مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧١

على الأخيرة وإن شاءوا رفعوا الأولى وأتموا ما بقي على الأخيرة كل ذلك لا بأس به.

(باب)

(في وضع الجنازة دون القبر)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن عجلان قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام لا تفدح ميتك بالقبر ولكن ضعه أسفل منه بذراعين أو

______________________________________________________

وقوله عليه‌السلام : « ما بقي » أي الصلاة الباقية لا التكبيرات الباقية كما ذكره بعض المتأخرين ، ولا يخفى بعده.

واختار الشهيد في اللمعة : الاستئناف على الثانية بعد الإتمام على الأولى ثم نسب التشريك إلى الرواية.

باب في وضع الجنازة دون القبر

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا تفدح » قال في القاموس : فدحه الدين كمنعه أثقله.

أقول : لعل المراد لا تجعل القبر ودخوله ثقيلا على ميتك بإدخاله مفاجاة.

قوله عليه‌السلام : « أسفل منه » قال : الشيخ البهائي (ره) لعل المراد بوضعه أسفل القبر من قبل رجليه وهو باب القبر.

قوله عليه‌السلام : « يأخذ أهبته » قال الجوهري : تأهب استعد وأهبت الحرب عدتها.

أقول : يدل على اطلاع الروح على تلك الأحوال وعلى سؤال القبر وعلى استحباب الوضع قبل الوصول إلى القبر بذراعين أو ثلاثة ، وبمضمونها أفتى ابن الجنيد والمحقق في المعتبر.

وذكر الصدوق (ره) في الفقيه أنه يوضع قريبا من القبر ويصبر عليه هنيئة

٨١

ثلاثة ودعه يأخذ أهبته.

٢ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد الخراساني ، عن أبيه ، عن يونس قال حديث سمعته ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ما ذكرته وأنا في بيت إلا ضاق علي يقول إذا أتيت بالميت شفير قبره فأمهله ساعة فإنه يأخذ أهبته للسؤال.

(باب نادر)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد

______________________________________________________

ليأخذ أهبته ، ثم يقرب قليلا ويصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته ثم يقدم إلى شفير القبر ويدخل فيه ، وإليه ذهب أكثر الأصحاب ولا يدل الأخبار المنقولة في الكتب المشهورة إلا على الوضع مرة.

نعم روى الصدوق في العلل خبرا مرسلا أنه ينقل ثلاث مرات ، وعبارة الفقه الرضوي صلوات الله عليه موافق لعبارة الصدوق في الفقيه ، ولعله أخذه منه وتبعه الأصحاب ولا بأس بالعمل به للمساهلة في المستحبات.

الحديث الثاني : مجهول ، بعلي بن محمد وهو ابن أذينة.

قوله عليه‌السلام : « إلا ضاق علي » كناية عن حصول كمال الترهب والخوف له من مضمون ذلك الحديث حتى كان فضاء البيت يضيق عليه عند تذكره.

قوله عليه‌السلام ، « شفير قبره » أي جانبه. والمراد بالساعة الساعة العرفية أي قدرا من الزمان له امتداد ولا حد له وليس المراد الساعات النجومية لا المستوية ولا المعوجة كما لا يخفى.

باب نادر

أقول : لم يظهر لي علة ترك عنوان الباب ووصفه بالندرة إلا أن يكون ذلك لغرابة مضمونه أو لنفاسة الحكم الذي يدل عليه والمراد بالنادر أحدهما هنا.

الحديث الأول : صحيح.

٨٢

عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن زرارة قال كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام وعنده رجل من الأنصار فمرت به جنازة فقام الأنصاري ولم يقم أبو جعفر عليه‌السلام فقعدت معه ولم يزل الأنصاري قائما حتى مضوا بها ثم جلس فقال

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « ولأقام لها أحد منا أهل البيت » أهل منصوب على الاختصاص.

واعلم : أن هذا الخبر يدل على عدم استحباب القيام عند مرور الجنازة مطلقا كما هو المشهور بين الأصحاب ، وهو المشهور بين العامة أيضا ، وذهب بعضهم إلى الوجوب ، وبعضهم إلى الاستحباب ، واختلف أخبارهم أيضا في ذلك ، قال الآبي : في كتاب إكمال الإكمال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى يخلفكم أو يوضع ، وفي رواية إذا رأى أحدكم الجنازة فليقم حين يراها حتى يخلفه ، وفي رواية إذا تبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى يوضع ، وفي رواية إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يجلس حتى يوضع ، وفي رواية أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه قاموا لجنازة فقالوا يا رسول الله إنها يهودية فقال : إن الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا ، وفي رواية قام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه لجنازة يهودي حتى توارت ، وفي رواية قيل : إنه يهودي فقال : أليست نفسا؟ وفي رواية علي عليه‌السلام قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قعد ، وفي رواية رأينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قام فقمنا وقعد فقعدنا.

قال : القاضي اختلف الناس في هذه المسألة ، فقال : مالك وأبو حنيفة والشافعي القيام منسوخ.

وقال : أحمد وإسحاق وابن حبيب وابن الماجشون المالكيان. هو مخير ، ثم قال : والمشهور من مذهبنا أن القيام ليس مستحبا ، وقالوا : هو منسوخ بحديث على ، واختار المتولي من أصحابنا أنه مستحب وهذا هو المختار ، فيكون الأمر به للندب والقعود بيانا للجواز ، ولا يصح دعوى النسخ في مثل هذا لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث ولم يتعذر انتهى.

٨٣

له أبو جعفر عليه‌السلام ما أقامك قال رأيت الحسين بن علي عليه‌السلام يفعل ذلك فقال أبو جعفر عليه‌السلام والله ما فعله الحسين عليه‌السلام ولا قام لها أحد منا أهل البيت قط فقال الأنصاري شككتني أصلحك الله قد كنت أظن أني رأيت.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان الحسين بن علي عليه‌السلام جالسا فمرت عليه جنازة فقام الناس حين طلعت الجنازة فقال الحسين عليه‌السلام مرت جنازة يهودي

______________________________________________________

وقال : العلامة (ره) في المنتهى إذا مرت به جنازة لم يستحب تشييعها وبه قال : الفقهاء ، وذهب جماعة من أصحابهم كأبي مسعود السدري وغيره إلى وجوب القيام لها ، وعن أحمد رواية بالاستحباب ، لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان آخر الأمرين من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ترك القيام لها وفي الحديث : أن يهوديا رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قام للجنازة فقال يا محمد هكذا نصنع؟ فترك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله القيام لها ، ومن طريق الخاصة رواية زرارة انتهى.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام « مرت » إلخ.

أقول : يظهر من هذا الخبر منشأ توهم العامة فيما رواه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويدل على استحباب القيام إذا كانت الجنازة ليهودي لا للتعظيم كما يظهر من أخبارهم ، بل لتعظيم الإسلام وتحقير الكافر ، وربما يستفاد من التعليل اطراد الحكم في مطلق الكافر كما فهمه الشهيد (ره) في الذكرى حيث قال : لا يستحب القيام لمن مرت عليه الجنازة لقول علي عليه‌السلام قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قعد ولخبر زرارة.

نعم لو كان الميت كافرا جاز القيام لخبر مثنى الحناط ، وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأيتم الجنازة فقوموا منسوخ انتهى.

أقول : لا يخفى ما في القول بالجواز مستدلا بهذا الخبر إلا أن يكون مراده

٨٤

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على طريقها جالسا فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي فقام لذلك.

(باب)

(دخول القبر والخروج منه)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا ينبغي لأحد أن يدخل القبر في نعلين ولا خفين ولا عمامة ولا رداء ولا قلنسوة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن يقطين قال سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول لا تنزل في القبر وعليك العمامة والقلنسوة ولا الحذاء ولا الطيلسان وحل أزرارك وبذلك سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جرت وليتعوذ بالله

______________________________________________________

الشرعية والاستحباب.

باب دخول القبر والخروج منه

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا ينبغي » ظاهره كراهة استصحاب هذه الأشياء قال : المحقق في المعتبر يستحب لمن دخل قبر الميت أن يحل أزراره وأن يتحفى ويكشف رأسه هذا مذهب الأصحاب.

وقال : الشهيد (ره) في الذكرى يستحب لملحده حل أزراره وكشف رأسه وحفاؤه إلا لضرورة ، ثم قال : وليس ذلك واجبا إجماعا.

أقول : لم يتعرض الأصحاب لاستحباب وضع الرداء عند النزول في القبر مع دلالة الأخبار التي استدلوا بها على سائر الأحكام عليه.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ولا الطيلسان » بفتح الطاء واللام على الأشبه الأفصح ، وحكي

٨٥

من الشيطان الرجيم وليقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين و « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » وآية الكرسي وإن قدر أن يحسر عن خده ويلصقه بالأرض فليفعل وليشهد وليذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عبد الله المسمعي ، عن إسماعيل بن يسار الواسطي ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا تنزل القبر وعليك العمامة ولا القلنسوة ولا رداء ولا حذاء وحل أزرارك قال قلت والخف قال لا بأس بالخف في وقت الضرورة والتقية.

______________________________________________________

كسر اللام وضمها حكاهما القاضي عياض والنووي.

وقال : صاحب كتاب مطالع الأنوار الطيلسان شبه الأردية يوضع على الرأس والكتفين والظهر ، وقال : ابن دريد في الجمهرة وزنه فيعلان ، وربما يسمى طيلسا.

وقال : ابن الأثير في شرح مسند الشافعي : الرداء الثوب الذي يطرح على الأكتاف يلقى فوق الثياب ، وهو مثل الطيلسان يكون على الرأس والأكتاف ، وربما ترك في بعض الأوقات على الرأس وسمي رداء كما يسمى الرداء طيلسانا.

أقول : لم يذكروا أيضا ترك الطيلسان ولعلهم اكتفوا بكشف الرأس عنه فإن الطيلسان على ما يظهر مما نقلنا يستر الرأس أيضا.

قوله عليه‌السلام : « والمعوذتين » بكسر الواو والفتح خطأ.

قوله عليه‌السلام : « وإن قدر » فيه التفات. وسيأتي باقي الأحكام التي تستنبط من هذا الخبر في باب سل الميت.

الحديث الثالث : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس بالخف » يدل على أن العامة ينكرون نزع الخف وعلى أنه لا بأس بعدم نزعه في التقية وعلى كراهته عند عدم التقية.

قال : العلامة (ره) في التذكرة يستحب لمن ينزل إلى القبر حل أزراره

٨٦

٤ ـ علي بن محمد ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من دخل القبر فلا يخرج إلا من قبل الرجلين.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد رفعه قال قال يدخل الرجل القبر من حيث شاء ولا يخرج إلا من قبل رجليه.

______________________________________________________

والتحفي وكشف رأسه.

وقال الشيخ : ويجوز أن ينزل بالخفين عند الضرورة والتقية.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فلا يخرج » يدل على أن الخروج من غير جانب الرجلين منهي عنه ، وحمل على الكراهة.

قال : الشهيد في الذكرى يستحب الخروج من قبل الرجلين لخبر عمار عن الصادق عليه‌السلام لكل شيء باب وباب القبر مما يلي الرجلين ، ولرواية السكوني.

والظاهر أن هذا النهي والنفي للكراهية ، ووافق ابن الجنيد (ره) في الرجل وقال : في المرأة يخرج من عند رأسها لإنزالها عرضا ، أو للبعد عن العورة ، والأحاديث مطلقة انتهى.

الحديث الخامس : ضعيف مرفوع مضمر.

قوله عليه‌السلام : « يدخل الرجل » يدل على عدم تعين الدخول من مكان معين وتعين الخروج من قبل الرجلين.

قوله عليه‌السلام : في رواية : أخرى رواه الشيخ بسند فيه جهالة عن جبير بن نقير الحضرمي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قوله عليه‌السلام : « إن لكل بيت بابا » أقول يمكن أن يستدل به على استحباب الدخول والخروج وإدخال الميت من قبل الرجلين لأن الباب محل جميع ذلك ولعل العلامة لذلك قال : في المنتهى باستحباب الدخول من قبل الرجلين أيضا

٨٧

وفي رواية أخرى قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن لكل بيت بابا وإن باب القبر من قبل الرجلين.

(باب)

(من يدخل القبر ومن لا يدخل)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن عبد الله بن راشد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الرجل ينزل في قبر والده ولا ينزل

______________________________________________________

حيث قال : يستحب له أن يخرج من قبل الرجلين لأنه قد استحب الدخول منه فكذا الخروج ، ول قوله عليه‌السلام باب القبر من قبل الرجلين.

أقول : لم أر غيره تعرض لاستحباب ذلك عند الدخول ولعله لضعف دلالة هذا الخبر وصراحة الخبر السابق في نفيه ، بل يمكن أن يقال ظاهر هذا الخبر بيان إدخال الميت منه لأن القبر بيت له والمقصود إدخاله ، ويؤيده ما رواه الشيخ بسند موثق عن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لكل شيء باب وباب القبر مما يلي الرجلين ، إذا وضعت الجنازة فضعها مما يلي الرجلين يخرج الميت مما يلي الرجلين ويدعى له حتى يوضع في حفرته ويسوي عليه التراب.

والحاصل أن عموم الخبر غير معلوم إذ يكفي ذلك في إطلاق الباب عليه والله يعلم.

باب من يدخل القبر ومن لا يدخل

الحديث الأول : مجهول ، بصالح وعبد الله.

قوله عليه‌السلام « الرجل ينزل في قبر والده ».

أقول : ظاهر الأخبار اختصاص الكراهة بنزول الوالد في قبر ولده والمشهور بين الأصحاب عموم الكراهة بجميع ذوي الأرحام والأقارب إذا كان الميت رجلا وحملوا مثل هذا الخبر على نفي الكراهة المؤكدة ، وهو إنما يستقيم مع وجود

٨٨

الوالد في قبر ولده.

______________________________________________________

المعارض ، وسيأتي خبر وفاة إبراهيم أنه أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين عليه‌السلام بالنزول في قبره ، ويدل على عدم الكراهة أيضا ما رووه من إدخال أمير المؤمنين صلوات الله عليه والعباس ، وفي رواية الفضل بن العباس : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قبره وكلهم كانوا ذوي رحم ، ولو اعتذر في أمير المؤمنين عليه‌السلام بأنه كان يلزمه ذلك للزوم دفن المعصوم للمعصوم فلا يجري ذلك في صاحبيه مع تقريره عليه‌السلام إياهما على ذلك ، والعجب أن العلامة (ره) قال في المنتهى : ويستحب أن ينزل إلى القبر الولي ، أو من يأمره الولي إن كان رجلا ، وإن كان امرأة لا ينزل إلى قبرها إلا زوجها ، أو ذو رحم لها وهو وفاق العلماء ، روى الجمهور عن علي عليه‌السلام أنه قال ، إنما يلي الرجل أهله ، ولما توفي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحدة العباس وعلي وأسامة ، رواه أبو داود ، ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن عجلان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سله سلا رفيقا فإذا وضعته في لحده فليكن أولى الناس به مما يلي رأسه الحديث ، ولرواية السكوني ولأنها حالة يطلب فيها الحفظ للميت والرفق به فكان ذو الرحم أولى ثم قال : الرجل أولى بدفن الرجال بلا خلاف بين العلماء في ذلك ، والرجال أولى بدفن النساء أيضا.

ثم قال في كراهة إهالة الأب على ولده وبالعكس ، وكذا ذو الرحم لرحمه معللا بأنه يورث القساوة ، يكره لمن ذكرنا أن ينزل إلى القبر أيضا للعلة ، وقد ورد جواز نزول الولد إلى قبر والده انتهى ، وكذا فعل في التذكرة.

أقول : لا يخفى ما بين كلاميه من التنافي.

فإن قيل : مراده بالأولية التي أثبتها أولا أن له ولاية ذلك أعم من أن يتولاه بنفسه أو يأمر غيره بذلك فلا ينافي كراهة أن يتولاه بنفسه.

قلت : ما ذكره من الدلائل كلها تدل على استحباب أن يتولاه بنفسه فلا

٨٩

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وغيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال يكره للرجل أن ينزل في قبر ولده.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد الله أتى أبو عبد الله عليه‌السلام القبر فأرخى نفسه فقعد ثم قال رحمك الله وصلى عليك ولم ينزل في قبره وقال هكذا فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بإبراهيم عليه‌السلام.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن عبد الله الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن القبر كم يدخله قال ذاك إلى الولي إن شاء أدخل وترا وإن شاء شفعا.

______________________________________________________

يجديه هذا التوجيه ، والتعليل بالقساوة ضعيف ومعارض بأنه أرفق للميت وأشفق عليه وكراهة الإهالة لعدم الضرورة الداعية إليها ، بخلاف ارتكاب الدفن فإن فيه مصلحة للميت وإرفاقا له فقياسه عليها مع بطلانه رأسا قياس مع الفارق ، فالأظهر عدم كراهة إنزال غير الولد من الأقارب القبر والله يعلم.

الحديث الثاني : حسن. وقد مر الكلام فيه.

الحديث الثالث : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « فأرخى نفسه فقعد » قال الجوهري : أرخيت الستر وغيره إذا أرسلته.

أقول : يدل على كراهة إدخال الوالد ولده في القبر وعلى عدم كراهة القعود قبل دفن الميت بل على استحبابه ، وسيأتي الكلام فيه في باب من حثا على الميت وعلى جواز إطلاق لفظ الصلاة في الدعاء على غير المعصوم وعلى علو منزلة إسماعيل.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « إن شاء أدخل » إلخ. يدل على عدم تعين عدد مخصوص لذلك ،

٩٠

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه مضت السنة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن المرأة لا يدخل قبرها إلا من كان يراها في حياتها.

٦ ـ سهل بن زياد ، عن محمد بن أورمة ، عن علي بن ميسرة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها.

٧ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي

______________________________________________________

وعلى جواز إدخال الشفع والوتر وعلى أن الاختيار في ذلك إلى الولي وربما يستفاد منه عدم دخول الولي نفسه وفيه نظر.

قال العلامة في المنتهى : لا توقيف في عدد من ينزل القبر وبه قال : أحمد وقال : الشافعي يستحب أن يكون العدد وترا لنا أن الاستحباب حكم شرعي فيقف عليه ولم يثبت ، بل المعتبر ما يحتاج الميت إليه باعتبار ثقله وخفته وقوة الحامل وضعفه ويؤيده صحيحة زرارة انتهى.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « إن المرأة » المشهور بين الأصحاب استحباب ذلك ، والأولى رعاية ذلك مع الإمكان والسنة في الخبر لا يدل على الاستحباب كما مر مرارا.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « الزوج » إلخ. لا خلاف في أولوية الزوج في هذا الأمر وسائر أمورها من كل أحدكما يظهر من المعتبر.

قال في الذكرى : الزوج أولى من المحرم بالمرأة ولو تعذر فامرأة صالحة ثم أجنبي صالح وإن كان شيخا فهو أولى قاله في التذكرة.

الحديث السابع : مجهول ويدل دلالة ضعيفة زائدا على ما تقدم على

٩١

عن أبان ، عن عبد الله بن راشد قال كنت مع أبي عبد الله عليه‌السلام حين مات إسماعيل ابنه عليه‌السلام فأنزل في قبره ثم رمى بنفسه على الأرض مما يلي القبلة ثم قال هكذا صنع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بإبراهيم ثم قال إن الرجل ينزل في قبر والده ولا ينزل في قبر ولده.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد ، عن يحيى بن عمرو ، عن عبد الله بن راشد ، عن عبد الله العنبري قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الرجل يدفن ابنه قال لا يدفنه في التراب قال قلت فالابن يدفن أباه قال نعم لا بأس.

(باب)

(سل الميت وما يقال عند دخول القبر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا أتيت بالميت القبر فسله من قبل رجليه فإذا وضعته في

______________________________________________________

استحباب الجلوس جانب القبلة.

الحديث الثامن : ضعيف ، وكان عبد الله سمع هذا الخبر بواسطة ، ثم بعد ملاقاته عليه‌السلام سمع منه مشافهة أيضا ، ويحتمل سقوط الواسطة في الخبر السابع من الرواة.

باب سل الميت وما يقال عند دخول القبر

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فسله » إلخ. أي أجذبه من قبل الرجلين إلى القبر برفق وتأن قال في القاموس : السل انتزاعك الشيء وإخراجه في رفق كالإسلال.

٩٢

القبر فاقرأ آية الكرسي وقل بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم افسح له في قبره وألحقه بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وقل كما قلت في الصلاة عليه مرة واحدة من عند « اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه واستغفر له ما استطعت » قال وكان علي بن الحسين عليه‌السلام إذا أدخل الميت القبر قال اللهم جاف الأرض عن جنبيه وصاعد عمله ولقه منك رضوانا.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « بسم الله » إلخ. في التهذيب بعده وبالله كما سيأتي أي : أضعه في اللحد متبركا أو مستعينا أو مستعيذا من عذاب الله باسمه وذاته الأقدس ولو كان الاسم مقحما كما قيل : يكون بالله على ما في التهذيب للتأكيد وفي سبيل الله أي سبيل رضاه وطاعته وقربه فإن تلك الأعمال لكونها بأمره تعالى من سبيل قربه ورضوانه أي : كائنا في سبيله وكائنا على ملة رسوله مطابقا لما أمرنا به صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قوله عليه‌السلام : « وقل كما قلت » يحتمل صيغة الخطاب والتكلم وهذا إشارة إلى ما مر سابقا من رواية الحلبي في كيفية الصلاة بهذا السند بعينه فيظهر منه أنه عليه‌السلام كان قد علمه الصلاة أولا وفي تعليم كيفية الدفن أحاله على ما بين له في الصلاة من الدعاء وأمره بقراءة بعضه في تلك الحال وابتداء هذا البعض.

قوله عليه‌السلام : « اللهم إن كان محسنا وأخره ». قوله عليه‌السلام : « وتجاوز عنه ». ويحتمل أن يكون المراد القراءة إلى آخر ما مر في الصلاة ويكون الغرض من ذكر تلك الفقرات بيان الابتداء لكنه بعيد ، ثم اعلم : أنه سقط هنا قوله « وتقبل منه » ويمكن أن يكون سهوا من الرواة أو اختصارا منه عليه‌السلام.

قوله عليه‌السلام : « جاف الأرض » إلخ. أي أبعد الأرض عن جنبيه ولا تضيق القبر عليه.

٩٣

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد جميعا ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا سللت الميت فقل : « بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم إلى رحمتك لا إلى عذابك » فإذا وضعته في اللحد فضع يدك

______________________________________________________

قال : في النهاية الجفاء البعد عن الشيء يقال : جفاه إذا بعد عنه وأجفاه إذا أبعده ، وفيه أنه كان يجافي عضديه عن جنبيه للسجود أي يباعدهما انتهى.

أقول : يمكن أن يكون دعاء له برفع ضغطة القبر ، وأن يكون المراد وسعة مكانه في عالم البرزخ أو كناية عن سروره فيه.

قوله عليه‌السلام : « وصاعد عمله » أي صعده واجعله صاعدا إلى ديوان المقربين والأبرار ، ولم أر فيما عندي من كتب اللغة تعديته بهذا الباب ، وفي الفقيه وصعد إليك روحه.

قوله عليه‌السلام « ولقه منك » إلخ. أي ابعث بشارة رضوانك أو ما يوجبه رضوانك من المثوبات تلقاء وجهه والرضوان بالكسر ويضم الرضا.

وما قيل من أن المراد خازن الجنان فهو بعيد والتنوين ظاهره أنه للتفخيم ويحتمل التحقير أيضا إيذانا بأن القليل من رضوانك كثير.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام « إلى رحمتك » أي صائرا أو صيره وأذهب به أو أكله وأمثالها.

قوله عليه‌السلام : « فضع يدك » الظاهر أن هذا تصحيف النساخ والصواب ( فمك ) كما في التهذيب.

والظاهر أن أمرهم عليه‌السلام بوضع الفم على الإذن وإدناء الفم كان للتقية لئلا يطلع المخالفون الحاضرون ، أو لا يصل إلى الغائبين ما يلقن الميت من العقائد الحقة والأولى اتباع المنقول.

٩٤

على أذنه فقل الله ربك والإسلام دينك ومحمد نبيك والقرآن كتابك وعلي إمامك.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سألت أحدهما عليهما‌السلام عن الميت فقال تسله من

______________________________________________________

ثم اعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في استحباب هذا التلقين والأخبار به متضافرة ، والأولى عدم الترك لورود الأمر به في الأخبار المعتبرة الكثيرة.

الحديث الثالث : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « تسله » يدل على استحباب الوضع عند الرجلين.

ثم اعلم أنه ذكر الأصحاب استحباب وضع الرجل مما يلي الرجلين والمرأة مما يلي القبلة ، وأن يؤخذ الرجل من قبل الرجلين سابقا برأسه والمرأة عرضا والأخبار غير مصرحة بتلك الأمور.

نعم ورد مرفوعة عبد الصمد بن هارون أنه قال : قال : أبو عبد الله عليه‌السلام إذا دخلت الميت القبر إن كان رجلا سل سلا والمرأة تؤخذ عرضا وفهم من السل الوارد فيها وفي غيرها السبق بالرأس ، ومن أخذ المرأة عرضا : كون الأفضل وضعها بأحد جنبي القبر لأنه أسهل للأخذ كذلك وتعيين جهة القبلة لأفضلية تلك الجهة.

ولا يخفى أنه يمكن المناقشة في أكثرها مع أنه قد ورد في الأخبار الكثيرة وضع الميت مطلقا فيما يلي الرجلين وسله منها من غير تقييد بالرجل.

لكن روى الصدوق في الخصال بإسناده عن الأعمش عن الصادق عليه‌السلام قال للميت يسل من قبل رجليه سلا والمرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد.

قوله عليه‌السلام : « وتلزق القبر بالأرض » الإلزاق الإلصاق والمراد عدم الرفع كثيرا وفي التهذيب نقلا عن الكافي إلا قدر أربع أصابع فيكون استثناء عما يدل عليه الإلزاق كناية عن عدم الرفع ، وفي نسخ الكتاب إلى قدر فيكون نهاية للرفع

٩٥

قبل الرجلين وتلزق القبر بالأرض إلى قدر أربع أصابع مفرجات وتربع قبره.

٤ ـ سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن عجلان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سله سلا رفيقا فإذا وضعته في لحده فليكن أولى الناس مما يلي رأسه ليذكر اسم الله عليه ويصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويتعوذ من الشيطان وليقرأ

______________________________________________________

ويدل على التخيير بينه وبين ما كان أقل منه ، والمشهور بين الأصحاب استحباب رفع القبر مقدار أربع أصابع مفرجات لا أكثر من ذلك ، وابن زهرة خير بينها وبين شبر وفي خبر سماعة يرفع من الأرض قدر أربع أصابع مضمومة وعليها ابن ابن أبي عقيل.

قال في الذكرى : قلت اختلاف الرواية دليل التخيير ، وما رووه عن جابر أن قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رفع قدر شبر ورويناه عن إبراهيم بن علي عن الصادق عليه‌السلام أيضا يقارب التفريج ، ولما كان المقصود من رفع القبر أن يعرف ليزار ويحترم كان مسمى الرفع كافيا.

وقال ابن البراج : شبرا أو أربع أصابع انتهى.

وقال في المنتهى : يستحب أن يرفع من الأرض مقدار أربع أصابع مفرجات وهو قول العلماء ، ثم قال وقد روي استحباب ارتفاعه أربع أصابع مفرجات وروي أربع أصابع مضمومات والكل جائز ، ثم قال يكره أن يرفع أكثر من ذلك وهو فتوى العلماء انتهى.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « أولى الناس » أي الوارث القريب ، أو أولى الناس به من جهة المذهب والولاية والمحبة.

قوله عليه‌السلام : « وإن قدر » إلخ يدل على إبراز وجه الميت ووضعه على التراب وقد ذكر الشيخ في النهاية والعلامة في المنتهى والشهيد في الدروس ولم يتعرض له بعض المتأخرين إلا أنه لم يرده أحد ووردت به الأخبار.

٩٦

فاتحة الكتاب والمعوذتين و « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » وآية الكرسي وإن قدر أن يحسر عن خده ويلزقه بالأرض فعل ويشهد ويذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن سنان ، عن محفوظ الإسكاف ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا أردت أن تدفن الميت فليكن أعقل من ينزل في قبره عند رأسه وليكشف خده الأيمن حتى يفضي به إلى الأرض ويدني فمه إلى سمعه ويقول اسمع افهم ثلاث مرات الله ربك ومحمد نبيك والإسلام دينك وفلان إمامك اسمع وافهم وأعدها عليه ثلاث مرات هذا التلقين.

______________________________________________________

قال الشيخ البهائي (ره) ما تضمنه الحديث من الكشف عن خد الميت وإلصاقه بالأرض فلا ريب في استحبابه ، والمراد من قوله عليه‌السلام « وإن قدر » إلخ إذا لم يكن هناك من يتقيه ومن قوله عليه‌السلام « ويتشهد وليذكر » ما يعلم تلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمة عليهم‌السلام إلى أن ينتهي إلى إمام الزمان ( سلام الله عليهم ) انتهى.

أقول : الجزم بالاستحباب في تلك الأحكام الواردة في الأخبار بلفظ الأمر أو ما في حكمه من غير معارض لا يخلو من إشكال.

قوله عليه‌السلام : « إن يحسر » قال في القاموس : حسرة يحسره ويحسره حسرا كشفه انتهى.

أقول : تعديته بعن إما لتضمين معنى الكشف ، أو يكون مفعوله الأول مقدرا أي يحسر الكفن عن خده ، والإلزاق الإلصاق.

الحديث الخامس : ضعيف ، والإسكاف الخفاف.

قوله عليه‌السلام : « فليكن أعقل » إلخ.

أقول : هذا الشرط لأن يكون عالما بتلك الأحكام وعارفا بتلك العقائد ومتمكنا من إيقاع تلك الأمور على وجه لا يطلع عليه المخالفون وقوله ( هذا التلقين ) بيان للضمير في قوله ( أعدها ) ويدل على رجحان تكرار التلقين ثلاث مرات.

٩٧

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال إذا وضع الميت في لحده فقل : « بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عبدك ابن عبدك نزل بك وأنت خير منزول به اللهم افسح له في قبره وألحقه بنبيه اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به »

______________________________________________________

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « في لحده » هذا الخبر وما سبق من الأخبار يدل على شرعية اللحد ولا خلاف في استحبابه بين الأصحاب.

قال في المنتهى : اللحد أفضل من الشق وهو قول العلماء.

وقال في الذكرى : اللحد أفضل من الشق عندنا في غير الأرض الرخوة وليكن اللحد مما يلي القبلة واسعا مقدار ما يجلس فيه ، أما الرخوة فالشق أفضل خوفا من انهدامه ولو عمل شبه اللحد من بناء في قبره كان أفضل قاله في المعتبر ويظهر من كلام ابن الجنيد انتهى.

قوله عليه‌السلام : « وأنت خير منزول به ».

أقول الضمير في قوله به يحتمل إرجاعه إلى اسم المفعول نفسه كما جوز الرضي (ره) في بحث الصفة المشبهة ( في قولهم حسن وجهه ) إرجاع الضمير إلى الصفة ، ويحتمل إرجاعه إلى موصوف مقدر له أي أنت خير شخص منزول به كما قال : المازني في قولهم : الممرور به زيد ، إن الضمير راجع إلى الموصوف المقدر وإن ذهب الأكثر في هذا المقام إلى إرجاعه إلى لام الموصول ، ويحتمل إرجاعه إلى الذات المبهمة المأخوذة في الصفات فإن قولنا منزول به في قوة ذات ما نزل به ، ويحتمل إرجاعه إلى الضمير الذي وقع مبتدأ ، ولعله أظهر لأنك إذا قلت زيد مضروب ففيه ضمير عائد إلى زيد ، وإذا قلت ممرور به فهذا الضمير البارز ينوب مناب هذا الضمير المستتر ولذا يجري عليه التذكير والتأنيث والتثنية والجمع فتدبر.

٩٨

فإذا وضعت عليه اللبن فقل اللهم صل وحدته وآنس وحشته وأسكن إليه من رحمتك رحمة تغنيه عن رحمة من سواك فإذا خرجت من قبره فقل « إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » و « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » اللهم ارفع درجته في أعلى عليين واخلف على عقبه في الغابرين يا رب العالمين.

٧ ـ عنه ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال إذا وضعت الميت في لحده قرأت آية الكرسي واضرب يدك على منكبه الأيمن ثم قل يا فلان

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « فإذا وضعت عليه اللبن ». لا خلاف بين الأصحاب في استحباب تشريح اللبن على الميت وتنضيده ويدل عليه تلك الأخبار.

قال في المنتهى : إذا وضعه في اللحد شرح عليه اللبن لئلا يصل التراب إليه ولا نعلم فيه خلافا ، ويقوم مقام اللبن مساوية في المنع من تعدي التراب إليه كالحجر والقصب والخشب ، إلا أن اللبن أولى من ذلك كله لأنه المنقول من السلف والمعروف في الاستعمال ، وينبغي أن يسد بالطين لأنه أبلغ في المنع ولرواية إسحاق انتهى.

قوله عليه‌السلام : « صل وحدته » الوصل خلاف القطع والإسناد مجازي ، أي صله برحمتك في وحدته وكذا ما بعده أي كن إنسية في وحشته.

قوله عليه‌السلام : « وأسكن إليه » من باب الأفعال وضمن معنى الضم لتعديته بإلى ، وفي التهذيب تعنيه بها وقد مضى تفسير سائر الفقرات.

الحديث السابع : حسن ، وموقوف ولا يضر للعلم بأن زرارة لا يروي عن غيرهم عليهم‌السلام.

قوله عليه‌السلام : « واضرب يدك » إلخ.

قال : الشيخ البهائي (ره) فيه ما لا يخفى فإن الضرب على منكبه الأيمن يقتضي بظاهره عدم إضجاعه على الجانب الأيمن والنسخ التي رأيناها غير متخالفة في لفظ

٩٩

قل رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله نبيا وبعلي عليه‌السلام إماما وسم إمام زمانه.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سماعة قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما أقول إذا أدخلت الميت منا قبره قال قل اللهم هذا عبدك فلان وابن عبدك قد نزل بك وأنت خير منزول به وقد احتاج إلى رحمتك اللهم ولا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم بسريرته ونحن الشهداء بعلانيته اللهم فجاف الأرض عن جنبيه ولقنه حجته واجعل هذا اليوم خير يوم أتى عليه واجعل هذا القبر خير بيت نزل فيه وصيره إلى خير مما كان فيه ووسع له في مدخله وآنس وحشته واغفر ذنبه ولا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد من أصحابنا

______________________________________________________

الأيمن وقد ذهب ابن حمزة إلى استحباب الاستقبال بالميت في القبر وهذا الحديث يساعده ، وقال : في موضع آخر قد يقال أن المراد به وضعها تحت منكبه كما عبر به الصدوق لأن المنكب الأيمن حينئذ مما يلي الأرض إذ هو مجمع العضد والكتف وفي رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه‌السلام تضع يدك اليسرى على عضده الأيسر وتحركه تحريكا شديدا ثم تقول إلخ انتهى.

الحديث الثامن : موثق. ومحمد بن يحيى معطوف على العدة وقد مضى تفسير فقراته.

الحديث التاسع : حسن.

قوله عليه‌السلام : « يشق الكفن ».

قال العلامة في المنتهى : الشق مكروه لما فيه من إضاعة المال من غير نفع وقد أمر بتحسين الأكفان ، وبتخريقها يزول جمالها وحسنها ، والأحاديث الدالة على

١٠٠