تهذيب اللغة - ج ٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

ح ط ر

حطر ، طحر ، طرح : مستعملات.

حطر : أهمل الليث حطر ، وفي «نوادر الأعراب» يقال : حُطِرَ به ، وكُلِتَ به ، وجُلِدَ بِهِ إذا صُرِعَ.

طحر : أبو عُبَيد عن الأصمعي : طحَر يَطْحَر طَحِيراً إذا زَحَرَ.

قال الليث : الطَّحْرُ : قَذْفُ العَينِ بِقَذَاها ، وأنشد :

تَرَى الشُّرَيْرِيغَ يَطْفُو فوق طَاحِرَةٍ

مُسْحَنْطِراً ناظِراً نحو الشَّنَاغِيبِ

يصف عَيْنَ ماء تفور بالماء ، والشُّرَيْرِيغُ : الضِّفْدَعُ الصّغِيرُ ، والطَّاحِرَةُ : العَيْنُ التي تَرْمِي ما يُطْرَحُ فيها لِشِدَّةِ حَمْوَةِ مائها من مَنْبَعِها وقُوَّةِ فَوَرانهِ ، والشَّنَاغِيبُ والشَّغانيبُ : الأَغصَان الرطبة ، واحدها شُغْنُوب وشُنْغُوب : والمُسْحَنِطُر : المُشْرِفُ المُنْتَصِبُ.

وقال الليث : طَحَرَتِ العَيْنُ الغَمْصَ ونحوه إذا رَمَتْ به.

وقَوْسٌ مِطْحَرَةٌ : تَرْمِي سَهْمَهَا صُعُداً لا يقصد إلى الرَّمِيَّة ، قال : والقَنَاةُ إذا الْتَوْت في الثِّقَافِ فَوَثَبَت فهي مِطْحَرَةٌ.

وقال طَرَفَةُ :

طَحُورَان عُوَّارَ القَذَى فَتَراهما

كَمَكْحُولَتي مَذْعُورَةٍ أمِّ فَرْقد

قال : والطَّحِيرُ : شِبْهُ الزَّحِير ، وقد طَحَرَ يَطْحِر طَحِيراً.

وقال الأصمعي : خَتَن الخاتِنُ الصَّبِيَ فأَطْحَرَ قُلْفَتَه إذا اسْتَأْصَلَها. وقال أبو زيد : يقال : اخْتُن هذا الغلام ولا تَطَحَر أي تَسْتَأْصِلُ.

وقال أبو مالك : يقال : طَحَرَه طَحْراً وهو أن يَبْلُغَ بالشيءِ أَقْصَاه. ويقال : أحفى شاربَه وأطحره إذا ألزق جَزَّهُ.

ثعلب عن ابن الأعْرَابي : يُقَالُ : مَا في السَّمَاء طَحَرَة وَلَا غَيَايةٌ. ابن السِّكِّيت عن البَاهِليّ : ما في السَّماء طَحَرَةٌ أي شيء من غَيْم. قال : وقال الأصْمَعِيّ : ما عَلَيْه طَحَرَةٌ إذا كانَ عَارِياً ، وما بَقِيَت على الإبِل من طَحَرة إذا نَسَلَتْ أَوْبَارها.

وقال اللِّحياني : ما عَلَى السَّمَاء طَحَرَةٌ ولا طخْرَةٌ بالحاء والخاء.

وقال الباهِلي : ما عليه طُحْرُورٌ أي ما عليه ثوب وكذلك ما عليه طُخْرُور ، وهي الطَّحَارِيرُ والطَّخَارِيرُ لِقَزَعِ السَّحَاب.

والمِطْحَرُ : السهْم البعيدُ الذهاب ، وقيل : المِطْحَرُ مِنَ السِّهَام : الذي قد أُلْزِقَ قَذَذُه.

وقِدْحٌ مِطْحَرٌ إذا كان يُسْرِع خُروجُه فائزاً.

وسَهْمٌ مِطْحَرٌ : يُبْعِدُ إذا رُمِيَ به ، ومنه قول أَبِي ذُؤَيْب :

فَرَمَى فَأَلْحَقَ صَاعِدِيًّا مِطْحَرا

بالكَشْح فاشْتَمَلتْ عَلَيه الأضْلُعُ

يُرْوَى مِطْحَراً ومُطْحَراً بمعنين مختلفين.

طرح : اللَّيْثُ : طَرَحْتُ الشيءَ أَطْرَحُه طَرْحاً.

قال : والطِّرْحُ : الشيءُ المَطْروحُ لا حاجَةَ لأحَدٍ فيه ، والطُّرُوحُ مِنَ البِلَاد : البَعِيدُ.

أبُو عُبَيد : الطَّرَحُ : البُعْدُ ، وأنْشَد للأعشى :

* وتُرَى نارُك من ناءٍ طَرَحْ *

٢٢١

وقال عُرَام : نِيَّةٌ طَوَحٌ وطَرَحٌ أي بَعِيدَةٌ. وقال غيره : قَوْسٌ طَرُوحٌ : يَبْعُدُ ذَهَابُ سهمها.

وقال الأصمَعِي : سَيْرٌ طُرَاحِيٌ : شَديدٌ ، وقال مُزَاحِمٌ العُقَيْليّ :

بِسَيْرٍ طُرَاحِيٍ تَرَى من نَجَائه

جُلُودَ المَهَارَى بالنَّدَى الجَوْنِ تَنْبُعُ

ويقال : طَرَحَ به الدَّهْرُ كُلَ مَطْرَحٍ إذا نَأَى به عن أهْلِهِ وعَشِيرَته.

ثعلب عن ابن الأعرابي : طَرِحَ الرّجُلُ إذا سَاء خُلُقُه ، وطَرِحَ إذا تَنَعَّمَ تَنعُّماً واسعاً.

وقال اللِّحْيَانِيّ : قالت امرأةٌ من العَرب : إنَّ زَوْجِي لَطَرُوح أرادت أنّه إذا جامَعَ أَحْبَلَ.

ح ط ل

حطل ، حلط ، طلح ، طحل ، لطح ، لحط : مستعملات.

حطل : أهمل الليث حطل ، وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : الحِطْلُ. الذِّئْبُ والجميع أحطَالٌ.

لحط : أهمل الليث لحط ، وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : اللَّحْطُ : الرَّشُّ ، لَحَط بابَ دَارِه إذا رَشَّه بالماء.

قال : واللَّحْطُ : الزّبْنُ.

طلح : قال الليث : الطَّلْحُ : شجر أم غَيْلَان ، له شوك أَحْجَنُ ، وهو من أعظم العِضاه شوكاً وأصْلَبِه عودا وأجوده صمغا ، والوحدة طلحة. قال : والطَّلْحُ في القرآن المَوْز.

وقال أبو إسحاق في قول الله تبارك وتعالى : (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) [الواقِعَة : ٢٩] جاء في التفسير أنه شجر المَوْز ، قال : والطلح : شجر أمِّ غَيْلَان أيضاً ، قال : وجائز أن يكون عُنِي به ذلك الشجر ، لأن له نَوْراً طيِّبَ الرَّائِحَةِ جِدّاً ، فخُوطِبُوا وَوُعِدوا ما يُحِبُّون مثله ، إلا أن فضله على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على سائر ما في الدنيا. وقال مجاهد : أعجبهم طَلْحُ وَجٍّ وحسْنُه ، فقيل لهم : (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) [الواقِعَة : ٢٩]

وقال الفَرَّاءُ : الطِّلَاح : جمعُ الطَّلْح من الشَّجَر ، وأَنْشَد :

إنِّي زَعِيمٌ يا نُوَيْ

قَةُ إنْ نَجَوْتِ من الزَّوَاحْ

أن تَهْبِطِينَ بلادَ قَوْ

مٍ يَرْتَعُون من الطِّلَاحْ

أبو عُبَيد عن الكِسَائي : يقال : إبِل طَلَاحَى وطَلِحَة إذا رَعت الطَّلْحَ فاشتكت منه وكذلك إبل أَرَاكَى وأرِكة.

ثعلب عن ابن الأعْرَابي : سُمِّي طَلْحَة الطَّلَحات الخُزاعيّ بأمهاته ، وأمّه صَفِيَّة بنتُ الحارث بن طلحة بن عبد مناف.

وكان يقال لطلحة بن عبيد الله طلحة الخير ، وكان من أَجْوَادِ العرب ، وممن قال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم أحد : إنه قد أَوْجَبَ.

وقال ابن الأعْرَابي : المُطَلِّح في الكلام.

البَهَّات. والمُطَلِّح في المال الظَّالِم.

والطِّلْحُ المُعْيِي. والطّلْحُ : القُراد. قال : والطُّلُحُ : التَّعِبُون ، والطِّلُحُ : الرُّعَاة.

وقال الليث : الطَّلَاحُ : نَقِيض الصلاح.

٢٢٢

والفِعْل طَلِحَ يَطْلَح طَلَاحاً. قلت وقال بعضهم : رَجُلٌ طَالِحٌ أي فاسِدُ الدين لا خَيْرَ فيه.

الحرَّاني عن ابن السِّكِّيت قال : الطَّلْحُ : مصدر طَلَحَ البعيرُ يُطْلَح طَلْحاً إذا أَعْيَا وكَلَّ ، وقال أبو عمرو : طَلِح البَعِيرُ.

قال : والطَّلَحُ : النِّعْمَة ، وأنشد قول الأَعْشَى :

كم رأينا من أُناسٍ هَلَكُوا

ورأينا المرء عَمْراً بِطَلَح

وقال ابن السكيت : وقيل : طَلَحَ في بيت الأعْشَى : موضع ، وقال غيره : أتى الأَعْشَى عَمْراً ، وكان مسكنه بموضع يقال له ذو طَلَح ، وكان عمرو ملكاً ناعماً ، فاجترأ الشاعر بذكر طَلَحَ دليلاً على النعمة ، وعلى طرح ذي منه ، قال : وذو طَلَح هو الموضع الذي ذكره الحطيئة فقال وهو يخاطب عمر بن الخطاب :

* ما ذَا تَقُولُ لأفْرَاخٍ بذي طَلَح *

أبو عُبَيد عن أبي زيد قال : إذا أضمره الكَلالُ والإعْيَاءُ قيل : طَلَحَ يَطْلَح طَلْحاً.

وقال شمر يقال سار على الناقة حتى طَلَحَها وطَلَّحها.

ثعلب عن ابن الأعرابي : إنه لَطَلِيحُ سَفَر وطِلْحُ سَفَر ورَجِيعُ سَفَر ورَذِيَّةُ سَفَر بمعنى واحد.

وقال الليث : يقال : بَعِيرٌ طَلِيحٌ ، وناقَةٌ طَلِيحُ.

قال : والمهزول من القُرَاد يُسَمّى طِلْحاً ، وقال الطِّرِمَّاحُ :

وقَدْ لَوَى أَنْفَه بِمِشْفَرِها

طِلْحٌ قَرَاشِيمُ : شاحِبٌ جَسَدُه.

القراشيم : القِرْدَان.

قال ابن السكيت : إبِلٌ طِلَاحِيَّةٌ وطُلَاحِيَّةٌ للّتي تأكل الطَّلْحَ ، وأنشد :

* كَيْفَ تَرَى وقْعَ طِلَاحِيَّاتها*

لطح : قال الليث : اللَّطْحُ قال بعضهم كاللَّطْخ إذا جَفَّ وحُكَّ ولم يبقَ أثَر. قال : واللَّطْحُ : كالضَّرْبِ بالْيَد.

أبو عُبَيْد عن أبي عُبَيْدَةَ : اللَّطْحُ : الضَّرْبُ بالْيَدِ ، يقال منه لَطَحْتُ الرجلَ بالأرض قال غيره : هو الضَّرْبُ ليس بالشّديد ببطن الكف ونحوه.

وفي حديث ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يَلْطَحُ أُغَيْلِمَة بني المطلب لَيْلَةَ المزدلفة ويقول : أُبَيْنِيّ ، لا تَرْمُوا جَمْرةَ العَقَبَة حتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

طحل : قال الليث : الطُّحْلَةُ : لَوْنٌ بين الغُبْرَة والبَياض في سواد قليل كَسَواد الرَّمادِ ، ذِئْب أَطْحَلُ ورماد أَطْحَل.

قال : وشَرَاب طَاحِل إذا لم يكن صافي اللَّوْنِ ، قال رُؤْبَةُ :

* وَبلدَةٍ تُكْسَى القَتامَ الطَّاحِلَا*

قال : وعَنْزٌ طَحْلَاءُ ، وقد طَحِلَت طَحَلاً.

أبو زيد : ماءٌ طَحِل : كثِيرُ الطّحْلُبِ. ومَاءٌ طَحِل : كثِيرُ الطُّحْلُبِ. ومَاءٌ طَحِل : كَدِر ، وقال زُهَيْر :

يَخْرُجْنَ من شَرَبَاتٍ ماؤُها طَحِل

عَلَى الْجُذُوع يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقَا

وكِسَاءٌ أَطْحَلُ على لَوْنِ الطِّحَال.

٢٢٣

وطِحَال : موضع ، وقد ذكره ابن مُقْبِل فقال :

لَيْتَ اللَّيَالي يا كُبَيْشَةُ لم تَكُن

إلَّا كَلَيْلَتِنا بِحَزْمِ طِحَال

ومن أمثالهم : «ضَيَّعْتَ البِكارَ عَلَى طِحَال» ، يُضْرَبُ مَثَلاً لمن طلب حاجة إلى مَنْ أَسَاءَ إليه ، وأصل ذلك أن سُوَيْد بن أبي كاهل هَجَا بَنِي غُبَرَ في رَجَزٍ له ، فقال :

منْ سَرَّهُ النَّيْكُ بِغَيْرِ مالِ

فالغُبَرِيّاتُ على طِحَالِ

شَوَاغِراً يُلْمِعْن بالقُفَّالِ

ثم إِن سُوَيْداً أُسِرَ فَطَلَب إلى بني نُمَيْر أن يُعينوه في فَكاكِه فقالوا له : ضيَّعْتَ البِكارَ على طِحَال. والبِكارُ جمعَ بكْرٍ ، وهو الفَتِيّ من الإبل.

أبو العبَّاس عن ابن الأعرَابي : الطَّحِل : الأسوَدُ ، والطَّحِلُ : الماءُ المُطَحْلِبُ.

قال : والطَّحِل : الغضبانُ. والطّحِلُ : المُلآنُ : وأنشد :

ما إنْ يَرُودُ ولا يزَال فِراغُه

طَحِلاً ويمْنَعُه من الإعْيَالِ

حلط : قال الليث : حَلَطَ فلانٌ إذا نزل بحال مَهْلَكَةٍ.

قال : والاحْتِلَاطُ : الاجتهاد في مَحْكٍ ولَجاجَةٍ.

أبو العبّاس عن ابن الأعرابي : الحلْطُ : الغَضَبُ ، والحَلْطُ القَسَمُ ، والحَلْطُ : الإقامةُ بالمكان.

وقال : الحِلَاطُ : الغضَبُ الشديدُ. وقال في موضع : الحُلُطُ : المُقْسِمُونَ على الشيءِ والحُلُطُ : المُقيمون في المكان ، والحُلُطُ : الغُضَابى من الناس ، والحُلُطُ : الهائِمُون في الصَّحَارَى عِشْقاً.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : أَحْرَضَ وَأَحْلَطَ اجْتَهدَ ، ومنه قيل : احْتَلَطَ فُلانٌ ، وقال :

فأَلْقَى التَّهَامِيُّ منهما بِلَطَاتِه

وأَحْلَطَ هذَا لا أَرِيمُ مَكانِيَا

قَال أبو عُبَيد : أَحْلَطَ : اجْتَهَدَ وحَلَفَ وقال : لَعلَ الاحْتِلاطَ منه.

قُلْتُ : احْتَلَطَ : غَضِبَ ، واحْتَلَطَ : اجْتَهد.

وقال ابن الأعْرَابي في قول ابن أحمر : وأَحْلَطَ هذا أي أَقَام ويجوز حَلَفَ.

ح ط ن

حنط ، حطن ، طحن ، نطح ، نحط ، طنح : مستعملات

طحن : قال الليث : الطِّحْنُ : الطَّحِين المَطْحُون ، والطَّحْنُ : الفِعْلُ ، والطَّحَانَةُ : فِعْلُ الطَّحَّان.

قال : والطّاحُونةُ والطَّحَّانَةُ : التي تدور بالماء ، والجميعُ الطّوَاحِين.

قال : وكلّ سِنٍّ من الأضراس طاحِنَة.

والطُّحَنَةُ : دُوَيْبَّةٌ كالجُعَلِ والجميع الطُّحَن قلتُ : الطُّحَنُ يَكون في الرَّمْل. ويقال له الحْلَك ولا يُشْبِه الْجُعَل.

وقال أبو خَيْرَة : الطُّحَنُ هو لَيثُ عِفِرِّينَ مِثْلُ الفُسْتُقَةِ ، لَوْنُه لوْنُ التُّرَاب.

وقال غَيْرُه : هو على هيئة العَظايَة. تَشْتَال بذَنبها كما تفعلُ الخَلِفَةُ من الإبل ، يقول لها الصِّبْيان : اطحَنِي لنا جِرَاباً ، فيطحِّنُ

٢٢٤

بنفسه في الأرض حتى يغيب فيها. حكى ذلك كله أبو حاتم عن الأعْرَاب.

ابن الأعرابي قال : إذا كان الرجلُ نهاية في القِصَر فهو الطُّحَنَةُ.

وروى أبو نصر عن الأصمعي قال : الطُّحَنَةُ : دابَّةٌ دون القُنْفُذ تكون في الرمل تظّهَرُ أَحْيَاناً وتَدُور كأَنَّها تطحن ثم تَغُوصُ ، ويجتمع صِبيان الأعراب لها إذا ظهرت ويصيحون بها اطْحَنِي جِرَاباً أو جرابَيْن.

ويقال : طَحَنَتِ الأفْعَى إذا دَخَلَتْ في الرَّمْلِ ورقَّقَتْه فوقها وأَخْرَجَتْ عَيْنَيها.

وقال الراجز يصف حَيَّة :

حَوَاه حاوٍ طال ما اسْتَبَاثَا

ذكورَها الطُّحَّنَ والأناثا

وحكى النَّضْرُ عن الجَعدِي قال : الطاحن هو الراكس من الدَّقُوقَةِ الذي يَقُوم في وسط الكُدْسِ].

ومن أَمْثالهم : «أسْمَعُ جَعْجَعَةً ولا أَرى طِحْناً» وقد مرَّ تفسيره.

أبو عُبَيد عن الفَرَّاء قال. إذا كانت الإبِل رِفَاقاً أو معها أَهْلُها فهي الطَّحَّانَةُ والطَّحُونُ ، والرَّطّانَةُ والرَّطون.

وقال غيره : الطّحُون : اسم للحرب ، وقيل هي الكَتِيبَةُ من كتَائِب الخَيْل إذا كانت ذات شَوْكةٍ وكثْرَةٍ.

نطح : الليثُ : النَّطحُ لِلكباش ونحوها ، وتنَاطحَتِ الأمواجُ والسُّيول والرِّجال في الحَرْب.

أبو عُبَيْد : نَطَحَ يَنْطَح ويَنْطِحُ ، قال : والنَّطِيح : الذي يَسْتَقْبِلُك من الظِّبَاءِ والطُّيورِ وما يُزْجَر ، قلت : وغيره يُسَمِّيهِ النَّاطِح.

وأما النَّطِيحَةُ في سُورة المائدة (١) [٣] فهي الشَّاةُ المَنْطوحَةُ تموتُ فلا يَحِلُّ أكلُها ، وأُدخِلَت الهاءُ فيها لأنها جُعِلت اسما لا نَعْتاً.

وقال أبو عُبَيدة : من دوائر الخَيْل دائرة اللَّطاةِ ، وهي التي وسْطَ الجَبْهة ، قال فإن كانت دائرتانِ قالوا : فَرَسٌ نَطِيحٌ ، قال : ويُكْرهُ دائرتا النَّطيح.

ويقال : انْتَطَحَتِ الكِباشُ وتنَاطَحَت بمعنًى واحد ، وقال :

* اللَّيل داجٍ والكِباشُ تَنْتَطِحْ *

ويقال : أَصَابهُ ناطِحٌ أي أمْر شَديدٌ ، وكلُّ أمر شديدٍ ذي مَشَقَّةٍ ناطحٌ ، قال الراعي :

كَئِيبٌ يَرُدُّ اللهْفَتَيْن لأُمِّه

وقد مَسَّهُ مِنَّا ومِنْهُنَ ناطِحُ

يصف رجُلاً غيُورا.

نحط : قال الليث : النَّحْطَةُ : داءٌ يُصيبُ الخيْلَ والإبِل في صُدورها ، فلا تكاد تسلَم منه.

قال : والنَّحْطُ : شِبْه الزَّفير.

يقال : نَحَطَ فهو منْحوط مثل نَحَزَ فهو منحوز ، وهو سُعال خَشِن قلَّما تسلَم منه.

__________________

(١) يعني قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ ...).

٢٢٥

والقَصَّارُ ينْحِطُ إذا ضَرَبَ بِثَوبِه على الحَجَر ليكونَ أرْوَحَ له ، وهو النَّحِيطُ ، وقال الشاعر أنشده الفرَّاء :

وتَنْحِطْ حَصَانٌ آخر اللَّيْلِ نَحْطةً

تَقَضَّبُ منها أو تَكادُ ضُلوعُها

حنط : الليث : الحِنْطةُ : البُرُّ ، والحَنَّاطُ : بَيَّاعُه ، والحِنَاطةُ : حِرْفَتُه.

قال : والحَنُوط : يُخْلَطُ من الطيب للميت خاصَّة ، وفي الحديث أنَّ ثمُودَ لمّا استيقَنُوا بالعَذَاب تكَفَّنوا بالأَنْطَاع وتَحَنَّطُوا بالصَّبِر. قلت : هو الحَنُوط والحِناطِ. وروى ابن المُبَارَك عن ابن جُرَيْجٍ قلتُ لِعَطَاء : أَيُ الحِنَاطِ أحَبُّ إليك؟ قال : الكافور ، قُلت : فأَين يُجْعل منه؟ قال : في مرافِغِه ، قلت : وفي بطْنِه؟ قال : نعم ، قلت : وفي مَرْجِعِ رِجْلَيْه ومأْبِضِه؟ قال : نعم ، قلت : وفي عينيه وأنفه وأذنيه؟ قال : نعم. قلت : أيابساً يُجْعل الكافورُ أم يُبَلُّ بماءٍ؟ قال : لا بَلْ يابساً ، قلت : أتَكْرَهُ المِسْكَ حِنَاطاً؟ قال : نعم.

قلْتُ : وهذا يَدُلّ على أن كلَّ ما يُطَيَّب به الميت من ذَرِيرةٍ أو مِسْكٍ أو عَنْبَرٍ أو كافور وغيره من قَصَبٍ هِنْدِي أو صَنْدلٍ مدقوق فهو كلّه حَنوط وحِناط.

قال شمر : الرُّفْغَان : أصْلا الفَخِذَين.

قال : وقال بعض أعراب بني تميم : الرُّفْغُ من المرأة : ما حَوْل فَرْجها ، وقد رَفَغ الرجل المرأةَ إذا قَعَد بين فخذيها ، وفي الحديث «إذا الْتقَى الرُّفْغَان فقد وجَبَ الغُسْل». ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال للبَقْل إذا بَلَغ أن يُحْصَدَ حانِطٌ ، وقد حَنَطَ الزَّرعُ وأَحْنَطَ وأَجَزَّ وأشْوى إذا بلَغ أن يُحْصَد ، قال : وأوَرَس الرَّمْثُ وأحْنَطَ ، ومِثْله خَضَبَ العرْفَجُ.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : يقال للرِّمث أوّل ما يتفَطَّر ليخرج ورَقه قد أقْمَل ، فإذا زاد قليلاً قيل : قد أدْبى ، فإذا ظهرت خُضْرَته قيل : بَقَلَ ، فإذا ابْيَضَّ وأدرَكَ قِيلَ حَنَط.

شَمِر : يقال : أحْنَطَ فهو حانِطٌ ومُحْنِطٌ كلاهما ، وإنَّه لَحَسنُ الحانِطِ ، قال : والحانِطُ والوارِسُ واحد ، وأنشد :

تَبَدَّلْن بَعْد الرَّفض في حانِط الغَضَى

أباناً وغُلَّاناً بِهِ يَنْبُتُ السِّدْرُ

وقال غيره : رجلٌ حانِطٌ : كثيرُ الحِنْطَةِ ، وإنه لحانِطُ الصُّرَّةِ أي عَظيمُها يَعْنونَ صُرَّةَ الدراهم.

ويقال : حَنَطَ ونَحَطَ إذا زَفَر ، وقال الزَّفَيَانُ :

* وانْجَدَل المِسْحَلُ يَكْبُو حانِطا*

أراد ناحطاً يَزْفِرُ فَقَلَبَه. وأهل اليَمن يسمون النَّبْلَ الذي يُرْمَى به حَنْطاً.

وفي «نوادر الأعْراب» : فُلانٌ حانِطٌ إليّ ومُسْتَحْنِطٌ إليّ ومُسْتَقْدِمٌ إليّ ونَاتِلٌ إليّ ومُسْتَنْتِلٌ إلَيّ إذا كان مائلاً عليه مَيْل عَداوة وشحناء.

أَخْبَرَني المنذري عن الطُّوسِيّ عن الخَزّاز أن ابن الأعْرابي أَنشدَه :

لو أَنَّ كابِيةَ بنَ حُرْقُوصٍ بهم

نَزَلَتْ قَلُوصِي حين أَحْنَطَها الدَّمُ

أَحْنَطها أي رَمَّلَها ودَمَّاها وجف عليها.

٢٢٦

وذكرت الْحِنْطىء في باب الرباعي ، وهو القصير ، وعَنْزٌ حِنْطِئَةٌ ، لأن الهمزة أصلية.

طنح : أهمله الليث ، وقال ابن دريد : أخبرني عبد الرحمن عن عمه الأصمعي قال : يقال : طَنِحَتِ الإبلُ إذا سَمِنَت بالحاء ، وطَنِخَت بالخاء إذا بَشِمَت ، قال : وغيره يجعلهما واحداً.

قلتُ : ولم يُسْمَع طنح بالحاء لغيره. وأما طنخ فمعناه اتّخم وهو صحيح.

حطن : أهمله الليث ، والحِطَانُ : التيس ، فإن كان فِعَّالاً فالنون أصلية من حطن ، وإن جعلته فعلاناً فهو من الحَطِّ.

ح ط ف

طحف ، طفح ، فطح ، حطف : مستعملة.

طحف : قال الليث : الطَّحْفُ : حَبّ يكون باليمن يُطْبَخُ. قلت : هو الطهف بالهاء ولعل الحاء تبدل من الهاء.

فطح : قال الليث : الفَطَح : عِرَضٌ في وسط الرأس وفي الأَرْنَبةِ حتى تلتزق بالوجه كالثَّوْرِ الأفطَح.

وقال أبو النجم يَصِفُ الْهامَةَ :

* قَبْصاءُ لم تُفْطَح ولم تُكَتَّل*

ويقال : فطحتُ الحَدِيدَةَ إذا عَرَّضْتَها وسَوَّيتَها كمِسْحَاةٍ أو مِعْزَقٍ أو غَيْرِه. قال جرير :

* لِفَطْحِ المسَاحي أو لجدْلِ الأدَاهم*

طفح : قال الليث : طفح النهر إذا امْتَلأ ، ورأيته طافحاً : مُمْتَلِئاً ، ويقال للذي يَشْرَبُ الخمر حتى يمتلىء سكراً طافِحٌ.

قال : والرِّيحُ تُطفح القُطْنَةَ إذا سطعت بها. أبو عُبَيد عن الأصمعي : الطُّفَاحَةُ : زَبَدُ القِدْر وما عَلَا مِنْهَا. ويقال اطَّفَحْتُ طُفَاحَةَ القِدْرِ إذا أَخَذْتَها ، وأنشد شمر :

أَتَتْكُمُ الجوْفَاءُ جَوْعَى تَطَّفِحْ

طُفَاحَةَ الإثْرِ وطَوْراً تَجْتَدِحْ

وقال غيره : ناقَةٌ طُفَّاحَة القوائم أي سَرِيعَتُها ، وقال ابن أَحْمَر :

طُفَّاحَةُ الرِّجْلَيْنِ مَيْلَعَةٌ

سُرُحُ المِلَاطِ بَعِيدةُ القَدْرِ

أبو عُبَيد عن أبي عُبَيْدة : الطَّافِحُ والدِّهَاقُ والمَلآن وَاحِد ، قال : والطافح. الممتلىء المرتفع ، ومنه قيل للسكران طافح أي أن الشَّرَاب قد ملأه حتى ارتفع ، ويقال : إطْفَح عَنِّي أي إذْهَب عَنِّي.

وقال الأصمعي : الطَّافح : الذي يَعْدُو ، وقد طَفَحَ يَطْفَحُ ، وقال المُتَنَخِّل الهُذَلي يَصِفُ المُنْهَزِمِين :

كانُوا نعائم حَفَّانٍ مُنَفَّرَةٍ

مُغْطَ الحُلُوقِ إذا ما أُدْرِكُوا طَفَحْوا

أي ذَهَبُوا في الأرض يَعْدُون.

حطف : الحَنْطَفُ : الضخم البطن والنون فيه زائدة.

ح ط ب

حطب ، حبط ، بطح : مستعملة.

حطب : أبو عُبَيد عن الأصمعي : من أمثالهم في الأمر يُبرم ولم يشهده صاحبه قولهم : «صَفْقَةٌ لم يشهدها حاطب». قال : وكان أصله أن بعض آل حاطب باع بيعة غُبِن فيها فقيل ذلك.

٢٢٧

قال أبو عُبَيد : وقال أكثم بن صَيْفي : المِكْثَارُ كحاطب ليل.

قال أبو عُبَيد : وإنما شبهه بحاطب الليل : لأنه ربما نهشته الحية ، كذلك المِكثارُ ربما أصابه في إكثاره بعضُ ما يكره].

قال الليث : الحَطَب : معروف ، والفعل منه حَطَب يَحْطِب حَطْباً وحَطَباً. المُخفَّفُ مصدر ، وإذا ثُقِّلَ فهو اسم.

واحْتَطَب احْتِطَاباً ، وحَطَبْتُ فُلَاناً إذا احْتَطَبْتَ لَهُ.

وقال ذو الرُّمَّة :

وهَلْ أَحْطِبَنَ القَوْمَ وهي عَرِيَّةٌ

أُصُولَ أَلاءٍ في ثَرًى عَمِدٍ جَعْدِ

ويقال للمُخَلِّط في كلامه أو أَمْرِه حاطِب ليل ، معناه أنه لا يَتَفَقَّد كلامَه كالحاطب بالليل الذي يحطِبُ كُلَّ رَديء وجَيّد لأنه لا يُبْصِر ما يَجْمَع في حَبْله.

وقال غَيْرُه : شُبِّه الجانِي على نفسه بلسانه بحاطب الليل لأنه إذا حطب لَيْلاً ربما وقَعتْ يَدُه على أَفْعَى فَنَهَشَتْه ، وكذلك الذي لا يَزُمُّ لِسانَه ويَهْجُو الناسَ ويذُمُّهم رُبَّما كان ذلك سَبَباً لِحَتْفه.

وقال الليث : يقال : حَطَبَ فُلَانٌ بفُلَان إذا سَعَى به.

وأما قول الله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المَسَد : ٤] فإنه جاء في التفسير أنها أُمّ جَمِيل امرأةُ أبي لَهَب ، وكانتْ تمْشي بالنَّمِيمَةِ ، ومن ذلك قَوْل الشَّاعِر :

من البِيضِ لم تُصْطَدْ على ظَهْرِ لأْمَةٍ

ولَمْ تَمْشِ بَيْنَ الحَيٍ بالحَطَبِ الرَّطْبِ

أي بالنميمة ، وقيل إنها كانت تحمل شَوْك العِضاه فتطرحه في طريق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وطريق أصحابه.

وقال ابن شُمَيْل : العِنَبُ كل عام يُقْطَع من أعاليه شَيْءٌ ويُسَمَّى ما يُقْطَع منه الحِطَابُ ، يقال : قد اسْتَحْطَبَ عِنَبُكم فاحْطِبُوه حَطْباً أي اقْطَعوا حَطَبَه.

ويقال للذي يَحْتَطِب الحَطَبَ فيبِيعُه حَطَّاب ، ويقال : جاءَتِ الحَطَّابة.

وقال أبو تراب : سَمِعتُ بعضَهم يقول : احْتَطَبَ عليه في الأمر واحْتَقَبَ بمعنى واحد.

حبط : قال الليث : الحَبَطُ : وَجَعٌ يأخذ البَعِيرَ في بَطْنِه من كلأ يَسْتَوْبِلُه ، يقال : حَبِطَت الإبلُ تَحْبَط حَبَطاً ، قال : وإذا عَمِل الرجلُ عملاً ثم أفسده قيل : حَبِطَ عَمَلُه ، وأَحْبَطه صاحِبُه ، وأَحْبطَ الله أعْمَالَ مَنْ يُشْرِك به.

وقال ابن السكيت : يقال : حَبَطَ عَمَلُه يَحْبُط حَبْطاً وحُبُوطاً بسكون الباء ، وحَبِطَ بطنُه إذا انْتَفَخَ يَحْبَطُ حَبَطاً فهو حَبِطٌ ، ورأيت بخط الأقْرَع في كتاب ابن هانىء : حَبَطَ عَمَلُه يَحْبُط حُبُوطاً وحَبْطاً وهو أصَحّ.

وأمَّا قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وإنَّ مِمَّا يُنبِتُ الربيع ما يقتل حَبَطاً أو يُلِمّ» فإن أَبَا عُبَيد فَسَّرَ الحَبَط ، وترك من تفسير هذا الحديث أشياء لا يستغني أهل العلم عن معرفتها ، فذكرتُ الحديثَ على وجهه لأفَسِّر منه كلَّ ما يُحتَاج إليه من تفسيره.

حَدّثنا عبد الله بن محمد بن هاجَك قال :

٢٢٨

حدثنا علي بن حُجْر ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي مَيْمُونةَ عن عَطاءِ بن يَسَار عن أبي سَعِيد الخُدْرِي أنه قال : جلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على المِنْبَر وجَلَسْنا حَوْلَه فقال : «إني أخاف عليكم بعدي ما يُفْتَح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها». قال : فقال رجُلٌ : أو يَأْتي الخَيْرُ بالشرِّ يا رسول الله؟ قال : فسكت عنه رسول الله وَرَأَيْنا أَنّه يُنْزَلُ عليه فأَفَاقَ يمْسَح عنه الرُّحَضاء ، وقال : أَيْنَ هذا السائل وكأنّه حَمِده فقال : إنه لا يأْتي الْخَيْرُ بالشَّرِّ وإن مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ ما يَقتُل حَبطاً أو يُلِمّ إلا آكِلةَ الْخَضِر ، فإنها أكلت حتى إذا امتلأت خاصِرَتها استقبلت عَيْنَ الشمس فَثَلَطَتْ وبالَتْ ثم رَتَعَتْ ، وإنَّ هذا المال خَضِرَةٌ حُلْوَة ، ونِعْمَ صاحِبُ المُسْلِم هو لمن أعطى المسكين واليَتِيم وابنَ السبيل أو كما قال رسول الله : «وإنّه مَنْ يأْخُذْه بغير حَقِّه فهو كالآكل الذي لا يَشبَع ويكون عليه شهيداً يوم القيامة.

قلت : وإنما تَقَصَّيْتُ رِواية هذا الخبر لأنه إذا بُتِر اسْتَغْلَقَ معناه ، وفيه مَثَلان : ضَرَبَ أحدَهما للمُفْرِط في جمع الدنيا ومَنْع ما جَمَع من حَقّه ، والمثل الآخر ضربه للمُقْتَصِد في جمع المال وبذله في حَقّه.

وأما قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وإنّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ ما يَقْتُل حَبَطاً فهو مَثَلُ الحرِيص المُفْرِط في الجمع والمَنْع وذلك أن الرَّبيع يُنبِت أَحْرارَ العُشْب التي تحْلَوْلِيها الماشِيَة فَتَسْتَكْثِر منها حتى تَنْتَفِخَ بطونها وتَهْلِكُ ، كذلك الذي يجمع الدنيا ويحرص عليها ويَشحُّ على ما جَمَعَ حتى يمنَع ذا الحقِّ حَقّه منها ، يَهلِكُ في الآخرة بدخول النار واستِيجابِ العذاب». وأمَّا مَثَلُ المُقْتَصِد المحمود ، فقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إلا آكِلَة الخَضِر فإنها أكلَتْ حتى إذا امتلأت خواصِرُها استَقْبَلَتْ عينَ الشَّمْس فَثَلَطَتْ وبالَتْ ثم رتَعَت ، وذلك أن الخَضِر ليس من أَحْرار البقول التي تستكثر منها الماشية فتُهْلكُه أكْلاً ولكنه من الجَنْبَة التي ترْعاها بَعدَ هَيْج العُشبِ ويُبْسِه. وأكثرُ ما رأيت العرب يَجعَلون الخضِرَ ما اخضَرَّ من الحَلِيّ الذي لم يَصْفَرّ ، والماشِيَةُ ترتَع منه شَيئاً شَيئاً ولا تستكثر منه فلا تحبَطُ بطونُها عنه ، وقد ذكره طرفَةُ فَبيَّن أنه من نبات الصيف في قوله :

كنَباتِ المخْزِ يمأَدْنَ إذا

أنَبتَ الصَّيفُ عَسَالِيجَ الخَضِر

فالخَضِر من كلأ الصيف ، وليس من أحرار بقول الربيع ، والنَّعَم لا تَسْتَوْبله ولا تحبَط بُوطنها عنه ، وأمَّا الخُضارَة فهي من البقول الشتوية وليست من الْجَنبة فضرب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم آكلة الخَضِر مثلاً لمن يَقْتَصِد في أخذ الدنيا وجمعها ولا يسرف في قَمّها والحِرْص عَلَيْها وأنه ينجو من وَبَالِها كما نَجَت آكِلَة الخَضِر ، ألا تَرَاه قال : فإنها إذا أصابت من الخِضِر استقبلت عَيْنَ الشمس فَثَلَطَت وبالت ، وإذا ثَلَطَت فقد ذهب حَبَطُها ، وإنما تَحْبَطُ الماشِيَةُ إذا لم تَثْلِط ولَمْ تَبُلْ وأْتُطِمَت عليها بطونها. وأما قوله عَليهِ السَّلام : «إن هَذَا

٢٢٩

المَالَ خَضِرَةٌ حُلوْة» فالخَضِرَةُ هاهنا الناعمة الغَضَّةُ ، وحَثَّ على إعطاء المسكين واليتيم منه مع حَلَاوَتِه ورغبته ورغبة الناس فيه لِيَقِيَه الله وَبالَ نَعْمتها في دنياه وآخرته.

وقال الليث : الحَبِطَاتُ : حَيٌّ من تميم ، منهم المِسْوَر بن عَبّادٍ الحَبَطِيّ.

قال أبو عُبَيد : إنما سُمُّوا الحَبطات : لأن أحدهم الحارثَ بن مازن بن عمرو بن تميم الحَبِط كان في سفر فأَصابه مِثْلُ الحَبَط الذي يُصِيبُ المَاشِيَة فَنُسِبُوا إليه ، وقيل : فُلَانٌ الحَبَطيّ ، قال وإذا نَسَبُوا إلى الحَبِط قالوا حَبَطِيٌ ، وإلى سَلِمَة قالوا سَلَمِيّ ، وإلى شَقِرَة قالوا شَقَرِيّ ، وذلك أنهم كرهوا كَثْرةَ الكسرات فَفَتَحُوا.

قلت : ولا أرى حَبْطَ العَمَلَ وبُطْلَانَه مأخوذاً إلا من حبَط البَطْن : لأن صاحب الحَبط يَهْلِك وكذلك عَمَل المُنافق والمُشْرِك يَحْبط غير أنَّهم سكنوا الباء من قولهم : حَبِطَ عملُه يَحْبَطَ حَبْطاً وحركوها من حَبِط بَطْنَه يَحْبَط حَبَطاً ، كذلك أُثْبِتَ لنا عن ابن السِّكِّيت وغَيْرِه.

ويقال : حَبِطَ دَمُ القتيل يَحْبَطُ حَبْطاً إذا هُدِرَ ، وحَبِط مَاءُ البئر حَبْطاً إذا ذَهَب.

وأخبرني أبو بكر بن عثمان عن أبي حاتم عن أبي زيد أنه حكى عن أَعْرَابي قرأ : (فَقَدْ حَبَطَ عَمَلُه) بفتح الباء ، وقال : يَحْبُط حُبُوطاً.

قلت : ولم أسمع هذا لغيره ، والقِرَاءةُ : (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) [المائدة : ٥].

ويقال : فَرَسٌ حَبِطُ القُصَيْرَى إذا كان مُنْتَفِخَ الخَاصِرَتَيْن ، ومنه قول الجَعْدي :

فَلِيقُ النَّسَا حَبِطُ المَوْقِفَيْ

ن يَسْتَنُّ كالصَّدَعِ الأشْعَبِ

ولا يقولون حَبِط للفرس حتى يُضِيفُوه إلى القُصَيْرى أو إلى الخاصرة أو إلى الموقف ، لأنَ حَبَطَه انْتِفاخُ خَوَاصِرِه.

[بطح] : قال الليث : البَطْحُ من قولك : بَطَحَه على وجهه فانْبَطَح ، قال والبَطْحاءُ : مَسِيلٌ فيه دُقَاقُ الحَصَى ، فإذا اتَّسَع وعَرُض فهو أَبْطَحُ ، وبَطْحَاءُ مَكَّة وأَبْطَحُها (١).

قال : ومِنّى من الأبْطِح.

وقال ابن الأعرابي : قريش البِطَاح هم الذين ينزلون الشِّعْبَ بين أَخْشَبَيْ مكّة ، وقُريش الظواهر : الذين ينزلون خَارجَ الشِّعْبِ ، وأكرمهما قُرَيْش البِطَاح.

وتَبَطَّح فلانٌ إذا اسْبَطَرَّ على وجهه مُمْتداً على وجه الأرض ، ومنه قول الراجز :

إذا تَبَطَّحْنَ عَلَى المَحَامِلِ

تَبَطُّحَ البَطِّ بِجَنْبِ الساحِلِ

وفي «النوادر» : البُطاحُ : مرض يأخذ من الحُمَّى.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : البُطَاحِيُ مأخوذ من البُطَاح ، وهو المرض الشديد.

وبُطَاح : منزل لبني يَرْبُوع وقد ذكره لبيد

__________________

(١) بعده في «اللسان» (حبط): «معروفة ، لانبطاحها».

٢٣٠

فقال :

تَرَبَّعَتِ الأشْرَافَ ثُمَّ تَصَيَّفَت

حِسَاءَ البُطَاحِ وانْتَجَعْنَ السَّلَائلَا

والبَطِيحَةُ ما بَيْنَ واسِط والبَصْرَة : ماءٌ مُسْتَنْقِعٌ لا يُرى طرفاه من سعته ، وهو مَغِيضُ مَاء دِجْلَة والفرات ، وكذلك مَغَايض ما بَيْنَ البصرة والأهْوَاز ، والطَّفُّ : ساحِلُ البَطِيحَة وهي البَطَائح.

وتَبَطَّحَ السَّيلُ إذا سَالَ سَيْلاً عريضاً ، وقال ذو الرُّمَّة :

ولا زَالَ من نَوْءِ السِّمَاكِ عَلَيْكُما

ونوءِ الثُّريَّا وَابِلٌ مُتَبَطِّح

وقال أبو سعيد : يقال : هو بَطْحَةُ رَجُل مثل قولك : قامةُ رَجُل.

وقال النضر : الأبْطَحُ : بَطْنُ المَيْثَاء والتَّلْعة والوادي وهو البَطْحَاء ، وهو التراب السهل في بطونها مِمَّا قد جَرَّتْه السيول ، يُقَالُ : أَتَيْنَا أَبْطَحَ الوَادِي فَنِمْنَا عَلَيْه ، وبَطْحَاؤُه مِثْلُه ، وهو تُرَابُه وحَصَاهُ السهل اللَّيِّنُ ، والجميع الأبَاطِحُ لا تنبت شيئاً إنما هي بَطْن المَسيل ، ويقال : قد انْبَطَح الوادي بهذا المكان أي اسْتَوْسَع فيه.

أبو عَمْرو : البَطِحُ : رمل في بطحاء وسُمِّي المكانُ أَبْطَح : لأن الماء يَنْبَطِح فيه أي يَذهبَ يَميناً وشمالاً ، والبَطِحُ بمعنى الأَبْطَح. وقال لبيد :

يَزَعُ الهَيَام عن الثَّرَى ويَمُدُّه

بَطِحٌ يُهايِلُه عَلَى الكُثْبَانِ

حَدَّثَنا أبُو يَزِيد عن عبد الجَبّار عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه قال : كان عُمَرُ أولَ مَنْ بَطَحَ المَسْجِدَ ، وقال : ابْطَحُوه من الوادي المُبَارك ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نائماً بالعَقِيقِ فقيل له : إنَّكَ بالوادي المُبَارَك.

قوله : بَطَحَ المسجد أي ألْقَى فيه الحَصَى وَوَثَّرَه بِهِ.

قال ابن شُمَيْل : بَطْحَاءُ الوادي وأَبَطَحُه : حَصَاهُ السَّهْلُ اللَّيِّنُ في بَطْن المَسِيل.

ح ط م

حطم ، حمط ، طمح ، طحم ، مطح ، محط : مستعملات.

حطم : قال : الليث : الحَطْمُ : كَسْرُك الشيءَ اليَابِسَ كالعَظْم ونحوه ، حَطَمْتُه فانْحَطَم ، والحُطام : ما تكَسَّر من ذلك ، وقِشْرُ البَيْض إذَا تكَسَّر حُطَامه. وقال الطِّرِمَّاحُ :

كأنَ حُطَامَ قَيْضِ الصَّيْفِ فِيهِ

فَرَاشُ صَمِيم أقحَافِ الشُّؤُون

والحَطْمَةُ : السّنَةُ الشَّدِيدةُ ، وحَطْمةُ الأسَدِ : عَيْثُه وفَرْسُه للمال.

وحِجْرُ مَكَّة يقال له : الحَطيم مِمَّا يَلِي المِيزَاب.

أبو داود عن النضر : الحَطِيمُ : الذي فيه المِيْزَاب ، وإنما سُمِّي حَطيماً لأن البَيْت رُفِعَ وتُرِك ذَاكَ مَحْطُوماً.

أخبرني المنذري عن الحرّاني عن ابن السكيت : يقال : رجل حُطَمَة إذا كان كَثِيرَ الأَكْلِ.

وقال أبو زيد : يقال للنار الشديدة : حُطَمة.

وحَطَمَ فُلَاناً أهلُه إذا كَبِرَ فيهم كأنهم صَيَّرُوه شَيْخاً محْطُوماً بُطُولِ الصّحْبَة.

٢٣١

وقالت عائِشَةُ في النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بعد ما حَطَمْتُمُوه.

ويقال للجَوَارس حَاطُوم وهَاضوم وحُطَامُ الدنيا : عَرَضُها وأَثَرُها وزِينَتُها.

وقال الله جلّ وعزّ : (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) [الهُمَزة : ٤] ، الحُطَمَةُ : اسْمٌ من أَسْمَاء النار.

ويقال : شَرُّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ ، وهو الراعي الذي لا يمكن رَعِيَّتُه من المَرَاتَع الخَصِيبَة ويقبضها ولا يَدَعُها تَنْتشر في المَرْعَى.

ويقال : راعٍ حُطَمٌ بغير هاء إذا كان عنيفاً كأنه يَحْطِمها أي يكسرها إذا ساقها أو أَسَامَها لعُنفه بها ، ومنه قول الراجز :

* قَدْ حَشَّها اللَّيْلُ بِسَوَّاقٍ حُطَم *

ويقال : فلانٌ قد حَطَمَتْه السِّنُّ إذا أَسَنَّ وضَعُفَ.

وقال أبو زيد : يقال للعَكَرَةِ من الإبلِ حُطَمَة لحَطْمِها الكلأ وكذلك الغَنَم إذا كَثُرت.

وحُطامُ الدنيا : كُلُّ ما فيها من مَالٍ يَفْنَى ولا يَبْقَى.

ويقال للهاضوم حَاطُوم.

وفَرَسٌ حَطِمٌ إذا هُزِل أو أسَنَّ فَضَعُفَ.

الأصمعي : إذا تكسر يَبِيسُ البَقْلِ فهو حُطَام.

شمر : الحُطَمِيَّةُ من الدُّرُوعِ : الثَّقِيلَةُ العَرِيضَةُ.

وقال بعضهم : هي التي تَكْسِر السُّيُوفَ وكان لعلي رضي‌الله‌عنه دِرْعٌ يقال لها : الحُطَمِيَّةُ.

حمط : قال ابن دريد : حمطْتُ الشيءَ حَمْطاً إذا قَشَرْته.

وقال الليث : الحَمَطِيط : نَبْتٌ وجمعه الحَمَاطِيطُ.

قلت : ولَمْ أسمع الحَمَط بمعنى القَشْر لغير ابن دريد ، ولا الحَمَطِيطُ في باب النبات لغير الليث.

وقرأْتُ بخط شمر ليونس أنه قال : يقال : إذا ضَرَبْتَ فأَوْجِع ولا تُحَمِّط ، فإن التحميط ليس بشيء. يقول بالغ. قال : والتحميط : أن يُضْرَب الرَّجلُ فيقول : ما أوجعني ضَرْبُه أي لم يُبَالِغ.

وأما قول المُتَلَمِّس في تشبيهه وشْيَ الحُلَلِ بالحَمَاطِيط :

كأنّما لَوْنُها والصُّبْح مُنْقَشِعٌ

قَبْلَ الغَزَالَةِ أَلْوَانُ الحَمَاطِيط

فإن أَبَا سعيد قال : الحَماطِيط جمع حَمَطيطٍ : وهي دودة تكون في البَقْل أيَّام الربيع مُفَصَّلَةٌ بحمرة ، يُشَبَّه بها تفصِيلُ البَنَان بالحِنّاء. شبّه المتلمس وشْي الْحُلَلِ بأَلْوَان الحَماطيط.

أبو عُبَيْد عن الأصمعي : قال : الحَمَاطَةُ : حُرْقَةٌ يجدها الرجل في حلْقِه.

قال أبو عُبَيد : وقال أبو عَمْرو : إذا يَبِسَ الأَفَانَى فهو الحَمَاطُ.

قُلْتُ : الحَمَاطَةُ عند العَرَب هي الحَلَمَةُ وهي من الجَنْبَةِ ، وأما الأفَانَى فهُوَ من العُشْبِ الذي يَتَنَاثر.

وقال شمر : الحَمَاطُ : من ثمر اليَمَنِ معروف عندهم يُؤْكَلُ. قلت : وهو يشبه

٢٣٢

التِّين.

قلت : وقيل : إنه مِثْلُ فِرْسِكِ الخَوْخِ.

وقال الأصمعي : العَرَبُ تقول لجِنْس من الحَيَّات. شيطانُ الحَمَاط.

وأنشد الفرّاء :

عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحْلِفُ.

كمِثْل شيطان الحَمَاطِ أَعْرَفُ

العَنْجَرِدُ : المرأةُ السَّلِيطَةُ. وقيل : الحَماطُ بلغة هُذَيل : شجَرٌ عِظامٌ تنبت في بلادهم تأْلَفُها الحيَّاتُ.

وأنشد بعضهم :

* كأَمْثَال العِصِيِّ من الحَمَاطِ*

وحَمَاط : موضع ذكره ذو الرُّمَّة في شِعْره :

فَلَمَّا لَحِقْنَا بالحُمُول وقد عَلَتْ

حَمَاطَ وَحِرْبَاءُ الضُّحَى مُتَشَاوِسُ

وقال الأصمعي : يقال : أصبت حَماطَةَ قلبه ، كقولك : أَصبت حَبَّةَ قلبه وأَسْوَد قلبه ، وأنشد الأصمعي :

ليْتَ الغُرابَ رَمَى حَمَاطَة قَلْبه

عَمْرٌو بأَسْهُمِه التي لم تُلْغَبِ

ثعلب : عن ابن الأعرَابي أنه ذكر عن كعب أنه قال : أسماء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الكتب السالفة : محمد ، وأحمد ، والمُتَوَكِّل والمُخْتار ، وحِمْيَاطا ، ومعناه حَامِي الحُرَم ، وفارِقْلِيطا أي يَفْرُق بين الحق والباطل.

طحم : قال الليث : طَحَمَةُ السَّيْلِ : دُفَّاعُ مُعْظَمه.

وطَحَمَةُ الفِتْنَةِ : جَوْلَةُ الناس عندها.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : أَتَتْنا طُحْمَةٌ من الناس وطَحْمَةٌ وكذلك طَحْمَةُ السيْلِ وطُحْمَتُه بفتح الطاء وضمها ، وهم أكثر من القَادِيَة ، والقادِيَة : أوَّلُ من يطْرَأُ عَلَيْك.

والطَّحْمَاء : نبت معروف.

وقال الأصمعي : الطَّحُوم والطَّحُورُ : الدَّفُوعُ. وقَوْسٌ طَحُورٌ وطَحُومٌ بمعنى وَاحِد.

محط : قال اللَّيثُ : المَحْطُ كما يَمْحَطُ البازِي ريشَه أي يَدْهُنه.

يقال : امتحَط البازي.

ويقال : مَحَّطَتُ الوَتَرَ وهو أَنْ يُمِرَّ الأصابعَ لتُصْلِحَه ، وكذلك تَمْحِيطُ العَقَب تَخْلِيصُه.

وقال النَّضْرُ المُمَاحَطَةُ : شِدَّةُ سِنان الجمل الناقَةَ إذا اسْتَناخَها ليضْرِبها ، يقال : سانَّها وما حَطَها مِحَاطاً شَدِيداً حتى ضَرَب بها الأرض.

وامْتَحطَ سيْفَه من غِمْدِه وامْتَخَطه إذا اسْتَلَّهُ من جَفْنِه.

طمح : قال الليث : يقال : طَمَحَ فلان ببصره إذا رَمَى به إلى الشيء ، وفرس طامحُ البصر ، وقال أبو دُوادٍ :

طَوِيلٌ طامح الطَّرْف

إلى مِقْرَعَةِ الكَلْبِ

ويقال للفرس إذا رفع يديه قد طمّح تَطْمِيحاً.

قال أبو عمرو : الطَّامِحُ من النساء : التي تُبْغِضُ زوجها وتنظر إلى غيره.

وأنشد :

٢٣٣

* بَغَى الوُدَّ من مطْروفَةِ العَيْن طامح *

وطَمَحَت بعينها إذا رمت ببصرها إلى الرجل ، وإذا رفعت بصرها يقال : طَمَحَت ، وطمحَ به : ذَهَب به ، قال ابنُ مُقْبِل :

 قُوَيْرَحُ أَعْوَامٍ رَفيعٌ قَذالُه

يَظَلُّ بِبَزِّ الكَهْلِ والكَهْلُ يَطْمَح

يطمح : يجري ويذهب بالكَهْلِ وبَزِّه.

وامرأَة طَمَّاحَة : تُكثِرُ نظرَها يَميناً وشمالاً إلى غير زوْجها.

وقال : طَمَحَاتُ الدَّهْرِ : شدائِدُه ، وربما خفّف ، قال الشاعر :

باتَتْ هُمُومِي في الصَّدْرِ تَحْضَؤُها

طَمْحَاتُ دهرٍ ما كُنْتُ أَدْرَؤُها

قال : ما هاهنا صلة.

وإذا رَمَيْتَ بشيء في الهواء قلتَ : طَمَّحْتُ به تطميحاً.

والطَّمّاحُ : من أسماء العرب.

مطح : أهمله الليث. وقال ابن دريد : المَطْحُ : الضربُ باليد ، قال : ومَطَحَ الرجلُ جاريته إذا نكحها. قلت : أما الضرب باليد مَبْسُوطة فهو البَطْحُ ، ولا أَعْرِفُ المطجَ بالميم إلا أن تكون الباءُ أبدلت ميماً.

أبواب الحاء والدال

(ح د ت) ـ (ح د ظ) ـ (ح د ذ)

أهملت وجوهها : إلا حرفاً واحداً وهو : حتد.

حتد : أهمله الليث : وهو مْسْتَعْمل.

وروى أبو عُبَيد عن الأصمعي : عَيْن حُتُد : لا يَنقطع ماؤُها.

قلت : لم يُرِدْ عَيْنَ الماء ، ولكنه أراد عَيْنَ الرأس.

وروى أبو العَبَّاس عن ابن الأعرابي.

قال : الحُتُد : العيُونُ المُنْسَلقة واحدها حَتَدٌ وحَتُودٌ.

وقال ابن الأعرابي : المَحْتِدُ والمحْفِدُ والمحْقِدُ والمَحْكِدُ : الأصْلُ ، يقال : إنه لكَرِيمُ المَحْتِد.

وقال الأصمعي في قول الرَّاعي :

حَتَّى أُنِيخَتْ لَدَى خَيْرِ الأنَام معاً

من آل حَرْبٍ نَمَاهُ مَنْصِبٌ حَتِد

قال : الحَتِدُ : الخالِصُ الأَصْل من كل شيء ، وقد حَتِد يَحْتَد حَتَداً فهو حَتِد ، وحَتَّدْتُه تَحْتِيداً أي اخْتَرْتُه لخُلُوصِهِ وفَضْلِه.

ح د ث

استعمل من وجوهه : [حدث].

حدث : قال : الحَدَث من أَحْدَاث الدَّهْر : شِبْهُ النَّازِلَة.

قال : والحَدِيثُ : ما يُحدِّثُ به المُحَدِّثُ تحديثاً. ورجُلٌ حِدْثٌ أي كثير الحدِيث.

والأحاديثُ في الفقه وغيره معروفة ، قلت : واحدة الأحاديث أُحْدُوثة.

وقال الليث : شابٌ حَدَثٌ : فَتِيُّ السِّنِّ.

والحَدِيثُ : الجديدُ من الأشياء.

ويقال : صار فلانٌ أُحْدُوثَةً أي أكثروا فيه الأحاديث.

٢٣٤

والحَدَثُ : الإبْدَاءُ.

وقال اللحياني : رجل حَدَثٌ وحِدْث إذا كان حسَنَ الحديث.

شمِر عن ابن الأعرابي : رجل حَدِثٌ وحِدْثٌ وحِدِّيثٌ ومُحدِّثٌ بمعنى واحد.

ثعلب عن الأعرابي : الحَدَثَانُ : الفأْسُ وجمعه حِدْثان. وأنشد :

وجَوْنٌ تَزْلَقُ الحَدَثانُ فيه

إذا أُجَراؤُه نَحَطُوا أَجابَا

قال : أراد بجَوْنٍ جَبَلاً ، وقوله : أَجابا يعني صَدَى الجَبل تسمعه.

وقال غيره : حَدَثانُ الدهرِ : حَوادِثُه وربما أَنَّثَتِ العربُ الحَدثان يذهبون به إلى الحوادث ، وأنشد الفراء :

أَلَا هَلَكَ الشِّهابُ المستنيرُ

ومِدْرَهُنا الكَمِيُّ إذا نُغِيرُ

وحَمَّالُ المِئينِ إذا أَلَمَّتْ

بنا الحَدَثانُ والإنِفُ النَّصُورُ

وقال الفراء : يقولون : أَهْلَكَنا الحدَثان ، وأمّا حِدْثانُ الشبابِ فبكسرِ الحاءِ وسكون الدال.

قال أبو عمرو الشيباني : يقال : أَتيْتُه في رُبَّى شبابِه ورُبَّان شَبابِه وحُدْثَي شبابِه وحديث شَبابِه وحِدْثانِ شبابِه بمعنى واحد.

وقال غيره : يقال : هؤلاء قومٌ حُدْثانٌ جمعُ حَدَث ، وهو الفَتِيُّ السنّ.

والعرَب تقول : أَخَذَني ما قَدُمَ وما حَدُث بضم الدال من حَدُث ، أتبعوه قَدُم ، والأصلُ فيه حدَث ، قال ذلك الأصمعيُّ وغيرُه.

ويقال : أَحْدَث الرجلُ إذا صَلَّع أو فَصَّع أو خَصَف ، أيَّ ذلك فعل فهو مُحْدِث.

وأَحْدثَ الرجلُ وأحدثَتِ المرأةُ إذا زَنَيا ، يُكنَى بالإحداثِ عن الزِّنى.

ومُحْدَثاتُ الأمور : ما ابتدعَه أهلُ الأهواء من الأشياء التي كان السلفُ الصالح على غيرها.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كلُ مُحدَثِ بِدْعة ، وكلُّ بدعةٍ ضلالة».

ويقال : فلانٌ حِدْثُ نِساءٍ كقولك : تِبْعُ نساء وزِيرُ نساء.

ويقال : أَحدثَ الرجلُ سيْفَه ، وحادثَه إذا جَلَاه.

ورُوِيَ عن الحَسَنِ أنه قال : «حادِثوا هذه القلوب فإنها سريعةُ الدُّثور» معناه اجلوها بالمواعظ وشوِّفوها حتى تَنْفُوا عنها الطَّبَع والصَّدأَ الذي تَرَاكبَ عليها من الذنوب وقال لبيد :

* كنَصْلِ السَّيْف حُودِثَ بالصِّقَال*

باب الحاء والدال مع الراء

[ح د ر]

حدر ، حرد ، دحر ، درح ، ردح : مستعملات.

دحر : قال الليث : الدَّحْرُ : تَبْعِيدُك الشيءَ عن الشيء ، يقال : اللهم ادْحَرْ عنا الشيْطان أي اطرده ونَحِّه.

وقال الله : (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) [الأعراف : ١٨] قالوا : مَطروداً.

٢٣٥

وقال الفرَّاء في قول الله جلَّ وعزَّ : (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً) [الصافات : ٨ ، ٩] قرأ الناسُ بضم الدال ونَصْبها ، فمن ضَمّها جعَلَه مصدراً كقولك : دَحَرْتُه دُحوراً ، قال : والدَّحْرُ : الدفْعُ ، ومن فتَحَها جعلها اسماً ، كأنه قال : يُقْذفون بداحر وبما يَدْحَرُ.

قال الفرَّاء : ولستُ أَشْتَهي الفتح لأنه لو وُجِّه على ذلك على صحة لكان فيها الباء كما تقول : يُقْذَفون بالحِجارة ، ولا يقال : يُقْذفون الحِجارَة ، وهو جائز.

وقال الزجّاج : معنى قوله دُحُوراً أي يُدْحَرون أي يُباعَدون.

حدر : الليث : الحَدْرُ من كلِّ شيءٍ : تَحَدُّرُه من عُلُوٍّ إلى سُفْلٍ ، والمُطاوَعَةُ منه الانحدار ، تقول : حَدَرْتُ السفينةَ في الماءِ حُدوراً ، وحَدَرَتْ عَيْنِي الدَّمعَ فانحدر الدمعُ وتحَدَّرَ ، وحَدَرْت القِراءَة حَدْراً.

والحَدور : اسم مقدارِ الماء في انحدار صَبَبه وكذلك الحَدور في سَفْح الجبل وكل موضع منحدر ، ويقال : وقَعْنا في حَدورٍ منكرة ، وهي الهَبوط ، قلت : ويقال له الحُدَراء بوزن الصُّعداء.

وقال الليث : الحادر : الممتلىء لحماً وشَحْماً مع تَرَارَة ، والفعل حَدُر حَدارةً ، وناقَةٌ حادِرةُ العيْنَيْن إذا امتلأَتا نِقْياً فارتَوَتَا وحَسُنَتا قال الأعشَى

وعَسِيرٌ أَدْمَاءُ حادِرَةُ العَيْن

خَنوفٌ عَيْرانةٌ شِمْلَالُ

قال : وكلُّ ريَّانٍ حَسَنِ الْخَلْقِ حادِرٌ ، وأنشد :

أُحِبُّ الصَّبيَّ السَّوْءَ من أَجْلِ أُمِّه

وأُبغِضُه من بُغْضِها وهْوَ حادِرُ

وفي حديث عُمَر أنه ضرب رجُلاً ثَلَاثينَ سَوْطاً كلُّهَا يَبْضَعُ وَيَحْدُرُ.

قال أبو عُبَيد : قال الأصْمَعِيُّ : يَبْضَعُ يعني يَشُق الجلد ، ويَحْدُرُ يعني يورِّمُ ولا يشقُّ ، قال : واخْتُلِفَ في إعرابه ، فقال بعضهم : يُحْدِرُ إحْداراً من أحْدَرْتُ ، قال : وأظنها لغتين إذا جعلتَ الفعل للضرب ، فأما إذا كان الفعلُ للجلد أنه الذي يَرِمُ فإنهم يقولون :

قد حَدَر جِلْدُهُ يَحْدُرُ حُدُوراً لا اختلاف فيه أعلمه ، وقال عمر بن أبي ربيعة :

لو دَبَّ ذَرٌّ فوق ضاحي جِلْدِهَا

لأَبَانَ من آثارهن حُدورُ

يَعني الْوَرَم.

قال : وكذلك يقال : حَدَرْتُ السفينة في الماء ، وكلُّ شيء أرسَلْته إلى أسفل فقد حَدَرْته حَدْراً وحُدُوراً ، قال : ولم أسمعه بالألف : أحْدَرْتُ ، قال : ومنه سُمِّيت القراءة السريعة الحَدْر ، لأن صاحبها يَحدُرُها حَدْراً.

قال : وأما الحَدُور فهو الموضع المُنْحَدِر.

قال الأصمعيُّ : حَدَرتْهُم السَّنَةُ تَحْدُرُهُمْ إذا حطَّتهم ، وجاءت بهم حُدوراً.

وفتى حادِرٌ أي غليظٌ مُجْتَمِع ، وقد حَدَرَ يَحْدُر حَدارةً.

قال : وأحْدَر ثوبَه يُحدِرُهُ إحداراً إذا كَفَّهُ وذلك إذا فتله. ثعلب عن ابن الأعرابي : الحَدْرَةُ : الفتلة من فتل الأَكْسِيةِ.

وقال الأصمعي : يقال عَينٌ حَدْرة بَدْرَةٌ ،

٢٣٦

فأما قولهم : حدرة فمعناه مُكْتَنِزَةٌ صُلبةٌ ، وبدرة : تَبْدُرُ بالنظر. وقال ابن الأعرابي :

عين حَدْرةٌ واسعةٌ ، وأنشد :

وعيْنٌ لها حَدْرةٌ بَدْرةٌ

شُقَّتْ مآقيهما من أُخُرْ

وغريفٌ حادر أي تامٌّ ، وقال غيره : هو الغليظ الحروف ، وأنشد :

كأَنَكِ حادرةُ المَنْكِبَيْنِ

رَصْعَاءُ تستنُّ في حائرِ

يعني ضِفْدِعة ممتلئة المنكبين.

وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ قول الله جلّ وعزّ : (وإنا لجميع حادرون) [الشعراء : ٥٦] بالدال ، وقال : مُؤدون بالكُرَاع والسِّلاح ، هكذا حدثني المنذري عن علي بن العبّاس الخُمَرِيُّ بالكوفة عن إبراهيم بن يوسف الصَّيْرَفي عن الحكم بن ظهَير عن عاصم عن زِرِّ عن عبد الله. قُلْتُ : والقراءة بالذال (حاذِرُونَ) لا غير ، والدَّال شاذَّةٌ لا يجوز عندي القراءة بها ، وقرأَ عاصم وسائر القراء بالذَّال.

وقال ابن السكيت : الحادُور : القُرْطُ وجمعه حَوادِيرُ ، وقال أبو النَّجم يصف امرأةً :

خِدَبَّةُ الخَلْق عَلَى تَحْضِيرها

بَائنةُ المنكِب من حادورها

أراد أنها ليست بِوَقْصاء.

والحيْدار من الحَصى : ما صُلب واكتَنَز ، ومنه قولُ تميم بن أُبَيّ بن مُقْبِل :

يَرْمِي النِّجَادَ بحَيْدَارِ الحَصَى قُمَزاً

في مَشْيَةٍ سُرُحٍ خَلْطٍ أَفَانِينَا

وقال أبو زيد : رَمَاه بالحَيْدَرَة أي بالهَلَكَة.

وقال أبو العَبَّاس أحمد بن يحيى : لم يختلف الرواة في أَنَّ هذه الأبيات لعلي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه :

أَنَا الّذِي سَمَّتْنِ أُمِّيَ حَيْدَره

كَلَيْثِ غَابَاتٍ غَلِيظِ القَصَرَهْ

أَكِيلُكُم بالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرهْ

ورُوِي عن عَمْرو عَنْ أبيه أنه قال : الحَيْدَرَةُ : الأسَدُ ، قال : والسَّنْدَرَةُ : مِكْيَالٌ كَبِير.

وقال ابن الأعْرَابي : الحَيْدَرَةُ في الأُسْد مثل المَلِك في النَّاس.

قال أبو العَبَّاس : يَعْني لِغِلَظِ عُنُقِهِ وقُوَّةِ سَاعِدَيه ، ومنه غُلَامٌ حادِرٌ إذا كان ممتلىء البَدَنِ شَدِيدَ البَطْشِ ، قال : واليَاءُ والهَاءُ زائدتان.

أبو عُبَيد عن أبي زَيْد قال : الحُدْرَةُ من الإبل : ما بَيْنَ العَشَرة إلى الأَرْبَعِين.

وقال شمر : يقال : مَالٌ حَوَادِر : مُكْتَنِزةٌ ضِخَامٌ ، والحَوَادِرُ من كُعُوبِ الرِّمَاح : الغِلَاظُ المُسْتَدِيرَةُ.

وحَيٌ حَادِرٌ : مُجْتَمِعٌ.

وقال المُؤَرِّجُ : يقال : حَدَروا حَوْلَهُ وبه يَحْدُرُون إذا طَافُوا به.

وقال الليث : امرأةٌ حَدْرَاءُ ، ورَجُلٌ أَحْدَرُ.

وقال الفَرَزْدَقُ :

عَزَفْتَ بأَعْشَاشٍ وما كُنْتَ تَعْزِفُ

وأَنْكَرْتَ مِنْ حَدْرَاءَ ما كُنْتَ تَعْرِفُ

قال : وقال بعضهم : الحَدْرَاءُ في نَعْتِ الفَرَسِ في حُسْنِها خَاصَّة.

٢٣٧

قال : والحَدْرَةُ : جِرْمُ قَرْحَةٍ تَخْرُجُ بِبَاطِنِ جَفْنِ العَيْن ، وقَدْ حَدَرَت عَيْنُه حَدْراً.

ثعلب عن ابن الأعْرَابي قال : الحَدْرُ : الإسْرَاعُ في القراءَةِ وفي كلِّ عَمَل ، ومنه قيل : رَجُلٌ حَدْرَةٌ أي مُسْتَعْجِلُ.

قال : والحَدْرَ : الشَّقُّ ، والحَدْرُ : الوَرَمُ بلا شَق ، يقال : حَدَرَ جِلْدُه ، وحَدَرَ زَيْدٌ جِلْده.

قال : والحَدْرَةُ : العَيْنُ الواسِعَةُ الجاحِظَةُ.

والحَادِرُ والحَادِرَةُ : الغُلَامُ المُمْتَلِىءُ الشَّبَابِ.

ردح : ثعلب عن ابن الأعْرَابي قال : الرُّدْحِيُ : الْكاسُورُ ، وهُوَ بَقَّالُ القُرَى.

وقال اللَّيثُ : الرَّدْحُ : بَسْطُك الشيءَ فَتُسوِّي ظَهْرَه بالأرْض كقول أبي النَّجْم :

* بَيْتَ حُتُوفٍ مُكْفَأً مَرْدُوحاً*

قال : وقَدْ يَجِيءُ في الشِّعْرِ مُرْدَحاً مِثْل مبسوط ومُبْسَطٍ.

أبو عُبَيْد عن الأصمعي : رَدَحْتُ البَيْتَ وأَرْدَحْتُه من الرُّدْحَة ، وهي قطعة تُدْخَل فيها بَنِيقة تزاد في البيت ، وأنْشَدَ الأصمعي :

* بَيْتَ حُتُوفٍ أُرْدِحَتْ حَمَائِرُهْ*

وقال في مَوْضِعٍ آخر الرّدْحَةُ : سُتْرةٌ في مُؤَخَّرِ البَيْتِ ، قال : وَرْدحةُ بَيْتِ الصَّائد وَقُتْرَتُه حِجارَةٌ ينصبها حَوْلَ بَيْتِه ، وهي الحَمَائِرُ ، واحدها حِمَارَة.

وقال اللَّيْثُ : امْرَأَةٌ رَدَاح : ضَخْمَةُ العَجِيزَةِ والمآكِمِ ، وقَدْ رَدُحَتْ رَدَاحَةً وهي رَدَاحٌ وَرَدَحَةٌ.

قال : وكتِيبَةً رَدَاحٌ : ضخمة مُلَمْلَمَةٌ كثيرة الفرسانِ ، وكبشٌ رَدَاحٌ : ضخم الأَلْيَة.

وروي عن عَلِيّ رضي‌الله‌عنه أنه قال : إنَّ من ورائكم أُمُوراً مُتَماحِلَةً رُدُحاً ، وبلاءً مُكْلِحاً مُبْلِحاً ، فالمُتَمَاحِلةُ : المُتَطَاوِلَةُ ، والرُّدُحُ : العظيمة يعني الفِتَن جمع رَدَاح وهي الفتنةُ العظيمة.

وروي عن أبي موسى أنه ذكر الفِتَن فقال : وبقيت الرَّدَاحُ المُظْلِمَة التي مَنْ أَشْرَفَ لها أشْرَفَتْ له» ، أراد الفِتنة أيضاً.

وفي حديث أُمِّ زَرْع : «عُكُومُها رَدَاحٌ وبَيْتُها فَيَاحٌ» العُكُومُ : الأحْمَال المُعَدَّلَة ، والرَّدَاحُ : الثقيلة الكثيرة الحشْوِ من الأثاث والأمْتِعَة.

ومائدةٌ رَادِحَةٌ ، وهي العظيمة الكثيرة الخير.

وقال الطِّرِمَّاحُ :

هو الغَيْثُ للمُعْتَفِين المُفِيضْ

بِفَضْل مَوَائِدِه الرّادِحَهْ

وقال لبيد يصف كتيبة :

* ومِدْرَهِ الكَتِيبَةِ الرّدَاحِ *

وقال شَمِر : رَوَى بعضهم في حديث عَليّ عَليهِ السَّلامْ : «إنَّ من وَرَائكم فِتَناً مُرْدِحَة» ، قال : والمُرْدِحُ له معنيان : أحدُهما المُثْقِل ، والآخر المُغَطِّي على القلوب من أَرْدَحْتَ البيتَ إذا أرسلتَ رُدْحَتَه ، وهي سُتْرَةٌ في مؤخر البيت ، قال : وَمَنْ رَواهُ فِتَناً رُدَّحاً فهي جمعُ الرَّادِحَةِ ، وهي الثِّقَالُ

٢٣٨

التي لا تَكادُ تَبْرَحُ ، قال : والرَّادِحَةُ في بيتِ الطِّرِمَّاح : العِظامُ الثِّقَالُ.

حرد : الحرَدُ : مصدر الأَحْرَد ، وهو الذي إذا مَشَى رفعَ قوائمه رَفْعاً شديداً ووضعها مكانها من شِدَّة قَطافَتِه في الدَّوَابِّ وغيرها ، قال : والرَّجُلُ إذا ثَقُل عليه دِرْعه فلم يستطع الانْبِساطَ في المَشْي قيل حَرِدَ فهو أَحْرَد ، وأنشد :

* إذا ما مَشَى في دِرْعِه غير أَحْرَدِ*

قلتُ : الحَرَدُ في البعير : حَادِثٌ لَيْسَ بِخِلْقة.

وقال ابن شُمَيل : الحَرَدُ : أن تَنْقَطِع عَصَبَةُ ذِرَاعِ البَعيرِ فَتَسْتَرْخِي يدُه ، فلا يزال يَخْفِق بها أبداً ، وإنما تَنْقَطِع العَصَبَةُ من ظاهر الذِّرَاع ، فتراها إذا مَشَى البعير كأنها تَمُدُّ مَدّاً من شدة ارتفاعها من الأرضِ وَرَخاوَتِها ، قال : والحَرَدُ إنما يكون في اليَدِ ، والأَحْرَدُ يُلَقِّفُ قال : وتَلْقِيفُه : شِدةُ رفعه يده كأنما يمُد مَدّاً ، كما يَمُدُّ دَقَّاقُ الأرز خَشَبَته التي يدق بها فذلك التَّلْقِيف. يقال : جَمَلٌ أَحْرَدُ ، وناقةٌ حَرْدَاءُ.

وأنشد :

إذا ما دُعِيتُم للطِّعَانِ أَجَبْتُمُ

كما لَقَّفَتْ زُبٌّ شآمِيّةٌ حُرْدُ

وقال الليث : الحَرَدُ لغتان ، يقال : حَرِدَ الرجلُ فهو حَرِد إذا اغْتَاظ فَتَحَرَّشَ بالَّذِي غاظه وهَمّ به فهو حارِدٌ ، وأنشد :

أُسُودُ شَرًى لاقَت أُسُودَ خَفِيَّةٍ

تسَاقيْنَ سُمّاً كُلّهن حَوَارِد

وقال أبو العبَّاس : قال أبو زيد والأصمعي وأبو عُبَيدة : الذي سُمِع من العَرب الفُصَحاء في الغَضَب : حَرِد يَحْرَدُ حَرَداً بتحريك الرَّاء.

قال أبو العبَّاس : وسألتُ ابنَ الأعْرابي عنها فقالت : صَحِيحَة ، إلا أَنّ المُفَضَّل أَخْبَرَني أَنّ من العَرَب من يقول : حَرِدَ حَرَداً وحَرْداً ، والتّسْكِينُ أكثر ، والأخْرَى فَصِيحة ، قال وقلَّما يلْحَنُ النَّاسُ في اللُّغة.

أخبرني المنذري عن الصَّيْدَاوِي عن الرِّياشي قال : قال الأصْمَعيّ : الحَرَدُ : داءٌ يأخذ البَعِير يَنْفُض منه يَدَه ، وأنشد لأبي نُخَيْلَةَ :

* سَفْقاً كتَلْقِيفِ البعِير الأحْرَد*

قال : والأحْرَدُ من الرّجال : اللئيم ، وأنشد لرؤبة :

* أَحْرَدُ أو جَعْدُ اليَدَيْنِ جِبْز*

وحَرَدْتُ حَرْدَه أي قَصَدْتُ قَصْدَهُ.

وقال ابن الأعْرَابي : الحَرْدُ : القَصْدُ ، والحَرْدُ : المنْعُ ، والحَرْدُ : الغَيْظُ ، والغَضَبُ ، قال : ويجوز أن هذا كله معنى قوله : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ) [القَلَم : ٢٥].

ورُوِي في بعض التفسير أَنّ قريتهم كان اسمها حَرْد.

وقال الفرَّاء في قوله تعالى : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ) [القَلَم : ٢٥] يريد على حَدٍّ وقُدْرَة في أنفسهم ، قال : والحَرْدُ : القَصْدُ أيضاً ، كما تقول للرَّجل : قَدْ أقْبَلْتُ قِبَلكَ ، وقَصَدْتُ قَصْدَك ، وحَرَدْتُ حَرْدَك ، قال وأنشدت :

٢٣٩

وجَاءَ سَيْلٌ كان من أمر الله

يَحْرِدُ حَرْد الْجَنّة المُغِلَّه

يريد : يقصد قَصْدَها.

وقال غيره في قوله : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ) [القَلَم : ٢٥] ، قال : مَنَعُوا وهُمْ قادرون أي واجِدُون ، نصَبَ قادِرِين على الحال.

وقال الليث : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ) [القَلَم : ٢٥] قال : على جِدٍّ من أمرهم.

قلت : هكذا وجدتُه في نسخ كتاب الليث مُقَيّدا ، والصواب على حَدٍّ أي على مَنْعٍ هكذا قاله الفرَّاء.

وقال الليث : قَطاً حُرْدٌ : سِرَاعٌ. قلتُ : هذا خَطَأ ، والقَطَا الحُرْدُ : القِصَارُ الأرْجُل ، وهي مَوْصُوفةٌ بذلك ، ومن هذا قيل للبخيل أَحْرَدُ اليَدَيْن أي فيهما انْقِباضٌ عن العَطاء ، ومن هذا قوْلُ مَنْ قال في قوله : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ) [القَلَم : ٢٥] أي على منع وبُخْل.

أبو عُبَيد عن الأصْمَعي : الحُرودُ : مَباعِرُ الإبل ، واحِدُها حِرْد وحِرْدةٌ بكسر الحاء.

وقال شمر : قال ابن الأعْرابي : الحُرُودُ : الأمْعاء ، وأقرأنا لابن الرِّقَاعِ :

بُنِيَتْ عَلَى كَرِشٍ كأَنَ حُرُودَها

مُقُطٌ مُطَوَّاة أُمِرَّ قُوَاها

وسمعت العَرب تقول للحَبْل إذا اشْتَدَّتْ غَارةُ قُوَاه حتى تَتَعَقَّدَ وتَتراكب : جاء بحبْل فيه حُرُود ، وقد حَرَّد حَبْله.

وقال الليث : الحُرْدِيَّة : حِياصَةُ الحَظِيرة التي تُشَدُّ عَلَى حَائط من قَصَب عَرْضاً ، يقول : حَرَّدناهُ تحْرِيداً ، والجَمِيعُ الحَرادِيّ.

قال : والحَيُ الحَرِيدُ : الذي يَنزِلُ مُعْتزِلاً من جَماعة القبِيلة ، ولا يُخالطهم في ارْتِجَالِه وحُلولِه.

أبو عُبَيد عن أبي عَمْرو : رَجل حَرِيد ، وهو المُتَحَوِّل عن قَوْمه ، وقد حَرَد يَحْرِد حُروداً ، ومنه قول جرير :

نَبْنِي على سَنَن العَدُوِّ بُيوتَنا

لا نَسْتَجِيرُ ولا نَحُلُ حَرِيدا

يقول : لا نَنْزِل في قَوْم من ضَعْفٍ وذِلَّة لِقُوَّتِنا وكثْرتِنا.

وقال الليث : الحِرْد : قِطْعة من السِّنام.

قلتُ : لم أَسْمَع بهذا لغَيْر الليث ، وهو خطأ ، إنما الحِرْدُ المِعَى. وحَارَدَتِ الإبلُ إذا انقطع ألبانها وقلّت فهي محاردةٌ وناقةٌ مُحَارِدٌ بغير هاء : شديدةُ الحرَاد.

وقال الكُمَيْت :

وحَارَدَتِ النُّكْدُ الجِلَادُ ولم يَكُن

لعُقْبَةِ قِدْرِ المُسْتَعِيرينَ مُعْقِبُ

وقال النَّضْرُ : المُحَرَّدُ من الأوْتارِ : الحَصِد الذي يظهر بعض قواه على بعض ، وهو المُعَجَّر.

وقال : وقال يونس : سَمِعْتُ أعرابيّاً يسأل يقول : مَنْ يتصدَّق على المِسْكِين الحَرِد أي المحتاج.

وقال أبو عُبَيدة : حَرْدَاء على فعلاء ممدودة : بنو نَهْشَل بن الحارث ، لَقَبٌ لُقِّبُوا به ، ومنه قول الفرزدق :

لَعَمْر أبِيك الخَيْر ما زَعْم نَهْشل

عَلَيَّ ولا حَرْدَائِها بكَبِير

٢٤٠