دراسات في الحديث والمحدّثين

هاشم معروف الحسني

دراسات في الحديث والمحدّثين

المؤلف:

هاشم معروف الحسني


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار التعارف للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٥٨

الفصل الخامس

من رجال البخاري

١٦١
١٦٢

بالرغم من تلك الهالة التي للبخاري وجامعه في نفوس آلاف العلماء والمحدثين من السنة ، التي بلغت حدود الغلو المفرط. والتقديس لكل مروياته ، بالرغم من ذلك فقد تعرض للنقد والطعن كغيره من كتب الحديث ، من ناحية الاسناد والمتن ، وعرض بعض النقاد عيوب جماعة من رواته ونص على عدم توفر الشروط المطلوبة فيهم ، ولكن اكثر المؤلفين في الرجال قد تطوعوا للدفاع عنهم ، وحاولوا تغطية عيوبهم بمختلف الاساليب ، واسرف بعضهم في دفاعه بعدما عجز عن اثبات برأتهم مما الصق بهم ، فقال : لا يجوز الطعن في اي كان من رجال البخاري ما لم يكن امره واضحا لا يقبل التأويل والتوجيه ، وما دام التأويل والتوجيه ممكنا ، فكلهم فوق الشبهات والاهواء ، واستشهد هؤلاء بقول المقد سي وغيره من المحدثين : قال في هدى الساري في الموضوع نفسمه ، وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول :

كل من روي عنه من الصحيح فقد جاز القنطرة ، كما نص على ذلك القشيري ، الشيخ أبو الفتح في مختصره ، واضاف إلى ذلك. انه لا يجوز الخروج عن هذا الاصل الا بحجة ظاهرة ، وبيان شاف يزيد في غلبة الظن على المعنى الذي قدمناه ، من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين.

واقر هذا المبدأ ابن حجر في مقدمة فتح الباري ، ودافع دفاعا قويا عن الرجال الذين تعرضوا للنقد والتجريح من رجال البخاري بعد ان

١٦٣

عرض ما قيل فيهم من قدح ومدح ، ولم يستطع ان يستر تحيزه لهذا المبدأ ، ولا غلوه في تعظيم الصحيح وتقديس رجاله ، كما يبدو ذلك من الفصل الذى عرض فيه الاسماء التي تعرضت لسنقد في كتب الرجال (١).

الفصل ، الذي عرض فيه الاسماء التي تعرضت للنقد في كتب الرجال (٢). إليهم وتضعيفها ، ونؤكد ما ذكرنا اولا من انا لا نستبعد على البخاري ان يكون قد اعتمد على ما يعتقد بسلامته من العيوب متنا وسندا. ككل باحث يتحرى الصحيح حسب اجتهاده ، ولكل انسان ان يجتهد كما اجتهد هو وغيره ، ولكن لا يلزم انسان باجتهاد غيره مهما بلغت مرتبته من العلم والتدقيق والاحاطة. وسنعرض في هذا الفصل جماعة من رجال الصحيح للبخاري والكافي للكليني معتمدين فيما قيل فيهم على المؤلفات التي تبحث في هذه المواضيع عند السنة والشيعة.

وقد تعرضنا في الفصول السابقة لجماعة من الصحابة الذين اعتمد عليهم البخاري في صحيحه وروى عنهم المئات من الاحاديث ، مع العلم بأن الذين كتبوا في الجرح والتعديل لم يتعرضوا لمن اسموهم بالصحابة الا بما يوحي بالقداسة والفضل العظيم ، لان شرف الصحبة جعلهم فوق مستوى الناس اجمعين ، لذا فان الذين تعرضوا للنقد والتجريح من رجال البخاري كلهم من الطبقة الثانية وما بعدها.

ولا نريد في هذا الفصل ان نستقصي جميع المشبوهين والمتهمين بالبدع والانحرافات الخلقية والعقائدية ، لان استيعاب هذه الناحية بكاملها لا يتسع لها كتاب واحد ، لا سيما وان هذه الدراسات التي تناولت كتابين من ابرز كتب الحديث واجلها عند السنة والشيعة لم تكن لهذه الغاية.

__________________

(١) انظر ١٤٤ جزء ٢ من المقدمة.

١٦٤

ومهما كان الحال فالكتابان قد تعرضا للنقد والهجوم وبخاصة فيما يتعلق برجالهما. لا سيما بين المتأخرين من اعلام الفريقين وان كانت الهجمات التي تعرض لها البخاري وصحيحه من بعض اعلام السنة قد تطوع لردها العشرات من العلماء والمحدثين لان من روى عنه فقد جاز القنطرة وصحيحه اصح كتاب بعد كتاب الله كما يؤكد ذلك اكثرهم. ونقدم اولا بعض النماذج من المعتمدين عند البخاري قال ابن الصلاح : لقد احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الطعن بهم كعكرمة مولى ابن عباس ، واسماعيل بن اويس ، وعاصم بن علي وعمر بن مرزوق وغيرهم وغيرهم.

وقال العراقي في شرح الفيته في مقام الرد على من قال ان من شرط البخاري انه لا يخرج الا عن الثقة حتى ينتهي إلى الصحابي : قال : هذا القول ليس بجيد ، لان النسائي ضعف جماعة اخرج لهم الشيخان ، وقال البدر العيني : في الصحيح جماعة جرحهم بعض المتقدمين. وجاء في العلم الشامخ : في رجال الصحيحين من صرح كثير من الائمة بجرحهم وتكلم فيهم من تكلم بالكلام الشديد.

وقال الشيخ احمد شاكر في شرحه لالفية السيوطي : وقد وقع في الصحيحين كثير من رواية بعض المدلسين ، والتدليس في الرواية من الاسباب الموجبة لضعف الراوي ، وعدم وثاقته ، لان التدليس في واقعه يرجع إلى الكذب والاغراء.

وقال شعبة بن الجاج امام الجرح والتعديل على حد تعبير بعض المؤلفين في احوال الرواة : لان ازني احب الي من ان ادلس ، واضاف إلى ذلك ، ان التدليس اضر من الكذب.

ونص جماعة من الفقهاء والمحدثين منهم الشافعي على عدم قبول

١٦٥

روايته مطلقا (١) وقال جماعة : من اشتهر بالتدليس اصبح من المجروحين الذين لا تقبل مروياتهم مطلقا ، وان صرح بالسماع بعد ذلك.

وممن اشتهر بالتدليس أبو هريرة الذي اعتمد عليه البخاري اكثر من جميع الصحابة. قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث : كان أبو هريرة يقول : قال رسول الله (ص) كذا وانما سمعه من غيره ، ونص الذهبي في سيرة اعلام النبلاء. على ان يزيد بن ابراهيم سمع شعبة بن الجاج يقول : كان أبو هريرة مدلسا. وجاء في البداية والنهاية. ان يزيد بن هرون سمع شعبة يقول فيه ذلك. ويروي ما سمعه من كعب الاحبار ومن رسول الله (ص) ولا يميز بين هذا وهذا ، وعندما يتصدى له احد بالسؤال ويحقق معه في الحديث الذي ينسبه لرسول الله (ص) يتراجع احيانا ويقول اخبرني به مخبر ، ولم اسمعه من رسول الله (ص) وبلغ عائشة انه يروي عن الرسول انه سمعه يقول : من اصبح جنبا فلا صوم له ، فانكرت عليه وقالت له : متى سمعت رسول الله (ص) يقول ذلك فقال لها كما جاء في رواية البخاري ، وابن سعد ، وابن كثير وغيرهم :

لقد شغلك عن حديث رسول الله (ص) المرآة والمكحلة والخضاب فاصرت على انكارها عليه والتشهير به وروت عن الرسول بانه كان يدركه الفجر وهو جنب من غير احتلام ، فيغتسل ويصوم ، فتراجع بعد ذلك ، وقال انها اعلم مني : اني لم اسمعه من رسول الله (ص) وانما سمعته من الفضل بن العباس.

__________________

(١) التدليس في الرواية ان يروي الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه بقصد ايهام الغير انه قد سمع منه. كما لو روى بلفظ سمعت فلانا أو قال لي فلان من غير ان يسمع منه أو يراه.

١٦٦

قال ابن قتيبة : لقد استشهد أبو هريرة بالفضل بن العباس بعد موته ، ونسب الحديث إليه ليوهم الناس بانه قد سمعه منه (١).

وقال الحافظ الذهبي : التدليس من الصحابة كثير الا انه لا يضر ، ولا عيب فيه ، هذا مع العلم بان التدليس من العيوب التي لا تقل خطرا عن الكذب ، ان لم يكن افظع منه ، وقد عده علماء الجرح والتعديل سببا كافيا لتضعيف الرواية وسقوطها عن درجة الاعتبار ، ولكنه إذا صدر من صحابي فلا حكم له ، لان الله سبحا نه قد رفع عنهم ما وضعه على غيرهم ، ولانهم مجتهدون في كل ما يفعلون وعدالتهم اثبت من الجبال الرواسي لا تتصدع بجميع المنكرات والمعاصي. ولذا فان النقاد وعلماء الجرح والتعديل قد وضعوا عددا كبيرا من رجال البخاري في قفص الاتهام والصقوا بكل واحد عيوبه ، ولم يذكروا في عدادهم من الصحابة الا مروان بن الحكم لانه قتل طلحة في اعقاب واقعة الجمل ، وشهر السيف طلبا للخلافة على حد تعبير بعضهم ، واعتذر عنه جماعة منهم ابن حجر في مقدمة فتح الباري ، بانه كان متأولا فيه (٢).

ويقصدون بذلك انه خاف ان ينسحب من المعركة كما انسحب منها القائد الثاني الزبير ، وتلك جريمة لا مبرر لها ، لانهم يقاتلون قوما اشركوا بالله واستحلوا حرماته بنظر مروان وعصابته ، ونص بعضهم انه كان متأولا من حيث انه كان مقتنعا بان طلحة ممن حرض على عثمان واعان على قتله.

ومهما كان الحال فقد روى البخاري عن جماعة من الخوارج والنواصب والقدرية والمرجتة وغيرهم ممن وصفهم المحدثون والفقهاء

__________________

(١) انظر شيخ المضيرة عن سير اعلام النبلاء وموطأ مالك.

(٢) انظر هدى الساري ص ٦٧٨.

١٦٧

بالمبتدعة ، ومن بين هؤلاء نحوا من خصسمة عشر راويا طعن فيهم المحدثون بتهمة التشيع ، وسنعرض قي هذا الفصل جماعة ممن تعرضوا للنقد واتهموا بالانحراف من رجال البخاري. فمن هؤلاء عكرمة مولى عبد الله ابن العباس ، وقد تعرض لاعنف الهجمات واسوأ الاتهامات من المتقدمين على البخاري والمتأخرين عنه ومرد الطعون الموجهة إليه إلى الامور التالية الاول انه كان يكذب في الحديث وينسب لعبدالله بن العباس وجاء عن ابن سيرين وسعيد بن المسيب ، وعطاء ويحيي بن سعيد الانصاري ، ومالك ابن انس ، والقاسم بن محمد وغيرهم انه كان من الكذابين المعروفين وحبسه علي بن عبد الله في بيت الخلاء لانه اسرف في الكذب على ابيه ، وقال سعيد بن المسيب لغلامه : لا تكذب علي كما كذب عكرمة على عبد الله ، إلى غير ذلك من النصوص التي تصفه بالكذب والوضع.

الثاني من الطعون الموجهة إليه انه كان يعتنق فكرة الخوارج. ويدعو إليها في افريقيا وغيرها وانتشرت في تلك البلاد بسببه ، فقد روى الحاكم في تاريخ نيسابور قال : كنت قاعدا عند عكرمة ، فاقبل مقاتل ابن حيان واخوه ، فقال له مقاتل : يا ابا عبد الله ما تقول في نبيذ الجر فقال عكرمة : هو حرام ، قال ما تقول فيمن شربه : قال اقول انه كافر.

وقال أبو سعيد بن يونس في تاريخ الغرباء : وبالمغرب إلى وقتنا هذا قوم على مذهب الاباضية يعرفون بالصفرية يزعمون انهم اخذوا عن عكرمة. وقال ابن قتيبة الدينوري المتوفى سنة ٢٢٧ : كان عكرمة عبدا لعبد الله بن العباس فباعه علي بن عبد الله لخالد بن يزيد بن معاوية باربعة آلاف دينارا ، ثم رجع عكرمة إلى علي وقال له : اتبيع علم ابيك باربعة آلاف دينارا ، فاستقاله فاقاله واعتقه ، واضاف إلى ذلك ان عبد الله ابن الحرث قال : دخلت على علي بن عبد الله وعكرمة موثق على باب كنيف فقلت له : اتفعلون هذا بمولاكم ، قال ان هذا يكذب على ابي : واستطرد

١٦٨

في حديثه عنه ووصفه بانه كان خارجيا يرى رأي الخوارج ويدعو إليه ومات وله من العمر ثمانون عاما (١).

واكد هذه الحقيقة كل من يحي بن بكير ، وخالد بن ابي عمران الحصري ، ومعصب الزبيري ، واحمد بن حنبل وغيرهم ، ودافع عنه جماعة من المحدثين ، وكان من اشدهم حماسا له ابن حجر في مقدمة فتح الباري ، وما ذاك الا لان البخاري يعتمد عليه في جامعه ويكثر من الرواية عنه (٢).

الثالث من الطعون ، انه لان يساير الامراء ويقف على ابوابهم طمعا. في جوائزهم ، ومن كانت هذه حالته يضطر إلى مجاراتهم وتقريض اعمالهم.

وقد اسهب في مقدمة فتح الباري في سرد ما قيل فيه من مدح وذم ، ودفع جميع الطعون الموجهة إليه اعتمادا على نصوص بعض المحدثين الذين اثنوا على دينه وعلمه ، مع العلم بان الرأي الشائع المعمول به عند جمهور المحدثين فيما لو تعارض الجارح والمعدل ، هو تقديم الجارح ، لان المعدل يخبر عما ظهر من حاله والجارح يخبر عن باطن خفي على غيره ، وإذا كان عدد المعدلين اكثر ، فقد قيل بتقديم التعديل ، والصحيح الذي عليه الجمهور كما نص ابن الصلاح ان الجرح مقدم على كل حال (٣).

ومن الغريب ان يطعن الحفاظ والمحدثون فيمن كان يساير الحكام ويطمع في جوائزهم ولا يطعنون فيمن كان يشترك معهم مباشرة في الحكم والظلم والبغي وقتل الابرياء كعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة بى مروان

__________________

(١) انظر المعارف لابن قتيبة ص ٢٠١.

(٢) انظر المقدمة ص ١٩٢ ، ١٩٣ و ١٩٤.

(٣) انظر الاضواء ص ٢٨١.

١٦٩

ابن الحكم وبسر بن ارطاة وامثال هؤلاء من العشرات الذين روى عنهم البخاري في صحيحه عشرات الروايات ، ولم يجرأ احد من الانقاد ان يتعرض لم بنقد أو تجريح.

ومنهم اسماعيل بن اويس ، وقد ضعفه النسائي ، وقال فيه سلمة بن شبيب ما يوجب طرح روايته على حد تعبير ابن حجر في مقدمة فتح الباري ، كما ضعفه ابن معين والدارقطني وغيرهما ، ولم يستطع ابن حجر ان يثبت امام الطعون الموجهة إليه ، ولكنه اعتذر عنه ، بانه قد اجتمع بمحمد بن اسماعيل البخاري ، واخرج له احاديثه لينتقي منها وطلب منه ان يرشده إلى الصحيح من غيره ليحدث به ، واستنتج من ذلك ان البخاري لم يدون في صحيحه الا الصحيح منها (١).

ومنهم عروة بن الزبير ، احد الحاقدين على علي (ع) الذين كانوا يروون فيه الاكاذيب ارضاء لسيدهم معاوية بن ابي سفيان ، وروى عنه الزهري بانه سمع عائشة تقول : كنت عند رسول الله (ص) إذ اقبل علي والعباس ، فقال النبي (ص) يا عائشة ان هذين يموتان على غير ديني. وروى عنها انها قالت : كنت عند رسول الله (ص) فقال النبي (ص) يا عائشة : ان سرك ان تنظري إلى رجلين من اهل النار فانظري إلى هذين ، فنظرت وإذا بعلي والعباس قد اقبلا علينا.

وجاء في شرح النهج لابن ابي الحديد عن جرير بن عبد الحميد عن محمد بن. شيبة قال : شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا (ع) فنالا منه ، فبلغ علي بن الحسين (ع) فجاء حتى وقف عليهما ، فقال اما انت يا عروة فان أبي حاكم اباك إلى الله فحكم لابي على ابيك ، واما انت يا زهري ، فلو كنت بمكة لأريتك بيت ابيك ، واضاف إلى ذلك. إذ عاصم بن ابي عامر الجبلي حدث عن يحيى ابن عروة انه قال : كان ابي إذا ذكر عليا (ع) نال منه إلى غير ذلك مما

__________________

(١) المقدمة ص ١٥١ ، ج ٢.

١٧٠

يؤكد انه كان ناصبيا كارها لعلي (ع) ، وقد اكثر البخاري من الرواية عنه وعن ولده هشام بن عروة ، الذي روى عن ابيه وورث عنه النصب والعداء الشديد لعلي واهل بيته (ع) (١).

ومنهم حريز بن عثمان احد المتعصبين والمبغضين لعلي وبنيه (ع) وجاء في المجلد الاول من شرح النهج ، ان حريز بن عثمان كان ينتقصه ويبغضه ويروي عنه اخبارا مكذوبة ، وقد قيل ليحيى بن صالح الوضاحي : لقد رويت عن مشايخ من نظراء حريز بن عثمان ، فما بالك لم تحمل عنه ، قال لقد اتيته : فناولني كتابا ، فإذا فيه حدثني فلان عن فلان ان النبي (ص) لما حضرته الوفاة اوصى ان تقطع يد علي بن ابي طالب (ع) فرددت الكتاب ولم اسمتحل ان اروي عنه شيئا.

وجاء في تاريخه انه كان إذا دخل المسجد ليصلي فيه لا يخرج منه في يلعن عليا سبعين مرة ، وجاء عن اسماعيل بن عياش انه قال : رافقت حريزا من مصر إلى مكة فجعل يسب عليا ويلعنه ، ثم قال لي : هذا الذي يرويه الناس ان النبي (ص) قال لعلي انت مني بمنزلة هرون من موسى حق ، ولكن اخطأ السامع ، قلت : فما هو؟ قال : انما هو انت مني بمكان قارون من موسى (٢).

وجاء عنه انه قال : يا اهل العراق انتم تحبون عليا ونحن نبغضه ولما سألوه عن سبب ذلك اجاب بانه قتل اجداده (٣).

ومنهم أبو بردة بن ابي موسى الاشعري احد النواصب المغالين في بغضهم لعلي (ع) قال في المجلد الاول من شرح النهج : ومن المبغضين

__________________

(١) انظر المجلد الاول من شرح النهج ٣٥٨ ـ ٣٧٠.

(٢) المصدر السابق ص ٣٦٣.

(٣) نفس المصدر ص ٣٧٠.

١٧١

القالين له أبو بردة بن ابي موسى الاشعري ، ورث البغض له لا عن كلالة وجاء عن عبد الرحمن بن جندب ان ابا بردة قال لزياد بن ابيه : اشهد ان حجر بن عدي قد كفر بالله كفرة اصلع ، عنى بذلك انه اخذ الكفر عن على (ع).

وروى عبد الرحمن المسعودي عن ابن عياش المنتوف انه قال : سمعت ابا بردة يقول لابي العادية الجهني قاتل عمار بن ياسر ، انت قتلت عمارا قال نعم : فتناول يده وقبلها ، ثم قال له : لا تمسك النار ابدا (١).

ومن الغريب ان ابن حجر في مقدمته عد اكثر من اربعمائة من رجال البخاري. ممن طعن فيهم جماعة من المحدثين بما يوجب ضعفهم وعدم الوثوق بهم وعد منهم ستة من النواصب المعروفين بعدائهم لعلي (ع) ولم يذكر احدا من النواصب الذين ذكرناهم ، مع انهم قد اشتهروا بهذه الصفة اكثر من غيرهم ، ولعله من حيث انه لا يجد سبيلا للدفاع عنهم.

ومهما كان الحال ، فإذا اضفنا هؤلاء إلى الستة الذين ذكرهم ابن حجر في مقدمته واضفنا الجميع إلى النواصب من الصحابة ، يبلغ عدد النواصب بين رجال البخاري نحوا من ستين ناصبيا على وجه التقريب. كما يبلغ عدد الخوارج الذين روى عنهم في صحيحه اكثر من ثلاثة عشر خارجيا حسب التهم الموجهة إليهم في كتب التراجم واحوال الرجال.

وإذا اردنا ان نتلمس له ولامثاله من المحدثين العذر بالنسبة إلى نواصب الصحابة من حيث انهم قد اجتهدوا في كل ما صدر عنهم كما يزعم اهل السنة فهل يجد لهم الباحث عذرا مقبولا يبرر اعتمادهم على مرويات هذا النوع من التابعين ، ويسوغ لهم رد مرويات الشيعي الداعي إلى

__________________

(١) المجلد الاول من شرح النهج : ص ٣٧٠.

١٧٢

تشيعه كما رجح ذلك اكثرهم ، ولماذا كان المفضل لعلي (ع) على غيره والقائل بانه هو الخليفة الشرعي بعد رسول الله (ص) اسوأ حالا ممن كان يقول في حجر بن عدي الكندي الصحابي الجليل ، لقد كفر بالله كفرة اصلع ، كأبي بردة بن ابي موسى الاشعري وعروة بن الزبير وامثالهما من السبابين الفحاشين الذين قد اكثر البخاري من الرواية عنهم ، وهم اسوأ حالا من الخوارج الذين كانوا يكفرون جميع المسلمين ويستحلون دماءهم واموالهم لمجرد انهم لم يقفوا إلى جانبهم في المعارك التي دارت بينهم وبين الامويين ، ولم يقروا آراءهم التي لا ترتكز على اساس صحيح من العلم والدين والمنطق ، مع العلم بانه قد عاصر الامامين الهادي والعسكري (ع) ولا بد وان يكون قد ادرك الامام الجواد ولم يرو عنهم شيئا كما وانه لم يرو عن الائمة الصادق والكاظم والحسن الزكي ، ولا عن غيرهم من السادة العلويين والرواة لاحاديث اهل البيت الذين عاصرهم وعرف عن نشاطهم قي جمع الحديث وتدوينه وتصفيته في الفترة التى مر بها في معالجة هذه المواضيع.

ومجمل القول ان الشيخ محمد بن اسماعيل البخاري ، مع انه وجد في عصر كانت مدارس الفقه والحديث في منتهى نشاطها عند جميع الفرق والمذاهب الاسلامية ونشاط الشيعة كان بارزا ملموسا في اوائل القرن الثالث الذي ظهر فيه البخاري في مختلف العواصم والمناطق الاسلامية. لا سيما الكوفة وبغداد وقم وغيرها من المدن الكبرى التي كانت تجمع العشرات ممن تفرغوا لدراسة الحديث وتدوينه ، ومع ذلك فلم يرو عن احد منهم. ولا عن الائمة الثلاثة الذين عاصرهم ، ولا عن الامام الصادق (ع) مؤسس مدرسة الفقه والحديث وولده الامام موسى بن جعفر ، ولا عن احد من العلويين كزيد بن علي وغيره. مع العلم بان زيد بن على قد ترك اثرا في الفقه والحديث ، من ابرز مؤلفات ذلك العصر ، وترك تلاميذ

١٧٣

الائمة (ع) آلاف المؤلفات كما تدل علي ذلك الفهارس المخصصة لاحصاء مؤلفات الشيعة (١).

هذه المؤلفات علي سعتها اكثرها من مرويات الامامين الصادق وابيه محمد الباقر ، وهي لا تتعدى احاديث الرسول واقضيه على وفتاويه خلال ثلاثين عاما قضاها بعد وفاة الرسول في نشر العلم والاثار الاسلامية ومع ذلك فالبخاري لم يرو عنه في صحيحه سوى تسعة عشر حديثا ، بينما روى عن ابي هريرة اكثر من اربعمائة وخمسين حديثا ، وعن انس بن مالك المعروف بعدائه لعلي (ع) اكثر من مأتي حديث ، وقد تجاهل الحسن بن علي (ع) الذي نشأ في احضان الرسول وتخرج من مدرسة علي أمير المؤمنين (ع) وبقي بعد جده وابيه منهلا لرواد العلم ومصدرا كريما لكل مسترشد يروي لهم احاديث جده ، ويعلمهم احكام الاسلام كما نزلت من عند الله ، ومع ذلك فلم يروعنه البخاري شيئا وروي عن عبد الله ابن الزبير ، وعده صحابيا فوق الشبهات والاهواء مع انه هو والحسن بن علي (ع) في سن واحدة تقريبا ، وهو الذي ترك الصلاة على النبي اربعين يوما عداوة لعلي وال علي (ع).

هذه المواقف من البخاري مع الشيعة وائمة الشيعة من الصعب ان يجد لها الباحث تفسيرا مقبولا لاسيما وهو يروي عن الخوارج والنواصب وامثالها من المنحرفين والمفسرين في الشهوات والمنكرات وجميع الآثام.

وإذا قلنا ان البخاري لا يروي عن الشيعة ولاعن ائمتهم ، فلا نقصد من ذلك ان صحيحه خال من الشيعة ، وانما الذي نعنيه ان الشيعة في عصره وقبله ان لم يكونوا ابرز من غيرهم في جميع الميادين والمواضيع العلمية ، فلا اقل من انهم كانوا كغيرهم من علماء السنة ومحدثهم وقد

__________________

(١) انظر الفهرست في اسماء المؤلفين من الشيعة والنجاشي وغيرهم.

١٧٤

انصرفوا إلى تصفية الحديث وتصنيفه قبل لم ان يقوم البخاري بمهمته التي تعد تجولا جديدا في تاريخ الحديث عند السنة ، ومع ذلك لم يرو عن هذه الطبقات التي عاصرته ولا عن التي قبلها وتجاهل الائمة الكرام الذين حدثوا عن جدهم الرسول وابيهم علي (ع) وعن كرام الصحابة ، لا نقصد ان ندعي انه خال من الرواة المعتنقين لفكرة التشيع ، لان الباحث يجده في بعض الاسانيد يعتمد احيانا على بعض الشيعة كسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والقاسم بن محمد ، وعبد الملك بن اعين في حديث واحد رواه عنه سفيان بن عيينة في كتاب التوحيد من صحيحه ، والثلاثة الاول وان احيط تشيعهم باكثر من شبهة عند السنيين والشيعيين ، ولكنهم في واقعهم اقرب إلى التشيع من التسنن ، لا سيما سعيد بن جبير الذي قتله الحجاج بن يوسف لانه لم يعلن براءته من علي وبنيه (ع) كما نص على ذلك اكثر المؤرخين ، هذا بالاضافة إلى ان كتب التراجم السنية لا تعد سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد من رجال الشيعة.

وهب ان هؤلاء واكثر منهم ممن اتهم بالتشيع بين رجال البخاري من الشيعة البارزين والداعين إلى التشيع ، فهل يرفع ذلك عن البخاري الذي جاء لتصفية الحديث ، وجمع صحيحه من ستماية الف حديث مسؤولية اهماله لآلاف الرواة والمحدثين من الشيعة الذين شاركوه في رحلاتهم الطويلة لدراسة الحديث ، واهماله لثلاثة من الائمة الذين عاصروه (١) وتجاهله للامام الصادق وولده الكاظم وحفيده الامام علي ابن موسى (ع) وللحسن السبط ، مع اكثاره من مرويات ابي هريرة المدلس (٢) وابن هند واتباعه ، وعكرمة الخارجي ، وعروة الناصبي ، وروايته عن عمران بن حطان ورفاقه من الخوارج ، لذا فان الباحث لم

__________________

(١) الجواد والهادي والعسكري (ع).

(٢) بشهادة ابن قتيبة. وشعبة بن الحجاج امام اهل الجرج والتعديل وغيرهما.

١٧٥

يجد بدا ، من التسائل ، بل وحتى من اتهامه بالتعصب ضد الشيعة كما ذكرنا.

ولو افترضنا ان له عذرا بالنسبة لاهماله لرواة الشيعة ومحدثيهم فهل يستطيع احد ان يجد له عذرا مقبولا يجعله في حل من تجاهله للامام الصادق والائمة الهداة من ذرية الرسول (ع) الذين كا نوا يروون عنه وعن جدهم علي (ع) وكانوا على صلة باراء جميع الفقاء والمحدثين على اختلاف مذاهبهم ونزعاتهم.

ومنهم محمد بن شهاب الزهري احد علماء التابعين ، المتوفى سنة ١٢٢ ، وكانت صلاته بقصور الامويين من اوثق الصلاة ، وتولى لهم القضاء فافاضوا عليه من عطائهم وهباتهم ، كما تؤكد ذلك المصادر التاريخية.

ومن المعلوم ان الحكام وبخاصة الامويين منهم كانوا ابعد عن الدين واهله من غيرهم ، ولم يقربوا من العلماء الا من كان يؤيد تصرفاتهم ، ويمنحهم صفات الخلفاء الشرعيين لرسول الله (ص).

وجاء في تاريخ اليعقوبي ، ان عبد الملك بن مروان لما منع الناس من الحج إلى مكة يوم كان ابن الزبير مسيطرا على الحجاز ، ضج الناس من منعهم عن اداء فريضة الحج ، فاستنجد عبد الملك بالزهري لكي يجعل له مخرجا من تلك الازمة ، فوضع له حديثا عن الرسول (ص) ينص على انه قال : لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد بيت المقدس ، وان الصخرة التي وضع رسول الله قدمه عليها تقوم مقام الكعبة فبنى عبد الملك على الصخرة قبة وعلق عليها ستور الديباج ، واقام لها سدنة واخذ الناس ان يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة نكاية باخصامه السياسيين (١).

__________________

(١) انظر ص ٨ من المجلد الثاني من تاريخ اليعقوبي.

١٧٦

وقد وصفه الذهبي في المجلد الرابع من ميزان الاعتدال با لتدليس (١).

٦ ـ احمد بن بشير الكوفي روى عنه البخاري في صحيحه ، وعده النسائي ، وعثمان الدارمي من الضعفاء ، واكد عثمان الدارمي بانه من المتروكين الذين لا يعتمد على مروياتهم توفي سنة ١٩٧.

٧ ـ احمد بن صالح المصري أبو جعفر الحافظ ، قال النسائي فيه : ليس بثقة ولا مأمون ، تركه محمد بن يحيى ، ووصفه ابن معين بالكذب وقال معاوية بن صالح : سألت يحيى بن معين عن احمد بن صالح ، فقال كذاب يتفلسف وقد دافع عنه ابن حجر في مقدمة فتح الباري على عادته مع المتهمين من رجال البخاري.

٨ ـ احمد بن ابي الطيب المروزي ، وصف احاديثه أبو حاتم الرازي بالضعف ، وجاء في ميزان الاعتدال. انه كان يروي المناكير ، وتولى شرطة بخارى من قبل حكامها.

٩ ـ ابراهيم بن عبد الرحمن السكسكي ، ضعفه احمد بن حنبل ، ويحيى ابن سعيد ، وترك حديثه الدارقطني ، ورجح تركه النساني ، ومع ذلك فقد روى عنه البخاري حديثين ، واعتمد عليه في بعض الاسانيد.

١٠ ـ احمد بن عيسى المصري ، قال في التهذيب : لقد حلف ابن معين بانه كذاب وقال سعيد بن عمرو اليربوعي : لقد انكر أبو زرعة على مسلم روايته عنه واضاف إلى ذلاك ، ان ابا زرعة قال : ما رأيت اهل مصر يشكون في انه واشار إلى لسانه ، اي انه كذاب.

__________________

(١) انظر ص ٤٠ ، ج ٤ ، من الميزان.

١٧٧

١١ ـ اسحاق ين سويد بن هبيرة العدوي ، كان ناصبيا يهاجم الامام علي بن ابي طالب (ع) ضعفه جماعة من المحدثين ، ومع ذلك فقد روى عنه البخاري ، ومسلم وابو داوود والنسائي.

١٢ ـ اسحاق بن محمد بن اسماعيل ، ضعفه أبو داوود والنسائي ، وقال الدارقطني والحاكم في المستدرك ، لقد تعرض البخاري للنقد من جهة روايته عنه.

١٣ ـ اسماعيل بن ابان الوراق احد شيوخ البخاري ضعفه جماعة من المحدثين ، ووصفه بعضهم بالانحراف عن الحق ، يعنون بذلك انه كان يميل إلى التشيع (١).

١٤ ـ اسيد بن زيد الجمال ، ضعفه كل من النسائي وابن معين والدارقطني ورجح ضعفه كل من ابن عدي وابن حيان ، واضاف ابن حيان انه كان يروي المناكير ويسرق الحديث ، ويظهر منهم انه كان متهما بالتشيع ، فقد جاء في كلام البزار عنه ، احتمل حديثه مع شيعية شديدة عنه (٢).

١٥ ـ ثور بن يزيد الحمصي ، كان من القائلين بالقدر ، وقد نهى الاوزاعي وابن المبارك عن كتابة حديثه والاعتماد عليه.

١٦ ـ حصين بن نمير الواسطي ضعفه ابن معين ، وابو أحمد الحاكم في الكنى ، وقال فيه جماعة : انه كان ناصبيا يشتم عليا (ع).

__________________

(١) وقد ورد ذكره في كتب الرجال عند الشيعة ، ولم يظهر منها ما يشعر بتشيعه أو وثاقته ولم يذكروا له مدحا ولا ذما الا عن طريق التقريب لابن حجر.

(٢) ليس في كتب الرجال ما يشير الى تشيعه. ولا هو من الشيعة. والظاهر انه كان معتدلا في تسننه.

١٧٨

١٧ ـ الحسن بن عمارة الكوفي كان كذابا ، وقد اطبقوا على تركه ، كما جاء في مقدمة فتح الباري.

١٨ ـ خالد بن مخلد القطراني الكوفي من كبار شيوخ البخاري ، طعن في احاديثه جماعة منهم احمد بن حنبل ، وتوقف في امره آخرون لانه كان غاليا في التشيع على حد زعمهم ، وقال فيه ابن سعد : انه منكر الحديث مفرط في التشنيع ، وعد له ابن عدي عشرة احاديث من المنكرات.

وروى عنه البخاري بسنده إلى ابي هريرة ان رسول الله (ع) قال : ان الله عز وجل قال : من عادى لي وليا فقد اذنني بالحرب وما تقرب الي عبدي بشئ أحب الي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه ، فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده انني يبطش بها ، ورجله التي يمشي عليها ، فلئن سألني عبدى لاعطينه ، ولان استعاذ بى لاعيذنه ، وما ترددت في شئ انا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت واكره مساءته ، ولا بد له منه (١).

وقد عد المحدثون هذا الحديث من الغرائب ، ولكن هيبة الجامع الصحيح الذي دون فيه هذا الحديث تمنعهم من طرحه ، وعدوه من منكرات خالد بن مخلد على حد تعبير الذهبي في المجلد الاول من الميزان.

وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب : كان خالد بن مخلد

__________________

(١) والواقع ان الحديث يشتمل على بعضى الفقرات المنكرة والتى لا يمكن الالتزام بها بالنسبة إلى الله تعالى «مثل قوله وما ترددت في شئ انا فاعلة ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن» فان نسبة التردد إلى الله لا تنفك عن الجهل بالمصالح والنتائج المرتقبة. ولعل هذه الزيادة في الحديث من موضوعات ابي هريرة.

١٧٩

احد الحفاظ بالكوفة ، رحل واخذ الحديث عن مالك وطبقته ، وتوفي سنة ٢١٣.

وليس في كتب الرجال الشيعية له ذكر ، ولو كان من الشيعة أو من المفرطين في التشيع كما يدعى ابن سعد وغيره لورد ذكره حتما بين رجال الشيعة ، لانهم لم يهملوا احدا ، بل تعرضوا حتى لمن كان تشيعه محاطا بشئ من الغموض ، وخالد بن مخلد لو كان من رجال الشيعة كما تنص على ذلك بعض المؤلفات السنية لا يمكن اهماله لاسيما وهو من كبار شيوخ البخاري.

١٩ ـ داود بن الحصين المدني ، قال فيه الذهبي : قد تفرد بأشياء منها ولاؤه لعثمان وآله ومنها انه كان خارجيا يرى رأي الخوارج ، ويروي الاحاديث المنكرة ، وكان يتقي حديثه سفيان بن عيينة ، وتوقف فيه أبو حاتم ، وكان علي بن المديني يقول : مرسل الشعبي وسعيد بن المسيب احب الي من مسند داوود عن عكرمة عن ابن عباس (١).

٢٠ ـ رفيع أبو العالية الرياحي : قال فيه الشافعي : ان احاديث ابي العالية الرياحي رياح لا يعتد بها (٢).

٢١ ـ زكريا بن يحيى بن عمر بن حصين من شيوخ البخاري ، طعن فيه الدارقطني ، واضاف : بأنه متروك الحديث ، ووصفه الحاكم ، بانه يخطئ في احاديثه.

٢٢ ـ زياد بن عبد الله بن الطفيل ضعفه علي بن المديني وابن سعد وقال ابن حيان : لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد به ، كما ضعفه النسائي وجماعة آخرون ، ومن غرائب احاديثه ما رواه عن عطاء بن السائب بسنده

__________________

(١) انظر ميزان الاعتدال ص ٥ ج ٢.

(٢) نفس المصدر ص ٥٤.

١٨٠