تهذيب اللغة - ج ٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

وطَمَح إذا أسرع ولم يَردّ وجْهَه شيءٌ.

قُلت : فرس جَمَوح له معنيان : أحدهما : يوضع موضع العَيْب. وذلك إذا كان من عادته ركوبُ الرأس لا يَثْنِيه راكبه ، وهذا من الجماح الذي يُرَدُّ منه بالعيب.

والمعنى الثاني في الفرس الجَمُوح أي يكون سريعاً نشيطاً مَرُوحاً ، وليس بعيبٍ يُرَدُّ منه ومصدره الجُموحُ ، ومنه قول امرىء القيس :

جَمُوحاً مَرُوحاً وإِحْضارُها

كمَعْمَعَة السَّعَف المُوقَدِ

وإنما مَدَحَها فقال :

وأعددْتُ للحرْب وَثَّابَةً

جَوَادَ المَحثَّةِ والمُرْوَدِ

ثم وصَفها فقال : جَمُوحاً مَرُوحاً أو سَبُوحاً أي تُسْرِعُ براكبها.

وقال أبو زيد : جَمَحت المرأةُ من زوجها تَجْمَح جِماحاً وهو خروجها من بيته إلى أهلها قبل أن يُطلِّقَها ، ومثله طَمَحَت طِماحاً. وأنشد :

إذا رأتني ذَاتُ ضِغْنٍ حَنَّتِ

وجَمَحت من زَوْجها وأَنَّتِ

وقال الليث : الجُمَّاحَةُ والجَمَامِيحُ هي رُؤوس الحَلِيِّ والصِّلِّيان ونحو ذلك مما يخرج على أطرافه شِبْهُ سُنْبُل غير أنه لَيِّنٌ كأَذْنَاب الثَّعَالِب.

أبو عُبَيد عن الأُمَوي : الجُمَّاح : ثمرة تُجْعَل على رأس خَشبة يلعب بها الصبيان.

وقال شمر : الجُمَّاح : سهمٌ لا ريشَ له أَمْلَس في موضع النَّصْل منه تمر أو طين يُرْمَى به الطائر فيُلْقِيه ولا يقتُله حتى يأخُذَه رامِيه يقال له الجُمَّاح والجُبَّاح ، وقال الراجز :

هل يُبْلِغَنِّيهم إلى الصَّباحْ

هِقْلٌ كأنّ رأسَه جُمَّاحْ

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الجُمَّاح : المنهزمون من الحرب. والجُمَّاحُ : سهم صغير يلعب به الصبيان. قال : وفرس جَمُوح : سريع وفرس جموح إذا لم يُثْن رأسُه.

وأخبرني المُنذِري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الجُمَّاح : سهم أو قصبة يُجْعَل عليه طين ثم يُرْمى به الطير ، وأنشد لرُقَيْعٍ الوَالِبِيّ :

حَلَقَ الحوادثُ لِمَّتي فَتَرَكْن لي

رأساً يَصِلُّ كأنه جُمَّاحُ

أي يُصَوِّت من امّلاسه ، وقال الحطيئة :

* بزُبِّ اللِّحَى جُرْدِ الخُصَى كالجَمامِح *

وقال غيره : العرب تسمي ذَكَر الرجل جُمَيْحاً ورُمَيْحا ، وتسمِّي هَنَ المرأة شُرَيْحا : لأنه من الرجل يَجْمَح فيرفع رأْسه ، وهو منها يكون مَشْروحاً أي مفتوحا.

جحم : قال الليث : الجَحيم : النار الشديدة التَّأجّج كما أجَّجوا ناراً لإبراهيم النبي عليه‌السلام فهي تَجْحَم جُحوما أي تَوَقَّد تَوَقُّدا. وجاحم الحرب : شدة القتل في مُعْتَركِها ، وأنشد :

* حتى إذا ذاق منها جَاحِماً برَدَا*

١٠١

وقال الآخر :

والحرب لا يَبْقى لِجا

حِمها التخيُّل والمِراح

وقال : كلُّ نار تُوقد على نار جَحِيمٌ.

والجَمرُ بعضُه على بعض جَحيم ، وهي نار جاحِمَة ، وأنشد الأصمعي :

* وضالّةٍ مِثْل الجحيم المُوقَدِ*

شبّه النِّصال وحِدّتها بالنار ، ونحو منه قول الهذلي :

* كأنّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيجُ*

ويقال للنار جاحم أي تَوَقُّد والتهاب ، ورأيت جُحْمَة النَّار أي تَوقُّدها.

وقال الليث : الجَحْمَة هي العين بلغة حِمْير ، وأنشد :

فيا جَحْمَتا بَكِّي على أُمِّ مالك

أكِيلَةَ قِلِّيب ببعض المذانب

قال : وجَحْمتا الأسد : عيناه بكل لغة.

والأجْحَمُ : الشديدُ حُمْرة العين مع سَعَتها ، والمرأة جحماء.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الجُحام : داء معروف.

والْجُحْمُ : القَلِيلُو الحياءِ.

وأخبرني المُنْذِري عن أبي طالب في قولهم : فلان جَحَّام ، وهو يتجاحم علينا أي يتضايق ، وهو مأخوذ من جاحم الحرب ، وهو ضيقها وشدّتها ، وقال بعضهم : هو يتجاحم أي يتحرق حِرْصا وبُخْلاً وهو من الجحيم.

وفي الحديث أن كلباً كان لمَيْمُونة فأخذه داء يقال له : الجُحامُ ، فقالت : وا رَحْمَتا لمِسْمار تعني كلبها.

قال : وأخبرني الحرّبي عن عمرو عن أبيه قال : جَحَمَتْ نارُكم تَجْحَم إذا كثر جمرها ، وهي جحيم وجاحمة.

محج : الليث : المَحْجُ : مسح شيء عن شيء ، والريح تمْحَجُ الأرض : تذهب بالتّراب حتى تتناول من أَدَمَة الأرض ترابها ، وقال العجَّاج :

ومحجُ أَرْوَاح يُبارينَ الصَّبَا

أَغْشَيْن معروفَ الدِّيارِ التَّيْرَبا

والثَّيْرَب والتّوْرَب والتّوْراب أراد التراب.

وأخبرني المُنْذِري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : اختصم شيخان غَنَوِيّ وباهِلِيّ ، فقال أحدهما لصاحبه : الكاذب مَحَج أُمَّه ، وقال الآخر : انظروا ما قال لي الكاذب : مَحَجَ أُمّه أي نَاكَ أُمَّه ، فقال الغَنوِيّ : كذب ، ما قُلْتُ له هكذا ، ولكني قلت : الكاذب مَلَجَ أمَّه أي رضعها.

وقال ابن الأعرابي : المحَّاجُ : الكذاب أيضاً ، وأنشد :

* ومجَّاج إذا كثر التجَنّي*

قلت : فمحج عند ابن الأعرابي له معنيان : أحدهما الجِماعُ ، والآخر الكَذِب.

وقال ابن الفَرَج : مَحَج المرأة ومَخَجَها إذا نكحها ، ومَحَج اللبنَ ومَخَجَه إذا مَخَضه.

مجح : قال غير واحد : التَّمَجُّح والتبجج بالميم والباء : البَذَخُ والفخر. هو يَتَمَجّح ويَتَبَجّح وقد مرّ تفسيره.

١٠٢

[أبواب الحاء والشين]

ح ش ض : أهملت وجوهها :

ح ش ص : استعمل من وجوهه : [شخص].

شحص : قال الليث : الشّحْصاءُ : الشاة التي لا لبن لها. أبو عُبيد عن الأصمعي : الشَّحاصَة والشَّحَص جميعاً : التي لا لبن لها ، والواحدة والجميع في ذلك سواء.

شَمِر : جمع شَحَص أشْحُص ، وأنشد :

* بأَشْحُص مُسْتَأْخِر مَسافدُه*

العَدَبَّس الكِنانِّي : الشحَصُ : التي لم يَنْزُ عليها الفحل قط. وقال الكسائي : إذا ذهب لبن الشاةِ كلُّه فهو شَحْص.

وفي «النوادر» يقال : أَشْحَصْتُه عن كذا وشَحَّصْته ، وأَقْحَصْته وقَحَّصْته ، وأَمْحَصْته ومَحَّصْته إذا أبعدته ، وقال أبو وَجْزَة السَّعْدِيّ :

ظعائِنُ من قيس بن عيلانَ أشْحَصَت

بهن النَّوَى إن النَّوَى ذَاتُ مِغْولِ

أَشْحَصَت بهن أي باعدتْهن.

ح ش س : أهملت وجوهها.

ح ش ز : مهمل.

ح ش ط

استعمل من وجوهها : شحط ، حشط.

شحط : قال الليث وغيره : الشّحط : البُعْد ، يقال : شَحَطَت الدَّار تَشْحَط شَحْطاٍ وشُحوطاً ، قال : والشحْطُ : البُعْد في الحالات كلها يُثَقَّل ويُخَفَّف ، وأنشد :

* والشَّحْطُ قَطَّاعٌ رَجَاءَ مَنْ رَجَا*

وقال الليث : الشحْطَةُ : داء يأخذ الإبل في صُدُورها لا تكاد تنجو منه. ويقال لأَثَر سحْج يُصِيب جَنْباً أوْ فَخِذاً ونحو ذلك.

أصابته شَحْطَة.

ثعلب عن عمرو عن أبيه يقال : شَحَطه وسَحَطه أي ذبحه.

وقال ابن الأعرابي : شَحَطَتْه العقرب وَوَكَعَتْه بمعنى واحد.

قال : ويقال : شَحَط الطائر وصام ، ومزَقَ ومَرَقَ وسَقْسَق ، وهو الشَّحْط والصوم.

وقال الليث : الشَّوْحَطُ : ضرب من النَّبْع ، وأخبرني المُنْذِرِيّ عن المُبَرِّد قال : يقال إن النَّبْع والشَّوْحَط والشَّرْيَان شجرة واحدة ولكنها تختلف أسماؤها بكرم منابتها ، فما كان في قُلّة الجبل فهو النَّبْع ، وما كان في سفحه فهو الشَّرْيَان ، وما كان في الحضيض فهو الشَّوْحَطُ.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : من أشجار الجبال النَّبْع والشَّوْحَط والتَّأْلَب.

وقال الليث : المِشْحَطُ : عود يُوضَع عند القضيب من قُضْبان الكرمْ يقيه من الأرض.

النَّضْر عن الطائفي أنه قال : الشَّحْطُ : عود يُرْفَعُ به الحَبَلة حتى تستقلّ إلى العريش قال : وقال أبو الخطاب : شَحَطْتُها أي وضعت إلى جانبها خشبة حتى ترتفع إليها.

وقال الليث : التَّشحُّطُ : الاضطراب في الدّم ، والولد يَتَشَحّط في السَّلَى أي يضطرب فيه ، وأنشدَ بيت النابغة :

١٠٣

ويَقْذِفْن بالأَوْلَاد في كل منزل

تَشَحَّطُ في أسْلائها كالوصائِل

وقال غيره : يقال : جاء فلان سابقاً قد شَحَطَ الخيلَ شَحْطاً أي فاتها ، ويقال : شَحَطَتْ بنو هاشم العرب أي فاتوهم فضلاً وسبقوهم. ويقال : شَحَط في السَّوْم وأَبْعَط إذا طَمَح فيه.

حشط : أهلمه الليث ، وقال ابن الأعرابي : الحَشْط : الكشط ، ثعلب عنه.

ح ش د

استعمل من وجوهه : حشد ، شحد ، شدح.

حشد : قال الليث : حَشَد القوم إذا خَقُّوا في التَّعاون وكذلك إذا دُعُوا فأسرعوا للإجابة قال : وهذا فعل يستعمل في الجميع ، وقَلَّما يقال للواحد حَشَد إلا أنهم يقولون للإبل : لها حالبٌ حاشد ، وهو الذي لا يَفْتُر عن حَلْبها ، والقيام بذلك. قلت : المعروف في حلْب الإبل حاشِك بالكاف لا حاشِد بالدّال ، وقد مرّ تفسيره في باب حَشَك إلا أن أبا عُبيد قال : يقال : حَشَد القومُ ، وحَشَكُوا ، وتَحتْرشُوا بمعنى واحد فجمع بين الدَّال والكاف في هذا المعنى وفي حديث صفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذي يُروى عن أُمِّ معْبد الخُزاعِية : «مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ *

أرادت أن أصحابه يخدمونه ويجتمعون عليه. ويقال : احتشد القومُ لفلان إذا أردتَ أنهم تَحَمَّعوا له وتَأَهّبوا ، وعند فلان حَشَدٌ من الناس أي جماعة قد احتشدوا له ، وقال أبو عمرو : يقال للرجل إذا نزل بقوم وأكرموه وأحسنوا ضيافته قد حشدوا له ، وقال الفرّاء : حشدوا له وحَفَلوا له إذا اختلطوا له وبالغوا له في إلْطافه وإكرامه.

الحَرَّاني عن ابن السِّكِّيب : أرض نَزْلَة : تَسِيلُ من أدنى مَطَر ، وكذلك أَرْضٌ حَشاد وزَهادٌ ، وأرض شَحاح.

وقال النضر : الحَشادُ من المسايل إذا كانت أرضٌ صُلْبة سريعةُ السيل وكثرت شِعابُها في الرَّحْبَة وحَشَد بعضها بعضا.

قال : ورجل محشود : عنده حَشْدٌ من الناس.

شحد : قال الليث : الشُّحْدودُ : السيءُ الخُلُق ، وقالت أَعرابية وأرادت أن تركب بَغْلاً : لعله حَيُوص أو قَمُوص أو شُحْدودٌ ، وجاء به غير الليث.

شدح : أهمله الليث ، وروى أبو عُبيد عن الفراء : انشدح الرجل انشداحاً إذا استلقَى وفَرَّج رِجْلَيْه.

وقال أبو عمرو : ناقة شَوْدَح : طويلة على وجه الأرض ، وأنشد :

قَطَعتُ إلى مَعْرُوفِها مُنكراتِها

بِفَتْلاءِ إمْرارِ الذِّراعَيْن شَوْدَح

ويقال : لك عن هذا الأمر مُشْتدَح ومُرْتَدَح ومُرْتَكَح ومُنْتَدَح ، وشُدْحَةٌ وبُدْحَة ورُكْحة ورُدْحَة وفُسْحة بمعنى واحد.

وكلأ شادِح وسادِح ورادِح أي واسع كثير.

ح ش ت

حتش : قال الليث في كتابه : حَتَش يَنْظُر فيه ،

١٠٤

وقال غيره : حَتَش إذا أدام النَّظَر. وقيل : حَتَش القوم وتَحَتْرَشوا إذا حَشَدوا.

تشح : قال الطرماح يصف ثورا :

مَلاً بائِصاً ثم اعتَرَتْهُ حَمِيَّةٌ

على تُشْحةٍ من زائِدٍ غيرِ واهِن

[ح ش ظ : مهمل](١).

قال أبو عمرو في قوله : على تُشْحَة أي على جِدٍّ وحَمِيَّة. قلت : أنا أظن التشحة في الأصل أُشْحة فقُلِبت الهمزَةُ واواً ثم قلبت تاء كما قالوا : تُراث وتَقَوى.

وقال شمر : يقال : أَشِحَ يَأْشَح إذا غضب ، ورجل أَشْحانُ أي غضبان. قلت : وأصل تُشْحة أُشْحة من قولك : أَشِحَ.

ح ش ذ

استعمل من وجوهه :

شحذ : قال الليث : الشَّحْذُ : التحديد. تقول : شَحَذْت السكّين شَحْذا إذا أَحْدَدْته فهو مشحوذ وشحِيذ ، وأنشد :

* يَشْحَذ لَحْيَيْه بنابٍ أَعْصَلِ*

أبو عُبيد عن الأحمر : الشَّحَذانُ : الجائِع.

وقال اللحياني : شَحَذْتُه بعيني : أَحَدَدتُها فرميته بها حتى أصبتُه بها وكذلك زَرَقْته وحدجْته قال : وشَحَذْتُه أي سُقْته سوقاً شديداً ، وسائق مِشحذ.

وقال أبو نُخَيْلة :

قلت لإبليسَ وهامان خُذَا

سُوقا بني الجَعْراء سَوْقاً مِشْحَذا

واكْتَنِفاهم من كذا ومن كذا

تَكَنُّفَ الريح الجَهام الرُّذَّذَا

وفلان مَشْحُوذ عليه أي مغضوب عليه.

وقال الأخْطَل :

خيالٌ لأرْوَى والرَّباب ومن يكن

له عند أَرْوَى والرَّباب تُبُولُ

يَبِتْ وهو مَشْحُوذٌ عليه ولا يُرَى

إلى بَيْضَتَي وَكْرِ الأُنوقِ سبيل

شمِر عن ابن شُميل : المِشْحاذ : الأرض المستوية فيها حَصًى نحو حَصَى المسجد ولا جَبَل فيها ، قال : وأنكر أبو الدُّقَيْش المِشْحاذَ.

وقال غيره : المِشْحاذ : الأكمة القَرْواء التي ليست بضَرِسَة الحجارة ولكنها مستطيلة في الأرض ، وليس فيها شَجَر ولا سَهْل.

أبو زيد : شَحَذَت السماء تَشْحَذُ شَحْذاً ، وحَلَبَت حَلْباً وهي فوق البَغْشَة.

وفي «النوادر» : تَشَحَّذَنِي فلان وتَزَعَّقَني أي طردني وعَنَّاني.

ح ش ت

أهملت وجوهه.

ح ش ر

حشر ، حرش ، شرح ، شحر ، رشح : [مستعملات].

حشر : قال الليث : الْحَشر : حَشْرُ يوم القيامة ، والمَحْشَر : المجمَع الذي يُحْشر إليه القوم وكذلك إذا حُشِروا إلى بلد أو

__________________

(١) أهمله الليث.

١٠٥

معسكر ونحوه.

وقال الله جلّ وعزّ : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) [الحَشر : ٢] نزلت في بني النَّضِير ، وكانوا قوماً من اليهود عاقدوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما نزل المدينة ألا يكونوا عليه ولا له ، ثم نَقَضُوا العهد وما يلوا كُفَّار أهل مكة فقصدهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ففارَقُوه على الْجَلاء من منازلهم فجلَوْا إلى الشّام ، وهو أوَّلُ حَشْر حُشِر إلى أرض المَحْشَرِ ، ثم يُحْشَر الخَلْق يوم القيامة إليها ، ولذلك قيل : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) ، وقيل : إنهم أول من أُجْلِي من أهل الذِّمّة من جزيرة العرب ، ثم أُجْلِي آخِرهم أيَّامَ عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، منهم نَصَارى نَجْران ويهودُ خَيْبَر.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) [التّكوير : ٥] ، وقال : (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) [الأنعَام : ٣٨] ، وأكثر المفسرين قالوا : تُحْشَر الوحوشُ كلها وسائر الدّواب حتى الذُّباب للقصاص ، وأُسْنِد ذلك إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقال بعضهم : حشرُها : موتها في الدنيا.

وقال الليث : إذا أصابت الناسَ سَنَةٌ شديدة فأجْحَفَت بالمال وأهلكت ذوات الأربع قيل : قد حشرتْهُم السنة تحشُرُهم وتحشِرُهم وذلك أنه تُضمُّهم من النواحي إلى الأمصار. وقال رؤبة :

وما نَجَا من حَشْرِهَا المحْشُوشِ

وحْشٌ ولا طَمْشٌ من الطُّمُوشِ

قال : والحَشَرَةُ : ما كان من صغار دوابِّ الأرض مثل اليَرابِيع والقنافِذِ والضِّبَاب ونحوها وهو اسم جامع لا يُفْرَد الواحد إلا أن يقولوا هذا من الحَشَرة.

وقال الأصمعي : الحشرات والأحْراشُ والأحْناش واحد وهي هوامُّ الأرض.

وفي «النوادر» : حُشِر فلانٌ في ذَكَره وفي بطنه وأُحْثِل فيهما إذا كانا ضخْمَين من بين يديه.

وقال الليث : الْحَشوَر من الدواب : كل مُلَزَّز الخَلْق شديده ، ومن الرجال : العظيمُ البَطْن أبو عُبَيد عن الأحمر : الحَشْوَرُ : العظيم البطن ، وأنشد غيره :

* حَشْوَرَةُ الْجَنبَيْن مَعْطاءُ القَفَا*

وقال الليث : الْحَشر من الآذان ومن قُذَذِ ريش السِّهام : ما لَطُف كأنما بُرِي بَرْياً ، وأنشد ابن الأعرابي في صفة ناقة :

لها أُذُن حَشْر وذِفْرَى أَسِيلَة

وخَدٌّ كمِرْآة الغريبة أسْجَحُ

وقال الليث : حَشَرْت السِّنان فهو مَحْشُور أي دقَّقْتُه وأَلْطَفْته.

وقال ابن شُمَيْل عن أبي الخَطَّاب : الحَبَّة عليها قِشْرَتان ، فالتي تلِي الحَبَّةَ الحَشَرَة والجميع الحَشَر ، والتي فوق الحشرة القَصَرَة ، قال : والمَحْشَرة في لغة أهل اليمن : ما بَقِي في الأرض وما فيها من نبات بعد ما يُحْصَد الزرعُ فربما ظهر من تحته نبات أخْضَر فذلك المَحْشَرَة. يقال : أرسلُوا دَوَابَّهم في المَحْشَرة.

شحر : قال الليث : الشِّحْر : ساحل اليمن في أقصاها ، وأنشد :

رَحَلْتُ من أقصى بلاد الرُّحَّلِ

من قُلَل الشِّحْرِ فجَنْبَي مَوْكَلِ

١٠٦

ثعلب عن ابن الأعرابي : الشِّحْرَةُ : الشَّطّ الضَّيِّق ، والشِّحْر : الشَّطّ.

شرح : قال الليث : الشَّرْح والتَّشريح : قَطْع اللحم عن العُضْو قَطْعاً ، وكلُّ قطْعة منها شَرْحَةٌ.

ويقال : شَرَح الله صدرَه فانشرَح أي وَسَّع صدرَه لقَبول الحقِّ فاتَّسع.

ويقال : شرحَ فلانٌ أَمْرَه أي أوضحه.

وشرح مسألة مُشْكِلة إذا بَيَّنها.

وشرح جَارِيته إذا سَلَقَها على قَفاها ثم غَشِيَها.

وقال ابن عباس : كان أَهْل الكتاب لا يَأْتُون نساءَهم إلا على حَرْفٍ ، وكان هذا الحيُّ من قُرَيش يَشْرحون النساءَ شَرْحاً.

وسأل رجل الحَسن : أكان الأنبياءُ يَشْرحون إلى الدُّنيا مع علمهم بربهم ، يريد كانوا يَنْبَسِطُون إليها ويرغبون في اقْتِنائها رَغْبَةً واسعة.

عمرو عن أبيه قال : قال رجُل من العرب لفَتَاه : أَبْغني شارحاً فإنَّ أَشَاءَنا مُغَوَّسٌ ، وإنّي أخافُ عليه الطَّمْلَ.

قال أبو عمرو : الشارح : الحافظ ، والمُغَوَّسُ : المُشَنَّخُ. قلتُ : تَشْنِيخُ النَّخْل : تَنْقِيحُه من السُّلَّاء. والأشَاءُ : صغار النخل.

وقال أبو العباس : قال ابن الأعرابي : الشّرْحُ : الحِفْظُ ، والشَّرح : الفَتْحُ ، والشَّرْحُ : البيانُ ، والشَّرْح : الفهم ، والشَّرْح : افْتِضاض الأبكار ، وأنشد غيره في الشَّارح بمعنى الحافظ :

وما شاكِرٌ إلا عَصافيرُ قَرْيَةٍ

يقومُ إليها شارِحٌ فَيُطِيرُها

والشارح في كلام أهل اليمن : الذي يحفظ الزرعَ من الطُّيُور وغيرها.

وقال ابن شُمَيل : الشَّرْحَة من الظِّبَاء : الذي يُجاءُ به يابساً كما هو لم يُقَدّد.

يقال : خُذْ لنا شَرْحَةً من الظِّباء ، وهو لحم مَشْرُوح ، وقد شَرَحْته وشَرَّحْتُه.

والتَّصْفِيف نَحْو من التَّشْريح وهو تَرْقِيق البَضْعَةِ من اللّحم حتى يَشِفَّ من رِقَّته ثم يُلْقَى على الجَمْر.

رشح : قال ابن المظفّر : الرَّشْح : نَدَى العَرَق على الجسد. يقال : رشح فلان عَرَقاً ، والرَّشح : اسم لذلك العرق ، وسُمِّيت البطانة التي تحت لِبد السَّرْجِ مِرْشحة لأنها تُنَشِّف الرَّشحَ يعني العَرَق.

أبو العباس عن سَلَمَة عن الفراء يقال : أَرْشَح عَرَقاً ورَشَح عَرَقاً بمعنى واحد.

وقال أبو عمرو : الرَّشْح : العَرَق.

وقال الليث : التَّرْشيح : أن تُرَشِّحَ الأمُّ ولدها باللَّبن القليل تجعلُه في فِيه شيئاً بعد شيء حتى يَقْوَى لِلْمَصِّ ، قال : والتَّرْشيح أيضاً : لَحْسُ الأُمّ ما على طفلها من النُّدُوَّةِ حين تَلِدُهُ وأنشد :

* أُمُّ الظِّبَاء تُرَشَّح الأطْفالا*

وقال الأصمعي : إذا وضعت الناقة ولدها فهو سَلِيل ، فإذا قَوِي ومشى فهو راشِح ، وأمه مُرْشِح ، فإذا ارتفع عن الرّاشح فهو جادِل.

١٠٧

وقال الليث : الراشِح والرَّواشِح : جبال تَنْدَى ، فربما اجتمع في أصولها ماء قليل ، فإن كثُر سُمِّي وَشَلاً ، وإن رأيته كالعرق يجري خلال الحجارة سُمِّى راشِحا.

وقال غيره : بنو فلان يَسْتَرْشحون البقلَ أي يَنْتَظِرون أن يَطُول فَيَرْعَوْه ويَستَرْشحون البُهْمَى يُرَبّونه ليَكْبُر ، وذلك الموضع مُسْتَرْشَح ، وقال ذو الرُّمة يصف الحمير :

يُقَلِّبُ أَشْبَاها كأن مُتُونَها

بمُستَرْشَح البُهمى من الصّخْر صَرْدَحُ

ويقال : فلانُ يُرَشَّحُ للخلافة إذا جُعِل وَلِيَّ العَهْد.

حرش : الليث : الحَرْش والتَّحْرِيش : إغراؤك الإنسان والأسدَ ليقع بِقِرْنه.

والأحْرَش من الدَّنانير : الخَشِن لجدَّته ، والضَّبُ أَحْرَشُ : خَشِنُ الجلد كأنّه مُحَزَّز.

وتقول : أَحْرَشْتُ الضَّبَّ وهو أن تُحَرِّشَه في جُحْره فتُهَيِّجه فإذا خرج قريباً منك هَدَمتَ عليه بقية الجحر وربما حدشَ الضَّبُّ الأفْعى إذا أرادت أن تَدْخُل عليه قاتلها.

قال : وقال ابن شُمَيل : يقال : قد احترشُوا الضِّباب.

قال : والحَرْش : أن يُقَعْقِع الرجلُ الحِجارةَ على رأس جُحرِه ، أو يُحرّكَ عَصاً أو حَصًى على قَفَا جُحره فيحسِبُه دابّة تريد أن تدخل عليه فيجيء ويَزْحَل على رِجْليه ليقاتل فيناهِزه الرجلُ فيأخُذَ بذنبه فيُضَبِّب عليه فلا يَقْدر أن يَفيضَ ذَنَبُه أن يُفْلِتَه أي لا يقدر أن يَنْفلِت منه.

قال شَمِر : والتَّضْبيب : شدّة القبض ، قال والمُنَاهَزَة : المُبادَرة ، قال : وأَفْعَى حَرْشاء : خشنة الجلدة ، وهي الحريش أيضاً. وأنشد :

تَضْحَكُ مِنّى أن رَأَتْني أحْتَرِشْ

ولو حَرَشْتِ لكَشَفْت عن حِرْش

أراد عن حِرِك يقلبون كاف المخاطبة للتأنيث شِينا.

وقال أبو عُبيد : من أمثالهم في مُخاطبة العالم بالشيءِ مَنْ يُريد تعليمَه : «أَتُعْلِمُني بضَبٍّ أنا حَرَشتُه» ونحوٌ منه قولهم : «كمعلِّمَة أمَّها البِضَاعَ».

وقال الليث : الحَرِيشُ ، يقال هو دابّة له مَخالب كمخالب الأسد ، وله قَرْنٌ واحد في وسطِ هامته ، وأنشد :

بها الحَرِيش وضِغْزٌ مائل ضَئْزٌ

يأوي إلى رَشحٍ منها وتَقْلِيص

قلت : ولا أدري ما هذا البيت ، ولا أعرف قائله ، وقال غير الليث :

* وذو قَرْنٍ يقالُ له حَرِيش *

وقال ابن الأعرابي فيما أقرأنيه المنذري عن أحمد بن يحيى له : الهِرْمِيس : الكرْكَدَّنُ : شيء أعظم من الفيل له قرن يكون في البحر أو على شاطئه ، قلت : وكأنّ الحَرِيش والهِرْمِيس شيء واحد والله أعلم.

أبو عُبيد : الحَرْشُ : الأثَر ، وجمعه حِراشٌ ، وبه سُمِّي الرجل حِراشاً.

وسمعت غير واحد من الأعراب يقول للبعير الذي أَجْلَبَ دَبَرُه في ظهره : هذا بعير أَحْرَش ، وبه حَرَش ، وقال الشاعر :

١٠٨

فطارَ بكَفِّي ذو حِراش مُشَمِّرٌ

أحَذُّ ذَلَاذِيلِ العَسيب قصير

أراد بذي حِراش جَمَلا به أثر الدّبَر.

ويقال : حَرَشْتُ جَرَب البعير أَحْرِشه حَرْشاً وخَرَشْتُه خَرْشاً إذا حكَّكتَه حتى تَقَشَّر الجلدُ الأعْلى فيَدْمى ثم يُطْلى حينئذٍ بالهِناء.

وقال أبو عمرو : الحَرْشاءُ من الجُرْب :

التي لم تُطْل ، قلت : سُمّيت حَرْشاء لخشونة جلدها ، وقال الشاعر :

وحتى كأَنِّي يَتَّقِي بي مُعَبَّد

به نُقْبَةٌ حرشاءُ لم تَلْقَ طاليا

أبو عُبَيد عن الأصمعي : ومن نَباتِ السَّهْل : الحَرْشاءُ والصَّفراء والغَبْراء ، وهي أعشاب معروفة تَسْتَطيبُها الرّاعية.

وقال الليث : الحَرْشُ ، ضَرْب من البَضْع وهي مُسْتَلْقِية.

أبو سعيد : دراهم حُرْشٌ : جِيادٌ خُشْن حديثة العهد بالسِّكّة.

ح ش ل

أهملت وجوهها غير حرف واحد :

شلح : قال الليث : الشَّلْحاء : هو السيفُ بلُغة أهل الشَّحْر وهم بأقصى اليمن ، وروى أبو العَبَّاس عن ابن الأعرابي قال : الشُّلْح : السيوف الحِدادُ.

قلتُ : ما أُرَى الشَّلْحاء والشلْحَ عربية صحيحة ، وكذلك التشليح الذي يتكلم به أهل السواد ، سمعتهم يقولون : شُلَّح فلان إذا خرج عليه قُطَّاع الطريق فسلبوه ثيابه وعَرَّوْه ، وأحسِبُها نَبَطِيَّة.

ح ش ن

حشن ، حنش ، شحن ، نشح ، نحش ، شنح : [مستعملات].

حشن : قال ابن المُظَفّر وغيره : حَشِنَ السقاءُ يَحْشَن حَشناً وأَحْشَنْتُه أنا إحْشَانا إذا أكثرت استعمالَه بِحَقْن اللبن فيه ولم تتعهّده بما يُنظّفه من الوَضَر والدّرَن فأرْوَحَ وتغيّر باطنه ولَزِق به وسخ اللبن.

أبو عُبَيد عن الأُمَويّ : الحِشْنة : الحِقدُ ، وأنشدنا.

ألا لا أَرَى ذا حِشْنَةٍ في فَؤاده

يُجَمْجِمُها إلا سَيَبْدو دِفينُها

وقال شَمِر : لا أعرف الْحِشْنَة ، قال : وأراهُ مأخوذاً من حَشِن السقاء إذا لزِق به وضَر اللبنِ ودَرِن ، وأنشد ابن الأعرابي :

* وإن أتَاها ذُو فِلَاقٍ وحَشَن *

يعني وَطْبا تَفَلَّقَ لَبَنه وَوَسِخَ فَمُه شحن : قال الليث : الشَّحْنُ : مَلْؤُك السفينةَ وإتمامُك جهازَها كُلّه فهي مشحونة : مملوءة.

وقال الله جلّ وعزّ : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [الشُّعَرَاء : ١١٩] يريد المملُوء.

قلت : والشِّحْنةُ : ما يُقامُ للدّواب من العَلَفِ الذي يكفيها يومَها وليلتَها هو شِحْنَتها.

وشِحْنَةُ الكُورة : مَنْ فيهم الكفاية لضبْطها من أولياء السلطان.

وقال الليث : الشَّحْناء : العداوة ، وهو مُشاحن لك ، وقال أبو زيد : يقال :

١٠٩

شاحَنْتُه مشاحنةً من الشحناء ، وآحنتُه مُؤاحنة من الإحْنة.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ وأبي زيد : أشحَنَ الرجلُ إشحاناً ، وأجْهَشَ إجهاشاً إذا تهيأ للبكاء ، قال الخُذَلِيّ.

* ... وقد هَمَّت بإشحانِ *

وقال ابن الأعرابي : سيوف مُشْحَنةٌ في أغْمادِها ، وأنشد :

إذ عارَتِ النَّبْل والْتَفَّ اللُّفُوفُ وَإذْ

سَلُّوا السيوفَ عُرَاةً بعد إشحَان

وسمعت أعْرَابِيّاً يقول لآخر : اشحَنْ عنك فلاناً أي نحّه وأبْعِده ، وقد شحنه يَشْحَنُه شَحْناً إذا طرده.

وقال شَمِر : قال الشَّيباني : الشّاحن من الكلاب : الذي يُبْعد الطريدَ ولا يَصِيد ، وفي الحديث «يغفر الله لكل بشر ، ما خلا مشركاً أو مُشاحِناً».

قال شَمِر : قال الأوزاعي : هو صاحبُ البِدْعة المفارق للجماعة والأُمَّة.

وقيل المُشاحنة : ما دُون القتال من السَّبِّ والتَّعاير ، مأخوذ من الشَّحناء. وهي العداوة.

شنح : الليث : الشناحيّ : يُنعت به الجَمل في تمام خَلْقه ، وأنشد :

أَعَدُّوا كلَّ يَعْمَلَةٍ ذَمُولٍ

وأَعْيَسَ بازلٍ قَطِمٍ شَناحِي

أبو عُبَيد عن الأصمعي : الشَّناحيُ : الطّويل ، ويقال : هو شَناحٌ كما ترى.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الشُّنُح : الطِّوالُ. والشُّنُح : السُّكارى.

نشح : قال الليث : نَشَحَ الشارِبُ إذا شَرِب حتى امتلأ.

وسِقاء نَشَّاح : نَضَّاح.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : النُّشُح السُّكَارَى.

الحرّاني عن ابن السكيت : النَّشوح من قولك : نَشَحَ إذا شَرِب شُرْباً دون الرِّيِّ.

وقال أبو النّجْم :

* حتَّى إذا ما غَيَّبَتْ نَشُوحا*

وسمعتُ أعرابيّاً يقول لأصحابه : ألا وانْشَحُوا خيلَكم نَشْحاً أي اسقوها سَقْياً يَفْثأ غُلَّتَها وإن لم يُرْوِها ، وقال الرَّاعي يذكر ماء ورده :

نَشحْتُ بها عَنْساً تَجافَى أظَلُّها

عن الأُكْم إلا ما وَقَتْها السَّرائح

حنش : الليث : الحَنشُ : ما أَشْبه رُؤوسه رؤوس الحيّات من الحَرابِي وسَوَامِّ أَبْرَصَ ونحوِها ، وأنشد :

تَرَى قِطَعاً من الأحْناشِ فيه

جَماجِمُهُن كالخَشَلِ النَّزِيعِ

وقال شمر : الحنَش : الحَيَّة ، وقال غيره : الأَفْعَى ، قال ذو الرُّمَّة :

وكم حَنَشٍ ذَعْفِ اللُّعابِ كأنّه

على الشَّرَك العَادِيِّ نِضْوُ عِصَامِ

والذَّعْفُ : القاتل ، ومنه قيل : مَوت ذُعافٌ.

قال شمر : ويقال للضَّباب واليَرابِيع : قد

١١٠

احْتَنَشَت في الظَّلَم أي اطَّرَدَت وذهبت فيه ، وأنشد شمر في الحَنَش :

فاقْدُرْ له في بعض أَعْرَاض اللِّمَمْ

لَمِيمَةً من حَنَشٍ أعْمَى أَصَمْ

فالحنَشُ هاهنا الحيّة ، وقال الكُمَيْتُ :

فلا ترأمُ الْحِيتانُ أَحْنَاش قَفْرةٍ

ولا تَحْسَب النِّيبُ الحِجاشَ فِصَالَها

فجعل الحَنَش دَوابَّ الأرض من الحيَّات وغيرها. أبو عُبَيد عن أبي عمرو : الحَنَشُ : الحيّة ، والحَنَشُ كُلّ شيء يُصادُ من الطَّير والهَوامِّ. يقال منه : حَنَشْتُ الصيدَ أحْنِشُه وأَحْنُشُه إذا صِدْتَه ، وقيل : المَحْنُوشُ : الذي لسَعَتْه الحَنَش ، وهي الحَيَّة ، وقال رُؤْبة :

* فقُلْ لذاكَ المُزْعَج المَحْنُوش *

أي فقل لذاك الذي أقلقه الحَسَد وأزعجه ، وبه مِثْلُ ما باللَّسِيع.

وقال ابن الأعرابي : المَحْنُوش : المَسُوق جئت به تَحْنِشُه أي تسوقه مُكْرَهاً.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : حَنَشْتُه عنه : عطفته. قلت : هو بمعنى طَرَدْته ، يقال : حَنَشه وعَنَشه إذا ساقه وطرده ، وقال أبو عمرو : المحنوش : المَغْموزُ في حَسَبه.

نحش : أهمله الليث ، وقال شَمِر فيما قرأت بخَطّه : سَمِعْتُ أَعْرَابِياً يقول : الشِّظْفَةُ والنِّحَاشَةُ : الخُبْزُ المُحْتَرِق ، وكذلك الجِلْفَةُ : والقِرْفَةُ.

ح ش ف

حشف ، حفش ، فشح ، فحش : مستعملة.

حشف : قال الليث : الحَشَفُ من التَمْر : ما لم يُنْوِ ، فإذا يَبِس صَلُب وفَسَد لا طعم له ولا لحاء ، ولا حلاوة.

ويقال : قد أحشف ضَرْعُ النّاقة إذا انقبض يَسْتَشنّ أي يصير كالشَّنِّ.

قال : والحَشَفَةُ : ما فوق الخِتَان.

ابن السكيت : الحَشِيفُ : الثوب الخَلَق وأنشد :

أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذو حَشِيفٍ

إذا سامَت على المَلَقَاتِ سامَا

ويقال لأُذُن الإنسان إذا يَبِس فَتَقبَّض قد استَحْشَفَ وكذلك ضَرْعُ الأُنثى إذا قَلَص وتَقَبَّضَ ، يقال له : حَشَفٌ ، وقال طرفة :

* على حَشَفٍ كالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّد*

ويقال للجزيرة في البحر لا يَعْلُوها الماء حَشَفَةٌ وجمعها حِشافٌ إذا كانت صغيرة مُسْتَديرة ، وجاء في الحديث أنَّ موضِعَ بيتِ الله كانت حَشَفَة فَدَحَا الله الأرض عنها.

ويقال : رأيتُ فلاناً مُتَحشِّفاً إذا رأيته سيِّىء الحال مُتَقَهِّلاً رَثَّ الْهَيئَة.

وقال شمر : الحُسَافَةُ والحُشافَةُ ، بالسين والشين : الماء القليل.

فحش : الليث : الفُحْشُ : معروف ، والفَحْشاءُ : اسم الفاحِشَة ، وكل شيء جاوز حدّه وقدرَه فهو فاحش. وأَفْحشَ الرجلُ إذا قال قولاً فاحِشاً ، وقد فَحُش علينا فلان ، وإنه لفَحَّاش ، وكل أمر لا يكون مُوافِقاً للحق فهو فاحِشَة ، وقال الله جلّ وعزّ : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [النِّساء : ١٩] قيل : الفاحِشَة المَبَيِّنَةُ : أن تَزْنِي فَتُخرَجَ للحَدِّ ، وقيل : الفاحِشَةُ : خروجها من بيتها من غير إذْن

١١١

زَوْجها.

وقال الشافعي : هو أن تَبْذَأَ على أَحْمائها بذَرَابة لِسانِها فَتُؤْذِيهَم ، وتأوَّل ذلك في حديث فاطمة بنت قَيْس أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يجعل لها سُكْنى ولا نفقة ، وذكر أنه نقلها إلى بيت ابنِ أُمِّ مَكتُوم لِبَذاءتها وسَلاطَة لسانها ، ولم يُبْطِلْ سُكْناها لقولِ الله جلّ وعزّ : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [الطّلَاق : ١]. وأما قول الله جلّ وعزّ : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) [البَقَرَة : ٢٦٨] : قال المفسرون : معناه يأمركم بأن لا تَتَصَدَّقُوا ، وقيل : الفَحْشَاءُ هاهنا البُخْل ، والعرب تسمي البَخِيل فاحِشاً ، وقال طرفة :

أرى الموتَ يَعْتَامُ الكِرامَ ويَصْطفِي

عَقِيلةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ

وفي الحديث : «إن الله يُبْغِضُ الفَاحِشَ المُتَفَحِّش * ، فالفَاحِشُ هو ذُو الفُحْشِ والخَنَا من قول وفِعْل ، والمتفحِّش : الذي يَتكلَّف سَبَّ النّاس ويُفْحِش عليهم بلسانه ، ويكون المُتَفَحِّش : الذي يأتي الفاحِشَة المَنْهِيَّ عنها وجمعها الفواحِش.

حفش : قال الليث : الحِفْش : ما كان من أَسْقاط الأواني التي تكون أوعيةً في البيت للطِّيب ونحوه ، وفي الحديث أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بَعَثَ رجلاً من أصحابه ساعياً ، فقَدِم بمال وقال : أمَّا كذا فهو من الصدقات ، وأما كذا وكذا فإنّه مما أُهْدِيَ لي ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هَلَّا جلس في حِفْشِ أُمِّه فينْظُرَ : هل يُهدى له». قال أبو عُبَيد : الحِفْشُ : الدُّرْجُ وجمعه أَحْفَاش ، قال أبو عُبَيد : شَبَّه بيتَ أمه في صِغَره بالدُّرْجِ.

وأخبرني عبد الملك عن الربيع عن الشافعي أنّه قال : الحِفْشُ : البيت الذَّليل القَرِيب السَّمْكِ من الأرض ونحوَ ذلك قال ابن الأعرابي. قلت : وأصل الحِفْش : الدُّرْج ، كما قال أبو عُبَيد ، وشَبَّه البيت الصغير به.

وقال الليث : الحَفْش مصدر قولك : حَفَش السيلُ حَفْشاً إذا جَمَع الماء من كلِّ جانِب إلى مُسْتَنْقَعٍ واحد ، فتلك المسايل التي تَنْصَبُّ إلى المَسيل الأعظم هي الحَوافِشُ ، واحدتها حافِشة ، وأنشد :

عَشِيَّةَ رُحْنَا وَرَاحوا إلينا

كما ملأ الحافِشاتُ المَسِيلا

ويقال للفرس : يَحْفِشُ الجريَ أي يُعقب جَرْياً بعد جَرْي ولا يزدادُ إلا جَوْدة ، وقال الكُمَيْتُ يَصِفُ غَيْثاً :

بكُلِّ مُلِثٍ يَحْفِشُ الأُكْمَ وَدْقُه

كأنّ التِّجارَ اسْتَبْضَعَتْه الطيالِسا

قال شمر : يحفش : يَسِيل ، ويقال : يَقْشِر.

يقول : اخْضَرَّ ونَضر ، فشبَّهه بالطّيالِسة.

أبو عُبَيد عن الأُمَوي : يقال : هم يَحْفِشون عليك ويَجْلِبُون عليك أي يجتمعون.

وقال الليث : الحَفش : الْجَرْيُ.

ويقال : حَفَشَتِ المرأة لزوجها الوُدَّ إذا اجتهدت فيه.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : حَفَشَت الأوْدِية إذا سالت كلّها.

١١٢

وتَحَفَّشَتِ المرأة على زوجها إذا أقامت ولَزِمَته وأكَبَّتْ عليه.

أبو زيد : يقال : حَفَشت السماءُ تَحْفِش حَفْشاً ، وحشَكَت تَحْشِك حشْكاً ، وأغْبَت تُغْبي إغْباء فهي مُغْبِيةٌ وهي الغَبْيَةُ والْحَفْشَة والحَشْكَةُ من المطر بمعنى واحِد.

ابن شُميل قال : الحَفَشُ : أن تأخذَ الدَّبَرَة في مُقدَّم السّنام فتأكُلَه حتى يَذهَب مُقدَّمُه في أسفله إلى أعلاه فيبقى مُؤخَّرُه مما يلى عَجُزُه قائماً صحيحاً ، وَيذْهَب مُقَدّمُه مما يلي غارِبَه. يقال : قد حَفِش سنام البعير ، وبعير حَفِشُ السَّنامِ ، وجمل أحفَش وناقة حَفْشاء وحفِشَة ، وقال شُجاعٌ الأعرابي : حَفَزوا علينا الخيل والرِّكابَ وحفَشوها إذا صَبُّوها عليهم.

وتَحَفَّشَت المرأة في بيتها إذا لَزِمته فلم تَبَرحْه.

فشح : أهْمَله الليثُ : وأخْبَرني المُنْذِرِيّ عن ثَعْلَب عن ابن الأعرابي قال : يقال : فَشَجَ وفَشَّج ، وفَشح وفَشَّحَ إذا فَرَّج ما بين رِجْلَيه بالحاء والجيم.

ح ش ب

حشب ، حبش ، شحب ، شبح : مستعملة.

حشب : قال الليث : الحوْشَب : عَظْمٌ في باطن الحافر بين العَصَبِ والوَظِيفِ ، قال : والحَوْشَبُ : العَظِيم البطن مثله ، وأنشد بَيْتَ الأَعْلَم الهُذَلي :

وتَجُرُّ مُجْرِيةٌ لها

لَحْمِي إلى أَجْرٍ حواشِبْ

أَجْرٍ جمع جِرْوٍ على أَفْعُل. وقال أبو عمرو : الحَوْشبُ : حَشْوُ الحافرِ ، والجُبَّةُ الذي فيه الحَوْشَبُ ، قال والدَّخِيس : بين اللَّحْمِ والعَصَب ، وأنشد :

* في رُسُعٍ لا يَتَشَكّى الحوْشَبا*

وقال أبو عُبَيدة : الحوْشَب : مَوْصِل الوَظيف في الرُّسْغ ، وقال : الحوْشبانِ : عَظْما الرُّسغَيْن. ومما يذكر من شعر أَسَد بن ناعِصَة :

وخَرْقٍ تَبَهْنَسُ ظِلْمانُه

يُجَاوِبُ حوْشَبَه القَعْنَبُ

قيل : القَعْنَبُ : الثعلب الذَّكَر ، والحوْشَب : الأرنَب الذَّكَر ، وقيل : الحَوْشَبُ : العِجْل : وهو وَلَد البقر.

وقال الآخر :

كأنَّها لما أزْلأَمّ الضُّحى

أُدْمانَةٌ يَتْبَعُها حوْشَبُ

وقال بعضهم : الحَوْشَبُ : الضامرُ والحوْشبُ : العظيم البطن ، فجعله من الأَضْداد ، وأنشد :

في البُدْن عِفْضَاجٌ إذا بدَّنْتَه

وإِذا تُضَمِّره فحَشْرٌ حوْشَبُ

فالحشْر : الدقيق ، والحوْشَب : الضَّامر.

وقال المؤرّج : احتَشب القومُ احتِشاباً إذا اجتمعوا.

وقال أبو السَّمَيْدع الأعْرابي : الحَشيب من الثياب والخَشِيب والجَشِيب : الغليظ.

وقال المُؤرّج : الْحَوْشَبُ والْحَوْشَبَة : الجماعة من النّاس.

شبح : قال الليث : الشَّبحُ : ما بدا لك شخصُه

١١٣

من النَّاس وغيرهم من الْخَلق ، يقال : شَبَح لنا أي مَثَل ، وأنشد :

* رَمَقْتُ بِعَيْنِي كلَ شَبْح وحائِل*

والجميع الأشباح. ويقال في التصريف : أسماء الأشباح : وهو ما أدركته الرُّؤْية والْحِسُّ.

قال : والشَّبْح : مَدُّكَ شيئاً بين أَوتاد. والمضرب يُشبَحُ إذا مُدَّ للجَلْد.

وفي صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان مشبوح الذِّراعين أي عريض الذِّراعين ، وقال الليث أي طويلَها.

وفي بعض الروايات : أنه كان شَبْحَ الذِّراعين.

ويقال : شبحتُ العود شَبْحاً إذا نَحَتَّهُ حتى تُعَرِّضَه.

ويقال : هلك أشباحُ ماله أي هلك ما يُعرف من إبله وغنمه وسائر مواشيه ، وقال الشاعر :

ولا تذهب الأحسابُ من عُقْرِ دارنا

ولكن أشباحاً من المال تَذْهَب

ويقال : شَبَح الداعي إذا مد يده للدعاء وقال جرير :

وعليكِ من صلوات ربِّك كلَّما

شبَح الْحَجيجُ الملْبِدونَ وغاروا

شحب : الليث : شحَب يَشْحَب لونُ الرجل شُحوباً إذا تغير من هُزال أو عمل أو سفر. أبو زيد : شحَب لَونه يشْحُب ويشحَب ، ويقال : شَحَب وشَحُب ، وقال لَبِيد :

رأَتني قد شَحَبْت وسَلَّ جسمي

طِلَابُ النَّازِحات من الهموم

حبش : قال الليث : الحَبَش : جنس من السودان ، وهم الحَبيشُ والحُبْشان ، ويقال الحَبَشَة على بناء سَفَرَة ، قال : وهذا خطأ في القياس ، لأنك لا تقول للواحد حابش مثل فَاسِق وفَسَقَه ولكن لما تُكُلِّمَ به سار في اللغات وهو في اضطرار الشعر جائز.

قال : والأُحْبُوش : جماعة كالحَبَش ، وقال العجّاج :

كأَنَّ صِيران المَها الأخْلاطِ

بالرَّمْل أُحْبُوشٌ من الأنباطِ

قال : وأما الأحابيش فكانوا أحياء من القارَة انضمُّوا إلى بني لَيْثٍ في الحرب التي وقعت بينهم وبين قريش قبل الإسلام ، فقال إبليس لقريش : (إِنِّي جارٌ لَكُمْ) من بني ليث فواقعوا محمَّدا ، وفيه يقول القائل :

لَيْثٌ ودِيلٌ وكَعْبٌ والتي ظَأَرت

جُمْعَ الأحابيش لمَّا احمَرّت الْحَدَقُ

قال : فلما سميت تلك الأحياء بالأحابيش من قبل تَجمُّعها صار التحبيش في الكلام كالتَّجميع ، وقال رُؤْبةُ :

* أولاكِ حَبَّشْتُ لهم تحبيشي *

وقال غيره : حَبَّشتُ لعيالي وهَبَّشت أي كسبت وجمعت ، وهي الحُباشة والهُباشة وأنشد :

* لو لا حُباشاتٌ من التَّحبيش *

وتحبَّش القوم وتهبشوا إذا تجمعوا.

١١٤

قال الأصمعي : وقال اللِّحياني : إن المجلس ليجمع حُباشات وهُباشات أي ناساً ليسوا من قبيلة واحدة.

الليث : الْحُبشِيَّة : ضرب من النمل سُود عِظام ، لمَّا جُعل ذلك اسماً لها غيَّروا اللفظ ليكون فرقاً بين النسبة والاسم ، فالاسم حُبْشِيَّة ، والنسبة حَبَشِيّة.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : من أسماء العُقاب الحُباشِيَّة ، والنُّساريَّة تُشبَّه بالنِّسر.

ح ش م

حشم ، حمش ، شحم ، محش : مستعملة.

حشم : الليث : الحَشَم. خَدَم الرجل. وقال غيره : حَشَمُ الرجل. مَنْ يغضب له إذا أصابه أمر. وقال ابن السِّكِّيت : حَشَمتُ الرجلَ أَحْشِمه حَشْماً إذا أَغْضَبْته ، قال ذلك الفراء وغيره ، وأنشد في ذلك :

لعَمرُك إنَّ قُرْصَ أبي خُبَيْبٍ

بطيءُ النُّضْج محشوم الأكيل

أي مُغضَب.

قال : وحَشَمُ الرجل : قَرَابته وعياله ومَنْ يغضب له.

وقال الليث : الحِشْمة : الانقباض عن أخيك في المَطعم وطلب الحاجة. تقول : احْتَشَمْتَ ، وما الذي أحشمك ويقال حَشَمك.

وقال الليث : الحُشوم : الإقبال بعد الهزال يقال : حشَم يحشِم حُشوماً ، ورجل حاشم وقد حَشَمت الدَّوابُّ في أول الربيع ، وذلك إذا أصابت منه شيئاً فَحَسُنت بطونها وعَظُمت.

وقال يونس : تقول العرب : الحُسوم يورث الحُشوم ، قال : والحسوم : الدُّؤوب ، والحُشوم : الإعياء. وقال في قول مُزاحِم :

فعنَّت عُنوناً وهي صغْواءٌ ما بها

ولا بالخوافي الضاربات حشُوم

أي إعياء ، وقد حُشِم حَشما.

وقال الأصمعي : في يديه حُشوم أي انقباض ، وروى الليث :

* ولا بالخوافي الخافقات حُشُوم *

وقال اللِّحياني : الحُشْمة بالضَّم : القرابة يقال : لي فيهم حُشْمة أي قَرابة. وهؤلاء أحشامي أي جيراني وأضيافي.

وقال أبو عمرو : قال بعض العرب : إنه لمُحْتَشِم بأمري أي مهتم به.

قال : وأحشمتُ الرجلَ : أغضبتُه.

والاحتِشام. التَغَضُّب.

شمر : وقال يونس : له الحُشمة : الذِّمام وهي الحُشْم ، قال : وبعضهم يقول : الحُشْمة والحَشَم. وإني لأتحشَّم منه تحشُّماً أي أتذمم وأستحي ، قال : وحَشَمت فلاناً وأحْشمته أي أغضبته.

أبو عُبَيد عن الكسائي : حَشَمت الرجلَ وأحشمته وهو يجلس إليك فتُؤذيه وتُسْمِعُه ما يكره.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الحُشُم. ذوو الحياء التام ، والْحُسُم بالسين : الأطبّاء.

عمرو عن أبيه قال : الحُشُم : المماليك ، والحُشُم : الأتباع ، مماليك كانوا أو أحراراً. والحَشَم. الاستحياء.

١١٥

حمش : قال الليث : الحَمْش : الدَّقيق القوائم. وأَوْتَار حَمْشَة ، وَوَتَر حَمْش : مُسْتَحْمِش.

والاسْتِحْماش في الوتر أَحْسَن ، وقال ذو الرُّمَّة :

كأنما ضُرِبَتْ قُدَامَ أَعْيُنِها

قُطْنٌ لِمُسْتَحْمِشِ الأوْتارِ مَحْلوجُ

وقال أبو العباس : رواه الفرّاء :

كأَنما ضُرِبَت قُدّام أعْيُنها

قُطْناً ...

وقال الليث : ساق حَمْشَة : جَزْمٌ والجميع حَمْش وحِماش ، وقد حَمُشت ساقُه تَحمُش حُمُوشَة إذا دَقَّت ، وكان عبد الله بن مسعود حَمْشَ الساقين.

وقال الليث : يقال للرجل إذا اشتدَّ غضبُه قد اسْتَحْمش غَضباً.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : أحمشت فُلاناً وحَمَّشتهُ إذا أَغْضَبْتَه ، وأنشد شمر :

* إني إذا حَمَّشني تَحْمِيشى *

اللِّحياني : احْتَمَش الدِّيكان واحْتَمسا إذا اقتتلا. وحَمِش الشّرُّ وحَمِس إذا اشتدَّ.

عمرو عن أبيه : الحَمِيش : الشَّحْمُ المُذابُ.

أبو عُبَيد : حَشَشْت النار وأَحْمَشْتُها ، وقال :

* ... إِحْماشُ الوَلِيدة بالقِدْر*

محش : المَحْش : تناوُلٌ من لَهَب يُحرِق الجلد ويُبْدي العظم.

أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة قال : المَحَاش : المتاع ، والأثاث ، بفتح الميم.

والمِحَاش : القومُ يحالفون غيرهم من الحِلف عند النار قال النَّابغةُ :

جَمِّعْ مِحاشَك يا يزيدُ فإنّني

أعددتُ يربُوعاً لكم وتَمِيماً

شمِر عن ابن الأعرابي في قوله : جَمِّع مِحاشَك سَبَّ قبائل فصيَّرهم كالشيء الذي أحرقَتْه النارُ ، يقال : مَحشَتْه النارُ وأَمْحَشَتُه.

وقال أعرابي : «مِنْ حَرٍّ كاد أن يَمحَش عِمامتي» ، قال : وكانوا يوقدون ناراً لدى الحِلف ليكون أوكدَ لهم.

ويقال : ما أعطاني إلا مِحْشى خِناقٍ قَمِلٍ وإلا مَحْشاً خِناقَ قَمِلٍ فأما المِحْشَى فهو ثوب يُلْبَس تحت الثِّياب ويُحْتَشى به ، وأما مَحْشاً فهو الذي يَمْحَشُ البَدَنَ بكثرة وسخه وأخلاقه.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «يخرج ناس من النار قد امْتحَشُوا وصاروا حُمَماً» معناه : قد احترقوا وصاروا فحماً.

ويقال للخبز الذي قد احترق قد امْتَحَش ، وهو خُبْزٌ مُحاشٌ.

وقال بعضهم : مَرَّ بي حِمْلٌ فَمَحَشَني مَحْشاً وذلك إذا سَحَجَ جلدَه من غير أن يَسْلُخَه.

شحم : أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : الشَّحَم : البَطَر والحَشَم : الاستحياء.

وقال الليث : الشَّحْمُ ، والقطعة منه شَحْمَة ، ورجل شاحِمٌ لاحِم إذا أطْعَم الناس الشحمَ واللحَم ، وقد شَحَمَهُم يَشْحَمُهُم.

١١٦

الحرّاني عن ابن السِّكّيت : رجل شحيم لحيم أي سمين ، ورجل شَحِمٌ لَحِمٌ إذا كان قَرِما إلى اللَّحم والشحْم وهو يشتهيهما.

وقال غيره : رجل شاحم لاحم : ذُو شَحْم ولَحم ، وكذلك لابِنٌ وتامِرٌ. ويقال : هو شاحِم ولاحِم إذا كان يُطْعِم الناس الشَّحْم واللَّحْم.

والعرب تُسَمي سنامَ البعير شَحْما ، وبياضَ البطن شَحْماً.

والشَّحّامُ : الذي يُكثِر إطعام الناس الشَّحْمَ : وكذلك بيَّاعُ الشَّحْم يقال له : شَحّام.

وشَحْمُ الْحَنْظَل : ما في جوفه سِوَى حبِّه.

وشَحْمُ الرُّمانة الأصفر بين ظَهْرانَي الحبِّ.

وشَحْمةُ العَيْن : حَدَقَتها ، ويقال : هي الشَّحْمة التي تحت الحَدَقَة : وطَعام مَشْحوم ، وخبز مشحوم : قد جُعِلَ فيه الشحْم.

وأَشْحَم الرجلُ إذا كَثُر عنده الشَّحْم وكذلك ألحَم فهو مُلْحِم.

أبواب الحاء والضاد

(ح ض ص) ـ (ح ض س) ـ (ح ض ز) ـ (ح ض ط): أهملت وجوهها.

ح ض د

استعمل من وجوهه : [دحض].

دحض : قال الليث : الدَّحْضُ : الزَّلَق. يقال : دَحَضتْ رِجْلُ البعير إذا زَلِقَت.

قال : والدَّحْضُ : الماء الذي تكون منه المَزْلَقَة.

قال : ودَحَضَت الشّمس عن بطن السّماء إذا زالت.

ودَحَضَت حُجَّتُه إذا بطلت ، وأدحض حُجَّتَه إذا أَبْطَلها.

ويقال : مكَان دَحْض إذا كان مَزَلّة لا تَثْبُت عليه الأقدام.

ودَحِيضَةُ : ماءٌ لبني تميم.

أبو سعيد : دحَضَ برجله ودَحَصَ إذا فحص برجله.

ح ض ت : مهمل.

ح ض ظ

حضظ : قال الليث : الحُضَظُ : لغة في الحُضَض : وهو دواء يتخذ من أبوال الإبل.

أبو عُبَيد عن اليزيدي قال : الحُضَظُ ، قال شمر : وليس في كلام العرب ضاد مع الظاء غير الحُضَظ.

(ح ض ذ) ـ (ح ض ث): أهملت وجوهها.

ح ض ر

حضر ، حرض ، ضرح ، رحض ، رضح : مستعملة.

حضر : قال الليث : الحَضَر : خِلافُ البَدْو ، والحاضرة : خِلافُ البادِيَة ، وأهل الحَضَر ، وأَهْل البدو ، والحاضِرَة : الذين حضروا الأمصار ومساكن الدِّيارِ التي يكون لهم بها قرار.

قلت : المَحْضَر عند العرب : المرْجِع إلى

١١٧

أعداد المياه ، والمنْتجَع : المَذْهَب في طلب الكلأ ، وكل مُنْتَجع مَبْدًى ، وجمع المَبْدَى مَبادٍ ، وهو البدو أيضاً ، فالبادية : الذين يتباعدون عن أعْداد المياه ذاهبين في النُّجَع إلى مساقط الغيث ومنابت الكلأ ، والحاضرة : الذين يرجعون إلى المحاضر في القيظ وينزلون على الماء العِدِّ ، ولا يُفارقونها إلى أنْ يقع ربيع الأرض يمْلأ الغُدرانَ فينتجعونه.

وقوم ناجِعَة ونَواجِعُ ، وباديةٌ وبَوادٍ بمعنى واحد. وكل مَنْ نَزَل على ماء عِدٍّ ، ولم يتحول عنه شتاء ولا صيفا فهو حاضِر ، سواء نزلوا في القُرَى والأَرْياف والدُّورِ المَدَرِيَّة أو بنوا الأَخْبِيَة على المياه فقَرُّوا بها ورَعَوْا ما حواليْها من الكلأ ، فأمَّا الأعرابُ الذين هم بادِيَة فإنما يحْضرون الماءَ العِدَّ شُهُورَ القيْظ لحاجة النَّعَم إلى الوِرْدِ غِبّاً وَرَفْهاً وربعا في هذا الفصل ، فإذا انقضت أيام القيظ بدوا فتَوزَّعَتْهُم النُّجَع وافْتَلوا الفَلَوات المُكلِئَة ، فإن وقع لهم رَبيع بالأرض شربوا منه في مُبْداهم الذي انْتَوَوْه ، وإن استأخر القَطْرُ ارْتَوَوْا على ظهور الإبل لشفاههم وخيلهم من ماء عِدٍّ يليهم ، ورفعوا أَظْماءَهم إلى السِّبع والثِّمْن والعِشْر ، فإن كَثُرت الأمطارُ والتف العُشْب وأَخْصَبت الرياضُ وأَمْرَعَتِ البلاد جزأ النَّعَم بالرُّطْبِ ، واستغنى عن الماء ، وإذا عَطِش المالُ في هذه الحال وردت الغُدْرانَ والتَّنَاهِي فشربت كَرْعا ، وربما سَقَوْها من الدُّحْلان.

وقال الليث : الحُضور جمع الحاضر ، قلت : والعرب تقول : حَيٌ حاضر بغير هاء إذا كانوا نازلين على ماء عدٍّ ، يقال : حَاضِرُ بني فلان على ماء كذا وكذا ، ويقال للمقيم على الماء حاضر وجمعه حُضُور وهو ضد المسافر ، وكذلك يقال للمقيم شاهد وخافض.

وقال الليث : الحَضْرة : قُرْبُ الشيء ، تقول : كنت بِحَضْرَة الدار ، وأنشد :

فَشَلَّتْ يَدَاه يوم يَحْمِلُ رأْسه

إلى نَهشلٍ والقَوْم حَضْرَةَ نَهْشَلِ

ويقال : ضربت فلاناً بحَضرة فلان بِمَحْضَره.

وقال الليث : الحاضِرُ القوم الذين حضروا الدَّار التي بها مُجْتَمعُهم ، وقال الشاعر :

في حاضِرٍ لَجِبٍ باللَّيْلِ سَامِرُه

فيه الصواهَلُ والرَّاياتُ والعَكَر

قال : فصار الحاضِرُ اسْماً جامعاً كالحاجِّ والسّامر والجَامل ونحو ذلك.

قال : والحُضْر والحِضارُ : من عَدْوِ الدوابِّ والفعل الإحْضار ، وفرس مِحْضير ومِحْضار بغير هاء للأنثى إذا كان شديد الحُضر ، وهو العَدْو ، ويقال عنه أحضر الدَّابّةُ يُحضر إحضارا ، والاسم الحُضْر وهو العَدْو.

وقال الليث : الحَضِير : ما اجتمع من جايِئَة المِدَّة في الْجُرْح ، وما اجتمع من السّخْدِ في السَّلَى ونحوه.

وقال الأصمعي : أَلْقَتِ الشَّاةُ حَضِيرتَها وهو ما ألْقَت بعد الولادة من القَذَى.

وقال أبو عُبَيدة : الحَضِيرة : الصَّاءة تتبع

١١٨

السَّلَى : وهي لِفافة الولد.

وقال الليث : المحاضرة : أن يُحاضِرك إنسان بحَقِّك فيذهب به مُغَالبة أو مكابرة.

قال : والحِضارُ من الإبل : البِيضُ اسم جامع كالهِجان ، والواحد والجميع في الحِضار سواء.

أبو عُبَيد عن الأمَوِي : ناقة حِضار إذا جمعت قوة ورُحْلَةً يَعْني جودة المشي.

وقال شمر : لم أسمع الحِضارَ بهذا المعنى ، إنما الحِضارُ بِيضُ الإبل ، وأنشد بيت أي ذُؤَيْب :

* بناتُ المخاضِ شِيمُها وحِضَارها*

أي سودها وبيضها.

وقال الليث : يقال حَضار بمعنى احضر.

وحضَارِ : اسم كَوكب مجرور أبدا.

وقال أبو عمرو بن العلاء : يقال : طلعَتْ حَضارِ والوَزْن ، وهما كوكبان يطلعان قبل سُهَيل ، فإذا طلع أحدهما ظُنَّ أنه سُهَيل ، وكذلك الوزْنُ إذا طلع ، وهما مُحَلِّفان عند العرب سُمِّيا مُحَلِّفين لاختلاف الناظِرَيْنِ إليهما إذا طلعا فيحْلِف أحدهما أنّهُ سُهَيْل ، ويحلف الآخر أنه ليس به ، قال ذلك كله أبو عمرو بن العلاء فيما روى أبو عُبَيد عن الأصمعي عنه.

وقال الليث : يقال : حضرت الصلاة ، وأهل المدينة يقولون : حَضِرت ، وكلهم يقول : تَحْضُر.

وقال شمر : يقال : حَضِر القاضي امرأَةٌ تَحْضُر ، قال وإنما أُنْدِرت التّاءُ لوقوع القاضي بين الفعل والمرأة ، قلت : واللغة الجيدة حَضَرت تَحْضُر.

أبو عُبَيد عن الكسائي : كلمته بحَضْرة فلان وحِضْرَة فلان وحُضْرة فلان ، وكلهم يقول : بحَضَر فلان.

وقال ابن السِّكِّيت عن الباهلي : الحَضِيرة موضع التمر ، قال : وأهل الفَلْج يسمونها الصُّوبةَ وتُسَمَّى أيضاً الْجُرنَ والْجَرِين.

وقال الأصمعي : العرب تقول : اللبن مُحْتَضَر فغطِّه يعني تَحْضُره الدَّوَابُّ وغيرها من أهل الأرض.

وحُضِر المريض واحْتُضِر إذا نزل به الموت ، وحضرني الهمُّ واحْتَضرني وتحضَّرني.

وقال أبو عُبَيد : في قول الجُهَنِيَّة تمدح رجلاً :

يَرِدُ المِياهَ حَضِيرَةً ونَفِيضَةً

وِرْدَ القَطاةِ إذا اسْمأَلَّ التُّبَّعُ

قال : الحَضيرة : ما بين سبعة رجال إلى ثمانية ، والنَّفِيضة : الجماعة ، وهم الذين ينفضون الطريق.

وروى سَلَمَة عن الفرّاء قال : حضيرة الناس وهي الجماعة ، ونفيضتهم وهي الجماعة.

وقال ابن السّكّيت : الحَضِيرة : الخمسة والأربعة يَغْزُون ، وأنشد :

 ... وحَلْقةٌ

من الدَّارِ لا تأتي عليها الحَضائِر

وأخبرني الإيادِيّ عن شَمِر في تفسير قوله : حَضِيرةً ونَفِيضَةً ، قال حَضِيرَة : يَحْضُرها الناس يعني المِياه ، ونَفِيضَة : ليس عليها

١١٩

أحد ، حكي ذلك عن ابن الأعرابي ، ونصب حَضِيرَة ونَفِيضة على الحال أي خارجة من المياه.

وروى أبو نصر عن الأصمعي : الحَضيرَة : الذين يَحْضُرون الماء ، والنَّفِيضَة : الذين يتقدمون الخَيْل وهم الطَّلائع. قلت : وقول ابن الأعرابي أَحْسَن.

وقال غيره : يقال للرجل يصيبُه اللَّمَم والجنُون : فلان مُحْتَضَر ، ومنه قول الرّاجز :

وانْهَم بدَلْوَيْك نَهِيمَ المُحْتَضَر

فقد أَتَتْك زُمَراً بَعْدَ زُمَر

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال لأُذُن الفِيلِ الحاضِرَةُ ، ولعيْنِه الهاصَّة.

قال : والْحَضْراء من النّوق وغيرها : المُبادِرة في الأكل والشرب.

والحَضْر : مدينة بُنِيت قَدِيماً بين دَجْلة والفُرات.

وقال ابن الأعرابي : الْحَضر : التَّطْفيل ، وهو الشَّوْلَقِيّ ، وهو القِرْواش ، والواغلُ ، قال : والحَضْرُ : الرجل الواغِلُ الرَّاشِنُ.

والحُضْرَة : الشِّدّة.

أبو زيد : رجل حَضِر إذا حضر بخير.

قال : ويقال : إنه ليعرف مَنْ بِحَضْرَته ومَن بِعَقْوته.

رحض : الرَّحْضُ : الغَسْل. ثوب رَحِيض مَرحوض : مغسول.

قال : والمِرْحضَة : شيء يُتَوَضَّأ فيه مثلُ كَنِيفٍ.

وفي حديث أبي أيوب «قَدِمْنا الشام فوجدنا بها مراحيض قد استُقْبِل بها القِبْلَة ، فكنا نَتَحَرَّف ونَسْتَغْفر الله» ، أراد بالمراحِيض مَوَاضِعَ قد بُنِيتْ للغائط ، واحدها مِرْحاض ، أُخِذ من الرَّحْض ، وهو الغَسْل.

وروي عن عائشة أنها قالت في عُثْمَان رَحِمه اللهُ : استتابوه حتى إذا ما تركوه كالثَّوب الرَّحيض أحالوا عَلَيه فقتلوه.

وقال ابن الأعرابي : المِرْحاض : المُتَوضَّأ ، وقال ابن شُمَيل : هو المُغْتَسَلُ. قال : والمِرْحاضَةُ : شيء يُتَوضَّأُ به كالتَّوْر. أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : إذا عَرِق المحموم من الحُمَّى فهي الرُّحَضاء. وقال الليث : الرُّحَضاء : عَرَقُ الحُمّى ، وقد رُحِضَ إذا أخذته الرُّحَضاء.

حرض : قال الليث : التَّحْرِيض : التَحْضِيض ، قلت : ومنه قولُ الله جلّ وعزّ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) [الأنفَال : ٦٥]. قال الزّجّاج : تَأوِيله حُثّهم على القتال ، قال : وتأويل التَّحْريض في اللغة : أن تَحُثَّ الإنسانَ حَثّاً يعلم معه أَنَّه حَارِض إنْ تَخَلَّف عنه.

قال : والحارض : الَّذي قد قارب الهلاك.

وقال اللِّحياني : يقال : حَارَض فلانٌ على العَمَل ، وَوَاكب عليه ، وَواظب عليه ، وواصَبَ عليه إذا داوم عليه ، فهو مُحَارِض.

قلت : وجائز أن يكون تَأْوِيل قوله : (حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) [الأنفَال : ٦٥] بمعنى حُثَّهم على أن يحارضوا أي

١٢٠