تهذيب اللغة - ج ٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

يُداوموا على القتال حتى يُثْخِنوهم.

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ) [يُوسُف : ٨٥]. يقال : رجل حَرَض ، وقوم حَرَض وامرأة حَرَض ، يكون مُوَحَّداً على كلِّ حال ، الذكر والأنثى والجميع فيه سواء ، قال : ومن العرب مَنْ يقول للذَّكَر حارِض ، ولِلأنْثَى حارضة ، ويُثَنَّى هاهنا ويُجْمع : لأنّه قد خرج على صورة فاعِل ، وفَاعِل يُجمَع.

قال : والحارض : الفاسد في جسمه وعقله.

قال : وأما الحَرَضُ فتُرِك جَمْعُه لأنه مَصْدر بمنزلة دَنَفٍ وضَنًى ، يقال : قومٌ دَنَفٌ وضَنًى ، ورجل دَنَف وضَنًى.

وقال الزجّاج : مَنْ قال رجل حَرَضٌ فمعناه ذُو حَرَض : ولذلك لا يُثنّى ولا يُجْمع ، وكذلك رجل دَنَفٌ ذُو دَنَف ، وكذلك كُلّ ما نُعِت بالمصدر.

الحرَّاني عن ابن السِّكِّيت قال الأصمعي : رجُل حارِضَةٌ : لِلّذي لا خير فيه.

ويقال : كَذَب كَذْبَةً فأحرَضَ نفسه أي أهلكها ، وجاء بقَوْل حَرَض أي هالك.

وقال أبو زيد في قوله : (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) أي مُدْنَفاً ، وهو مُحْرَض ، وأنشد :

أمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى غَرْبَةً أَنْ نَأَتْ بها

كأنّك حَمٌّ للأطبّاء مُحْرَض

أبو العباس عن ابن الأَعْرابي أَنّ بعض العرب قال : إذا لم يعلم القوم مكان سيّدهم فهم حُرْضانٌ كلهم.

قال : والحارِضُ : السَّاقِط الذي لا خير فيه. وقال : جمل حُرْضانٌ وناقة حُرْضانٌ : ساقط.

قال : وقال أكثَمُ بنُ صَيْفي : سُوءُ حَمْل الفاقَة يُحرِض الحَسَب ، ويُذْئِر العَدُوّ ، ويُقَوِّي الضَّرورَة.

قال : يُحْرِضه أي يُسْقِطه.

وقال أبو الهيْثم : الحُرْضَة : الرجل الذي لا يَشْتري اللحم ولا يأكله بثمن إلا أن يجده عند غيره.

وقال الطّرماح يصف العَيْر :

وَيَظَلُّ المَلِيءُ يُوفى على القِرْ

نِ عَذُوباً كالحُرضَة المُسْتَفَاضِ

أي الوقت الطويل عَذُوباً لا يأكل شيئاً.

قال : والمُحْرض : الهالك مرضاً الذي لا حيٌّ فيُرجَى ، ولا ميّت فَيُوأس منه.

وقال الليث : رجل حَرَض : لا خيرَ فيه وجمعه أحْراض ، والفعل حَرُض يَحْرُض حُرُوضاً. وناقَةٌ حَرَض وكل شيء ضاوِي حَرَضٌ.

قال : والحُرُض : الأُشْنان تُغسَل به الأيدي على أَثَر الطعام.

والمِحْرَضَة : الوِعاء الذي فيه الحُرُض ، وهو النَّوْفلة.

وقال غيره : الحَرَّاضة : سُوقُ الأُشْنان :

والحَرّاض : الذي يُوقد على الْجِصّ ، قال عَدِيُّ بن زَيْد :

مثل نار الحَرّاض يَجْلُو ذُرَى المُزْ

ن لمنْ شَامَه إذا يَسْتَنِير

١٢١

قال ابن الأعرابي : شبّه البرقَ في سرعة وميضه بالنار في الأشْنان لسرعتها فيه. وقال غيره : الحَرّاض : الذي يُعَالجُ القِلْى. وقال أبو نصر : هو الذي يُحرِق الأُشْنان ، قُلْتُ : وشَجَر الأُشْنان يقال له : الحَرْض وهو من الحَمْض ، ومنه يُسَوَّى القِلْي الذي يُغْسل به الثِّياب ويُحْرَق الحَمْضُ رَطْباً ، ثم يُرَشُّ الماءُ على رماده فينعَقِد ويَصِيرُ قِلياً. وحَرَض : ماء معروف في البادية.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الإحْريضُ العُصْفر. وثوب مُحَرَّض : مصبوغٌ بالعصفر.

ضرح : الضَّرْح : حَفْرُك الضَّريحَ للميِّت. يقال : ضَرّحوا له ضَريحاً ، وهو قبر بلا لَحْد ، قلتُ : سُمِّي ضريحاً ، لأنه يُشَقّ في الأرض شَقّاً ، والضَّرح والضَّرْج بالحاء والجيم : الشَّقُّ ، وقد انْضَرَحَ إذا انشَقَّ.

ورُوِي عن الأصمعي أنه قال : انضرح ما بَين القومِ وانضَرج ، إذا تباعد ما بينهم ، وقال المُؤرِّج : الانْضِراحُ : الاتِّساع.

وقال الليث : الضَّرْح : أن تأخُذ شيئاً فَتَرْمِي به ، ويقال : اضْطَرَحُوا فلاناً أي رَمَوْا به في ناحية ، والعامة تقول : اطَّرَحُوه ، يظنون أنه من الطَّرْح ، وإنما هو الضرْح ، قلت : وجائز أن يكون اطرحوه افتعالا من الضرح قُلِبَت التَّاءُ طاء ثم أُدْغِمَتْ الضاد فيها فقيل : اطَّرَح.

وقال الليث : الضُّرَاح : بَيْت في السماء بِحِيال الكعبة في الأرض.

قال : والمضْرَحِيُ من الصُّقور : ما طال جناحاه.

وقال غيره : المَضْرَحِيُ : النّسْر ، وبجناحيه شَبّه طَرَفَةُ ذَنَبَ ناقته وما عليه من الهُلْب فقال :

كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍ تَكَنَّفَا

حِفافيهْ شُكَّا في العَسِيب بِمِسْرَدِ

مَضْرَحِي : نَسْر أبيض. حِفَافَيه : ناحيتيه.

شُكَّا : خُرِزا.

ويقال للرجل السيد السَّرِيّ مَضْرَحيّ.

والمَضْرحِيّ : الأبيض من كل شيء.

أبو عُبَيد عن أبي زَيْد : ضَرَحْتُ عَنّي شِهادةَ القوم أضْرَحُها ضَرْحاً إذا جَرَّحتْها وألقَيْتَها عنك. وضَرَحَتِ الدَّابَّةُ برجلها إذا رَمَحَت.

وضَرَحْتُ الضرِيحَ للميِّت أَضْرَحه ضَرْحاً وقال أبو عمرو في قول ذِي الرُّمَّة :

* ضَرَحْنَ البُرُودَ عن ترَائِب حُرَّةٍ*

أي ألْقَيْن ، ومن رواه بالجيم ، فمعناه شققن وفي ذلك تَغَاير.

وقال المؤرِّج : فلان ضَرَحٌ من الرجال أي فاسِد ، وأضْرَحْتُ فلاناً أي أفسدتُه ، قال : وأضرح فلانٌ السُّوقَ حتى ضَرَحَتْ ضُرُوحاً وضَرْحاً أي أكسَدَها حتى كَسَدَت.

قال : وبيني وبينهم ضَرْح أي تباعُد وَوَحْشَة ، وقال : ضارَحْتُه ورَامَيْته وسابَبْتُه واحدٌ.

وقال أبو عُبَيد : الأجْدل ، والمَضرَحيّ ، والصَّقر ، والقَطَامِيّ واحد.

وقال غيره : رجل مَضْرَحيّ : عَتِيقُ النِّجار.

١٢٢

وقال عرّامٌ : نِيّة ضَرَح وطَرَح أي بعيدة.

وقال غيره : ضَرَحه وطَرَحه بمعنى واحد ، وقيل : نِيّة تَرَح ونَفَح وطَوَح وضَرَح ومَصَح وطَمَح وطَرَح أي بعيدة ، في «نوادر الأعراب».

رضح : الليث : الرّضْحُ : رَضْحُك النَّوَى بالمِرْضاح أي بالحَجَر ، وقلَّما يُقال بالحاء ، والخاء لغة فيه ، وأنشد :

خَبَطْناهُم بِكُلِّ أرَحَّ لأْمٍ

كمِرْضاح النَّوى عَبْلٍ وَقاحِ

والرّضِيح : النَّوَى المَرْضوح

ح ض ل

استعمل من وجوهه : حضل ، ضحل.

ضحل : قال الليث : الضّحْل : الماء القريب القعر : هو الضَّحْضاحُ إلّا أنّ الضَّحْضاح أعمُّ منه. لأنه فيما قلّ منه أو كَثُر.

قال : وأَتانُ الضَّحْل : الصخرة بعضها غمرَه الماءُ ، وبعضها ظاهر.

والمَضْحَل : مكان يقل فيه الماء من الضَّحْل ، وبه يُشَبَّه السّرابُ.

وقال رُؤْبَة :

* يَنْسُجُ عُذْراناً على مَضاحِلَا*

وقال أبو عُبَيد : الضَّحْل : الماء القليل يكون في الغدير وغيره ، وهو الضَّحْضاحُ.

وقال غيره : يقال : إنّ خيرَك لضَحْل أي قَلِيل ، وما أَضْحَل خَيْرَك أي ما أَقَلّه.

وقال شمر : غَدِير ضاحِل ، إذا رَقّ ماؤُه فذهب ، والضَّحْل يكون في البحر والبِئْرِ والعَيْن وغيرها.

حضل : قال الليث : يقال للنَّخْلة إذا فسد أصول سَعَفِها قد حَضِلَت وحَظِلَت بالضاد والظَّاء. قال : وصلاحها أن تُشْعَل النارُ في كَرَبِها حتى يحترق ما فسد من لِيفها وسَعفها ثم تجودُ بعد ذلك.

ح ض ن

استعمل من وجوهه : حضن ، نضح ، نحض.

حضن : قال الليث : الحِضْن : ما دون الإبْطِ إلى الكَشْح ، ومنه الاحتضان وهو احتمالُك الشيء وجعلُه في حِضْنك ، كما تَحْتَضن المرأةُ ولدَها فتحتمله في أحد شِقَّيْها. والمُحْتَضَن : الحِضْن ، وأنشد للأَعْشى.

عَرِيضةُ بُوصٍ إذا أَدْبرت

هضيمُ الحشا شَخْتَةُ المُحْتَضَنْ

وحِضْنا الجبل : ناحيتاه ، وحِضْنا الرجل : جَنْباه.

وقال أبو عُبَيد : قال الأصمعي : حِضْنُ الجَبَل وحُضْنُه : ما أطاف به.

قال : وقال أبو عمرو : الحُضْنُ : أصل الجبل.

وقال الليث : الحَضانة : مصدر الحاضِن والحاضنة ، وهما المُوَكّلان بالصّبي يرفعانه ويُربِّيانه. قال : ناحيتا الفلاة : حِضْناها ، وأنشد :

* أَجَزْتُ حِضْنَيْه هِبَلًّا وَغْبَا*

هِبَلًّا : جَمَلاً ثقيلا. قال : والحِضان : أن تَقْصر إحدى طُبْيَى العَنْز وتطول الأخرى جداً فهي عَنْز حَضون.

١٢٣

وقال أبو عُبَيْد : قال أبو زيد والكسائي : الحَضون من المِعْزَى : التي قد ذهب أحد طُبْيَيْها ، والاسم الحِضان.

وقال الليث : الحمامة تحضُن على بيضها حُضوناً إذا رجَنَتْ عليه للتَّفريخ فيه حاضن هكذا يقال بغير هاء.

ويقال للأثافي : سُفْعٌ حواضِنُ أي جواثِمُ وقال النابغة :

* وسُفْعٌ على ما بينهن حواضِن *

يعني الأثافيّ والرماد.

قال والمحَاضِن : المواضع التي تحضُن فيها الحمامة على بيضها ، والواحد مِحْضَن.

قال : والمِحْضَنَة : المَعْمُولَة من الطِّين للحمامة كالقصعة الرَّوحاء.

وقال أبو عمرو : الحاضنة : النخلة إذا كانت قصيرة العُذوق ، قال : فإذا كانت طويلة العُذوق فهي بائِنة ، وأنشد :

من كل بائنةٍ تُبِينُ عُذُوقَها

منها وحاضنةٍ لها مِيقار

وقال الليث : يقال : احْتَجَنَ فلان بأمر دوني ، واحتضنني منه أي أخرجني منه في ناحية.

وقال الليث : جاء في الحديث أن بعض الأنصار قال يوم بُويع أبو بكر : تُرِيدون أن تُحْضِنُونا من هذا الأمر.

قلت : هكذا وجدته في كتاب الليث : أَحْضَنني بالألف ، والصواب حَضَنَني ، وفي حديث ابن مسعود حين أوصى فقال : ولا تُحْضَن زَيْنَبُ امرأتُه عن ذلك ، يعني عن النَّظر في وصيّته وإنفاذها.

قال أبو عُبَيد : لا تُحْضَن : لا تُحْجَب عنه ولا يُقطع أمرٌ دونها. يقال : حضنتُ الرجلَ عن الشيء إذا اخْتَزَلْتَه دونه. قال : ومنه حديث عُمَرَ يوم أتى سَقيفَة بني ساعِدَة للبَيْعة قال : فإذا إخواننا من الأنصار يُرِيدون أن يَخْتَزِلوا الأمرَ دوننا ويَحْضُنونا عنه. هكذا رواه ابن جَبَلَة وعليّ بن عبد العزيز عن أبي عُبَيد بفتح اليَاءِ وهذا خلاف ما رواه الليث ، لأن الليث جعل هذا الكلام للأنصار ، وجاء به أبو عُبَيْد لعُمَر وهو الصحيح وعليه الروايات التي دار الحديث عليها.

وقال أبو عُبَيد : قال أبو زيد : أَحْضَنْتُ بالرّجُل إحْضانا وأَلْهَدت به إلهاداً أي أَزْرَيْتُ به.

أبو عُبَيد عن الكسائي : حَضَنْتُ فلاناً عمّا يُرِيد أَحْضُنُه وحَضَانَةً ، واحتَضَنْتُه عنه إذا منعتَه عمّا يُرِيد.

وقال ابن السّكّيت : حضن الطائر بيضه يحضنه حضناً.

وحَضَنَ : اسم جَبَل بأعلى نَجْد ، ومنه المثل السائر : «أَنْجَدَ مَنْ رَأَى حَضَنا* وقال أبو عُبَيد : الحَضَنُ : ناب الفيل ، وقال غيره : الحَضَن : العاج.

وقال الليث : الأعْنُز الحَضَنِيَّات : ضَرْب منها شديد الحُمرة ، وضربٌ سود شديدة السَّواد ، قلت : كأنها نسبت إلى حَضَن ، وهو جبل بقُنّة نجدٍ معروف.

١٢٤

نضح : قال الليث : النّضْح كالنَّضْخ ربما اتّفقا وربما اختلفا ، ويقولون : النّضْخ : ما بقي له أثر كقولك : على ثوبِه نَضْخُ دم ، والعينُ تَنْضَح بالماء نَضْحاً إذا رأيتها تَنُور ، وكذلك تَنْضَخ العَيْن.

وقال أبو زيد : يقال : نَضَخَ عليه الماءُ يَنْضَخُ فهو ناضخ ، وفي الحديث «يَنْضَخُ البَحْرُ ساحِله * وقال الأصمعي : لا يُقال من الخاء فَعَلْتُ ، إنما يقال : أصابه نَضخٌ من كذا.

وقال أبو الهَيْثَم : قَوْلُ أبي زَيْد أَصَحُّ ، والقرآنُ يَدُلّ عليه ، قال الله جلّ وعزّ : (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) [الرَّحمن : ٦٦] فهذا يشهد به يقال : نضخ عليه الماء ، لأن العين النَّضّاخة هي الفَعّالة ، ولا يقال لها نَضّاخة حتى تكون ناضحة.

وقال ابن الفَرَج : سَمِعْت جماعة من قَيْس يقولون : النَّضْح والنَّضْخ واحد ، قال : وقال أبو زيد : نَضَحْتُه. ونَضختُه بمعنى واحد ، قال : وسمعتُ الغَنَوِيّ يقول : النَّضْح والنَّضْخ وهو فيما بان أَثَره وما رَقَّ بمعنى واحد.

قال : وقال الأصمعي : النَّضْخ : الذي ليس بينه فُرَج ، والنَّضْح أرقّ منه (١).

وقال ابن الأعرابي : النَّضح : ما نَضحْتَه بيدك مُعْتَمد ، والناقةُ تَنْضح ببولها ، والقِرْبة تَنضحُ ، والنَّضح مِن غير اعتماد : إذا مَرَّ فوطىء على مَاءٍ ، فَنَضَح عليه وهو لا يُريد ذلك ومنه نَضْحُ البَوْل في حديث إبراهيم. أنه لم يكن يَرَى بِنضْح البَوْل بأْساً.

قال : وقال أبو لَيْلى : النَّضْح والنَّضْخ : ما رَقَّ وثَخُن بمعنى واحد.

وقال اليزيديّ : نَضَحْناهم بالنَّبْل نَضْحا ، ونَضَخْناهم نَضْخاً وذلك إذا فَرَّقوها فيهم.

وقال شمر : يقال : نَضحْتُ الأديمَ : بَلَّلته ألّا يَنْكسِر ، وقال الكُمَيْت :

نَضحْتُ أَدِيمَ الوُدِّ بيني وبينكم

بآصِرَة الأرْحام لو يَتَبلَّلُ

نَضحْت أي وصلتُ.

قال : وقد قالوا في نَضْح المطر بالحاء والخاء. والنّاضحُ : المطر ، وقد نضحْتنا السماءُ. والنَّضْحُ أَمْثَل من الطّلّ ، وهو قَطْر بين قَطْرَيْن ، قال : ويقال لكل شيء يتحلب من عرق أو ماءٍ أو بول يَنْضَح ، وأنشد :

* يَنْضَحْن في حافاته بالأبوالِ*

وقال : عيناه تنضحان.

وقال : النَّضْح يَدْعُوه الهَمَلَان ، وهو أَنْ تمتلىء العين دمعاً ثم تَنفضخ هَمَلَاناً لا ينقطع ، والجَرَّة تَنْضح ونَضَحَت ذِفْرَى البَعير بالعَرَق نَضْحاً ونَضخاً ، وقال القطامي :

حَرَجاً كأن من الكُحَيْلِ صُبابةً

نَضَحَت مَغابِنُها به نَضحَانا

__________________

(١) كذا في المطبوع ، وفي «اللسان» (٣ / ٤٥٨): «قال أبو زيد : قال الأصمعي : النضح الذي ليس بينه فرج ، والنضخ أرق منه».

١٢٥

قال : ورواه المُؤرّج : نُضِخَت.

وقال أبو عُبَيد : قال أبو عمرو : نَضحْتُ الرِّيّ بالضّاد.

وقال الأصمعي : فإن شَرِب حتى يَرْوَى ، قال : نَصحْتُ بالصّاد الرِّيّ نَصْحا ونَصعْت به ونَقَعت ، قال : والنَّضح والنَّشْح واحد : وهو أن يَشرب دون الرِّيّ.

وقال غيرهم : نضحوهم بالنَّبْل أي رَشقوهم ورمَوْهم.

ويقال : هو يُناضِح عن قومه وينافح عن قومه أي يذُب عنهم ، وأنشد :

* ولو بَلَا ، في مَحفِلٍ ، نِضَاحي *

أي ذَبيِّ ونَضْحِي عنه.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : نَضَحتُ الماء نضْحاً ، ونَضَح الرجلُ بالعرق مثله إذا عَرِقَ ، وقال الكِسَائي مثله.

وقال الأصمعي : نَضَح الشجرُ إذا تَفَطَّر بالنبات.

وقال أبو طالب بن عبد المطلب :

بُورِكَ الميِّت الغَريبُ كما بور

ك نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيتُون

قال : والنَّضَح بفتح الضّاد : الحَوْضُ الصغير وجمعه أنضَاح : قُلْتُ : ويُسمَّى نضيحاً أيضاً قاله أبو عُبَيد.

قال : والنّاضِحُ : البَعير الذي يَستَقِي الماء والأُنْثى ناضحة ، وفي الحديث «ما سُقي من الزَّرْع نَضْحاً ففيه نصفُ العُشْر» يريد ما سُقِي بالدِّلاء والغُروب والسَّواني ولم يُسْقَ فَتحاً.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن عَدَّ عشر خلال من السُّنّة ، وذكر فيها الانتضاح بالماء ، وهو أن يأخذ ماء قليلاً فَينْضَحَ به مذاكيره ومؤتَزَره بعد فراغه من الوضوء لينفي بذلك عنه الوَسْواس ، وهو في خبر آخر انتفاض الماء ومعناهما واحد.

والرجل يُرْمَى بأمر أو يُقْرَف بتهمة فَينْتَضِح منه أي يُظهر التبرُّؤ منه.

وقال الليث : النَّضِيح من الحُيَاض : ما قَرُب من البئر حتى يكون الإفراغ فيه من الدلو ويكون عظيماً ، وقال الأعْشى :

فَغَدَونا عليهم بكرةَ الوِرْ

دِ كما تُورِدُ النَّضيحَ الهِيامَا

قال : وإذا ابتدأ الدَّقيق في حب السُّنْبُل وهو رَطْب فقد نَضحَ وأَنْضح لغتان.

قال : والنَّضُوح : الطِّيبُ.

الحَرّاني عن ابن السكيت : النَّضوحُ : الوَجور في أَيِّ الفم كان ، وقال أبو النَّجم يصف راميا :

* أنْحى شِمَالا هَمَزَى نَضُوحا*

أي مَدَّ شِماله في القوس هَمَزى يعني القوس أنها شديدة.

والنَّضوح أيضاً من أسماء القَوْس كأنها تَنْضَحُ بالنّبْل.

والنَّضَّاحة : الآلة التي تُسَوَّى من النُّحاس أو الصُّفْر للنِّفْط وزَرْقه.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : المِنْضحة والمِنْضخة بالحاء والخاء : الزَّرّاقَةُ. قلت : وهي عند عوام الناس النَّضاحة ومعناهما واحد.

قال ابن الفرج : سمعت شُجاعاً السُّلَمي

١٢٦

يقول : أمضَحْتُ عِرْضي وأَنضَحته إذا أفْسَدْته ، وقال خليفة : أَمضَحْتُه إذا أَنْهَبْته الناس.

وقال شُجاع : مَضَح عن الرجل ، ونَضَح عنه ، وذَبَّ عنه بمعنى واحد.

نحض : قال ابن المُظَفِّر : النَّحْض : اللَّحمُ نفسه ، والقطعة الضخمة منه تسمى نَحْضة.

ورجل نَحِيض وامرأة نَحِيضة ، وقد نَحُضا ، ونحَاضَتُهما : كثرة لحمهما ، فإذا قلت : نُحِضت المرأة فمعناه ذهاب لحمها وهي مَنْحوضة ونَحِيض.

وقال ابن السكيت : النَّحِيضُ من الأضداد يكون الكثيرَ اللحمِ ، ويكون القليلَ اللحم كأنه نُحِض نَحضاً.

وقال أبو عُبَيد وغيره : نَحضْتُ السِّنان فهو منحوض ونَحِيض إذا رَقَّقْته وأنشد :

كموْقِفِ الأشْقَرِ إن تقدَّما

باشَرَ منْحُوض السنَان لَهْذَما

وقال امرؤ القيس :

يُبَارى شَباةَ الرُّمْح خَدٌّ مُذَلَّق

كحد السِّنان الصُّلَّبِيِ النَّحِيضِ

وقال غيره : يقال : نَحَضْت العظم أَنْحَضَه نَحْضاً إذا أخذتَ اللحم الذي عليه عنه.

ونَحضْتُ فلاناً إذا أَلْححْت عليه في السؤال.

ونَحضْت السنان إذا رقَّقْته وأَحدَدْته.

ح ض ف

استعمل من وجوهها : حفض ، فضح.

فضح : قال الليث : الفَضْحُ : فعل مجاوز من الفاضح إلى المفضوح ، والاسم الفضيحة ، ويقال للمُفْتَضِح يا فضوح ، وقال الراجز :

قومٌ إذا ما رَهِبوا الفَضائحا

على النساء لَبِسوا الصَّفائحَا

قال : والفُضْحَة : غُبْرة في طُحْلة يخالِطَها لونٌ قبيح ، يكون في ألوان الإبل والحمام ، والنعت أفضح وفَضحاء والفعل فَضِح يَفْضَح فَضَحاً ، فهو أفْضح.

وأَفضح البُسْر إذا بدت فيه الحمرة.

قال أبو عُبَيد : يقال : أَفضَح النخل إذا احْمَرَّ أو اصْفَرّ.

وقال أبو ذُؤَيْب الهُذَليّ :

يا هَلْ أُريكَ حُمُولَ الحَيِّ عادِيَةً

كالنَّخْل زيَّنَها يَنْعٌ وإفضاحُ

وقال أبو عمْرو : سألت أعرابيّاً عن الأفَضَح فقال : هو لونُ اللحمِ المَطْبُوخ : أبو عُبَيد عن أبي عمرو : الأفْضَح : الأبيض وليس بشديد البياض ، ومنه قول ابن مُقْبل يصف السحاب :

* أَجَشُّ سِمَاكِيٌّ من الوَبْل أفضَحُ *

وقال غيره : يقال للنائم وقْتَ الصباح : فَضَحَك الصُّبح فَقُم ، معناه أن الصَّبحَ قد استنارَ وتَبَيَّن حتى بيَّنك لمَنْ يراك وشَهَّرك ، وقد يقال : فصَحَك الصبح بالصاد ومعناهما متقارب.

وسُئِل بعض الفقهاء عن فَضِيخ البُسر ، فقال : ليس بالفَضِيخ ، ولكنه الفَضُوح ، أراد أنه يُسْكِر فيَفْضَح شاربه إذا سَكِر منه. والفضيحة اسم من هذا لكل أمر سِيِّىء

١٢٧

يَشْهَر صاحِبَه بما يسوءُ. ويقال : افتضح الرجل افتضاحاً إذا ركب أمراً سَيِّئاً فاشْتَهَرَ به.

حفض : قال ابن المُظَفَّر : الحَفَضُ : قالوا : هو القَعود بما عليه : وقال آخر : بل الحَفَضُ كل جُوالِق فيه متاع القوم.

أبو عُبَيد عن أبي عمرو : الحَفَض : متاع البيت ، قال غيره : فسُمِّي البعيرُ الذي يحمله حَفَضاً به ، ومنه قولُ عَمْرو بن كُلْثُوم :

ونحنُ إذ عِمادُ الحَيّ خَرّتْ

على الأَحْفاض نمنع ما يَلِينا

فهي هاهنا الإبل ، وإنما هي ما عليها من الأحمال.

الحرّاني عن ابن السكيت قال : الْحَفْض : مصدر حَفَضْتُ العُودَ أحفِضُه حَفْضاً إذا حنيته وأنشد :

* إما تَرَى دَهْراً حَنَاني حَفْضَا*

قال : والحَفَض : البعير الذي يحمل خُرْثِيَّ المتاع ، والجميع أَحْفَاض ، وأنشد :

* يا ابن القُرُومِ لَسْن بالأَحْفاض *

قال : والحَفَض أيضاً : متاع البيت ، ورُوِي بيتُ عَمْرو بن كُلْثُوم :

ونحنُ إذا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّت

على الأحفاض نَمنع مَنْ يَلِينا

أي خَرَّت الأحفاض عن الإبل التي تحمل خُرْثيّ المَتاع ، فَيُقال : خَرّت العُمُد على الأحْفَاض أي خَرَّت على المتاع ، ومن رواه خَرَّت عن الأَحْفَاضِ أراد خَرَّت عن الإبل هكذا قال ابن السكيت.

وقال شمر : حَفّضتُ الشيء وحَفَضْتُه إذا أَلْقَيْتَه ، وقال في قول رؤبة :

* ... حَنَانِي حَفْضَا*

أي أَلْقَانِي ، ومنه قول أُمَيَّة :

وحُفِّضَتِ النُّذُورُ وأردَفَتْهُم

فُضُولُ الله وانْتَهَت القُسوم

قال : القُسومُ : الأيْمان ، والبيت في صفة الجَنَّة ، قال : وحُفِّضَتْ : طُومِنَت وطُرِحَت ، قال : وكذلك قول رؤبة :

* ... حَنَانِي حَفْضَا*

أي طامَن مِنِّي ، قال رواه بعضهم : حُفّضت البُدُور ، قال شمر : والصواب النُّذُور.

فقال شمر : وقال ابن الأعرابي : الحَفَضُ : قُماش البيت وَرَدِيء المتاع ورُذاله ، والذي يُحْمَل عليه ذلك من الإبل حَفَضَ ، ولا يكاد يكون ذلك إلا رُذال الإبل.

قال : ويقال : نِعْمَ حَفَضُ العِلْم هذا أي حاملُه : قال شمر : وقال يونس. رَبِيعةُ كلها تجعل الحَفَض : البَعيرَ ، وقيس تجعل الحَفَض : المَتاعَ.

قال شمر : وبلغني عن ابن الأعرابي أنه قال يوماً وقد اجتمع عنده جماعة فقال : هؤلاء أَحفاضُ علم ، وإنما أخِذ من الإبل الصغار ، يقال : إبِل أَحفاض : ضعيفة. ومن أمثال العرب السائرة : «يَوْمٌ بِيَوْمِ الحَفَضِ المُجَوَّر» يضرب للمُجازاة بالسوء ، والمُجَوَّرُ : المُطَرَّح. والأصل في

١٢٨

هذا المثل أن رجلاً كان بنُو أخيه يُؤْذُونَه ، فدخلوا بَيْته وقلبوا مَتاعه ، فلما أدرك بنوه صنعوا بأخيه مثل ذلك ، فشكاهم ، فقال : يَومٌ بِيَوْمِ الحَفَض المُجَوّر.

وفي «النوادر» : حَفَّضَ الله عَنْه ، وحَبَّضَ عَنْه أي سَبَّخَ عنه وخَفَّفَ.

ح ض ب

استعمل من وجوهها : حبض ، حضب ، ضبح.

ضبح : قال الليث : ضبحتُ العودَ في النار إذا أَحْرَقْت من أعاليه شيئاً ، وكذلك حِجارةُ القدّاحة إذا طلعت كأنها مُتَحَرِّقة مَضبُوحة ، وقال رؤبة :

* والمَرْوَذَا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ*

الحرّاني عن ابن السكيت : ضَبَحَتْه الشمسُ وضَبَتْه إذا غَيَّرت لَوْنَه ولَوَّحته ، وكذلك النار ، وأنشد :

عُلِّقْتُها قبل انْضباح لَوْني

وجُبْتُ لَمَّاعاً بعيدَ البَوْنِ

قال : الانْضِباح : تَغَيُّر اللون.

وقال الليث : الضُّباحُ : صَوْتُ الثَّعالِب وقال ذو الرُّمّة :

سَبَارِيتُ يَخْلُو سَمْعُ مُجْتَازِ رَكْبها

من الصوت إلا من ضُباحِ الثّعالبِ

قال : والهام تَضْبَحُ أيضاً ضُباحا ، ومنه قول العَجَّاج :

* من ضابِح الهام وبُومٍ بَوَّامِ*

وقال الله جلّ وعزّ : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) [العَاديَات : ١]. قال بعضهم : يعني الْخَيْل تَضْبَح في عَدْوها ضَبْحاً تسمع من أفواهها صوتاً ليس بِصَهِيل ولا حَمْحَمة. وقال الفرّاء فيما روى سَلَمة عنه : الضّبح : أصوات أنفاس الخيل إذا عَدَوْن ، وكان ابن عبّاس يقول : هي الخَيْلُ تَضْبَح ، وكان عَلِيٌّ يجعل (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) الإبِلَ.

وقال بعض أهل اللغة : مَنْ جعلها الإبل جعل ضَبْحاً بمعنى ضَبْعاً ، يقال : ضبحت الناقة في سيرها ، وضَبَعَت إذا مَدّتْ ضَبْعَيْها في السَّير.

وقال أبو إسحاق : ضَبْح الخَيْلِ وصَوْتُ أجوافها إذا عَدت.

وقال أبو عُبَيدة : ضَبَحَت الخيلُ وضَبَعَت إذا عَدَتْ وهو السَّيْر ، وقال في «كتاب الخيل» : هو أن يَمُدَّ الفَرَسُ ضَبْعيه إذا عَدَا حتى كأنه على الأرض طُولاً ، يقال :

ضَبَحَتْ وضَبَعَتْ ، وأنشد :

* إنّ الجِيادَ الضَّابِحَاتِ في الغَدَرْ*

أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة قال : الضَّبْح : الرَّماد ، قلتُ : أصله من ضَبَحته النَّارُ.

حضب : قال ابن المظفّر : قرأ بعض القرّاء : (حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٩٨] ، وأنشد :

فلا تَكُ في حَربنا مِحْضَباً

فتَجْعَلَ قومَك شَتّى شُعُوبا

وقال الفرّاء : روي عن ابن عباس أَنَّه قال : (حَضَب جَهَنّم) مَنْقُوطة ، قال : وكل ما هَيَّجْتَ به النار أو أَوقَدْتها به فهو حَضَب.

وقال الكسائي : حَضَبتُ النارَ إذا خَبَتْ فألقيتَ عليها الحَطَب لتَقِد.

١٢٩

وقال الفرّاء : هو المَحْضَب والمحْضَأ والمِحْضَجُ والمِسْعر بمعنى واحد.

وحكى ابن دريد عن أبي حاتم أنه قال : تُسمّى المِقْلَى المِحْضَب.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أحضاب الجَبل : جَوَانِبه ، واحدها حِضْب ، وهو سَفْحُه.

أبو عُبَيد عن أبي عمرو : الحِضْبُ : صوت القَوْسِ وجمعه أَحْضابٌ.

وقال شَمِر : يقال : حِضْب وحَبْض ، وهو صَوْتُ القوس وجمعه أحضاب قال : والحِضْب : الحيّة ، وقال رُؤْبَة :

* جَاءَتْ تَصَدَّى خَوْفَ حِضْبِ الاحْضاب *

وقال في كتابه في «الحَيّات» : الحِضْب : الضَّخم من الحَيَّات الذَّكر ، وقال : كل ذكر من الحَيَّات حِضْب مثل الأسود والحُفَّاثِ ونحوها ، وقال رؤبة :

وقد تَطَوَّيْتُ انْطِوَاء الحِضْبِ

بَيْنَ قَتَادِ رَدْهَةٍ وشِقْبِ

أبو العَباس عن سَلَمة عن الفرّاء قال : الحَضْب بالفتح : سُرعة أَخْذِ الطَّرْقِ الرَّهْدَنَ إذا نَقَرَ الحَبَّةَ. الطَّرقُ : الفَخّ ، والرَّهْدَنُ : العُصْفُورُ إذا نَقَر الحَبَّة.

قال : والحَضْب أيضاً : انقلاب الْحَبْل حتى يسقط. والحَضْبُ أيضاً : دخول الحَبْل بين القَعْو والبَكْرة ، وهو مثل المَرَس ، تقول : حَضِبَت البَكْرَةُ ومَرِسَت ، وتأْمُر فتقول : أَحْضِبْ بمعنى أَمْرِس أي رُدَّ الحَبْل إلى مجراه.

حبض : قال الليث : حَبَض القلبُ فهو يَحْبِض حَبْضاً أي يضرب ضَرَباناً شديداً ، وكذلك العِرْق يَحْبِض ثم يَسْكن ، وهو أشدُّ من النَّبْض ، قال : وتَمُدّ الوتَر ثم ترسله فيحبض ، والسهمُ إذا ما وقع بالرّميّة وَقْعاً غير شديد ، يقال : حَبِضَ السَّهْمُ ، وأنشد :

* والنَّبْلُ يَهْوِي خطأً وحَبْضا*

قال : ويقال : أصاب القومَ داهية من حَبَضِ الدهر.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : الحابِضُ من السّهام : الذي يقع بين يدي الرّامي.

وقال أبو زيد مِثْلَه ، قلت : وهذا هو الصواب ، فأمَّا ما قاله الليث : إن الحابِضَ الذي يقع بالرّمِيّة وقْعاً غير شديد فليس بصواب.

وجعل ابنُ مقبل المحابِضَ أوتارَ العود في قوله يذكر مُغَنِّيَة تحرك أوتار العُودِ مع غِنائها :

فُضُلاً يُنَازِعُها المحابضُ

رجعَها بِأَحَذَّ لا قَطِعٍ ولا مِصْحالِ

قال أبو عمرو : المحابِضُ : الأوتار في هذا البيت.

وقال ابنُ مُقْبِل أيضاً في محابض العسل :

كأنّ أصواتَها من حيث تَسْمَعُها

صَوْتُ المحابِض يَنْزِعْن المَحارِينا

قال الأصمعي : المحابِضُ : المَشاوِرُ ، وهي عِيدان يُشَارُ بها العَسَل. وقال الشَّنفَري :

أو الخَشْرَمُ المَبْثُوثُ حَثْحَث دَبْرَه

محابيضُ أَرْساهنَّ شارٍ مُعَسِّلُ

أراد بالشّاري الشّائرَ فَقَلَبه ، والمحارين : ما تساقط من الدَّبْر في العسل فمات فيه.

١٣٠

أبو عُبَيد عن أصحابه : أحبَضْتُ حَقَّه إِحْباضاً أي أبطَلْته فحبَضَ حُبُوضاً. أي بَطَل وذهب.

شَمِر : ما له حَبْضٌ ولا نَبْض أي حَرَكة.

قال : ويقال : الحبْضُ : حَبْضُ الحياة ، والنَّبْضُ : نَبْضُ العِرْق.

وروى أبو عُبَيد عن الأحمر في باب الإتباع : (ما به حَبَض ولا نَبَض) محرّك الباء أي ما يتحرك ، وكذلك قال ابن السكيت : ما به حَبَضٌ ولا نَبَضٌ أي ما به حَرَاك ، والقياس ما قاله شَمِر.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : حَبَض ماءُ الرَكِيَّة إذا انحدَرَ ونقص قال أبو زيد : ومنه يقال : حَبَضَ حَقُّ الرجل إذا بَطَل.

وقال ابن الفَرَج : قال أبو عمرو : الإحْباضُ : أن يكُدّ الرجل رَكِيَّتَه فلا يَدَعُ فيها ماء ، قال : والإحباط : أن يذهب ماؤُها فلا يعود كما كان ، قال وسألت الحُصَيْنيّ عنه ، فقال : هما بمعنى واحد.

ح ض م

استعمل منه : حمض ، مضح ، محض.

حمض : قال الليث : الْحمْضُ كلُّ نباتٍ لا يَهيجُ في الرّبيع ويَبْقَى على القَيْظ ، وفيه مُلوحة إذا أكلت منه الإبل شَرِبَتْ عليه وإذا لم تجدْه رَقَّت وضَعُفَت.

ويقال : حَمَضَت الإبل تَحْمُضُ حُمُوضاً إذا رَعَت الحَمْض ، وهي إبل حوامض ، وقد أَحْمَضْناها ، وأنشد :

* قَرَيبَةٍ نُدْوَتُهُ من مَحْمَضِهْ *

أي من موضعه الذي يَحْمُض فيه ، قال : ومن الأعْرَابِ مَنْ يُسمِّي كلَّ نَبْتٍ فيه مُلُوَحة حَمْضاً.

قال : واللَّحْم : حَمْض الرجال.

وإذا حَوَّلْتَ رجلاً عن أَمْر يقال قد أَحْمَضْته ، وقال الطِّرِمَّاح :

لا يَنِي يُحْمِض العدُوّ وذو الخُلْ

لة يُشْفَى صَدَاه بالإحماضِ

وقال ابن السكيت : يقال : حَمَضَت الإبل فهي حامضة إذا كانت ترعى الخُلَّة ، وهو من النبت ما كان حُلْواً ، ثم صارت إلى الْحَمض ترعاه ، وهو ما كان من النبت مالحاً أو مِلْحاً وأَحْمَضْتها أنا. قال : فإذا كانت مقيمة في الحَمْض ، قيل إبل حَمِيضة ، وكذلك إبل واضعة وآركة : مقيمة في الحَمْض.

قال : وإبل زاهية : لا تَرَى الحَمْض وكذلك إبل عادية.

قلت : وشجر الحَمض كثير ، منها النّجِيل والرُّغْل ، والرّمث ، والخِذْراف ، والإخريطُ ، والهرْمُ ، والقُلّامُ.

والعرَب تقول : الخُلّة خُبْز الإبل ، والحَمْض فاكهتها.

وقال ابن السّكّيت في كتاب «المعاني» حَمَضتُها الإبل أي رَعَيْتُها الحَمْض ، وأَحمَضْتُها : صَيَّرتُها تأكل الحَمْض وقال الْجَعدِيُّ :

وكَلْباً ولَخْماً لم تَزَل مُنْذُ أَحمضت

بحَمضَتِنَا أَهْلَ الجَناب وخَيْبَرا

أي طردناهم ونفيناهم عن منازلهم إلى

١٣١

الجناب وخيبرا. قال : ومثله قولهم :

* جاءوا مُخِلّين فَلَاقَوْا حَمْضَا*

أي جاءوا يشتهون الشَّرَّ فوجدوا مَنْ شفاهم مِمّا بهم ، وقال رؤبة :

* ونُورِدُ المُستَوْرِدين الحَمْضا*

أي من أتانا يَطْلب عندنا شَرّاً شَفَيْناه من دائه ، وذلك أن الإبل إذا شَبِعت من الخُلَّة اشتهت الحَمْض.

وقال بعض الناس : إذا أتى الرجل المرأة في غير مأْتاها الذي يكون موضعا للولد فقد حَمَّض تحْميضاً ، كأنه تحوّل من خير المكانين إلى شرِّهما شَهْوَة معكُوسَة ، كفِعْل قوم لُوط الذين أهلكهم الله بحجارة من سجِّيل.

ويقال : قد أحمض القوم إِحْماضا إذا أفاضوا فيما يؤنِسهم من الحديث ، كما يقال : فلان فكِهٌ ومُتفكِّه : والحُمَّاض : بَقْلة بَرِّية تَنْبُتُ أيام الربيع في مَسايل الماء ، ولها ثمرةٌ حمراءُ ، وهي من ذكور البقول ، وقال رؤبة :

* كثَمَرِ الحُمّاضِ من هَفْت العَلَق*

ومَنابت الحُمّاض : الشُّعَيْبات وملاجىء الأُوْدِية وفيها حُموضَة ، وربما نَبَّتها الحاضِرَةُ في بساتينهم وسَقَوْها وربَّوها فلا تَهِيج وقت هَيْج البُقُول البَرِّيّة.

ويقال للذي في جوف الأُتْرُجِ حُمّاض ، والواحدة حُمّاضة.

ولَبن حامض ، وقد حَمُض يَحْمُض حُمُوضَةً فهو حامض وإنه لَشَدِيد الحَمض والحُموضَة.

وروى أبو عُبَيْد في كتابه حديثاً لبعض التابعين أنه قال : الأُذُنُ مجَّاجة وللنَّفْس حَمْضة.

قال أبو عُبَيد : المجَّاجة : التي تَمُجُّ ما تسمع ، يَعْني أنها تُلْقيه ولا تَعِيه إذا وُعِظت بشيء أو نُهِيت عنه ، وقوله : وللنّفس حَمْضة ، أراد بالحَمْضة الشَّهوَة ، أُخِذت من شهوة الإبل للحَمْض إذا ملَّت الخُلَّة.

قلت : والمعنى أن الآذان لا تَعِي كُلّ ما تسمعه ، وهي مع ذلك ذات شهوة لما تَسْتَطْرِفُه من غرائب الحديث ونوادر الكلام.

وحَمْضٌ : ماء معروف لبني تميم.

وحُمَيْضة : اسم رجل مشهور من بني عامر بن صَعْصَعَة : وقال ابن شُمَيل : أرض حَمِيضَةٌ أي كثيرةُ أَحَمْض من الرِّمْتِ وغيره ، وقد أحْمَض القومُ إذا أصابُوا حَمْضاً ، ووطِئْنَا حُموضاً من الأرض أي ذَوات حَمْض ، قال : والملُوحَة تُسَمّى الحمُوضة.

محض : قال الليث : المَحضُ : اللبنُ الخالص بلا رَغْوة ، وكلّ شيء خَلَص حتى لا يَشُوبة شيء يُخَالِطه فهو مَحْضٌ.

ورجل مَمْحُوض الضَّرِيبة أي مُخَلَّص.

قلت : كلام العرب : رجل مَمْحوص الضَّرِيبة بالصاد إذا كان مُنَقَّحاً مُهَذَّباً ، ويقال : فِضَّة مَحْضةٌ ، فإذا قلتَ : هذه الفِضَّة مَحْضاً ، قلتَه بالنصب اعْتماداً على

١٣٢

المَصْدَر.

وقال أبو عُبَيْد : قال غير واحد : هو عَرَبيّ مَحْض ، وامرأة عربيّة مَحْضة ومَحْض ، وبَحتٌ وبَحْتَة ، وقَلْب وقَلبة ، وإن شئت ثَنَّيتَ وجَمَعْت.

قال أبو عُبَيد : وقال أبو زَيد : أمحضتُه الحديث إمْحاضاً أي صَدَقْتُه ، وكذلك أمْحضتُه النصح ، وأنشد :

قل للغواني أمَا فيكُنَّ فاتِكةٌ

تَعْلُو اللئيمَ بضَرْبٍ فيه إِمْحَاضُ

وروى ابن هانىء عنه : أمْحَضْتُ له النُّصْح إذا أَخْلَصْته ، قلت : وقد قال غيره : مَحْضتُك نُصحي بغير ألف ، ومَحَضْتُك مَوَدَّتي ، ويقال : مَحَضتُ فلاناً إذا سَقَيْتَه لبناً محضاً لا ماء فيه ، وقد امتحضه شاربُه ، ومنه قول الرّاجز :

* فامْتَحَضا وسَقَّياني ضَيْحَا*

مضح : قال الليث : يقال : مَضَح الرجلُ عِرْض فلان وأَمْضَحَه إذا شانه وعابه. أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة : مَضح الرجل عِرضه وأمْضحه إذا شانه ، وقال الفَرَزْدق :

وأمضحتِ عِرضي في الحياة وشِنْتِني

وأوْقَدْتِ لي ناراً بكل مكان

وأنشدنا أبو عمرو :

لا تمْضَحَن عِرضي فإني ماضِحُ

عِرضَك إن شاتَمتني وقادِحُ

في ساقِ مَنْ شاتمنِي وجارحُ

وفي «نوادر الأعراب» : مَضَحَت الإبل ونضحت ورفَضَت إذا انتشرت. ومَضحت الشمس ونضَحَت إذا انتشر شُعاعها على الأرْض.

أبواب الحاء والصاد

(ح ص س) ، (ح ص ز) ، (ح ص ط): أهملت وجوهها.

ح ص د

استعمل من وجوهها : حصد ، صدح ، دحص.

حصد : قال الليث : الحَصْد : جَزُّك البُرّ ونحوه من النَّبات ، وقَتْلُ الناس حَصْدٌ أيضاً ، قال الله جلّ وعزّ : (حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) [الأنبيَاء : ١٥] هؤلاء قوم قتلوا رسولا بُعِث إليهم فعاقبهم الله وقتلهم مَلِكٌ من ملوك الأعاجم ، فقال الله جلّ وعزّ : (حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) أي كالزرع المحصود. وقال الأعشى :

قالوا البقِيَّةَ والهِنْديُ يَحْصُدُهم

ولا بقيَّة إلا الثَّارُ فانكَشَفوا

قال : والحَصِيدة : المزرعة إذا حُصِدت كلّها ، والجميع الحصائد ، وأحصدَ البُرُّ إذا أتى حَصادُه.

والحَصاد : اسم للبُرِّ المحصود بعدما يُحْصَد ، وأنشد :

إلى مُقْعَدات تَطْرَحُ الريحُ بالضُّحى

عليهن رَفْضاً من حَصادِ القُلاقل

قلت : وحَصاد كل شجرة : ثمرتها ، وحَصاد البقول البَرِّيَّة : ما تناثر مِنْ حِبتها عند هَيْجِها ـ والقُلاقِل : بقلة بَرِّية يُشْبِه حَبُّها حَبّ السِّمْسِم ، ولها أكمام كأكمامها ، وأراد بحصاد القُلاقل : ما تناثر منه بعد هَيْجه. وحصاد البَرْوَقِ : حَبَّة

١٣٣

سوداء ، ومنه قول ابن فَسْوة :

كأن حَصاد البَرْوَق الجَعْدِ جائِلٌ

بِذِفْرى عِفِرْناةٍ خلافَ المَعَذَّر

شبَّه ما يَقطُر من ذِفْراها إذا عَرِقت بحب البَرْوَق الذي جعله حصاده ، لأن ذلك العَرَق يتحبَّب فيقطُر أسوَد.

وقول الله جلّ وعزّ : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) [الأنعَام : ١٤١] يريد والله أعلم يوم حَصْدِه وجَزارِه ، يقال : حِصاد وحَصاد ، وجِزاز وجَزاز ، وجِداد وجَداد ، وقِطاف وقَطاف.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نهى عن حَصاد الليل وعن جَداده.

قال أبو عُبَيد : يقال : إنه إنما نهى عن ذلك ليلاً من أجل المساكين أنهم كانوا يَحْضُرُونه فَيتُصدَّقُ عليهم ، ومنه قوله : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) ، وإذا فُعِل ذلك ليلاً فهو فِرَارٌ من الصَّدقة ، ويقال : بل نُهِي عنه لمكان الهوامِّ ألا تصيب الناس إذا حَصَدوا ليلاً. قال أبو عُبَيد : والقول الأول أحبُّ إليّ.

وقول الله جلّ وعزّ : (وَحَبَ الْحَصِيدِ) [ق : ٩] قال الفرّاء : هذا مما أُضيف إلى نفسه ، وهو مثل قوله : (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) [الواقِعَة : ٩٥] ومثله قوله : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق : ١٦] والحبْلُ هو الوريد نفسه فأُضيف إلى نفسه ، لاختلاف لفظ الإسمين.

وقال الزَّجَّاج : نصب قولَه : (وَحَبَ الْحَصِيدِ) أي وأنبَتْنا فيها حَبَ الحَصِيد ، فجمع بذلك جميع ما يُقْتات من حَبِّ الحِنْطة والشعير وكلِّ ما حُصِد ، كأنه قال : وحَبَّ النبْتِ الحَصِيد.

وقال الليث : أراد حَبّ البُرّ المحصود.

وقولُ الزجّاج أصح لأنه أعَمّ.

وقال الليث : الحَصَدُ : مصدر الشيء الأَحْصَد ، وهو المُحْكم فَتْله وصَنْعته من الحبال والأوتار والدُّروع قال : ويقال للخَلْق الشديد أحْصَدُ مُحْصَد ، حَصِدٌ مُسْتَحْصِد ، وكذلك وَتر أَحْصَدُ : شديد الفَتْل. وقال الجعْدِيُّ :

* مِنْ نَزْعِ أَحْصدَ مُسْتَأْرِب*

أي شديد مُحكَم.

وقال آخر :

* خُلِقْتُ مشروراً مُمَرّاً مُحْصَدا*

قال : والدِّرْع الحَصْداء : المُحْكَمة ، قلت : ورأْي مُستحصِد : مُحْكَم. وقال لَبِيد :

وخَصْمٍ كَنادِي الجِنّ أَسْقَطْت شأوَهم

بمستحْصِدٍ ذي مِرَّة وضُرُوع

أي برأي مُحْكم وثيق ، والصُّرُوع والضُّرُوع : الضُّروب والقُوَى.

واستحصد أمْرُ القوم واستَحْصفَ إذا استحكم.

وقال الأصمعي : الْحَصادُ : نَبْتٌ له قَصَب يَنبَسِط في الأرض ، له وُرَيْقَه على طرف قَصَبه. وقال ذو الرمّة :

* قادَ الحَصادَ والنَّصِيَّ الأغْيَدَا*

شمر : الحَصْد : شجر ، وأنشد :

* فيه حُطامٌ مِن اليَنْبُوتِ والحَصَد*

١٣٤

ويروى : والخضد ، وهو ما تثنى وتكسر وخُضِد ، وفي الحديث : «وهل يَكُبُّ الناس على مناخِرهم في النارِ إلّا حَصائِدُ أَلْسنتهم.

قال أبو عُبَيد : أراد بالحصائد ما قالَتْه الألسنةُ ، شُبِّه بما يُحصد من الزرع إذا جُزَّ ، ويقال : أَحْصَد الزرعُ إذا آن حصاده : وحَصَدَه واحتصده بمعنى واحد واستحصَدَ الزرعُ وأَحصَدَ واحِد.

صدح : قال الليث : الصَّدْحُ : من شدة صوْتِ الدِّيك والغراب ونحوهما.

وقال أبو النجم :

* مُحَشرِجاً ومَرَّةً صَدُوحَا*

قال : القَيْنة الصادحةُ : المُغَنِّيَة.

وصَيْدح : اسم ناقة ذي الرّمّة ، وفيها يقول :

* فقلتُ : لِصَيْدَحَ انتَجِعي بِلَالاً*

شمر عن ابن الأعرابي قال : الصَّدَحُ : الأسوَدُ.

وقال ابن شميل : الصَّدَح أنشزُ من العُنَّاب قليلا وأشدُّ حُمْرة ، وحُمْرتُه تضرب إلى السواد.

وقال غيره : الصِّدْحَانُ : آكامٌ صغار صِلَابُ الحِجَارَةِ ، وَاحِدُها صَدَحٌ.

دحص : أهمله الليث ، وهو مستعمل ، يقال : دَحَصَتِ الذَّبِيحَةُ بِرِجْلَيْها عند الذَّبْح إذا فحصت. وقال علْقَمَة بن عَبْدة :

رغَا فَوْقَهُم سَقْبُ السَّمَاءِ فَدَاحِصٌ

بِشِكَّتِه لم يُسْتَلَبْ وسَلِيبُ

قال : أصابهم ما أصاب قوم ثَمُود حين عقروا الناقة فَرَغَا سَقْبُها ، وجعله سقب السَّماء. لأنه رُفِعَ إلى السماء لمَّا عُقِرَت أُمُّه.

والدَّاحِصُ : الذي يبحث بيديه ورجليه وهو يَجُودُ بنفسه كالمَذْبُوحِ.

[ح ص ت](١)

(ح ص ظ) ـ (ح ص ذ) ـ (ح ص ث): أهملت وجوهها.

ح ص ر

حصر ، حرص ، صرح ، صحر ، رصح : مستعملة.

حصر : قال الليث : الحَصَرُ : ضرْبٌ من العِيّ ، تقول : حَصِرَ فلانٌ فلم يقدر على الكلام ، وإذا ضَاقَ صدرُ المرء من أَمْرٍ قيل : حَصِرَ صَدْرُ المرء عن أمره يحصَر حَصَراً.

قال الله : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ) [النِّساء : ٩٠] معناه : ضَاقَت صُدُورَهُم عن قتالكم وقتال قومهم.

وقال الفرّاء في قوله : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) [النِّساء : ٩٠].

العرب تقول : أتاني فلانٌ ذَهَبَ عَقْلُه يريدون قَدْ ذَهَب عَقْلُه. قال : وسمع الكِسَائيُّ رجلاً يقول : فأصبحتُ نظرتُ إلى

__________________

(١) أهمله الليث. انظر «العين» (٣ / ١١٢ ، ١١٣).

١٣٥

ذات التَّنَانِير.

وقال الزَّجَّاجُ : جعل الفرّاء قوله حَصِرَتْ حَالاً ولا تكون حَالاً إلا بِقَدْ.

قال : وقال بعضهم : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) خَبَرٌ بعد خبر كأنه قال : (أَوْ جاؤُكُمْ) ، ثم أخبر بَعْدُ ، فقال : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ).

وقال أحمد بن يحيى : إذا أضمرتَ قد قَرُبَتْ من الحال وصارت كالاسم ، وبها قرأ من قرأ : (حَصِرَةً صُدُورُهُم).

وقال أبو زيد : ولا يكون جَاءَني القَوْمُ ضاقت صدورهم إلا أن تصله بواو أو بقد ، كأنك قلت : جاءني القَوْمُ وضَاقَت صُدُورُهم.

وقال غيره : كلّ من ضاق صَدْرُه بأمر فقد حَصِرَ ، ومنه قول لبيد :

* جرداءَ يَحْصَرُ دُونَها جُرَّامها*

يصف نخلةً طَالَتْ فحَصِرَ صَدْرُ صَارِمِ ثمرها حين نظر إلى أعاليها ، وضاق صَدْرُه أن رَقِيَ إليها لطولها.

وقال الليث : الْحَصرُ : اعتقال البَطْن ، وصاحبه محصور.

أبو عُبَيد عن الأصمعي واليزيدي : الحُصْرُ : من الغَائِط ، والأُسْرُ : من البَوْلِ. قال أبو عُبَيد : وقال الكسائي : حُصِرَ بغائطه ، وأُحْصِرَ.

وقال ابن بُزُرْج : يقال : للذي به الْحُصرِ محصور ، وقد حُصِرَ عليه بَوْلُه يُحْصَر حَصْراً أَشَدَّ الحَصْر ، وقد أخذه الحُصْرُ وأخذه الأُسْرُ شيء واحدٌ ، وهو أن يَمْسِك ببوله فلا يَبُول ، قال : ويقولون : حُصِرَ عليه بَولُه وخَلَاؤُه ، ورجل حَصِرٌ بالعَطَاء. قال : ويقال : قومٌ مُحْصَرون إذا حُوصِرُوا في حِصْنٍ وكذلك هم مُحْصَرُون في الحَجِّ. قال الله جلّ وعزّ : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) [البَقَرَة : ١٩٦] قال : ورجل حَصُورٌ إذا حُصِرَ عن النساء فلا يَسْتَطِيعُهنّ.

وقال الليث : الحِصَارُ : الموضع الذي يُحْصَر فيه الإنسان ، تقول : حَصَرُوه حَصْراً ، وحاصَرُوه وكذلك قال رؤبة :

* مِدْحَة مَحْصورٍ تَشَكَّى الحَصْرا*

قال : يعني بالمحصور : المحبوس ، قال : والإحْصَارُ : أن يُحْصَر الحاجُّ عن بلوغ المَنَاسِكِ بمرض أو نحوه.

قال : والحَصور : الذي لا أرَبَ له في النساء : والحَصورُ كالهَيُوب : المُحْجِمُ عن الشيء ، وأنشد :

* لا بالحَصُور ولا فيها بِسَوّار*

وقال غيرُه : أراد الحَصور البخيل هاهنا ، وقال الفرّاء : العرب تقول للذي يمنعه خوف أو مرض من الوصول إلى إتمام حَجِّه أو عُمْرته وكل ما لم يكن مقهوراً كالحَبْس والسِّجْنِ وأشباه ذلك.

يقال في المرض : قد أُحْصِر ، وفي الحبس إذا حَبَسه سلطان أو قاهِرٌ مانع قد حُصِر ، فهذا فَرْقٌ بينهما ، ولو نويْتَ بقهر السلطان أنها عِلَّة مانِعةٌ ، ولم تذهب إلى فعل الفاعل جاز لك أن تقول : قد أُحْصِر الرجلُ ، ولو قُلْت في أُحْصِر من الوجَع والمرض إن المرض حَصَره. أو الخَوْف

١٣٦

جاز أن يقول : حُصر ، قال : وقوله عَزَّ وَجَلٌ (وَسَيِّداً وَحَصُوراً) [آل عِمرَان : ٣٩] يقال : إنه المُحْصَر عن النساء لأنها عِلّة ، وليس بمحبوس فعلى هذا فابْنِ.

وأخْبَرني المنذري عن ابن فَهْم عن محمد بن سلّام عن يونس أنه قال : إذا رُدَّ الرجل عن وجه يريده فقد أُحْصِر. أبو عُبَيد عن أبي عُبَيْدة : حُصِر الرجلُ في الحَبْس ، وأُحْصِرَ في السفر من مَرَضٍ أو انقطاع به.

وقال ابن السكيت : يقال : أحَصَرَهُ المرضُ إذا منعه من السفر أو من حاجة يُريدُها ، وحَصَرَه العدُوّ إذا ضَيّق عليه فحُصِر أي ضاقَ صدرُه ، وقال أبو إسحاق النحويّ : الرِّواية عن أهل اللغة أن يُقال للَّذي يَمْنعُه الخوْف والمرض أُحْصِر ، قال : ويقال للمحبوس حُصِر ، قال : وإنما كان ذلك كذلك : لأن الرجل إذا امتنع من التصرف فقد حَصَر نفْسه ، فكأَن المرض أحْبَسه أي جعله يَحْبس نَفْسَه ، وقولك : حَصَرْتُه إنَّما هو حَبَسْتُه لا لأَنَّه حبَس نفسه فلا يجوز فيه أُحْصِر ، قلت : وقد صحَّت الرواية عن ابن عباس أنه قال : لا حَصْر إلا حصْر العدو فجعله بغير ألف جائزاً بمعنى قول الله جلّ وعزّ : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [البَقَرَة : ١٩٦] وقال الله جلّ وعزّ : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) [الإسرَاء : ٨].

قال أبو الحسن الأخْفَشُ : حَصِيراً أي مَحْبِساً ومَحْصِرا ، قال : ويقال للملك حَصِيرٌ لأنه محجوب.

والحَصيرُ : الجَنْبُ. قال : والحصيرُ : البساط الصغير من النبات. وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم في قول الله جلّ وعزّ : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) [الإسرَاء : ٨] ، قال : الحَصيرُ المَحْبِسُ : ثم ذَكَرَ نَحْواً من تفسير الأخفش.

الحرّاني عن ابن السكيت قال : الحَصيرُ : المَحْبِس ، ويقال : رجل حَصُور وحصيرٌ إذا كان ضَيِّقاً ، حكاهما لنا أبو عمرو ، قال : ويقال : قد حَصَرْتُ القومَ في مدينة بغير ألف ، وقد أحْصَرهُ المرضُ أي منعه من السفر ، قال : والحَصُور : الذي لا يأتي النِّسَاء ، وقال الليث في قوله عزوجل :

(وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) [الإسرَاء : ٨] يُفَسَّر على وجهين على أنهم يحصرون فيها.

قال : وحَصِيرُ الأرض : وجْهُهَا.

قال : والحَصِيرُ : سَفِيفَةٌ من بَرْدِيٍّ أَو أَسَل.

وقال القُتَيْبِيّ في تفسير قوله : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) [الإسرَاء : ٨] من حَصَرْتُه أي حَبَسْتُه ، فعيل بمعنى فاعل.

وقال الزجاج : حَصِيراً معناه حبْساً من حَصَرتُه أي حَبَسْتُه فهو محصور ، وهذا حصيرُه أي مَحْبسه.

قال : والْحَصيرُ : المنسوج : سُمِّي حصيراً لأنه حُصِرَت طاقاتُه بعضُها مع بعض ، وقال : والْجَنبُ يقال له الحصير ، لأن بعض الأضلاع مَحْصورٌ مع بعض. أبو عُبَيْد عن أبي عمرو قال : الحَصيرُ :

١٣٧

الْجَنبُ.

قال : وقال الأصمعي : الحَصِير : ما بين العِرْق الذي يظهر في جَنْب البعير والفرس معترضاً فما فوقه إلى مُنْقَطَعِ الْجَنْب. فهو الحَصير.

وقال شَمِر : الحَصيرُ : لحم ما بين الكَتِف إلى الخاصِرة.

أبو عُبَيد عن الكسائي : الحصور : الناقة الضّيِّقَةُ الإحليل ، وقد حَصُرت وأَحصَرَت.

قال : وقال الأصمعي : الحِصَارُ : حَقِيبَة تُلْقى على البعير ويرفع مؤخرها فيجعل كآخرة الرَّحْل ، ويُحْشَى مُقَدَّمُها فيكون كقادمة الرَّحل ، يقال منه : قد احتَصَرْتُ البعير احتِصاراً. وأما قول الهذلي :

وقالوا تَرَكْنا القومَ قد حَصَروا به

ولا غَرْوَ أن قَدْ كَانَ ثَمّ لَحِيمُ

قال معنى حَصَروا به أي أَحَاطُوا به.

وقال أبو سعيد : امرأةٌ حَصْراء أي رَتْقَاء. وقال الزَّجاج في قوله : (وَسَيِّداً وَحَصُوراً) [آل عِمرَان : ٣٩] أَي لا يأتي النساء ، وقيل له حَصُور : لأنه حُصِرَ عما يكون من الرجال.

قال : والحَصُورُ : الذي لا ينفق على الندامى ، وهم مِمَّن يُفَضِّلون الحَصور الذي يكتم السرّ في نفسه وهو الحَصِر ، وقال جرير :

ولقد تَسقَّطَني الوُشَاةُ فَصَادَفُوا

حَصِراً بِسِرِّك يا أُمَيْمَ ضَنِينَا

وأخبرني المنذري عن أبي العباس أنه قال : أصل الحَصْر والإحصار : المَنْعُ ، قال : وأَحصَرَه المرض ، وحُصِر في الحبْس أقوى من أُحصِر ، لأن القرآنَ جَاءَ بِهَا ، قال : وأحصَرْت الجَمل وحصَّرْتُه وَحَصَرْتُه : جعَلْتُ له حِصَاراً وهو كِسَاء يُجعَلُ حول سَنَامه.

قال : وقال ابن الأعرابي : أرض مَحْصُورَةٌ وَمَنْصورة ومَضْبُوطَة أي مَمْطُورَةٌ.

وقال شَمِر : يقال للناقة : إنها لَحَصِرة الشُّخْب نَشِبَةُ الدَّرِّ.

والحَصَرُ : نَشَبُ الدِّرَّة في العروق من خُبْثِ النَّفْس وكَرَاهَة الدِّرَّة.

ويقال للحِصار مِحْصَرَة للكساء حوْلَ السَّنَام.

صحر : قال الليث : الصحراء : الفَضَاءُ الواسع وأَصْحَرَ القومُ إذا بَرَزُوا إلى فَضَاءٍ لا يُوَارِيهم شيءٌ وجمعها الصَّحارَى والصَّحَارِي ، ولا يجمع على الصُّحْر لأنه ليس بنَعْت.

وحمارٌ أَصْحَرُ اللون ، وجمعه صُحْرٌ.

والصُّحْرَةُ : اسم اللَّوْنِ ، والصَّحَر المَصْدَر ، وهو لون غُبْرَة فيه حُمْرَةٌ خفيفةٌ إلى بياض قليل ، وقال ذو الرُّمَّة :

* صُحْرَ السَّرَابِيل في أحشائِهَا قَبَبُ*

قال : ورجل أَصْحَرُ ، وامرأة صَحْراءُ : في لونهما صُفْرَة.

ويقال للنبات إذا أخذت فيه الصُّفْرَةُ غير الخالصة قد اصحارَّ النبات ثم يهيجُ بَعْدُ فيَصْفَرُّ.

أبو عُبَيد عن الأصمعي قال : الأصْحَرُ نحوُ الأصْبَح ، والأنْثَى صَحْرَاء.

١٣٨

أبو عُبَيد عن أبي زَيْد : لَقِيتُه صَحْرَةَ بَحْرَةَ إذا لم يكن بَيْنَك وبينه شَيءٌ ، وقيل : لَمْ يُجْريا لأنهما إسمان جعلا إسماً واحداً.

وقال الليث : الصَّحِيرُ من صَوْت الحَمِير أشَدُّ من الصَّهيل في الخَيْل ، يقال : صَحَرَ يَصْحَرُ صَحِيراً.

ابن السِّكّيت عن أبي عمرو : الصَّحِيرَةُ : لَبَنٌ حليبٌ يُغْلَى ، ثم يُصَبُّ عليه السَّمنُ فَيُشْرَبُ.

وقال الكِلَابيُّ : الصَّحيرةُ : اللبَنُ الحليبُ يُسَخَّنُ ، ثم يُذَرُّ عليه الدقيق ويُتَحَسَّى.

وقال غَنِيَّةُ : الصَّحيرَةُ : الحَليب يَصْحَر ، وهو أن يُلْقَى فيه الرَّضْفُ أو يجعلَ في القِدْر فيُغْلَى به فَوْرٌ واحدٌ حتى يحتَرِق.

قال : والاحْتِراقُ : قَبّلَ الغَلْي.

وقالت أُمُّ سَلَمَة لعائشةَ : سكَّنَ الله عُقَيْرَاكِ فلا تُصْحِريه ، معناه لا تُبْرِزيه إلى الصَّحْراء.

وقال الأصمعي : الصّحْرَةُ : جَوْبَةٌ تَنْفَتِقُ بينَ جِبَال.

وروى عنه أبو عُبَيد : الصُّحْرةُ تَنْجَابُ في الحَرَّة تكون أيضاً ليّنة تُطِيفُ بها حجارة.

وقال أبو ذَؤَيْب :

* أَتِيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ*

وقال ابن شُمَيْل : الصحراء من الأرض : مِثْلُ ظهر الدَّابة الأجْرَد ، ليس بها شَجَرٌ ولا إكامٌ ولا جبال مَلْسَاء ، يقال صَحْرَاءُ بَيِّنَةُ الصَّحَر والصُّحْرَة.

وقال شَمِر : يقال : أصْحَر المكانُ أي اتَّسَع ، وأصحَرَ الرجلُ : نَزَلَ الصَّحْرَاء.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كُفِّنَ في ثَوْبَيْنِ صُحَارِيِّيْن.

صرح : أبو الْهَيْثَم عن نُصَيْر : يقال للناقة التي لا تُرَغِّي أي لا يكون للبنها رغْوَةٌ مِصْرَاحٌ يَشْفَتِرُّ شُخْبُهَا ولا يُرَغِّى أبداً.

أبو عُبَيْد : الصَّرْحُ : كلّ بناء عال مرتفع ، وجمعه صُرُوحٌ.

وقال أبو ذُؤَيْب :

* تَحْسِبُ آرامَهُنَ الصُّرُوحا*

وقال الزَّجّاج في قوله جلّ وعزّ : (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ) [النَّمل : ٤٤] قال : الصَّرْحُ في اللغة : القَصْرُ ، والصَّحْنُ ، يقال : هذه صَرْحَةُ الدَّار وقارِعَتُها أي ساحَتُها.

وقال بعض المفسّرين : الصَّرْحُ : بلاط اتُّخِذَ لها من قَوَارِيرَ.

وقال الليث : الصَّرْحُ : بيت واحد يُبْنَى مُنْفَرِداً ضَخْماً طويلاً في السماء وجمعه صُرُوح.

قال : والصَّريحُ : المَحْضُ الخالِصُ من كل شيء ، ويقال للّبن والبَوْل صَريح إذا لم يكن فيه رُغوة. وقال أبو النَّجم :

* يَسُوفُ من أَبْوَالِها الصَّرِيحَا*

قال : والصَّرِيح من الرِّجال والخيل : المحضُ ، ويجمعُ الرجالُ على الصُّرَحاء والخيل على الصَّرَائح.

قُلْتُ : والصَّرِيح : فَحْلٌ من خَيل العرب معروف ، ومنه قول طُفَيْل :

عَناجِيجُ من آلِ الصّريح وأَعْوَجٍ

مَغَاوِيرُ فِيها للأرِيبِ مُعَقِّب

وصَرِيحُ النُّصْحِ : مَحْضُه.

١٣٩

أبو العباس عن ابن الأعرابي : صَرَحَ الشيءَ وصَرّحَه وأَصْرَحَه إذا بَيَّنَهُ وأَظْهَرَه ، وقال الهُذَلي :

* وكَرّمَ ماءً صَرِيحاً*

أي خالصاً ، وأراد بالتكريم التكثير ، وهي لغة هُذَلِيَّة.

ويقال : صَرّحَ فلان ما في نفسه تَصْريحا إذا أَبْدَاه ، وصَرّحَتِ الخمرُ تَصْريحاً إذا ذهب منها الزّبَدُ وقال الأعشى :

كُمَيْتاً تكَشَّفُ عن حُمْرَةٍ

إذا صَرّحَتْ بَعْدَ إزبَادِهَا

ويقال : جاء بالكُفْر صُرَاحاً أي جِهَاراً قلت : كأنه أراد صَرِيحاً.

أبو عُبَيْد عن الفرّاء : لَقِيتُه مُصارحَةً ومُقَارَحَةً ، وصِرَاحاً وكِفَاحاً بمعنى واحد ، وذلك إذا لَقِيتُه مُوَاجَهَةً.

ويقال : صَرّحَتِ السنَةُ إذا ظهَرَتْ جُدُوبَتُها ، وقال سَلامةُ بن جَنْدل :

قومٌ إذا صَرّحَتْ كَحْلٌ بُيُوتَهُم

مَأْوَى الضُّيُوفِ ومأْوى كلِّ قُرْضُوب

ومن أمثال العرب : صَرّحَتْ بِجِدّانٍ وجِلْدَانٍ إذا أَبْدَى الرجُلُ أَقْصَى ما يُرِيدُه.

والصَّرِيحُ : الخالِصُ ، والصَّرَحُ مِثْلُه.

وأنشد ابن السِّكّيت قولَه :

تعلو السيوفُ بأَيْدِيهم جَمَاجِمَهُم

كما يُفَلَّق مَرْوُ الأمْعَزِ القَرَح

ويومٌ مصرِّحٌ : لا سَحَاب فيه ولا رِيح ، وقال الطِّرِمَّاحُ :

إذا امْتَلَّ يهوِي قلتَ ظِلُّ طَخَاءَة

ذرا الرِّيحُ في أعقاب يوم مُصَرِّح

أي ذراه الريح في يوم مُصْحٍ.

الليث : خَمْرٌ صُرَاح وصُرَاحِيَةٌ ، وكأسُ صُرَاح : غير ممزوجة ، وجاء بالكفر صُراحاً أي خالصاً جهاراً.

شمر عن ابن شميل : الصَّرْحَةُ من الأرض : ما استوى وظهر ، يقال : هم في صَرْحَةِ المِرْبَدِ ، وصرْحَةِ الدار ، وهو ما استوى وظهر ، وإن لم يظهر فهو صرحة بعد أن يكون مُسْتَوِياً حَسَناً. قال : وهي الصحراء فيما زعم أبو أَسْلَم ، وأنشد :

كأنها حين فاض الماءُ واخْتَلَفَتْ

فَتْخَاءُ لاحَ لها بالصرْحة الذّيبُ

حرص : أبو العباس عن ابن الأعرابي : الحَرْصَةُ والشَّقْفَة والرَّعْلَةُ والسَّلعَة : الشَّجَّةُ.

الليث : حَرَصَ يحْرِصُ حِرْصاً ، وقول العرب : حَرِيصٌ عليك معناه حَرِيصٌ على نفعك. وقوم حُرَصاء وحِرَاصٌ.

قلت : اللغة العالية حَرَصَ يحرِص ، وأمَّا حَرِصَ يَحْرَص فلغة رديئة والقراء مجمعون على : (وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [يُوسُف : ١٠٣].

وقال الليث : الْحَرْصةُ مِثل العَرْصة إلا أن الحَرْصة مُستقَر وسط كل شيء ، والعَرْصةُ : الدار ، قلت : لم أسمع حَرْصة بمعنى العَرصة لغير الليث : وأما الصرحةُ فمعروفة.

أبو عُبَيد عن الأصمعي وغيره قال : أول الشِّجَاج الحارصة ، وهي التي تحرِصُ الجلد أي تَشُقّه قليلا ، ومنه قيل : حَرَصَ

١٤٠