تهذيب اللغة - ج ٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

إنَّ فيه لمندوحة ، وقال ابن مقبل :

وإني لأستحيي وفي الحق مَسْمَحٌ

إذا جاءَ باغِي العُرْفِ أن أَتَعَذَّرا

أبو عُبَيد عن أبي زيد سَمَح لي فلان أي أَعْطَاني ، وما كان سَمْحاً ، ولقد سَمُح بضم الميم.

وقال ابن الفرج حكاية عن بعض الأعراب قال : السِّباحُ والسِّمَاح : بُيُوتٌ من أَدَم ، وأنشد :

* إذا كان المسَارِحُ كالسِّماحِ *

ويقال : سَمَّح البعيرُ بعد صعوبته إذا ذَلَّ ، قال : وأَسْمَحَتْ قُرُونَتُه لذاك الأمر إذا أطاعت وانْقَادَت.

ويقال : فُلانٌ سَمِيحٌ لَمِيحٌ ، وسَمْحٌ لَمْحٌ.

في الحديث أنّ ابن عبّاس سُئِل عن رجل شَرِب لَبَناً محضاً أَيَتَوَضَّأ؟ فقال : «اسمح يسمح لك».

قال شمر : قال الأصمعي : معناه : سَهِّل يُسَهَّل لك وعليك ، وأنشد :

* فلما تَنَازَعْنَا الحدِيثَ وأَسْمَحَتْ *

قال : أسمحت : أسهلت وانقادت.

أبو عمرو الشيباني : أَسْمَحَتْ قَرِينَتُه إذا ذَلّ واستقام ، وقولهم : الحَنِيفِيَّة السّمْحَةُ : ليس فيها ضِيقٌ ولا شِدّة.

أبو عَدْنان عن أبي عُبَيدة : اسْمَحْ يُسْمَحْ لك ، بالقَطْع والوصْل جميعاً. وسَمَحَت النَّاقَةُ في سيْرِها إذا انْقَادَت وأَسْرَعَتْ.

وقال ابن الأعرابي : سَمَحَ له بِحاجَتِه وأَسْمَح أي سهَّل له.

وقال الفرّاء : رجلٌ سَمْحٌ ، ورجال سُمَحَاء ، ونساء مَسَامِيحُ.

مسح : قال ابن شميل : المَسْحُ : القولُ الحسَنُ من الرّجُل ، وهو في ذلك يخدعك. يقال : مسحتُه بالمعروف أي بالمعْرُوف من القَوْل ، وليس معه إِعْطَاء ، وإذا جَاء إعْطَاء ذهب المَسْحُ وكذلك مَسّحْتُه.

وقال الليث : المَسْحُ : مَسْحُك الشيءَ بيدك كمسْحِك الرّشْحَ عن جبينك ، وكمسْحِك رأْسَك في وضوئك. وفي الدعاء للمريض : مَسَحَ الله عَنْك ما بِك ، قال : ورَجُل مَمسُوح الوَجْه : مَسيح : وذلك أن لا يبقى على أحد شِقَّيْ وَجْهه عينٌ ولا حاجبٌ إلا اسْتَوى. قال : والمَسِيح الدّجَّالُ على هذه الصفة. والمسيحُ عيسى ابن مريم قد أُعْرِب اسمه في القرآن على مسيح. وهو في التورءة مَشِيحَا. وأنشد :

* إذا المَسيحُ يَقْتُل المسيحَا*

يعني عيسى ابن مريم يقتل الدجّال بَنَيْزَكه. قال أبو بكر الأنباري : قيل سُمِّي عيسى مَسيحاً لِسِياحَته في الأرض.

وقال أبو العباس : سُمِّي مَسيحاً ، لأنه كان يَمْسَحُ الأرض أي يَقْطعُها.

وروي عن ابن عباس أنه كان لا يمْسَح بيده ذا عاهَةٍ إلا بَرَأَ ، وقال غيره : سُمِّي مَسِيحاً ، لأنه كان أَمْسَحَ الرِّجْل ليس لرجله أَخْمَصُ ، و

قيل : سُمِّي مَسيحاً لأنه خرج من بطن أمه مَمسُوحاً بالدُّهْن.

وروي عن إبراهيم أنَ المسيحَ الصِّدِّيقُ.

٢٠١

قال أبو بكر : واللغويون لا يعرفون هذا ، قال : ولعل هذا قد كان مُسْتَعْمَلاً في بعض الأزمان فَدَرَس فيما درس من الكلام.

قال : وقال الكسائي : قد درس من كلام العَرَب شيءٌ كثير.

وقال أبو عُبَيد : المسيحُ عيسَى أصله بالعبرانية مَشِيحا ، فَعُرِّب وغُيِّر ، كما قيل موسى ، وأصله مُوشَى.

قال أبو بكر : ورُوِي عن بعض المحدثين : المِسِّيح بكسر الميم والتشديد في الدّجّال.

قال حدثنا إسماعيلُ بن إسحاق عن عبد الله بن مَسْلَمة عن مالك عن نافع أن ابن عُمَر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أَرَاني الله عند الكعبة رجلا آدم كأحْسنِ مَن رأيت ، فقيل لي : هو المسيح ابن مريم ، قال وإذا أنا برجل جَعْد قططٍ أعور العَيْن اليُمْنَى كأنها عِنَبَةٌ طافية ، فَسَأَلتُ عنه ، فقيل لي : المِسِّيح الدَّجَّال ، قال : وهو فِعِّيل من المَسْح.

ثعلب عن ابن الأعرابي : المَسِيحُ : الصِّدِّيق ، وبه سُمَّي عيسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : والمَسِيحُ الأَعْوَرُ ، وبه سُمِّي الدَّجَّال ، ونحوَ ذلك قال أبو عُبَيد.

وقال شمر : سُمِّي عِيسَى المَسيحَ لأنه مُسِحَ بالبركة.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : المَسِيحُ بن مريم : الصِّدِّيق ، وضد الصِّدِّيق المَسيحُ الدَّجّال أي الضِّلِّيل الكَذَّاب ، خلق الله المَسِيحَيْن أحدهما ضد الآخر ، فكان المَسِيحُ ابن مَرْيَم يُبْرِىءُ الأكمهَ والأبرصَ ويُحيِي الموتَى بإذنِ الله ، وكذلك الدجال يُحْيي الميت ويميت الحي ، وينشىء السحاب ، ويُنبت النبات ، فهما مَسِيحان : مَسِيحُ الهُدَى ، ومَسِيحُ الضلالة ، قال لي المُنْذِري : فقلت له بلغني أن عيسى إنما سُمِّي مَسِيحاً ، لأنه مُسِح بالبَرَكَة ، وسُمِّي الدَّجَّال مَسِيحاً ، لأنه مَمْسُوحُ العَيْن ، فأنكره وقال : إنما المَسِيحُ ضِد المَسيح ، يقال مَسَحَه الله أي خَلَقَه خَلْقاً حَسَناً مُبارَكا ، ومَسَحَه أي خَلَقَه قَبِيحاً مَلْعُوناً.

قال : ومَسَحْتُ النَّاقَةَ ومَسَخْتُها أي هَزَلْتُهَا وَأَدْبَرْتُها ، والعَرَبُ تقول : به مَسْحَةٌ من هُزَال ومَسْخةٌ من هُزَال ، وبه مَسْحَةٌ من سِمَن وجَمالٍ.

والشيءُ المَمسوحُ : القَبيحُ المَشْئوم المُغَيَّرُ عن خَلْقِه.

وقال ذو الرُّمَّة في المَسْحَة بمعنى الجمال :

على وَجْه مَيٍ مَسْحَةٌ من مَلَاحةٍ

وتحْتَ الثِّياب الشَّيْن لوْ كان بادِيا

وعن جرير بن عبد الله : ما رآني رسول الله مُذْ أسلمت إلَّا تَبَسَّم في وجهي ، وقال : «يَطْلع عليكم رجل من خِيَارِ ذي يَمَنٍ على وَجْهه مَسْحَةُ مَلَكٍ».

قال شمر : العرب تقول : هذا رجل عليه مَسْحَةُ جَمالٍ ومَسْحَةُ عِتْقٍ وكرَمٍ ، لا يُقَال إلا في المدْحِ ، ولا يُقَالُ : عليه مَسْحَةُ قَيْح وقد مُسِحَ بالعِتْقِ والكَرَم مَسْحاً.

وقال الكُمَيتُ :

٢٠٢

خَوَادِمُ أَكْفَاءٌ عَلَيْهِنّ مَسْحَةٌ

من العِتْقِ أَبْدَاهَا بَنَانٌ وَمَحْجِرُ

وقال الأَخْطَلُ يَمْدَحُ رَجُلاً من ولد العَبَّاس كان يقال له المُذْهَبُ :

لَذٍّ تَقَبَّله النَّعِيمُ كأنَّما

مُسِحَتْ تَرَائِبُه بمَاءٍ مُذْهَبِ

وفي صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «مَسِيحُ القدمين» أراد أنهما مَلْسَاوَان : ليس فيهما وسَخٌ ولا شُقاقٌ ولا تَكَسُّرٌ إذا أصابهما الماء نَبا عَنْهُما.

وفي حديث أبي بكر : غارة مَسْحَاء ، هو فعلاء من مَسَحَهم يَمْسَحهم إذا مَرَّ بهم مَرّاً خَفِيفاً لا يقيم فيه عندهم.

قال : والمَسِيحُ : الكَذاب ماسِحٌ ومِسِّيحٌ وَمِمسَحٌ وتِمْسَحٌ ، وأنشد :

إنِّي إذا عَنَّ مِعَنٌّ مِتْيَحُ

ذُو نَخْوَة أو جَدِلٌ بَلَنْدَحُ

أو كَيْذُبَانٌ مَلَذَانٌ مِمْسَحُ

وقال آخر :

* بالإفْكِ والتَّكْذابِ والتَّمسَاح *

قال : والمَسِيحُ : سبائك الفِضَّة ، والمَسِيحُ : المنديل الأخْشَنُ ، والمَسِيحُ : الذِّرَاعُ ، والمَسِيحُ : العَرَقُ ، والمَسِيحُ : الكَثِيرُ الجِماع ، وكذلك الماسِحُ ، يقال : مَسَحَها أي جامعها.

قال : والمَاسِحُ : القَتَّالُ ، يقال : مسحهم أي قَتَلَهم.

والماسِحَةُ : المَاشِطَةُ.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : المسائح : الشعر.

وقال شمر : هي ما مَسَحْتَ من شعرك في خدِّك ورَأسِك ، وأنشد :

مَسَائِحُ فَوْدَيْ رَأْسِه مُسْبَغَلَّةٌ

جَرَى مِسْكُ دَارِينَ الأحَمُّ خِلَالَهَا

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) [ص : ٣٣] يريد : أقبل يَمسَح يَضْرِبُ سُوقَها وَأَعْنَاقها ، فالمسْحُ هاهنا القطع.

وأخبرني المنذري عن ثعلب أنه سُئِل عن قوله : (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) [ص : ٣٣] وقيل له : قال قطرب : يمسحها : يُبَرِّك عليها ، فأنكره أبو العَبَّاس وقال : ليس بَشَيْء ، قيل له : فَإيشْ هو عندك؟ فقال : قال الفرَّاء وغيره : يضرب أعناقَها وسُوقَها : لأنها كانت سَبَبَ ذنبه.

قلتُ : ونحوَ ذلك قال الزَّجَّاج ، وقال : لم يَضْرِبْ سُوقَها ولا أعناقَها إلا وقد أَبَاحَ الله له ذلك : لأنه لا يَجْعَل التوبة من الذَّنْبِ بِذَنْبٍ عَظِيم ، قال : وقال قوم : إنه مَسَحَ أَعْنَاقَها وسُوقَها بالماء بيده ، قيل : وهذا ليس يُشْبِه شَغْلَها إياه عن ذِكْرِ الله ، وإنما قال ذلك قوم : لأن قَتْلَها كان عندهم منكراً ، وما أباحه الله فليس بمُنكر ، وجائز أن يبيح ذلك لسُلَيْمَان في وَقْتِه ويَحْظُره في هَذَا الوَقْتِ.

أبو عُبَيد : التَّمْسَحُ : الرجل المارد الْخَبِيث.

وقال الليث : التِّمْسَحُ والتِّمْسَاحُ يكون في الماء شَبِيه بالسلحفاة إلا أنه يكون ضخماً طويلاً قَوِيّاً.

٢٠٣

قال : والمُمَاسَحَةُ : المُلَايَنَةُ والمُعَاشَرَة والقُلُوبُ غير صافية.

وفلان يُتَمَسَّح به لِفَضْله وعبادته ، كأنه يُتَقَرَّبُ إلى الله بالدُّنُوِّ مِنْه.

وقال غيره : مَسَحَت الإبلُ الأرضَ يومَها دَأْباً أي سارت سيراً شدِيداً ، قاله ابن دريد.

أبو عُبَيد : المَسْحَاءُ : الأرضُ المستوية.

وقال الليث : الأمْسَحُ من المفَاوز كالأمْلَسِ وجمعه الأَمَاسِحُ.

والمَسَاحَةُ : ذَرْعُ الأرض ، تقول : مَسَحَ يَمْسَح مَسْحاً.

وقال غيره : جمع المَسْحَاء من الأرض مَسَاحِي.

وقال أبو عمرو : المَسْحَاءُ : أرض حمراء ، والوحْفَاءُ : السَّودَاءُ.

وقال غيره : المَسْحَاءُ : قطعة من الأرض مستوية كثيرة الحَصَى غليظة.

وتَمَاسَحَ القومُ إذا تَبَايَعُوا فتَصَافَقوا.

أبو عُبَيد عن أبي زيد قال : إذا كانت إحدى رَبْلَتي الرِّجْل تُصِيب الأخرى قيل : مَشِقَ مَشَقاً ومَسِحَ مَسَحاً.

وقول الله جلّ وعزّ : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المَائدة : ٦]. قال بعضهم : نزل القرآن بالمسح ، والسُّنَّةُ بالغَسْلُ.

وقال بعض أهل اللغة : مَنْ خَفَضَ وأرجلكم فهو على الجِوَار.

وقال أبو إسحاق النحوي : الْخَفْضُ على الجِوار لا يَجُوزُ في كِتَاب الله ، إنما يجوز ذلك في ضَرورَة الشِّعْرِ ، ولكن المَسْحَ على هذه القراءة كالغَسْل ، ومما يدلّ على أنه غَسْل أن المَسْحَ على الرِّجل لو كان مَسْحاً كمَسْح الرأْسِ لم يَجز تحديدُه إلى الكعبين كما جاء التحديد في اليدين إلى المرافق ، قال الله : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) [المَائدة : ٦] بغير تحديد في القرآن ، وكذلك في التيمم : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) [المَائدة : ٦] من غير تحديد ، فهذا كله يوجب غَسْل الرِّجلين ، وأما من قرأ : (وَأَرْجُلَكُمْ) ، فهو على وجهين : أحدهما : أن فيه تَقْدِيماً وتأْخِيراً كأنه قال : فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجَلكم إلى الكعبين ، وامسحوا بُرؤسِكم وقدّم وأخرَّ ليكون الوضوء وِلَاءً شيئاً بعد شيء. وفيه قوْلٌ آخَرُ : كأنه أراد أغسلوا أرجلكم إلى الكَعْبَيْن ، لأن قوله إلى الكعبين قد دَلّ على ذلك كما وصفنا ، ويُنْسَقُ بالغَسْل على المَسْح كما قال الشاعر

يا ليت زَوْجَكِ قَدْ غَدَا

مُتَقَلِّدَّا سَيْفاً ورُمْحا

المعنى مُتَقَلِّداً سَيْفاً وحَامِلاً رُمْحاً.

وقال غيره : رجُلٌ أَمْسَحُ القدَم والمرأة مَسْحَاء إذا كانت قَدَمُه مستوية لا أَخْمَصَ لها ، وامرأة مَسْحَاءُ الثَّدْي إذا لم يكن لِثَدْيِها حجم.

والمَاسِحُ مِنَ الضَّاغِطِ إذا مَسَحَ المِرْفَقُ الإبْطَ من غير أن يعرُكَه عَرْكاً شديداً.

والأَمْسَحُ : الأَرْسَحُ ، وقومٌ مُسْحٌ رُسْح وقال الأَخْطَل :

٢٠٤

دُسْمُ العَمَائِم مُسْحٌ لا لحومَ لهم

إذا أحَسُّوا بِشَخْصٍ نابىءٍ لَبَدُوا

ويقال : امْتَسَحْتُ السيفَ من غِمده وامْتَسَخْتُه إذا اسْتَللْته.

وقال سَلَمَةُ بنُ الخُرْشُب يَصِف فَرَساً :

تَعَادَى من قوائِمها ثَلاثٌ

بتَحْجِيلٍ وَوَاحِدَةٌ بَهِيمُ

كأن مَسِيحَتَي وَرِقٍ عليها

نَمَت قُرْطَيهما أُذُنٌ خَذِيمُ

قال ابن السكيت : يقول : كأنما أُلْبِسَتْ صَفِيحَة فِضَّة من حُسْنِ لونها وبريقها ، قال : وقوله : نَمَتْ قُرْطَيْهما أي نَمَتْ الْقُرْطَيْن اللذين من المَسِيحَتَيْن أي رفَعَتْهُما ، وأراد أن الفضة مِمَّا يُتَّخَذُ لِلْحَلْي وذلك أَصْفَى لها ، وأُذُنٌ خَذِيمٌ أي مَثْقُوبَة.

وأنشد لعبد الله بن سَلَمَة في مثله :

تَعْلَى عليه مَسَائِحٌ من فَضَّةٍ

وتَرَى حَبَابَ المَاء غَيْرَ يَبِيس

أراد صَفَاءَ شَعْرَته وقِصَرها. يقول : إذا عَرِق فهو هكذا ، وتَرَى الماء أَوَّلَ ما يَبْدُو من عَرَقه.

عمرو عن أبيه قال : الأَمْسَحُ : الذئب الأَزَلُّ ، والأمْسَحُ : الأَعْوَرُ الأَبْخَقُ لا تكون عينه بَلُّوْرَةً. والأَمْسَحُ : السَّيَّارُ في سِيَاحَتِه ، قال : والأَمْسَحُ : الكَذَّابُ : وفي حديث اللِّعان أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال في ولد المُلاعَنَة : «إن جَاءَتْ به مَمْسُوحَ الأَلْيَتَيْن». قال شمر هو الذي لَزِقت أَلْيَتَاه بالعَظْمِ.

رَجُلٌ أَمْسَحُ وامرأةٌ مَسْحَاء وهي الرَّسْحَاءُ ، قال ذلك ابن شميل.

وقال الفرّاء : المَسْحَاءُ : أرضٌ لا نبات بها ، يقال : مررتُ بِخَرِيقٍ بين مَسْحاوَيْن ، والخَرِيقُ : الأرض التي تَوَسَّطَها النبات.

وقال ابن شميل : المَسْحَاءُ : قطعة من الأرض مستوية جرداء كثيرة الحَصَى لَيْسَ فيها شَجَرٌ ولا تُنبت ، غَلِيظَةٌ جَلَدٌ تَضْرِبُ إلى الصَّلابَة مثل صَرْحَةِ المِرْبَد ليست بقُفٍّ ولا سَهْلَة.

وخَصِيٌ مَمْسُوحٌ إذا سُلِتَتْ مَذَاكِيرُه.

ابن شميل : مَسَحَه بالقول ، وهو أن يقول له ما يُحِبّ وهو يَخْدَعه.

وقال ابن الأعرابي : المَسْحُ : الكَذِبُ ، مَسَحَ مَسْحاً.

وقال أبو سعيد في بعض الأخبار : نرجو النصرَ على مَنْ خَالَفَنَا ومَسْحَةَ النِّقْمَة على مَنْ سعى عَلَى إمَامِنا. قيل : مَسْحَتُها : آيَتُها وحِلْيتُها ، وقيل معناه : أنَّ أعناقهم تُمسَح أي تُقْطَفُ.

قول الله تعالى : (بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ) [آل عمران : ٤٥]. قال أبو منصور : سمى الله ابتداء أمره كلمة ، لأنه ألقى إليها الكلمة ، ثم كون الكلمة بشراً. ومعنى الكلمة : الولد. والمعنى : يبشرك بولد اسمه المسيح.

قال الحربي : سمي الدجال مسيحاً لأن عينه ممسوحة عن أن يبصر بها. وسمي عيسى مسيحاً : اسم خصه الله به ولمسح زكريا إياه.

حمس : الليث : رَجُلٌ أَحْمَسُ : شُجَاعٌ ، وعام

٢٠٥

أَحْمسُ ، وَسَنةٌ حَمْساء : شَدِيدة ، ونَجْدَةٌ حَمْسَاءُ يريد بِها الشَّجَاعَة ، وأصابتهم سنون أَحَامِسُ ، ولو أرادوا محض النعت لقالوا : سِنُونَ حُمْسٌ ، إنما أرادوا بالسِّنين الأَحامِس على تَذْكِير الأعوام.

وقال أبو الدُّقَيْش : التَّنُّورُ يقال له الوَطِيسُ والْحَمِيسُ.

قال : والحُمْس : قُرَيش ، وأَحْمَاسُ العَرَب : أَمَّهاتُهم من قُرَيْش ، وكانوا يَتَشَدَّدُون في دينهم ، وكانوا شجعان العرب لا يُطاقُون ، وفي قَيْس حُمْسٌ أيضاً.

والحَمْسُ : جَرْسُ الرِّجال ، وأنشد :

كأَنَّ صَوْتَ وَهْسِها تَحْتَ الدُّجَى

حَمْسُ رِجَالٍ سَمِعُوا صَوْتَ وَحَا

وأَخْبَرَني المنذري عن أبي الهَيْثَم أنه قال : الحُمْسُ : قُرَيْش ومن ولدت قُرَيْش وكنانة ، وجَديلَةُ قيس ، وهم فهْم وَعَدْوان ابْنا عَمْرو بن قَيْس عَيْلَان ، وبنو عامر بن صعصعة هؤلاء الحُمْس ، سُمُّوا حُمْساً لأنهم تَحمَّسُوا في دينهم أي تَشَدَّدوا ، قال : وكانت الحُمْسُ سُكَّانَ الحرم ، وكانوا لا يخرجون أيام المَوْسِم إلى عرفات ، وإنما يقفون بالمُزْدَلِفة وصارت بنو عامر من الحُمْس ولَيْسُوا من سَاكِني الحَرَم لأن أُمَّهُم قُرَشِيَّةً ، وهي مَجْدُ بنت تَيْم بن مُرَّة.

قال : وخُزَاعة سُمِّيَتْ خُزَاعَة لأنهم كانوا من سكان الحرم فَخُزِعُوا عنه أي أُخْرِجُوا ، ويقال : إنهم من قريش انْتَقَلُوا بِنَسَبهم إلى اليمن وهم من الحُمسْ.

وأمَّا الأَحَامِسُ من الأَرْضِين فإن شَمِراً حكى عن ابن شميل أنه قال : الأَحامِسُ : الأرض التي ليس بها كَلأُ ولا مرتَعٌ ولا مَطَرٌ ولا شيء.

أرضٌ أحَامِسُ ، ويقال : سنون أَحَامِس ، وأنشد :

لَنَا إبل لم نكتسِبْها بِغَدْرةٍ

ولم يُفْنِ مَوْلَاها السِّنُون الأَحامِسُ

وقال آخر :

سَيذْهَب بابن العَبْدِ عَوْنُ بْنُ جَحْوَشٍ

ضَلالاً وتُقْنِيهَا السِّنونَ الأحَامِسُ

وقال أبو عُبَيد : يقال : وقع فلان في هند الأَحَامس إذا وقع في الداهية.

وقال شَمِر عن ابن الأعرابي : الحَمْسُ : الضلال ، والهَلكَة والشَّرُّ ، وأنشدنا :

فإنكُم لَسْتُم بِدَارِ تُلُنَّةٍ

ولكنَّما أَنْتُم بهنْدِ الأحَامِس

وقال رؤبة :

* لاقَيْن منه حَمَساً حَمِيسا*

معناه : شِدَّةً وشَجَاعَة.

وقال ابن الأعرابي في قول عمرو :

* بِتَثْلِيث ما نَاصَيْتَ بَعْدِي الأحامِسَا*

أراد قُرَيْشاً. وقال غيره : أراد بالأحامِس بني عامرٍ ، لأن قُرَيْشاً ولدتهم ، وقيل : أراد الشجعان من جميع الناس.

وقال اللِّحْيَاني : يقال : احْتَمَسَ الدِّيكان واحْتَمَشَا ، وحَمِسَ الشَّرُّ وحَمِس إذا اشْتَدَّ.

عمرو عن أبيه قال : الأَحْمَسُ : الوَرعُ من

٢٠٦

الرِّجَال الذي يتشدد في دينه. والأَحْمَسُ : الشجاع ، وقال ابن أحمر :

لَوْ بِي تَحمَّسْتِ الرِّكَابُ إذا

ما خَانَنِي حَسَبي ولا وَفْرِي

قال شَمِر : تَحَمَّست : تَحَرَّمَتْ واستغاثت من الْحُمْسَةِ ، وقال العَجَّاجُ :

ولم يَهَبْنَ حُمْسَةً لأَحْمَسَا

ولا أَخَا عَقْدٍ ولا مُنْجَّسَا

يقول : لم يَهَبْنَ لذي حُرْمَة حرمة أي رَكِبْنَ رؤوسهن.

وفي «النوادر» : الحَمِيسَةُ : القَلِيَّةُ ، وقَدْ حَمَّسَ اللحمَ إذا قَلَاه.

محس : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الأمْحَسُ : الدَّبَّاغُ الحاذِقُ.

قلت : المَحْسُ والمَعْسُ : دَلْكُ الجِلْدِ ودِبَاغُه ، أبدلت العين حاء.

[حسم] * : وقال أبو عمرو : الأَحْسَمُ : الرجلُ البازل القَاطِعُ للأمور. قال : وقال ابن الأعرابي : الحَيْسَمُ : الرجلُ القَاطِعُ للأُمورِ الكَيِّسُ.

أبواب الحاء والزاي

ح ز ط

أهملت وجوهه.

ح ز د

دحز : قال الليث : الدَّحزُ وهو الجماع.

(ح ز ت) ، (ح ز ظ) ، (ح ز ذ) ، (ح ز ث): أهملت وجوهها.

[ح ز ر]

حزر ، حرز ، زحر ، زرح ، رزح : مستعملات.

زحر : قال الليث : زَحَرَ يَزْحَرُ زَحِيراً ، وهو إخراج النَّفَس بأَنِينٍ عند عمل أو شدة ، وكذلك التَّزَحّر ، ويقال للمرأة إذا ولدت ولداً زَحَرَتْ به وتَزَحَّرَت عَنْهُ ، وأنشد :

إني زعيم لك أن تَزحَّرِي

عن وَارِمِ الجبهة ضخم المَنْخَرِ

يقال : هو يَتَزَحَّر بماله شُحّاً.

وقال ابن السّكيت : يقال : أخذه الزَّحيرُ والزُّحَار ، ورجل زَحَّار. قال : وقال الفرَّاء : أنشدني بعض كلب :

* وعند الفقر زَحَّاراً أُنَانَا*

حزر : قال الليث الحَزَوَّرُ والجميع الحَزَاوِرَةُ.

وقال ابن السكيت : يقال للغلام إذا راهق ولم يدرك بعدُ حَزَوَّرٌ ، وإذا أدرك وَقَوِي واشتدَّ فهو حَزَوَّرٌ أيضاً ، وقال النابغة :

* نزع الحَزَوَّرِ بالرِّشاءِ المُحْصَدِ*

وقال أراد البالغ القَوِيَّ.

وقال أبو حاتم في «الأضداد» : الحَزَوَّرُ : الغلامُ إذا اشتد وقوي ، والحَزَوَّرُ : الضعيفُ من الرجال وأنشد :

وما أَنا إنْ دَافَعْتُ مِصْرَاعَ بَابِه

بذي صَوْلة فَانٍ ولا بِحَزَوّر

وقال آخر :

إنَّ أحَقَّ النَّاسِ بالمَنِيَّهْ

حَزَوَّرٌ لَيْسَت له ذُرِّيَّهْ

قال : أراد بالحَزَوَّر هاهنا رجلاً بالِغاً

٢٠٧

ضَعِيفاً.

قال أحمد بن يحيى : قال سَلَمَة : قال الفراء ، قال : أخبرني الأرْمُ عن أبي عُبَيْدة ، وأبو نصر عن الأصمعي ، وابن الأعرابي عن المُفَضَّلُ قال : الحَزَوَّرُ عند العَرَب : الصَّغيرُ غَيرُ البَالغِ ، ومن العَرَب من يجعل الحَزَوَّر : البالغ القَوِيّ البدن الذي قد حمل السلاح. قلتُ : والقول هو هذا.

شَمِر عن أبي عمرو : الحَزْوَرُ : المكان الغَلِيظُ ، وأنشد :

* في عَوْسَجِ الوَادِي ورَضْمِ الحَزْوَر*

وقال عَبَّاسُ بن مِرْدَاسٍ :

وذابَ لُعَابُ الشَّمْس فيه وأُزِّرَتْ

بِهِ قامِسَاتٌ من رِعَانٍ وحَزْوَر

وقال الليث : الحَزْرُ : حَزْرُك عدد الشيء بالحَدْس ، تقول أنا أَحْزِرُ هذا الطعام كذا وكذا قفيزاً ، قال : والحَزْرُ : اللَّبنُ الحامض ، وقال الأصمعي : إذا اشتدَّت حُمُوضَة اللبن فهو حازر ، وقال ابن الأعرابي : هو حازر وحامزٌ بمعنى واحد.

ابن شميل عن المُنْتَجِع قال : الحازر : دقيق الشَّعِير وله ريح ليس بطيب.

الليث : الحَزْرَةُ : خِيَارُ المال ، وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه بعث مُصَدِّقاً فقال : «لا تأخُذ من حَزَرَات أَنْفسِ الناس شيئاً ، خُذِ الشَّارِفَ والبَكْر»

وقال أبو عُبَيْد : الْحَزرَةُ : خِيَارُ المال : وأنشد :

* الحَزَرَاتُ حَزَرَاتُ النّفْسِ*

وأنشد شمر :

الحَزَرَاتُ حَزَرَاتُ القَلْبِ

اللُّبُنُ الغِزَار غيرُ اللُّجْبِ

حِقَاقُها الجِلادُ عند اللَّزْبِ

قال شمر : يقال : حَزَرات وحَزُرات.

وقال أبو سعيد : حَزَراتُ الأَمْوالِ : هي التي يَوَدُّها أَرْبَابُها ، وليس كل المال الحَزَرَة ، قال : وهي العلائق ، قال : وفي مثل للعرب : * وا حَزْرَتِي وأبْتَغي النَّوافِلَا* شَمِر عن أبي عُبَيدة قال : الحَزَرات : نُقَاوَةُ المالِ : الذكر والأُنْثَى سواء ، يقال : هي حَزْرَةُ مالِهِ وهي حَزْرَةُ قلبه ، وأنشد شمر

نُدَافِعُ عنهم كلَّ يَوْم كَرِيهَةٍ

ونَبْذُلُ حَزْراتِ النُّفُوسِ ونَصْبِرُ

وقيل لخيار المال حَزْرة ، لأن صاحِبها يَحْزُرها في نفسه كلما رآها ، ومن أمثال العرب «عَدَا القَارِصُ فَحَزَر» يُضْرَبُ للأمْرِ إذا بَلَغَ غايَتَه وأَفْعَمَ.

وَوَجْهٌ حازِرٌ : عَابِسٌ باسِرٌ ثعلب عن ابن الأعرابي : الحَزْرَةُ : النَّبِقَةُ المُرَّة ، وتُصَغَّر حُزَيْرَة.

رزح : الليث : رزح البَعيرُ رُزُوحاً إذا أَعْيَا فقَامَ. بَعيرٌ رازح وإبِلٌ رَزْحَى : وإبِلٌ مَرَازيحُ ، وبَعير مِرْزَاحٌ كذلك.

والمِرْزِيحُ : الصوتُ ، وأنشد :

ذَرْ ذَا ولكن تَبَصَّر هل تَرى ظُعُناً

تُحْدَى لساقتِها بالدَّوِّ مِرْزِيحُ

أبو عُبَيد عن أبي زيد : الرَّازحُ : البعير

٢٠٨

الذي لا يَتَحَرّك هُزَالاً ، وهو الرازم أيضاً.

غيره : وقد رَزَحَ يَرزَحُ رُزوحاً ورَزاحاً.

النضر عن الطائفي قال : المِرْزَحَةُ : خَشبةٌ يُرْفعُ بها العِنَبُ إذا سقط بعضُه على بعض.

والمِرْزَحُ : ما اطمأنَّ من الأرض.

قال الطِّرِمَّاح :

كأن الدُّجَى دونَ البلادِ مُوَكَّلٌ

ببَمٍّ بِجَنْبَيْ كلِّ عِلْوٍ ومِرْزَحِ

قال أبو بكر الأنباري : رزَح فلان معناه ضَعُفَ وذهب ما في يده ، وأصلُه من رَزاحِ الإبِل إذا ضَعُفَت ولَصِقَت بالأرض فلم يكن بها نُهوض. وقيل : رَزَح ، أُخِذَ من المَرْزَح ، وهو المطمَئِنُّ من الأرضِ ، كأنه ضَعُف عن الارتقاء إلى ما عَلَا منها.

زرح : أهمله الليث : وقال شمر : الزَّرَاوِحُ : الرَّوابي الصغار ، واحدها زَرْوَح. قال : وقال ابن شميل : الزّرارحُ من التلال : مُنبِسط من التلال لا يُمسِك الماءَ رَأْسُه صَفَاة وقال ذو الرُّمَّة :

وتَرْجافُ أَلْحِيْهَا إذا ما تَنَصَّبَتْ

على رافع الآلِ التِّلَالُ الزَّراوحُ

قال : والحَزَاوِرُ مثلها واحدها حَزْورَةٌ ، قال : والمِزْرَحُ : المُتَطَأْطِىءُ من الأرض.

ثعلب عن ابن الأعرابي. قال : الزُّرَاحُ : النَّشِيطُو الحركات.

حرز : قال الليث : الحِرْزُ : ما أَحْرَزَك من موضعٍ وغير ذلك. تقول : هو في حِرْزٍ لا يُوصَلُ إليه ، واحترزتُ أنا من فلان أي جعَلْتُ نفسي في حِرزٍ ومكان حَريز ، وقد حَرُزَ حَرازةً وحَرَزاً.

قال : والحَرَزُ هو الخَطَر وهو الجَوْزُ المحكوك يَلْعَبُ به الصَّبيُّ ، والجميع الأحْرازُ والأخْطَار.

وقال أبو عَمْرو في «نوادره» : الحَرائِزُ من الإبل : التي لا تُبَاعُ نَفَاسَةً بها.

وقال الشَّمَّاخُ :

* يُبَاعُ إذا بِيعَ التِّلَادُ الحرائز*

ومن أمثالهم : «لا حَرِيزَ من بَيْع» أي أعطيتَنِي ثَمَناً أرضاه لم أَمْتنِع من بيعه.

وقال الراجز يصف فحلاً :

يَهْدِرُ في عَقَائلٍ حَرائِزِ

في مثل صُفْنِ الأَدَمِ المخَارِزِ

ومن الأسماءَ حَرَّازٌ ومُحْرِزٌ وحَريزٌ. رحز (١) : مهمل.

ح ز ل

حزل ، حلز ، لحز ، زلح ، زحل : مستعملات.

حزل : قال الليث : الحَزْل من قولك : احزألّ يَحْزَئِلُ احزِئلالاً يُرادُ به الارتفاع في السير والأرضِ. قال : والسحاب إذا ارتفع نحوَ بَطْن السماء قيل احْزَأَلَ ، قال : واحْزَأَلَّتِ الإبلُ إذا اجتمعت ثم ارتفعت عن مَتْنٍ من الأرض في ذهابها.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : المُحْزَئِلُ :

__________________

(١) في المطبوع : «زحر : مهمل» وهو مستعمل وقد مرّ شرح المادة.

٢٠٩

المرتفع وأنشد :

ذاتَ انْتِبَاذٍ عن الحادِي إذا بَرَكت

خَوَّتْ عَلَى ثَفِناتٍ مُحْزَئِلَّاتِ

وقال الليث : الاحتزال هو الاحتزام بالثَّوْب ، قلت : هذا تصحيف ، والصواب الاحتزاك بالكاف. هكذا رواه أبو عُبَيد عن الأصمعي في باب ضروب اللُّبْس ، وأصله من الحَزْكِ والحَزْق ، وهو شِدَّةُ المَدِّ والشَّدِّ ، وقد مرَّ تفسيره في باب الحاء والكاف.

وقال شمر : يقال للبعير إذا بَرَك ثم تَجافَى عن الأرض قد احْزَأَلَ. واحْزَأَلَّت الأكَمَةُ إذا اجتمعت ، واحْزَأَلَ فؤادُه إذا انْضمَّ من الخَوْف. ويقال : احْزَأَلَ إذا شَخَص.

زلح : قال الليث : الزَّلْحُ من قولك : قصعة زَلَحْلَحَة ، وهي التي لا قعر لها ، وأنشد :

ثُمَّتَ جَاءُوا بقِصَاعٍ خَمْسِ

زَلَحْلَحَات ظاهِراتِ اليُبْسِ

أُخِذْنَ من السُّوقِ بِفَلْسٍ فَلْس

قال : وهي كلمة على فعلل أصله ثُلاثيّ أُلحِقَ بِبناء الخُماسيّ.

وذكر ابن شميل عن أبي خَيْرَة أنه قال : الزَّلَحْلَحَاتُ في باب القِصاع ، واحدتها زَلَحْلَحَة.

وروى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : الزُّلْحُ : الصِّحَافُ الكِبارُ ، حذف الزيادة في جمعها.

لحز : قال الليث : رَجُلٌ لَحِزٌ : شحِيحُ النّفْس ، وأنشد :

تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ إذا أُمِرَّت

عَلَيْه لِما له فيها مُهِينا

وقال أبو عُبَيْد : اللَّحِزُ : الضَّيِّقُ البخيلُ.

وأَخْبرني الإيادِيُّ عن شَمِر قال : يقال : رجُلٌ لِحْزٌ بكسر اللام وإسْكانِ الحاء ، ولَحِزٌ بفتح اللام وكسر الحاء أي بخيل.

قال : وشَجَرٌ مُتَلاحِزٌ أي مُتَضايِق دخل بعضه في بعض.

قال : وقال ابن الأعرابي : رَجُلٌ لَحِزٌ.

ولَحْزٌ وروى بيت رُؤْبَة :

* يُعْطِيكَ منه الجودَ قبل اللَّحْزِ*

أي قبل أن يَسْتَغْلِق ويَشْتَدّ.

قال الأزهري : وفي هذه القصيدة :

* إذا أَقَلَّ الخَيْرَ كُلُ لِحْزِ*

أي كُلُ لَحِز شَحِيح.

وقال الليث : التَّلَحُّزُ : تَحَلُّبُ فيك من أَكْلِ رُمَّانة أو إجَّاصة شَهْوَةً لذلك.

والمَلَاحِزُ المَضَايِقُ.

حلز : قال الليث : القَلْبُ يَتَحَلَّزُ عند الحُزْنِ كالاعتصار فيه والتَّوَجُّع.

وقَلْبٌ حَالِزٌ. وإنْسَانٌ حالِزٌ وهو ذُو [حَلْزٍ](١).

ورَجُلٌ حِلِّزٌ أي بخيل ، وامرأةٌ حِلِّزَةٌ بَخِيلَةٌ.

أبو عُبَيْد : الحِلِّزُ والحِلِّزَةُ مِثْله وأنشدني الإيَادِيّ :

__________________

(١) زيادة من «العين» (٣ / ١٥٩) وفي المطبوع : «ذوة».

٢١٠

هيَ ابْنَةُ عَمِّ القوْمِ لا كُلِ حِلِّزٍ

كَصَخْرَةِ يَبْسٍ لا يُغَيِّرُهَا البَلَلْ

أبو عُبَيْد عن الأصمعي : حَلَزُون : دابَّةٌ تكون في الرِّمْث جاءَ به في باب فَعَلُولٍ ، وذكر معه الزَّرَجُون والقَرَقُوس ، فإن كانت النون أصلية فالحرف رباعي ، وإن كانت زائدة فالحرف ثلاثي أَصْلُه حَلَزَ.

وقال قُطْرُبٌ : الحِلِّزَةُ : ضَرْبٌ من النبات ، قال : وبه سُمِّي الحارِثُ بن حِلِّزة.

قلت : وقُطْرب ليس من الثّقَات ، وله في اشتقاق الأسماء حروف منفردة.

وفي نوادر الأعراب : احْتَلَزْتُ منه حَقِّي أي أَخَذْتُه. وتحَالَزْنا بالكلام : قال لي وقلت له. ومثله : احْتَلَجْتُ منه حَقِّي ، وتحَالَجْنا بالكلام.

زحل : قال الليث : يقال للشيء إذا زال عن مكانه زَحَل ، ومنه قول لَبِيد :

لو يقُومُ الفِيلُ أَوْ فَيَّالُه

زَلَّ عن مِثْلِ مَقَامِي وَزَحَل

قال : والناقة تَزْحَلُ زَحْلاً إذا تأخَّرَتْ في سَيْرِها ، وأنشد :

قد جَعَلَتْ نَابُ دُكَيْنٍ تَزْحَلُ

أُخْراً وإن صاحُوا به وحَلْحَلُوا

قال : والمَزْحَلُ : الموْضِعُ الذي تَزْحَلُ إليه ، وقال الأخْطَل :

* يَكُن عن قُرَيْشٍ مُسْتَمازٌ ومَزْحَلُ *

قال : والزَّحُولُ من الإبل : التي إذا غَشِيتِ الحوضَ ضَرَبَ الذَّائِدُ وجْهَهَا فَوَلَّتْه عَجُزَها ولم تَزَل تَزْحَلْ حتى تَرِدَ الحوْضَ.

وَزُحَلُ : اسم كَوكبٍ من الكواكب الكُنَّس. وسُئِلَ محمد بن يزيد المُبَرَّدِ عن صَرْفه فقال : لا ينصرف لأنَّ فيه العِلَّتَيْنِ : المَعْرِفَة والعُدُول.

وقال غيْرُه : قيل لهذا الكوكب زُحَلُ لأنه زَحل أي بَعُد ، ويقال : إنه في السماء السابعة والله أعلم.

وقال ابن السِّكِّيت : قيل لابنه الخُسِّ : أيُّ الجِمالِ أَفْرَهُ؟ قالت : السِّبَحْلُ الزِّحَلّ ، الرَّاحِلَةُ الفَحْلُ.

قال : الزِّحَلُ : الذي يَزْحَلُ الإبَل ، يُزَاحِمُها في الوِرْدِ حتى يُنَحِّيها فَيَشْرَب ، حكاه عن الدُّبَيْرِي.

وقال أبو مالك عمرو بن كِرْكِرَة : الزِّحْلِيفُ والزِّحْلِيلُ : المكانُ الضَّيِّقُ الزَّلِقُ من الصفَا وغَيْره.

ح ز ن

حزن ، زنح ، زحن ، نحز ، نزح : مستعملة.

حزن : قال الليث : للعرب في الحُزْن لُغَتَان ، إذا ثَقَلُوا فَتَحُوا ، وإذا ضَمُّوا خَفَّفُوا ، يقال : أَصَابَه حَزَنٌ شَدِيد وحُزْنٌ شَدِيد.

وروى يونس عن أبي عمرو قال : إذا جاء الحَزَنُ مَنُصُوباً فَتَحُوا ، وإذا جاء مرفوعاً أو مكسوراً ضَمُّوا الحاء كقول الله عَزَّ وَجَلَّ : (وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) [يوسف : ٨٤] أي أَنَّهُ في مَوْضع خَفْض. وقال في موضع آخر : (تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً) [التوبة : ٩٢] أي أنه في موضع النصب ، وقال : (أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) [يُوسُف : ٨٦] ضموا الحاء هاهنا ، قال : وفي استعمال الفعل

٢١١

منه لغتان تقول : حَزَنَني يَحْزُنُنِي حُزْناً فأنا محزون ، ويقولون : أحزَنَني فأنا مُحْزَن وهو مُحْزِن ، ويقولون : صوتٌ مُحْزِن ، وأَمْرٌ مُحْزِن ، ولا يقولون : صوت حَازِنٌ.

وقال غيره : اللغة العالية حَزَنَه يَحْزُنُه ، وأكثر القُرَّاء قرأوا : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) [يس : ٧٦] وكذلك قوله : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ) [الأنعَام : ٣٣] ، وأما الفعل اللازم فإنه يقال فيه : حَزِنَ يَحْزَنُ حَزَناً لا غير.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : لا يقولون : قَدْ حَزَنَه الأَمْرُ ، ويقولون : يَحْزُنُه ، فإذا قالوا أَفْعَلَه الله فهو بالألف.

وفي حديث ابن عمر حين ذكر الغَزْوَ ومنْ يَغْزُو ولَا نِيَّةَ لهُ : «إنَّ الشيطَانَ يُحَزِّنُه».

قال شمر : معناه أنه يوسوس إليه ويقول له : لِمَ تَرَكْتَ أَهْلَكَ ومالَكَ ويُنَدِّمُه حَتّى يُحَزِّنَه.

وقال الليث : الحَزْنُ من الدَّوَاب والأرض : ما فيه خُشُونَة ، والأُنْثَى حَزْنة ، والفعل حَزُنَ يَحْزُنُ حُزُونة.

قلت : وفي بلاد العرب حَزْنان : أحدهما : حَزْنُ بني يَرْبُوع ، وهو مَرْبعٌ من مَرَابع العرب فيه رِياضٌ وقِيعان ، وكانت العرب تقول : مَن تَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى الصَّمَّانَ وتَقَيَّظَ الشَّرَفَ فقَدْ أَخْصَبَ ، والحَزْنُ الآخَرُ : ما بَيْنَ زُبَالَةَ فما فوق ذلك مُصْعِداً في بلاد نجد ، وفيه غِلَظٌ وارتفاع.

قال ذلك أبو عُبَيد ، وكان أبو عمرو يقول : الْحَزنُ والحَزْمُ : الغَليظُ من الأرض.

وقال غيره : الحَزْمُ من الأرض : ما احْتَزَم من السَّيْلِ من نَجَوَاتِ المتُونِ والظهور ، والجميع الحُزُومُ ، والْحزنُ : ما غَلُظَ من الأرض في ارتفاع.

قلت : وأنا مُفَسِّرٌ الحَزْمَ من أَسْمَاء البِلَاد في بابها إن شاء الله.

وقال ابن شُمَيْل : أوَّلُ حُزُونِ الأرض قِفَافُها وجِبَالها وقَوَاقِيها وخَشِنُها ورَضْمُها ، ولا تُعَدُّ أرضٌ طَيِّبَةٌ وإن جَلُدَتْ حَزْناً ، وجمعها حُزُونٌ. قال : ويقال : حَزْنَةٌ وَحَزْنٌ. وقد أَحْزَن الرَّجُلُ إذا صَارَ في الحَزْنِ.

قال : ويقال للحَزْنِ حُزُنٌ لغتان ، وأنشد قول ابن مُقْبِل :

مَرَابِعُهُ الحُمْرُ من صَاحَةٍ

ومُصْطَافُهُ في الوُعُولِ الحُزُن

قلت : الحُزُن جَمْعُ حَزْنٍ وقال الليث : يقول الرجل لصاحِبِه : كَيْفَ حَشَمُك وحُزَانَتُك أي كَيْفَ مَنْ تَتَحَزَّنُ بأَمْرِهم.

قال : وتُسَمّى سَفَنْجَقَانِيّةُ العرب على العجم في أول قُدُومهم الذي استحقُّوا به من الدور والضِّيَاع ما اسْتَحَقُّوا حُزَانة.

قال الأزْهَرِي : السَّفَنْجَقَانِيَّةُ : شَرْط كان للعرب على العجم بخُراسان إذا افْتَتَحُوا بَلَداً صُلْحاً أن يكونوا إذا مَرَّ بهم الجُيُوشُ أَفْذَاذاً أو جَمَاعات أن يُنْزِلُوهم ويَقْرُوهُم ثم يُزَوِّدُوهم إلى ناحية أخرى.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : الحُزَانَةُ : عِيَال الرجل الذين يَتَحَزَّنُ لهم وبأَمْرِهم ، قلت :

٢١٢

وهذا كله بِتَخْفِيف الزَّاي على فُعَالة.

زحن : قال الليث : زَحَنَ الرَّجُلُ يَزْحَنُ زَحْناً وكذلك يَتَزَحَّنُ تَزَحُّناً ، وهو بُطؤه عن أَمْرِه وعمله.

قال : وإذا أراد رَحِيلاً فعَرَض له شُغْلٌ فَبَطَّأَ به ، قلت : لَهُ زَحْنَةٌ بَعْدُ.

قال : والرَّجُلُ الزِّيْحَنَّةُ : المُتَبَاطِىء عند الحاجة تُطْلَبُ إليه ، وأنشد :

* إذا ما الْتَوَى الزِّيحَنَّةُ المتآزِفُ*

وقال غيره : التَّزَحُّنُ : التَّقَبُّض.

قلت : زَحَنٌ وَزَحَلٌ واحد ، والنون مُبْدَلَةٌ من اللام.

وقال ابن دُرَيد : الزَّحْنُ : الحركة. قال : ويقال : زَحَنَه عن مكانه إذا أزاله عنه.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الزَّحْنَة : القَافِلَةُ بِثِقْلِها وتُبَّاعها وحَشَمِها.

قال : والزُّحْنَةُ : مُنْعَطَفُ الوادي.

وقال ابن دريد : رَجُلٌ زَحَنٌ وامرأة زُحَنَةٌ إذا كانا قَصِيرَين.

نزح : الليث : نَزَحَتِ الدَّار فهي تَنْزَح نُزُوحاً إذا بَعُدت ، وبَلَدٌ نَازِحٌ ووصل نَازِحٌ كل ذلك معناه البُعْدُ ، قال : ونَزَحَتِ البِئْرُ ونَزَحْتُ ماءَها ، وبئْرٌ نَزَحٌ يَصِفُها بِقِلَّةِ المَاءِ ، وَنَزَحَتِ البئْرُ أي قَلَّ مَاؤُها.

قال : والصواب عِنْدنا نُزِحَت البِئْرُ أي اسْتُقِي مَاؤُها.

أبو عُبَيد عن الفَرَّاء : نَزَحَتِ البِئْرُ ونَكَزَت إذا قَلَّ ماؤُها.

وقال الكسائي : فهي بِئْرٌ نَزَحٌ لا مَاءَ فيها ، وجَمْعُها أَنْزَاحٌ.

وقال أبو ظَبْيَة الأعرابي : النَّزَحُ : المَاءُ الكَدِرُ.

نحز : الليث : النَّحْزُ كالنَّخْسِ. قال : والنَّحْزُ : شِبْه الدَّقِّ والسَّحْقِ.

والراكب يَنْحَزُ بصدره وَاسِطَ الرَّحْلِ قال ذو الرُّمَّة :

* يُنْحَزْنَ في جَانِبَيْهَا وهي تَنْسَلِبُ*

قلت : معنى قوله : يُنْحَزْنَ في جانِبيها أي يُدْفَعْن بالأعْقَاب في مَرَاكِلِها يَعْنِي الرِّكابَ.

قال : والنُّحَازُ : سُعَال يأْخُذُ الإبِلَ والدَّوَابَّ في رِئاتِها ، ونَاقَةٌ ناحِزٌ : بها نُحَازٌ.

أبو عُبَيْد عَنِ الأصمعي : إذا كان بالبَعير سُعَال. قيل : بَعِير ناحِزٌ.

قال : وقال الكسائي : نَاقَةٌ نحِزَة ومُنَحِّزَةٌ من النُّحَازِ.

وقال أبو زيد مِثله وقَدْ نَحَزَ يَنْحِزُ ويَنْحَزُ.

وقال الليث : النّاحِزُ أيضاً. أَنْ يُصِيبَ المِرْفَقُ كِرْكِرَةَ البَعير فَيُقَالُ به نَاحِزٌ.

قُلْتُ : لم أسمع النَّاحِزَ في باب الضَّاغِطِ لغير الليث ، وأراه أراد الحَازَّ فَغَيَّرَه.

وقال الليث : المِنْحازُ : ما يُدَقُّ به ، وأنشد.

* دَقَّكَ بالمِنْحازِ حَبَّ الفُلْفُلِ*

وقال الآخر :

* نَحْزاً بِمِنْحَازٍ وهَرْساً هَرْسا*

قال : ونَحِيزَةُ الرَّجُلِ : طَبِيعَتُه ، وتُجْمَع

٢١٣

على النَّحَائز.

والنَّحِيزَةُ من الأَرْضِ كالطِّبَّة مَمْدُودَة في بَطْنِ الأرض تَقُودُ الفَرَاسِخ وأقَلَّ من ذلك. قال : ورُبّما جَاءَ في الشِّعر النحائز يُعْنَى بها طِبَبٌ كالخِرَق والأدَم إذَا قُطِعَت شُرُكاً طِوَالاً.

أبو عُبَيْد عن الأصمعي قال : النَّحِيزَةُ : طُرَّةٌ تُنْسَجُ ثُمَّ تُخَاط على شَفَةِ الشُّقَّةِ وهي العَرَقَةُ أيضاً.

شَمِر عن ابن شُمَيْل : النَّحِيزَةُ : طريقة سوداء كأَنَّها خَطٌّ ، مُسْتَوِية مع الأرض خَشِنَة ، لا يكون عَرْضُها ذِراعين ، وإنما هي عَلَامَةٌ في الأرضِ ، والجماعة النَّحَائز ، وإنَّمَا هي حِجَارَةٌ وَطِينٌ ، والطِّينُ أَيْضاً أَسْوَد.

وقال الأصْمَعِيّ : النَّحِيزَةُ : الطَّرِيقُ بِعَيْنه شُبِّهَ بخطوط الثَّوْبِ ، وقال الشَّمَّاخُ :

فأقْبَلَها تَعْلُو النِّجَادَ عَشِيَّةً

عَلَى طُرُقٍ كأَنَّهُنَ نَحَائزُ

وقال أبو زيد : النَّحِيزَةُ من الشَعَر : يكون عَرْضُها شِبْراً طَوِيلةٌ تُعَلَّقُ على الهَوْدَج ، يُزَيّنُونَهُ بها ، ورُبَّما رَقَمُوها بالعِهْن.

وقال أبو عمرو : النَّحِيزَةُ : النَّسِيجَةُ شِبْهُ الحَزام تكون على الفَسَاطِيط والبُيُوت تُنْسَجُ وَحْدَها فَكأَنَ النَّحَائِزَ من الطُّرُقِ مُشَبَّهَةٌ بها.

وقال أبو خَيْرَة : النَّحِيزَةُ : الجَبَلُ المُنْقَادُ في الأرض.

قلت : أَصْلُ النَّحِيزَة : الطّرِيقَةُ المُسْتَدِقَّة ، وكل ما قالوا فيها فهو صحيح ، وليس يُشَاكِلُ بَعْضُه بَعْضاً.

زنح : أهمله الليث.

وقال أبو خَيْرَةَ : إذا شَرِبَ الرجلُ المَاءَ في سُرْعَةِ إسَاغَةٍ فهو التَّزْنِيحُ.

قُلْتُ : وسَمَاعي من العَرَب : التَّزَنُّح.

يقال : تَزَنَّحْتُ الماءَ تَزَنُّحاً إذا شَرِبْتَه مَرَّة بعد أُخْرَى.

أبو العَبَّاس عن ابن الأعْرَابي : زَنَّحَ الرجلُ إذا ضَايَقَ إنْساناً في مُعَامَلَةٍ أو دَيْن. قال : والزُّنُجُ : المُكَافِئُون على الخَيْرِ والشَّرِّ.

ح ز ف

حفز ، زحف : [مستعملان].

زحف : قال الليث : الزَّحْفُ : جَمَاعَة يَزْحَفُون إلى عَدُوٍّ لهم بِمَرَّة ، فهو الزَّحْفُ وجمعه الزُّحُوف. والصَّبِيُ يَتَزَحَّفُ على بطنه قبل أن يَمْشِي ، والبَعيرُ إذا أَعْيا فَجَرَّ فِرْسَنَه. يقال : زَحَف يَزْحَفُ زَحْفاً ، فهو زاحِف ، والجميع الزواحف ، وقال الفرزدق :

* عَلَى زَوَاحِفَ تُزْجَى مُخُّهارِيرُ*

قال : وأَزْحَفَها طولُ السَّفَر ، ويَزْدَحِفُون في معنى يَتَزَاحَفُونَ وكذلك يَتَزَحَّفُونَ.

وقال الله جلّ وعزّ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) [الأنفَال : ١٥].

قال الزَّجَّاجُ : يقال : أَزْحَفْتُ للْقَوْم إذا ثَبَتَّ لهم ، قال : فالمعنى : إذا واقَفْتُمُوهم للقتال فلا تُوَلُّوهم الأدبار.

قُلتُ : أصل الزَّحْفِ لِلصَّبيِّ ، وهو أن يَزْحَفَ على إسته قبل أن يقوم وإذا فعل ذلك على بطنه قيل قَدْ حَبَا ، وشُبِّه بِزَحْفِ

٢١٤

الصبيان مَشْيُ الفِئَتَيْن تَلْتَقِيَان لِلْقِتَال فتمشي كل فِئَةٍ مَشْياً رُوَيْداً إلى الفئة الأخرى قبل التَّدَاني للضِّرَاب ، وهي مَزَاحِفُ أهل الحَرْب ، وربما اسْتَجَنَّت الرَّجَّالَةُ بِجُنَبِها وتَزَاحَفَت من قُعُودٍ إلى أن يَعْرِض لها الضِّرابُ أو الطِّعَان.

ويقال : ناقَةٌ زَحُوف ومِزْحَافٌ وهي التي تَجُر فراسنها ، قال ذلك الأصمعي.

ويقال أَزْحَفَ البَعِيرُ إذا أَعْيَا فَقامَ على صَاحِبِه. وإبِلٌ مَزَاحِيفُ ، وقال أبُو زُبَيْد الطائي :

كَأَنَّ أوْبَ مَساحِي القَوْم فَوْقَهُم

طَيْرٌ تَعِيفُ عَلَى جُونٍ مَزَاحِيف

يصف حفرة قبر عثمان ، وكانوا حَفَروا له في الحَرّة فَشَبَّه المساحي التي تُضْرَبُ بها الأرض بِطَيْرٍ عائِفَةٍ على إبِلٍ سود معايا ، قد اسودَّت من العَرَق.

ويقال : أزْحَفَ لَنَا عَدُوُّنا إزْحَافاً أي صاروا يزْحَفُون إلينا زَحْفاً ليقاتلونا ، وقال العَجَّاجُ يصف الثور والكلابَ :

وانْشَمْن في غُبَارِه وَخَذْرَفا

مَعاً وشَتَّى في الغُبَارِ كالسَّفَا

مِثْلَيْن ثُمَ أَزْحَفَت وأَزْحَفَا

أي أَسْرَع ، وأَصْلُه من حُذروف الصَّبي وازْدحَفَ القومُ ازدحافاً إذا مَشَى بعْضُهم إلى بعض.

وقال أبو زيد : زَحَفَ المُعْيي يَزْحَفُ زَحْفاً وزُحُوفاً ، ويقال لكلِّ مُعْي زَاحِف مَهْزُولاً كان أو سميناً.

وقال أبو الصَّقْر : أَزْحَفَ البَعِيرُ فَهُوَ مُزْحِف ، قال : وأزحَف الرجلُ إزْحَافاً إذا انتهى إلى غاية ما طَلَبَ وأَرَادَ.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : زَحِفْتُ في المَشْي وأَزْحَفْتُ إذا أَعْيَيْتَ.

وقال أبو سعيد الضرير : الزَّاحفُ والزَّاحكُ : المُعْيي ، يقال للذكر والأُنْثى ، وأنشد لكُثَيِّر :

فأُبن وما منهن من ذَاتِ نَجْدَةٍ

ولو بَلغَت إلَّا تُرَى وَهْيَ زَاحِكُ

وتُجْمَع الزَّواحِفَ والزَّواحِك ، وقال كُثَيِّر :

* وقَدْ أُبْنَ أَنْضَاءً وهُنَّ زَواحِكُ*

أبو عَمْرو : من الحَيَّات : الزَّحَّاف : وهو الذي يَمْشي على أثنائه كما تمْشي الأَفْعى. ومَزَاحِف السحاب : حيث وقع قطره وزحف إليه ، وقال أبو وَجْزَة :

* يقْرُو مَزَاحِف جَوْن ساقطِ الرَّبَبِ*

أراد : ساقِط الرَّباب فَقَصَدَه وقال الرَّبَب.

وقوله جلّ وعزّ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً) [الأنفَال : ١٥] المعنى إذا لقيتُموهُم زاحفين : وهو أن يَزْحَفُوا إليهم قليلا قليلا. وزَحَفَ القومُ إلى القَومُ : دَلَفُوا إليهم.

قال أبو العَبَّاس : الزَّحْفُ : المَشْي قليلاً قليلاً. والزِّحَافُ في الشّعْر منه ، سقطَ ما بين الحرفين حَرْفٌ فَزَحَفَ أَحَدُهُما إلى الآخر ، أخبرني المنْذِرِيُّ عنه.

وناقَةٌ زَحُوفٌ إذا كانت تَجُرّ رِجْلَيْها إذا مَشَتْ ومِزْحاف قاله الأصمعي.

حفز : قال الليث : الحَفْزُ : حَثُّكَ الشيء من خَلْفه سَوْقاً أو غير سَوْق.

٢١٥

وقال الأعشى :

لَهَا فَخذَان يَحْفِزانِ مَحَالَها

وصُلْباً كَبُنيَان الصُّوَى مُتَلَاحِكا

وروى أبو عُبَيد عن أبي نوح عن يُونس ابن أبي إسحاق عن أبيه عن علي صلوات الله عليه قال : «إذا صَلَّى الرجل فَلْيُخَوِّ ، وإذا صَلَّت المرأة فلْتُحَفِّز» أي تَضَامَّ إذا جَلَست وإذا سَجَدت.

أبو عمر في «النوادر» : والحَفَزُ : الأَجَل في لغة بني سعد ، وأنشد بعضهم هذا البيت :

* أو تَضْرِبوا حَفْزاً لِعَامٍ قابل*

أي تضربوا أَجَلاً.

قال : والليل يَحْفِزُ النهارَ أي يسوقه ، وفي حديث أَنَس أَنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أُتِيَ بتَمْر وهو محْتَفِزٌ فجعل يَقْسِمه ، قال شَمِر : يعني أنه كان يَقسُمه وهو مُسْتَعْجِل.

قال : ومنه حديث أبي بكرة أنه دَبَّ إلى الصَّفِّ راكِعاً وقد حَفزهُ النَّفَس.

قلتُ وأما قوله : وهو مُحْتفِز فمعناه أنه مُستوفِز غير متمكن من الأرض.

ويقال حافَزْتُ الرَّجُلَ ، إذا جاثَيْتَه ، وقال الشَّمَّاخُ :

* كما بادر الخَصْمُ اللَّجوجُ المُحَافِزُ*

وقال الأصمعي : معنى حافَزْتُه : دانَيْتُه.

وقال شمر : قال بعض الكِلابيين : الحَفْزُ : تَقَارُب النَّفَس في الصَّدر ، وقالت امرأة منهم : حَفْزُ النَّفَس حِينَ يَدْنو الإنسانُ من الموت ، وقال العُكْلِيُّ : رأيتُ فُلاناً مَحْفُوزَ النَّفَس إذا اشْتَدَّ به ، وأنشد :

تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفُوز

إرَاحَة الجَدَاية النَّفُوزِ

قال : والرجل يَحْتَفِزُ في جلوسه كأنه يريد أن يثور إلى القيام.

وقال ابن شميل : الاحْتِفازُ والاسْتِيفَاز والإقْعَاء واحد.

وروى شعبة عن أبي بشر عن مجاهد ، قال : ذُكِرَ القَدَرُ عند ابن عباس فاحْتَفَزَ وقال : «لو رأيت أحدَهم لعَضِضْتُ بأنفه».

قال النضر : احْتَفَزَ : استوى جالساً على وَرِكَيْه.

وقال شمر : قال ابن الأَعْرَابي : يقال :جعلتُ بيني وبين فلان حَفَزاً أي أمَداً ، وأنشد غيره :

والله أفعلُ ما أردْتُم طَائِعاً

أو تَضْرِبُوا حَفَزاً لعام قَابِلِ

والْحَوْفَزَان لقب لجَرَّارٍ من جَرَّارِي العرب ، لُقِّبَ به لأن بِسْطَام بن قَيْس طَعَنَه فأعجله وهو من الْحَفزِ.

ح ز ب

استعمل من وجوهه : حَزَب ، زحب.

زحب : قال ابن دريد : الزَّحْبُ : الدُّنُوّ من الأرض ، زَحَبْتُ إلى فلان وزحَبَ إليّ إذا تَدَانيا.

قلت : جعل زَحَب بمعنى زَحف ، ولعلها لغة ، ولا أحفظها لغيره.

حزب : قال الليث : حَزَبَ الأمرُ فهو يَحْزُب حَزْباً إذا نَابَكَ فَقَد حَزَبَك.

٢١٦

قال : والحِزْبُ : أصحابُ الرجل معه على رأيه ، والمنافقون والكافرون حِزْبُ الشيطان ، وكل قوم تَشَاكلت قلوبهم وأعمالهم فهم أَحْزَاب وإن لم يَلْقَ بعضُهم بعضاً بمنزلة عادٍ وثمود وفرعون (أُولئِكَ الْأَحْزابُ). و (كُلُ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [المؤمنون : ٥٣] أي كُلُّ طائفة : هَواهُم واحدٌ.

وتَحَزَّبَ القومُ إذا تَجَمَّعُوا فصاروا أَحْزَاباً.

وحَزَّبَ فلانٌ أَحْزَاباً أي جمعهم ، وقال رؤبة :

لَقَدْ وَجَدتُ مُصْعَباً مُسْتَصْعَبا

حِينَ رَمَى الأَحْزَابَ والمُحَزِّبا

وقال غيره : وِرْدُ الرجل من القرآن والصلاة حِزْبُه.

والحِزْبُ : النَّصِيبُ ، يقال : أعْطِني حِزْبي من المال أي حَظِّي ونَصِيبي.

وقال الليث : الحِزْبَاءَةُ : أرض غليظة حَزْنة ، والجميع الحَزَابِيّ.

وقال شمر : قال أبو عمرو : الحِزْبَاءةُ : مكان غليظ مرتفع.

قال : وقال الأصمعي : الحَزَابِيُ أماكِنُ مُنْقَادَةٌ غِلَاظٌ مُسْتَدِقَّة.

قال : وبَعِيرٌ حَزَابِيَةٌ إذا كان غَلِيظاً ، ورَجُلٌ حَزَابٍ وحَزَابِيَةٌ أي غَلِيظٌ ، وحِمَارٌ حَزَابِيَةٌ : غَلِيظٌ ، وقال أميّة بن أبي عائذ الهُذَلي :

أَوَ اصْحَمَ حَامٍ جَرَامِيزَه

حَزَابِيَةٍ حَيَدَى بالدِّحَالِ

أي حَامٍ نفسَه من الرُّماة وجرامِيزُه ، نفسُه وجَسدُه ، وحَيَدَى أي ذو حَيَدَى ، وأنَّثَ حَيَدَى : لأنه أراد الفَعْلَة ، وقوله : بالدِّحال أي وهو يَكُون بالدِّحَالِ.

قال : وقالت امْرأَةٌ تَصِفُ رَكَبَها :

إنَّ هَنِي حَزَنْبَلٌ حَزَابِيهْ

إذا قَعَدْتُ فَوْقَه نَبَابِيَهْ

وقال ابنُ شُمَيل : الحِزْبَاءَةُ : من أَغْلَظِ القُفِّ ، مرتفع ارْتِفاعاً هَيِّناً في قُفٍّ أَيَرَّ شَدِيدٍ ، وأنشد :

إذا الشَّرَكُ العَادِيُّ صَدَّ رأَيْتَها

لِرُوسِ الحَزَابِيِ الغِلَاظِ تَسُومَ

وقال الليث : الحَيْزَبُون : العَجُوزُ ، قال : والنُّونُ زائدة كما زيدت في الزيتون.

أبو عُبَيْد عن الأُمَوي في الحَيْزَبون العَجُوز مثله.

سَلَمَة عن الفرَّاء : الحِزْبُ : النَّوْبةُ في وُرُودِ الماء. والحِزبُ : ما يجعله الرجلُ على نفسه من قراءة وصلاة والحِزْبُ : الصِّنْفُ من النَّاس.

وقال ابن الأعْرَابي : الحِزْبُ : الجَمَاعة من الناس والجِزْبُ «بالجيم» : النَّصِيبُ.

وفي الحديث : «طَرَأَ عَلَيَ حِزْبي من القرآن فأَحْبَبْتُ ألَّا أَخْرُجَ حتى أقْضِيَه» ، طرأ عَلَي يريد أَنَّه بدأ في حزبه ، كأنه طَلَع عليه من قولك : طرأ فلانٌ إلى بَلَد كذا وكذا فهو طارىءٌ إليه أي أنه طلع إليه حَدِيثاً وهو غير تَانِىءٍ به.

والحازِبُ من الشُّغُلِ : ما نَابَك.

ابن الأَعْرَابيّ : حِمَارٌ حَزَابية وهو الحِمَارُ الْجِلْدُ.

ابن السكيت : رَجُلٌ حَزَابٍ وحَزَابِيَة وزَوَازٍ

٢١٧

وَزَوَازِيَة إذا كان غَليظاً إلى القِصَرِ ما هو ، ورَجُلٌ هَوَاهِيَة إذا كان مَنْخُوبَ الفُؤَادِ.

ح ز م

حزم ، حمز ، زحم ، زمح ، مزح ، محز : مستعملات.

حزم : قال الليث : الحَزْمُ : حَزْمُك الحَطَب حُزْمَةً.

والمِحْزَمُ : حِزامَةُ البَقْل ، وهو الذي تُشَدُّ به الحُزْمَة ، وأنا أَحْزِمُه حَزْماً.

والحِزَامُ للدَّابَّة : والصَّبيّ في مهده. يقال : فَرَسٌ نَبِيلُ المَحْزِم.

قال : والحَزِيمُ : مَوْضِعُ الحِزَام من الصَّدْرِ والظَّهْرِ كلِّه ما اسْتَدار ، يقال : قَدْ شَمَّر وشَدَّ حَزِيمَه وأنشد :

شَيْخٌ إذا حُمِّلَ مَكْرُوهَةً

شَدَّ الحَيازِيمَ لَهَا والحَزِيمْ

قال : والحَيْزُوم : وَسَطُ الصدر الذي تلتقي فيه رؤوس الجَوَانح فوق الرُّهابَة بِحِيَال الكاهِلِ.

قُلْتُ : فَرَّقَ الليث بَيْن الحَزِيم والْحَيْزُوم ، ولَمْ أر لِغَيْره هذا الفرق ، وقد اسْتَحْسَنْتُه له.

قال : وحَيْزُوم : اسم فرس جبريل ، وفي الحديث أنه سَمِعَ صَوْته يوم بدر يقول : أَقْدِم حَيْزُوم.

قال : والحَزْمُ : ضَبْطُ الرجل أمره وأَخْذُه فيه بالثِّقَةِ ، ويقال : حَزُم الرجلُ يَحْزُمُ حَزَامَةً فهو حَازِمٌ : ذو حَزْم.

قال الأزهري : أُخِذَ الحَزْمُ في الأمور ، وهو الأَخْذُ بالثِّقَةِ من الْحَزمِ ، وهو الشَّدُّ بالحِزام والحَبْلِ استيثاقاً مِنَ المَحْزُومِ.

وقال الليث : الحَزْمُ من الأرض : ما احْتَزَم من السَّيْل من نَجَوَات الأَرْضِ والظُّهُورِ ، والجميع الحُزُوم.

وقال شَمِر : قال ابن شُمَيْل : الْحَزْمُ : ما غَلُظَ من الأرض وكَثُرت حِجَارَتُه وأَشْرَف حتَّى صار له أَقْبَالٌ ، لا تَعْلوه الإبِلُ والنَّاسُ إلا بالجَهْدِ يَعْلونه من قِبَل قُبْلِه ، وهو طِينٌ وحِجَارَة ، وحجارَته أَغْلَظُ وأَخْشَنُ وأَكلَبُ من حِجَارَةِ الأكمة ، غَيْرَ أن ظَهْرَه عَرِيض طَوِيلٌ يَنْقَادُ الفَرسَخَيْن والثَّلاثَة ، ودون ذَاك لا تَعْلوها الإبِلُ إلا في طَرِيقٍ له قُبْلٌ مِثْلُ قُبْل الجِدَار ، والحُزُومُ الجَمِيعُ. قال : وقَدْ يكونُ الحَزْمُ في القُفِّ ، لأنه جَبَلٌ وقُفٌّ ، غير أنه لَيْس بمستطيل مثل الجَبَل ، قال : ولا تَلْقَى الْحَزْمَ إلَّا في خَشُونَةٍ وقُفٍّ ، وقا المَرَّارُ بن سَعِيدٍ في حَزْمِ الأَنْعَمَيْن :

بِحَزْمِ الأَنْعَمَيْن لَهُنَّ حَادٍ

مُعَرٍّ ساقَهُ غَرِدٌ نَسُولُ

قال : وهي حُزوم عِدَّة ، فمنها حَزْما شَعَبْعَب ، وحَزْمُ خَزَازَى ، وهو الذي ذكره ابْنُ الرِّقَاع في شِعْرِه فقال :

فَقُلْتُ لها أَنَّى اهْتَدَيْت وَدُونَنَا

دُلوكٌ وأَشْرَافُ الجِبَالِ القَوَاهِرُ

وجَيْحَانُ جَيْحَانُ الجُيُوش وآلِسٌ

وحَزمٌ خَزَازَى والشُّعُوبُ القَوَاسِرُ

ويُرْوَى العَوَاسِرُ ، ومنها حَزْمُ جَدِيد ، ذكره المَرَّارُ فقال :

يقول صِحَابي إذ نَظَرْتُ صَبَابَةً

بِحَزْمِ جَدِيدٍ ما لِطَرْفِك يَطْمَحُ

٢١٨

ومِنها حَزْمُ الأَنْعَمَيْن الذي ذكره المَرَّارُ أيضاً.

الحَرَّاني عن ابن السكيت قال : الحَزَمُ كالغَصَصِ في الصَّدر ، يقال منه : حَزِمَ يَحْزَم حَزَماً ، قال : حَكاهُ لي الكِلَابِيُّ والبَاهِليّ. وبَعيرٌ أَحْزَمُ : عظيمُ موضع الحِزَام ، والأَحْزَمُ هُوَ المَحْزِمُ أيضاً ، يقال : بَعيرٌ مُجْفَرُ الأحْزَمِ ، وقال ابنُ فُسْوَةَ التَّمِيمِيّ :

تَرَى ظَلِفَاتِ الرَّحْلِ شُمّاً تُبِينُها

بأَحْزَمَ كالتَّابوتِ أَحْزَمَ مُجْفَرِ

وحَزْمَةُ : اسم فرس معروفة من خيل العَرَب ، وسَمَّى الأخْطَلُ الحَزْمَ من الأرْضِ حَيْزُوماً فقال :

فَظَلَ بِحَيْزُومٍ يَفُلُّ نُسُورَه

ويُوجِعُها صَوَّانُه وأَعَابِلُه

ثعلب عن سَلَمَة عن الفَرَّاء : رَجُلٌ حَازِمٌ وقَوْمٌ حُزَّمٌ وحُزَّامٌ وأَحْزَامٌ وحَزَمَةٌ وحَزَمٌ وحَزِيمٌ وحُزَمَاءٌ ، وقَدْ حَزُمَ يَحْزُمُ وهو العاقِلُ الممَيِّزُ ذو الحُنْكَةِ ، وقال ابن كَثْوَةَ : من أَمثَالهم : «إنَّ الوَحَا من طعام الحَزْمَةِ» يُضْرَبُ عند التحَشُّدِ على الانكماشِ وحَمْدِ المنكَمِش ، قال : والحَزْمَةُ : الحزْمُ. ويقال للرَّجُلِ : تحَزَّمْ في أمرِك أي اقْبَلْه بالحزْمِ والوَثاقَة.

زحم : قال الليث : الزَّحْمُ : أن يَزْحَمَ القَوْمُ بعضُهم بَعْضاً منْ كَثْرةِ الزِّحَامِ إذا ازدحموا ، والأمْوَاجُ تَزْدَحِمْ إذا الْتَطَمت ، وأنشد :

* تَزَاحُمَ المَوْج إذا الموجُ الْتَطَمْ*

وأَخْبَرَني المُنْذِري عن ثعلب عن ابن الأعْرَابي : زَاحَمَ فُلَانٌ الأربعين وزَاهَمَها بالهاء إذا بَلَغَها ، وكذلك : حَبَا لَهَا.

قال : والفِيلُ والثَّوْرُ ذو القَرْنَيْنِ يُكَنَّيَانِ بِمُزَاحِمٍ.

قال : وأَبُو مُزَاحم : أَوَّلُ خَاقَان وَلِيَ التُّرْك وقاتَلَ العَرَب.

وَرَجُلٌ مِزْحَمٌ : يَزْحَمُ النَّاسَ فَيَدْفَعهم.

مزح : قال الليث : المَزْحُ من قَوْلِك : مَزَح يَمْزَحُ مَزْحاً ومُزَاحاً ومُزَاحَةً ، قال : والمُزَاحُ الاسْمُ ، والمِزَاحُ مَصْدَر كالمُمَازَحَةِ ، مَازَحَهُ مِزَاحاً ومُمَازَحَةً.

ثعلب عن ابن الأَعْرَابي قال : المُزَّحُ من الرِّجَال : الخارِجُون من طبع الثُّقَلَاء ، المُتَمَيَّزُون من طَبْعِ البُغَضَاء.

زمح : قال الليث : الزَّوْمَحُ : الأَسْوَدُ القَبِيحُ من الرِّجَال قال : ومنهم مَنْ يقول : الزُّمَّحُ ، أبو عُبَيْد عن أَبي عَمْرو قال : الزُّمَّحُ : القَصِيرُ من الرِّجَال الشِّرِّير ، وأنشد شَمِر :

ولَمْ تَكُ شِهْدَارَةَ الأبْعَدين

ولا زُمَّحَ الأقْرَبينَ الشّرِيرا

ثعلب عن ابن الأعْرَابي قال : الزُّمَّحُ : القَصِيرُ السَّمِجُ الخِلْقَةِ السَّيِءُ الأدَمُّ المشْئُوم قال : والزُّمَّاحُ : طائِرٌ كانت الأعْرَاب تقول : إنه يَأْخُذُ الصَّبِيَّ من مَهْدِه قال : وَزَمَّحَ الرَّجُلُ إذا قَتَلَ الزُّمَّاحَ ، وهو هذا الطائر الذي يأخُذُ الصَّبِيّ وأنشد :

أَعَلَى العَهْدِ بَعْدَنَا أُمّ عَمْرٍ و

لَيْتَ شِعْرِي أَمْ عَاقها الزُّمَّاحُ

حمز : قال الليث : تقول : حَمَزَ اللَّوْمُ فؤادَه

٢١٩

وقلبَه أي أوجعه : أبو عُبَيْد : وسُئِلَ ابن عَبَّاس : أَيُّ الأعمالِ أفْضَلُ؟ فقال : أحْمَزُها يَعْني أمْتَنُها وأقْوَاها. قال : ويقال : رَجُلٌ حَمِيزُ الفؤاد وحامِزٌ. وقال الشَّمَّاخُ في رجل بَاعَ قَوْساً من رَجلٍ :

فَلَمَّا شَرَاها فاضَت العَيْنُ عَبْرَةً

وفي القَلْب حَزَّازٌ من اللَّوم حامِزُ

وقال أنس بن مالك : كَنَّاني رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببقلة كُنْتُ أجْتَنِيها ، وكانَ يُكْنَى أبَا حَمْزَة.

قلت : والحَمْزَةُ في الطَّعامِ : شِبْه اللَّذْعَةِ والحَرَارَة كَطَعْمِ الخَرْدَلِ.

وقال أبو حاتِم : تَغَدَّى أعْرَابيٌّ مع قَوْمٍ فاعْتَمَدَ على الخَرْدَل ، فقالوا : ما يُعْجِبُك منه؟ فقال : حَمْزَةٌ فيهِ وحَرَاوَةٌ. قلت :

وكذلك الشيءُ الحامِضُ إذا لَذَع اللسان وقَرَصَه فَهُوَ حامِز ، وقال في قول الشَّمَّاخ :

* وفي الصَّدْر حَزَّازٌ من اللَّوْمِ حَامِزُ*

أي مُمِضٌّ مُحْرِقٌ. وقول ابن عَبَّاس : أحْمَزُها ، يريد أمضُّها وأشَقُّها ، والبَقْلَةُ التي جناها أنَس كان في طعمها لَذْعٌ للسان فسُمِّيَت البقْلَةُ حَمْزةً لِفِعْلِها ، وكُنِي أنَسٌ أبَا حَمْزَة لِجَنْيه إيَّاها.

وقال اللِّحياني : كلّمْتُ فلاناً بكلِمَةٍ حَمَزَتْ فُؤَادَه أي قَبَضَتْه وغَمَّتْه فَتَقَبَّضَ فؤادُه من الغَمِّ. ورُمَّانَةٌ حامِزَةٌ : فيها حُمُوضة.

شَمِر : قال ابن شُمَيْل : الحَمِيزُ : الظَّرِيفُ.

ورَجُلٌ حَمِيزُ الفؤاد أي صُلْب الفؤاد.

وقال الفَرَّاءُ : إشْرَب من نَبِيذك فإنه حَمُوزٌ لما تَجِدُ ، أي يهضمه.

وفي لغة هُذَيل : الحَمْزُ : التَّحْديدُ ، يقال : حَمَزَ حَديدَتَه إذا حَدَّدَها ، وقَدْ جَاء ذلك في أشعارهم. وقال ابن السِّكِّيت : يقال : فُلَانٌ أحْمَزُ أمْراً من فُلَانٍ إذا كان مُتَقَبِّضَ الأمْرِ مُشَمَّرَه ، ومنه اشْتُقَ حَمْزَةُ ، والحَامِزُ القَابِضُ.

محز : قال الليث : المَحْزُ : النِّكاحُ ، يقال :مَحَزَها ، وأنْشَدَ لجَرِير :

* مَحَزَ الفَرَزْدَقُ أمَّه من شَاعِرٍ*

وقرأْت بِخَطِّ شَمِر :

رُبَّ فَتَاةٍ من بَنِي العِنَازِ

حَيَّاكَةٍ ذَاتِ هَنٍ كِنازِ

ذي عَضُدَيْنِ مُكْلَئِزٍّ نَازِي

تَأَشُّ للقُبْلَةِ والمِحَازِ

أرادَ بالمِحازِ النَّيْكَ والجِماع.

أبواب الحاء والطاء

ح ط د : مهمل.

ح ط ت

تحط : قلت : تَحُوطُ : اسم للقَحْطِ والتاء زائدة. ومنه قول أوْس بنِ حَجَر :

الحافِظُ النَّاسَ في تَحُوطَ إذَا

لم يُرْسِلُوا تحْت عَائِذٍ رُبَعَا

قلت : كأن التاء في تحوط تاء فعل مضارع ، ثم جعل اسماً معرفة للسنة ، ولا يُجْري ذكرها في باب الحاء والطاء والتاء].

(ح ط ظ) ، (ح ط ذ) ، (ح ط ث): أهملت وجوهها.

٢٢٠