تهذيب اللغة - ج ٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

وقال الطرماح يصف كانِساً من البَقَر :

يَذِيلُ إذا نَسَمَ الأَبْرَدانْ

ويُخْدِرُ بالصَّرَّة الصامِحَه

والصَّرَّةُ : شِدَّة الحَرِّ ، والصَّامِحَةُ : التي تؤلم الدِّماغَ بِشِدَّة حَرِّها.

أبو عُبَيد عن الأصمعي قال : الصَّمَحْمَحُ من الرجال : الشديد ، وكذلك الدَّمَكْمَكُ ، وقال الليث : هو المجتمع ذو الألْوَاحِ وهو في السِّنِّ ما بين الثلاثين إلى الأربعين.

وقال غيره : حافِرٌ صَمُوحٌ أي شديدٌ ، وقد صمَح صُمُوحاً ، وقال أبو النَّجم :

لا يتَشَكَّى الحافِرَ الصّمُوحا

يَلْتَحْن وجْهاً بالحصَى مَلْتُوَحا

وقال أبو وَجْزَةَ :

* زِبَنّون صَمَّاحون رَكْزَ المُصامح *

يقول : مَن شادّهم شادّوه فغلبوه.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : الصِّمْحَاءَةُ والحِزْباءَةُ : الأرضُ الغَليظَةُ ، وجمعها الصِّمْحاءُ والحِزْباءُ.

ثعلب عن سَلَمَة عن الفراء قال : الصُّمَاحِيُ مأخوذ من الصَّمَاحِ : وهو الصُّنَان وأنشد :

ساكِنَاتُ العقيق أشْهَى إلى النَّف

سِ من الساكِنَاتِ دُورَ دِمَشْقِ

يَتَضَوَّعْنَ لو تَضَمَّخْن بالمِسْ

ك صُحَاحاً كأنّه رِيحُ مَرْقِ

والمَرْقُ : الإهابُ المُنْتِن ، وأَنشد الأصمعي في صفة ماتح :

إذا بَدَا منه صُماحُ الصَّمح

وفاض عِطْفَاه بِماءٍ سَفْح

وقال : صَمَحْتُ فلاناً أصْمَحُه صَمْحاً إذا غلَّظت له في مسئلة أو غير ذلك.

عمرو عن أبيه قال : الأصْمَح : الذي يتعمَّد رؤوس الأبطال بالنَّقْفِ والضَّرْب لشجاعته : وقال العجّاج :

ذُوقي عُقَيْدُ وقْعَةَ السِّلاحِ

والدَّاءُ قد يُطلَبُ بالصُّماحِ

ويروي : يُبْرَأُ في تفسيره. عُقَيْد : قبيلة من بَجيلَة في بكر بن وائل ، وقوله : بالصُّماح أي بالكَيّ ، يقول : آخر الدواء الكَي. قال أبو منصور : الصُّماحُ أخذ من قولهم : صَمَحَتْهُ الشَّمْسُ إذا آلمت دماغه بشِدَّة حَرَّها.

مصح : قال الليث : مَصَحَ النَّدى يَمْصَحُ مُصوحاً إذا رسخ في الثَّرى ، والدَّارُ تمصَحُ مُصوحاً أي تَدْرُسُ ، وقال الطِّرِمَّاحُ :

قِفَا نَسَلُ الدِّمَنَ المَاصِحَه

وهل هِيَ إن سُئِلَتْ بائحه

ومَصَحَت أَشَاعِرُ الفَرَسِ إذا رَسَخَت أصولها حتى أُمِنَت أن تُنْتَتَفَ أو تَنْحَصَّ ، وأنشد :

* عَبْلُ الشَّوَى ما صِحَةٌ أَشَاعره*

ابن الأعرابي : مَصَحَ الضَّرْع مُصُوحاً إذا ذهب لَبَنُه ، وقال ذو الرُّمَّة :

* ... والهَجْرُ بالآل يَمْصَحُ *

وقال أبو عمرو : مَصَعَ لَبَنُ النَّاقَة ومصح إذا ولَّى مُصُوحاً ومُصُوعاً.

قال : والأَمْصَحُ : الظّلُّ النَّاقِصُ.

١٦١

وقال أبو زيد : مَصَحَ الثَّرى مُصُوحاً إذا رسخ في الأرض.

أبو عُبَيْد عن الأصْمعي : محِص بِهَا وحَصَمَ بِهَا إذا ضَرِط.

أبواب الحاء والسين

[ح س ز : مهمل] (١)

ح س ط

استعمل منه : سطح ، سحط ، طحس.

سطح : قال الليث : السَّطْحُ : سَطْحُك الشيءَ على وجه الأرض ، كما تقول في الحرب : سَطَحُوهُم أي أَضْجَعُوهُم على الأَرْضِ ، والسَّطِيحُ المسطوح هو القَتِيلُ ، وأنشد :

* حتى تَراهُ وَسْطَهَا سَطيحاً*

وسَطِيحٌ الذِّئْبِيُّ كان في الجاهلية يتكَهَّنُ سُمِّي سطيحاً ، لأنه لم يكن له بين مَفَاصِلِه قَصَبٌ فكان لا يقدر على قيام ولا قعود ، وكان مُنْسَطِحاً على الأرض ، وحَدَّثنا بقصته محمدُ ابنُ إسْحَاق السّعْدِيّ قال : حدثنا علي بن حرب المَوْصِليّ ، قال : حدثنا أبو أيوب يَعْلَى بن عمْران البَجَلِيّ ، قال : حدثني مخزوم بن هانىء المخزومي عن أبيه ، وأَتَتْ له خمسون ومائة سنة قال : لما كانت ليلة ولد فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ارْتَجَس إيوانُ كِسْرَى ، وسقطت منه أربعَ عشرة شُرْفَةً ، وخَمِدَت نارُ فارِس ، ولم تَخْمَد قبل ذلك مائة عام ، وغاضت بُحَيْرَة سَاوَةَ ، ورأى المُوبِذَان إِبِلاً صِعاباً تقود خَيْلاً عِراباً قد قَطَعَتْ دِجْلَةَ ، وانتشرت في بلادها فلمّا أصبح كسرى أفزعه ما رأى ، فلَبِس تاجه وأخبر مَرازِبَتَه بما رأى ، فورد عليه كتَابٌ بخمود النار ، فقال المُوبِذَانُ : وأنا رأيت في هذه الليلة وقَصَّ عليه رؤياه في الإبل ، فقال له الملك : وأيُّ شيء يكون هذا؟ قال : حادث من ناحية العرب ، فبعث كسرى إلى النعمان بن المنذر أن ابْعَثْ إليّ برجل عَالِمٍ ليخبرني عمَّا أسأله ، فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن نُفَيْلَة الغَسَّانِي ، فأخبره بما رأى ، فقال : عِلْم هذا عند خالي سَطِيح ، قال : فأته وسَلْه وأتِني بجوابه ، فقدم على سَطِيح وقد أَشْفَى على الموت فأنْشَأَ يقول :

أَصَمُّ أم يَسْمَعُ غِطْرِيفُ اليمَن

أم فَادَ فازْلَمَّ به شَأْوُ العَنَن

يا فَاصِلَ الْخُطَّة أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ

أَتَاكَ شَيْخُ الحَيِّ من آل سَنَنْ

رَسُولُ قَيْل العُجْم يَسْرِي لِلْوَسَن

وأمّه من آل ذئْب بن حَجَن

أَبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّداء والبَدَنْ

تَجُوبُ بي الأرضَ عَلَى ذات شَجَن

تَرْفَعُني وَجْنَاءُ تَهْوِي من وَجَن

حتى أَتَى عاري الجبين والقَطَن

لا يَرْهَبُ الرَّعدَ ولا ريْبَ الزَّمن

تَلُفُّهُ في الرِّيح بَوْغَاءٌ الدِّمَن

كأَنَّما حُثْحِثَ من حِضْنَي ثَكَن

__________________

(١) أهمله الليث : انظر «العين» (٣ / ١٢٩).

١٦٢

فلما سمع سَطِيح شِعْرَه رفع رأسَه فقال : عبد المسيح على جَمَلٍ مُشيح يهوي إلى سَطيح وقد أوفى على الضَّرِيح ، بَعَثَكَ مَلِك من بني سَاسَان لارْتجَاسِ الإيوان وخمود النيران ورُؤْيا المُوبِذان ، رأى إبِلاً صِعَاباً تقود خَيْلاً عِرَاباً. يا عبدَ المسيح ، إذا كَثُرَت التِّلاوة ، وبُعِثَ صاحبُ الهِرَاوَة ، وغاضت بُحَيرةُ سَاوَة ، فليس الشأم لِسَطيح شَأماً ، يَمْلكُ منهم ملوك ومَلِكات على عَدَدِ الشُّرُفات ، وكلّ ما هو آتٍ آت ، ثم قُبِضَ سَطِيحٌ مكانه ، ونهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول :

شَمِّر فإنك ما عُمِّرْتَ شِمِّيرُ

لا يُفْزِعَنَّكَ تَفْرِيقٌ وتَغْيِيرُ

إن يُمْسِ مُلْكُ بني ساسان أفرطهم

فإنَّ ذا الدَّهْرِ أَطْوَارٌ دَهَارِيرُ

فرُبَّما رُبَّمَا أَضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ

تخَافُ صَوْلَهُم أُسْدٌ مَهَاصِير

منهم أخو الصَّرْح بَهْرَامٌ وإخْوَتهُم

وهْرْمُزَانٌ وسَابُورٌ وسَابُورُ

والناسُ أولاد عَلَّاتٍ فمن عَلِمُوا

أَنْ قد أقلَّ فَمَهْجُورٌ ومَحْقُورُ

وهُم بَنُو الأُمِّ لَمَّا أن رَأَوْا نَشَباً

فذاك بالغَيْبِ مَحْفُوظٌ ومَنْصُورُ

والخيرُ والشَّرُّ مقرونان في قَرَنٍ

فالخيرُ مُتَّبَعٌ والشَّرُّ مَحْذُورُ

فلمّا قدم على كِسْرى أخبره بقول سطيح فقال كِسْرى : إلى أن يَمْلِكَ مِنَّا أربعةَ عشرَ مَلِكاً تكون أمُورٌ ، فملك منهم عَشَرَة في أربع سنين ، ومَلَك الباقون إلى زَمَن عُثمان.

قلت : وهذا الخبر فيه ذكر آية من آيات نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل مبعثه ، وهو حديث حسن غريب.

وقال الليث : السَّطحُ : ظَهْرُ البيت إذا كان مُسْتَوِياً ، وفِعْلُكه التَّسْطِيح.

قال : والمِسْطَح والمِسْطَحَةُ : شبه مِطْهَرَة ليست بمُربَّعة ، قال : ويُسَمَّى هذا الكوزُ الذي يُتَّخَذُ للسفر ذُو الجَنْبِ الواحِدِ مِسْطَحاً.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ حَمَلَ بن مالك قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كنتُ بين جَارَتَين لي فضَرَبَت إحداهما الأخرى بمِسْطح فألقت جَنيناً ميِّتاً وماتت ، فقضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدية المقتولة على عاقلة القاتلة ، وجعل في الجنين غُرَّة.

قال أبو عُبَيد : المِسْطح : عُودٌ من عِيدان الخِباءِ أو الفُسْطاط. وأنشد قول عوف بن مالك النَّضْرِيّ :

تَعرَّض ضَيْطَارُو فُعَالة دوننا

وما خَيْرُ ضَيْطَارٍ يُقَلِّبُ مِسْطَحا

يقول : ليس له سلاح يقاتل به غير مِسْطح.

وفي حديث آخر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان في بعض أسفاره ، ففقدوا الماء ، فأرسل عَلِيّاً وفلاناً يبغيان الماء فإذا هما بامرأة بين سطيحتين.

قال أبو عُبَيد : قال الأصمعي والكِسَائي : السَّطِيحةُ : المزادَةُ تكون من جلدين ، والمزادة أكبر منها.

١٦٣

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : السَّطِيحة من المزاد : إذا كانت من جلدين قُوبِل أحدهما بالآخر فَسُطح عليه فهي سطيحة.

وقال غيره : المِسْطحُ : حصيرٌ يُسَفُّ من خُوصِ الدَّوْمِ ، ومنه قولُ تَمِيم بن مُقبل :

إذا الأمْعَزُ المَحْزُوُّ آضَ كأنه

من الحَرِّ في حَدِّ الظهيرة مِسطَحُ

والمِسْطَح : أيضاً : صفيحة عريضة من الصخر يُحَوَّط عليه لماء السماء ، ورُبما خلق الله عند فم الرَّكِيَّة صفَاةً ملساء مستويةً فيُحَوَّط عليها بالحجارة ، ويُسقَى فيها للإبل شبه الحوض ، ومنه قول الطّرمّاح :

* ... في جَنْبَيْ مَدِيِّ ومِسْطَح *

والمِسْطَح أيضاً : مكان مُسْتَوٍ يُجَفَّفُ عليه التمر ويُسَمَّى الجَرِين.

والسُّطَّاحَة : بقلة ترعاها الماشية ، ويُغسَل بورقها الرؤوس.

وقال الفرّاء : هو المِسْطح والمِحْورُ والشُّوبق.

قال ابن شميل : إذا عُرِّش الكرْمُ عُمِدَ إلى دعائم يُحْفَر لها في الأرض ، لكل دعامة شُعْبَتان ، ثم تؤخَذُ خَشَبَةٌ فَتُعَرَّضُ على الدّعامَتَيْن ، وتُسَمَّى هذه الخشبة المعروضة المِسْطح ، ويجعل على المساطِح أُطُرٌ من أدناها إلى أقصاها تُسمَّى المساطِح بالأُطُر مساطِح.

طحس : قال ابن دريد : الطَّحْس يُكْنى به عن الجماع. يقال : طَحَسَها وطَحَزَها ، قلت : وهذا من مَناكِير ابن دريد.

سحط : أبو عمرو والأصمعي : سَحَطه وشَحَطه إذا ذَبَحه.

وقال الليث : سَحَط الشَّاةَ وهو ذَبْحٌ وَحِيٌّ.

وقال المُفَضَّل : المَسْحُوط من الشراب كلِّه : الممْزُوج.

وقال ابن دريد : أَكلَ طعاماً فَسَحَطه أي أَشرقَه ، وأنشد ابنُ السِّكِّيت :

كاد اللُّعاعُ من الحَوْذَان يَسْحطُها

ورِجْرِجٌ بين لَحْيَيْها خَناطِيلُ

ح س د

حسد ، حدس ، دحس ، سدح : مستعملة.

حسد : قال الليث : الحَسَدُ معروف ، والفعل حَسدَ يَحْسُدُ حَسَداً.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الحَسْدَلُ : القُرَادُ ، قال : ومنه أُخِذ الحسد لأنه يَقْشِرُ القَلْبَ كما يَقْشِر القُرادُ الجلد فيمتصّ دَمَهُ.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا حسَدَ إلا في اثْنتَين ، رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل والنهار ، ورجل آتاه الله قرآناً فهو يتلُوه». أخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه سُئل عن معنى هذا الحديث ، فقال : معناه لا حَسَد لا يضر إلا في اثنتين ، قال : والحَسَدُ أن يَرَى الإنسان لأخيه نِعْمةً فيتمنَّى أن تُزْوَى عنه وتكون له ، قال : والغَبْطُ : أن يتمنى أن يكون له مثلها من غبر أن تُزْوَى عنه ، قلت : فالغَبْطُ ضرب من الحسد ، وهو أخَفّ منه ، ألا ترى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمَّا سُئل : هل يضر الغَبْط؟ فقال : نعم ، كما

١٦٤

يضُرّ الخبْطُ ، فأخبر أنه ضَارٌ وليس كضرر الحسد الذي يتمنى صاحبه زَيَّ النعمة عن أخيه ، والخَبْطُ : ضَرْبُ ورق الشجر حتى يَتَحَاتَّ عنه ، ثم يَسْتَخلف من غير أن يَضُرّ ذلك بأصل الشجرة وأغصانها.

وقوله عليه‌السلام : «لا حق إلا في اثنتين» هو أن يتمنى أن يرزقه الله مالاً ينفق منه في سُبُل الخير ، أو يَتمنَّى أن يكون حافظاً لكتاب الله تعالى فيتلُوه آناء الليل والنهار ، ولا يتمنى أن يُرْزَأ صاحِبُ المال في ماله أو تَالِي القرآن في حفظه.

وأَصْلُ الحَسَدِ القَشر كما قال ابن الأعرابي.

سدح : قال الليث : السَّدْحُ : ذَبْحُك الحيوانَ ممدوداً على وجه الأرض وقد يكون إضْجاعُك الشيءَ على وجه الأرض سَدْحاً نحو القِرْبَة المملُوءَة المسْدُوحَة.

وقال أبو النجم يصف الحية :

يأْخذ فيه الحَيَّةَ النَّبُوحا

ثم يَبِيتُ عنده مذبُوحا

مُشَدَّخَ الهامةِ أو مَسْدُوحا

قلت : السَّدْح والسَّطْحُ واحد أبدلت الطاءُ فيه دالا ، كما يقال : مَطَّ ومَدَّ وما أشبهه.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي : سَدَحَ بالمكان وردَحَ إذا أقام بالمكان أو المَرْعَى ، قال : وسَدَحْتُه أي صَرَعْتُه.

وقال ابن بُزُرْج : سَدَحت المرأة ورَدَحَت إذا حَظِيت عند زوجها ورَضِيَت.

حدس : قال الليث : الحَدْسُ : التّوَهُّم في معاني الكلام والأمُور. بلغني عن فلان أمْرٌ فأنا أَحْدِسُ فيه أي أقول بالظَّنِّ والتَّوَهُّم.

قال : والحَدْس في السير : سُرعَةٌ ومُضِيٌّ على طريقة مُسْتَمِرَّة. وأنشد :

* كأنها من بَعْدِ سَيْرٍ حَدْسٍ *

وحُدَسُ : اسم أبي حَيٍّ من العرَب.

والعرَب تختلِفُ في زجر البغال فبعضٌ يقول : عَدَس. وبعض يقول : حَدَس.

قلت : وعَدَس أكثر من حَدَس. ومنه قول ابن مُفَرِّغٍ :

عدَسْ ما لِعَبَّادٍ عليك إمارَةٌ

نَجَوْتِ وهَذَا تَحمِلين طَلِيقُ

جعل عَدَسْ اسما للبغلة ، سماها بالزَّجر عَدسْ.

وقال ابن أرقم الكُوفيُ : حَدَسْ : قوم كانوا على عهد سليمان بن داود عليهما‌السلام وكانوا يَعْنُفُون على البغال ، فإذا ذُكِرُوا نَفَرت البِغالُ خوفاً لما كانت لَقِيَتْ منهم.

وقال اللِّحياني : حَدَسْتُ الشاة حَدْساً إذا أضجعتها لتذبحها ، ومنه المثَلُ السَّائر : «حَدَسَهم بِمُطْفِئَة الرَّضْف».

وقال ابن كُناسَة : تقول العرب : إذا أمْسَى النَّجمُ قِمَّ الرأس فَعُظْمَاها فاحْدِس ، معناه انحر أعْظَم الإبل.

وقال أبو زيد حَدَسْتُ بالناقة : إذا أَنَخْتها.

وقال غيره : أصلُ الحَدْس : الرَّمْيُ ، ومنه حَدْسُ الظَّن إنما هو رَجْمٌ بالغيب.

الحَرَّاني عن ابن السكيت : يقال : بَلَغْتُ به الحِداسَ أي الغاية التي يُجْرَى إليها

١٦٥

وأبْعَدَ ، ولا تَقُل الإدَاسَ.

أبو عُبَيد عن الأُمَوِي : حَدَس في الأرض وعَدَسَ يَحْدِسُ ويَعْدِس إذا ذهب فيها.

وقال أبو زيد : تَحَدَّسْتُ عن الأخبار تَحدُّساً ، وتَنَدَّسْتُ عنها تَنَدُّساً ، وتَوَجَّسْتُ إذا كنتَ تُرِيغُ أخبارَ الناس لتعلمها من حيث لا يعلمون.

ويقال : حَدَسْتُ عليه ظَنِّي ونَدَسْتُه إذا ظَنَنْتَ الظَّنَّ ولم تَحُقَّه.

ومعنى المثل : حَدَسَهم بمُطْفِئَة الرَّضْف أنه ذبح لأضيافه شاةً سمينة أطفَأَت من شحمها ذلك الرَّضْف.

ويقال : دحَسَ بناقته إذا وجأ في سَبَلَتِها أي أناخها فوجأها في نحرها ، والسَّبَلَةُ هاهنا نحرُها. يقال : ملأ الدَّلوَ إلى أسْبالها أي إلى شِفَاهِها.

دحس : الليث : الدَّحْسُ : التَدّسِيسُ للأمور تستبطنها وتطلُبُها أخفى ما تَقْدِر عليه : ولذلك سُمِّيت دودةً تحت التراب دَحّاسَةً ، وهي صفراءُ صافية ، لها رأس مُشَعَّبُ يَشُدّها الصِّبيان في الفِخاخ لصيد العصافير ، لا تُؤْذِي ، وأنشد في الدَّحْس بمعنى الاستبطان :

* وَيعْتِلُون مَنْ مَأَى في الدَّحْس *

وقال بعض بني سُلَيْم : وِعاءٌ مَدْحُوسٌ ومَدْكُوسٌ ومَكْبُوسٌ بمعنى واحد ، وهذا يدل على أن الدَّيْحَسَ مثل الدَّيْكَس : وهو الشيءُ الكثير.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : دَحَسْتُ بين القوم دَحْساً : أفسدتُ بينهم ، وكذلك مَأَسْتُ وأرشْتُ.

وأنشدني أبو بكر الإيادي :

وإن دَحَسُوا بالشَّرِّ فاعْفُ تَكَرُّما

وإن خَنَسُوا عنك الحديثَ فلا تَسَلْ

النَّضْرُ : الدَّحَّاسُ : دُودٌ يُشَدُّ في الفَخِّ ، وجمعه دَحَاحِيس.

سُئل الأزهري عن الدَّاحس فقال : الدَّاحِسُ : قَرْحَةٌ تخرج باليد تسمى بالفارسية بَرْوَرَهْ.

وداحس : اسم فرس معروف.

ح س ت

استعمل من وجوهه : [سحت].

سحت : الليث : السُّحْتُ : كلُّ حَرام قبيح الذِّكر يَلْزَمُ منه العار نحو ثمن الكَلْب والخمر والخِنْزِير : وإذا وقع الرجل فيها قيل : قد أسْحَت الرجل. قال : والسُّحْتُ : العَذَابُ ، قال : وسَحَتْنَاهم بلغنا مجهودَهم في المَشَقَّة عليهم ، وأَسْحَتْنَاهم لُغَةٌ.

وقال الفرّاء : قُرىءَ قَوْلُ الله جلّ وعزّ : (فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ) [طه : ٦١] وقرىء : (فيَسْحَتَكم) بفتح الياء والحاء ، قال : ويَسْحَتُ أكثر وهو الاستئصال. وأنشد قول الفرزدق :

وعَضُّ زَمَانٍ يا ابن مروان لم يَدَعْ

من المال إلا مُسْحَتاً أو مُجَلَّفُ

قال : والعرب تقول : سَحَت وأَسْحَتَ.

ويُروَى : إلا مُسْحَتٌ أو مُجَلَّفُ. ومَنْ رواه كذلك جعل معنى لم يدع : لم يَتَقَارّ ، ومن رواه : إلا مُسْحَتاً ، جعل لم يَدَعْ بمعنى لم

١٦٦

يترك ورفع قوله : أو مُجَلَّفُ بإضمارٍ كأنَّه قال : أو هو مُجَلَّفٌ كذلك. وهذا قول الكسائي.

ويقال : أَسْحَت الحالِقُ شَعَرَه إذا استأصله ، وأسْحَت الخاتِنُ في خِتَان الصبي إذا استأصله. وكذلك أغْدَفَهُ.

يقال : إذا ختنت فلا تُغْدِف ولا تُسْحِت.

وقال ابن الفرج : سمعتُ شُجَاعاً السُّلَمِي يقول : بَرْدٌ بَحْتٌ وسَحْتٌ ولَحْتٌ أي صَادِقٌ ، مثل سَاحَة الدَّار وَبَاحَتها ، ويقال : مالُ فلان سُحْتٌ أي لا شَيْءَ على من استهلكه.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحمى بجُرَش حِمًى ، وكتب لهم بذلك كتاباً فيه : «فَمَنْ رعاه من الناس فما له سُحْتٌ» أي من أصاب مالَ مَنْ رَعَى الحِمَى فقد أهدرْتُه ودَمُه سُحْتٌ أي هَدَرٌ.

وقُرىءَ (أَكَّالُون للسُّحُتِ) مُثَقَّلا ، ولِلسُّحْتِ [المائدة : ٤٢] مُخَفَّفا ، وتأويله أنّ الرُّشَا التي يأكلونها يُعْقِبُهم الله بها أن يُسْحِتَهم بعذاب ، كما قال الله جلّ وعزّ : (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ) [طه : ٦١].

أبو عُبَيد عن الأحْمر : المَسْحُوتُ : الجائعُ ، وامرأةٌ مَسْحُوتَةٌ.

وقال رُؤبة يصفُ يُونُس والحُوتَ الذي الْتَهَمَه.

* يُدْفَعُ عنه جَوْفُه المَسْحُوتُ *

يقول : نَحَّى الله جلّ وعزّ جوَانِبَ جَوْفِ الحوت عن يونس ، وجافاه عنه فلا يُصِيبُه منه أذًى. ومن رواه :

* يَدْفعُ عنه جوفُه المَسْحوتُ *

يريد أن جوفَ الحوتِ صار وِقاية له منَ الغَرَق ، وإنما دفع الله جلّ وعزّ عنه.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : أسْحَتَ الرجلُ في تجارته إذا اكْتَسَبَ السُّحْتَ.

(ح س ظ) ـ (ح س ذ) ـ (ح س ث): أهملت وجوهها.

ح س ر

حسر ، حرس ، سحر ، سرح ، رسح : مستعملة.

حسر : قال الليث : الْحَسْرُ : كَشْطُكَ الشَّيءَ عن الشيءِ. يقال : حَسَرَ عن ذِراعيه ، وحَسَرَ البَيْضَة عن رأسه ، وحَسَرَت الرِّيحُ السّحابَ حَسْراً. وانْحَسَرَ الشيءُ إذا طاوَع. وقد يجيء في الشِّعر حَسَرَ لازماً مثل انْحَسَر.

وقال الليث : حَسَرَ البَحرُ عن الساحل إذا نَضِبَ عنه حتى بدا ما تحت الماء من الأرض ، ولا يُقالُ : انحسَرَ البَحْرُ.

وقال ابن السَّكِّيت : حَسَرَ الماءُ ونَضَبَ وجَزَرَ بمعنى واحد ، وأنشد أبو عُبَيد في الحُسُورِ بمعنى الانكشافِ :

إذا ما القَلَاسِي والعَمائمُ أُخْنِسَتْ

فَفِيهن عن صُلْعِ الرِّجال حُسُور

وقال الليث : الحَسْرُ والحُسُور : الإعياء ، تقول حَسَرَت الدَّابَّةُ والعَيْنُ ، وحَسَرَها بُعْدُ الشيء الذي حَدَّقَتْ نحوه ، وقال رؤبة :

* يَحْسُرُ طَرْفَ عَيْنِه فَضَاؤُه*

١٦٧

وقال الفَرَّاء في قول الله جلّ وعزّ : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) [المُلك : ٤] يريد ينقلب صاغِراً وهو حَسِيرٌ أي كليلٌ كما تَحْسِرُ الإبِل إذا قُوِّمَتْ عن هُزَال وَكَلال ، وهي الحَسْرَى ، واحدها حَسِيرٌ ، وكذلك قوله عزوجل : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) [الإسرَاء : ٢٩].

قال : نَهَاه أن يُعْطِيَ كُلَّ ما عنده حتى يَبْقَى مَحْسُوراً لا شيء عنده.

قال : والعَرَبُ تقول : حَسَرْتُ الدَّابَّة إذا سَيّرْتَها حتى يَنْقَطِع سَيْرُها ، وأما البَصَرُ فإنه يَحْسُرُ عند أقصى بُلُوغ النظر.

وقال أبو الهَيْثَم : حُسِرَت الدَّابَّةُ حَسْراً إذا أُتْعِبَتْ حتى تَبْقَى ، واستحسرت إذا أَعْيَتْ ، قال الله تعالى : (وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) [الأنبيَاء : ١٩] وفي الحديث : «الحسير لا يعقر» لا يجوز للغَازِي إذا حُسِرَت دابَّتُه وقَوَّمَتْ أن يَعْقِرها مخافَةَ أن يأخذها العَدُوُّ ، ولكن يُسَيِّبُها.

وقال غيره : يقال للرّجَّالة في الحرب الحُسَّر ، وذلك أنهم يَحْسِرونَ عن أَيْدِيهم وأَرْجُلِهم.

وقال بعضهم : سُمُّوا حُسَّرا لأنه لا دُرُوعَ عليهم ولا بَيْض ، والحَاسِرُ : الذي لا بَيْضَةَ على رأسِه ، وقال الأعْشى : يصف الدَّارعَ والحاسِر :

* تَعْصِفُ بالدَّارِع والحَاسِرِ*

وفي فتح مكة أن أبا عُبَيدة كان يومئذٍ على الحُسَّر وهم الرَّجَّالَة ، ويقال للذين لا دروع لهم.

وقال أبو إسحاق في قول الله عزوجل : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ) [يس : ٣٠] هذا أَصْعَب مسألة في القرآن إذا قال القائل : ما الفائدة في مُناداة الحَسْرة ، والحَسْرةُ مِمَّا لا تُجِيب ، قال : والفائدة في مناداتها كالفائدة في مُناداة ما يعقل ، لأن النِّداءَ بابُ تنبيه. إذا قلت : يا زَيْدُ ، فإن لم تكن دعوته لتخاطبه بغير النداء فلا معنى للكلام ، إنما تقول : يا زيد لتنبهه بالنداء ، ثم تقول له : فعلت كذا ، ألا تَرَى أنك إذا قلت لمن هو مقبل عليك : يا زيدُ ، ما أَحسنَ ما صَنَعْتَ فهو أوكَدُ من أن تقول له : ما أحسنَ ما صنعت بغير نداء ، وكذلك إذا قلت للمخاطب : أَنَا أعجَبُ مما فعلت ، فقد أفدته أنك مُتَعَجِّب ، ولو قلت : وا عَجَبَاهُ ممَّا فَعَلْت ، ويا عجباه أتفعل كذا كان دُعَاؤُك العَجَب أبلغ في الفائدة ، والمعنى يا عَجَبَا أَقْبِلْ فإنه من أَوْقَاتِك ، وإنما النداء تنبيه للمتعَجَّب منه لا للعَجَب ، والحَسْرَةُ أَشَدُّ الندم حتى يبقى النَادِمُ كالحَسِيرِ من الدوَابِّ الذي لا مَنْفَعَة فيه.

وقال الله جلّ وعزّ : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) [فَاطِر : ٨]. وهذا نَهْيٌ معناه الخبر ، المَعْنَى : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) فأضله الله ذَهَبَتْ نَفْسُك عليهم حَسْرةً وتَحسُّراً ، ويقال حَسِر فلان يحسَر حَسْرَةً وحَسَراً إذا اشتدت ندامتُه على أمرٍ فاته ، وقال المَرَّار :

ما أَنَا اليومَ على شيْء خَلَا

يا ابْنَةَ القَيْن تَوَلَّى بِحَسِرْ

١٦٨

وقال الليث : الطيرُ تتحَسَّر إذا خَرَجَتْ من الرِّيش العَتِيقِ إلى الحديث ، وحَسّرها إبَّان التَّحْسِير ثَقَّلَه : لأنه فُعِلَ في مُهْلَة.

قلت : والبَّازِي يُكَرِّز للتَّحْسِير ، وكذلك سائر الجوارح تَتَحَسّر.

وتَحَسَّر الوَبَرُ عن البَعِير والشَّعَر عن الحمار إذا سَقَطَ. ومنه قوله :

تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فأَنْسَلَها

واجْتَابَ أُخرى جديداً بعد ما ابْتَقَلَا

وقال الليث : الجارية تَتحَسَّر إذا صَارَ لحمُها في مواضعه ، وكذلك البَعيرُ. وقال لبيد :

فإذا تَغَالَي لَحمُها وتَحَسَّرَتْ

وتَقَطَّعَتْ بعد الكَلَالِ خِدَامُها

قلت : وتحسُّرُ لحم البعير أن يكون الربيعُ سَمَّنه حتى كثُر شحمه وتَمَكَ سَنَامه ، فإذا رُكِبَ أَيّاماً فذهب رَهَلُ لحمه ، واشْتَدَّ ما تَزَيَّم منه في مواضعه فقد تَحسّر.

ورجل حاسِرٌ : لا عِمامَةَ على رأسه ، وامرأةٌ حاسِرٌ بغير هاء إذا حَسَرَتْ عنهَا ثِيابها ، ورجُلٌ حاسِرٌ : لا دِرْعَ عليه ولا بيضة على رأْسِه.

وقال الليثُ : الحَسَارُ : ضَرْبٌ من النَّباتِ يُسلِّح الإبِلَ.

ورجُلٌ مُحَسَّر : مُحَقَّرٌ مُؤْذًى.

وفي الحديث «يخرج في آخر الزّمان رجُلٌ يُسَمَّى أمِيرَ العُصَبِ ، أَصْحَابُه مُحَسَّرُون مُحَقَّرُون مُقْصَوْن عن أبواب السلطان ، يأتونه من كل أَوْبِ كأنهم قَزَعُ الخَريفِ يُوَرِّثُهُم الله مَشارِقَ الأرْضِ ومَغَارِبها». أبو زيد فَحْلٌ حاسرٌ وفادِرٌ وجَافِرٌ إذا أَلْقَح شَوْلَه فَعَدَلَ عنها وتَركها.

وفي الحديث : «ادعوا الله ولا تستحسروا». قال النَّضْرُ : معناه لا تَمَلُّوا.

قال الشَّيْخُ : رُوِي هذا الحرف : فَحْلٌ جاسرٌ بالجيم أي فادِر ، وأظنه الصواب ، وقول العَجَّاج :

كَجَمَلِ البَحْرِ إذا خَاضَ جَسَرْ

غَوَارِبَ اليَمِّ إذا اليَمُّ هَدَر.

حتى يُقَال حَاسِرٌ وما انْحَسَرَ

يعني اليَمّ ، يقال : حاسِرٌ إذا جَزَر ، وقد حَسَر البَحْرُ وجَزَر واحد.

وقوله : إذا خَاضَ جَسَر بالجيم أي اجترأ وخاض مُعْظَمَ البحر ، ولم تَهُلْه اللُّجَحُ.

الحَسَارُ من العُشْبِ ينبت في الرِّياض ، الواحِدَةُ حَسَارَة.

ورِجْلُ الغُرَاب : نَبْتٌ آخر ، ودم الغزال : نبت آخر : والتأويلُ : عُشْب آخر.

سحر : قال الليث : السِّحْرُ : عمل يُقْرَبُ فيه إلى الشيطان وبمَعُونَةٍ منه ، كل ذلك الأمْرِ كَيْنُونَتُه السِّحْر ، ومن السِّحْر الأخْذَةُ التي تأْخُذُ العَيْنَ حتى تَظُنَّ أنَّ الأمرَ كما تَرى وليس الأصْلُ على ما تَرَى.

وفي الحديث أنّ قيسَ بنَ عَاصمٍ المِنْقَرِيَّ والزِّبرقان بن بدر وعمرو بن الأصمِّ قَدِمُوا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأل النبيُّ عَمْراً عن الزِّبْرِقَان فأَثْنَى عليه خيراً ، فلم يَرْضَ الزّبرِقَانُ بذلك ، وقال : والله يا رسول الله إنه ليعلم أَنّي أفضل مِمَّا قال ، ولكنه حَسَدَ

١٦٩

مكانِي منك ، فأَثْنَى عليه عَمْرو شَرّاً ، ثم قال : والله ما كَذَبْتُ عليه في الأُولى ولا في الآخرة ، ولكنه أرضاني فقلت بالرِّضا ، ثم أَسْخَطَني فقلت بالسُّخْطِ ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ من البَيَان لسِحْراً».

قال أبو عُبَيد : كأنّ المعنى ـ والله أعلم ـ أنه يَبْلُغُ من بَيَانِه أَنَّه يَمْدَحُ الإنسانَ فيَصْدُقُ فيه حتى يَصْرِفَ القلوب إلى قوله ، ثم يَذُمُّهُ فيَصْدُقُ فيه حتى يَصْرِفَ القُلُوبَ إلى قولِه الآخر ، فكأنّه قد سَحَر السامعين بذلك. قلت : وأصل السِّحْرِ صَرْفُ الشيء عن حَقِيقَتِه إلى غيره.

وقال الفرّاء في قول الله : (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [المؤمنون : ٨٩] معناه فأَنَّى تُصْرَفُون ، ومِثْلُه (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [فَاطِر : ٣] ، أُفِكَ وسُحِرَ سواء.

وأخبرني المُنْذِري عن ابن فهم عن محمد بن سَلَّام عن يُونُسَ في قوله : (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [المؤمنون : ٨٩] قال : تُصْرَفُون.

قال يونس : تقول العرب للرّجل : ما سَحَرَكَ عن وَجْه كذا وكذا ، أي ما صَرَفَك عنه.

وقال شَمِر : قال ابن عائشة : العَرَبُ إنما سَمَّت السِّحْرَ سِحْراً لأنه يُزِيلُ الصحة إلى المرض ، وإنما يقال : سَحَرَه أي أزاله عَنِ البُغْضِ إلى الحب. وقال الكُمَيْت :

وقَادَ إليها الحُبَّ فانْقَادَ صَعْبُه

بِحُبٍّ من السِّحْرِ الحَلَال التَّحَبُّبُ

يريد أنّ غَلَبَةَ حُبّها كالسّحر ولَيْسَ به ، لأنه حُبٌّ حَلَالٌ ، والحَلَالُ لا يكون سحراً ، لأن السِّحْرَ فيه كالْخِدَاعِ. قال شَمِر : وأَقْرَأَني ابن الأعرابيّ للنَّابِغَةِ :

فقالت يَمِينُ الله أَفْعَلُ إنَّني

رأَيْتُك مَسْحُوراً يَمِينُك فاجِرَه

قال : مسحوراً : ذَاهِبَ العَقْلِ مُفسَداً.

قال : وطعَامٌ مَسْحُورٌ إذا أُفْسِدَ عَمَلُه ، وأرضٌ مَسْحُورَة : أصَابَهَا من المَطَرِ أكثَرُ مِمَّا ينبغي فأفْسَدَها ، وغَيْثٌ ذو سِحْرِ إذا كان ماؤُه أكثَرَ مِمَّا ينبغي.

وقال ابن شُميل : يقالُ للأرض التي ليس فيها نبت ، إنما هي قاعٌ قَرَقُوسٌ. أرض مَسْحُورَة : لا تنبت ، وعَنْزٌ مَسحُورَةٌ : قليلَةُ اللَّبَن. وقال : إِنَّ البَسْقَ يَسْحَرُ أَلْبَانَ الغَنَم ، وهو أن يَنْزِلَ اللَّبَنُ قَبْلَ الوِلَادِ.

وقال الفَرَّاء في قول الله جلّ وعزّ : (إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) [الشُّعَرَاء : ١٥٣] قالوا لنبي الله : لستَ بمَلَكٍ إنما إنت بشر مثلنا.

قال : والمُسَحَّرُ : المُجَوَّفُ ، كأنه والله أَعْلم أُخِذَ من قَولِك : انْتَفَخَ سَحْرُك أي أنك تَأْكُلُ الطَّعامَ والشَّرابَ فَتُعَلَّلُ به ، وقال لَبِيدٌ :

فإنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نحن فإنَّنَا

عَصَافِيرُ من هذا الأَنَامِ المُسَحَّرِ

يريد المُعَلَّل المخدوع ، قال : ونرى أنّ الساحر من ذلك أُخِذَ لأن كالخديعة.

وقال غيره : (مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) [الشُّعَرَاء : ١٥٣] أي مِمّن سُحِرَ مَرَّةً بعد مَرَّة. والسِّحْرُ سُمِّي سِحْراً : لأنه صَرْفُ الشيءِ عن

١٧٠

جِهتهِ ، فكأنَ الساحِرَ لمّا أَرَى البَاطِلَ في صُورَةِ الحق ، وخَيَّلَ الشيءَ على غير حقيقته ، فقد سَحَر الشيءَ عن وجهه أي صَرَفَه. وقال بعضُ أهل اللغة في قوله جلّ وعزّ : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) [الإسرَاء : ٤٧] قولين : أحدهما أنه ذو سَحْرٍ مِثْلُنا ، والثاني أنه سُحِرَ وأزيل عن حد الاستواء.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : السِّحْرُ : الخَدِيعَةُ ، والسَّحَرُ ، قِطْعةٌ من الليل. وقوله عزوجل : (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) [الزّخرُف : ٤٩]. يقول القائل : كيف قالوا لموسى : يا أيها الساحر وهم يزعمون أنهم مهتدون ، فالجواب في ذلك أن السَّاحر عندهم كان نَعْتاً محموداً ، والسِّحْرُ كان عِلْماً مرغوباً فيه : فقالوا : (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) على جهة التعظيم له ، وخاطبوه بما تَقدّم له عندهم من التَّسْمِيَة بالساحر إذ جاء بالمعجزات التي لم يعهدوا مثلها ولم يكن السحر عندهم كفراً ولا كان مما يتَعايَرون به ، ولذلك قالوا له : (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ).

وقال الليث : وشيء يَلْعَبُ به الصِّبيان إذا مُدَّ خرجَ على لَوْن وإذا مُدَّ من جانِبٍ آخر خرج على لون آخر مخالف للأول ويُسمَّى السَّحَّارَةَ ، قال : والسِّحْرُ : الغِذَاءُ ، وأنشد :

أرانا مُوضِعِين لحَتْم غَيْبٍ

ونُسْحَرُ بالطَّعَام وبالشَّرَاب

وقال غيره : معنى نُسْحَرُ بالطعام أي نُعَلَّلُ به.

وقال الليث : السَّحَرُ : آخِرُ الليل ، تقول : لَقيتُه سُحْرةَ يا هذا ، وسُحرَةً بالتنوين ، ولَقيتُه سَحَراً وسَحَرَ بلا تنوين ، ولَقيتُه بالسَّحرِ الأعلى ولقِيتُه بأعلى سَحَرينِ ولقِيتُه بأعلى السَّحَرَين ، وقال العجّاج :

* غَدَا بأَعْلَى سَحَرٍ وأَحْرَسا*

قال : وهو خطأ ، كان ينبغي له أن يقول : بأَعلى سَحَرَيْن ، لأنه أولُ تنفُّس الصبح ، كما قال :

* مَرَّتْ بأَعلى سحَريْنِ تَدْأَلُ*

قال : وتقول : سحَرِيَ هذه الليلة. وأنشد :

في لَيْلةٍ لا نَحْسَ في

سحَرِيِّها وعِشائها

وبعضٌ يقول : سحريَّة هذه اللَّيْلة. سَلَمَةُ عن الفرَّاء ، في قول الله عزوجل : (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) [القَمَر : ٣٤] ، أجرى سَحراً هاهنا لأنه نكرة ، كقولك : نجيناهم بلَيْلٍ ، قال : فإذا ألقت العرب منه الباء لم يُجْرُوه فقالوا : فعلتُ هذا سَحرَ يا فتَى ، وكأنهم في تركهم إجراءَه أن كلامهم كان فيه بالألف واللام فجرى على ذلك ، فلما حُذفَت منه الألف واللام وفيه نِيَّتُهما لم يُصرَف ، كلام العرب أن يقولوا : ما زال عندنا منذ السَّحَر لا يكادون يقولون غيره. وقال الزجاج وهو قول سيبويه : سَحَرٌ إذا كان نكرة يَرادُ به سَحَرٌ من الأسْحارِ انصرف ، تقول : أَتيتُ زيداً سَحراً من الأسحار. فإذا أردت سَحَر يومِك قلت : أَتَيتُهُ سَحَرَ يا هذا ، وأَتَيْتُه بِسحَرَ يا هذا ، قلت : والقياسُ ما قال سيبويه.

والسَّحُورُ : ما يُتَسحَّرُ به وقت السَّحَر من

١٧١

طَعام أو لَبَنٍ أو سَوِيق ، وُضِعَ اسماً لمَا يُؤكَل ذلك الوقت ، وقد تسحَّر الرجلُ ذلك الطعامَ أي أَكَلَهُ.

ويقال : أسْحَرْنا أي دخَلنَا في وقت السَّحَر ، واستَحَرنا أي سِرنا في وقت السَّحَرِ ونهَضْنا للسير في ذلك الوقت ، ومنه قول زُهَير :

* بَكَرْنَ بُكُوراً واستَحَرْنَ بسُحْرَة*

وقال ابنُ شُميْل في باب الأرنب : يقال للأرنب مُقَطَّعَةُ الأسْحار ومُقَطِّعة القلوب لأنها تُقَطِّع أَسْحارَ الكلابِ بشدَّة عَدْوِها ، وتُقَطِّعُ أسحارَ مَنْ يطلبُها.

وقال الليث : الإسْحارَّةُ بقلة يَسْمَنُ عليها المالُ.

وقال النَّضْر : الإسْحارَّةُ : بَقْلَةٌ حارَّة تَنْبُتُ على ساق لها وَرَقٌ صِغَارٌ ، لها حبْة سوداء كالشَّهْنِيزَة.

أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة : السَّحْر خَفيفٌ : ما لَصِق بالحلقوم وبالمريء من أعلى البطن ، وقال الفرَّاء فيما روَى عنه سَلَمة هو السَّحْر والسُّحْر والسَّحَر.

وقال الليثُ : إذا نَزَت بالرجل البِطْنَةُ يقال : انْتَفَخَ سَحْرُه معناه عدا طَوْرَه وجاوز قدرَه.

قُلتُ : هذا خطأ إنما يقال : انتفَخَ سَحْرُه للجبان الذي مَلَاءَ الخَوفُ جوفَه فانتفَخَ السحْرُ وهو الرِّئَةُ حتى رفع القلبَ إلى الحُلْقوم ، ومنه قول الله جلّ وعزّ : (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) [الأحزَاب : ١٠] وكذلك قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ) [غَافر : ١٨]. كل هذا يدل على أنّ انتِفَاخ السَّحْرِ مَثَلٌ لشدّة الخَوْف وتمكّن الفزع وأنه لا يكون من البِطْنَة.

والسَّحَرُ والسُّحْرَةُ : بَيَاض يعْلو السَّواد ، يقال بالسين والصاد إلا أن السِّين أكثر ما تُسْتعمَل في سَحَر الصُّبح ، والصادَ في الألوان ، يقال : حِمارٌ أَصْحرُ وأَتَانٌ صَحرَاء.

وقول ذي الرُّمّةِ يصفُ فَلَاة :

مُغَمِّضُ أَسْحارِ الخُبوتِ إذا اكتَسَى

من الآل جُلًّا نَازِحَ الماء مُقْفِر

قيل : أَسحارُ الفَلَاة : أَطرافُها ، وسَحَرُ كل شيءٍ : طرَفُه ، شُبِّه بأَسحار الليالي ، وهي أطْراف مآخيرِها ، أراد مُغَمِّضَ أطراف خُبُوتِه ، فأدخل الألف واللام فقاما مقام الإضافة.

وقال شمر : قال ابن الأعرابي : الأسحارُ واحدُها سَحْر ، قال : وسَحْرُ الوادي : أعلاه.

وأخبرني المُنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للذي يَشْتَكي سَحْرَه سَحِيرٌ فإذا أصابه منه السِّلُّ فهو بَحِيرٌ وبَحِرٌ.

وأنشد :

وغِلْمَتي منهم سَحِيرٌ وبَحِرْ

وقائمٌ من جَذْبِ دَلْوَيها هَجِرْ

قال : وسحَر إذا تباعد ، وسَحَر : خَدَع ، وسَحَر إذا بَكَّر.

وروى الطُّوسِيُّ عن الخَزَّاز قال : السَّحِير الذي انقطَع سَحْرُه ، وهو رِئتُه ، والبَحِر :

١٧٢

الذي سُلَّ جسمُه وذهب لحمُه ، وهَجِرٌ وهَجيرٌ يَمشِي مُثْقَلاً مُتقارِبَ الخَطْو كأنّ به هِجاراً لا يَنْشَطُ مِمَّا به من الشِّرَّةِ والبَلاءِ.

حرس : الليثُ : الحَرْسُ : وَقتٌ من الدهرِ دون الحُقْبِ. أبو عُبَيد : الحَرْسُ : الدَّهرُ ، والمُسْنَدُ : الدَّهرُ.

وقال الليث : الحَرَسُ هم الحُرَّاسُ والأحْرَاسُ ، والفعل حَرَس يَحْرُس ، والفعل اللازم يَحْتَرِسُ كأنه يَحْتَرِزُ. قلتُ : ويقال حارِسٌ وحَرَسٌ للجميع ، كما يقال : خادِمٌ وخَدَمٌ ، وعاسُّ وعَسَسٌ.

وقال الليثُ : البِناءُ الأحْرَسُ هو الأصَمُّ البنيان. قلت : البناءُ الأحْرَسُ هو القَدِيمُ العَادِيُّ الذي أَتَى عليه الحَرْسُ وهو الدَّهْرُ ، ومنه قوْلُ رُؤْبَة :

* وأَيْرَمٍ أَحْرَسَ فوْقَ عَنْزِ*

والأيْرَم : شبه عَلَمٍ يُبْنَى فوق القَارَة يُسْتَدَلُّ به على الطريق ، والعَنْزُ قَارَةٌ سوداء ، ويروى :

* وإرَمٍ أَعْيَسَ فوق عَنْزِ*

وفي الحديث أَنَّ غِلْمةً لحاطِب بنِ أبي بَلْتَعَةَ : احْتَرَسوا ناقَةً لِرَجُلٍ فانْتَحَرُوها.

وفي حديث آخر : جاء في حَرِيسَةِ الجَبَلِ قال : لا قَطْعَ فيها.

قال شَمِر : الاحتِرَاسُ : أن يُؤْخَذَ الشيءُ من المَرْعَى.

وقال ابن الأعرَابي : يقال للذي يَسْرِقُ الغنم مُحْتَرِسٌ ، ويقال للشَّاةِ التي تُسْرَقُ حَرِيسَةٌ. وفُلَانٌ يأْكُلُ الحَرِيساتِ إذا تَسَرَّقَ غَنَمَ الناس فأكلها ، وهي الحَرائِسُ.

وقال غيره : يقال للرَّجل الذي يُؤْتَمَنُ على حفظ شيءٍ لا يُؤْمَنُ أن يخون فيه.

مُحْتَرِسٌ من مِثْلِه وهو حارِسٌ.

والحَرْسان : جَبلان يقال لأحدهما : حَرْسُ قَساً وفيه هَضْبة يقال لها البيضاء ، وقال :

هُمُ ضَرَبُوا عن وَجْهِهَا بكَتيبَةٍ

كبيضاء حَرْسٍ في طَرَائِقها الرَّجْل

البيضاء : هَضْبةٌ في الجبَل.

سرح : قال الليث : السَّرْح : المالُ يُسَامُ في المَرْعَى من الأنْعَامِ.

يقال : سَرَح القومُ إبِلَهم سَرْحاً ، وسرَحَتِ الإبلُ سَرْحاً ، والمسرَحُ : مَرْعَى السَّرْح ، ولا يُسَمَّى سَرْحاً إلا بعد ما يُغْدَى به ويُرَاح ، والجميع السُّرُوحُ.

قال : والسَّارح يكون اسما للرَّاعي الذي يَسْرَحُها ، ويكون السَّارح اسماً للقوم لهم السَّرْح نحو الحاضر والسامر وهُما جَمِيعٌ.

وقال أبو الهَيْثَم في قول الله عزوجل : (حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) [النّحل : ٦].

يقال : سَرَحْتُ الماشيةَ أي أخْرَجْتُها بالغداة إلى المَرْعَى ، وسَرَح المالُ نفسه إذا رَعَى بالغَدَاة إلى الضُّحَى.

ويقال : سَرَحْتُ أنا أَسرَحُ سُرُوحاً أي غَدَوْتُ ، وأنشد لجرير :

وإذا غَدَوْتِ فَصَبَّحَتْكِ تَحِيَّةٌ

سبَقَتْ سُرُوحَ الشَّاحِجَاتِ الحُجَّلِ

قال والسَّرْحُ : المالُ الرَّاعي.

وقال الليث : السَّرْحُ : شجرٌ له حَمْلٌ ، وهي الأَلَاءَةُ ، الواحِدَةُ سَرْحة.

١٧٣

قلت : هذا غلط. ليس السَّرْح من الألاءَة في شيء.

قال أبو عُبَيد : السَّرْحَةُ : ضرْبٌ من الشجَرِ معروف ، وأنشد : قول عَنْتَرَة :

بَطَلٍ كأنَّ ثِيابَهُ في سَرْحَةٍ

يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ لَيْسَ بِتَوْأَمِ

يصفه بطول القامةِ فقَدْ بَيَّنَ لكَ أَنَ السَّرْحَةَ من كِبَارِ الشَّجَر ، ألا ترى أنه شَبَّه به الرجلَ لِطوله ، والآلاء لا ساقَ له ، ولا طُول.

وأَخْبَرني المنذري عن أبي الهَيْثَم أنه قال : السَّرْح : كُلُّ شَجَرٍ لا شوكَ فيها.

وفي حديث ابن عمر أنه قال : «إنَّ بمكان كذا وكذا سَرْحَةً لم تُجْرَدْ ولم تُعْبَلْ ، سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُون نَبِيّاً» ، وهذا يدل على أَنَ السَّرْحَة من عِظامِ الشَّجَر.

والعرب تَكْنى عن المرأة بالسَّرْحةِ النَّابتَة على الماء ، ومنه قوله :

يا سَرْحَةَ الماء قَدْ سُدّتْ مَوَارِدُه

أَمَا إليك طريقٌ غَيْرُ مَسْدُود

لِحَائِمٍ حامَ حتى لا حَراك به

مُحَلإٍ عن طريقِ الوِرْدِ مَرْدُودِ

كنى بالسَّرْحَةِ ، النَّابتَة على الماء ، عن المرأة لأنها حينئذ أحسن ما تكون.

ثعلب عن ابن الأعْرابي : السَّرْحُ : كِبَارُ الذَّكْوَانِ ، والذَّكْوَانُ : شَجَرٌ حَسَنٌ العَسَالِيج.

وقال الليث : السَّرْحُ : انْفِجَارُ البَوْلِ بعدَ احتباسه.

وَرَجُلٌ مُنْسَرِح الثِّيابِ إذا كان قَليلَها خَفيفاً فيها وقال رؤبة.

* مُنْسرِحٌ إلَّا ذَعاليبَ الخِرَقْ*

الذَّعاليبُ : ما تَقَطَّع من الثياب.

قال : وكل قطعة من خرقة مُتَمَزِّقَة أو دمٍ سائل مستطيل يابِسٍ فهي وما أشبههاً سريحة وجمعها سَرائح ، وقال لبيد :

* بِلَبَّتِه سَرائِحُ كالعَصيمِ*

قال : والسَّرِيح : السَّيْرُ الذي يُشَدُّ به الخَدَمَةُ فوق الرُّسْغِ.

أبو عُبَيْد عن الأصمعي : المُنْسَرِحُ : الخارج من ثِيابِه ، قلت وهذا هو الصَّواب لا ما قاله الليث. وأما السَّرائح فهي سُيُورُ نِعال الإبل ، كلّ سَيْرٍ منها سريحة.

والْخِدَامُ : سُيورٌ تُشَدُّ في الأرْساغِ ، والسرائِحُ تُشدُّ إلى الخدَم. والسَّريحةُ : الطريقَةُ من الدَّمِ إذا كانت مستطيلة.

أبو سعيد : سَرَحَ السَّيلُ يَسْرَحُ سُرُوحاً وسَرْحاً إذا جَرَى جَرْياً سهلاً ، فهو سَيْلٌ سارح وأنشد :

ورُبَّ كلِّ شُوْذَبِيٍ مُنْسرِحْ

من اللِّباسِ غَيْرَ جَرْدٍ ما نُصِحْ

والجَرْدُ : الخَلَقُ من الثياب. ما نُصِح أي ما خِيط.

وقال النّضرُ : السَّريحةُ من الأرض : الطريقة الظَّاهِرةُ المسْتوِيةُ ، وهي أكثرُ نَبْتاً وشجراً مِمَّا حولَها ، وهي مُشْرِفةٌ على ما حوْلها ، والجميع السَّرائحُ.

وسُرُحٌ : ماء لبني عَجْلان ذكره ابن مُقْبِل فقال :

١٧٤

* قالَتْ سُلَيْمَى بِبَطْنِ القاع من سُرُحٍ *

والعرب تقول : إنَّ خَيْرَك لَفي سَرِيح ، وإنَّ خيْرك لسَريح وهو ضِدُّ البطِيء ، وفَرَسٌ سِرياحٌ : سَرِيعٌ ، وقال ابن مُقْبِل يصفُ الخيْل :

مِنْ كلِّ أَهْوجَ سِرياحٍ ومُقْرَبةٍ

تُقَاتُ يومَ لِكَاكِ الوِرْدِ في الغُمَرِ

قال : وإنما خص الغُمَرَ وسَقْيها فيه لأنه وصفها بالعتْقِ وسُبوطَة الخُدود ولَطَافَةِ الأفْواه كما قال :

وتَشربُ في القَعْبِ الصغير وإن تُقَدْ

بِمشْفَرِها يوماً إلى الماءِ تَنْقَدِ

قال الليث : وإذا ضاقَ شيءٌ فَفَرَّجْتَ عنه قلت : سَرّحتُ عنه تَسْرِيحاً ، وقال العَجّاجُ :

وسرّحَتْ عنه إذا تَحَوَّبا

روَاجِبُ الْجَوْفِ الصَّهِيلَ الصُّلَّبا

وتَسريحُ الشعْرِ : تَرجِيلُه وتَخْليصُ بعضه من بعض بالمُشْط ، والمُشْط يقال له : المِرْجَلُ والمِسرح.

وأمَّا المَسرحُ بفتح الميم فهو المَرْعَى الذي تَسْرَحُ فيه الدّوَابّ للرَّعْي وجمعه المسارح ومنه قوله :

* إذا عَادَ المَسَارِحُ كالسِّبَاح*

وتَسريحُ دَمِ العِرْق المفصود : إرْسالُه بعد ما يسيل منه حين يُفْصدُ مرّةً ثانية وسَمّى الله جلّ وعزّ الطّلاقَ سَراحاً فقال : (وَسَرِّحُوهُنَ سَراحاً جَمِيلاً) [الأحزَاب : ٤٩] كما سَمّاهُ طَلاقاً من طَلّق المرأةَ ، وسَمّاه الفِرَاقَ ، فهذه ثَلَاثَةُ ألْفَاظ تَجمَعُ صَرِيحَ الطّلاق الذي لا يُدَيَّنُ فيها المُطَلِّق بها ، إذا أنكر أن يكون عَنَى بها طَلَاقاً. وأمّا الكِناياتُ عنها بغيرها مثل البائنة والبَتّة والحَرَام وما أشْبَهَها فإنه يُصدَّق فيها مع اليمين أنه لم يُرِد بها طَلاقاً.

وقال الليث : ناقَةٌ سُرُحٌ ، وهي المنْسرِحةُ في سيرِها السريعة ، وأنشد قولَ الأعشى :

بجُلَالةٍ سُرُحٍ كأن بِغَرْزِها

هِرّاً إذا انْتَعل المَطِيُّ ظِلَالها

أبو عُبَيد عن الأصمعي : مِلاطٌ سُرُحُ الجَنْبِ هو المُنْسَرِح للذهاب والمجيء ، وأراد بالملاط العَضُد.

وقال ابن شُمَيل : ابنا مِلَاطَى البعيرِ هما العَضُدان ، قال : والمِلَاطان : ما عن يمين الكِرْكِرَة وشَمالها.

الليث : السِّرْحان : الذِّئْبُ ويُجْمَع على السِّرَاح ، قال : والسِّرْحانِ فِعْلان من سَرَح يَسرَح.

قلت : ويجمع السِّرْحان سَرَاحينَ وسَرَاحِي بغير نون ، كما يقال : ثعَالِبُ وثَعَالِي ، وأما السِّرَاحُ في جمع السِّرْحان فغير محفوظ عندي. وسِرْحانٌ يُجْرى من أسماء الذئب ، ومنه قوله :

* وغارَةُ سِرْحانٍ وتَقْرِيبُ تُفَّل*

وقال الأصمعي : السِّرْحَانُ والسيِّد في لغة هُذَيْل : الأسَدُ. وفي لغة غيرهم الذِّئْبُ.

قال أبو المُثَلَّم يَرْثِي رَجُلاً :

شِهَابُ أَنْدِيَةٍ حَمَّالُ أَلْوِيَةٍ

هَبَّاطُ أَوْدِيَةٍ سِرْحَانُ فِتيان

وأنشد أبو الهيثم لِطُفَيْل :

١٧٥

وخَيْلٍ كأمثَالِ السِّراحِ مَصُونَةٍ

ذَخَائرَ ما أَبْقَى الغُرابُ ومُذْهَبُ

قال : ويقال : سِرْحان وسَرَاحِين وسِرَاح.

الليث : السِّرْحَانُ : الذئب. ويجمع على السَّرَاح. قال الأزهري : ويجمع سَراحِين وسَرَاحِي بغير نون كما يقال : ثَعَالِب وثَعَالي فأما السِّراحُ في جمع السِّرْحان فهو مسموع من العرب وليس بقياس. وقد جاء في شعر الكاهِليّ : وقِيسَ عَلَى ضِبْعَان وضِبَاع. ولا أعرف لهما نظيرا.

وقال الليث : المُنْسَرِح : ضربٌ من الشعر على مستفعلن مفعولات مستفعلن ست مرّات.

وفي كتاب كتبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأُكَيْدر دُومَةِ الجَنْدلِ : «لا تُعْدَل سارِحَتُكم ولا تُعَدُّ فارِدتكم».

قال أبو عُبَيد : أراد أنَّ ماشِيَتَهم لا تُصْرفُ عن مَرْعىً تُرِيدُه ، والسارِحَةُ هي الماشية التي تسرح بالغداة إلى مراعيها.

شَمِر عن ابن شُمَيل : السَّرِيحةُ من الأرض : الطريقة الظاهرة المستوية بالأرض الضّيِّقَة ، وهي أكثر شجراً مِمّا حولها ، فَتَراها مستطيلة شَجِيرَةً ، وما حولها قليلُ الشجر ، وربما كانت عَقَبة وجَمْعُها سَرَائِح.

أبو عُبَيد عن الكِسَائي : سَرّحَهُ الله وسَرحَه أي وفّقَه الله ، قلت : وهذا حَرْفٌ غَرِيب سمعته بالحاء في «المؤلف» عن الإيادي.

وقال شمر : قال خالد بن جَنْبَة : السارحة : الإبل والغنم ، قال : والسارحة : الدَّابَّة الواحدة. قال : وهي أيضاً الجماعة.

ويقال : تَسَرَّح فلان من هذا المكان أي ذَهَبَ وخرج ، وسَرَحْت ما في صدري سَرْحاً أي أخْرَجْته. وسُمَّى السَّرْحُ سَرْحاً لأنه يُسرَح فيخرجُ. وأنشد :

* وسرَحْنَا كلَّ ضَبٍّ مُكْتَمِنْ*

وقال في قوله : لا تُعْدَلُ سارحتكم أي لا تُصرف عن مرعىّ تُرِيده. يقال : عَدَلْتُه أي صَرَفْته فعدل أي انصرف.

رسح : قال الليث : الرَّسَحُ : ألا تكون للمرأة عَجِيزةٌ. فهي رَسْحاءُ. وقد رَسِحَتْ رسَحاً. وهي الزَّلَّاء والمِزلاجُ. ويقال للسِّمع الأزَلِ أَرْسَح.

والرَّسْحاءُ : القَبَيحة من النِّسَاء. والجمعُ رُسْحٌ.

ح س ل

حَسَلَ ، حلس ، سلح ، سحل ، لحس : مستعملات.

حسل : قال الليث : الحِسْلُ : وَلَدُ الضَّبِّ ، ويُكْنى الضَّبُّ أَبَا حِسْل.

وقال أبو الدُّقَيْش : تقول العرب للضَّبّ : إنه قاضي الدَّوَابِّ والطَّيْرِ.

قال الأزهري : ومما يحقق قولُه ما حَدَّثَنَاه المُنْذِرِيّ عن عثمان بن سعيد عن نُعَيم بن حَمَّادٍ عن مروان بن معاوية عن الحسن بن عمرو عن عامر الشعبي ، قال : سمعت النعمان بن بشير على المنبر يقول : يا أيها الناس ، إني ما وجدت لي ولكم مَثَلاً إلا الضَّبُع والثعلب ، أتيا الضَّبّ في جُحْرِه ،

١٧٦

فقالا : أبا حِسْل ، قال : أُجِبْتُما ، قالا : جِئْناك نَحْتِكم. قال : في بيته يُؤْتى الحَكَمُ ، في حديث فيه طول.

وقال الليث : جَمْعُ الحِسْل حِسَلة ، قلت : ويُجْمَعُ حُسُولاً.

وروى أبو عُبَيْد عن أبي زيد والأحمر أَنَّهما قالا : يقال لفَرْخِ الضَّبِّ حين يخرج من بَيْضه حِسْل ، فإذا كبِر فهو غَيْدَاقٌ.

وقال أبو عُبَيدة : المَحْسُول والمَخْسولُ بالحاء والخاء : المرذُول ، وقد حَسَلْتُه وخَسَلْتُه.

أبو عُبَيد عن الفراء : الحُسالة : الرَّذْلُ من كل شيء.

وقال بعض العَبْسِيِّينَ :

قَتَلْتُ سَرَاتكم وحَسَلت منكم

حَسِيلاً مثلَ ما حُسِل الوَبَارُ

قال شمِر : قال ابن الأعرابي : حَسَلْتُ : أبقَيتُ منكم بَقِيَّةً رُذَالاً ، قال : والحَسِيل : الرُّذَال.

وقال اللِّحْياني : سُحالة الفِضَّة وحُسالَتُها.

وقال ابن السِّكّيت : قال الطَّائي : الحَسِيلة : حَشَفُ النخل الذي لم يكن حَلَا بُسْرُه فيُيَبِّسونه حتى يَيْبَس ، فإذا ضُرِبَ انْفَتَّ عن نواه فَيَدِنُونَه باللبن ويمْرُدُون له تمراً حتى يُحَلِّيه فيأكلونه لَقِيماً. يقال : بُلُّوا لنا من تلك الحَسيلةِ ، وربما وُدِنَ بالماء.

أبو عُبَيد عن الأصمعي قال : وَلَدُ البَقَرَة يقال له : الحَسِيل ، والأنثى حَسِيلة.

أبو العبّاس عن ابن الأعرابي : يقال للبقرة لحَسيلة : والخَائِرَةُ والعجوز واليَفنَةُ ، وأنشد غيره :

عَلَيَّ الحَشِيشُ ورِيُّ لها

ويوم الغُوَارِ لِحسْل بن ضَبّ

يقولها المستَأْثَرُ عليه مَزْرِيةً على الذي يفعلُه.

قال أبو حاتم : يقال لولد البقرة إذا قرمَ أي أَكلَ من نبات الأرض حَسِيلٌ ، والجميع حِسْلَان ، قال : والحسيلُ إذا هلكت أمه أو ذَأَرَتْه أي نفرت منه فأُوجِر لبناً أو دقيقاً فهو مَحْسول ، وأنشد :

لا تَفْخَرنَّ بلحيةٍ

كَثُرَتْ منابِتُها طويلهْ

تهوَى تُفَرِّقها الريا

حُ كأَنها ذَنَبُ الحَسِيلهْ

والحَسْل : السَّوْقُ الشديد. يقال : حسْلتُها حَسْلاً إذا ضبَطتها سَوْقاً ، وقيل لولد البقرة حَسِيلٌ وحَسِيلةٌ ، لأنَّ أمَّه تُزَجِّيه معها وقال :

* كيف رأيتَ نُجْعتي وحَسْلِي *

سحل : قال الليث : السَّحِيلُ ، والجميع السُّحُل : ثوب لا يُبرَم غزلُه أي لا يُفْتَل طَاقيْن طَاقيْن ، يقال : سَحَلوهُ أي لم يَفْتِلُوا سَداه. وقال زهير

* على كل حَالٍ من سَحِيلٍ ومُبْرَم*

وقال غيره : السّحِيلُ : الغَزْل الذي لم يُبْرَم ، فأما الثَّوبُ فإنه لا يسمى سَحِيلاً ، ولكن يقال للثوب سَحْل.

روى أبو عُبَيد عن أبي عمرو أنه قال : السّحْلُ : ثوبٌ أبيض من قطن وجمعه

١٧٧

سُحُلٌ. وقال المُتَنخِّل الهُذَليّ :

كالسُّحُل البيض جَلَا لَوْنَها

هَطْلُ نِجاء الحَمَل الأَسْوَلِ

قال : وواحد السُّحُل سَحْلٌ.

وسُحُولٌ : قَرْيَةٌ من قُرَى اليمن يحمل منها ثياب قطن بيض تدعى السُّحُوليَّة بضم السين. وقال طرفة :

وبالسَّفْح آياتٌ كأنَّ رُسُومَها

يَمَانٍ وشَتْه رَيْدَةٌ وسُحُولُ

ريدة وسُحُول : قريتان ، أراد وَشْتْه أهل ريدة وسُحول.

عمرو عن أبيه قال : المُسَحَّلَةُ : كُبَّةُ الغَزْل.

وهي الوشيعة والمُسْمَّطَة.

وقال الليث : المِسْحَلُ : الحمار الوَحْشِي وسَحِيلُه : أَشَدُّ نَهِيقِه.

والمِسْحَلُ : من أسماء اللِّسَان ، والمِسْحَلُ من الرجال : الخ طيب ، قال : والمِسْحَلَان : حَلْقَتانِ. إحداهما مُدْخَلَةٌ في الأُخْرَى على طرف شَكِيم اللِّجام. وأنشد قولَ رُؤبة :

* لو لا شَكِيم المِسْحَلَيْن انْدَقّا*

والجميع المَسَاحِلُ ، ومنه قولُ الأَعشَى :

صددتَ عن الأعداء يوم عُبَاعِبٍ

صُدودَ المَذاكِي أَفْرَعَتْها المَسَاحِلُ

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : المِسْحَلُ : المِبْرَد ، ومنه سُحَالَةُ الفِضَّة. والمِسْحَلُ : فاسُ اللِّجام ، والمِسْحَلُ : المطرُ الجَوْدُ.

والمِسْحَل : الغاية في السَّخاء. والمِسْحَل : الجَلَّادُ الذي يُقيمُ الحدودَ بين يدَي السُّلْطان. والمِسْحَل : الساقي النشيط. والمِسْحَلُ : المُنْخُل ، والمِسْحَلُ فمُ المَزَادَة. والمِسْحَل : الماهر بالقرآن.

والمِسْحَلُ : الخطيب والمِسْحَلُ : الثوبُ النقي من القطن. والمِسْحَل : الشجاع الذي يعمل وحده. والمِسْحَلُ : الخيط الذي يُفْتَل وحده. والمِسحَلُ : المِيزابُ الذي لا يطاقُ ماؤُه. قال : والمِسْحَلُ : العزم الصارم. يقال : قد ركب فلان مِسْحَلَه إذا عزم على الأمر وجَدَّ فيه.

وأنشد :

* وإنَّ عِنْدِي لو رَكِبْتُ مِسْحَلي *

قال : وأما قوله :

* الآن لَمَّا ابْيَضَّ أعْلَى مِسْحَلِي *

فالمِسْحَلَان هاهنا الصُّدْغان ، وهما من اللِّجَام الخَدَّان.

وقال ابن شُمَيْل : مِسْحَلُ اللِّجام : الحديدة التي تَحْتَ الحَنَك. قال : والفأسُ : الحديدة القائمة في الشَّكِيمَة. والشّكِيمَةُ : الحديدةُ المُعْترَضةُ في الفم.

وقال الليث : السَّحْلُ : نَحْتُك الخشَبةَ بالمِسْحَل ، وهو المِبْرَد. قال : وسَحَلَه بلسانه إذا شتمه ، والرِّياح تَسْحَلُ الأَرضَ سَحْلاً إذا كَشَطت عنها أَدَمَتها.

والسُّحَالَةُ : ما تحَاتّ من الحديد وبُرِدَ من الموازين. وقال : وما تحاتّ من الرُّزِّ والذُّرَة إذا دُقّ شِبْهُ النُّخَالة فهي أيضاً سُحالة.

قال : والسَّحْلُ : الضَّربُ بالسياط يَكْشِطُ الجِلْدَ.

والسّاحِل : شاطىءُ البحر.

١٧٨

وقال غيره : سُمِّي ساحِلا : لأن الماء يَسْحَلُه أي يَقْشِرُه إذا عَلَاهُ فهو فاعِلٌ معناه مفْعُول ، وحقيقته أنه ذُو سَاحِلٍ من الماء إذا ارتفع المَدُّ ثم جَزَر فَجَرَف ما مرَّ عَلَيْهِ ، والإسْحِلُ : شَجَرة من شجر المَساويك. ومنه قول امرىء القيس :

* أسَارِيعُ ظَبْي أو مساوِيك إسْحِل *

ومُسْحُلَانُ. اسم وادٍ ذكره النابغة في شعره فقال :

* فأَعْلَي مُسحُلَان فحامِرَا*

وشابٌ مُسْحُلانيّ يوصف بالطول وحسن القوام.

وقال الأصمعي : باتت السماء تَسْحَلُ لَيْلَتَها أي تَصبُّ الماءَ.

قال : وانسِحَالُ الناقة : إسراعُها في سيرها.

ويقال : سَحَلَه مائةَ درهم إذا نَقَدَه ، والسَّحْلُ النَّقْدُ. وقال الهذلي :

* فأَصْبَح رَأْداً يَبْتَغِي المَزْج بالسّحْل *

وسَحَلَه مائَةَ سَوْطٍ أي ضَرَبَه ، وانْسَحَلَت الدَّرَاهمُ إذا امْلَاسَّت ، وانسَحَل الخَطِيبُ إذا اسْحَنْفَرَ في كلامه ، وركب مِسْحَلَه إذا مَضَى في خُطْبَته.

وفي الحديث أَنَّ ابن مسعود افْتَتَحَ سُورَةً فسحَلَها أي قَرَأَها كلَّها.

والسِّحَالُ والمُسَاحَلَةُ : المُلَاحَاةُ بَيْنَ الرَّجُلَين ، يقال : هو يُساحِله أي يُلَاحِيه.

وقال ابن السكيت : السّحَلَةُ : الأرنَبُ الصغيرة التي قد ارتفعت عن الخِرْنِق وفارقت أُمَّها.

وقالوا : مِسْحَلٌ : اسم شيطان في قول الأعشى :

دعوتُ خَلِيلي مِسْحَلاً ودَعْوَا له

جُهُنَّامَ جَدْعا للهجين المُذَمَّم

والمِسْحَلُ : موضع العِذار في قول جَنْدَل الطُّهَوِيُّ الرَّجّاز :

* عُلِّقْتُهَا وقد نَزَا في مِسْحَلي *

أي في موضع عذاري من لِحْيَتِي ، يعني الشيب.

ويقال : ركب فلان مِسْحَلَه إذا ركب غَيَّه ولم يَنْتَه عنه ، وأصل ذلك الفَرَسُ الجموح يركب رأسه ويَعَضُّ على لجَامِه.

وقال شمر : يقال : سَحَلَه بالسَّوْطِ إذا ضَرَبَه فقَشَرَ جِلْدَه ، وسَحَلَه بلسانه ، ومنه قيل للسان مِسْحل وقال ابنُ أَحْمر :

ومن خَطيبٍ إذا ما انساح مِسْحَلُه

مُفَرِّجُ القولِ مَيْسُوراً ومَعْسُورا

وقال بعض العرب وذكر الشعر فقال : الوقْفُ والسَّحْلُ ، قال : والسَّحْل : أن يتبعَ بعضُه بعضا وهو السَّرْدُ قال : ولا يجيء الكتاب إلا على الوقف.

وقال أبو زيد : السِّحْلِيلُ : الناقة العظيمة الضُّرْعِ التي ليس في الإبل مِثْلُها فتلك ناقة سِحْلِيلٌ. وقال الهُذَلِيُّ :

وتَجُرُّ مُجْرِيَةٌ لها

لَحْمِي إلى أَجْرٍ حَوَاشب

سُودٍ سَحَاليلٍ كأَ

نَ جُلُودَهُنَّ ثِيابُ راهِب

قال : سَحَالِيل : عظام البطون. يقال : إنه لِسِحْلال البطن أي عظيم البطن.

١٧٩

وفي الحديث أن الله تبارك وتعالى قال لأَيَّوبَ عَليه السّلام : «إنه لا ينبغي أن يُخَاصِمَني إلا من يَجْعَلُ الزَّيارَ في فم الأسد ، والسِّحَالَ في فم العَنْقَاء» السِّحَالُ والمِسْحلُ : واحد ، كما تقول : مِنْطَقٌ ونِطَاقٌ ، ومِئزَرٌ وإزَارٌ ، وهي الحديدة التي تكون على طَرَفَي شَكِيمِ اللِّجام.

وفي الحديث أن أُمَّ حكيم أَتَته بِكَتِفٍ ، فجعلت تَسْحَلُها له أي تَكْشِطُ ما عليها من اللحم ، ومنه قيل للمِبْرَد مِسْحَلٌ ، ويروى : فجعلت تَسْحاها أي تَقْشِرُهَا.

والسّاحِيَةُ : المَطْرَةُ التي تَقْشِر الأرض ، وسَحَوْتُ الشيءَ أَسْحَاهُ وأَسْحُوه.

وفي حديث علي صلوات الله عليه أن بني أُمَيَّة لا يزالون يَطْعُنُون في مِسْحَل ضَلَالة ، قال القُتَيْبِيّ : هو من قولهم : ركب مِسْحَله إذا أخذ في أمر فيه كلام ومضى فيه مُجِدّاً ، وقال غيره : أراد أنهم يُسْرِعُون في الضلالة ويُجِدّون فيها.

يقال : طَعَن في العِنان يَطْعُنُ ، وطَعَنَ في مِسْحَلهِ يَطعُنُ ، ويقال : يَطْعَنُ باللسان ويَطْعُنُ بالسِّنَان.

سلح : الليث : السَّلْح والغالِب منه السُّلَاح. ويقال : هذا الحَشِيشَةُ تُسَلِّح الإبِلَ تَسْلِيحاً. قلت : والإسْلِيحُ : بَقْلَة من أحرار البقول تَنْبُتُ في الشتاء تُسَلِّح الإبل. إذا استكثرت منها.

وقال ابن الأعرابي : قالت أعرابية : وقيل لها : ما شجرة أبيك؟ فقالت : الإسْلِيحُ رُغْوَةٌ وصَرِيح.

وقال الليث : السِّلَاحُ : ما يُعَدّ للحرب من آلة الحديد ، والسيفُ وحده يُسَمَّى سِلَاحاً ، وأنشد :

ثَلَاثاً وشَهْراً ثم صارت رَذِيَّةً

طَلِيحَ سِفَارٍ كالسِّلَاحِ المُفَرَّد

يعني السيف وحده.

قلت : والعرب تؤنث السِّلَاح وتُذَكِّرُه ، قال ذلك الفرّاء وابن السكيت. والعصا تُسَمَّى سلاحاً. ومنه قولُ ابن أحمر :

ولستُ بِعِرْنَةٍ عَرِكٍ سِلَاحي

عَصًى مَثْقُوبةٌ تَقِصُ الحِمارا

وقال الليث : المَسْلَحَةُ : قوم في عُدَّة بِموْضِعٍ مَرْصَدٍ قد وُكِّلُوا بِهِ بإزَاءِ ثَغْر ، والجميعُ المسالِحُ. والمَسْلَحِيّ الوَاحِدُ المُوَكّلُ به.

وقال ابن شميل : مَسْلَحة الجُند : خطاطيف لهم بين أيديهم ينفضون لهم الطريق ويَتَحَسَّسُون خبر العدو ويَعْلَمُون عِلْمَهم لئلا يُهجَمَ عليهم ولا يَدَعُون واحداً من العدو يدخل عليهم بلاد المسلمين وإن جاء جيش أنذروا المسلمين.

وقال الليث : سَيْلَحِينُ : أرض تسمى كذلك ، يقال : هذه سَيْلَحُونُ ، وهذه سَيْلَحِينُ. ومثله صَرِيفُونُ وصَرِيفِينُ ، وأكثر ما يقال : هذه سيلحونَ ، ورأيت سَيْلَحينَ : وكذلك هذه قِنَّسْرُونَ ، ورأيت قِنَّسْرينَ.

وقال أبو تراب : قال أبو عمرو وأبو سعيد في باب الحاء والكاف : السُّلَحَة والسُّلَكَة : فَرْخُ الحَجَل ، وجمعه سِلْحَانٌ

١٨٠