قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

النظريّة المهدويّة في فلسفة التاريخ

النظريّة المهدويّة في فلسفة التاريخ

النظريّة المهدويّة في فلسفة التاريخ

تحمیل

النظريّة المهدويّة في فلسفة التاريخ

144/221
*

٣. البعد التاريخي للغيبة

تارة نتحدّث عن هذا البعد بلحاظ تاريخ الأنبياء العام ، ومرّة أخرى نتحدّث عنه بلحاظ تاريخ الإمام الخاص.

اللحاظ الأوّل : مارس خطّ الشهادة المتمثّل في الأنبياء والأوصياء في تاريخه الطويل مارس أساليب متنوّعة في حركته الرسالية ، من هذه الطرق التي اعتمدها الشهداء الربّانيون : ـ الغيبة ـ ، حين كانوا يلجؤون إلى الاستتار في ظروف خاصّة واستثنائية. فالغيبة سنّة من سنن الأنبياء والأوصياء لم يشذّ عنها المهدي عجل الله تعالى فرجه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : ـ إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها ، فقيل له : لم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال : إنّ الله أبى إلا أن يجري فيه سنن الأنبياء في غيباتهم وأن لابدّ له يا سدير من استيفاء مدّة غيباتهم ، قال الله عزّ وجلّ : ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ) [ الانشقاق ] ، أي سنناً على سنن من كان قبلكم ـ (١).

وعن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : ـ في القائم منَّا سنن من سنن الأنبياء عليهم‌السلام : سُنَّة من آدم ، وسُنّة من نوح ، وسُنّة من إبراهيم ، وسُنّة من موسى ، وسُنّة من عيسى ، وسُنّة من أيّوب ، وسُنّة من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأما من آدم عليه‌السلام فطول العمر ، وأما من إبراهيم عليه‌السلام فخفاء الولادة واعتزال الناس ، وأما من موسى عليه‌السلام فالخوف والغيبة ، وأما من عيسى عليه‌السلام فاختلاف الناس فيه ، وأمّا من أيّوب عليه‌السلام فالفرج بعد البلوى ، وأمّا من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فالخروج بالسيف ـ (٢).

فالمهدي عجل الله تعالى فرجه يلتقي مع الأنبياء السابقين في العديد من السنن ، ولكن السنّة الرئيسية التي أكّدت عليها الأحاديث هي الغيبة ، ففي كتاب ـ كمال الدين وتمام النعمة ـ استقصى الشيخ الصدوق رحمه‌الله حياة كلّ الأنبياء ، وتحدّث مفصّلاً عن غيبة إدريس عليه‌السلام ، وغيبة صالح ويوسف وموسى وعيسى ويوشع بن نون عليهم‌السلام ... فليراجع (٣).

ولكن أغلب الروايات تركّز على المقارنة بين المهدي عجل الله تعالى فرجه والنبي موسى عليه‌السلام في

__________________

١ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥١ ، ص ٢١٨.

٢ ـ المصدر نفسه ، ص ٢١٧.

٣ ـ أنظر : كمال الدين وتمام النعمة ، الشيخ الصدوق ، ص ١٢٧ ـ ١٤٧.