في جرْي الدَّوابّ : دون الشَّدِيد. يقال : حمارٌ مِسْحجٌ ومِسحاجٌ.

وقال النابِغة :

رَباعِيَةٌ أضَرَّ بها رَباعٌ

بِذاتِ الجِذْع مِسحاجٌ شَنُون

وقال غيره : مَرَّ يسحَجُ أي يُسْرع. وقال

٧٤

مُزَاحِم :

على أثر الجُعْفِيِّ دهْرٌ وقد أتى

له منذ ولَّى يَسْحَجُ السير أرْبَعُ

وقال الليث : التَّسْحِيج : الكَدْمُ وأنشد :

* قِلْواً ترى بِليتِه مُسحَّباً*

قلت : كأنه أراد تَرَى بِليتِه تَسْحيجاً فجعل مُسَحَّجاً مصدراً. والمُسحَّجُ : المُعضَّضُ وهو من سَحَج الجلد.

سجح : قال الليث : الإسجاح : حُسن العَفْو. ومنه المثل السائر «ملكْتَ فأسْجِحْ» وقال أبو عُبيد : من أمثالِهم في العفْو عند القدرة : «مَلكْت فأسْجِح» قال : هذا يُرْوى عن عائشة أنها قالته لِعلِيّ رضي‌الله‌عنهما يوم الجمل حين ظَهَر على الناس فدَنَا من هَوْدَجِها ، ثم كَلَّمها بكلام ، فأجابتْه : ملكْت فأسجِح أيْ ظفِرْت فأحْسِن ، فجهَّزها عند ذلك بأحْسن الْجِهازِ إلى المدينة.

وقال أبو عُبيد : الأسْجحُ : الخَلْق المُعتَدِل الحَسَنُ : وقال الليث : [السَجَحُ]) ليِّنُ الخدِّ ، والنَّعت أسْجَح ، وأنشد :

* وخَدٌّ كمِرآة الغَرِيبة أسْجَح *

قال : ويقال : مَشى فلانٌ مشْياً سجيحاً وسُجُحاً. وأنْشَدَ :

ذَرُوا التَّخاجى وامشوا مِشْيةً سُجُحاً

إنَّ الرِّجالَ أُولُو عَصْبٍ وتذْكيرِ

الليث : سَجَحَتِ الحَمامة وسَجَعَت قال : ورُبما قالوا مُزْجِح في مُسْجِح كالأَزْدِ والأَسْد.

الأصمعيّ : بَنَى القومُ دُورَهم على سَجِيحَة واحدة وغِرارٍ واحد أي على قَدْرٍ واحد.

وقال أبو عُبيد : السَّجِيحَة : السَّجِيَّةُ والطَّبيعَةُ ، قاله أبو زيد. قال : ويقال : خلّ عن سُجْحِ الطَّرِيق أي عن سَنَنِه.

وكانت في تَمِيم امْرَأَةٌ كَذَّابة أَيَّامَ مُسَيْلِمَة المْتَنَبِّىء فَتَنَبَّتْ هي واسْمُها سَجاح.

وبَلَغَني أنَّ مُسَيْلِمة ـ لعنه الله ـ خطبَها. فتزوَّجَتْه.

وقال أبو زيد : يقال : رَكِبَ فلان سَجِيحَة رأيِه وهو ما اختاره لنفسه من الرّأْي فَرَكِبه.

وفي «النَّوادِرِ» : يقال : سَجَحْت له بشيء من الكلام ، وسَرَحْتُ وسَجَّحْتُ ، وسَرَّحْتُ ، وسَنَحْتُ ، وسَنَّحْتُ ، إذا كان كلامٌ فيه تَعْرِيض بمعنى من المَعَانِي.

جحس : قال ابن السِّكِّيت : جاحَسَه وجاحَشَه إذا قاتَلَه ، وأنشد :

لَوْ عاش قاسَى لكَ ما أُقاسِي

والضرب في يَوْم الوَغى الجِحاسِ

ح ج ز

استعمل من وجوهه : حجز ، جزح.

حجز : قال الليث : الحَجْزُ : أن تَحْجِزَ بين مُقَاتِلَيْن ، والحِجازُ : الاسم وكذلك الحاجِزُ. قال الله جلّ وعزّ : (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) [النَّمل : ٦١] أي حِجَازاً بين ماء مِلْحٍ وماء عذب

__________________

(١) زيادة من «العين» (٣ / ٧٠).

٧٥

لا يَخْتلطان ، وذلك الحجاز قُدرَةُ الله ، قال : وسُمِّي الحجَازُ حِجازاً ، لأنه فَصَل بين الغَوْر والشّأم وبين البادِية. قلت : سُمِّي الحِجَازُ حِجَازاً لأنّ الحِرارَ حَجزَت بينه وبين عالِيَة نَجْد. وقال ابن السِّكَّيت : ما ارتفع عن بطن الرُّمَّة فهو نجد ، قال : والرُّمة : وادٍ معْلُوم ، قال : وهو نَجْد إلى ثَنايَا ذاتِ عِرْق ، قال : وما احْتَزَمَت به الحرَار حرَّة شَوْران وعامَّة منازِل بني سُلَيْم إلى المدينة ، فما احتاز في ذلك الشق كله حِجَاز. قال : وطَرَف تِهامة من قِبَل الحجاز : مَدارِج العَرْج ، وأولها من قِبَل نَجْد مَدارج ذاتُ عِرْق. وأخبرني المُنذِرِيّ عن الصَّيداويّ عن الرِّياشِيّ عن الأصمعي قال : إذا عَرضَت لك الحِرارُ بنَجْد فذلك الحجاز وأنشد :

* وفَرُّوا بالحجازِ ليُعْجِزُوني*

أراد بالحجاز الحِرارَ.

ويقال للجِبالِ أيضاً حِجاز ، ومنه قَوْلُه :

* ونَحْن أُنَاسٌ لا حِجاز بأرضنا*

وقال أبو عُبيد : كانت بين القوم رِمِّيَّا ثم حجزت بينهم حِجِّيزَى. يريدون كان بينهم رمي ثم صاروا إلى المحاجزة قال : والحِجِّيزَى من الحَجْزِ بين اثنين. ومن أمثالهم «إن أردْت المُحَاجزة فقبل المُناجزة» قال : والمحاجزة : المسالمة ، والمناجزة : القتال.

الليث : الحِجاز : حَبْل يُلقى للبعير من قِبَل رجليه ثم يُناخُ عليه يُشَدُّ به رُسغا رجليه إلى حِقْوَيْه وعَجُزِه.

أبو عُبيد عن الأصمعي : حَجَزْت البعير أحْجِزُه حَجْزاً وهو أن يُنِيخه ثم يَشُدَّ حبلاً في أصل خُفّيْه جميعاً من رِجْليه ثم يرفع الحبل من تحته حتى يَشُده على حِقْوَيْه وذلك إذا أراد أن يرتفع خُفّه ، وقال ذو الرُّمَّة :

فهُنّ من بين مَحْجُوزٍ بنافذةٍ

وقَائِظٍ وكِلَا رَوْقَيْه مُخْتَضِبُ

الأموي : في الحَجْز مثله أو نحوه. وقال شمر : المُحْتَجِزُ : الذي قد شَدَّ وسَطه. قال : وقال أبو مالك : يقال لكلِّ شيء يَشُدُّ به الرجُل وسطه ليشمر ثيابه حِجاز قال : وقال الإيادِي الاحْتِجازُ بالثوب : أن يُدْرِجه الإنسان فيَشُدُّ به وسطه ، ومنه أُخِذَتْ الحُجْزَة ، وقالت أُمُّ الرَّحَّال : إن الكلام لا يُحْجَز في العِكْم كما يُحْجَزُ العَباء. وقالت : الحَجْزُ. أن يُدْرج الحَبْل على العِكْم ثم يُشَدُّ. والحَبْل هو الحِجازُ.

وقال الليث : الحُجْزَةُ : حيث يُثْنَى طَرَفُ الإزار في لَوْثِ الإزار ، وجمعه حُجُزَات.

قال : وحُجْز الرجل : مَنْبتُه وأصْلُه ، وحُجْزُه أيضاً : فَصلُ ما بين فَخِذه والفَخِذ الأخرى من عشيرته ، وقال رؤبة :

* فامْدَح كريمَ المُنْتَمَى والحُجْز*

وقال أبو عمر : الحُجْز : الأَصْل والنَّاحية ، وقال غيره : الحُجْز : العشيرة يَحْتَجِز بهم ، ورواه ابن الأعرابي :

* كَرِيم المُنْتمَى والحُجْزِ*

أراد أنَّه عفيف طاهر ، كقول النَّابغة :

* رِقَاقُ النِّعال طَيِّب حُجُزَاتهم *

٧٦

يريد أنهم أَعِفّاء عن الفجور.

ابن السكيت : انحجز القوم واحتَجَزوا إذا أَتَوا الحجاز.

وقال ابن بُزُرْج : الحَجَزُ والزَّنَجُ واحد.

يقال : حَجِزَ وزنِجَ وهو أن تَقَبَّضَ أَمْعَاءُ الرَّجُل ومصارينُه من الظَّمأ ، فلا يستطيع أن يُكْثِر الشُّرْب ولا الطُّعْم.

جزح : أبو عبيد عن أبي عمْرو : الجَزْحُ : العَطِيَّة يقال : جَزحْت له أي أَعْطَيْتُه.

وأنشد أبو عمرو لابن مُقْبل :

وإنِّي إذَا ضَنَّ الرَّفُود بِرِفْده

لمُخْتَبِط من تالد المالِ جازحُ

وقال بعضهم : جازحٌ أي قاطعٌ أي أَقْطَع له مِنْ مَالِي قِطعةً.

ح ج ط

جطح : قال الليث : تقول العرب للعنز إذا استصْعَبَت على حالِبها : جِطِحْ أي قِرِّي فتَقِرُّ.

ح ج د

حدج ، جدح ، جحد ، دحج : مستعملة.

دحج : أهمله الليث : وقال أبو عمرو : دَحَج إذا جامع.

جحد : قال الليث : الجُحود : ضِدُّ الإقرارِ كالإنكار والمعرفة.

قال : والجَحَد من الضِّيق والشُّحِّ. يقال : رجل جَحِد : قَليلُ الخَيْر.

وقال الفراء : الجَحْد والجُحْد : الضِّيقُ في المعيشة. يقال : جَحِد عَيْشُهم جَحَداً إذا ضاقَ واشتدَّ. وأنشدني بعضُ العرَب في الجُحْد :

لئِنْ بَعَثَتْ أُمُّ الحُمَيْدَيْنِ مائِراً

لقد غَنِيَتْ في غير بُؤسٍ ولا جُحْد

أبو عُبيد عن أبي عمرو : أَجْحد الرجل وجَحَد إذا أنْفَضَ وذَهَب مَالُه. وأنشد :

وبيضاءَ من أهل المدينة لم تَذُقْ

يبيساً ولم تَتْبَع حَمُولَةَ مُجْحِدقِ

أبو عُبَيد : فرس جَحْد ، والأُنثى جَحْدَة والجميع جِحاد وهو الغليظُ القصيرُ.

وقال شمر : الجُحادِيَّة : قِرْبَةٌ مُلِئت لَبَناً أو غرارة مُلِئَت تمراً أو حِنْطَةً. وأنشد :

وحتى تَرَى أنّ العَلَاةَ تُمِدّها

جُحَاديَّة والرائحاتُ الرَّواسم

وقد مَرّ تفسير البيت في مُعْتَلِّ العَيْنِ.

حدج : الليث : الحَدَج : حَمْلُ البِطِّيخ والحَنْظل ما دام رَطْباً ، والواحدة حَدَجَة.

قال : ويقال : ذلك لحَسَك القُطْب ما دام رَطْباً ، والحُدْج لغة فيه.

أبو عُبيد عن الأصمعي : إذا اشْتَدَّ الْحَنْظَلُ وصَلُب فهو الحَدَجُ ، واحدها حَدَجَة ، وقد أحْدَجَت الشَّجَرَة قال : ونحْوَ ذلك قال أبُو الوَلِيد الأعرابي.

الليث : التَّحْديج : شِدَّة النَّظَر بَعْدَ رَوْعَة وفَزْعَة.

ورُوي عن ابن مسعود أَنَّه قال : «حَدِّثِ القَوْمَ مَا حَدَجُوك بأَبْصَارهم».

قال أبو عُبيد : يعني ما أحدُّوا النظر إليك. يقال : حدَجَني بِبَصره إذا أحد النظَر إليه. قال ومنه حديثٌ يُروَى في المِعْراج «ألم

٧٧

تَرَوْا إلى مَيِّتِكم حين يَحْدِج ببصره فإنما يَنظُر إلى المِعْراج من حُسْنه». وقال أبو النجم :

تُقَتِّلُنا منها عُيونٌ كأَنها

عُيون المهَا ما طَرْفُهن بحادِجِ

يريد أنها ساجِيَةُ الطَّرْف. قال : والذي يُرادُ من الحديث أنَّه يقول : حدِّثهم ما داموا يَشتهُون حديثك ويَرمُونك بأَبصَارِهم. فإذا رَأيتَهُم مَلُّوا فَدَعهُم. قلت : وهذا يَدلُّ على أنَّ الحديث يكونُ في النَّظَر بلا رَوْعٍ ولا فَزَع.

ابن السكيت : حَدَجَه بسَهْم إذا رماه به. يقال : حَدَجَه بذَنْب غَيْره حَمَلَه عَلَيْه وَرَمَاه به ، قال : وَحَدج البعيرَ حَدْجاً إذا شَدَّ عليه أَداته. وحَدَجَه ببصره إذا رماه به حَدْجاً وقال ابن الفَرَج : حَدَجَه بالْعَصا حَدْجاً وحَبَجَه بها حَبْجاً إذا ضَرَبُه بها.

وقال الليث : الْحِدْجُ : مركب ليس بِرَحْلٍ ولا هَوْدَج يركبه نساءُ الأعراب ، قال : وحَدَجْتُ النَّاقَةَ أَحْدِجُها حَدْجاً ، والجمع حُدُوجٌ وأَحْدَاجٌ.

وقال شمر : سمعت أعرابياً يقول : أُنظر إلى هذا البعير الغُرْنُوقِ الذي عليهِ الحِدَاجَةُ ، قال : ولا يُحْدَجُ البعير حتى يكمُل فيه الأداةُ وهي البِدادان والبِطانُ والحَقَبُ.

قلت : وسمعتُ العربَ تقولُ : حَدَجْتُ البعيرَ. إذا شددتَ عليه حِدَاجَتَه ، وجمع الحِدَاجَةِ حَدائجُ ، والعربُ تسمِّي مخالي القَتَب أَبِدَّةٌ واحِدُها بِدَادٌ ، فإذا ضُمَّتْ وأُسِرَتْ وشُدَّتْ إلى أَقْتَابها مَحْشُوَّةً فهي حينئذٍ حِدَاجَة ويُسَمَّى الهَوْدَجُ المشدود فوق القَتَب حتى يُشَدُّ عَلَى البعير شَدّاً واحداً بجميع أَداته حِدْجاً وجمعه حُدوج. ويقال : أَحْدِج بعيرَك ، أي شُدَّ عليه قَتَبَهُ بأَداته.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم لابن السكيت قال : الحُدوجُ والأَحْداجُ والحَدَائجُ : مراكب النساء ، واحدها حِدْجٌ وحِداجةٌ. قلت والصواب : ما فسَّرْتُه لك ولم يُفَرِّق ابنُ السكيت : بين الحِدْج والحِداجَة وبينهما فرق عند العرب كما بينته لك.

وقال ابن السكيت : سمعت أبا صاعد الكلابي يقول : قال رجل من العرب لصاحبِه في أَتانٍ شَرُودٍ : إلْزَمْها رماها الله براكب قليل الْحِداجَة بعيد الحاجة ، أراد بالحِداجة أداة القَتَب.

ورُوي عن عمر أنهُ قال : «حَجَّةً هاهنا ثم احْدِجْ هاهنا حتى تفْنَى». قال أبو عُبَيد : أحْدج ههنا يعني إلى الغزو. قال والحَدْجُ شَدُّ الأحْمَالِ وتوسيقها يقال : حَدَجْتُ الأحمال أَحْدِجُها حَدْجاً والواحد منها حِدْج وجمعها حُدُوجٌ وأَحْدَاجٌ وأنشد قول الأعشى :

أَلَا قُلْ لِمَيْثَاء ما بالها

أَلِلْبَيْنِ تُحْدَجُ أَحمَالُهَا

قال : ويُرْوى تُحْدَجُ أجمالُها أي يُشَدُّ عليها قلت : معنى قول عمر : ثم أحْدِج ههنا أي شُدَّ الحِدَاجَةَ وهو القَتَب بأداته على البعير للغزو. والرواية الصحيحة

٧٨

تُحدَجُ أَحمالُها وأما حَدْجُ الأحمالِ بمعنى توسيقها فغير معروف عند العرب وهو غلط. وأما الحِدْجُ بكسر الحاء ، فهو مركَب من مراكب النساء نحو الهودج والمحفَّةُ ومنهُ البيت السائر :

شَرَّ يَوْمَيْها وأَغْوَاهُ لها

ركِبَتْ عَنْزٌ بِحِدْجٍ جَمَلَا

وقال الآخر :

فَخْرَ البَغِيّ بِحِدْج رَبَّ

تها إذا ما الناس شَلُّوا

شمر عن أبي عمرو الشيباني : يقال : حَدَجْتُهُ ببيع سوء إذا فعلتَ ذلك به. قال : وأنشدني ابن الأعرابي :

حَدَجْتُ ابن محدوج بستين بَكْرَةً

فلمَّا استَوَتْ رِجْلاهُ ضجَّ من الوِقر

قال : وهذا شعر امرأة تزوجها رجل عَلَى ستِّين بكْرة. وقال غيره. حَدَجْتُه ببيع سَوْء ومتاع سَوْء إذا ألزمته بيعاً غبنتَه فيه. ومنهُ قول الشاعر :

يَعِجُّ ابنُ خِرْباقٍ من البيع بعد ما

حَدَجْتُ ابن خرباقٍ بجَرْباء نازعِ

قلت : جعله كبعير شُدَّ عليهِ حِداجته حين ألزمه بَيْعاً لا يقَالُ منهُ.

وقال ابن شُمَيل : أهل اليمامةِ يُسمُّون بطيخاً عندهم أخضرَ مثل ما يكون عندنا أيام التِّيرمَاه (١) بالبصرة الحَدَج.

قال. والحَدَجَةُ أيضاً. طائر شبيه بالقطَا وأهل العراق يسمون هذا الطائر الذي نُسَمِّيهِ اللَّقْلقَ أَبَا حُدَيجٍ.

جدح : الليث : جَدَحَ السويقَ في اللبن ونحوه إِذَا خاضه بالْمِجْدَح حتى يختَلِط.

قال : والْمِجْدَح : خَشَبَة في رَأْسها خشبتان مُعتَرِضتان. قال : وَالْمِجْدَح في أَمْر السَّماء يقال : تردُّدُ رَيِّق الماء في السحاب. يقال : أرسلت السماء مَجَاديحَها. وروي عن عُمَرَ أنه خرج إلى الاسْتِسْقَاء فصعد الْمِنبر فلم يزد على الاستغفار حتى نزل ، فقيل له : إنك لم تسْتَسْقِ ، فقال : لقد استسقَيْتُ بمجاديح السَّماء. قال أَبُو عُبَيْد : قال أَبُو عمْرو : الْمَجَاديحُ واحدها مِجْدح وهو نَجْم من النُّجُوم كانت العرب تزعم أنه يُمْطَر به كقولهم في الأَنْوَاء ، وقال الأُمَوِيّ : هو الْمُجْدَحُ أيضاً بالضَّم ، وأنشدنا :

وأَطْعُنُ بالقوم شطر الْمُلو

ك حتى إذا خَفَقَ الْمِجْدَحُ

قال : والذي يُراد من الحديث أنه جعل الاستغفار استسْقَاء ، يتَأَوَّلُ قول الله جلّ وعزّ : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١)) [نوح : ١٠ ، ١١] وأراد عُمَرُ إبطال الأنواء والتكذيبَ بها ، لأنه جعل الاستغفار هو الذي يُسْتَسْقَى به لا الْمَجَاديحَ والأنواء التي كانوا يسْتَسْقُون بِها. وأَخبرني المُنْذريّ عن ثعلب عن ابن الأعْرابي قال : المِجْدَحُ : نَجْم صغير بين الدَّبَران والثُّريَّا. وقال شَمِر : الدَّبَران يقال له المِجْدَحُ

__________________

(١) هو الشهر الرابع من الشهور الفارسية ، وهو المقابل لشهر إبريل (نيسان) من السنة الشمسية.

٧٩

والتَّالي والتَّابع ، قال : وقال بعضهم : ندعو جَناحَي الجَوْزاء المِجْدَحَين. ويقال : هي ثلاثة كَواكِب كأنها مِجْدح يُعْتبر بطلوعِها الْحَرُّ ، ومنه قول الرَّاجز :

يَلْفَحُها المِجْدَحُ أَيَّ لفح

تلوذ منه بجَنَاء الطَّلْح

قلت : وأما ما قاله الليث في تفسير المجاديح أَنَّها تَرَدُّدُ رَيِّقِ الماء في السحاب فباطل ، والعرب لا تعرفه.

وقال ابن دريد : المَجْدوح : من أطعمة أهل الجاهلية : كان أحدهم يَعْمِد إلى الناقة فتُقْصَد له ، ويأْخذ دَمَها في إناء فيشربه.

ج ح ظ

أهملت وجوهه إلا : جَحَظَ.

جحظ : قال الليث : الجَحاظان : حدقتا العَين إذا كانتا خارجتين ، وقال : عين جاحظة.

وقال غيره : الجُحوظ : خروجُ المُقْلَة ونُتُوُّهَا من الحِجاج.

والعرب تقول : لأَجْحَظَنَ إليك أَثر يدك ، يعْنون به لأُرِيَنَّك سوء أثر يَدِك ، ويقال : جَحَظَ إليه عمله يراد به أَنَّ عمله نظر في وجهه فَذَكَّره سُوءَ صنيعه. ويقال : رجل جاحِظُ العينين إذا كانت حَدَقَتَاه خارجَتَيْن.

ح ج ذ

أهمل الليث هذا الباب كلّه ، وقد استعمِل منه : ذَحَجَ.

ذحج : أخبرني المُنْذِري عن أبي العَبّاس عن ابن الأعرابي أنه قال : وَلَدَ أُدَدُ بن زيد بن مُرَّةَ بن يَشْجُب مُرَّةَ والأشعَر. وأمهما دَلَّةُ بنت ذي مَنْجِشَان الحِمْيرَي فهلكت فخلف على أُخْتها مُدِلَّة بنت ذي مَنْجِشَان فولدت مالكاً وطيِّئاً واسمه جَلْهَمَة ، ثم هلك أُدَدُ فلن تتزوج مُدِلَّةُ وأقامت على ولديها مالك وطَيء ، فقيل : أذْحَجَت على ولدِيها أي أقامت ، فسُمِّي مالك وطيِءٌ مَذْحِجاً.

وقال غيره : مَذْحِجٌ : أكَمة ولدتْهُما عندها فسُمُّوا مَذْحجاً.

وقال ابن دُرَيد : ذَحَجَه وَسَحَجَه بمعنى واحد ، قال : وذَحَجَتْه الريح أي جرَّتْه.

[ح ج ث]

أُهمِلت وجوهه ، وقد قال بعضهم :

[ثحج] : سَحَجَه وثَحَجَه إذا جره جرّاً شديداً.

ح ج ر

حجر ، حرج ، جرح ، جحر ، رجح : [مستعملات].

حجر : قال الليث : الحَجَر وجَمْعُهُ الحِجارة وليس بقياس ، لأن الحجر وما أشبهه يُجْمَع على أحجار ، ولكن يجوز الاستِحْسان في العربيَّة كما أنه يجوز في الفِقْه وتَرْكُ القياس له : كما قال الأعْشَى يمدح قوماً :

لا ناقِصِي حسبٍ ولا

أَيْدٍ إذا مُدَّتْ قِصَارَه

قال : ومثله المِهارة والبكارة لجمع المهر والبَكر ، وأخبرني الْمُنْذِريّ عن أبي الْهَيْثَم أنه قال : العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَالٍ أو فُعُول ، وإنما زادوا هذه الهاء فيها ، لأنه إذا سُكِت عليه اجتمع فيه عند السَّكْتِ ساكنان ، أحدهما الألف التي تنحَرُ آخر حرف في فِعال ، والثاني آخِر

٨٠