نهج البلاغة - ج ٣

محمد عبده

نهج البلاغة - ج ٣

المؤلف:

محمد عبده


المحقق: محمّد محيى الدين عبد الحميد
الموضوع : الحديث وعلومه
المطبعة: مطبعة الإستقامة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٧٢

يفعل فى الأبدان كفعله فى الأشجار : أوّله يحرق ، وآخره يورق (١).

١٢٩ ـ وقال عليه السلام : عظم الخالق عندك يصغّر المخلوق فى عينك.

١٣٠ ـ وقال عليه السلام وقد رجع من صفين فاشرف على القبور بظاهر الكوفة : يا أهل الدّيار الموحشة (٢) والمحالّ المقفرة ، والقبور المظلمة ، يا أهل التّربة ، يا أهل الغربة [يا أهل الوحدة] يا أهل الوحشة ، أنتم لنا فرط سابق (٣) ونحن لكم تبع لاحق ، أمّا الدّور فقد سكنت (٤) ، وأمّا الأزواج فقد نكحت ، وأمّا الأموال فقد قسمت. هذا خير ما عندنا فما خبر ما عندكم؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال : أما لو أذن لهم فى الكلام لأخبروكم أنّ خير الزّاد التّقوى

١٣١ ـ وقال عليه السلام ، وقد سمع رجلا يذم الدنيا : أيّها الذّامّ للدّنيا

__________________

(١) ولأنّه فى أوله يأتى على عهد من الأبدان بالحر فيؤذيها. أما فى آخره فيمسها بعد تعودها عليه ، وهو إذ ذاك أخف.

(٢) الموحشة : الموجبة للوحشة ضد الأنس ، والمحال : جمع محل ، أى : الأركان المقفرة ، من «أقفر المكان» إذا لم يكن به ساكن ولا نابت

(٣) الفرط ـ بالتحريك ـ : المتقدم إلى الماء للواحد والجمع ، والكلام هنا على الاطلاق ، أى : المتقدمون ، والتبع ـ بالتحريك أيضا ـ : التابع

(٤) أى : إن دياركم سكنها غيركم ، ونساءكم تزوجت ، وأموالكم قسمت ، فهذه أخبارنا إليكم.

١٨١

المغترّ بغرورها المخدوع بأباطيلها! أتغترّ بالدّنيا ثمّ تذمّها ، أنت المتجرّم عليها (١) أم هى المتجرّمة عليك؟ متى استهوتك (٢) أم متى غرّتك؟ أبمصارع آبائك من البلى (٣)؟ أم بمضاجع أمّهاتك تحت الثّرى؟! كم علّلت بكفّيك (٤)؟ وكم مرّضت بيديك؟ تبغى لهم الشّفاء (٥) ، وتستوصف لهم الأطبّاء ، [غداة لا يغنى عنهم دواؤك ، ولا يجدى عليهم بكاؤك] لم ينفع أحدهم إشفاقك (٦) ولم تسعف بطلبتك ، ولم تدفع عنه بقوّتك! [و] قد مثّلت لك به الدّنيا نفسك (٧)! وبمصرعه مصرعك. إنّ الدّنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار عافية لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن تزوّد منها (٨) ، ودار موعظة لمن اتّعظ بها ، مسجد أحبّاء اللّه ، ومصلّى ملائكة اللّه ومهبط وحى اللّه ، ومتجر أولياء اللّه ،

__________________

(١) تجرم عليه : ادعى عليه الجرم ـ بالضم ـ أى : الذنب

(٢) استهواه : ذهب بعقله وأذله فحيره.

(٣) البلى ـ بكسر الباء ـ : الفناء بالتحلل ، والمصرع : مكان الانصراع ، أى : السقوط ، أى : مكان سقوط آبائك من الفناء ، والثرى : التراب

(٤) علل المريض : خدمه فى علته ، كمرضه : خدمه فى مرضه

(٥) الضمير فى «لهم» يعود على الكثير المفهوم من كم. واستوصف الطبيب : طلب منه وصف الدواء بعد تشخيص الداء

(٦) إشفاقك : خوفك : والطلبة ـ بالكسر ، وبفتح فكسر ـ المطلوب ، وأسعفه بمطلوبه : أعطاه إياه على ضرورة إليه.

(٧) أى : إن الدنيا جعلت الهالك قبلك مثالا لنفسك تقيسها عليه

(٨) أى : أخذ منها زاده للآخرة

١٨٢

اكتسبوا فيها الرّحمة ، وربحوا فيها الجنّة ، فمن ذا يذمّها وقد آذنت ببينها (١) ونادت بفراقها ، ونعت نفسها وأهلها فمثّلت لهم ببلائها البلاء ، وشوّقتهم بسرورها إلى السّرور؟؟!! راحت بعافية (٢) ، وابتكرت بفجيعة ، ترغيبا وترهيبا ، وتخويفا وتحذيرا ، فذمّها رجال غداة النّدامة (٣) ، وحمدها آخرون يوم القيامة ، ذكّرتهم الدّنيا فتذكّروا ، وحدّثتهم فصدّقوا ، ووعظتهم فاتّعظوا.

١٣٢ ـ وقال عليه السلام : إنّ للّه ملكا ينادى فى كلّ يوم : لدوا للموت (٤) ، واجمعوا للفناء ، وابنوا للخراب.

١٣٣ ـ وقال عليه السلام : الدّنيا دار ممرّ لا دار مقرّ ، والنّاس فيها رجلان : رجل باع فيها نفسه فأوبقها (٥) ، ورجل ابتاع نفسه فأعتقها.

__________________

(١) آذنت ـ بمد الهمزة ـ أى : أعلمت أهلها ببينها ، أى : ببعدها وزوالها عنهم. ونعاه : إذا أخبر بفقده ، والدنيا أخبرت بفنائها وفناء أهلها بما ظهر من أحوالها

(٢) راح إليه : وافاه وقت العشى ، أى : إنها تمشى بعافية ، و «تبتكر» أى : تصبح بفجيعة ، أى : بمصيبة فاجعة

(٣) أى : ذموها عند ما أصبحوا نادمين على ما فرطوا فيها ، أما الذين حمدوها فهم الذين عملوا فجنوا ثمرة أعمالهم ، ذكرتهم بحوادثها فانتبهوا لما يجب عليهم ، وكأنها بتقلبها تحدثهم بما فيه العبرة وتحكى لهم ما به العظة

(٤) أمر من الولادة

(٥) باع نفسه لهواه وشهواته فأوبقها ، أى : أهلكها ، و «ابتاع نفسه» أى : اشتراها وخلصها من أسر الشهوات

١٨٣

١٣٤ ـ وقال عليه السلام : لا يكون الصّديق صديقا حتّى يحفظ أخاه فى ثلاث : فى نكبته ، وغيبته ، ووفاته. (١)

١٣٥ ـ وقال عليه السلام : من أعطى أربعا لم يحرم أربعا : من أعطى الدّعاء لم يحرم الإجابة (٢) ، ومن أعطى التّوبة لم يحرم القبول ، ومن أعطى الاستغفار لم يحرم المغفرة ، ومن أعطى الشّكر لم يحرم الزّيادة. قال الرضى : وتصديق ذلك كتاب اللّه ، قال اللّه فى الدّعاء : «اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» وقال فى الاستغفار : «وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اَللّٰهَ يَجِدِ اَللّٰهَ غَفُوراً رَحِيماً» وقال فى الشكر : «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» وقال فى التوبة «إِنَّمَا اَلتَّوْبَةُ عَلَى اَللّٰهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسُّوءَ بِجَهٰالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولٰئِكَ يَتُوبُ اَللّٰهُ عَلَيْهِمْ وَكٰانَ اَللّٰهُ عَلِيماً حَكِيماً».

١٣٦ ـ وقال عليه السلام : الصّلاة قربان كلّ تقىّ ، والحجّ جهاد كلّ ضعيف ، ولكلّ شىء زكاة وزكاة البدن الصّيام ، وجهاد المرأة حسن التّبعّل (٣).

__________________

(١) أى : لا يضيع شيئا من حقوقه فى الأحوال الثلاثة.

(٢) المراد بالدعاء المجاب : ما كان مقرونا باستعداد بأن يصحبه العمل لنيل المطلوب. وبالتوبة والاستغفار : ما كانا ندما على الذنب يمنع من العود إليه ، وبالشكر : تصريف النعم فى وجوهها المشروعة

(٣) حسن التبعل : إطاعة الزوج.

١٨٤

١٣٧ ـ وقال عليه السلام : استنزلوا الرّزق بالصّدقة.

١٣٨ ـ وقال عليه السلام : من أيقن بالخلف جاد بالعطيّة.

١٣٩ ـ وقال عليه السلام : تنزل المعونة على قدر المؤونة.

١٤٠ ـ وقال عليه السلام : ما أعال من اقتصد (١).

١٤١ ـ وقال عليه السلام : قلّة العيال أحد اليسارين

١٤٢ ـ [وقال عليه السلام : التّودّد نصف العقل].

١٤٣ ـ وقال عليه السلام : الهمّ نصف الهرم.

١٤٤ ـ وقال عليه السلام : ينزل الصّبر على قدر المصيبة ، ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته حبط عمله (٢).

١٤٥ ـ وقال عليه السلام : كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ [الجوع و] الظّمأ ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلاّ السّهر والعناء ، حبّذا نوم الأكياس وإفطارهم (٣)

__________________

(١) «من اقتصد» أى : أنفق فى غير إسراف ، فلا يعول ـ على وزن يكرم ـ أى : لا يفتقر. وفى نسخة «عال» بلا همزة ، ومعناه : ما جار عن الحق من أخذ بالاقتصاد.

(٢) أى : حرم من ثواب أعماله ، فكأنها بطلت

(٣) الأكياس : جمع كيس ـ بتشديد الياء ـ أى : العقلاء العارفون يكون نومهم وفطرهم أفضل من صوم الحمقى وقيامهم

١٨٥

١٤٦ ـ وقال عليه السلام : سوسوا إيمانكم بالصّدقة (١) ، وحصّنوا أموالكم بالزّكاة ، وادفعوا أمواج البلاء بالدّعاء.

١٤٧ ـ ومن كلامه عليه السلام

لكميل بن زياد النخعى

قال كميل بن زياد : أخذ بيدى أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السّلام فأخرجنى إلى الجبان (٢) فلما أصحر تنفس الصعداء ، ثم قال : يا كميل [بن زياد] إنّ هذه القلوب أوعية (٣) ، فخيرها أوعاها ، فاحفظ عنّى ما أقول لك : النّاس ثلاثة : فعالم ربّانىّ (٤) ، ومتعلّم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق

__________________

(١) السياسة : حفظ الشىء بما يحوطه من غيره ، فسياسة الرعية حفظ نظامها بقوة الرأى والأخذ بالحدود. والصدقة تستحفظ الشفقة ، والشفقة تستزيد الايمان وتذكر اللّه. والزكاة : أداء حق اللّه من المال ، وأداء الحق حصن النعمة

(٢) الجبان كالجبانة : المقبرة ، و «أصحر» أى : صار فى الصحراء

(٣) أوعية : جمع وعاء ، وأوعاها : أحفظها

(٤) العالم الربانى : هو المتأله العارف باللّه ، والمتعلم على طريق النجاة إذا أتم علمه نجا ، والهمج ـ محركة ـ : الحمقى من الناس ، والرعاع ـ كسحاب ـ : الأحداث الطغام الذين لا منزلة لهم فى الناس ، والناعق : مجاز عن الداعى إلى باطل أو حق

١٨٦

يا كميل : العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال [و] المال تنقصه النّفقة والعلم يزكو على الإنفاق ، وصنيع المال يزول بزواله (١).

يا كميل [بن زياد ، معرفة] العلم دين يدان به ، به يكسب الانسان الطّاعة فى حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته ، والعلم حاكم والمال محكوم عليه يا كميل ، هلك خزّان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقى الدّهر : أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم فى القلوب موجودة. ها إنّ ههنا لعلما جمّا (وأشار بيده إلى صدره) لو أصبت له حملة (٢)! بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه (٣) مستعملا آلة الدّين للدّنيا ، ومستظهرا بنعم اللّه على عباده ، وبحججه على أوليائه ، أو منقادا لحملة الحقّ (٤) لا بصيرة له فى أحنائه ، ينقدح الشّكّ فى

__________________

(١) من كان صنيعا لك متحببا إليك لمالك زال ما تراه منه بزوال مالك ، أما صنيع العلم فيبقى ما بقى العلم ، فانما العالم فى قومه كالنبى فى أمته ، فالعلم أشبه شىء بالدين ـ بكسر الدال ـ يوجب على المتدينين طاعة صاحبه فى حياته والثناء عليه بعد موته

(٢) الحملة ـ بالتحريك ـ : جمع حامل ، و «أصبت» بمعنى وجدت ، أى : لو وجدت له حاملين لأبرزته وبثثته

(٣) اللقن ـ بفتح فكسر ـ : من يفهم بسرعة ، إلا أن العلم لا يطبع أخلاقه على الفضائل ، فهو يستعمل وسائل الدين لجلب الدنيا ، ويستعين بنعم اللّه على إيذاء عباده

(٤) المنقاد لحاملى الحق : هو المقلد فى القول والعمل ، ولا بصيرة له فى دقائق الحق وخفاياه ، فذاك يسرع الشك إلى قلبه لأقل شبهة

١٨٧

قلبه لأوّل عارض من شبهة. ألا لا ذا ولا ذاك (١)! أو منهوما باللّذّة (٢) سلس القياد للشّهوة ، أو مغرما بالجمع والادّخار ، ليسا من رعاة الدّين فى شىء ، أقرب شىء شبها بهما الأنعام السّائمة! كذلك يموت العلم بموت حامليه

الّلهمّ بلى! لا تخلو الأرض من قائم للّه بحجّة : إمّا ظاهرا مشهورا ، أو خائفا مغمورا (٣) لئلاّ تبطل حجج اللّه وبيّناته. وكم ذا (٤) وأين [أولئك]؟؟ أولئك ـ واللّه ـ الأقلّون عددا ، والأعظمون عند اللّه قدرا. يحفظ اللّه بهم حججه وبيّناته حتّى يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها فى قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون (٥) ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدّنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلّ الأعلى. أولئك خلفاء اللّه فى أرضه ، والدّعاة إلى دينه

__________________

(١) لا يصلح لحمل العلم واحد منهما

(٢) المنهوم : المفرط فى شهوة الطعام ، وسلس القياد : سهله ، والمغرم بالجمع : المولع بكسب المال واكتنازه. وهذان ليسا ممن يرعى الدين فى شىء ، و «الأنعام» ـ أى : البهائم السائمة ـ أقرب شبها بهذين ، فهما أحط درجة من راعية البهائم ، لأنها لم تسقط عن منزلة أعدتها لها الفطرة أما هما فقد سقطا واختارا الأدنى على الأعلى

(٣) غمره الظلم حتى غطاه فهو لا يظهر

(٤) استفهام عن عدد القائمين للّه بحجته واستقلال له. وقوله «وأين أولئك؟» استفهام عن أمكنتهم وتنبيه على خفائها

(٥) عدوا ما استخشنه المنعمون لينا ، وهو الزهد.

١٨٨

آه آه شوقا إلى رؤيتهم! انصرف [يا كميل] إذا شئت

١٤٨ ـ وقال عليه السلام : المرء مخبوء تحت لسانه (١)

١٤٩ ـ وقال عليه السلام : هلك امرؤ لم يعرف قدره.

١٥٠ ـ وقال عليه السلام : لرجل ساله أن يعظه : لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير العمل ، ويرجّى التّوبة (٢) بطول الأمل ، يقول فى الدّنيا بقول الزّاهدين ، ويعمل فيها بعمل الرّاغبين ، إن أعطى منها لم يشبع ، وإن منع منها لم يقنع ، يعجز عن شكر ما أوتى ، ويبتغى الزّيادة فيما بقى ، ينهى ولا ينتهى ، ويأمر بما لا يأتى ، يحبّ الصّالحين ولا يعمل عملهم ، ويبغض المذنبين وهو أحدهم ، يكره الموت لكثرة ذنوبه ، ويقيم على ما يكره الموت له (٣) ، إن سقم ظلّ نادما (٤) ، وإن صحّ أمن لاهيا ، يعجب بنفسه إذا عوفى ، ويقنط إذا ابتلى ، إن أصابه بلاء دعا مضطرّا ، وإن ناله رخاء أعرض مغترّا ، تغلبه نفسه على ما يظنّ ، ولا يغلبها على ما يستيقن (٥) ،

__________________

(١) إنما يظهر عقل المرء وفضله بما يصدر عن لسانه ، فكأنه قد خبئ تحت لسانه ، فاذا تحرك اللسان انكشف

(٢) يرجى ـ بالتشديد ـ أى : يؤخر التوبة.

(٣) الذى يكره الموت لأجله هو الذنوب ، وأقام عليها : داوم على إتيانها

(٤) إن أصابه السقم لازم الندم على التفريط أيام الصحة ، فاذا عادت له الصحة غره الأمن وغرق فى اللهو

(٥) هو على يقين من أن السعادة فى الزهادة ، والشرف فى الفضيلة ، ثم لا يقهر

١٨٩

يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ، ويرجو لنفسه بأكثر من عمله ، إن استغنى بطروفتن (١) ، وإن افتقر قنط ووهن ، يقصّر إذا عمل ، ويبالغ إذا سأل ، إن عرضت له شهوة أسلف المعصية (٢) ، وسوّف التّوبة ، وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملّة (٣) ، يصف العبرة ولا يعتبر (٤) ، ويبالغ فى الموعظة ولا يتّعظ ، فهو بالقول مدلّ (٥) ، ومن العمل مقلّ ، ينافس فيما يفنى ، ويسامح فيما يبقى ، يرى الغنم مغرما (٦) ، والغرم مغنما ، يخشى الموت ، ولا يبادر الفوت (٧) يستعظم من معصية غيره ما يستقلّ أكثر منه من نفسه ، ويستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره ، فهو على النّاس طاعن ، ولنفسه مداهن ، اللّهو مع

__________________

نفسه على اكتسابهما ، وإذا ظن بل توهم لذة حاضرة أو منفعة عاجلة دفعته نفسه إليها وإن هلك

(١) بطر ـ كفرح ـ : اغتر بالنعمة ، والغرور فتنة ، والقنوط : اليأس ، والوهن : الضعف

(٢) أسلف : قدم ، وسوف : أخر.

(٣) شرائط الملة : الثبات والصبر ، واستعانة اللّه على الخلاص عند عرو المحن أى : طروق البلايا. و «انفرج عنها» أى : انخلع وبعد

(٤) العبرة ـ بالكسر ـ تنبه النفس لما يصيب غيرها فتحترس من إتيان أسبابه

(٥) أدل على أقرانه : استعلى عليهم

(٦) الغنم ـ بالضم ـ : الغنيمة ، والمغرم : الغرامة ، والأعمال العظيمة غنيمة العقلاء ، والشهوات خسارة الأعمار

(٧) الفوت : فوات الفرصة وانقضاؤها ، وبادره : عاجله قبل أن يذهب.

١٩٠

الأغنياء أحبّ إليه من الذّكر مع الفقراء ، يحكم على غيره لنفسه ، ولا يحكم عليها لغيره ، ويرشد غيره ويغوى نفسه. فهو يطاع ويعصى ، ويستوفى ولا يوفى ، ويخشى الخلق فى غير ربّه (١) ولا يخشى ربّه فى خلقه قال الرضى : ولو لم يكن فى هذا الكتاب إلا هذا الكلام لكفى [به] موعظة ناجعة ، وحكمة بالغة ، وبصيرة لمبصر ، وعبرة لناظر مفكر

١٥١ ـ وقال عليه السلام : لكلّ امرىء عاقبة حلوة أو مرّة

١٥٢ ـ وقال عليه السلام : لكلّ مقبل إدبار ، وما أدبر كأن لم يكن.

١٥٣ ـ وقال عليه السلام : لا يعدم الصّبور الظّفر وإن طال به الزّمان.

١٥٤ ـ وقال عليه السلام : الرّاضى بفعل قوم كالدّاخل فيه معهم ، وعلى كلّ داخل فى باطل إثمان : إثم العمل به ، وإثم الرّضا به.

١٥٥ ـ وقال عليه السلام : اعتصموا بالذّمم فى أوتادها (٢)

١٥٦ ـ وقال عليه السلام : عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته (٣)

__________________

(١) أى : يخشى الخلق فيعمل لغير اللّه خوفا منه ، ولكنه لا يخاف اللّه ، فهو يضر عباده ولا ينفع خلقه

(٢) تحصنوا بالذمم ـ اى : العهود ـ واعقدوها بأوتادها ، أى : الرجال أهل النجدة الذين يوفون بها. وإياكم والركون لعهد من لا عهد له.

(٣) أى : عليكم بطاعة عاقل لا تكون له جهالة تعتذرون بها عند البراءة من عيب السقوط فى مخاطر أعماله فيقل عذركم فى اتباعه

١٩١

١٥٧ ـ وقال عليه السلام : قد بصّرتم إن أبصرتم (١) وقد هديتم إن اهتديتم [وأسمعتم إن استمعتم] :

١٥٨ ـ وقال عليه السلام : عاتب أخاك بالإحسان إليه ، واردد شرّه بالانعام عليه.

١٥٩ ـ وقال عليه السلام : من وضع نفسه مواضع التّهمة فلا يلومنّ من أساء به الظّنّ.

١٦٠ ـ وقال عليه السلام : من ملك استأثر (٢)

١٦١ ـ وقال عليه السلام : من استبدّ برأيه هلك ، ومن شاور الرجال شاركها فى عقولها.

١٦٢ ـ وقال عليه السلام : من كتم سرّه كانت الخيرة بيده (٣)

١٦٣ ـ وقال عليه السلام : الفقر الموت الأكبر.

١٦٤ ـ وقال عليه السلام : من قضى حقّ من لا يقضى حقّه فقد عبده (٤)

__________________

(١) كشف اللّه لكم عن الخير والشر ، فان كانت لكم أبصار فابصروا ، وكذا يقال فيما بعده.

(٢) «استأثر» أى : استبد

(٣) مثلا لو أسر عزيمة فله الخيار فى إنفاذها أو فسخها ، بخلاف ما لو أفشاها فربما ألزمته البواعث على فعلها ، أو أجبرته العوائق التى تعرض له فى إفشائها على فسخها ، وعلى هذا القياس

(٤) لأن العبادة خضوع لمن لا تطالبه بجزائه اعترافا بعظمته

١٩٢

١٦٥ ـ وقال عليه السلام : لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.

١٦٦ ـ وقال عليه السلام : لا يعاب المرء بتأخير حقّه (١) إنّما يعاب من أخذ ما ليس له.

١٦٧ ـ وقال عليه السلام : الإعجاب يمنع الازدياد (٢)

١٦٨ ـ وقال عليه السلام : الأمر قريب (٣) والاصطحاب قليل.

١٦٩ ـ وقال عليه السلام : قد أضاء الصّبح لذى عينين.

١٧٠ ـ وقال عليه السلام : ترك الذّنب أهون من طلب المعونة.

١٧١ ـ وقال عليه السلام : كم من أكلة منعت أكلات (٤)!

١٧٢ ـ وقال عليه السلام : النّاس أعداء ما جهلوا.

١٧٣ ـ وقال عليه السلام : من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطإ (٥).

__________________

(١) المتسامح فى حقه لا يعاب ، وإنما يعاب سالب حق غيره

(٢) من أعجب بنفسه وثق بكمالها فلم يطلب لها الزيادة فى الكمال ، فلا يزيد بل ينقص.

(٣) أمر الآخر قريب ، والاصطحاب فى الدنيا قصير الزمن قليل.

(٤) رب شخص أكل مرة فأفرط فابتلى بالتخمة ومرض المعدة وامتنع عليه الأكل أياما.

(٥) من طلب الآراء من وجوهها الصحيحة انكشف له موقع الخطأ فاحترس منه «١٣ ـ ن ـ ج ـ ٣»

١٩٣

١٧٤ ـ وقال عليه السلام : من أحدّ سنان الغضب للّه قوى على قتل أشدّاء الباطل (١).

١٧٥ ـ وقال عليه السلام : إذا هبت أمرا فقع فيه (٢) ، فإنّ شدّة توقّيه أعظم ممّا تخاف منه.

١٧٦ ـ وقال عليه السلام : آلة الرّياسة سعة الصّدر.

١٧٧ ـ وقال عليه السلام : ازجر المسىء بثواب المحسن (٣).

١٧٨ ـ وقال عليه السلام : احصد الشّرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك.

١٧٩ ـ وقال عليه السلام : اللّجاجة تسلّ الرّأى (٤).

١٨٠ ـ وقال عليه السلام : الطّمع رقّ مؤبّد.

١٨١ ـ وقال عليه السلام : ثمرة التّفريط النّدامة ، وثمرة الحزم السّلامة.

١٨٢ ـ وقال عليه السلام : لا خير فى الصّمت عن الحكم ، كما أنّه

__________________

(١) أحد ـ بفتح الهمزة والحاء وتشديد الدال ـ أى : شحذ ، والسنان : نصل الرمح ، أى : من اشتد غضبه للّه اقتدر على قهر أهل الباطل وإن كانوا أشداء

(٢) إذا تخوفت من امر فادخل فيه ، فان ألم الخوف منه أشد من مصيبة الوقوع فيه

(٣) إذا كافأت المحسن على إحسانه أقلع المسىء عن إساءته طلبا للمكافأة.

(٤) اللجاجة شدة الخصام تعصبا لا للحق ، وهى تسل الرأى ، أى : تذهب به وتنزعه

١٩٤

لا خير فى القول بالجهل.

١٨٣ ـ وقال عليه السلام : ما اختلفت دعوتان إلاّ كانت إحداهما ضلالة (١).

١٨٤ ـ وقال عليه السلام : ما شككت فى الحقّ مذ أريته.

١٨٥ ـ وقال عليه السلام : ما كذبت ولا كذّبت ، ولا ضللت ولا ضلّ بى.

١٨٦ ـ وقال عليه السلام : للظّالم البادى غدا بكفّه عضّة (٢)!

١٨٧ ـ وقال عليه السلام : الرّحيل وشيك (٣).

١٨٨ ـ وقال عليه السلام : من أبدى صفحته للحقّ هلك (٤)

١٨٩ ـ وقال عليه السلام : من لم ينجه الصّبر أهلكه الجزع

١٩٠ ـ وقال عليه السلام : وا عجباه أتكون الخلافة بالصّحابة والقرابة؟ قال الرضى : وروى له شعر فى هذا المعنى

فان كنت بالشّورى ملكت أمورهم

فكيف بهذا والمشيرون غيّب (٥)؟!

__________________

(١) لأن الحق واحد

(٢) يعض الظالم على يده ندما يوم القيامة

(٣) الرحيل من الدنيا إلى الآخرة قريب

(٤) من ظهر بمقاومة الحق هلك. وإبداء الصفحة : إظهار الوجه ، وقد يكون المعنى : من أعرض عن الحق ، والصفحة تظهر عند الاعراض بالجانب

(٥) جمع غائب : يريد بالمشيرين أصحاب الرأى فى الأمر ، وهم على وأصحابه من بنى هاشم.

١٩٥

وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم (١)

فغيرك أولى بالنّبىّ وأقرب

١٩١ ـ وقال عليه السلام : إنّما المرء فى الدّنيا غرض تنتضل فيه المنايا (٢) ونهب تبادره المصائب ، ومع كلّ جرعة شرق (٣) ، وفى كلّ أكلة غصص ولا ينال العبد نعمة إلاّ بفراق أخرى ، ولا يستقبل يوما من عمره إلاّ بفراق آخر من أجله. فنحن أعوان المنون (٤) وأنفسنا نصب الحتوف فمن أين نرجو البقاء وهذا اللّيل والنّهار لم يرفعا من شىء شرفا (٥) إلاّ أسرعا الكرّة فى هدم ما بنيا ، وتفريق ما جمعا؟!

١٩٢ ـ وقال عليه السلام : يا ابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك

__________________

(١) يريد احتجاج أبى بكر رضى اللّه عنه على الأنصار بأن المهاجرين شجرة النبى صلى اللّه عليه وسلم

(٢) الغرض ـ بالتحريك ـ : ما ينصب ليصيبه الرامى ، و «تنتضل فيه» أى : تصيبه وتثبت فيه : والمنايا ، جمع منية ، وهى الموت ، والنهب ـ بفتح فسكون ـ : ما ينهب

(٣) الشرق ـ بالتحريك ـ : وقوف الماء فى الحلق ، أى : مع كل لذة ألم.

(٤) المنون ـ بفتح الميم ـ الموت : وكلما تقدمنا فى العمر تقربنا منه فنحن بمعيشتنا أعوانه على أنفسنا ، وأنفسنا نصب الحتوف ـ أى : تجاهها ـ والحتوف : جمع حتف ، أى : هلاك

(٥) الشرف : المكان العالى ، والمراد به هنا كل ما علا من مكان وغيره

١٩٦

١٩٣ ـ وقال عليه السلام : إنّ للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ، فإنّ القلب إذا أكره عمى

١٩٤ ـ وكان عليه السلام يقول : متى أشفى غيظى إذا غضبت؟ أحين أعجز عن الانتقام فيقال لى لو صبرت؟ أم حين أقدر عليه فيقال لى لو عفوت (١)

١٩٥ ـ وقال عليه السلام وقد مر بقذر على مزبلة : هذا ما بخل به الباخلون (٢) وروى فى خبر آخر أنه قال : هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس

١٩٦ ـ وقال عليه السلام : لم يذهب من مالك ما وعظك (٣)

١٩٧ ـ وقال عليه السلام : إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة.

١٩٨ ـ وقال عليه السلام لما سمع قول الخوارج «لا حكم إلا للّه» : كلمة حقّ يراد بها باطل (٤)

__________________

(١) لا يصح التشفى على أى حال : أما فى حال العجز فالصبر أشفى ، وأما عند القدرة فالعفو أجمل

(٢) تلك الأقذار : هى لذائذ الأطعمة التى كان يبخل ببذلها البخلاء ، وهى ما كان الناس يتنافسون فيه كل يطلبه

(٣) إذا أحدث فيك ضياع المال بصيرة وحذرا فما اكتسبته خير مما ضاع

(٤) فانهم قصدوا بها الاحتجاج على خروجهم من طاعة الخليفة

١٩٧

١٩٩ ـ وقال عليه السلام فى صفة الغوغاء (١) : هم الّذين إذا اجتمعوا غلبوا ، وإذا تفرّقوا لم يعرفوا ، وقيل : بل قال عليه السلام : هم الّذين إذا اجتمعوا ضرّوا ، وإذا تفرّقوا نفعوا ، فقيل : قد عرفنا مضرة اجتماعهم فما منفعة افتراقهم؟ فقال : يرجع أصحاب المهن إلى مهنتهم ، فينتفع النّاس بهم كرجوع البنّاء إلى بنائه ، والنّسّاج إلى منسجه ، والخبّاز إلى مخبزه

٢٠٠ ـ وقال عليه السلام ، وأتى بجان ومعه غوغاء ، فقال : لا مرحبا بوجوه لا ترى إلاّ عند كلّ سوأة.

٢٠١ ـ وقال عليه السلام : إنّ مع كلّ إنسان ملكين يحفظانه ، فإذا جاء القدر خلّيا بينه وبينه ، وإنّ الأجل جنّة حصينة (٢).

٢٠٢ ـ وقال عليه السلام ، وقد قال له طلحة والزبير : نبايعك على أنا شركاؤك فى هذا الأمر : لا ، ولكنّكما شريكان فى القوّة والاستعانة ، وعونان على العجز والأود (٣)

__________________

(١) الغوغاء ـ بغينين معجمتين ـ أوباش الناس يجتمعون على غير ترتيب ، وهم يغلبون على ما اجتمعوا عليه ، ولكنهم إذا تفرقوا لا يعرفهم أحد ، لانحطاط درجة كل منهم.

(٢) الأجل : ما قدره اللّه للحى من مدة العمر ، وهو وقاية منيعة من الهلكة

(٣) الأود ـ بفتح وسكون ـ : بلوغ الأمر من الانسان مجهوده لشدته وصعوبه احتماله.

١٩٨

٢٠٣ ـ وقال عليه السلام : أيّها النّاس ، اتّقوا اللّه الّذى إن قلتم سمع ، وإن أضمرتم علم ، وبادروا الموت الّذى إن هربتم [منه] أدرككم ، وإن أقمتم أخذكم ، وإن نسيتموه ذكركم.

٢٠٤ ـ وقال عليه السلام : لا يزهدنّك فى المعروف من لا يشكر لك ، فقد يشكرك عليه من لا يستمتع [بشىء] منه ، وقد تدرك من شكر الشّاكر أكثر ممّا أضاع الكافر ، واللّه يحبّ المحسنين.

٢٠٥ ـ وقال عليه السلام : كلّ وعاء يضيق بما جعل فيه إلاّ وعاء العلم فانّه يتّسع (١).

٢٠٦ ـ وقال عليه السلام : أوّل عوض الحليم من حلمه أنّ النّاس أنصاره على الجاهل.

٢٠٧ ـ وقال عليه السلام : إن لم تكن حليما فتحلّم ، فإنّه قلّ من تشبّه بقوم إلاّ أوشك أن يكون منهم

٢٠٨ ـ وقال عليه السلام : من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر ، ومن خاف أمن ، ومن اعتبر أبصر ، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم.

٢٠٩ ـ وقال عليه السلام : لتعطفنّ الدّنيا علينا بعد شماسها عطف

__________________

(١) وعاء العلم : هو العقل ، وهو يتسع بكثرة العلم.

١٩٩

الضّروس على ولدها (١). وتلا عقيب ذلك : «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ اَلْوٰارِثِينَ»

٢١٠ ـ وقال عليه السلام : اتّقوا اللّه تقيّة من شمّر تجريدا وجدّ تشميرا ، وكمّش فى مهل (٢) وبادر عن وجل ، ونظر فى كرّة الموئل ، وعاقبة المصدر ومغبّة المرجع.

٢١١ ـ وقال عليه السلام : الجود حارس الأعراض ، والعلم فدام السّفيه (٣) ، والعفو زكاة الظّفر ، والسّلوّ عوضك ممّن غدر (٤) ، والاستشارة

__________________

(١) الشماس ـ بالكسر ـ : امتناع ظهر الفرس من الركوب ، والضروس ـ بفتح فضم ـ : الناقة السيئة الخلق تعض حالبها ، أى : إن الدنيا ستنقاد لنا بعد جموحها وتلين بعد خشونتها ، كما تنعطف الناقة على ولدها ، وإن أبت على الحالب

(٢) كمش ـ بتشديد الميم ـ : جد فى السوق ، أى : وبالغ فى حت نفسه على المسير إلى اللّه ، لكن مع تمهل البصيرة. والوجل : الخوف. والموئل : مستقر السير ، يريد به هنا ما ينتهى إليه الانسان : من سعادة وشقاء ، وكرته : حملته واقباله. والمغبة ـ بفتح الميم والغين وتشديد الباء ـ : العاقبة أيضا ، إلا أنه يلاحظ فيها مجرد كونها بعد الأمر. أما العاقبة ففيها أنها مسببة عنه ، والمصدر : عملك الذى يكون عنه ثوابك وعقابك ، والمرجع : ما ترجع إليه بعد الموت ويتبعه إما السعادة أو الشقاوة

(٣) الفدام ـ ككتاب ، وسحاب ، وتشدد الدال أيضا مع الفتح ـ : شىء تشده العجم على أفواهها عند السقى ، أى : وإذا حلمت فكأنك ربطت فم السفيه بالفدام فمنعته عن الكلام

(٤) أى : من غدرك فلك خلف عنه ، وهو أن تسلوه وتهجره كأنه لم يكن

٢٠٠