مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧١

(باب)

(الصبر والجزع والاسترجاع)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن علي جميعا ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت له

______________________________________________________

باب الصبر والجزع والاسترجاع

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « الصراخ » قال الفيروزآبادي : الصرخة الصيحة الشديدة وكغراب الصوت أو شديدة وقال في النهاية : الويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب وكل من وقع في هلكة دعا بالويل ، ومعنى النداء منه يا ويلي ويا حزني ويا عذابي احضر فهذا وقتك وأوانك ، وقال : العويل صوت الصدر بالبكاء ، وفي القاموس : أعول رفع صوته بالبكاء والصياح كعول والاسم العول والعولة والعويل وفيه اللطم وضرب الخد وصفحة الجسد بالكف مفتوحة ، قال : الشهيد (ره) في الذكرى تحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعا قاله في المبسوط : ولما فيه من السخط بقضاء الله ثم قال : واستثنى الأصحاب إلا ابن إدريس شق الثوب على موت الأب والأخ لفعل العسكري علي الهادي عليهما‌السلام وفعل الفاطميات على الحسين صلوات الله عليه ، وفي نهاية الفاضل : يجوز شق النساء الثوب مطلقا وفي الخبر إيماء إليه ، وفي المبسوط روي جواز تخريق الثوب على الأب والأخ ولا يجوز على غيرهما ، ويجوز النوح بالكلام الحسن وتعداد فضائله باعتماد الصدق انتهى ، وقال في المنتهى : البكاء على الميت جائز غير مكروه إجماعا قبل خروج الروح وبعده إلا للشافعي فإنه كرهه بعد الخروج ثم قال فروع.

الأول : الندب لا بأس به وهو عبارة عن تعديد محاسن الميت وما يلقون بفقده

١٨١

ما الجزع قال أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر وجز الشعر من النواصي ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر وأخذ في غير طريقه ومن صبر واسترجع وحمد الله عز وجل فقد رضي بما صنع الله ووقع أجره على الله ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهو ذميم وأحبط الله تعالى أجره.

______________________________________________________

بلفظ النداء بوا ، مثل قولهم وا رجلاه ، وا كريماه ، وا انقطاع ظهراه ، وا مصيبتاه ، غير أنه مكروه.

الثاني : النياحة بالباطل محرمة إجماعا أما بالحق فجائز إجماعا.

الثالث : يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور وشق الثوب إلا في موت الأب والأخ فقد سوغ فيهما شق الثوب للرجل ، وكذا يكره الدعاء بالويل والثبور.

الرابع : ينبغي لصاحب المصيبة الصبر والاسترجاع قال الله تعالى « وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » (١) انتهى كلامه رفع الله مقامه.

أقول : يدل هذا الخبر على أن هذه الأمور خلاف طريقة الصابرين وعلى كراهتها ولا يدل على الحرمة وما ورد من ذم إقامة النواحة إما محمول على ما إذا كانت مشتملة على هذه الأمور المرجوحة ، أو يقال أنه ينافي الصبر الكامل فلا ينافي ما يدل على الجواز.

قوله عليه‌السلام « واسترجع » أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون وقد مضى تفسيرها.

قوله عليه‌السلام « ووقع أجره على الله » قال : البيضاوي في قوله تعالى « وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ » (٢) الوقوع والوجوب متقاربان والمعنى ثبت أجره عند الله ثبوت الأمر الواجب.

قوله عليه‌السلام « وهو ذميم » أي مذموم ، قال في القاموس : ذمه ذما ومذمة

__________________

(١) سورة البقرة : ١٥٦.

(٢) سورة النساء : ١٠٠.

١٨٢

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن علي بن إسماعيل الميثمي ، عن ربعي بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء وهو صبور وإن الجزع والبلاء يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضرب المسلم يده على فخذه عند المصيبة إحباط لأجره.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ما من عبد يصاب بمصيبة فيسترجع

______________________________________________________

فهو مذموم وذميم.

الحديث الثاني : ضعيف أيضا.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « يستبقان » أي يأتيانه كالمتراهنين يريد كل منهما أن يسبق الأخر حتى إن البلاء لا يسبق الصبر بل إنما يرد مع ورود الصبر أو بعده ، وكذا الجزع والبلاء بالنسبة إلى الكافر.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور. ويدل على كراهة ضرب اليد على الفخذ عند المصيبة وأنه موجب لإحباط أجر المصيبة ويدل على ثبوت الإحباط في الجملة.

الحديث الخامس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وكلما ذكر » تأكيد لأول الكلام أو المراد بالأول عند قرب

١٨٣

عند ذكره المصيبة ويصبر حين تفجأه إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وكلما ذكر مصيبته فاسترجع عند ذكر المصيبة غفر الله له كل ذنب اكتسب فيما بينهما.

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن داود بن رزين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من ذكر مصيبته ولو بعد حين فقال « إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » و « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » اللهم آجرني على مصيبتي وأخلف علي أفضل منها كان له من الأجر مثل ما كان عند أول صدمة.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال يا إسحاق لا تعدن مصيبة أعطيت عليها الصبر واستوجبت عليها من الله عز وجل الثواب إنما المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها وثوابها إذا لم يصبر عند نزولها.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي ، عن علي بن عقبة ، عن امرأة الحسن الصيقل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا ينبغي الصياح على

______________________________________________________

المصيبة وبالاخر التعميم وفي بعض النسخ حتى تفجأه مكان حين ، وحينئذ يحتمل أن يكون المراد الذكور قبل وقوعها وحين أظهر.

الحديث السادس : حسن. زربي بكسر الزاء المعجمة وسكون الراء المهملة كما صححه الشهيد (ره).

قوله عليه‌السلام « عند أول صدمة » قال في النهاية : فيه أن الصبر عند الصدمة الأولى أي عند فورة المصيبة وشدتها والصدم ضرب الشيء الصلب بمثله والصدمة المرة منه.

الحديث السابع : موثق. ويدل على أن ترك الصبر موجب لحرمان الثواب.

الحديث الثامن : ضعيف. ويدل على كراهة الصياح على الميت وشق

١٨٤

الميت ولا شق الثياب.

٩ ـ سهل ، عن علي بن حسان ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال قال ضرب الرجل يده على فخذه عند المصيبة إحباط لأجره.

١٠ ـ سهل ، عن الحسن بن علي ، عن فضيل بن ميسر قال كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فجاء رجل فشكا إليه مصيبة أصيب بها فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام أما إنك إن تصبر تؤجر وإلا تصبر يمض عليك قدر الله الذي قدر عليك وأنت مأزور.

١١ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن محمد بن مهزيار ، عن قتيبة الأعشى قال أتيت أبا عبد الله عليه‌السلام أعود ابنا له فوجدته على الباب فإذا هو مهتم حزين فقلت جعلت فداك كيف الصبي فقال والله إنه

______________________________________________________

الثوب مطلقا.

الحديث التاسع : ضعيف ، وقد مر.

الحديث العاشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام « وأنت مأزور » كذا في النسخ والقياس موزور بالواو لا بالهمز قال في النهاية : الوزر الحمل والثقل وأكثر ما يطلق في الحديث على الذنب وو الإثم ، ومنه الحديث ارجعن مأجورات غير مأزورات أي غير آثمات وقياسه موزورات ، يقال وزر فهو موزور وإنما قال : مأزورات للازدواج بمأجورات.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام « لما به » أي ملكه الأمر الذي هو متلبس به وإيراد ما هنا للتفخيم والتبهيم نحو قوله تعالى « فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ » (١) وإيراد اللام لعله لبيان أنه قد أخذه المرض الذي معه فلا يمكن أخذه منه فكأنه صار ملكه فيكون كناية عن

__________________

(١) سورة طه : ٧٨.

١٨٥

لما به ثم دخل فمكث ساعة ثم خرج إلينا وقد أسفر وجهه وذهب التغير والحزن قال فطمعت أن يكون قد صلح الصبي فقلت كيف الصبي جعلت فداك فقال وقد مضى لسبيله فقلت جعلت فداك لقد كنت وهو حي مهتما حزينا وقد رأيت حالك الساعة وقد مات غير تلك الحال فكيف هذا فقال إنا أهل البيت إنما نجزع قبل المصيبة فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه وسلمنا لأمره.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا يصلح الصياح على الميت ولا ينبغي ولكن الناس لا يعرفونه والصبر خير.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن علاء بن كامل قال كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فصرخت صارخة من الدار

______________________________________________________

احتضاره وإشرافه على الموت والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « وقد أسفر وجهه ».

قال في القاموس : سفر الصبح يسفر أضاء وأشرق كأسفر.

قوله عليه‌السلام : « مضى لسبيله » اللام بمعنى في ، قال ابن هشام : في عد معاني اللام العاشر موافقة في نحو ونضع الموازين القسط ليوم القيمة (١) لا يجليها لوقتها إلا هو (٢) وقولهم مضى لسبيله انتهى أي مضى في السبيل الذي لا بد له ولكل حي سلوكه وهو الموت.

قوله عليه‌السلام : إنما نجزع قبل المصيبة أي للدعاء بأمره تعالى.

الحديث الثاني عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام « لا يصلح » يدل على كراهة رفع الصوت والصياح على الميت.

الحديث الثالث عشر : مجهول.

__________________

(١) سورة الأنبياء : ٤٧.

(٢) سورة الأعراف : ١٨٧.

١٨٦

فقام أبو عبد الله عليه‌السلام ثم جلس فاسترجع وعاد في حديثه حتى فرغ منه ثم قال إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا فإذا وقع القضاء فليس لنا أن نحب ما لم يحب الله لنا.

١٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن بعض أصحابنا قال كان قوم أتوا أبا جعفر عليه‌السلام فوافقوا صبيا له مريضا فرأوا منه اهتماما وغما وجعل لا يقر قال فقالوا والله لئن أصابه شيء إنا لنتخوف أن نرى منه ما نكره قال فما لبثوا أن سمعوا الصياح عليه فإذا هو قد خرج عليهم منبسط الوجه في غير الحال التي كان عليها فقالوا له جعلنا الله فداك لقد كنا نخاف مما نرى منك أن لو وقع أن نرى منك ما يغمنا فقال لهم إنا لنحب أن نعافى فيمن نحب فإذا جاء أمر الله سلمنا فيما أحب.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « فقام » لعل قيامه عليه‌السلام لرفع ما حدث في نفسه عليه‌السلام من سماع الصياح من الوجد والحزن لأن الانتقال من حال إلى حال كالانتقال من القيام إلى القعود وبالعكس يورث تسكين ما حدث في النفس من تغير الحال كما ورد في معالجة شدة الغضب في الخبر أو لتعليمنا ذلك الحديث الرابع عشر : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « ما نكره » أي المرض أو الموت.

قوله عليه‌السلام « فيمن نحب » يحتمل أن يكون في بمعنى مع أي نكون نحن ومن نحبه معافين ، وأن يكون للتعليل أو الظرفية المجازية أي لا يصيبنا بسبب من نحبه مكروه وألم بفقده أو ابتلائه.

١٨٧

(باب)

(ثواب التعزية)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال كان فيما ناجى به موسى عليه‌السلام ربه قال يا رب ما لمن عزى الثكلى؟

______________________________________________________

باب ثواب التعزية

لعل جعل هذا الباب وباب ثواب من عزى حزينا بابين من غفلة المؤلف ( رحمة الله عليه ).

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فيما ناجى ».

قال في القاموس : ناجاه مناجاة ونجاء سارة.

قوله عليه‌السلام : « ما لمن عزى الثكلى » أي المرأة التي مات ولدها أو حبيبها أو الطائفة ، الثكلى أعم من الرجال والنساء والأول أظهر ولعل التخصيص لكون المرأة أشد جزعا وحزنا في المصائب من الرجل.

قال في القاموس : الثكل بالضم الموت والهلاك وفقدان الحبيب ، أو الولد ويحرك وقد ثكله كفرح فهو ثاكل وثكلان وهي ثاكل وثكلانة قليل وثكول وثكلى.

قوله عليه‌السلام : « أظله ».

قال في النهاية : وفي الحديث سبعة يظلهم الله بظله ، وفي حديث آخر سبعة في ظل العرش أي في ظل رحمته.

وقال الكرماني في شرح صحيح البخاري : سبعة في ظله إضافة إليه للتشريف أي ظل عرشه أو ظل طوبى أو الجنة.

١٨٨

قال أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن حسان ، عن الحسن بن الحسين ، عن علي بن عبد الله ، عن علي بن منصور ، عن إسماعيل الجوزي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبى بها.

٣ ـ عنه ، عن محمد بن علي ، عن عيسى بن عبد الله العمري ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام من عزى الثكلى أظله الله في ظل عرشه

______________________________________________________

وقال النووي في شرح صحيح مسلم ، وقيل : الظل عبارة عن الراحة والنعيم نحو هو في عيش ظليل والمراد ظل الكرامة لا ظل الشمس لأنها وسائر العالم تحت العرش ، وقيل : أي كنه من المكاره ووهج الموقف وظاهره أنه في ظله من الحر والوهج وأنفاس الخلق وهو قول الأكثر « ويوم لا ظل إلا ظله » أي حين دنت منهم الشمس واشتد الحر وأخذهم العرق ، وقيل أي لا يكون من له ظل كما في الدنيا.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يحبى بها » من الحياة بمعنى العطاء وقد مر برواية السكوني يحبر.

الحديث الثالث : ضعيف ، أو مجهول إذ يحتمل أن يكون محمد بن علي : ابن محبوب ، وأن يكون أبا سمينة ، لأنهم ذكروا أن أحمد ابن إدريس يروي عن ابن محبوب وأن عيسى بن عبد الله يروي عنه أبو سمينة ولا يبعد أن يكون علي زائدا من النساخ ويكون عن عيسى بن عبد الله.

قوله عليه‌السلام : « في ظل عرشه » يؤيد أن المراد بالظل في الخبر السابق ظل العرش ويدل الايات والأخبار على أنه يؤتى بالعرش في القيمة إلى الموقف ويكون جماعة في ظله ولا استبعاد في ذلك ولا ينافي عظمته كما لا يخفى ، مع أنه يمكن

١٨٩

يوم لا ظل إلا ظله.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن وهب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيء.

(باب السلوة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن مهران بن محمد قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الميت إذا مات بعث الله ملكا إلى أوجع أهله فمسح على قلبه فأنساه لوعة الحزن ولو لا ذلك لم تعمر الدنيا.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى تطول على عباده بثلاث ألقى عليهم الريح بعد الروح ولو لا ذلك ما دفن حميم حميما وألقى عليهم السلوة ولو لا ذلك لانقطع

______________________________________________________

أن يكون العرش الذي يؤتى به في القيمة غير العرش المحيط والله يعلم.

الحديث الرابع : ضعيف ، قد مضى بعينه متنا وسندا في باب ثواب من عزى حزينا.

باب في السلوة

الحديث الأول : مجهول. وقال : الفيروزآبادي اللوعة حرقة في القلب وألم من حب أو هم أو مرض انتهى ويدل على تجسم الملائكة ولا داعي إلى التأويل فيه وإن احتمله.

الحديث الثاني : حسن ، ألقي عليهم الريح أي النتن بعد خروج الروح والسلوة التسلي والصبر ونسيان المصيبة.

قال في القاموس : سلاه عنه كدعاه ورضيه وسلوا وسلوا نسبه وأملاه عنه فتسلى والاسم السلوة ويضم انتهى وانقطاع النسل لعدم اشتغالهم بالتزويج ومقاربة

١٩٠

النسل وألقى على هذه الحبة الدابة ولو لا ذلك لكنزها ملوكهم كما يكنزون الذهب والفضة.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن مهران بن محمد قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إذا مات الميت بعث الله ملكا إلى أوجع أهله فمسح على قلبه فأنساه لوعة الحزن ولو لا ذلك لم تعمر الدنيا.

(باب)

(زيارة القبور)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وجميل بن دراج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في زيارة القبور قال إنهم يأنسون بكم

______________________________________________________

النساء لما يلحقهم من الحزن بعدها وحذرا من وقوع مثل ذلك قبلها والحبة الحنطة والشعير وأمثالهما أو الحنطة لأنها العمدة ، ويعرف الباقي بالمقايسة والدابة الدودة التي تقع فيها فتضيعها.

الحديث الثالث : مجهول وقد مر وإنما أعاده للاختلاف في أول السند ولعله كان ذكر ما به الاختلاف فقط.

باب زيارة القبور

الحديث الأول : حسن ، ويدل على استحباب زيارة القبور واطلاع الموتى عليها وإنهم يأنسون بالزائر وأما الوحشة عند الغيبة فلعله محمول على وحشة لا تصير سببا لحزنهم جميعا ، ويدل على بقاء النفس بعد خراب البدن قال الشهيد : ( قدس الله روحه ) في الذكرى زيارة القبور مستحبة للرجال إجماعا ثم قال : بعد إيراد روايات دالة على استحبابها وعن يونس عن الصادق عليه‌السلام أن فاطمة كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة فتترحم عليه وتستغفر له ، وفيه دليل على جوازه للنساء لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة بضعة مني وكرهه في المعتبر

١٩١

فإذا غبتم عنهم استوحشوا.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها فقال أما زيارة القبور فلا بأس بها ولا تبنى عندها المساجد.

______________________________________________________

لهن لمنافاة الستر والصيانة وهو حسن إلا مع الأمن والصون لفعل فاطمة عليها‌السلام ولو كانت زيارتهن مؤدية إلى الجزع والتسخط لقضاء الله لضعفهن علي الصبر منعن منها وعليه يحمل ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن الله زوارات القبور.

الحديث الثاني : موثق ، يدل على استحباب الزيارة وكراهة بناء المساجد على القبور وقال في الذكرى المشهور كراهة البناء على القبر واتخاذه مسجدا وفي المبسوط نقل الإجماع على كراهة البناء عليه ، وفي النهاية يكره تجصيص القبور وتظليلها وكذا يكره المقام عندها لما فيه من إظهار السخط لقضاء الله ، أو الاشتغال عن مصالح المعاد والمعاش ، أو لسقوط الاتعاظ بها ، وفي خبر علي بن جعفر لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس وظاهره الكراهة فيحمل النهي عليها.

وقال الصدوق : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فإن الله تعالى لعن اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، قلت هذه الأخبار رواها الصدوق والشيخان ولم يستثنوا قبرا ولا ريب أن الإمامية مطبقة على مخالفة قضيتين من هذه إحداهما البناء والأخرى الصلاة في المشاهد المقدسة فيمكن القدح في هذه الأخبار لأنها آحاد وبعضها ضعيف الإسناد وقد عارضها أخبار أشهر منها وقال ابن الجنيد : ولا بأس بالبناء عليه وضرب الفسطاط يصونه ومن يزوره ، أو تخصيص هذه العمومات بإجماعهم في عهود كانت الأئمة ظاهرة فيها وبعدهم من غير نكير والأخبار الدالة على تعظيم قبورهم وعمارتها وأفضلية الصلاة عندها وهي كثيرة انتهى ، ولا يخفى حسن ما أفاده حشره الله مع أئمة الهدى.

١٩٢

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول عاشت فاطمة عليها‌السلام بعد أبيها خمسة وسبعين يوما لم تر كاشرة ولا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين : الإثنين والخميس فتقول هاهنا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هاهنا كان المشركون.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال قلت له المؤمن يعلم بمن يزور قبره قال نعم ولا يزال مستأنسا به ما دام عند قبره فإذا قام وانصرف من قبره دخله من انصرافه عن قبره وحشة

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام كيف التسليم على أهل القبور فقال نعم. تقول : السلام على أهل الديار من المسلمين والمؤمنين أنتم لنا فرط ونحن إن شاء الله بكم لاحقون.

______________________________________________________

الحديث الثالث : حسن. « والكشر التبسم » ذكره الجوهري ويدل على استحباب الزيارة في اليومين وللنساء قولها عليهما‌السلام ههنا كان أي كانت ترى نساءها موضع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وموضع المشركين عند القتال في غزوة أحد فإن تذكر تلك الأمور يصير سببا لمزيد الحزن والاهتمام في الزيارة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الخامس : حسن. والمراد « بالديار » القبور ، أو ديارهم في حال الحياة أي السلم على الذين كانوا من عمار الديار فصاروا من مكان القبور ، والمراد بالمؤمنين صلحاء الشيعة وبالمسلمين فساقهم. أو الأعم أو بالعكس ، أو المراد بالمسلمين : المستضعفين من المخالفين فإنهم قابلون للرحمة والأول أظهر معنى والثاني لفظا وقد مر معنى الفرط.

١٩٣

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام قال مررت مع أبي جعفر عليه‌السلام بالبقيع فمررنا بقبر رجل من أهل الكوفة من الشيعة قال فوقف عليه عليه‌السلام فقال : اللهم ارحم غربته وصل وحدته وآنس وحشته وأسكن إليه من رحمتك ما يستغني بها عن رحمة من سواك وألحقه بمن كان يتولاه.

٧ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم قال تقول السلام عليكم من ديار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام كيف التسليم على أهل القبور قال تقول السلام على أهل الديار من المسلمين والمؤمنين رحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد قال كنت بفيد فمشيت مع علي بن بلال

______________________________________________________

الحديث السادس : ضعيف. ويدل على استحباب هذا الدعاء وجواز الاكتفاء به بدون سورة القدر وغيرها ولو قائما وإن كان الجلوس أفضل ، ولعله فعله عليه‌السلام لبيان الجواز ، أو لعذر في بعض الكتب في تتمة هذا الخبر أنه عليه‌السلام بعد الدعاء قرأ القدر سبعا كما في الذكرى.

الحديث السابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « من ديار » أي أهل ديار. ومن لبيان ضمير الخطاب ، أو للابتداء أي أبلغ إليكم سلام أهل الديار من المؤمنين.

الحديث الثامن : مجهول.

الحديث التاسع : صحيح ، ويدل على استحباب وضع اليد على القبر من

١٩٤

إلى قبر محمد بن إسماعيل بن بزيع فقال علي بن بلال قال لي صاحب هذا القبر عن الرضا عليه‌السلام قال من أتى قبر أخيه ثم وضع يده على القبر وقرأ « إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ » سبع مرات أمن يوم الفزع الأكبر أو يوم الفزع.

١٠ ـ أحمد بن محمد الكوفي ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن مفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام وعن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام زوروا موتاكم فإنهم يفرحون بزيارتكم وليطلب أحدكم حاجته عند قبر أبيه وعند قبر أمه بما يدعو لهما.

(باب)

(أن الميت يزور أهله)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري

______________________________________________________

أي جهة كانت ، والمشهور أن استقبال القبلة أفضل كما يومئ إليه ما مر في باب تربيع القبر وقراءة سورة القدر سبع مرات ، والظاهر أن الثواب للقارئ ويحتمل الميت على بعد ، أو رد في غيره مغفرتهما معا.

الحديث العاشر : ضعيف ، بسنديه ويدل على استحبابه الدعاء للحاجة عند قبر الوالدين واستحبابه.

قوله عليه‌السلام : « بما يدعو لهما » أي مع ما يدعو لهما والحاصل أنه ينبغي أن يدعو لها ولنفسه.

باب أن الميت يزور أهله

الحديث الأول : حسن ، ويدل على تجسم الروح أو تعلقها في البرزخ بالأجساد المثالية وأنها تتحرك في تلك العالم وترجع إلى البيوت وتطلع على أحوال

١٩٥

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن المؤمن ليزور أهله فيرى ما يحب ويستر عنه ما يكره وإن الكافر ليزور أهله فيرى ما يكره ويستر عنه ما يحب قال ومنهم من يزور كل جمعة ومنهم من يزور على قدر عمله.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ما من مؤمن ولا كافر إلا وهو يأتي أهله عند زوال الشمس فإذا رأى أهله يعملون بالصالحات حمد الله على ذلك وإذا رأى الكافر أهله يعملون بالصالحات كانت عليه حسرة.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال سألته عن الميت يزور أهله قال نعم فقلت في كم يزور قال في الجمعة وفي الشهر وفي السنة على قدر منزلته فقلت في أي صورة يأتيهم قال في صورة طائر لطيف يسقط على جدرهم ويشرف عليهم فإن رآهم بخير فرح وإن رآهم بشر وحاجة حزن واغتم.

______________________________________________________

أهاليها ، ولا ينكر شيئا من ذلك من يعترف بكمال قدرة باريها ، وقد بسطنا القول في ذلك في كتاب بحار الأنوار في المجلد الثالث.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فإذا رأى أهله » أي المؤمن وإنما يرى الصالحات فقط ليصير سببا لسروره والكافر لعله يرى الصالحات والسيئات ليصير الأولى سببا لحسرته ، وإنه لم لم يعمل مثل عملهم فيفوز ويصير الثانية سببا لهمه لعلمه بأنهم يعذبون عليها في الآخرة ، وفي بعض النسخ في الثانية بالطالحات فيكون الحسرة عليهم وهو بعيد.

الحديث الثالث : ضعيف ، على المشهور والمراد باللطيف الصغير أو غير المرئي وقوله إن رآهم في الموضعين راجع إلى القسمين لئلا ينافي الخبر الأول.

١٩٦

٤ ـ عنه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن درست الواسطي ، عن إسحاق بن عمار ، عن عبد الرحيم القصير قال قلت له المؤمن يزور أهله فقال نعم يستأذن ربه فيأذن له فيبعث معه ملكين فيأتيهم في بعض صور الطير يقع في داره ينظر إليهم ويسمع كلامهم.

٥ ـ عنه ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي الحسن الأول عليه‌السلام يزور المؤمن أهله فقال نعم فقلت في كم قال على قدر فضائلهم منهم من يزور في كل يوم ومنهم من يزور في كل يومين ومنهم من يزور في كل ثلاثة أيام قال ثم رأيت في مجرى كلامه أنه يقول أدناهم منزلة يزور كل جمعة قال قلت في أي ساعة قال عند زوال الشمس ومثل ذلك قال قلت في أي صورة قال في صورة العصفور أو أصغر من ذلك فيبعث الله تعالى معه ملكا فيريه ما يسره ويستر عنه ما يكره فيرى ما يسره ويرجع إلى قرة عين.

______________________________________________________

الحديث الرابع : ضعيف. وربما يتوهم التنافي بين تلك الأخبار وبين ما سيأتي أن المؤمن أكرم من أن يجعل روحه في حوصلة طائر ، ويمكن الجواب بحمل تلك على كونهم أبدا كذلك فلا ينافي أن يصيروا أحيانا في صورة الطير لئلا يعرفهم أهلهم.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « أدناهم » أي غالبا أو لا يكون المؤمن أقل من ذلك فيحمل ما مر من الشهر والسنة على غير المؤمن.

١٩٧

(باب)

(أن الميت يمثل له ماله وولده وعمله قبل موته)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن علي جميعا ، عن أبي جميلة مفضل بن صالح ، عن جابر ، عن عبد الأعلى وعلي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إبراهيم ، عن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة مثل له ماله وولده وعمله فيلتفت إلى ماله فيقول والله إني كنت عليك حريصا شحيحا

______________________________________________________

باب أن الميت يمثل له ماله وولده وعمله قبل موته

الحديث الأول : ضعيف. بسنده الأول مجهول بسنده الثاني.

قوله عليه‌السلام : « مثل له » أي صور له كل من الثلاثة كصورة مثالية يخاطبها وتخاطبه أو شبه حاله بحال من كان كذلك في تحسره وتألمه وتفكره في أحواله السالفة فيكون استعارة تمثيلية ، أو يراد بالتمثيل خطور هذه الثلاثة بالبال وحضور صورها في الخيال فالمخاطبة بلسان الحال لا بالمقال ، والشح : البخل فالحرص في الجمع والشح في الضبط وعدم البذل والزهد في الشيء عند الرغبة فيه ، والرياش اللباس الفاخر.

قوله عليه‌السلام : « فيقال أبشر بروح » إشارة إلى قوله سبحانه « فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ » (١) « فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ » (٢) والمشهور في قراءة الروح الفتح ، وقرأ بالضم أيضا ، ورواه في الكشاف عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي مجمع البيان عن الباقر عليه‌السلام وفسر الروح بالفتح بالراحة من تكاليف الدنيا ومشاقها ، وقيل هو الهواء الذي

__________________

(١ و ٢) سوره الواقعة : ٨٨.

١٩٨

فما لي عندك فيقول خذ مني كفنك قال فيلتفت إلى ولده فيقول والله إني كنت لكم محبا وإني كنت عليكم محاميا فما ذا لي عندكم فيقولون نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها قال فيلتفت إلى عمله فيقول والله إني كنت فيك لزاهدا وإن كنت علي لثقيلا فما ذا عندك فيقول أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك قال فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا و

______________________________________________________

يستلذه النفس ويزيل عنها الهم ، وبالضم بالرحمة أو الحياة الدائمة والريحان بالرزق في الجنة ، وقيل هو الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به عند الموت فيشمه ، وقيل : الروح الرحمة والريحان كل نباهة وشرف ، وقيل : الروح النجاة من النار والريحان الدخول في دار القرار ، وقيل : روح في القبر وريحان في الجنة ، وقيل روح في القبر وريحان في القيمة ، والظاهر هنا أن الروح والريحان عند الموت أو في القبر والجنة ، تحتمل جنة الدنيا وجنة الآخرة والأول أظهر ، ويحتمل كون الريحان أيضا في الآخرة والمقدم مصدر ميمي في الموضعين ، ويحتمل اسم المكان لكنه بعيد ، وقوله ارتحل بصيغة الأمر ، وفي قوله وإنه ليعرف غاسله ، فعل مقدر ويدل عليه السياق ، والواو حالية والتقدير فيرتحل والحال أنه ليعرف غاسله ، ويحتمل أن تكون عاطفة على أتاه فلا تقدير ، ويناشد حامله في الصحاح : نشدت فلانا أنشده نشدا إذا قلت له نشدتك الله أي سألتك بالله ، وملكا القبر مبشر وبشير ، ويخدان الأرض بضم الخاء المعجمة أي يشقانها وترك السؤال عن الإمام لعله للتقية ، والأخبار المستفيضة تدل على السؤال عن الإمام أيضا وقد مر وسيأتي بعضها ، وقولهما ثبتك الله : دعاء ، ويحتمل الخبر.

قوله عليه‌السلام : وهو « قول الله » الضمير عائد إلى قول الملكين ثبتك الله والمضاف محذوف والتقدير هو مدلول قول الله وقد مر تفسير الآية في باب الصلاة على المؤمن ، ويظهر من هذا الخبر وجه آخر غير ما مر ، وهو أن يكون « بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ » صلة

١٩٩

أحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا فقال أبشر بروح وريحان وجنة نعيم ومقدمك خير مقدم فيقول له من أنت فيقول أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله فإذا أدخل قبره أتاه ملكا القبر يجران أشعارهما ويخدان الأرض بأقدامهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول الله ربي وديني الإسلام ونبيي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقولان له ثبتك الله فيما تحب وترضى وهو قول الله عز وجل : « يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي

______________________________________________________

للإيمان أي يثبت الله الذين آمنوا بقول واعتقاد ثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا يتبدل النشأتين وهي العقائد الحقة فإن العقائد الباطلة تتبع شهوات الدنيا وأهواءها فإذا زالت ارتفعت ، والمثبت فيه محذوف أي النعيم والكرامة كما يدل عليه قولهما فيما تحب وترضى ، ولو فسرت الآية على بعض الوجوه السابقة يمكن أن يكون المراد بما يحب ويرضى العقائد الحقة ، أو يكون فيما يحب حالا أي ثبتك الله في العقائد حال كونك في نعيم تحبه وترضاه وهو بعيد.

قال : الطبرسي (ره) أي يثبتهم في كرامته وثوابه بقولهم الثابت الذي وجد منهم وهو كلمة الإيمان لأنه ثابت بالحجج والأدلة.

وقيل : معناه يثبت الله المؤمنين بسبب كلمة التوحيد وحرمتها في الحياة الدنيا حتى لا يزالوا ولا يضلوا عن طريق الحق ويثبتهم بها في الآخرة حتى لا يزلوا ولا يضلوا عن طريق الجنة.

وقيل : معناه يثبتهم بالتمكين في الأرض والنصرة والفتح في الدنيا وبإسكانهم الجنة في الآخرة وقال : أكثر المفسرين إن المراد بقوله في الآخرة في القبر ، والآية وردت في سؤال القبر وهو قول ابن عباس وابن مسعود وهو المروي عن أئمتنا عليهم‌السلام.

٢٠٠