مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧١

على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر وهم عراة ليس عليهم إلا إزار كيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يكفنونه فيه قال يحفر له ويوضع في لحده ويوضع اللبن على عورته لتستر عورته باللبن ثم يصلى عليه ثم يدفن قال قلت فلا يصلى عليه إذا دفن قال لا يصلى على الميت بعد ما يدفن ولا يصلى عليه وهو عريان حتى توارى عورته.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « قد لفظه البحر » اللفظ الرمي أقول : يمكن أن يستدل بهذا الخبر على أحكام.

الأول : شرعية اللحد.

الثاني : وجوب ستر عورة الميت عند الصلاة عليه وهذا مقطوع به في كلامهم.

الثالث : تقديم الكفن على الصلاة ولا خلاف بين العلماء في ذلك ، وفي دلالة الخبر عليه إشكال قال في المعتبر : لا يصلي عليه إلا بعد تغسيله وتكفينه.

الرابع : أنه لو لم يكن له كفن جعل في القبر وسترت عورته وصلى عليه بعد ذلك وهذا مقطوع في كلامهم.

قال في الذكرى : إن أمكن ستره بثوب صلى عليه قبل الوضع في اللحد ويمكن المناقشة في وجوب ذلك.

الخامس : تقديم الصلاة على الدفن ولا خلاف في وجوبه أيضا.

السادس : عدم جواز الصلاة بعد الدفن وقد مر الكلام فيه.

السابع : عدم تحقق الدفن بمجرد الوضع في اللحد ، بل إما يستره باللبن وغيره ، أو يطم القبر ولم يتعرض له الأصحاب ويظهر الفائدة في مواضع.

الثامن : عدم استحباب الإيثار فيما يحتاج إليه المالك لأمر واجب وفيه كلام

١٦١

(باب)

(الصلاة على المصلوب والمرجوم والمقتص منه)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع كردين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال المرجوم والمرجومة يغسلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك ثم يرجمان ويصلى عليهما والمقتص منه بمنزلة ذلك يغسل ويحنط ويلبس الكفن ويصلى عليه.

______________________________________________________

باب الصلاة على المصلوب والمرجوم والمقتص منه

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يغسلان » المشهور بين الأصحاب أنه يجب أن يؤمر من وجب عليه القتل بأن يغتسل ، وظاهرهم غسل الأموات ثلاثا ، بخليطين وبأن يحنط كما صرح به الشيخ وأتباعه وزاد ابنا بابويه والمفيد تقديم التكفين أيضا والمستند هذا الخبر ، وقال في المعتبر : إن الخمسة وأتباعهم أفتوا بذلك ولا نعلم للأصحاب فيه خلافا ولا يجب تغسيله بعد ذلك وفي وجوب الغسل بمسه بعد الموت إشكال وذهب أكثر المتأخرين إلى العدم لأن الغسل إنما يجب بمس الميت قبل غسله وهذا قد غسل.

الحديث الثاني : صحيح على ما في أكثر النسخ من عدم زيادة.

قوله عليه‌السلام : « عن أبيه » وهو الموافق لما في التهذيب وعلى النسخة الأخرى يكون حسنا.

وقوله عليه‌السلام : « أما علمت أن جدي » يعني الصادق عليه‌السلام.

قوله عليه‌السلام : « على عمه » يعني زيد بن علي بن الحسين عليهما‌السلام.

قال : الشهيد (ره) في الذكرى وإنما يجب الاستقبال مع الإمكان فيسقط لو تعذر من المصلي والجنازة كالمصلوب الذي يتعذر إنزاله كما روى أبو هاشم

١٦٢

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي هاشم الجعفري قال سألت الرضا عليه‌السلام عن المصلوب فقال أما علمت أن جدي عليه‌السلام صلى على عمه قلت أعلم ذاك ولكني لا أفهمه مبينا قال أبينه لك إن كان وجه المصلوب إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن وإن كان قفاه إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر فإن بين المشرق والمغرب قبلة وإن كان منكبه الأيسر إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن وإن كان منكبه

______________________________________________________

الجعفري وهذه الرواية وإن كانت غريبة نادرة كما قال : الصدوق وأكثر الأصحاب لم يذكروا مضمونها في كتبهم إلا أنه ليس لها معارض ولا راد ، وقد قال : أبو الصلاح وابن زهرة يصلي على المصلوب ولا يستقبل وجهه الإمام في التوجه فكأنهما عاملان بها ، وكذا صاحب الجامع الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد ، والفاضل في المختلف قال : إن عمل بها فلا بأس ، وابن إدريس نقل عن بعض الأصحاب إن صلى عليه وهو على خشبة استقبل وجهه المصلي ويكون هو مستدبر القبلة ، ثم حكم بأن الأظهر إنزاله بعد الثلاثة والصلاة عليه قلت هذا النقل لم نظفر به ، وإنزاله قد يتعذر كما في قضية زيد انتهى كلامه رفع الله مقامه.

أقول إن المتعرضين لهذا الخبر لم يتكلموا في معناه ولم يتفكروا في معناه ولم ينظروا إلى ما يستنبط من فحواه فأقول وبالله التوفيق إن مبنى هذا الخبر على أنه يلزم المصلي أن يكون مستقبلا للقبلة ، وأن يكون محاذيا لجانبه الأيسر فإن لم يتيسر ذلك فيلزمه مراعاة الجانب في الجملة مع رعاية القبلة الاضطرارية وهو ما بين المشرق والمغرب فبين عليه‌السلام محتملات ذلك في قبلة أهل العراق المائلة عن خط نصف النهار إلى جانب اليمين فأوضح ذلك أبين إيضاح وأفصح أظهر إفصاح ففرض عليه‌السلام أولا كون وجه المصلوب إلى القبلة فقال : قم على منكبه الأيمن لأنه لا يمكن محاذاة الجانب الأيسر مع رعاية القبلة فيلزم مراعاة الجانب في الجملة ، فإذا قام محاذيا لمنكبه الأيمن يكون جهته داخلة فيما بين المشرق والمغرب من جانب القبلة لميل قبلة أهل العراق إلى اليمين عن نقطة الجنوب إذ لو كان المصلوب محاذيا لنقطة الجنوب كان الواقف على منكبه واقفا

١٦٣

الأيمن إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر وكيف كان منحرفا فلا تزايل مناكبه وليكن وجهك إلى ما بين المشرق والمغرب ولا تستقبله ولا تستدبره البتة قال أبو هاشم وقد فهمت إن شاء الله فهمته والله.

______________________________________________________

على خط مقاطع لخط نصف النار على زوايا قوائم فيكون مواجها لنقطة المشرق الاعتدالي فلما انحرف المصلوب عن تلك النقطة بقدر انحراف قبلة البلد الذي هو فيه ينحرف الواقف على منكبه بقدر ذلك عن المشرق إلى الجنوب وما بين المشرق والمغرب قبلة ، أما للمضطر كما هو المشهور ، وهذا المصلي مضطرا ومطلقا كما هو ظاهر بعض الأخبار وظهر لك أن هذا المصلي لو وقف على منكبه الأيسر لكان خارجا عما بين المشرق والمغرب محاذيا لنقطة من الأفق منحرفة عن نقطة المغرب الاعتدالي إلى جانب الشمال بقدر انحراف القبلة ، ثم فرض عليه‌السلام كون المصلوب مستديرا للقبلة فأمره حينئذ لينام على منكبه الأيسر ليكون مواجها لما بين المشرق والمغرب واقفا على منكبه الأيسر كما هو اللازم في حال الاختيار ، ثم بين علة الأمر في كل من الشقين بقوله « فإن ما بين المشرق والمغرب قبلة » ثم فرض كون منكبه الأيسر إلى القبلة فأمره بالقيام على منكبه الأيمن ليكون مراعيا لمطلق الجانب لتعذر رعاية خصوص المنكب الأيسر والعكس ظاهر ، ثم لما أوضح عليه‌السلام بعض الصور بين القاعدة الكلية في ذلك ليستنبط منه باقي الصور المحتملة وهي رعاية أحد الجانبين مع رعاية ما بين المشرق والمغرب وقد فهم مما قرره عليه‌السلام سابقا تقديم الجانب الأيسر مع الإمكان ونهاه عن استقبال الميت واستدباره في حال من الأحوال فإذا حققت ذلك فاعلم أن الأصحاب اتفقوا على وجوب كون الميت في حال الصلاة مستلقيا على قفاه وكون رأسه إلى يمين المصلي ولم يذكروا لذلك مستندا إلا عمل السلف في كل عصر وزمان حتى إن بعض مبتدعي المتأخرين أنكر ذلك في عصرنا ، وقال : يلزم أن يكون الميت في حال الصلاة على جانبه الأيمن مواجها للقبلة على هيئته في اللحد وتمسك بأن هذا الوضع ليس من الاستقبال في شيء.

١٦٤

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن العباس بن معروف ، عن اليعقوبي ، عن موسى بن عيسى ، عن محمد بن ميسر ، عن هارون بن الجهم ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تقروا المصلوب بعد ثلاثة حتى ينزل ويدفن.

(باب)

(ما يجب على الجيران لأهل المصيبة واتخاذ المأتم)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وعن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما قتل جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام أن تتخذ طعاما لأسماء بنت عميس ثلاثة أيام

______________________________________________________

أقول : هذا الجز على ما فسرناه وأوضحناه ظاهر الدلالة على رعاية محاذاة أحد الجانبين على كل حال وبانضمام الخبر الوارد بلزوم كون رأس الميت إلى يمين المصلي يتعين القيام على يساره إذ لا يقول هذا القائل أيضا فضلا عن أحد من أهل العلم بجواز كون الميت منبطحا على وجهه حال الصلاة مع أن عمل الأصحاب في مثل هذه الأمور التي تتكرر في كل يوم وليلة في أعصار الأئمة عليهم‌السلام وبعدها من أقوى المتواترات وأوضح الحجج وأظهر البينات.

الحديث الثالث : ضعيف. على المشهور وعليه الفتوى قال في المعتبر : المصلوب لا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام ، هذا مذهب الأصحاب ورواه السكوني انتهى.

باب ما يجب على الجيران لأهل المصيبة واتخاذ المأتم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « أن تتخذ طعاما » يدل على استحباب بعث الطعام إلى صاحب المصيبة ثلاثة أيام ولا خلاف بين الأصحاب في ذلك وظاهره استحباب تعاهدهم

١٦٥

وتأتيها ونساءها فتقيم عندها ثلاثة أيام فجرت بذلك السنة أن يصنع لأهل المصيبة طعام ثلاثا.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر

______________________________________________________

وتعزيتهم ثلاثة أيضا وعلى استحباب بعث النساء لتعزية الأقارب.

قال الشهيد (ره) في الذكرى : بعد ذكر بعض أحكام التعزية ، ولا حد لزمانها عملا بالعموم ، نعم لو أدت التعزية إلى تجديد حزن قد نسي كان تركها أولى ، ويمكن القول بثلاثة أيام لنقل الصدوق عن أبي جعفر عليه‌السلام يصنع للميت مأتم ثلاثة أيام من يوم مات ، ونقل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر فاطمة عليها‌السلام أن تأتي أسماء بنت عميس ونساءها وأن تصنع لهم طعاما ثلاثة أيام فجرت بذلك السنة ، وقال الصادق عليه‌السلام ليس لأحد أن يحد أكثر من ثلاثة أيام إلا المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها قال وأوصى أبو جعفر عليه‌السلام بثمانمائة درهم لمأتمه وكان يرى ذلك من السنة لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر باتخاذ طعام لآل جعفر وفي كل هذه إيماء إلى ذلك والشيخ أبو الصلاح ، قال : من السنة تعزية أهله ثلاثة أيام وحمل الطعام إليهم والشيخ في المبسوط نقل الإجماع على كراهية الجلوس للتعزية يوما أو يومين أو ثلاثة ، ورده ابن إدريس بأنه اجتماع وتزاور ، ونصره المحقق بأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم.

قلت الأخبار المذكورة مشعرة به وشهادة الإثبات مقدمة إلا أن يقال لا يلزم من عمل المأتم الجلوس للتعزية بل هو مقصور على الاهتمام بأمور أهل البيت لاشتغالهم بحزنهم لكن اللغة والعرف يشهدان بخلافه ، قال الجوهري : المأتم النساء يجتمعن قال : وعند العامة المصيبة وقال غيره المأتم المناحة وهما مشعران بالاجتماع انتهى كلامه رحمه‌الله.

الحديث الثاني : حسن.

١٦٦

عليه‌السلام قال يصنع لأهل الميت مأتم ثلاثة أيام من يوم مات.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يطعموا الطعام عنه ثلاثة أيام.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز أو غيره قال أوصى أبو جعفر عليه‌السلام بثمانمائة درهم لمأتمه وكان يرى ذلك من السنة لأن رسول

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام « مأتما » كذا في أكثر النسخ فيكون قوله يصنع على صيغة المعلوم والفاعل محذوفا أي الشخص أو الرجل مثلا ، وفي بعضها مأتم وهو أظهر أو لعله كناية عن إطعام أهل الميت ومن ورد عليهم فإن الإطعام سبب لاجتماع النساء عندهم ، والمأتم في أصل النساء المجتمعات في الخير والشر ، وروي في الفقيه مرسلا عن أبي جعفر عليه‌السلام يصنع للميت مأتم ولعله أظهر ، وفي المحاسن رواه عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يصنع للميت الطعام للمأتم ثلاثة أيام بيوم مات فيه ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله عليه‌السلام يصنع لأهل الميت مأتم بعث النساء إليهن وطلب النائحات لهن أو هذه مع بعث الطعام إليهن أيضا والله يعلم.

الحديث الثالث : مجهول. بسعدان ، أو حسن لأنه موصوف بأن له أصلا.

قوله عليه‌السلام : « لجيران صاحب المصيبة » يدل على استحباب إطعام الثلاثة للجيران ويمكن أن يكون الحكم مختصا بهم ، وإن يكون عليهم أكد والأخير أظهر لعموم الأخبار وضعف مفهوم هذا الخبر.

الحديث الرابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « أوصى أبو جعفر عليه‌السلام » يدل على استحباب اتخاذ المأتم واستحباب الوصية له.

قوله عليه‌السلام : « وكان يرى ذلك » أي المأتم واتخاذه سنة لأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

١٦٧

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال اتخذوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله الكاهلي قال قلت لأبي الحسن عليه‌السلام إن امرأتي وامرأة ابن مارد تخرجان في المأتم فأنهاهما فتقول لي امرأتي إن كان حراما فانهنا عنه حتى نتركه وإن لم يكن حراما فلأي شيء تمنعناه فإذا مات لنا ميت لم يجئنا أحد قال فقال أبو الحسن عليه‌السلام عن الحقوق تسألني كان أبي عليه‌السلام يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل المدينة.

٦ ـ أحمد بن محمد الكوفي ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال وحدثنا الأصم ، عن حريز ، عن محمد بن

______________________________________________________

باتخاذ المأتم بجعفر عليه‌السلام ولا يبعد حينئذ زوال كراهة الأكل عندهم والله يعلم الحديث الخامس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « عن الحقوق تسألني » أي قضاء حقوق الناس في المأتم والأعراس ، ويدل الخبر على استحباب بعث النساء المأتم فما ورد من النهي محمول على أن لا يكون الغرض قضاء الحقوق بل يكون لأجل التنزه.

قوله عليه‌السلام : « وأم فروة » هي كنية لأم الصادق عليه‌السلام بنت القاسم بن محمد ولا بنته عليه‌السلام بنت فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين وهذه تحتملها.

الحديث السادس : ضعيف. وأحمد هو العاصمي ، وابن جمهور هو الحسن بن محمد ابن جمهور والأصم هو عبد الله بن عبد الرحمن ، وقائل حدثنا لعله ابن جمهور ، ويحتمل أن يكون أباه « قوله مروا أهاليكم بالقول الحسن » أي بأن لا يقولوا فيما يعدونه من مدائح الميت كذبا ، أو المراد الدعاء والاستغفار وترك المدائح مطلقا إلا فيما يتعلق به غرض شرعي ، والمراد بالتعداد تعداد الفضائل وكأنها عليه‌السلام إنما أمرت بالترك ليتأسى بها في سائر الموتى وإلا فذكر فضائله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أعظم العبادات.

تذييل. قال العلامة في المنتهى : النياحة بالباطل محرمة إجماعا أما بالحق

١٦٨

مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه مروا أهاليكم بالقول الحسن عند موتاكم فإن فاطمة س لما قبض أبوها صلى‌الله‌عليه‌وآله أسعدتها بنات هاشم فقالت اتركن التعداد وعليكن بالدعاء.

(باب)

(المصيبة بالولد)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي إسماعيل السراج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ولد يقدمه الرجل أفضل من سبعين ولدا يخلفهم بعده كلهم قد ركبوا الخيل وجاهدوا في سبيل الله.

______________________________________________________

فجائز إجماعا.

وقال الشهيد (ره) في الذكرى : يجوز النوح بالكلام الحسن وتعداد فضائله باعتماد الصدق ، والشيخ في المبسوط ، وابن حمزة حرما النوح ، وادعى الشيخ الإجماع والظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل والمشتمل على المحرم كما قيده في النهاية ثم قال : والمراثي المنظومة جائزة عندنا لما مر ، ولأنها نوع من النوح وقد دللنا على جوازه وقد سمع الأئمة عليهم‌السلام المراثي ولم ينكروها انتهى.

باب المصيبة بالولد

الحديث الأول : مجهول. على المشهور ويحتمل الصحة كما حققه الوالد العلامة (ره) لأن أبا إسماعيل يظهر من الكليني في باب البئر بجنب البالوعة وباب صلاة الحوائج أن اسمه عبد الله بن عثمان والراوي عن الصادق عليه‌السلام هو الثقة أخو حماد لكن في البابين روى أبو إسماعيل عن الصادق عليه‌السلام بواسطتين.

قوله « ولد يقدمه الرجل » أي يموت قبله.

١٦٩

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على خديجة حين مات القاسم ابنها وهي تبكي فقال لها ما يبكيك فقالت درت دريرة فبكيت فقال يا خديجة أما ترضين إذا كان يوم القيامة أن تجيء إلى باب الجنة وهو قائم فيأخذ بيدك فيدخلك الجنة وينزلك أفضلها وذلك لكل مؤمن إن الله عز وجل أحكم وأكرم أن يسلب المؤمن ثمرة فؤاده ثم يعذبه بعدها أبدا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعدة من أصحابنا ، عن سهل

______________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « حيث مات القاسم ابنها » المشهور أنه ولد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من خديجة من النبيين عبد الله والقاسم واختلف في أنه أيهما أكبر.

قوله عليه‌السلام : « درت دريرة » أي جرت جريرة ودفعة من اللبن.

قال الجوهري : الدر والدرة كثرة اللبن وسيلانه ودر الضرع باللبن يدر درورا.

قوله عليه‌السلام : « وذلك لكل مؤمن » يحتمل أن يكون هذا إلى آخر الخبر من كلام أبي جعفر عليه‌السلام أو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قوله عليه‌السلام : « ثمرة فؤاده » قال في النهاية : فيه إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم ، قيل للولد ثمرة لأن الثمرة ما ينتجه الشجر والولد نتيجة الأب.

أقول إضافة الثمرة إلى الفؤاد أي القلب لأنه أشرف الأعضاء ولأنه محل الحب فلما كان حبه لازقا بالقلب لا ينفك عنه فكأنه ثمرته وقال الطيبي ثمرة فؤاده أي نقاوة خلاصته فإن خلاصة الإنسان الفؤاد ، والفؤاد إنما يعتد به لما هو مكان اللطيفة التي خلق لها وبها شرفه وكرامته.

الحديث الثالث : صحيح. إذ الظاهر أنه إسماعيل بن مهران وقد مضى بتغيير

١٧٠

بن زياد جميعا ، عن ابن مهران قال كتب رجل إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام يشكو إليه مصابه بولده وشدة ما دخله فكتب إليه أما علمت أن الله عز وجل يختار من مال المؤمن ومن ولده أنفسه ليأجره على ذلك.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قبض ولد المؤمن والله أعلم بما قال العبد قال الله تبارك وتعالى لملائكته قبضتم ولد فلان فيقولون نعم ربنا قال فيقول فما قال عبدي قالوا حمدك واسترجع فيقول الله تبارك وتعالى أخذتم ثمرة قلبه وقرة عينه فحمدني واسترجع ابنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد.

______________________________________________________

برواية سهل فقط في باب التعزية.

الحديث الرابع : ضعيف. على المشهور قوله والله أعلم هذا لرفع توهم أن سؤاله تعالى لعدم علمه بل هو أعلم من ملائكته بما قاله ولكن يسأل ذلك لكثير من المصالح ، منها إظهار جوده وفضله على ملائكته وعلى غيرهم بأخبار الأنبياء والحجج عليهم‌السلام والأمر بإعطاء الثواب واستعمال الملائكة فيما يستحقون به القرب وغير ذلك مما لا يحيط به عقولنا.

قوله عليه‌السلام : « واسترجع » قال في القاموس : أرجع في المصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون كرجع واسترجع.

قوله عليه‌السلام « وقرة عينه » أي ما يقر به عينه ويسر به ، قال الجوهري : ( قرت عينه ) تقر وتقره نقيض سخنت وأقر الله عينه : أي أعطاه حتى تقر فلا تطمح إلى ما هو فوقه ويقال : حتى تبرد ولا تسخن فللسرور دمعة باردة وللحزن دمعة حارة انتهى.

أقول : روى العلامة مثله عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٧١

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة قال حدثنا أبو عبد الرحمن قال حدثنا أبو بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الله عز وجل إذا أحب عبدا قبض أحب ولده إليه.

٦ ـ عنه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من قدم من المسلمين ولدين يحتسبهما عند الله عز وجل حجباه من النار بإذن الله تعالى.

٧ ـ عنه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لما توفي طاهر ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى رسول الله خديجة عن البكاء

______________________________________________________

الحديث الخامس : مجهول ، بأبي عبد الرحمن.

الحديث السادس : ضعيف ، والضمير في قوله عنه راجع إلى أحمد فأسقط العدة اختصارا.

قوله عليه‌السلام : « يحتسبهما عند الله » قال في النهاية : فيه من صام رمضان إيمانا واحتسابا أي طلبا لوجه الله وثوابه والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأن له حينئذ أن يعتد عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به ، والحسبة اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد والاحتساب في الأعمال الصالحات وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها ، ومنه الحديث « من مات له ولد فاحتسبه » أي احتسب الأجر بصبره على مصيبة ، يقال فلان احتسب ابنا له إذا مات كبيرا وافترطه إذا مات صغيرا ومعناه اعتد مصيبته به في جملة بلايا الله التي يثاب على الصبر عليها.

الحديث السابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لما توفي طاهر ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٧٢

فقالت بلى يا رسول الله ولكن درت عليه الدريرة فبكيت فقال أما ترضين أن تجديه قائما على باب الجنة فإذا رآك أخذ بيدك فأدخلك الجنة أطهرها مكانا وأطيبها قالت وإن ذلك كذلك قال الله أعز وأكرم من أن يسلب عبدا ثمرة فؤاده فيصبر ويحتسب ويحمد الله عز وجل ثم يعذبه.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنة صبر أو لم يصبر.

٩ ـ ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليه‌السلام قال إن الله عز وجل ليعجب من الرجل يموت ولده وهو يحمد الله فيقول يا ملائكتي عبدي أخذت نفسه وهو يحمدني.

______________________________________________________

أقول : ذهب بعض الناس إلى أن أبناء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من خديجة أربعة عبد الله ، والقاسم ، والطيب ، والطاهر ، والمشهور أن الطيب والطاهر لقبان ، والأبناء إنما هم اثنان ، فذكر الطبرسي ( رحمه‌الله عليه ) أنهما لقبان لعبد الله ، وذكر ابن شهرآشوب أن الطيب لقب عبد الله والطاهر لقب للقاسم ، فعلى ما ذكره ابن شهرآشوب يكون هذه القضية هي التي مضت في الخبر السالف وعلى ما ذكره الطبرسي (ره) يكونان قضيتين وهذا مما يؤيد قول ابن شهرآشوب إذ الظاهر اتحاد القضيتين.

قوله عليه‌السلام : « نهى » يدل على ذم البكاء على الموتى وسيأتي الكلام فيه.

الحديث الثامن : حسن. أو موثق ويدل على أن الجزع لا يحبط أجر المصيبة ويمكن حمله على ما إذا لم يقل ولم يفعل ما يسخط الرب أو على عدم الاختيار.

الحديث التاسع : معطوف على السند السابق فهو حسن.

قوله عليه‌السلام : « ليعجب من رجل » أي يرضاه ويحمده ، قال في النهاية : فيه

١٧٣

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن علي بن سيف ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال من قدم أولادا يحتسبهم عند الله عز وجل حجبوه من النار بإذن الله عز وجل.

(باب التعزي)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن الحكم ، عن سليمان بن عمرو النخعي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أصيب بمصيبة فليذكر مصابه بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنه من أعظم المصائب.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن زيد الشحام ، عن عمرو بن سعيد الثقفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال

______________________________________________________

عجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة في السلاسل أي عظم ذلك عنده وكبر لديه اعلم : أن الله تعالى إنما يتعجب الآدمي من الشيء إذا عظم موقعه عنده وخفي عليه سببه فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء ، وقيل : معنى عجب ربك أي رضي فأثاب. سماه عجبا مجازا وليس بعجب في الحقيقة ، والأول أوجه.

الحديث العاشر : ضعيف. وقد مر الكلام في مثله ، وروي مثله بأسانيد من طرق العامة.

باب التعزي أي حمل النفس على الصبر وترك الجزع

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فليذكر مصابه » المصاب هنا مصدر قال الجوهري : أصابته مصيبة فهو مصاب ، والمصاب الإصابة انتهى.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

١٧٤

إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن عبد الله بن الوليد الجعفي ، عن رجل ، عن أبيه قال لما أصيب أمير المؤمنين عليه‌السلام نعى الحسن إلى الحسين عليه‌السلام وهو بالمدائن فلما قرأ الكتاب قال يا لها من مصيبة ما أعظمها مع أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال من أصيب منكم بمصيبة فليذكر مصابه بي فإنه لن يصاب بمصيبة أعظم منها وصدق صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما مات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سمعوا صوتا ولم يروا شخصا يقول « كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : فاذكر" فإن تذكر عظام المصائب يهون صغارها كما هو المجرب.

الحديث الثالث : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « نعى » النعي خبر الموت كما قاله الجوهري : وضمن هنا معنى الكناية لتعديته بإلى يقال نعاه له ، ويظهر من بعض اللغويين أنه يتعدى بإلى أيضا بدون التضمين ، ويدل على أن الحسين عليه‌السلام لم يكن حاضرا في الكوفة عند قضية أبيه صلوات الله عليه.

الحديث الرابع : حسن.

قوله عليه‌السلام : « يقول » قال : الشيخ البهائي (ره) الضمير في قوله يقول يعود إلى المصوت المدلول عليه بالصوت وعوده إلى الشخص لا يخلو من حزازة.

قوله عليه‌السلام : « كل نفس » قال الشيخ الطبرسي (ره) في مجمع البيان كل

١٧٥

وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ » وقال إن في الله خلفا من كل هالك وعزاء من كل مصيبة ودركا مما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا وإنما المحروم من

______________________________________________________

نفس ذائقة الموت (١) أي ينزل بها الموت لا محالة فكأنها ذاقته ، وقيل معناه كل نفس ذائقة مقدمات الموت وشدائده وسكراته ، وإنما توفون أجوركم (٢) معناه وإنما تجزون جزاء أعمالكم وافيا يوم القيمة ، إن خيرا فخيرا وثوابا ، وإن شرا فشرا وعقابا ، فإن الدنيا ليست بدار جزاء وإنما هي دار عمل والآخرة دار جزاء وليست بدار عمل « فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ » أي بوعد من نار جهنم ونجا عنها « وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ » (٣) أي نال المنية وظفر بالبغية ونجا من الهلكة « وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ » (٤) ومعناه وما لذات الدنيا وزينتها وشهواتها إلا متعة متعكموها للغرور والخداع المضمحل الذي لا حقيقة له عند الاختيار ، وقيل « مَتاعُ الْغُرُورِ » القوارير وهي في الأصل ما لا بقاء له عن عكرمة ، انتهى كلامه رفع الله مقامه ، وقال البيضاوي : شبهها بالمتاع الذي يدلس به على المتتام ويغريه حتى يشتريه وهذا لمن أثرها على الآخرة ، فأما من طلب بها الآخرة فهي له متاع بلاغ والغرور مصدر أو جمع غار.

قوله عليه‌السلام : « فبالله فثقوا » هذا مما قدر فيه أما والفاء دليل عليه ، قال الرضي : « رضي‌الله‌عنه » وقد يحذف إما لكثرة الاستعمال نحو قوله تعالى « وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ » (٥) « وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ » (٦) « وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ » (٧) و « هذا فَلْيَذُوقُوهُ » (٨) و « فَبِذلِكَ

__________________

(١) سورة العنكبوت الآية ٥٧.

(٢) سوره آل عمران. ١٨٥.

(٣) سورة آل عمران : ١٨٥.

(٤) سورة آل عمران : ١٨٥.

(٥) سوره المدّثّر : ٣.

(٦) سوره المدّثّر : ٤.

(٧) سوره المدّثّر : ٥.

(٨) سورة ص : ٥٧.

١٧٦

حرم الثواب.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن سليمان بن سماعة ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جاءهم جبرئيل عليه‌السلام

______________________________________________________

فَلْيَفْرَحُوا » (١) وإنما يطرد ذلك إذا كان ما بعد الفاء أمرا أو نهيا وما قبلها منصوبا به ، أو يفسر به فلا يقال زيد فضربت ولا زيدا فضربته بتقدير أما ، وأما قولك زيد فوجد فالفاء فيه زائدة وقال ابن هشام : الفاء في نحو « بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ » (٢) جواب لا مقدرة عند بعضهم وفيه إجحاف وزائدة عند الفارسي ، وفيه بعد وعاطفة عند غيره والأصل تنبه فأعبد الله ثم حذف تنبه وقدم المنصوب على الفاء إصلاحا للفظ كيلا يقع الفاء صدرا كما قال الجميع في الفاء في نحو أما زيدا فاضرب إذ الأصل مهما يكن من شيء فاضرب زيدا وقال الزمخشري : في قوله تعالى « قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا » (٣) فحذف أحد الفعلين لدلالة المذكور عليه والفاء داخلة لمعنى الشرط كأنه قيل إن فرحوا بشيء فليحصوهما بالفرح فإنه لا مفروح به أحق منهما ، ويجوز أن يراد بفضل الله وبرحمته فليعتنوا فبذلك فليفرحوا انتهى.

قوله عليه‌السلام : « وإياه فارجوا » الكلام فيه كما تقدم.

قوله عليه‌السلام : « وإنما المحروم من حرم الثواب » أي ليس المحروم من حرم من أمر من أمور الدنيا الفانية كذهاب مال أو فراق محبوب أو غيرهما مع كون الثواب الأبدي خلفا له بل المحروم من حرم ثواب الله وإن كان جميع الدنيا له بلا معارض فإنه يحرم بعد فنائها وليس له بعد ذلك إلا العقاب الذي لا ينقطع.

الحديث الخامس : ضعيف.

__________________

(١) سورة يونس : ٥٨.

(٢) سورة الزمر : ٦٦.

(٣) سورة يونس : ٥٨.

١٧٧

والنبي مسجى وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين عليه‌السلام فقال السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة « كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ » إن في الله عز وجل عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا لما فات فبالله

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « جاءهم جبرئيل » يدل على أن الاتي كان جبرئيل عليه‌السلام ويدل خبر آخر رواه الصدوق في كتاب إكمال الدين أنه كان الخضر عليه‌السلام ولا منافاة بينهما إذ يمكن أن يكون جبرئيل أتى من قبل الله بالتعزية كما يدل عليه خبر يعقوب بن سالم في باب تاريخ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأتى الخضر أيضا لذلك.

قوله عليه‌السلام : « والنبي مسجى » أي مغطى بالثوب بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قوله عليه‌السلام : « وأهل بيت الرحمة » أي أهل بيت ينزل فيه رحمات الله الخاصة على أهله ، أو أهل بيت منسوبون إلى الرحمة فإنهم رحمة الله على العالمين وأفيضت الرحمة على جميع الأولين والآخرين ببركتهم.

قوله عليه‌السلام : « إن في الله عزاء » قد مر أن العزاء بمعنى الصبر والمراد هنا ما يوجب التعزية والتسلية أي في ذات الله تعالى ، فإن الله باق لكل أحد بعد فوت كل شيء أو في ثواب الله تعالى وما أعد الله للصابرين ووعدهم أو في التفكر فيها أو في التفكر في أن الله حكيم لا يفعل إلا الأصلح بعباده ما يوجب التصبر والتسلي والرضا بالمصيبة ، ويحتمل أن يكون الكلام مبنيا على التجريد ، كما قال : صاحب الكشاف في قوله تعالى « رِيحٍ فِيها صِرٌّ » (١) بعد ذكر وجهين الثالث : أن يكون من قوله تعالى « لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ » (٢) ومن قولك إن ضيعني فلان ففي الله كاف وكافل ، قال : وفي الرحمن للضعفاء كاف انتهى ، وقال في تلخيص

__________________

(١) سورة آل عمران : ١١٧.

(٢) سورة الأحزاب : ٢١.

١٧٨

فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب هذا آخر وطئي من الدنيا قالوا فسمعنا الصوت ولم نر الشخص.

٦ ـ عنه ، عن سلمة ، عن علي بن سيف ، عن أبيه ، عن أبي أسامة زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جاءت التعزية أتاهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته « كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ » في الله عز وجل عزاء من كل مصيبة وخلف من كل هالك ودرك لما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المحروم

______________________________________________________

المفتاح وشرحه : في عد أقسام التجريد ومنها ما يكون بدخول في في المنتزع منه نحو قوله تعالى « لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ » (١) أي في جهنم وهي دار الخلد لكنه انتزع منها دارا أخرى وجعلها معدة في جهنم لأجل الكفار تهويلا لأمرها مبالغة في اتصافها بالشدة انتهى.

قوله عليه‌السلام « ودركا » الدرك محركة اللحاق والوصول أي يحصل به تعالى أو بثوابه الخلف والعوض من كل هالك وتدارك ما قد فات ، أو الوصول إلى ما يتوهم ، فوته عن الإنسان من المنافع بفوات من مات.

قوله عليه‌السلام : هذا آخر وطئي من الدنيا" أي آخر نزولي في الأرض ومشى عليها.

أقول يعارضه أخبار كثيرة ويمكن حمله على أن المراد آخر نزولي لإنزال الوحي ، أو المراد قلة النزول بعد ذلك فكان القليل في حكم العدم والله يعلم.

الحديث السادس : ضعيف.

__________________

(١) سورة فصّلت : ٢٨.

١٧٩

من حرم الثواب والسلام عليكم.

٧ ـ عنه ، عن علي بن سيف ، عن أبيه ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله وزاد فيه قلت من كان في البيت قال علي وفاطمة والحسن والحسين عليه‌السلام.

٨ ـ عنه ، عن سلمة ، عن محمد بن عيسى الأرمني ، عن الحسين بن علوان ، عن عبد الله بن الوليد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاهم آت فوقف بباب البيت فسلم عليهم ثم قال السلام عليكم يا آل محمد « كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ » في الله عز وجل خلف من كل هالك وعزاء من كل مصيبة ودرك لما فات فبالله فثقوا وعليه فتوكلوا وبنصره لكم عند المصيبة فارضوا فإنما المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولم يروا أحدا فقال بعض من في البيت هذا ملك من السماء بعثه الله عز وجل إليكم ليعزيكم وقال بعضهم هذا الخضر عليه‌السلام جاءكم يعزيكم بنبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « يسمعون حسه » قال الجوهري : الحس والحسيس الصوت الخفي.

الحديث السابع : ضعيف.

الحديث الثامن : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فقال بعض من في البيت » فيه إشكال إذ ظاهر الأخبار السابقة أنه لم يكن في البيت غير المعصومين وكيف يتأتى الاختلاف بينهم : أقول يمكن أن يكون هذا مرة أخرى غير الأولى عند حضور غير المعصومين أيضا ، ويكون القائل الأول غير المعصوم كما أومأنا إليه في الخبر الخامس ، ويحتمل أن يكون قول السائل الأول إن كان معصوما على سبيل الاستفهام والاستعلام لا الحكم مع أنه لم يكن الأخبار السابقة مصرحة بعدم كون غير المعصوم في البيت والله يعلم.

١٨٠