الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧١
بها فقال : ما تبالي حيثما مات أما إنه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها إلا حشر الله روحه إلى وادي السلام قلت له وأين وادي السلام قال ظهر الكوفة أما إني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون.
(باب)
(آخر في أرواح المؤمنين)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قلت له جعلت فداك يروون أن أرواح المؤمنين في
______________________________________________________
باب آخر في أرواح المؤمنين
ليس عنوان الباب مذكورا في بعض النسخ.
الحديث الأول : حسن. ويدل على انتقال الأرواح بعد الموت إلى الأجساد المثالية وبه يستقيم كثير من الايات والأخبار الواردة في أحوال الروح بعد البدن وقد وردت به أخبار مستفيضة لا محيص عن القول به ، وليس هذا من التناسخ الباطل في شيء إذ التناسخ لم يتم دليل عقلي على امتناعه وأكثرها عليلة مدخولة ولو تمت لا تجري أكثرها فيما نحن فيه كما لا يخفى على من تدبر فيها ، والعمدة في نفيه إجماع المسلمين وضرورة الدين ، ومعلوم أن هذا غير داخل فيما انعقده الإجماع والضرورة على نفيه ، كيف وقد قال : به كثير من المسلمين كشيخنا المفيد ( قدس الله روحه ) وغيره من علمائنا المتكلمين والمحدثين بل لا يبعد القول بتعلق الروح بالأجساد المثالية عند النوم أيضا كما يشهد به ما يرى في المنام وقد وقع في الأخبار تشبيه حالة البرزخ وما يجري فيها بحالة الرؤيا وما يشاهد فيها.
قال : الشيخ المفيد ( قدس الله روحه ) في أجوبة المسائل السروية حيث سئل ما قوله أدام الله تأييده في عذاب القبر ، وكيفيته ومتى يكون وهل ترد الأرواح
حواصل طيور خضر حول العرش فقال لا المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه
______________________________________________________
إلى الأجساد عند التعذيب؟ أم لا وهل يكون العذاب في القبر أو بين النفختين؟ فأجاب رحمهالله بأن الكلام في عذاب القبر طريقه السمع دون العقل ، وقد ورد عن أئمة الهدى عليهمالسلام أنهم قالوا : ليس يعذب في القبر كل ميت وإنما يعذب من جملتهم من محض الكفر محضا ، ولا ينعم كل ماض لسبيله ، وإنما ينعم منهم من محض الإيمان محضا ، فأما ما سوى هذين الصنفين فإنه يلهى عنهم ، وكذلك روي أنه لا يسأل في قبره إلا هذان الصنفان خاصة وعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه ، فأما عذاب الكافر في القبر ونعيم المؤمنين فيه فإن الخبر أيضا قد ورد بأن الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنة من جناته ينعمه فيها إلى يوم الساعة فإذا نفخ في الصور أنشئ جسده الذي بلى في التراب وتمزق ، ثم أعاده إليه وحشره إلى الموقف وأمر به إلى جنة الخلد فلا يزال منعما ببقاء الله عز وجل غير أن جسده الذي يعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا بل تعدل طباعه وتحسن صورة فلا يهرم مع تعديل الطباع ولا يمسه نصب في الجنة ولا لغوب والكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا في محل عذاب يعاقب به ونار يعذب بها حتى الساعة ثم أنشئ جسده الذي فارقه في القبر ويعاد إليه ثم يعذب به في الآخرة عذاب الأبد ويركب أيضا جسده تركيبا لا يفنى معه. وقد قال الله عز وجل اسمه « النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ » (١) وقال في قصة الشهداء « وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ » (٢) فدل على أن العذاب والثواب يكونان قبل يوم القيمة وبعدها والخبر وارد بأنه يكون مع فراق الروح الجسد من الدنيا ، والروح هيهنا عبارة عن الفعال الجوهر البسيط وليس بعبارة
__________________
(١) سورة غافر : ٤٦.
(٢) سورة آل عمران : ١٦٩.
في حوصلة طير ولكن في أبدان كأبدانهم
______________________________________________________
عن الحياة التي يصح معها العلم والقدرة لأن هذه الحياة عرض لا يبقى ولا تصح الإعادة فيه فهذا ما عول عليه بالنقل وجاء به الخبر على ما بيناه.
وقال : الشيخ البهائي ( قدس الله روحه ) لطيفة قد يتوهم أن القول بتعلق الأرواح بعد مفارقة أبدانها العنصرية بأشباح أخر كما دلت عليه الأحاديث ، قول بالتناسخ وهذا توهم سخيف لأن التناسخ الذي أطبق المسلمون على بطلانه هو تعلق الأرواح بعد خراب أجسادها بأجسام آخر في هذا العالم إما عنصرية كما يزعم بعضهم ويقسمه إلى النسخ والمسخ والفسخ والرسخ ، أو فلكية ابتداء أو بعد ترددها في الأبدان العنصرية على اختلاف آرائهم الواهية المفصلة في محلها ، وأما القول بتعلقها في عالم آخر بأبدان المثالية مدة البرزخ إلى أن تقوم قيامتها الكبرى فتعود إلى أبدانها الأولية بإذن مبدعها إما بجميع أجزائها المتشتتة أو بإيجادها من كتم العدم كما أنشأها أول مرة فليس من التناسخ في شيء وإن سميته تناسخا فلا مشاحة في التسمية إذا اختلف المسمى وليس إنكارنا على التناسخية ، وحكمنا بتكفيرهم بمجرد قولهم بانتقال الروح من بدن إلى آخر فإن المعاد الجسماني كذلك عند كثير من أهل الإسلام بل بقولهم بقدم النفوس وترددها في أجسام هذا العالم وإنكارهم المعاد الجسماني في النشأة الأخروية ، قال الفخر الرازي : في نهاية العقول إن المسلمين يقولون بحدوث الأرواح وردها إلى الأبدان لا في هذا العالم ، والتناسخية يقولون بقدمها وردها إليها في هذا العالم وينكرون الآخرة والجنة والنار وإنما كفروا من أجل هذا الإنكار ، ثم قال قدسسره ما ورد في بعض أحاديث أصحابنا ( رضي الله عنهم ) من أن الأشباح التي تتعلق بها النفوس ما دامت في عالم البرزخ ليست بأجسامهم وإنهم يجلسون حلقا حلقا على صور أجسادهم العنصرية يتحدثون ويتنعمون بالأكل والشرب ، وإنهم ربما يكونون في الهواء بين الأرض
٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليهالسلام إن أرواح المؤمنين لفي شجرة من الجنة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويقولون ربنا أقم الساعة لنا وأنجز لنا ما وعدتنا وألحق آخرنا بأولنا.
٣ ـ سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن درست بن أبي منصور ، عن
______________________________________________________
والسماء يتعارفون في الجو ويتلاقون وأمثال ذلك مما يدل على نفي الجسمية وإثبات بعض لوازمها على ما هو منقول في الكافي وغيره يعطي أن تلك الأشباح ليست في كثافة الماديات ولا في لطافة المجردات بل هي ذوات جهتين وواسطة بين العالمين وهذا يؤيد ما قاله : طائفة من أساطين الحكماء ، من أن في الوجود عالما مقداريا غير العالم الحسي هو واسطة بين عالم المجردات وعالم الماديات ليس في تلك اللطافة ولا في هذه الكثافة فيه للأجسام والأعراض من الحركات والسكنات والأصوات والطعوم والروائح وغيرها مثل قائمة بذواتها لا في مادة ، وهو عالم عظيمة الفسحة وسكانه على طبقات متفاوتة في اللطافة والكثافة وقبح الصورة وحسنها ولأبدانهم المثالية جميع الحواس الظاهرة والباطنة فيتنعمون ويتألمون باللذات والآلام النفسانية والجسمانية ، وقد نسب العلامة في شرح حكمة الإشراق : القول بوجود هذا العالم إلى الأنبياء والأولياء المتألهين من الحكماء وهو وإن لم يقم على وجوده شيء من البراهين العقلية لكنه قد تأيد بالظواهر النقلية وعرفه المتألهون بمجاهداتهم الذوقية.
الحديث الثاني : ضعيف.
قوله عليهالسلام : « وألحق آخرنا بأولنا » أي ألحقنا بمن مضى منا من الأنبياء والأوصياء والصالحين ، أو الحق بنا من بقي في الدنيا ومن سيولد إلى يوم القيمة أو الأعم.
الحديث الثالث : ضعيف.
ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إن الأرواح في صفة الأجساد في شجرة في الجنة تعارف وتساءل فإذا قدمت الروح على الأرواح يقول دعوها فإنها قد أفلتت من هول عظيم ثم يسألونها ما فعل فلان وما فعل فلان فإن قالت لهم تركته حيا ارتجوه وإن قالت لهم قد هلك قالوا قد هوى هوى.
٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن أرواح المؤمنين فقال في حجرات في الجنة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويقولون ربنا أقم الساعة لنا وأنجز لنا ما وعدتنا وألحق آخرنا بأولنا.
٥ ـ علي ، عن أبيه ، عن محسن بن أحمد ، عن محمد بن حماد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إذا مات الميت اجتمعوا عنده يسألونه عمن مضى وعمن بقي فإن كان مات ولم يرد عليهم قالوا قد هوى هوى ويقول بعضهم لبعض دعوه حتى يسكن مما مر عليه من الموت.
٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن محمد ، عن الحسين بن أحمد ، عن يونس بن ظبيان قال كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فقال ما يقول الناس في أرواح المؤمنين فقلت يقولون تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش فقال أبو عبد الله عليهالسلام سبحان الله المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير يا يونس إذا كان ذلك أتاه محمد صلىاللهعليهوآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهالسلام والملائكة المقربون عليهمالسلام فإذا قبضه الله عز وجل
______________________________________________________
يقال : ( هوى يهوي هويا ) أي هبط والمعنى سقط إلى دركات الجحيم إذ لو كان من السعداء لكان يلحق بنا.
الحديث الرابع : حسن.
الحديث الخامس : مجهول.
الحديث السادس : ضعيف.
صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا.
٧ ـ محمد ، عن أحمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام إنا نتحدث عن أرواح المؤمنين أنها في حواصل طيور خضر ترعى في الجنة وتأوي إلى قناديل تحت العرش فقال لا إذا ما هي في حواصل طير قلت فأين هي قال في روضة كهيئة الأجساد في الجنة.
(باب)
(في أرواح الكفار)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سألته عن أرواح المشركين فقال في النار يعذبون يقولون ربنا لا تقم لنا الساعة ولا تنجز لنا ما وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا.
٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن مثنى ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إن أرواح الكفار في نار جهنم يعرضون عليها يقولون ربنا لا تقم لنا الساعة ولا تنجز لنا ما وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا
______________________________________________________
وفي القاموس : « الحوصلة » وتشدد لامها من الطير : كالمعدة للإنسان.
الحديث السابع : موثق.
باب في أرواح الكفار
الحديث الأول : حسن.
الحديث الثاني : ضعيف.
٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد بإسناد له قال قال أمير المؤمنين عليهالسلام شر بئر في النار برهوت الذي فيه أرواح الكفار.
٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن القداح ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهمالسلام قال قال أمير المؤمنين عليهالسلام شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت وهو الذي بحضرموت ترده هام الكفار.
______________________________________________________
الحديث الثالث : مرسل.
الحديث الرابع : حسن أو موثق.
قوله عليهالسلام : « ترده هام الكفار » أي أرواح الكفار التي يعبرون الناس عنها بإلهام وإن كان باطلا ، أو هي تكون في صورة الهام في أجسادهم المثالية.
قال في النهاية : في الحديث لا عدوى ولا هامة « الهامة » الرأس واسم طائر وهو المراد في الحديث وذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها وهي من طير الليل وقيل : هي البومة ، وقيل : إن العرب كانت تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتقول اسقوني اسقوني فإذا أدرك بثأره طارت ، وقيل : كانوا يزعمون أن عظام الميت ، وقيل : روحه تصير هامة فتطير ويسمونه الصدى فنفاه الإسلام ونهاهم عنه انتهى.
وفي الصحاح : كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتزفو عند قبره يقول اسقوني اسقوني فإذا أدرك بثأره طارت ، يقال : قتل قاتله فنفرت الطير من قبره.
وفي القاموس : الهامة طائر من طير الليل وهو الصدى.
وقال الجوهري : الصدى : ذكر البوم وقال : حضر موت اسم بلد وقبيلة أيضا وهما اسمان جعلا واحدا إن شئت بنيت الأول على الفتح وأعربت الثاني بإعراب ما لا ينصرف فقلت هذا حضرموت وإن شئت أضفت الأول إلى الثاني فقلت هذا حضرموت أعربت حضرا وخفضت موتا ، وقال : برهوت بفتح الراء كرهبوت بئر
٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله شر اليهود يهود بيسان وشر النصارى نصارى نجران وخير ماء على وجه الأرض ماء زمزم وشر ماء على وجه الأرض ماء برهوت وهو واد بحضرموت يرد عليه هام الكفار وصداهم.
(باب)
(جنة الدنيا)
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي قال سألت أبا جعفر عليهالسلام أن الناس يذكرون أن فراتنا يخرج من الجنة فكيف هو وهو يقبل من المغرب وتصب فيه العيون والأودية قال فقال أبو جعفر عليهالسلام وأنا أسمع : إن لله جنة خلقها الله في المغرب وماء فراتكم يخرج منها وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كل مساء فتسقط على ثمارها وتأكل منها وتتنعم فيها وتتلاقى وتتعارف فإذا طلع الفجر هاجت من الجنة فكانت في الهواء فيما بين السماء والأرض تطير ذاهبة وجائية وتعهد حفرها إذا طلعت الشمس وتتلاقى في الهواء وتتعارف قال وإن لله نارا في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار
______________________________________________________
بحضر موت ، يقال فيها أرواح الكفار ويقال برهوت مثال سبروت.
الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.
وقال الفيروزآبادي : بيسان قرية بالشام ، وقرية بمرور ، وموضع باليمامة وقال نجران موضع باليمن.
باب جنة الدنيا
الحديث الأول : صحيح.
قوله عليهالسلام : « يخرج منها » أي من تحت الأرض فلا ينافي بنوعه ظاهرا من
ويأكلون من زقومها ويشربون من حميمها ليلهم فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن يقال له : برهوت أشد حرا من نيران الدنيا كانوا فيها يتلاقون ويتعارفون فإذا كان المساء عادوا إلى النار فهم كذلك إلى يوم القيامة قال قلت أصلحك الله فما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد صلىاللهعليهوآله من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام ولا يعرفون ولايتكم فقال أما هؤلاء فإنهم في حفرتهم لا يخرجون منها فمن كان منهم له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فإنه يخد له خد إلى الجنة التي خلقها الله في المغرب فيدخل عليه منها الروح في حفرته إلى يوم القيامة فيلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته فإما إلى الجنة وإما إلى النار فهؤلاء موقوفون لأمر الله قال وكذلك يفعل الله بالمستضعفين والبله والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم فأما النصاب من أهل القبلة فإنهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله في المشرق فيدخل عليهم منها اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة ثم مصيرهم إلى « الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ » ثم قيل لهم « أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ » أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما
______________________________________________________
موضع لا ترى فيه جنة ، وربما يستشكل بأنه كيف يكون في الدنيا جنة ولم يطلع عليها أحد ، والجواب أن ذلك من استبعادات الأوهام الضعيفة إذ لم يطلع أحد على جميع أجزاء الأرض وكثيرا ما يطلع في إلا زمان المتأخرة على جزائر وسيعة وبلدان عظيمة لم يطلع عليها المتقدمون كالبلاد المسماة بينكي دنيا ظهر قبل ذلك بستين سنة أو نحو ذلك ، وقصة جنة شداد معروف وأنه دخلها أعرابي في زمن معاوية ولم يعثر عليها إلى الان أحد ولا تضيق قدرة الله سبحانه على إخفاء شيء عن الناس إذا تعلقت المصلحة به مع أنه قد مر احتمال آخر لا نحتاج معه إلى شيء من ذلك
٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الحسين بن ميسر قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن جنة آدم عليهالسلام فقال جنة من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبدا.
(باب)
(الأطفال)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي
______________________________________________________
الحديث الثاني : مجهول. واختلف في أن جنة آدم عليهالسلام هل كانت في الأرض أم في السماء؟ وعلى تقدير كونها في السماء هل هي الجنة التي هي دار الثواب وجنة الخلد؟ أم غيرها ، فذهب أكثر المفسرين وأكثر المعتزلة إلى أنها جنة الخلد ، وقال أبو هاشم : هي جنة من جنان السماء غير جنة الخلد ، وقال : أبو مسلم الأصبهاني وأبو القاسم البلخي ، وطائفة هي بستان من بساتين الدنيا في الأرض كما يدل عليه هذا الخبر ، واستدل أكثرهم بالوجه المذكور في الخبر وأورد عليه بأن عدم الخروج إنما يكون بعد دخولهم بجزاء العمل لا مطلقا والخبر يدل على أنه لا يخرج من يدخله مطلقا ، ويشكل بدخول الملائكة ودخول الرسول صلىاللهعليهوآله ليلة المعراج. إلا أن يأول بالدخول على وجه الإسكان والنزول ، لا على وجه المرور والعبور ، والحق أن الجمع بين الايات في ذلك مشكل ، إذ ظاهر أكثر الايات والأخبار كونها في السماء وكونها جنة الخلد وهذا الخبر وبعض الأخبار النادرة صريحة في كونها في الأرض ، وللتوقف فيه مجال ، وظاهر الشيخ في التبيان والطبرسي في مجمع البيان اختيار أنها دار الخلد والله يعلم.
باب الأطفال
الحديث الأول : حسن. ولا خلاف بين أصحابنا في أن أطفال المؤمنين
جعفر عليهالسلام قال سألته هل سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الأطفال فقال قد سئل فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.
ثم قال يا زرارة هل تدري قوله الله أعلم بما كانوا عاملين قلت لا قال لله فيهم المشيئة إنه إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الأطفال والذي مات من الناس في الفترة والشيخ الكبير الذي أدرك النبي صلىاللهعليهوآله وهو لا يعقل والأصم والأبكم الذي لا يعقل والمجنون والأبله الذي لا يعقل وكل واحد منهم يحتج
______________________________________________________
يدخلون الجنة ، وذهب المتكلمون منا إلى أن أطفال الكفار لا يدخلون النار فهم إما يدخلون الجنة أو يسكنون الأعراف ، وذهب أكثر المحدثين منا إلى ما دلت عليه الأخبار الصحيحة من تكليفهم في القيمة بدخول النار المؤججة لهم.
قال المحقق : الطوسي ( قدس الله سره ) في التجريد وتعذيب غير المكلف قبيح ، وكلام نوح عليهالسلام مجاز والخدمة ليست عقوبة له والتبعية في بعض الأحكام جائزة.
وقال العلامة : رفع الله مقامه في شرحه ذهب بعض الحشوية إلى أن الله تعالى يعذب أطفال المشركين ، ويلزم الأشاعرة تجويزه ، والعدلية كافة على منعه. والدليل عليه أنه قبيح عقلا فلا يصدر منه تعالى.
احتجوا بوجوه الأول : قول نوح عليهالسلام ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا (١).
والجواب أنه مجاز والتقدير أنهم يصيرون كذلك لا حال طفوليتهم.
الثاني : قالوا إنا نستخدمه لأجل كفر أبيه فقد فعلنا فيه ألما وعقوبة فلا يكون قبيحا.
والجواب أن الخدمة ليست عقوبة للطفل وليس كل ألم عقوبة ، فإن الفصد
__________________
(١) سورة النوح : ٢٧.
على الله عز وجل فيبعث الله إليهم ملكا من الملائكة فيؤجج لهم نارا ثم يبعث الله إليهم ملكا فيقول لهم إن ربكم يأمركم أن تثبوا فيها فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما وأدخل الجنة ومن تخلف عنها دخل النار.
٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن غير واحد رفعوه أنه سئل عن الأطفال فقال إذا كان يوم القيامة جمعهم الله وأجج لهم نارا وأمرهم أن يطرحوا أنفسهم فيها فمن كان في علم الله عز وجل أنه سعيد رمى بنفسه فيها وكانت عليه بردا وسلاما ومن كان في علمه أنه شقي امتنع فيأمر الله بهم إلى النار فيقولون
______________________________________________________
والحجامة ألمان وليسا عقوبة ، نعم استخدامه عقوبة لأبيه وامتحان له يعوض عليه كما يعوض على أمراضه.
الثالث : قالوا إن حكم الطفل يتبع حكم أبيه في الدفن ومنع التوارث والصلاة عليه ومنع التزويج.
والجواب أن المنكر عقابه لأجل جرم أبيه ، وليس بمنكر أن يتبع حكم أبيه في بعض الأشياء إذا لم يحصل له بها ألم وعقوبة ، ولا ألم له في منعه من الدفن والتوارث وترك الصلاة عليه انتهى.
الحديث الثاني : ضعيف. وأخره مرسل وروى الصدوق في الفقيه بإسناده عن وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهماالسلام قال : قال علي عليهالسلام : أولاد المشركين مع آبائهم في النار ، وأولاد المسلمين مع آبائهم في الجنة ، وفي الصحيح عن ابن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن أولاد المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحنث قال : كفار والله أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل آبائهم ، وقال : عليهالسلام يؤجج لهم نار فيقال : لهم ادخلوها فإن دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما وإن أبوا قال : لهم الله عز وجل هو ذا أنا قد أمرتكم فعصيتموني فيأمر الله عز وجل بهم إلى النار ، ثم : قال الصدوق : رضياللهعنه بعد إيراد تلك الروايات هذه الأخبار
يا ربنا تأمر بنا إلى النار ولم تجر علينا القلم فيقول الجبار قد أمرتكم مشافهة فلم تطيعوني فكيف ولو أرسلت رسلي بالغيب إليكم.
وفي حديث آخر أما أطفال المؤمنين فيلحقون بآبائهم وأولاد المشركين
______________________________________________________
متفقة وليست بمختلفة وأطفال المشركين والكفار مع آبائهم في النار لا تصيبهم من حرها لتكون الحجة أوكد عليهم متى أمروا بدخول نار تؤجج لهم مع ضمان السلامة متى لم يثقوا به ولم يصدقوا وعده في شيء قد شاهدوا مثله انتهى.
أقول جمع رحمهالله بينها بحمل ما دل على إطلاق دخولهم النار على نار البرزخ ، وقال : لا تصيبهم حرها حينئذ ورأى أن فائدة ذلك توكيد الحجة عليهم في التكليف بدخول نار تؤجج لهم في القيمة ، ويمكن أن يقال : لعل الله تعالى يعلم أن كل أولاد الكفار الذين يموتون قبل الحلم لا يدخلون النار يوم القيمة بعد التكليف فلذا قال الله : اعلم بما كانوا عاملين أي في القيمة بعد التكليف ولذا جعلهم من أولادهم ، ويمكن أيضا أن يحمل قوله عليهالسلام كفار على أنه يجري عليهم في الدنيا أحكام الكفار بالتبعية في النجاسة ، وعدم التغسيل والتكفين والصلاة والتوارث وغير ذلك ، ويخص دخول النار ودخول مداخل آبائهم بمن يدخل منهم نار التكليف ، والأظهر حملها على التقية لموافقتها لروايات المخالفين وأقوال أكثرهم ، قال النووي : في شرح صحيح مسلم اختلف العلماء فيمن مات من أطفال المشركين فمنهم من يقول : هم تبع لابائهم في النار ، ومنهم من يتوقف فيهم ، والثالث وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون إنهم من أهل الجنة وروى البغوي في شرح السنة بإسناده عن أبي هريرة قال سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن أطفال المشركين قال الله أعلم بما كانوا عاملين ، وقال : هذا حديث متفق على صحته ، وروي بإسناد آخر عن صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله من يولد ، يولد على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه كما تنتجون البهيمة هل تجدون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها ، قالوا يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير؟
يلحقون بآبائهم وهو قول الله عز وجل « بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ».
٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الولدان فقال سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الولدان والأطفال فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.
٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ما تقول في الأطفال الذين ماتوا قبل أن يبلغوا فقال سئل عنهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال الله أعلم بما كانوا عاملين ثم أقبل علي
______________________________________________________
قال الله أعلم بما كانوا عاملين ، ثم قال : هذا حديث متفق على صحته ، ثم قال : في شرح الخبر قلت : أطفال المشركين لا يحكم لهم بجنة ولا نار بل أمرهم موكول إلى علم الله فيهم كما أفتى به الرسول صلىاللهعليهوآله وجملة الأمر أن مرجع العباد في المعاد إلى ما سبق لهم في علم الله من السعادة والشقاوة.
وقيل حكم أطفال المشركين والمؤمنين حكم آبائهم وهو المراد بقوله الله أعلم بما كانوا عاملين ، يدل عليه ما روي مفسرا عن عائشة أنها قالت قلت يا رسول الله ذراري المؤمنين؟ قال من آبائهم فقلت يا رسول الله بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين قلت فذراري المشركين قال من آبائهم قلت بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين! وقال : معمر عن قتادة عن الحسن إن سلمان قال : أولاد المسلمين خدم أهل الجنة قال الحسن : أتعجبون أكرمهم الله وأكرمهم به؟ انتهى ، أقول : فظهر أن تلك الروايات موافقة لما رواه المخالفون في طرقهم وقد أولها أئمتنا عليهمالسلام بما في تلك الأخبار.
الحديث الثالث : صحيح.
الحديث الرابع : حسن. واختلاف التفسير أيضا من شواهد التقية.
فقال يا زرارة هل تدري ما عنى بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله قال قلت لا فقال إنما عنى كفوا عنهم ولا تقولوا فيهم شيئا وردوا علمهم إلى الله.
٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عز وجل « وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ » قال فقال قصرت الأبناء عن عمل الآباء فألحقوا الأبناء بالآباء لتقر بذلك أعينهم.
٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه سئل عمن مات في الفترة وعمن لم يدرك الحنث والمعتوه فقال يحتج الله عليهم يرفع لهم نارا فيقول لهم ادخلوها فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن
______________________________________________________
الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.
قوله تعالى « وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ » (١). قال الطبرسي (ره) يعني بالذرية أولادهم الصغار والكبار ولأن الكبار يتبعون الإباء بإيمان منهم ، والصغار يتبعون الإباء بإيمان من الإباء ، فالولد يحكم له بالإسلام تبعا لوالده ، والمعنى إنا نلحق الأولاد بالإباء في الجنة والدرجة من أجل الإباء لتقر عين الإباء باجتماعهم معهم في الجنة كما كانت تقربهم في الدنيا ، عن ابن عباس والضحاك وابن زيد ، وفي رواية أخرى عن ابن عباس أنهم البالغون ألحقوا بدرجة آبائهم وإن قصرت أعمالهم تكرمة لابائهم ، وإذا قيل كيف يلحقون بهم في الثواب ولم يستحقوه؟ الجواب إنهم يلحقون بهم في الجمع لا في الثواب والمرتبة ، وروى زاذان عن علي عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله إن المؤمنين وأولادهم في الجنة ، ثم قرأ هذه الآية ، وروي عن الصادق عليهالسلام قال : أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيمة.
الحديث السادس : حسن. والفترة الزمان بين الرسولين وفي ( القاموس )
__________________
(١) سورة الطور : ٢١.
أبى قال ها أنتم قد أمرتكم فعصيتموني.
٧ ـ وبهذا الإسناد قال ثلاثة يحتج عليهم الأبكم والطفل ومن مات في الفترة فترفع لهم نار فيقال لهم ادخلوها فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن أبى قال تبارك وتعالى هذا قد أمرتكم فعصيتموني.
(باب النوادر)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن نوح بن شعيب ، عن شهاب بن عبد ربه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سألته عن الجنب يغسل الميت أو من غسل ميتا له أن يأتي أهله ثم يغتسل فقال سواء لا بأس بذلك إذا كان جنبا غسل يده وتوضأ وغسل الميت فإن غسل ميتا ثم توضأ ثم أتى أهله يجزئه غسل واحد لهما.
٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله
______________________________________________________
الحنث الإثم والذنب يقال : بلغ الغلام الحنث : أي المعصية والطاعة ، والمعتوه المغلوب على عقله.
الحديث السابع : حسن. والمراد بالأبكم هو الأصم الأبكم الذي لم يتم عليه الحجة في الدنيا.
باب النوادر
الحديث الأول : حسن. ويدل على استحباب الوضوء للجنب إذا أراد غسل الميت وكذا لمن وجب عليه غسل المس إذا أراد الجماع ، وعلى جواز تغسيل الجنب الميت ، وقال في الدروس : منع الجعفي من مباشرة الجنب والحائض الغسل وهو نادر.
الحديث الثاني : ضعيف. على المشهور والإيثاق إما على الحقيقة وإن لم نر الوثاق ، أو هو كناية عن إن بعد رؤيته لا تبقى له قوة تقدر على الحركة ، وقال الوالد (ره) يوثقه بالبشارة بما أعد الله له أو بإراءة الجنة ومراتبها المعدة له أو
عليهالسلام قال إن الميت إذا حضره الموت أوثقه ملك الموت ولو لا ذلك ما استقر.
٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن أبي محمد الهذلي ، عن إبراهيم بن خالد القطان ، عن محمد بن منصور الصيقل ، عن أبيه قال شكوت إلى أبي عبد الله عليهالسلام وجدا وجدته على ابن لي هلك حتى خفت على عقلي فقال إذا أصابك من هذا شيء فأفض من دموعك فإنه يسكن عنك.
٤ ـ علي بن إبراهيم رفعه قال لما مات ذر بن أبي ذر مسح أبو ذر القبر بيده ثم قال رحمك الله يا ذر والله إن كنت بي بارا ولقد قبضت وإني عنك لراض أما والله ما بي فقدك وما علي من غضاضة وما لي إلى أحد سوى الله من حاجة ولو لا هول المطلع لسرني أن أكون مكانك ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك
______________________________________________________
بمشاهدته كما ترى أنه إذا رأى الشخص أسدا كأنه يتوثق ولا يمكنه الحركة أو بأنياب المنية أو بغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى وحججه عليهمالسلام.
الحديث الثالث : مجهول. ويدل على استحباب البكاء مع شدة المصيبة وأنه موجب لتسكين الوجد والحزن.
الحديث الرابع : مرفوع.
قوله عليهالسلام : « إن كنت » كلمة إن مخففة من المثقلة.
قوله عليهالسلام : « ما بي فقدك » أي ليس علي بأس وحزن من فقدك وما أوقع بي فقدك مكروها ، والحاصل ليس بي حزن فقدك ، وربما يقال الباء للسببية أي لم يكن فقدك وموتك بفعلي بل كان بقضاء الله تعالى ، ولا يخفى عدم مناسبته للمقام والغضاضة الذلة والمنقصة ، وقال في النهاية : في الحديث لو أن لي ما في الأرض جميعا لافتديت به من هول المطلع يريد به الموقف يوم القيمة ، أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت ، فشبه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال انتهى.
والله ما بكيت لك ولكن بكيت عليك فليت شعري ما ذا قلت وما ذا قيل لك ثم قال اللهم إني قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي فهب له ما افترضت عليه من حقك فأنت أحق بالجود مني.
٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عدة من أصحابنا قال لما قبض أبو جعفر عليهالسلام أمر أبو عبد الله عليهالسلام بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد الله عليهالسلام ثم أمر أبو الحسن عليهالسلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله عليهالسلام حتى خرج به إلى العراق ثم لا أدري ما كان.
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : ولقد شغلني الحزن لك أي في أمر الآخرة عن الحزن عليك أي على مفارقتك ، والله ما بكيت لك أي لفراقك ولكن بكيت عليك أي للإشفاق عليك أو على ضعفك وعجزك عن الأهوال التي إمامك فليت شعري أي علمي ، قال الجوهري : شعرت بالشيء بالفتح أشعر به أي فطنت له.
الحديث الخامس : ضعيف. على المشهور ويدل على استحباب الإسراج في في بيوت وفاة الأئمة عليهمالسلام بل مشاهدهم بالطريق الأولى ، وأما بيوت وفاة غيرهم ففيه إشكال لظهور الاختصاص ، وقال المحقق في المعتبر : ويسرج عنده إن مات ليلا ذكر ذلك الشيخان وروى سهل بن زياد إلى آخر الخبر ، وسهل ضعيف ، وعثمان واقفي ، والرواية حكاية حال فهي ساقطة لكنه فعل حسن ، وقال الشيخان يسرج عنده إلى الصباح وهو حسن أيضا ، لأن علة الإسراج غايتها الصباح وقال السيد في المدارك : اعترض المحقق الشيخ علي (ره) بأن ما دل عليه الحديث غير المدعى وقال : إلا أن اشتهار الحكم بينهم كاف في ثبوته للتسامح في أدلة السنن وقد يقال : إن ما تضمنه الحديث يندرج فيه المدعى ، أو يقال : إن استحباب ذلك يقتضي استحباب الإسراج عند الميت بطريق أولى ، والدلالة واضحة لكن السند ضعيف جدا.
٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سألته عن أول من جعل له النعش فقال فاطمة عليهاالسلام.
٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سئل عن الميت
______________________________________________________
الحديث السادس : حسن. والأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في كتاب بحار الأنوار ، وقد ورد في بعضها أن الملائكة علمتها ذلك وصورته لها ، وروى الصدوق في علل الشرائع عن أبي عبد الله عليهالسلام قال لما نعي إلى فاطمة عليهاالسلام نفسها أرسلت إلى أم أيمن وكانت أوثق نسائها عندها وفي نفسها فقالت : يا أم أيمن إن نفسي نعيت إلى فادعي لي عليا فدعته لها فلما دخل عليها قالت له يا ابن العم أريد أن أوصيك بأشياء فاحفظها علي فقال : لها قولي ما أحببته قالت : له تزوج فلانة تكون لولدي من بعدي مثلي ، واعمل نعشي رأيت الملائكة قد صورته لي فقال : لها علي عليهالسلام أريني كيف صورته ، فأرته ذلك كما وصف لها وكما أمرت به ثم قالت فإذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك ، أي ساعة كانت من ليل أو نهار ولا يحضرن أحد من أعداء الله وأعداء رسوله للصلاة على ، الخبر.
الحديث السابع : موثق. واعلم أن المسلمين القائلين بالمعاد والجسماني لهم في دفع شبهة الملاحدة المنكرين المتشبثين بامتناع إعادة المعدوم طرق.
الأول : منع امتناعها وهو الحق إذ لم يقم دليل تام على امتناعها ، وما ذكروه في ذلك شبهة ضعيفة ، وادعاؤهم البداهة طريف مع اختلاف أكثر المسلمين فيه ، بل يمكن ادعاء البداهة على خلافه إذ إيجاده بعد العدم الصرف لو كان جائزا فبعد طريان الوجود عليه مرة. لم صار وجوده ممتنعا؟ وقد أشار سبحانه إليه بقوله « قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ » (١) وما ذكره بعضهم من أنه من قبيل
__________________
(١) سورة يس : ٧٩.
يبلى جسده قال نعم حتى لا يبقى له لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها
______________________________________________________
الطفرة في الزمان فهو باطل لأنا لو قلنا إن وجوده باق مستمر ـ ولا يمر عليه جزء من الزمان يكون شبيها بالطفرة وليس كذلك بل هو شبيه بإعدام الله تعالى المتحرك في جزء من المسافة وإيجاده في جزء آخر منه ، واستحالته عين المتنازع فيه ، ولتفصيل هذا الكلام مقام آخر.
الثاني : القول بعدم انعدام جزء منه بأن يقال ليس الجسم إلا الصورة الجسمية وهو باق عند الاتصال والانفصال ، فعلى القول بعوده لا يلزم القول بإعادة المعدوم كما اختاره نصير الملة والدين (ره).
الثالث : القول بعدم انعدام جزء منه بناء على القول بأن الجسم مركب من الأجزاء التي لا يتجزى وأن الأجسام كلها متفقة الحقيقة ، وإنما تجتمع تلك الأجزاء في الحشر ولا ينعدم شيء منه في القبر ، ويرد على هذين القولين أنه لا ريب في انعدام التشخص الذي به يمتاز زيد عن عمرو ، فإن عاد هذا التشخص بعينه يلزم إعادة المعدوم وإن لم يعد يلزم عدم عود الشخص بعينه ، فاضطروا إلى القول بأن تشخص الإنسان بالأجزاء الأصلية التي لا تبلى في القبر ولا تصير جزء لحيوان آخر إذا أكله ، والتغييرات التي تعتري الإنسان من أول العمر إلى آخره من الصغر والكبر والنمو والذبول والسمن والهزال لا ينافي بقاء تشخصه فكذا الحالات التي تعتريه في القبر لا ينافي بقاء تشخصه مع بقاء الأجزاء الأصلية ، وربما أيدوا ذلك بأخبار رووه في ذلك.
قال في النهاية : فيه كل ابن آدم يبلى إلا العجب ، وفي رواية : الأعجب الذنب ، العجب بالسكون العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز ، وهو العسيب من الدواب.
الرابع : القول بالهيولى والصورة كما هو المشهور بين الحكماء والتزام