تهذيب اللغة - ج ٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

وقد عَلِمَت يوم القُبَيْبَات نَهْشَلٌ

وأَحْرَادُها أن قد مُنُوا بِعَسِير

فجمعهم على الأحْرَاد كما ترى.

عمرو عن أبيه قال : الحارِدُ : القَلِيلةُ اللَّبَنِ من النُّوقِ.

وحَرَّدَ الرجلُ إذا أَوَى إلى كُوخٍ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال لخَشَبِ السَّقْفِ الرَّوَافِدُ ، ويقال : لِمَا يُلْقَى عليها من أَطْنَانِ القَصَبِ حَرَادِيُ.

قال : وَرَجُلٌ حَرْدِيٌ : واسعُ الأمعاء.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : البيتُ المُحَرَّدُ ، وهو المُسَنَّمُ الذي يقال له بالفارسية كوخ ، قال : والمُحَرَّدُ من كل شيءٍ المُعَوَّجُ.

درح : أهمله الليث. وروى أبو العَبَّاس عن ابن الأعرابي قال : الدَّرَحُ : الهَرِمُ التَّامُّ ، ومنه قيل : ناقةٌ دِرْدِحٌ للهَرِمَة المُسِنَّة.

أبو عُبَيد : إذا كان مع القِصَرِ سِمَنٌ فهو دِرْحَايَة ، وأنشد قول الرَّاجز :

* عَكَوَّكٌ إذا مَشَى دِرْحَايَه *

ح د ل

حدل ، دحل ، دلح ، لحد ، [لدح] : مستعملة.

حدل : قال الليث : الأحْدَلُ. ذو الخُصْيَةِ الواحدة من كلِّ شيءٍ ، قال : ويقال في بعض التفسير إذا كان مَائِلَ أَحَد الشِّقَّيْنِ فهو أحْدَلُ أيضاً.

وقال أبو عُبَيد : قال الفرَّاء : الأحْدَل : المائِل ، وقد حَدِلَ حَدَلاً.

قال : وقال أبو زيد : الأحْدَلُ : الذي يَمْشِي في شِقٍّ.

وقال أبو عَمْرو : الأحْدَل : الذي في مَنْكِبَيْه ورَقَبَتِه انكِبابٌ عَلَى صَدْرِه.

وَرَوَى ثعلبٌ عن ابن الأعْرَابي : في عُنُقِه حَدَلٌ أي مَيْل ، وفي مَنْكِبه دَفَأٌ.

وقال الليثُ : قَوْسٌ مُحْدَلَةٌ وذلك لاعْوِجاج سِيَتها. قال والتَّحَادُلُ : الإنحناءُ عَلَى القَوْسِ.

والحَوْدَلُ : الذَّكَرُ من القِرْدَان أبو عُبَيْد عن أبي زَيْد : حَدَلَ عَلَيَّ فُلَانٌ يَحْدِلُ حَدْلاً أي ظلمني ، وإنَّهُ لحَدْلٌ غير عَدْلٍ.

وقال غيره : حَادَلني فُلَانٌ مُحَادَلَةً إذا رَاوَغَك ، وحادَلَتِ الأُتُنُ مِسْحَلها ، رَاوَغَتْه ، وقال ذو الرُّمَّة :

من العَضِّ بالأفْخَاذِ أو حَجَباتها

إذا رابَهُ استِعْصَاؤُها وحِدَالُها

وسمعتُ أَعْرَابيّاً يقول لآخر : أَلَا وانزل بهاتِيك الحَوْدَلَة ، وأشار إلى أَكَمَة بِحِذَائه ، أَمَرَه بالنزول عليها.

والحَدَالُ : شَجَرةٌ بالْبَادية. وقال بعضُ الهُذَلِيِّين :

إذَا دُعِيَتْ بمَا في البَيْتِ قالت

تَجَنَّ من الحَدَالِ وَمَا جُنِيتُ

أي وما جُنِي لي مِنْه.

ويقال للقَوْسِ حُدَالٌ إذا طُومِنَ من طائِفِها ، قال الهُذليُّ يَصِفُ قَوْساً :

لها مَحِصٌ غَيْرُ جَافِي القُوَى

من الثَّوْرِ حَنَّ بِوَرْكٍ حُدَال

٢٤١

المَحِصُ : الوَترُ ، وقوله : بِوَرْكٍ أي بقَوْس عُمِلَتْ من وَرِك شجرة أي أَصل شجرة من الثَّوْر أي من عقَب الثَّوْر.

وحَدَال : اسم أرض لكلب بالشام. قال الرَّاعي :

في إثر مَنْ قُرِنَتْ مِنِّي قَرِينَتُه

يَوْمَ الحَدَال بِتَسْبِيبٍ من القَدَرِ

ويُرْوَى :

يوم الحَدَالَي ...

لدح : أهمله الليث. وقال ابن دُرَيد : اللَّدْحُ : الضَّرْبُ باليَدِ ، لَدَحَه بِيَدِه.

قلتُ : والمعروف من كلامهم بهذا المعنى اللَّطْحُ ، وكأنّ الطاءَ والدال تَعَاقَبَا في هذا الحَرْف.

دحل : قال الليث : الدَّحْلُ : مَدْخَلٌ تحت الجُرْف أو في عُرْض خشب البئر في أَسْفلِها ونحو ذلك من الموارد والمَناهِل.

قال : ورُبّ بَيتٍ من بيوتِ الأعراب يُجْعلُ له دَحْلٌ تدخل فيه المرأة إذا دَخَل عليهم داخلٌ ، والجميع الأدْحَال والدُّحْلان.

وفي حديث أبي هُرَيرة حين سأله رَجلٌ مِصْرَادٌ أَيُدْخِلُ معه المَبْوَلَةَ في البَيت ، فقال : نَعم وادْحَلْ في الكِسْر.

قال أبو عُبَيد الدَّحْلُ : هُوَّةٌ تكون في الأرض وفي أسافِل الأوْدِية فيها ضِيقٌ ثم تتَّسِعُ ، قال ذلك الأَصْمَعي.

قال أبو عُبَيد : فشبَّه أبو هُرَيْرَةَ جوانب الخِبَاء ومداخِلَه بذلك ، يقول : صِرْ فيها كالّذي يصير في الدَّحْلِ.

قلتُ : وقد رأيتُ بالخَلْصاء ونَوَاحي الدَّهْناء دُحْلَاناً كثيرة ، وقد دَخَلْتُ غَيرَ دَحْلٍ منها ، وهي خلائقُ خلقَها الله تحت الأرض يَذهَب الدَّحْلُ منها سَكّاً في الأرض قامةً أو قامتيْن أو أكثرَ من ذلك ، ثم يتَلَجَّفُ يَمِيناً أو شِمَالاً ، فمرَّةً يضيقُ ومَرَّةً يتَّسِع في صَفَاةٍ مَلساء لا تَحيكُ فيها المَعَاوِل المُحدَّدة لصلابتِها ، وقد دخلْتُ منها دَحْلاً ، فلَمَّا انتهيتُ إلى الماء إذا جَوٌّ من الماء الراكد فيه لم أقف على سَعَته وعُمْقِه وكثرتِه لإظلام الدَّحْلِ تحت الأرض ، فاستقَيْتُ أَنَا مع أُصَيْحَابي من مائه وإذا هو عَذْبٌ زُلال ، لأنه مَاءُ السماء يَسِيلُ إليهِ من فوق ويَجْتَمِعُ فيه.

وأخبرني جماعةٌ من الأعراب أن دُحْلَان الخلْصَاء لا تخلو من الماء ولا يُسْتَقى منها إلا لِلشَّفَةِ وللخَيْل لتَعَذُّر الاستقَاءِ منها وبُعْدِ الماء فيها من فُوهَةِ الدَّحْلِ ، وسمعتهم يقولون : دَحَلَ فلانٌ الدَّحْلَ بالحاء إذا دَخَله ، ويقال : دَحَلَ فلانٌ عَلَيَّ وَزَحَلَ أي تَبَاعَدَ ، ورَوَى بعضُهم قوْلَ ذِي الرُّمَّة :

* إذا رَابَهُ استَعصاؤُها ودِحالُها*

ورواه بعضُهم وحِدَالُها ، وهما قريبا المعْنى من السواء ، وقوله :

أَوَ اصَحَمَ حَامٍ جَرَامِيزَه

حَزَابِيَةٍ حَيَدَى بالدِّحالِ

قال الأصمَعيّ : الدِّحالُ : الامتناعُ كأنه يُوَارِبُ ويَعْصِي ، قال : وليس من الدَّحْلِ الذي هو سَرَبٌ.

قال شمِر : قيل للأسَدِيّة : ما المُدَاحَلةُ؟

٢٤٢

فقالت : أن يَلِيتَ الإنسانُ شيئاً قد عَلِمَه أي يكْتُمُه ويأتي بخبر سواه.

وفي حديث أبي وائل قال : وَرَد علينا كتابُ عُمَر ونحنُ بخانقِين إذا قال الرَّجُل للرَّجُل : لا تَدْحَل فقد أَمَّنَه.

قال شمِر : سمعتُ عليَّ بن مُصْعَب يقول : لا تَدْحَل بالنَّبَطِيَّةِ أي لا تخَفْ.

وقال : فُلانٌ يَدْحَلُ عَنِّي أي يَفِرّ ، وأنشد :

ورَجلٍ يَدْحَلُ عنِّي دَحْلَا

كَدَحَلَانِ البَكْر لاقَى الفَحْلا

فكأن مَعنى لا تَدْحَلْ : لا تَهْرُب.

وقال الليث : الدَّاحُولُ ، والجميعُ الدَّاوحِيلُ ، وهي خَشَبَاتٌ عَلَى رُؤوسِها خِرَقٌ كأنها طَرَّادات قِصَارٌ تُرْكَزُ في الأرض لِصَيْدِ الْحُمُر والظِّباء.

وقال غيرُه : يقال لِلذي يَصيدُ بالدَّواحِيل الظِّبَاء دَحَّالٌ ، وربما نَصَب الدَّحَّالُ حِبَالَةً بالليل للظِّبَاء ورَكَزَ دَواحِيلَه وأَوْقَدَ لها السُّرُجَ.

وقال ذو الرُّمَّة يذكر ذلك :

ويَشْرَبْنَ أَجْناً والنُّجُومُ كأَنها

مصَابِيحُ دَحَّالٍ يُذكَّى ذُبَالُها

اللِّحْياني عن أبي عمرو : الدَّحِلُ والدَّحِنُ : الخَبُّ الخَبيثُ.

أبو عُبَيد عن الأصمَعي مِثْلُه ، قال : وقال الأُمَوِي : الدَّحِلُ : الخَدَّاعُ للناس.

اللِّحيَاني عن أبي عَمْرو : الدَّحِلُ والدَّحِنُ : البَطِينُ العرِيضُ البَطن.

وقال النَّضْرُ : الدَّحِلُ من الناسِ عند البَيْع مَنْ يُدَاحِلُ الناسَ ويُماكِسهم حتى يَسْتَمْكِنَ من حَاجَتِه ، وإنه لَيُدَاحِلُه أي يُخادِعُه.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الدَّاحِلُ : الحَقُودُ بالدَّال.

لحد : قال اللَّيثُ : اللَّحْدُ : ما حُفِرَ في عَرْضِ القَبْر ، وقبر ملْحُودٌ لهُ ومُلحَدٌ ، وقد لَحَدُوا له لَحْداً ، وأنشد :

* أَنَاسِيُ مَلْحُودٌ لها في الحَوَاجِبِ*

شبَّه إنسانَ العيْن تحْتَ الحاجِب باللَّحْد ، وذلكَ حِينَ غارَت عيون الإبل من تعب السَّيرِ.

أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة : لَحَدْتُ له وأَلْحَدْتُ له ، وقال الله عزوجل : (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) [النّحل : ١٠٣].

وقال الفرَّاء : يُقْرَأُ (يَلحَدُون) و (يُلْحِدُونَ) ، فَمَنْ قرأ (يَلْحَدون) أرادَ يميلون إليه ، و (يُلْحِدُونَ) : يَعْترضون ، قال : وقولُه : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) [الحَجّ : ٢٥] أي باعتِرَاضٍ.

الحرَّاني عن ابن السِّكِّيت قال : المُلْحِدُ : العادِلُ عن الحَقِّ ، المُدْخِلُ فيه ما ليسَ فيه ، قدْ أَلْحَدَ في الدِّين ولحَد ، قال : وقُرِىءَ : (يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ) و (يَلْحَدُون) أي يميلون. وقَدْ أَلْحَدْتُ للميِّتِ لَحْداً ولَحَدْتُ قال : واللَّحدُ : الشَّقُ في جانب القبر والضَّريحُ ، والضَّرِيحةُ : ما كان في وَسَطه ، وأنشد شَمِر لرؤبة :

بالعَدْل حتى انْضَمَّ كلُّ عانِدِ

وتَرَكَ الإلْحَادَ كُلُ لاحِدِ

٢٤٣

فجاء باللُّغَتَيْن معاً ، وقال : لَحْدُ كلِّ شيءٍ :

حَرْفُه ونَاحِيتُه ، وقال :

* قَلْتَانِ في لَحْدَيْ صَفاً مَنْقُور*

وركِيَّةٌ لَحُودٌ : زوْرَاءُ أَيْ مُخَالِفَةٌ عن القَصْدِ.

وقال الزَّجَاجُ في قوله : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ) [الحَجّ : ٢٥] قيل الإلْحَادُ فيه الشِّرْكُ بالله ، وقيل : كلُّ ظالمٍ فيه مُلْحِدٌ ، وجاء عن عُمَر أَنَّ احتكار الطَّعام بمكة إلْحادٌ ، وقال بعض أَهْلُ اللُّغَة : معنى الْبَاء الطَّرْح ، المعنى ومن يُرِدْ فيه إلحاداً بِظُلم ، وأَنْشَدُوا :

هُنَّ الحرائرُ لا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ

سُودُ المحاجِر لا يقْرَأْنَ بالسُّوَرِ

المعنى عندهم لا يقرأْنَ السُّوَرَ ، قال : ومعنى الإلْحَاد في اللُّغة : المَيْلُ عن القَصْدِ. وقال الليثُ : أَلْحَدَ في الحَرَمِ إذا تَرَكَ القَصْدَ فيما أُمر به ومال إلى الظُّلْم.

وأَنْشَد :

لما رَأَى المُلْحِدُ حينَ أَلْحَما

صَوَاعِقَ الحجَّاج يَمْطُرْنَ دَمَا

قال : وحدثني شَيْخٌ مِنْ بني شَيْبَةَ في مَسْجِد مكة قال : إني لأذكر حينَ نُصِبَ المنْجَنِيقُ على أبي قُبَيْس ، وابن الزُّبَيْر قد تَحَصَّنَ في هذا البيت ، فجعل يَرْميه بالحِجارَة والنيران ، فاشتعلت النَّارُ في أَسْتَار الكَعْبَةِ حتى أَسْرَعَتْ فيها ، فجاءت سَحابَةٌ من نحو الجُدَّةِ فيها رَعْدٌ وبَرْقٌ مرتفعة كأنها مُلَاءهٌ حتى اسْتَوَتْ فوق البيت فمطرَتْ فما جاوَزَ مطرُها البَيْتَ ومواضع الطَّوَافِ حتى أطفَأَتِ النّار وسال المِرْزَابُ في الحِجْرِ ، ثمَّ عَدَلَتْ إلى أبي قُبَيْس فرمت بالصَّاعقة فأَحْرَقت المنْجَنِيقَ وما فيها ، قال : فحدَّثتُ بهذا الحديث بالبَصْرَة قَوْماً ، وفيهم رَجُلٌ من أهل واسط ، وهو ابن سليمان الطَّيَّار شَعْوَذِيُّ الحجَّاج ، فقال الرَّجلُ : سمعتُ أبي يحدِّثُ بهذا الحديث ، وقال لمَّا أُحْرِقت المنْجَنيقُ أمْسَكَ الحجَّاجُ عن القِتَالِ ، وكتب إلى عبد الملك بذلك ، فكتب إليه عبد الملِك : أما بعد ، فإنَّ بني إسْرَائيل إذا قَرَّبُوا لله قُرْبَاناً فَتَقَبَّله منْهُم بعث ناراً من السماء فأَكلَتْه ، وإنَّ الله قَدْ رَضِي عَمَلك ، وتَقَبَّل قُرْبَانك ، فجِدَّ في أمرك والسَّلَام.

قال شمر : روى أبو عمرو الشيباني لأمية بن أبي الصلت : إعلم بأن الله ليس كصُنْعِه صُنْعٌ ، ولا يخفى عليه الملحد أي المشرك. وروى السُّدِّيّ عن مُرّة عن عبد الله : لو هَمّ العبد بِسَيِّئَة ، ثم لم يعملها لم تكتب عليه ، ولم همّ بقتل رجل ، وهو بِعَدَنَ أَبْيَنَ ، وهو عند البيت لأذاقه الله العذاب الأليم ، ثم تلا الآية.

يقالُ : ما عَلَى وَجْه فُلَانٍ لُحادَةُ لحم ولا مُزْعَةُ لحم أي ما عليه شيءٌ من اللحم لِهُزالِه.

وقال الفَرَّاءُ في قول الله جلّ وعزّ : (وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ) [الجن : ٢٢ ، ٢٣] أي ملجأً ولا سَرَباً ألجأُ إليه.

أبو عُبَيد عن الأَحمر. لحَدْتُ : جُرْتُ ومِلتُ. وألْحَدْتُ : مارَيتُ وَجَادَلْتُ.

٢٤٤

دلح : قال الليث : الدَّالِحُ : البَعِيرُ إذا دَلَحَ. وهو تثَاقُلُه في مشيه من ثِقَل الحِمْل. والسَّحَابَةُ تَدْلَحُ في سيرها من كثرةِ مائها. كأَنها تَنْخَزل انْخِزالاً. وفي الحديث : «كنَّ النساء يدلحن بالقرب على ظهورهن في الغزو» أي يَسْتَقين ويَسْقين الرِّجال.

ويقال : تدالح الرجلان الحِمْل بَينهُما تدالحُاً أي حَملاه بينهما. وتدالحَا العِكم إذا أدْخلا عُوداً في عُرَى الْجُوالِق. وأخذا بطرفي العُود فحملاه. وفي حدِيث آخر أنَّ سَلمان وأبا الدَّرْداء اشتريا لحماً فَتَدالحاهُ بينهُما على عُود.

أبو عُبَيد عن أبي عَمْرو : الدَّلْحُ : مَشْيُ الرجل بِحِمْلِه وقد أثْقَله. يقال : دَلَح يَدْلَحُ. وسَحَائِبُ دُلَّحٌ : كَثيرَةُ الماءِ.

قال النَّضْرُ : الدَّلاحُ من اللّبن : الذي يُكْثَرُ ماؤه حتى تتَبيَّن شُهْبَتُه.

ودَلَحْتُ القومَ ودَلَحْتُ لهم وهو نحو من غُسالة السِّقاء في الرِّقَّةِ أرَقُّ من السَّمارِ.

وفرسٌ دالحٌ : يَخْتالُ بِفارِسِه ولا يُتْعِبُه وقال أبو داود :

ولَقَد أغْدو بِطَرْفٍ هَيْكَلٍ

سَبِط العُذْرَةِ مَيَّاسٍ دُلَحْ

ح د ن

حند ، دحن ، ندح ، دنح : مستعملة.

ندح : قال الليث النَّدْحُ : السَّعَةُ والفُسْحَةُ ، تقول : إنك لَفي نَدحَةٍ من الأمْرِ ومَنْدوحَةٍ منه وأرْضٌ مَنْدوحَةٌ : بعيدة واسعة ، وقال أبو النَّجْم

يُطَوِّحُ الهَادِي به تَطْويحَا

إذا عَلا دَوِّيَّهُ المَنْدُوحا

قال : والدَّوُّ : بلدٌ مُسْتَوٍ أحد طرفيه يُتَاخِم الحَفَر المنسوْب إلى أبي موسى وما صَاقَبَه من الطريق ، وطرفُه الآخر يتاخم فلوات ثَبْرَة وطُوَيلع وأَمْواهاً غيرهما.

والنَّدْحُ في قول العَجَّاج الكثْرَة حيثُ يقول :

صِيدٌ تَسامَى وُرَّماً رِقَابُها

بنَدْح وَهْمٍ قَطِمٍ قَبْقَابُها

وفي حديث عِمْران بن حُصَيْن أنه قال : «إنَّ في المعاريض لمندوحَةً عن الكذب».

قال أبو عُبَيد : قوله : مندوحة يعني سَعَةً وفُسْحَةً.

قال : ومنه قيل للرَّجُل إذا عَظُم بطنُه واتَّسَعَ : قد انْدَاحَ بطنُه وانْدَحَى لغتان ، فأراد أنَّ في المعاريض ما يَسْتَغْني به الرجلُ عن الاضطرار إلى الكذب المَحْض.

قلت : أصاب أبو عُبَيد في تفسير المَنْدُوحَة أنه بمعنى السَّعة والفُسْحَة ، وغَلِطَ فيما جَعَلَه مُشْتَقّاً منه حين قال : ومنه قيل : انْدَاحَ بطنُه وانْدَحى ، لأن النون في المندوحة أصلية ، والنون في انداحَ وانْدحَى غير أصلية ، لأن انْدَاحَ من الدّوْح واندَحَى من الدَّحْوِ فبينهما وبين النَّدْح فُرْقَانٌ كبيرٌ ، لأن المندوحة مأخوذة من أنداحِ الأرض ، واحدها نَدْحٌ ، وهو ما اتسع من الأرض ، ومنه قَوْلُ رُؤْبَة :

* صِيرَانُها فَوْضى بِكُلِ نَدْح *

٢٤٥

ومن هذا قولهم : لك مُنْتَدَحٌ في البِلادِ أي مَذْهَبٌ واسعٌ عَريض.

ابن السكيت : يقال : لي عَنْه مندوحة ومُنْتَدَح.

قال : والمُنْتَدَحُ : المكانُ الواسعُ وهو النَّدْحُ ، وجَمْعُه أَنْدَاح.

وقد تَنَدَّحَتِ الغَنمُ في مَرَابضها إذا تَبَدَّدَتْ واتَّسَعَتْ من البِطْنةِ ، ولا تَقُل مَمْدُوحة.

وفي حَدِيث أُمِّ سَلَمَة أَنها قالت لعائشَةَ حينَ أرادت الخروج إلى البَصْرَة : قد جَمَع القُرآنُ ذيْلَكِ فلا تَنْدَحيه.

وبعضهم رواه فلا تَبْدحيه بالباء ، فَمَن قاله بالباء ذَهَب به إلى البَدَاح ، وهو ما اتسع من الأرض.

ومن رواه بالنون فقد ذَهَبَ به إلى النَّدْح.

ويقال : نَدَحْتُ الشيء نَدْحاً إذا وَسَّعْتَه.

وقال ابن السِّكِّيت : تَندَّحَتِ الغَنَمُ في مرابِضها إذا تَبَدَّدَتْ وَاتَّسَعَتْ.

ومنه يقال : لي عنه مَنْدُوحَة ومُنْتَدَح أي مكانٌ واسِعٌ.

حند : أهمله الليث.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الحُنُدُ : الأحْساءُ ، واحِدُها حَنُود ، وهو حَرْفٌ غَرِيبٌ.

قلتْ : أَحْسِبُه الحُتُد بالتاء ، واحِدُها حَتُود ، ومنه قولهم : عَيْنٌ حُتدٌ : لا ينْقطِع مَاؤُها.

دحن : قال الليث : الدَّحِنُ : العظيمُ البَطْن ، وقد دَحِنَ دَحَناً. قال : وقيل لابنة الخُسِّ : أيُّ الإبِلِ خَيْرٌ؟ فقالت : خَيْرُ الإبل الدِّحَنَّة الطويلُ الذِّراعِ القصيرُ الكُرَاعِ ، وقلَّما تَجِدَنَّه.

قال الليث : والدِّحِنَّةُ : الكثيرُ اللَّحْمِ الغَلِيظُ. قلتُ أنا : ناقةٌ دِحَنّة ودِحِنَّةٌ بفتح الحاء وكسرها ، فَمَن كسَرَها فهو مثل امرأة عِفِرَّة وصِبِرَّة ، ومن فتحَ فهو مثالُ رجُل عكَبّ وامرأة عِكَبَّة إذا كانَا جافِيي الْخَلق ، وناقَةُ دِفَقَّةٌ : سَرِيعة.

وأنشد ابنُ السِّكِّيت :

ألا ارْحَلُوا دِعْكِنّةً دِحِنَّةْ

بما ارْتَعى مُزْهِيَةً مُغِنَّهْ

ويروى : ألا ارْحلُوا ذا عُكْنةٍ أي جَمَلاً ذا عُكَنٍ من الشَّحْمِ ، وهو أَشْبَهُ ، لأنه وصفه بِنَعْتِ الذَّكَرِ فقال : ارْتَعَى.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ قال : الدَّحِل والدَّحِنُ : الخَبُّ. وقال ابن الأعرابي : الدَّحِلُ : الدَّاهِيَةُ المُنكَرُ ، والدَّحِنُ : السَّمِينُ.

وقال أبو عمرو : الدَّحِنُ والدِّحْوَنَّةُ : المُنْدَلِقُ البَطْن وأنشد :

* دِحْوَنَّةٌ مُكَرْدَسٌ بَلَنْدَحٌ*

ودَحْنَا : اسم أَرْض. وروي عن سَعِيدٍ أنه قال : خَلَقَ الله آدَمَ من دَحْنَا.

دنح : أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي يقال : دَنَّحَ الرجُلُ ودَبَّحَ وَدَرْبَحَ إذَا ذَلَّ. وقال شَمِر : دَمَّحَ وَدَبَّحَ ، قال : والدَّنْحُ : يَوْمُ عِيدٍ من أَعْيادِ النصارى ، وأَحْسِبُه مُعَرَّباً.

ح د ف

استعمل من وجوهها : حفد ، فدح ، فحد.

٢٤٦

حفد : قال الليث : الْحَفْدُ في الخِدْمَةِ والعَمَل : الْخِفَّةُ والسُّرْعَةُ ، وأنشد :

حَفَدَ الوَلَائِدُ حَوْلَهُنَّ وَأُسْلِمَتْ

بأكفّهِنّ أَزِمَّةُ الأَجَمَالِ

وروي عن عُمَر أنه قرأ قُنُوت الفجر : وإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِد.

قال أبو عُبَيد : أَصْلُ الْحَفْدِ : الْخِدْمَة والعَمل. قال : ورُوِي عن مجاهد في قول الله جلّ وعزّ : (بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النّحل : ٧٢] أَنّهم الخدم ، وروي عن عبد الله أَنَّهُم الأصْهارُ ، قال أبو عُبَيْد : وفي الْحَفْد لغة أُخْرى : أَحْفَدَ إحْفَاداً ، وقال الراعي :

مَزَايِدُ خَرْقَاءِ اليَدَيْن مُسِيفَةٍ

أَخَبَّ بِهن المُخْلِفَان وَأَحْفَدَا

قال فيكون أَحْفَدَا خَدَمَا ، وقد يَكُون أَحْفَدَا غيرهما. قال : وأراد بقوله : وإلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِد : نَعْمَلُ لله بطاعَتِه.

وقال الليث : الاحْتِفادُ : السُّرْعَةُ في كلِّ شيء ، وقال الأعْشَى يَصِفُ السَّيْفَ :

ومُحْتَفِدُ الوَقْعِ ذُو هَبَّةٍ

أَجَادَ جِلَاهُ يَدُ الصَّيْقَل

قُلْتُ : وروَاه غَيرُه : ومُحْتَفِل الوقع باللام ، وهو الصَّوَابُ.

حَدَّثنا أبو زيد عن عبد الْجَبّار عن سفيان قال : حَدَّثنا عاصم عن زِرّ قال : قال عبد الله : يا زِرّ ، هل تَدْرِي ما الحَفَدَةُ؟ قال : نعم ، حُفّادُ الرَّجْلِ : من ولده وَوَلد ولده ، قال : لا ، ولكنهم الأَصْهَارُ قال عاصم : وزعم الكَلْبِيّ أَنَّ زِرّاً قَدْ أَصَابَ ، قال سفيان : قالوا : وكَذبَ الكَلْبِيّ. وقال ابن شُمَيْل : مَنْ قال الحَفَدَةُ : الأَعْوَانُ فهو أَتْبَعُ لكلام العَرَب مِمَّنْ قال الأَصْهار.

وقال الفرَّاءُ في قوله جلّ وعزّ : (بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النّحل : ٧٢] ، الحَفَدَةُ : الأَخْتَانُ ، وقال : ويقال : الأَعْوَان ، ولو قيل الحَفَدُ لكَانَ صواباً ، لأن الواحد حَافِد مثل القَاعِد والقَعَد.

وقال الحَسَنُ في قوله : (بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النّحل : ٧٢] ، قال : البَنُون : بَنُوك وبَنُو بَنِيك ، وأَمَّا الحَفَدَةُ فما حَفَدَك من شيء وعَمِلَ لك وأَعَانَك. وروى أبو حَمْزَة عن ابن عَبَّاسٍ في قوله : (بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النّحل : ٧٢] قال : مَنْ أعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ ، أَمَا سَمِعْتَ قوله :

* حَفَدَ الوَلَائِدُ حَوْلَهُنَّ وأُسْلِمَتْ*

وقال الضَّحَّاكُ في قوله : (بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النّحل : ٧٢] قال : بَنُو المَرْأَةِ من زَوْجها الأوَّل ، وقال عِكْرِمَةُ : الحَفَدَةُ : مَنْ خَدَمَك من وَلَدِكَ وَوَلد ، ولدك ، وقال الليث : الحَفَدَةُ : البَنَاتُ ، وهُنَّ خَدَمُ الأبَوَيْنِ في البَيْتِ ، قال : وقال بعضهم : الحَفَدَةُ : وَلَدُ الوَلَد.

والحَفَدَانُ : فَوْق المَشْيِ كالخَبَبِ.

قال : والمَحْفِدُ : شيءٌ تُعْلَفُ فيه الدَّابَّة ، وقال الأعْشَى :

* وسَقْيي وإطْعَامِي الشَّعِيرَ بِمَحْفِدِ*

قال : والمَحْفِدُ : السَّنَامُ.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : المَحَافِدُ في الثَّوْبِ : وَشْيُه ، واحِدُها مَحْفِد.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحَفَدَةُ :

٢٤٧

صُنَّاعُ الوَشْي. والْحَفْدُ : الوَشْيُ.

وقال شَمِر : سَمِعْتُ الدَّارِمي يقول : سَمِعْتُ ابن شميل يقول لطرف الثَّوْب مِحْفَد بكسر الميم.

ثعلب عن ابن الأعرابي : المَحْتِدُ والمَحْفِدُ والمَحْقِدُ والمَحْكِد : الأصْلُ.

وقال أَبو تُرَاب : احْتَفَد واحْتَمَد واحْتَفَل بمعنى واحد.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أبو قَيْس : مِكْيالٌ واسمه المِحْفَد ، وهُوَ القَنْقَلُ.

فدح : الليث : الفَدْحُ : إثْقَالُ الأَمْرِ والحِمْلِ صَاحِبَه ، تقول : نَزَل بهم أَمْرٌ فَادِحٌ. وفي الحديث «وعَلَى المسلمين ألَّا يتركوا في الإسْلَامِ مَفْدُوحاً في فِدَاءٍ أو عَقْلٍ» ، قال أبو عُبَيد : وهو الذي فَدَحَهُ الدَّيْنُ أي أَثْقَلَه.

فحد : ثعلب عن ابن الأعرابي : واحِدٌ فاحِدٌ ، قلتُ : هكذا رواه أبو عمرو بالفاء ، وقرأتُ بخط شَمِر لابن الأعرابيّ قال : القَحَّادُ : الرجلُ الفردُ الذي لا أَخَ له وَلَا وَلَد ، يقال : واحِدٌ قَاحِدٌ صَاخِدٌ ، وهو الصُّنْبُورُ ، قلتُ : وأنَا واقِف في هذا الحَرْفِ ، وخَطُّ شَمر أقربُهما إلى الصواب ، كأنه مأخوذ من قَحَدَةِ السَّنَام ، وهو أصله.

ح د ب

حدب ، دبح ، دحب ، بدح : مستعملة.

حدب : قال الله جلّ وعزّ : (وَهُمْ مِنْ كُلِ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) [الأنبيَاء : ٩٦] ، قال الليث : الْحَدَبُ : حَدُورٌ في صَبَبٍ ، ومن ذلك حَدَبُ الريح وحَدَبُ الرَّمْلِ والجَمِيعُ الحِدَاب ، وقال الفَرَّاء : (وَهُمْ مِنْ كُلِ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) [الأنبيَاء : ٩٦] من كُلِّ أكَمةٍ ، ومِنْ كُلِّ مَوْضع مرتَفِع ، وكذلك قال الزَّجَّاجُ : (مِنْ كُلِ حَدَبٍ) ، قال : الحَدَبُ : الأكَمَةُ. وقال الليث : الحَدَبُ : مصدر الأحْدَبِ ، والاسم الحُدْبَةُ ، والفِعْلُ : حَدِبَ يَحْدَبُ حَدَباً.

قال : ويقال : احْدَوْدَبَ ظهْرُه. قلت : والحَدَبةُ مُحرَّكةُ الحروف : موضعُ الحَدبِ في الظَّهر الناتىء ، فالحَدبُ دخول الصدر وخروجُ الظهر ، والقَعَسُ : دخول الظَّهر وخروجُ الصَّدرِ.

الليث : حَدِبَ فلانٌ على فلانٍ يَحْدَبُ حَدَباً إذا عطَف وحَنا عليه ، ويقال هُوَ لهُ كالوالد الحَدِب.

وقال أبو عمرو : الحَدَأُ مثلُ الحَدَبِ ، حَدِئْتُ عليه حَدَأً مثْلُ حدِبْتْ عليه حدَباً أي أَشْفَقْتُ.

قال النَّضْرُ : في وَظِيفَي الفرَس عُجَايَتَاهما وهما عَصَبَتان تَحمِلان الرِّجل كلها ، قال : وأما أحْدَباهما فهما عِرقان ، قال : وقال بعضهم الأحدَبُ في الذِّراع : عِرقٌ مُستبْطِنٌ عَظْمَ الذِّراع.

ويقال : اجتمع النَّبِيطُ يلعبون الحَدَبْدَبَى وهي لُعْبةٌ لهم.

وحَدَبُ الشَّتاءِ : شِدّةُ بردِه وسنة حدباء : شديدة قال مُزَاحِمٌ العُقَيْلِيُّ في صفة فرس :

لم يَدْرِ ما حَدَبُ الشتاءِ ونَقْصُه

ومضتْ صَنابرُه ولم يتَخَدَّد

٢٤٨

أراد أنه كان يتَعهَّدَه في الشتاءِ ويقومُ عليه والتحدُّبُ مثُله ، ومنه قوله :

إني إذا مُضَرٌ عَلَيَ تَحَدَّبتْ

لاقَيْتَ مُطَّلِعَ الجبالِ وُعوراً

الليث : يقال للدَّابة الذي قد بَدَتْ حَرَاقِفُه وعَظُم ظهرهُ حدْباء حِدْبيرٌ وحِدْبارٌ.

وقال غيرُه : حَدَبُ السَّيْلِ : ارتفاعُه ، وقال الفرزدق :

غدَا الحيُّ من بيْنِ الأُعَيْلام بعد ما

جرَى حَدَبُ البُهْمَى وهاجتْ أَعاصِرُه

قال : حَدَبُ البُهْمى : ما تناثر منه فركب بعضُه بعضاً كحَدَب الرَّمل.

وقال النَّضر : الحَدَبةُ : ما أَشرف من الأرضِ وغَلُظ ، قال ولا تكون الحَدَبةُ إلا في قُفٍّ أو غِلَظِ أرض.

وقال غيرُه : حُدْب الأمور : شَوَاقُّها ، واحدها حَدْباءُ ، وقال الراعي :

مروانُ أَحَزمُها إذا نَزَلتْ به

حُدْبُ الأُمورِ وخَيرُها مأَمولا

وسَنةٌ حدباءُ : شديدةٌ ، شُبِّهتْ بالدَّابةِ الحَدباء.

وقال الأصمعيُّ : الحَدَبُ والحَدَر : الأثَرُ في الجِلْد ، وقال غيره : الحَدَر : السِّلَع ، قلت : وصوابُه الجَدَر بالجيم ، الواحدةُ جَدَرَة ، وهي السِّلْعة والضَّوَاةُ.

شمِر : حَدَبُ الماء : ما ارتفع من أمواجه ، وقال العجَّاج :

* نَسْجَ الشَّمالِ حَدَبَ الغَدير*

وقال ابن الأعرابي : حَدَبُهُ : كثْرتُه وارتفاعه ، ويقال : حَدَبُ الغَديرِ تحرُّك الماءِ وأمواجِه ، قال : والمُتحدِّب : المتعلِّق بالشيء الملازمُ له.

ابن بُزُرْج : يقال : اشترى الإبل في حَدابِ على فَعَال أي في سَنَةٍ حدْباء مثل فَسَاقِ.

دبح : ابن شميل : دَبَّح الرَّجلُ ظهرَه إذا ثناه فارتفع وَسَطُه كأنه سَنَام.

وقال الليث : التَّدْبيح : تَنْكيس الرأس في المَشي ، وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نهَى أن يُدَبِّح الرجلُ في ركوعه كما يدبِّح الحمار. وقال أبو عُبَيْد : يُدبِّح ، معناه يطأْطىء رأْسَه في الركوع حتى يكون أخفضَ من ظهره.

وقال الأُمَوِيّ : دبَّح تدبيحاً إذا طَأطأَ رأسَه.

وقال اللِّحْياني : دمَّح ودَبَّح ونحوَ ذلك قال شمر.

وقال ابن الأعرابي : دبَّح ودنَّح إذا ذَلَّ.

وقال النضر : رمْلةٌ مُدَبِّحَةٌ أي حدْبَاء ، ورِمال مدابِحُ.

أبو عدنان عن الغَنَوِيّ : دبَّح الحمارُ إذا رُكِب وهو يشتكي ظهرَه من دبَرِه ، فيُرْخِي قوائمه ويُطامن ظهرَه وعَجُزَه من الألم.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : ما بالدَّار دِبِّيح ولا دِبِّيجٌ بالحاء والجيم ، والحاء أفصحهما ورواه أبو عُبَيد : ما بالدار دبِّيجٌ بالجيم ، قلت : ومعناه من يَدِبّ.

وقال شمر : قال ابن الأعرابي : التَّدبيح : خَفْضُ الرأس وتنكيسه. وأنشد أبو عمرو الشيباني :

٢٤٩

لما رأى هِراوةً ذاتَ عُجَرْ

دبّح واستَخْفَى ونادَى يا عُمَرْ

قال : والتدبيح : التطأطؤ. يقال : ذبِّح لي حتى أركبك.

وقال شمر : قال أبو عَدنان : التَّدبيحُ تدبيحُ الصبيان إذا لَعبوا ، وهو أن يُطامِنَ أحدهم ظهرَه ليَجيءَ الآخر يَعدُو من بعيدٍ حتى يركبه.

والتدبيحُ أيضاً : تَدْبيحُ الكَمْأة ، وهو أن تَنفتحَ عنها الأرضُ ولا تَصْلَع أي لا تَظهرَ ، حُكِي ذلك عن العرب.

بدح : قال الليث : البَدْحُ : ضَرْبُك بشيء فيه رَخاوة ، كما تأخذ بِطِّيخَةً فَتَبْدحُ بها إنساناً ، تقول : رأيتهم يتبادَحون بالكُرِينَ والرُّمّان ونحوِه عبَثاً يعني رَمْياً.

أبو عُبَيْد : بَدَحَت المرأةُ وتبدَّحَتْ. وهو جنسٌ من مِشْيَتِها. وقال أبو عمرو :

التَّبَدُّح : حُسنُ مِشْيَةِ المرأة ، وأنشد :

* يَبْدَحْن في أَسْوُقٍ خُرْسٍ خَلاخِلُها*

أبو عُبَيد عن الأصمعي قال : البَدَاح على لفظ جَناح : الأرضُ الليِّنَة الواسعةُ.

وقال أبو عمرو : البَدْحُ : عَجْزُ الرجل عن حَمالةٍ يحملُها ، وعَجْزُ البعيرِ عن حِمْله ، وأنشد :

* إذا حَمَل الأحْمَالَ ليْسَ بِبادح *

شمر عن الأصمعي : البَدَاحُ والأبْدَحُ والمَبْدوح : ما اتَّسَع من الأرض ، كما يقال الأبْطَحُ والمبطوح ، وأنشد :

* إذا عَلَا دَوِّيَّهُ المَبْدوحا*

رواه بالباء.

وقال أبو عمرو : الأبْدَحُ : العَرِيضُ الْجَنْبَيْنِ من الدَّوابِّ ، وقال الرّاجزُ :

حتَّى يُلَاقي ذَاتَ دَفٍ أبْدَحِ

بمُرْهَفِ النَّصْل رَغِيبِ المَجْرَحِ

أبو عُبَيد عن الفرّاء : بَدَحْتُه بالعَصا وكَفَحْتُه بَدحاً وكَفْحاً إذا ضَرَبْتَه.

وقال الأصمعي في كتابه في «الأمْثال» يرويه أبو حاتم له يقال : أكلَ مالَهُ بأبْدَحَ ودُبيْدَح ، قال الأصمعي : إنما أصله دُبيْح ، ومعناه أنه أكله بالباطل ، وحكاه ابن السِّكِّيت : أَخَذَ ماله بأبْدَح ودُبيدَح ، أخْبَرني بذلك المنذري عن الحَرّانيُ عنه ، وقال سمعتُ التَّوَّزِي يقول : يقال أكلَ مالَه بأبْدَح ودُبيْدَح أي بالباطل ، قال : يُضْرَبُ مَثلاً للأمر الذي يَبْطُلُ ، وكلهم قال دبيْدَح بفتح الدَّال الثَّانية.

عمرو عن أبيه : يقال : ذَبَحَه ، وبَذَحَه ، ودبَحَه وَبَدحَه ومنه سُمِّي بُدَيْح المُغَنِّي ، كان إذا غَنَّى قَطَع غِنَاء غَيْره بِحُسْنِ صَوْتِه.

دحب : أهمله الليث ، وقال ابن دريد : الدَّحْبُ : الدَّفْع ، وهو الدَّحْمُ ، يقال : دَحَبَها ودَحَمَها في الجِماعِ ، والاسْمُ الدُّحَاب.

ح د م

حدم ، حمد ، مدح ، دمح ، دحم : مستعملات.

حدم : قال الليث : الحَدْمُ : شِدَّةُ إحْماءِ الشَّيْءِ بِحَرِّ الشَّمْسِ والنَّار ، تقول : حَدَمه كذا فاحتدم.

وقال الأَعْشَى :

٢٥٠

وإدلاجِ لَيْلٍ على غِرَّةٍ

وهَاجِرةٍ حَرُّها مُحْتَدِم

أبو عُبَيد عن الفرّاء : للنّار حَدَمَة وحَمَدة ، وهو صوت الالتهاب ، وهذا يوم مُحْتَدِمٌ ومُحْتَمِدٌ ، وقال أبو عُبَيد : الاحْتِدامُ : شِدَّةُ الحَرّ.

وقال أبو زيد : احْتَمَد يوْمُنا واحْتَدَمَ.

وقال أبو حاتم : الحَدَمَةُ : من أصْوَاتِ الحيَّة ، صَوْتُ حَفِّه كأنه دَوِيٌ يَحْتدِم ، واحْتَدَمَتِ القِدْرُ إذا اشتدَّ غَلَيانُها.

وقال أبو زيد : زَفيرُ النّار : لَهبُها وشَهِيقُها ، وحَدَمُها وحَمَدُها وكلْحَبَتُها بمعنى واحد.

واحْتَدم الشرابُ إذا غَلَى ، وقال الجعدي يصف الخمر :

رُدَّت إلى أكْلَفِ المَنَاكِب مَرْ

شُومٍ مُقيمٍ في الطِّين مُحْتَدِم

دحم : قال الليث : دَحْمٌ ودَحْمانٌ : من الأسمَاء ، والدَّحْم : النِّكاحُ ، يقال : دَحَمَها دحْماً ، وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قيل له : هل يَنْكِحُ أهْلُ الجنَّةِ؟ فقال دحْماً دحْماً أي يَدْحَمون دَحْماً ، وهو شِدَّةُ الجِمَاع.

ودحْمَةُ : اسم امرأة ، ودُحَيْمٌ : اسم رجل ابن الأعرابي : دَحَمه دَحْماً إذا دفَعَه ، وقال رؤبة :

* ما لَمْ يُبِحْ يأْجوجَ رَدْمٌ يَدْحَمُه *

أي يَدْفَعُه. وأنشد أبو عمر :

قالت وكيف وهو كالمُمَرتَك

إني لطول الفَشل فيه أشتكي

فادحَمْه شيئاً ساعَةً ثم اترك

مدح : قال الليث المَدْحُ : نَقِيضُ الهِجَاء ، وهو حُسْنُ الثَّناء ، يقال : مدَحْتُه مَدْحَةً واحِدَة ، والمِدْحَةُ : اسم المَديح ، والجميعُ المِدَحُ ، قال : والمُثْنِي يمْدح ويمْتَدحُ قلتُ : ويقال : فلان يَتَمدَّحُ إذا كان يُقَرِّظُ نفسه ويُثْني عليها.

والمَمَادح ضِدُّ المَقَابح ، والمدائحُ جَمْعُ المديح من الشِّعر الذي مُدح بِه.

ورَجُلٌ مَدَّاحٌ : كَثِيرُ المدْح للْمُلوك.

حمد : الليث : الحَمدُ : نَقيضُ الذَّمِّ ، يقال : حَمِدْتُه على فعله ، ومنه المحْمدَةُ ، وقال الله جلّ وعزّ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الفَاتِحَة : ٢].

قال الفرّاءُ : اجتمع القُرَّاء على رفع (الْحَمْدُ لِلَّهِ) ، فأما أهْلُ البَدْو فمنهم من يقول : الحمدَ لله ، ومنهم من يقول : الحمدِ لله بخفض الدَّال ، ومنهم من يقول : الحمدُ لله فيرفع الدَّال واللام ، قال أبو العباسُ : الرفُع هو القراءَةُ ، لأنه المأْثورُ ، وهو الاخْتِيارُ في العَربيَّة.

وقال النحويون : مَنْ نَصَبَ من الأعراب الحمد الله فعَلى المصدر أحمد الحمد لله ، وأما مَنْ قرأ : الحمدِ لله فإن الفَرّاء قال : هذه كلمة كَثُرَت عَلَى ألْسنِ العَرب حتى صارت كالاسم الواحد ، فَثَقل عليهم ضَمُّها بعد كَسْرَة فأَتْبَعوا الكَسْرَة الكَسْرَة.

وقال الزَّجَّاجُ : لا يُلْتَفتُ إلى هذه اللغة ولا يُعْبأ بها ، وكذلك من قرأ : الحمدُ لله في غير القرآن فهي لُغةٌ رديئةٌ.

وقال الأخْفَشُ : الحمدِ لله : الشُّكْرُ لله ، قال : والحمدُ أيْضاً : الثَّناء ، قلت : الشُّكْرُ

٢٥١

لا يكون إلا ثناءً لِيَدٍ أُوليتَها ، والحمدُ قدْ يكون شُكْراً للصَّنِيعة ويكون ابتداء للثناء عَلَى الرَّجُل ، فحمدُ الله الثناء عليه ، ويكون شُكراً لِنِعَمِه التي شَمِلَت الكُلّ.

وقال الليث : أحْمَدْتُ الرجلَ : وجَدْتُه محموداً ، وكذلك قال غيره : يقال : أتَيْنا فُلَاناً فأَحْمَدناهُ وأَذْمَمْناهُ أي وجَدناه محموداً أو مذْموماً.

وقال الليث : حُمَاداك أن تَفْعَلَ كذا أي حَمْدُك ، وحُماداك أن تَنْجُوَ من فُلان رأْساً برأس.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : حَبابُك أن تفْعَلَ ذاكَ ، ومثله حُمادَاكَ.

وقالت أُمُّ سَلمَة : حُمادَياتُ النِّساء غَضُّ الطَّرْف وقِصَرُ الوَهَازَة ، معناه غاية ما يُحْمَد منهن هذا ، وقيل : غُناماك بِمعنى حُماداك ، وعُنَاناك مِثْلُه.

وقال الليث : التَحْمِيدُ : كَثْرَةُ حَمْدِ الله بالمحَامِدِ الحسَنَة. قال : وأحْمَدَ الرَّجُلُ إذ فَعَلَ ما يُحْمَدُ عليه.

وقال الأعْشَى :

وأحْمَدتَ إذ نَجَّيْتَ بالأمْسِ صِرْمَةً

لَهَا غُدَداتٌ واللُّواحِقُ تَلْحَقُ

ومُحمَّد وأَحْمد اسما نَبِيِّنا المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقول العرب : أحْمَدُ إليك الله.

قال الليث معناه أحمد مَعَك الله ، وقال غيره : أشكُر إليك أيادِيَه ونعمه.

وقال ابن شُمَيْل في قوله أحْمَدُ إليكم غَسْلَ الإحْلِيل أي أرضاه لكم ، أقام إلى مُقام اللام الزائدة.

وقال شمر : بَلَغَني عن الخليل أنه قال : معنى قولهم في الكُتُب : فإني أَحْمَدُ إليك الله أي أحْمد معك الله ، كقول الشاعر :

ولَوْحَيْ ذِرَاعَيْن في بِرْكةٍ

إلى جُؤْجُؤٍ رَهِل المنكب

يريد مع بركة.

ويقال : هل تَحمَد لي هذا الأمر أي هل ترضاه لي.

وفي «النوادر» : حَمِدْتُ عَلَى فلان حَمْداً وضمِدْتُ ضَمَداً إذا غَضِبْتَ ، وكذلك أَرِمْتُ أَرَماً.

وقول المُصَلِّي : سُبْحَانك اللهم وبِحَمْدِك المعنى وبِحَمْدِك أَبْتَدِىء ، وكذلك الجِالِبُ للباء في بسم الله الابتداء ، كأنك قلت : بَدَأْتُ باسْمِ الله ، ولم تَحْتَج إلى ذكر بدأت ، لأن الحال أَنْبأَت أَنَّك مُبْتَدِىء.

أبو عُبَيد عن الفَرَّاء : للنار حَمَدَة ، ويَوْمٌ مُحْتَمِدٌ ومُحْتَدِمٌ : شديد الحَرِّ.

و (الْحَمِيدُ) من صِفَاتِ الله بمَعْنَى المحمُودِ ، ورَجُلٌ حُمَدَةٌ : كَثيرُ الْحَمدِ. وَرَجُلٌ حَمَّادٌ مِثْلُه.

ومن أَمْثَالهم : «من أنفق ماله على نفسه فلا يتحمد به إلى الناس» ، المعنى أنه لا يُحمد على إحْسانه إلى نفسه ، إنما يُحْمَد على إحْسَانِه إلى الناس.

دمح : شمر عن ابن الأعرابي : دَمَّحَ ودَبَّح إذا طَأْطَأَ رَأْسَه.

أبواب الحاء والتاء

(ح ت ظ) ـ (ح ت ذ) ـ (ح ت ث): أهملت وجوهها.

٢٥٢

ح ت ر

حتر ، حرت ، ترح : مستعملة.

حتر : قال الليث : الحَتْر : الذَّكَرُ من الثَّعَالِب ، قلتُ : لَمْ أَسْمَع الحَتْرَ بهذا المعنى لغير الليث ، وهو منكر.

وقال الليث : الحِتَارُ : استدار بالعَيْن مِنْ زِيقِ الجَفْن من بَاطن.

قال : وحِتَارُ الظُّفْرِ : ما أَحَاطَ به ، وكذلك ما يحيط بالخِباء ، وكَذلك حِتَار الدُّبُر : حَلْقَته.

قال : والمُحْتِرُ : الذي لا يُعْطِي خَيْراً ولا يُفْضِل على أَحَد ، إنما هو كَفَافٌ بكَفَافٍ لا ينفلت منه شيء ، قد أَحتَر على نفسه وأهله أي ضَيَّق عليهم ومنعهم خَيْرَه.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : حترتُ له شيئاً بغير ألف ، فإذا قال : أَقَلَّ الرجلُ وأَحْتَر قاله بالألف ، والاسم منه الحِتْر ، وأنشد للأعلم الهُذَلي :

إذا النُّفَساءُ لم تُخَرَّسْ بِبِكْرِها

غُلَاماً ولم يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُهَا

وأخبرني الإيَادِيّ عن شمر : الحَاتِر : المُعْطِي ، وأنشد :

إذْ لا تَبِضُّ إلى التَّرا

ئِكِ والضَّرَائِكِ كَفُ حَاتِر

قال : وحَتَرْتُ : أَعْطَيْتُ عن أبي عمرو ، قال : وقال غيره : كان عطاؤك إيّاه حَقْراً حَتْراً أي قليلاً ، وقال رُؤْبةُ :

* إلا قَلِيلاً من قَلِيلٍ حَتْرِ*

قال : وأَحَتَر علينا رِزْقَنا أي أقَلَّه وحَبَسَه ، قال : ويقال : ما حَتَرْتُ اليومَ شيئاً أي ما أَكَلتُه.

وقال الفَرَّاء : حَتَرَهُ يَحتُرُه إذا كَسَاهُ وأعْطَاه ، وقال الشَّنْفَري :

وأُمِّ عِيَالٍ قَدْ شَهِدْتُ تَقُوتُهم

إذا حَتَرَتْهُمُ أَتْفَهَت وأقَلَّتِ.

غيره : أحْتَرْتُ العُقْدَةَ إحْتاراً إذا أحْكَمْتُها فهي مُحْتَرَةٌ ، وبَيْنهم عَقْدٌ مُحْتَرٌ : قَد استُوثِقَ مِنْه.

وقال لَبيد :

وبِالسَّفْح من شَرْقِيِّ سَلْمَى مُحَارِبٌ

شُجَاعٌ وذُو عَقْدٍ من القعوْم مُحْتَرِ

ابن السِّكِّيت عن الفَزَارِيّ قال : الحَتِيرَةُ : الوَكِيرَةُ ، وهُو طَعَامٌ يُصْنَع عند بناء البيت ، قُلْتُ : وأنا واقف في هذا الحرف ، وبعضهم يقول : حَثِيرة بالثاء.

أبو عُبَيد عن الأصمعي قال : الحُتُرُ أكِفَّةُ الشِّقَاقِ ، كل واحد منها حَتارٌ.

وقال أبو زيد الكلابي : الحِتْرُ : ما يوصل بأسفل الخباءِ إذا ارتفع عن الأرض وقلص ليكون ستراً ، يقال منه حَتَرْتُ البَيْتَ.

ترح : التَّرَحُ : نقِيضُ الفَرَح ، ويقال : بَعْد كُلِّ فَرْحَةٍ ترْحَةٌ.

قال : والمِتْرَاحُ من النُّوقِ : التي يُسْرعُ انْقطَاعُ لَبنها ، والجَميعُ المَتارِيح.

وقال أبو وَجْزَة السَّعديّ يَمدَحُ رَجلاً :

يُحَيُّونَ فَيَّاضَ النَّدَى مُتَفَضِّلاً

إذا التَّرِحُ المَنَّاعُ لَمْ يَتَفَضَّل

قال : التَّرِحُ : القَلِيلُ الخَير.

٢٥٣

وقال شمر : قال ابن مَنَاذِر : التَّرَحُ :

الهبُوطُ ، وما زلْنَا مُنْذُ الليلةِ في تَرَح ، وأنشد :

كأنَّ جَرْسَ القَتَبِ المُضَبَّبِ

إذا انْتُحي بالتّرَح المُصَوَّب

وقال : الانتحاء : أنَ يَسْقُط هكذا ، وقال بيده بَعْضُها فوق بعض ، وهو في السجود أن يُسْقِط جَبينَه إلى الأَرْضِ ويَشُدَّه ولا يعتمد على راحتيه ولكن يعْتَمِد على جَبِينه ، حكى شمر هذا عن عبد الصمد بن حَسّان عن بعض العرب.

قال شمر : وكنت سألت ابنَ مُناذِرٍ عن الإنْتِحَاء في السُّجُود فلم يعْرِفه.

قال : فذكرتُ له ما سَمِعْتُ ، فدعا بدَواته وكتَبه بِيدِه.

حدَّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال حَدَّثنَا أبِي ، قال : حدَّثنا الفَضْلُ بنُ دُكيْن ، قال : حدَّثَنا أبو مَعْشَر عن شُرَحْبيل بن سَعْد عن عليّ بن أبي طالب ، قال : نهاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن لِبَاس القَسِّيِ المْتَرَّح وأنْ أَفْتَرِشَ حِلْسَ دابَّتي الذي يَلي ظَهْرَها ، وألا أَضَعَ حِلْسَ دابّتي على ظهرها حتى أذكر اسم الله ، فإنَّ على كلِّ ذِرْوَةٍ شيطاناً ، فإذا ذكَرْتم اسمَ الله ذَهَبَ.

قُلْتُ : كأنَ المُتَرَّحَ المُشْبَع حُمْرَةً كالمُعَصْفَرِ.

والتّرْحُ : الفَقْرُ ، قال الهُذَليُّ :

كَسَوْتَ على شَفَا تَرْحٍ ولُؤْمٍ

فأَنْتَ على دَرِيسِكَ مُسْتَمِيتُ

دريسك : خَلَقك ، على شفَا تَرْح أي على شَرَف فَقْر وقِلّة ، يقال : قَليلٌ تَرْحٌ.

حرت : قال الليث : حَرَتَ الشيء يَحْرُتُه حَرْتاً وهو قَطْعُك إيّاه مستديراً كالفَلْكة.

قال : والمحْرُوتُ : أَصْلُ الأُنْجُذَانِ ، قلت : ولا أَعْرِفُ ما قال الليثُ في الحرْتِ أنه قَطْعُ الشيء مُسْتَدِيراً ، وأَظُنُّه تَصْحِيفاً : والصَّوابُ خَرَتَ الشيءَ يَخْرُتُه خَرْتاً بالخاء المعجمة : لأنَّ الخُرْتَةَ هي الثَّقْبُ المُسْتدير.

وروى أبو عُمَر عن أحمد بن يحيى عن أبيه أنه قال : الحُرْتَةُ بالحاء : أَخذُ لَذْعَةِ الخَرْدَل إذا أَخَذَ بالأنف.

قال : والخُرْتَةَ بالخاء : ثَقْبُ الشَّغِيزَة وهي المِسَلَّةُ.

وروى ثَعْلب عن ابن الأعرابي : حَرِتَ الرجُلُ إذا ساء خُلُقُه.

وقال ابن شُمَيل : المحْرُوتُ : شجرة بيضاء تُجْعَل في المِلْح لا تُخَالِطُ شيئاً إلا غَلَبَ رِيحُها عليه ، وتنْبُتُ في البَادِية ، وهي ذَكِيَّةُ الريح جداً ، والواحدة مَحْرُوتَة.

وقال الدينوري : هي أصل الأُنْجُذان.

ح ت ل

حتل ، حلت ، لحت ، لتح : مستعملة.

وقد أهمل الليث : حتل ولحت وهما مستعملان.

لتح : قال الليث : اللَّتْح : ضرب الوجه والجسد بالحصى حتى يؤثِّرَ فيه من غير جَرْح شديد ، وقال أبو النجم :

* يَلْتَحْنَ وَجْهاً بالحَصَى مَلْتُوحا*

٢٥٤

يصف عانَةً طردها مِسْحَلُها ، وهي تَعْدُو وتُثِير الحَصَى في وَجْهِه.

أبو زيد : لَتَحَها لَتْحاً إذا نكحها وجامعها ، وهو لاتِحٌ ، وهي مَلْتُوحة.

وأخبرني المُنْذِري عن أبي الهيثم أنه قال : لتَحْتُ فُلاناً ببصرى أي رَمَيْتُه ، حكاه عن أبي الحسن الأعرابي الكلابي ، وكان فصيحاً.

ابن الأعرابي : رجل لاتِح ولُتاحٌ ولُتَحَةٌ ولَتِحٌ إذا كان عاقلا داهياً ، وقومٌ لُتَّاح ، وهم العقلاء من الرجال والدُّهاةُ.

الأُمَوِيُّ : اللَّتْحانُ : الجائع ، وامرأةٌ لَتْحَى : جائِعة.

حلت : قال الليثُ : الحِلْتِيتُ. الأنْجُزَذُ ، وأنشد :

عَلَيْك بِقُنُأَةٍ وبِسَنْدَروسٍ

وحِلْتِيتٍ وشَيْءٍ من كَنَعْدِ

قلت : أظن هذا البيت مصنوعاً ولا يحتج به ، والذي حَفِظته عن البحرانيين : الخِلْتِيت بالخاء : الأَنْجُزَذُ ، ولا أراه عَرَبِيّاً مَحْضاً.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : يوم ذو حِلِّيتٍ إذا كان شديد البرد ، والأزِيزُ مثله.

قال : والْحَلتُ : لُزُوم ظهر الخَيْل.

وقال ابن الفرج : قال الكسائي : حَلَتُّه أي ضَرَبتُه ، قال : وغيره يقول : حَلأْتُه.

اللحياني : حلأتُ الصوفَ عن الشاةِ حَلأً ، وحَلَتُّه حَلْتاً ، وهي الحُلاتَةُ والْحُلاءةُ للنُّتافَةِ : وحِلِّيتُ : موضع ذكره الراعي :

* بِحِلِّيتَ أَقْوَت منهما وتَبدَّلت*

ويروى بِحَليَة.

لحت : قال ابن الفرج : قال السليمي : بَرْدٌ بَحْتٌ لَحْتٌ أي بَرْدٌ صادِق.

وقال غيره : لَحَتَ فلانٌ عصاه لَحْتاً إذا قَشَرَها ، ولَحَتَه بالعَذْل لَحتاً مثله.

حتل : أهمله الليث ، وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الحاتِلُ : المِثلُ من كل شَيْءٍ. قُلْتُ : الأصْلُ فيه الحاتِنُ ، فَقْلِبَت النون لاما ، وهو حِتْنُه وحَتْله أي مِثْلُه.

ح ت ن

حتن ، حنت ، نحت ، نتح : مستعملة.

نحت : قال الليث : النَّحْتُ نَحْتُ النَّجَّار الخشب ، يقال هو يَنْحَتْ وينْحِتُ لُغَتَان وجَمَلٌ نَحِيتٌ قد انْحَتَّت مَنَاسِمُه ، وأنشد :

* وَهُو من الأيْن وَجٍ نَحيتُ *

والنُّحاتَةُ : ما نُحِتَ من الخَشَبِ.

وقال : نَحَتَها نَحْتاً إذا جامَعَها ، ولَحَتَها مِثْلُه.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : إنه لكَرِيمُ النَّحِيتةِ والطَّبِيعة والغريزة بمعنى واحد.

وقال اللحياني : الكَرَمُ من نحته ونحاسِهِ ونُحِتَ على الكرم وطُبعَ عَلَيْهِ.

حتن : قال الليث : الحَتْنُ من قولك : تحَاتَنَتْ دُمُوعُه إذا تتابعت.

وقال الطِّرِمِّاحُ :

كأنَّ العيون المُرْسَلاتِ عَشِيَّةً

شَآبِيبُ دَمْع العَبْرَةِ المُتَحَاتنِ

٢٥٥

قال : وتحَاتَنتِ الخِصالُ في النِّصَالِ إذا وقَعت خَصَلَاتٌ في أصلِ القِرْطاس ، قيل : تحاتَنَت أي تتَابَعتْ.

قال : والخَصْلَةُ : كلُّ رَمْيَة لزِمَت القِرْطاس من غير أن تُصِيبَه.

قال : وأهل النِّضال يَحسبون كل خَصْلَتين مُقَرْطِسة.

قال : وإذا تَصَارَع الرجلان فصُرعَ أحدُهما وثَبَ ثم قال :

* الحَتَني لا خَيْرَ في سَهْم زَلَجٌ*

وقوله : الحتَنَى أي عاود الصِّرَاع.

قال : والزَّالِجُ : السَّهمُ الذي يقع بالأرض ثم يُصِيب القرْطاس.

قال : والتَّحَاتُنُ : التَّبارِي.

وقال النَّابغةُ يَصِفُ الرِّياحَ واختلافَها :

شمالٌ تَحُاذِيها الجَنوبُ بقَرْضِها

ونَزْعُ الصَّبا مُورَ الدَّبُورِ تُحاتِنُ

أبو عُبَيد : المْحْتَتِنُ : الشيءُ المُسْتوِي لا يخالِفُ بَعضُه بعضاً.

وأنشد غيره للطّرِمَّاح :

تلكَ أحسابُنا إذا احْتَتَنَ الخَصْ

لُ ومُدَّ المَدَى مَدَى الأغْراض

احتتنَ الخَصْلُ أي استوى إصابة المُتَنَاضِلَيْن ، والخَصْلةُ : الإصابةُ.

وخَصَلْتُ القومَ خَصْلاً إذا فَضَلتَهُم ، وستقِفُ على تفسير الخَصْل مُشْبَعاً في موضعه في كتاب الخاء إن شاء الله.

ويقال : فلانٌ سِنُّ فلانٍ وتِنُّه وحِتْنُه إذا كان لِدَتَه عَلَى سِنِّه.

وقال الأصْمَعيّ : هُما حِتْنان أي تِرْبان مُسْتَوِيان ، وهم أَحْتان أَتْنان.

وحَوْتَنانان : وادِيان في بلاد قَيْس ، كلُّ وَادٍ منهما يقال له حَوْتَنان ، وقد ذكرهما تميمُ بنُ أبيّ بن مقبل فقال :

ثُمَّ اسْتغَاثُوا بماءٍ لا رِشاءَ له

من حَوْتَنانيْن لا مِلْاحٌ ولا زَننُ

أي لا ضَيِّق قليل.

ويقال : رَمَى القومُ فوقَعتُ سهامُهم حَتَنى أي مستوية لَمْ يَنْضُل أحدُهم أَصْحَابه.

أبو العبَّاس عن ابن الأعرابي : رَمَى فأحْتَن إذا وقعَت سِهامُه كلُّها في موضع واحِد.

حنت : أبو زيد : رجلٌ حِنْتَأْوٌ ، وامرأةٌ حِنَتأْوَةٌ وهو الذي يُعْجَبُ بنَفْسِه وهو في أَعْيُنِ الناس صغير.

نتح : قال الليث : النَّتْح : خُروج العَرَق من أُصُول الشَّعْر ، وقد نَتَحَه الجِلْدُ ، ومَناتحُ العَرَقِ : مَخَارِجُه من الجِلْدِ ، وأنشد :

جَوْنٌ كأَنَّ العَرَقَ المَنْتُوحَا

لبَّسَه القَطْرَان والمُسُوحا

وقال غيره : نَتَحَ النِّحْيُ إذا رَشَحَ بالسَّمْنِ ، وذِفْرَى البَعِير تنِتحُ عَرَقاً إذا سارَ في يوم صائف شديد الحَرِّ فَقَطر ذِفْرَياه عَرَقاً.

وقال ابن السِّكْيت : نَتَح النِّحْيُ ورشَحَ ومَثّ ، ونَضَحَت القِرْبةُ والوَطْب.

وروى أبو تراب عن بعض العرب : امْتتَحْتُ الشيءَ وانْتَتَحْتُه وانتزَعْته بمعنى واحد.

٢٥٦

ح ت ف

حتف ، حفت ، فتح ، تفح ، تحف.

حتف : قال الليث : الحَتْفُ : الموْتُ ، وقول العرَب : ماتَ فلانٌ حَتْفَ أَنْفِهِ أي بِلَا ضَرْبٍ ولا قتلٍ ، والجميع الحُتُوف ، ولم أسمع للحَتْفِ فعلاً.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «منْ ماتَ حَتْفَ أَنفِه في سبيل الله (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ».

قال أبو عُبَيد : هو أن يموت مَوْتاً على فِراشِهِ من غير قَتْل ولا غَرَق ولا سَبُع ولا غيره.

وروي عن عُبَيد بن عُمَيْر أنه قال في السمك : «ما مات حَتْفَ أَنفِه فلا تأْكُله» يعني الذي يموت في الماء وهو الطافي.

وقال غيره : إنما قيل للذي يموت على فراشه مات حَتْفَ أَنْفِه. ويقال حَتْفَ أَنْفَيْه ، لأن نَفْسه تخرُجُ بتَنَفُّسِه من فيهِ وأَنفِه.

ويقال أيضاً : ماتَ حَتْفَ فيه ، كما يقال : مات حتْفَ أَنْفِه ، والأنفُ والفمُ : مَخْرَجَا النَّفَس.

ومَنْ قال : حَتْفَ أنْفَيْه ، احْتَمَل أن يكون أراد بأَنْفَيْه سَمَّيْ أنفِه وهما مَنْخَراه ، ويُحْتَمَلُ أن يُرادَ به أَنْفُه وفَمُه فَغُلِّب أحَدُ الإسمين على الآخر لتجاورهما.

شمر : الحَتْفُ : الأمرُ الذي يُوقِعُ في الهلَاكِ ، والسَّبَبُ الذي يكون به الموت ، وأنشد لبعض هُذَيْل :

فَكانَ حَتْفاً بمِقْدَارٍ وأَدْرَكَه

طولُ النَّهار وليلٌ غَيْرُ مُنْصَرِم

تفح : التُّفَّاحُ هذا الثَّمرُ المعروف ، وجمعه تَفَافيح ، وتُصَغَّر التُّفَّاحةُ الواحدةُ تُفَيْفِيحَة ، والمَتْفَحَةُ : المكانُ الذي يَنْبُتُ فيه التُّفَّاحُ الكثيرُ.

تحف : قال الليث : التُّحْفَةُ أبدلت التاء فيها من الواو إلّا أن هذه التاء تلزم تصريف فعلها إلّا في التفعّل فإنه يُقَالُ : يَتَوَحَّف ، ويقولون أَتْحَفْتُه تُحْفَةً يعني طُرَفَ الفواكه وغيرهما من الرياحين.

قلت : وأصلُ التُحَفَة وُحَفَة ، وكذلك التُّهَمَة أَصْلُها وُهمَةَ وكذلك التُّخَمَة. ورجل تُكَلَة ، والأصلُ وُكَلَة ، وتُقَاة أَصْلُها وُقَاة ، وتُراثٌ أَصْلُها وُرَاث.

فتح : قال الليث : الفَتْحُ : افتِتَاحُ دار الحرْب ، والفَتْح : نقيض الإغْلَاق ، والفَتْحُ : أن تحكم بين قومٍ يختصمون إليك كما قال الله جلّ وعزّ مُخْبِراً عن شُعَيْب : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) [الأعرَاف : ٨٩].

واسْتَفْتَحْتُ الله على فلان أي سألتُه النَّصْرَ عليه ونحو ذلك.

قال : والمَفْتَحُ : الخِزَانَةُ وكلُّ خِزَانة كانت لِصِنْفٍ من الأشياء فهو مَفْتَحٍ.

والفَتَّاحُ : الحاكِمُ.

وقال الله تعالى : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) [الأنفَال : ١٩]. أي إن تَسْتَنْصِرُوا فقد جَاءكُم النَّصْرُ.

ومنه حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يَسْتَفْتِحُ

٢٥٧

بصعاليك المُهَاجِرِين أي يَسْتَنْصِرُ بهِمْ.

وقال الفَرَّاء : قال أبو جهل يوم بدر : اللهم انصر أَفْضَلَ الدِّينَيْن وأحَقَّه بالنَّصْر ، فقال الله : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) [الأنفَال : ١٩] يعني النَّصْر.

وقال أبو إسحاق : معناه إن تستنصروا فقد جاءكم النَّصْرُ.

قال : ويجوز أن يكون معناه : إن تَسْتَقْضُوا فَقدْ جاءكم القَضَاء ، وقد جاء في التفسير المعنيان جميعاً.

ورُوِي أن أبا جهل قال يومئذٍ : اللهم أقْطَعَنَا للرَّحِم وأفسدَنا للجماعة فأَحِنْه اليوم ، فسأل الله أن يَحكمُ بحَيْن من كان كذلك فَنُصِرَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونَالَه هو الحَيْنُ وأَصْحَابَه فقال الله : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) [الأنفَال : ١٩] أي إن تَسْتَقضُوا فَقَدْ جَاءكُم القَضَاء.

وقيل إنه قال : «اللهم انْصُر أحَبَّ الفِئَتَيْنِ إليك» فهذا يدل أَنَّ مَعْنَاه إن تَسْتَنْصِروا ، وكِلا القَوْلَيْن جَيِّد.

وقال الله جلّ وعزّ : (ما إِنَ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) [القَصَص : ٧٦].

قال الفرّاء : مَفَاتحه هاهنا كنوزه وخزائنه ، والمعنى : ما إنَ مَفَاتِحَه لتُنِيء العُصْبَة تُمِيلُهم من ثِقَلِها.

وروى أبو عَوانة عن حُصَيْن عن أبي رَزِين قال : مفاتِحهُ : خزَائنه أنْ كان كَافِياً مفتاحٌ واحدٌ خَزَائنَ الكوفة ، إنما مَفاتِحُه المالُ.

وروى أبو عَوانة أيضاً عن إسماعيل بن سالم عن أبي صالح (ما إِنَ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) [القَصَص : ٧٦].

قال : ما في الخَزائن من مَالٍ تنوء به العُصْبَة.

وقال الزَّجاج في قوله : (ما إِنَ مَفاتِحَهُ) [القَصَص : ٧٦] جاء في التفسير أنَ مَفاتحه كانت من جلود وكانت تُحْمَلُ على سِتَّين بَغْلاً.

قال : وقيل : مَفَاتحه : خَزَائنه.

قال : والأشبه في التفسير أن مَفَاتحه خَزائنُ مَالِه والله اعْلَمُ بما أراد.

وقال الليث : جمعُ المِفْتاح الذي يُفتح به المِغْلَاق مفاتيح ، وجَمْعُ المَفْتَح الخِزانة المفاتح.

قلت : ويقال للذي يُفْتَح به المِغْلَاق مفتح بكسر الميم ومِفتاح وجمْعُهما مَفَاتح ومفَاتيح ، وهذا قول النحويين.

وقول الله جلّ وعزّ : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [السجدة : ٢٨ ، ٢٩] الآية.

وقال مجاهد : يومُ الفَتْحِ هاهنا يوم القيامة ، وكذلك قال قَتَادة والكَلْبِيّ.

وقال قتادة : كان أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقولون : إنْ لنَا يَوماً أوشكَ أَن نَسْتريح فيه وننعَم فقال الكفارُ : (مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [السَّجدَة : ٢٨].

وقال الفَرَّاء : يوم الفتح يعني يوم فتح مكة.

قلتُ : والتفسير جاء بخلاف ما قال وقد نفع الكفارَ من أهل مكة إيمانُهُم يوم فتح مكة.

٢٥٨

وقال الزَّجَّاجُ : جاء أيضاً في قوله : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ) [السَّجدَة : ٢٨] متى هذا الحُكْمُ وَالقضَاءُ ، فأعلم الله أن يوم ذلك (الفتح لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ) أي ما داموا في الدنيا فالتَّوْبَةُ مُعْرِضة ولا توبة في الآخرة.

وقال شمر في قول الأسعَر الجُعْفِي :

* بأَنِّي عن فُتَاحَتكم غَنِيّ*

أي من قضائكم وحُكْمِكم.

وقال قتادة في قوله تعالى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) [الفَتْح : ١] أي قضينا لك قضاءً مُبِيناً.

وفي حديث أبي الدرداء أنه أتى باب معاوية فحجبه فقال : من يأت سُدَدَ السلطان يقم ويقعد ، ومن يأتِ باباً مغلقاً يجد إلى جَنْبه باباً فُتُحاً رحْباً إن دعا أُجِيبَ وإن سأل أَعْطِي.

والسّدَّة : السَّقِيفَةُ فوق باب الدار ، وقيل : السُّدَّة : الباب نفسه.

قال أبو عُبَيد وقال الأصمعي : الفُتُح : الواسع. قال : ولم يذهب إلى المفْتُوح ولكن إلى السَّعَة. قال أبو عُبَيد : يعني بالفُتُح الطلب إلى الله والمسألة.

والْفَتَّاحُ في صفة الله معناه الحَاكم ، وأهلُ اليمن يقولون للقَاضِي الفَتَّاحُ ، ويقول أحدهم لصاحبه : تعال حتى أُفَاتِحَك إلى الفَتّاح.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الفَتَاح : الحكومة ، ويقال للقاضي الفَتّاح : لأنه يَفْتح مواضع الحقِّ.

قال : والفَتْحُ : النَّهْرُ ، قلت : وجاء في الحديث «ما سُقِيَ فَتْحاً ففيه العُشْر» والمعنى ما فُتِح إليه ماءُ النهر فتحاً من الزروع والنخيل ففيه العُشْر.

وأخبرني المُنْذِري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الوَسْمِيُّ أولُ المطر وهو الفَتُوح بفتح الفاء ، وأقرأنيه المنذري في موضع آخر أَوَّل مطر الوَسْمِي الفُتُوحُ ، الواحدُ فَتْح ، وأَنْشَد :

* يَرْعَى غُيُوثَ العَهْدِ والفُتُوحا*

قلت : وهذا هو الصَّوَابُ.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : الفتْحُ : ما جَرَى في الأنهار من الماء.

وقال الليْثُ : الفُتْحَةُ. تَفَتُّح الإنسان بما عنده من مِلْكٍ أو أَدَبٍ يَتَطَاوَلُ به ، تقول : ما هذه الفُتْحَةُ التي أظهرتها وتَفَتَّحْتَ بها علينا.

وفواتِحُ القرآن : أوائل السَّور ، الواحدةُ فاتحة ، وأُمُّ الكِتَابِ يقال لها فاتحةُ القرآن.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : باب فُتُحٌ أي واسعٌ ضَخْم ، وقال الكِسَائِيُّ : قارورةٌ فُتُحٌ : ليس لها صِمَامٌ ولا غِلاف.

وقال ابن بُزُرْج : الفَتْحَي : الرِّيحُ ، وأنْشَد :

أكُلُّهُمُ لا بَارَكَ الله فيهِمُ

إذا ذُكِرَتْ فَتْحَى من البَيْع عَاجِبُ

فَتْحَى على فَعْلَي.

شمر عن خالد بن جَنْبَه يقال : فاتَحَ الرجلُ امْرَأَتَهُ إذا جامعها.

قال : وتفاتَحَ الرجلان إذا تَفَاتَحَا كلاماً

٢٥٩

بينهما وتَخَافَتَا دون الناس.

والفُتْحَةُ : الفُرْجَةُ في الشيء.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : الفَتُوح : الناقة الواسعةُ الإحليل وقد فَتَحَت وأَفْتَحَت ، والثَّرُورُ مثل الفَتُوح. والفُتَاحَةُ : الحُكُومةُ ، ومنه قوله :

* بأنِّي عن فُتَاحَتِكُم غَنِيّ*

حفت : قال الليث : الْحَفْتُ : الهَلاكُ ، تقول :

حَفَتَه الله أي أهلكه ودَقَّ عُنُقه ، قلت : لم أسمع حَفَتَه بمعنى دَقَّ لغير اللَّيْث ، والذي سمعناه عَفَتَه ولَفَتَه إذا لَوَى عَنُقَهُ وكسره ، فإن جاء عن العرب حَفَتَه بمعنى عَفَتَه فهو صحيح وإلا فهو مُريب ويشبه أن يكون صحيحاً لتعاقب الحاء والعَين في حروف كثيرة.

أبو عُبَيد عن الأصمعي إذا كان مع قِصَرِ الرجل سِمَنٌ قيل رجلٌ حَفَيْتَأٌ مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ ، ومثله حَفَيْسَأٌ وأنشد ابن الأعرابي :

لا تجعليني وعُقَيْلاً عِدْلَيْنِ

حَفَيْسَأ الشَّخصِ قَصيرَ الرِّجْلَيْنِ

ح ت ب

أهملت وجوه هذا الباب غير بحتِ.

بحت : قال الليث : البَحْتُ : الشيء الخالص ، خَمْرٌ بَحْتٌ وخُمُورٌ بَحْتَةٌ ، والتذكير بَحْتٌ ، ولا يجمع بَحْتٌ ولا يصغر ولا يُثنَّى.

أبو عُبَيد : عربيٌ بَحْتٌ وعربية بَحْتَةٌ كقولك ويقال : بَرْدٌ بَحْتٌ لَحْتٌ أي شديد.

ويقال : باحَتَ فلان القِتال إذا صَدَق القِتال وجَدَّ فيه ، وقيل : البَرَاكَاءُ : مُبَاحَتَةُ القتال.

وحِبْتُون : اسم جبل بناحية المَوْصِل.

ح ت م

حتم ، حمت ، محت ، متح ، تحم : مستعملة.

حتم : قال الليث : الحاتِمُ : القاضي. والْحَتمُ : إيجابُ القضاء ، قال : وكانت امرأة يقال لها صَدُوف فآلت ألا تتزوج إلا من يَرُدّ عليها جوابَها ، فجاءها خاطب فوقف ببابها ، فقالت له : من أنت؟ قال : بَشَرٌ وُلِد صغيراً ونشأ كبيراً. فقالت : أين مَنْزِلُكَ؟ قال : عَلَى بِساطٍ واسعٍ وبلدٍ شاسعٍ ، قريبُه بعيدٌ ، وبعيدُه قريب. قالت : ما اسمك؟ قال : من شَاء أحدث إسماً ولم يكن ذلك حتماً ، قالت : كأنه لا حاجة لك ، قال : لو لم تكن حاجة لم آتِكِ لَجَاجَة ، وأَقِفْ ببابك وأَصِلْ بأسْبَابك.

قالت : سِرٌّ حاجَتُك أم جَهْرٌ؟ قال : سِرٌّ وسَتُعْلَنْ. قالت : فأنت إذاً خاطب ، قال : هو ذاك ، قالت : قُضِيَتْ ، فَتَزَوَّجَهَا.

قال : والحاتِمُ : الغُرابُ الأسودُ ، ويقال : بل هو غراب البَيْنِ أحمرُ المِنْقَارِ والرِّجْلَيْن.

أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة : الحَاتِمُ : الغُراب ، وأنشد لِمُرَقّشٍ السَّدُوسِيّ :

ولَقَدْ غَدَوْتُ وكنت لا

أَغْدُو على وَاقٍ وحَاتِمْ

فإذا الأشَائِمُ كالأيَا

مِن والأيَامِنُ كالأشَائِمْ

وكذاك لا خَيْرٌ ولا

شَرٌّ عَلَى أحَدٍ بِدَائم

٢٦٠