الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧١
(باب)
(ثواب من حفر لمؤمن قبراً)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال من حفر لميت قبرا كان كمن بوأه بيتا موافقا إلى يوم القيامة.
(باب)
(حد حفر القبر واللحد والشق وأن رسول الله صلىاللهعليهوآله لحد له)
١ ـ سهل بن زياد قال روى أصحابنا أن حد القبر إلى الترقوة وقال بعضهم إلى الثدي وقال بعضهم قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من في القبر وأما اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس قال ولما حضر علي بن الحسين عليهالسلام الوفاة أغمي عليه فبقي ساعة ثم رفع عنه الثوب ثم قال الحمد لله الذي أورثنا
______________________________________________________
باب ثواب من حفر لمؤمن قبراً
الحديث الأول : مختلف فيه.
قوله عليهالسلام : « موافقا » لأن القبر بيت موافق له وهو روضة من رياض الجنة.
باب حد حفر القبر واللحد والشق وأن رسول الله صلىاللهعليهوآله لحد له
قال في التذكرة : يستحب أن يجعل للميت لحد ، ومعناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت وهو أفضل من الشق ومعناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه ويسقف
الجنة نتبوأ منها « حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ » ثم قال احفروا لي وابلغوا إلى الرشح قال ثم مد الثوب عليه فمات عليهالسلام.
٢ ـ سهل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي همام إسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال قال أبو جعفر عليهالسلام حين احتضر إذا أنا مت فاحفروا لي وشقوا لي شقا فإن قيل لكم إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لحد له فقد صدقوا.
______________________________________________________
عليه بشيء ، ذهب إليه علماؤنا. وبه قال الشافعي : وأكثر أهل العلم. لقول ابن عباس : إن النبي صلىاللهعليهوآله لحد له أبو طلحة الأنصاري ، وقال : أبو حنيفة الشق أفضل لكل حال.
الحديث الأول : ضعيف.
وفي التهذيب هكذا سعد بن عبد الله عن يعقوب ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال حد القبر إلخ.
قوله عليهالسلام : « وقال بعضهم إلى الثدي » قال في الذكرى : لعله كلام الراوي لأن الإمام لا يحكي قول أحد.
قوله عليهالسلام : « حتى يمد الثوب ».
ربما يستدل به على استحباب مد الثوب على القبر عند الدفن ، ولا يخفى ما فيه : إذا الظاهر أن المراد به التقدير للتحديد.
قوله عليهالسلام : « أغمي عليه » قال : الشهيد الثاني رحمهالله لا يريد به حقيقة الإغماء بل مجازه بمعنى أنه قد حصل له ما أوجب عند الحاضرين أن يصفوه بذلك من دون أن يكون قد حصل له حقيقة ، لأن المعصوم ما دام حيا لا يجوز أن يخرج من التكليف ، الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.
قوله عليهالسلام : « فقد صدقوا » أي هو أفضل. وإنما أوصى عليهالسلام بذلك لأنه كان بادنا وكان لا يحتمل أرض المدينة لرخاوتها للحد المناسب له عليهالسلام كما ورد
٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أن رسول الله صلىاللهعليهوآله لحد له أبو طلحة الأنصاري.
٤ ـ علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أن النبي صلىاللهعليهوآله نهى أن يعمق القبر فوق ثلاثة أذرع.
(باب)
(أن الميت يؤذن به الناس)
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد وعبد الله بن سنان جميعا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال ينبغي لأولياء الميت منكم أن يؤذنوا إخوان الميت بموته فيشهدون جنازته
______________________________________________________
التصريح به في غيره.
الحديث الثالث : حسن.
الحديث الرابع : ضعيف على المشهور. ولعله محمول على ما إذا لم يحتج إلى الأكثر.
باب أن الميت يؤذن به الناس
الحديث الأول : حسن كالصحيح.
وقال في الحبل المتين : لعل المراد بأولياء الميت الذين يستحب لهم أن يخبروا الناس بموته ، أولاهم بميراثه على ترتيب الطبقات الثلاث في الإرث ، ويمكن أن يراد بهم من علاقتهم أشد. سواء كانت نسبية أو سببية والجنازة بفتح الجيم وكسرها الميت.
وقد يطلق بالفتح على السرير ، وبالكسر على الميت ، وربما عكس.
وقد يطلق بالكسر على السرير إذا كان عليه الميت ، وهو المراد في الحديث
ويصلون عليه ويستغفرون له فيكتب لهم الأجر ويكتب للميت الاستغفار ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب لميتهم من الاستغفار.
٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سألته عن الجنازة يؤذن بها الناس قال نعم.
٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إن الجنازة يؤذن بها الناس.
______________________________________________________
ولفظتا يكتسب في قوله عليهالسلام : « فيكتسب لهم الأجر ويكتسب للميت الاستغفار » إما بالبناء للمفعول ، أو الفاعل بعود المستتر إلى الولي في ضمن الأولياء ، ولفظة في قوله عليهالسلام : « ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب لميتهم من الاستغفار » للسببية أي يكتسب الولي الأجر بذينك السببين.
وقال في مشرق الشمسين : جملة « يشهدون » معطوفة على جملة ينبغي لا على يؤذنوا ، وفي بعض النسخ يشهدوا ، ويصلوا ويستغفروا ، بإسقاط النون وهو الأولى.
الحديث الثاني : صحيح.
الحديث الثالث : ضعيف.
(باب)
(القول عند رؤية الجنازة)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبان لا أعلمه إلا ذكره ، عن أبي حمزة قال كان علي بن الحسين عليهالسلام إذا رأى جنازة قد أقبلت قال الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم.
______________________________________________________
باب القول عند رؤية الجنازة
الحديث الأول : مرسل كالحسن.
قوله عليهالسلام : « من السواد المخترم » السواد يطلق على الشخص ، وعلى القرية ، والمخترم الهالك ، أو المستأصل ، والظاهر أن المراد هنا إما الجنس أي لم يجعلني من الجماعة الهالكين ، فيكون شكر النعمة الحياة ولا ينافي حب لقاء الله ، فإن معناه حب الموت على تقدير رضاء الله به فلا ينافي لزوم شكر نعمة الحياة والرضا بقضاء الله في ذلك.
وقيل : « حب لقاء الله » إنما يكون عند معاينة منزلته في الجنة كما مر في الخبر ، أو المراد « بالمخترم » الهالك بالهلاك المعنوي ، إما لأن غالب أهل زمانهما عليهماالسلام. كانوا منافقين ، فلما رأوا جنازتهم وعلموا ما أصابهم من العذاب شكروا الله على نعمة الهداية.
وأما إن عند رؤية الموتى ينبغي تذكر أحوال الآخرة ، فينبغي الشكر على ما هو العمدة في حصول السعادات الأخروية أعني الإيمان ، وعلى الأخير لا يختص برؤية جنازة المنافق ، وإذا كان المراد « بالسواد » القرية كان المراد القرية الهالكة أهلها بالهلاك المعنوي ، أي جعلني في بلاد المسلمين.
وقال : في الذكرى : إن المعنى لم يجعلني من هذا القبيل ، ثم قال : ولا ينافي
٢ ـ محمد بن يحيى ، عن موسى بن الحسن ، عن أبي الحسن النهدي رفعه قال كان أبو جعفر عليهالسلام إذا رأى جنازة قال الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم.
٣ ـ حميد ، عن ابن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة ، عن محمد بن مسعود الطائي ، عن عنبسة بن مصعب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله من استقبل جنازة أو رآها فقال الله أكبر « هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ » اللهم زدنا « إِيماناً وَتَسْلِيماً » الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت لم
______________________________________________________
هذا حب لقاء الله تعالى لأنه غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار ، ومعاينة ما يحب.
كما روينا عن الصادق عليهالسلام ورووه في الصحاح عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : « من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه » قيل : له صلىاللهعليهوآله إنا لنكره الموت. فقال عليهالسلام : ليس ذلك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكراماته ، وليس شيء أحب إليه مما أمامه ، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله فليس شيء أكره إليه مما أمامه ، كره لقاء الله فكره الله لقاءه.
ثم قال : « قدس الله روحه » ويجوز أن يكنى بالمخترم عن الكافر ، لأنه الهالك على الإطلاق ، بخلاف المؤمن ، أو يراد بالمخترم من مات دون أربعين سنة ، وقال الشيخ البهائي : « رحمهالله » يمكن أن يراد بالسواد ، « عامة الناس » كما هو أحد معاني السواد في اللغة ، ليكون المراد : الحمد لله الذي لم يجعلني من عامة الناس الذين يموتون على غير بصيرة ولا استعداد للموت.
الحديث الثاني : مرفوع.
الحديث الثالث : ضعيف.
قوله عليهالسلام « تعزز » أي صار عزيزا. غالبا بالقدرة الكاملة ، بإيجاد الأشياء
يبق في السماء ملك إلا بكى رحمة لصوته.
(باب)
(السنة في حمل الجنازة)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن غير واحد ، عن يونس ، عن علي بن يقطين ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام قال سمعته يقول السنة في حمل الجنازة أن تستقبل جانب السرير بشقك الأيمن فتلزم الأيسر بكتفك الأيمن ثم تمر عليه
______________________________________________________
وإفنائها ، وإحياء الناس وإماتتهم.
قال : في القاموس « عز يعز » صار عزيزا ، كتعزز.
باب السنة في حمل الجنازة
اعلم أنه ذكر الأصحاب أن حمل الميت واجب على الكفاية ، وأجمعوا على استحباب التربيع ، قال في الذكرى : وأفضله أن يبدأ بمقدم السرير الأيمن ، ثم يمر عليه إلى مؤخره ، ثم بمؤخر السرير الأيسر ويمر عليه إلى مقدمه دور الرحى ، وذكر ذلك الشيخ في المبسوط والنهاية : وهو المشهور بين المتأخرين.
وقال في الخلاف ، يحمل بميامنه مقدم السرير الأيسر ثم يدور حوله حتى يرجع إلى المقدم ، وادعى عليه الإجماع.
وأقول : الظاهر من الأخبار ما ذكره الشيخ في الخلاف كما ستقف عليه.
الحديث الأول : في الخبر إرسال : لكنه كالحسن.
لأنه قال إبراهيم بن هاشم : عن غير واحد ، وهو لا يقصر عن ممدوح واحد رواه.
قوله عليهالسلام « السنة في حمل الجنازة » إلخ.
أقول : هذا الخبر ظاهرا موافق لما ذكره الشيخ في الخلاف إذ الظاهر من
إلى الجانب الآخر وتدور من خلفه إلى الجانب الثالث من السرير ثم تمر عليه إلى الجانب الرابع مما يلي يسارك.
٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن علي بن حديد ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال السنة أن يحمل
______________________________________________________
قوله « فتلزم الأيسر » أيسر السرير. إذا فرض رجلا ماشيا وهو يوافق أيمن الميت.
وقوله عليهالسلام : في آخر الخبر : « مما يلي يسارك » كالصريح في ذلك. لأن الماشي عن يمين الجنازة هي عن يساره.
ويحتمل أن يكون المراد ، الجانب الذي تأخذه بيسارك.
الحديث الثاني : ضعيف.
قوله عليهالسلام : « السنة أن تحمل السرير إلخ » السنة ما واظب عليه النبي صلى الله عليه ، والتطوع ما صدر عنه وعن أوصيائه عليهالسلام على جهة الاستحباب ، ولم يواظب عليه رحمة للأمة ، وليتميز ما هو المؤكد من المستحبات وما ليس كذلك منها.
والظاهر أن المراد أن السنة النبوية جرت بحمل الجنازة من أربع جوانبها كيف اتفق والزائد على الأربع تطوع ، ويحتمل أن يكون المراد أن رعاية الهيئات المخصوصة في حمل الجوانب الأربعة. تطوع ، وأن يكون المراد أن ما بعد ذلك كما وكيفا فهو تطوع ، ويحتمل أن يكون المراد « بالحمل من جوانبه الأربعة » الهيئة المخصوصة المسنونة ، وبقوله. « ما بعد ذلك » الزائد عنه ، أو الأعم منه ومن النقص ، أو مخالفة الكيفية المسنونة.
ويحتمل بعيدا : أن يكون المراد. أن السنة الأخذ بأحد القوائم الأربع كيف اتفق وما كان بعد ذلك من الزيادة في الكمية والرعاية في الكيفية فهو
السرير من جوانبه الأربع وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع.
٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن الفضل بن يونس قال سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن تربيع الجنازة قال إذا كنت في موضع تقية فابدأ باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم ارجع من مكانك إلى ميامن الميت لا تمر خلف رجله البتة حتى تستقبل الجنازة فتأخذ يده اليسرى ثم رجله اليسرى ثم ارجع من مكانك ولا تمر خلف الجنازة البتة حتى تستقبلها تفعل كما فعلت
______________________________________________________
تطوع.
ولعل الأول أظهر وروى الجمهور : عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إذا تبع أحدكم الجنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة ، ثم ليتطوع بعد ، أو ليذر فإنه من السنة.
ثم اعلم أن المشهور استحباب التربيع على الهيئة المخصوصة ، بل ظاهر بعضهم تحقق الإجماع على ذلك. وقال ابن الجنيد. يرفع الجنازة من أي جوانبها قدر عليه واستدل له بهذا الخبر ومكاتبة الحسين بن سعيد ، وقد عرفت أن هذا الخبر لا يدل على نفي استحباب التربيع ، والمكاتبة أيضا محمولة على حصول التطوع بترك الهيئة المقررة. لا نفي فضلها رأسا.
قوله عليهالسلام : « من جوانبه الأربع » في ما رأينا من النسخ ، كذلك والأظهر الأربعة ، ولعله بتأويل الناحية وشبهها.
الحديث الثالث : مرسل.
قوله عليهالسلام : « فابدأ باليد اليمنى » هذا صريح في أن المراد اليد اليمنى للميت الكائنة على أيسر السرير.
قوله عليهالسلام : « ثم ارجع من مكانك » أي من موضع الرجل اليمنى إلى ميامن الميت ، أي الجانب الذي فرغت منه وعبر عنه بميامن الميت ، فهذا صريح في
أولا فإن لم تكن تتقي فيه فإن تربيع الجنازة التي جرت به السنة أن تبدأ باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم بالرجل اليسرى ثم باليد اليسرى حتى تدور حولها.
٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن موسى بن أكيل ، عن العلاء بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال تبدأ في حمل السرير من جانبه الأيمن ثم تمر عليه من خلفه إلى الجانب الآخر ثم تمر حتى ترجع
______________________________________________________
أن المراد يمين الميت لا يمين السرير ، وهذا الخبر يدل على أن الخلاف بيننا وبين العامة في الترتيب لا في الابتداء ، وقال في شرح السنة : حمل الجنازة من الجوانب الأربع ، فيبدأ بياسرة السرير المقدمة فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثم بياسرته المؤخرة ، ثم بيامنته المقدمة ، فيضعها على عاتقه الأيسر ، ثم بيامنته المؤخرة انتهى.
قال الشيخ في الخلاف : صفة التربيع أن يبدأ بيسرة الجنازة ويأخذ بيمينه ويتركها على عاتقه ، ويربع الجنازة ويمشي إلى رجليها ويدور دور الرحى إلى أن يرجع إلى يمنة الجنازة فيأخذ ميامن الجنازة بمياسره ، وبه قال سعيد بن جبير والثوري وإسحاق ، وقال الشافعي وأبو حنيفة : يبدأ بمياسر مقدم السرير فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثم يتأخر فيأخذ مياسره فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثم يعود إلى مقدمه فيأخذ ميامن مقدمه فيضعها على عاتقه الأيسر ، ثم يتأخر فيأخذ بميسرة مؤخره فيضعها على عاتقه الأيسر ، ثم قال : دليلنا إجماع الفرقة وعملهم. انتهى
ويظهر من الخلاف. أنه قال : بهذا القول الشافعي وأبو حنيفة وقال : بما ذهب إليه الشيخ في الخلاف ، جماعة منهم سعيد بن جبير والثوري وإسحاق.
الحديث الرابع : مجهول.
قوله عليهالسلام : « من الجانب الأيمن » يحتمل أيمن الميت وأيمن السرير ، بل
إلى المقدم كذلك دوران الرحى عليه.
______________________________________________________
لو كان صريحا في أيمن السرير يمكن أن يقال كما يمكن أن يعتبر السرير رجلا ماشيا ويعتبر يمينه ويساره بحسب ذلك التوهم ، كذلك يمكن أن يطلق اليمين واليسار على جوانبه بحسب ما جاوز من جوانب الميت ، بل بأن يعتبر شخصا مستلقيا على قفاه ، كالميت ثم أقول : لا يخفى عليك بعد ما قررنا لك في تفسير الأخبار. أن المعتمد ما اختاره الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الإجماع ، لأن الخبر الأول والثالث صريحان في ذلك ، والخبر الأخير محتمل الأمرين ، فينبغي حمله عليهما لرفع التنافي بين الأخبار.
وما استدل به الشهيد (ره) في الذكرى بقوله عليهالسلام : في هذا الخبر دوران الرحى وأنه لا يتصور إلا على البدأة بمقدم السرير الأيمن ، والختم بمقدمه الأيسر والإضافة قد يتعاكس فلا يخفى وهنه ، إذ ظاهر أن التشبيه بمجرد الدوران وعدم الرجوع كما تفعله العامة ودل عليه الخبر الثالث وأومأ إليه الشيخ في الخلاف ، مع أنه يعسر بل يتعذر غالبا حمل الأيمن من السرير بالشق الأيمن أيضا من جهة الاعتبار رعاية يمين الميت في الابتداء أولى من رعاية يمين السرير.
بل نقول : يمكن حمل كلام الشيخ في الكتابين على ما ذكره في الخلاف لئلا يكون فيهما مخالفا لإجماع ادعاه لأنه ذكر في الكتابين عبارة هذا الخبر ، ويمكن تأويله على نحو ما ذكرنا في تأويل الخبر ، ويظهر من العلامة في المنتهى أنه أول الخبر وكلام الشيخ في الكتابين بما ذكرنا ، لأنه لا يتعرض فيه الخلاف بل قال : المستحب عندنا أن يبدأ الحامل بمقدم السرير الأيمن ثم يمر معه ويدور من خلفه إلى الجانب الأيسر ، فيأخذ رجله اليسرى ويمر معه إلى أن يرجع إلى المقدم كذلك دور الرحى.
(باب)
(المشي مع الجنازة)
١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن عذافر ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها.
______________________________________________________
وحاصل ما ذكرناه أن يبدأ فيضع قائمة السرير التي تلي اليد اليمنى للميت فيضعها على كتفه الأيمن وهكذا انتهى ، وكذا يدل على ما ذكرنا ما نقله الشهيد (ره) عن الراوندي : أنه حكى كلام النهاية والخلاف وقال : معنا هما لا يتغير وإن جعله الشهيد مؤيدا لما اختاره والله يعلم.
باب المشي مع الجنازة
المعروف من مذهب الأصحاب أن مشي المشيع وراء الجنازة أو أحد جانبيها أفضل من المشي أمامها ، قال في المنتهى : يكره المشي أمام الجنائز للماشي والراكب بل المستحب أن يمشي خلفها أو من أحد جانبيها وهو مذهب علمائنا أجمع وبه قال : الأوزاعي وأصحاب الرأي وإسحاق وقال : الثوري الراكب خلفها والماشي حيث شاء ، وقال الأصحاب الظاهر : الراكب خلفها أو بين جنبيها ، والماشي أمامها وقال الشافعي وابن أبي ليلى ومالك : المشي أمامها أفضل للراكب والراجل وبه قال : عمر وعثمان وأبو هريرة والقاسم ابن محمد وابن الزبير وأبو قتادة وشريح وسالم والزهري انتهى ، ونص في المعتبر على أن تقدمها ليس بمكروه ، بل هو مباح وحكى الشهيد في الذكرى : عن كثير الأصحاب أنه يرى كراهة المشي أمامها وقال ابن أبي عقيل : يجب التأخر خلف جنازة المعادي لذي القربى لما ورد من استقبال ملائكة العذاب إياه ، وقال : ابن الجنيد يمشي صاحب الجنازة بين يديها والباقون وراؤها لما روي من أن الصادق عليهالسلام تقدم سرير ابنه إسماعيل بلا حذاء ولا رداء.
٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أورمة ، عن محمد بن عمرو ، عن حسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال امش أمام جنازة المسلم العارف ولا تمش أمام جنازة الجاحد فإن أمام جنازة المسلم ملائكة يسرعون به إلى الجنة وإن أمام جنازة الكافر ملائكة يسرعون به إلى النار.
٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عمرو بن عثمان ، عن مفضل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال مشى النبي صلىاللهعليهوآله خلف جنازة فقيل له يا رسول الله ما لك تمشي خلفها فقال إن الملائكة أراهم يمشون أمامها
______________________________________________________
الحديث الأول : موثق بإسحاق.
ويظهر من الرجال أن إسحاق بن عمار اثنان ، أحدهما إسحاق بن عمار بن حيان وهو كوفي ثقة صحيح المذهب ، والأخر ابن عمار بن موسى الساباطي وهو ثقة فطحي ، وعلى أي حال : فالخبر موثق للاشتراك.
قوله عليهالسلام « المشي » إلخ يدل على ما هو المشهور بين الأصحاب.
الحديث الثاني : ضعيف.
قوله عليهالسلام « امش » إلخ يدل على اختصاص النهي عن المشي أمام الجنازة بجنازة المخالف ، وبه يمكن الجمع بين الأخبار.
الحديث الثالث : ضعيف.
قوله عليهالسلام : « ونحن تبع لهم » في القاموس التبع محركة التابع ، يكون واحدا وجمعا ، والجمع أتباع.
أقول يمكن أن يكون هذا الحكم مخصوصا بهذه الجنازة. بأن يكون تقدم الملائكة وكثرتهم لفضل هذا الميت ، فلذا عليهالسلام تأخر ، أو يكون هذا الحكم مخصوصا به صلىاللهعليهوآله لرؤية الملائكة ، لكن الظاهر أنه يدل على المشهور لعموم التأسي ، وعدم صراحة تلك الاحتمالات في اختصاص الحكم به صلىاللهعليهوآله ، مع أن الظاهر جريان
ونحن تبع لهم.
٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام قال سألته عن المشي مع الجنازة فقال بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها.
٥ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال امش بين يدي الجنازة وخلفها.
٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن علي بن شجرة ، عن أبي الوفاء المرادي ، عن سدير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال من أحب أن يمشي ممشى الكرام الكاتبين فليمش بجنبي السرير.
٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي
______________________________________________________
التعليل في غير تلك الجنازة بمعونة الخبر المتقدم.
الحديث الرابع : صحيح.
ويدل على التخيير وحمل على الجواز. للجمع فلا ينافي مرجوحية التقدم.
الحديث الخامس : مرسل. إلا أنه كالموثق كما مر ، والكلام فيه كالكلام فيما سبق.
الحديث السادس : مجهول.
قوله عليهالسلام : « كرام الكاتبين » أي ملائكة اليمين والشمال الكاتبين للأعمال ، فإنهم في هذا الحال أيضا ملازمون لجنبي الميت كما كانوا كذلك في حياته ، كما يفهم من هذا الخبر ، ويدل على رجحان المشي جنبي السرير.
الحديث السابع : ضعيف على المشهور.
عبد الله عليهالسلام قال سئل كيف أصنع إذا خرجت مع الجنازة أمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها فقال إن كان مخالفا فلا تمش أمامه فإن ملائكة العذاب يستقبلونه بألوان العذاب.
(باب)
(كراهية الركوب مع الجنازة)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله قوما خلف جنازة ركبانا فقال أما
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « إن كان مخالفا » إلخ يدل بمنطوقه على المنع من المشي أمام الجنازة المخالف ، وبمفهومه على التخيير في جنازة المؤمن.
« تذنيب » اعلم أن الظاهر : في الجمع بين أخبار هذا الباب حمل أخبار النهي والمرجوحية على جنازة المخالف ، لكن الأولى عدم المشي أمامها مطلقا ، لدعوى الإجماع ، وشهرة خلافه بين العامة حتى إنهم نسبوا القول بذلك إلى أهل البيت عليهمالسلام ، قال : بعض شراح صحيح مسلم كون المشي وراء الجنازة أفضل من أمامها ، هو قول علي بن أبي طالب عليهالسلام ومذهب الأوزاعي وأبي حنيفة وقال جمهور الصحابة والتابعين ومالك والشافعي وجماهير العلماء : المشي قد أمها أفضل ، وقال الثوري وطائفة : هما سواء.
باب كراهة الركوب مع الجنازة
قال في المنتهى يستحب المشي مع الجنازة ويكره الركوب وهو قول العلماء كافة.
الحديث الأول : حسن.
بناء على أن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد ، قوله عليهالسلام : « وقد أسلموه » قال الجوهري : أسلمه أي خذله.
استحيا هؤلاء أن يتبعوا صاحبهم ركبانا وقد أسلموه على هذه الحال؟
٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله في جنازته يمشي فقال له بعض أصحابه ألا تركب يا رسول الله فقال إني لأكره أن أركب والملائكة يمشون وأبى أن يركب.
(باب)
(من يتبع جنازة ثم يرجع)
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال كنت مع أبي جعفر عليهالسلام في جنازة لبعض قرابته فلما
______________________________________________________
أقول : الخذلان إما باعتبار أن هذا الفعل يدل على عدم الاعتبار بشأنه والإعراض عنه ، فهو استحقاق بشأن الميت وإما لأن مشيهم موجب لمزيد ثوابهم ، وثواب الميت بسبب ثوابهم فإذا تركوا الفعل الذي يوجب مزيد ثواب الميت فقد خذلوه وتركوا نصرته في أحوج ما يكون إلى النصر.
الحديث الثاني : حسن لكنه مقطوع.
والظاهر أن الانقطاع هنا من النساخ ، فإن الشيخ رواه في التهذيب عن حماد عن حريز عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام.
قوله عليهالسلام : « والملائكة يمشون » الظاهر عدم اختصاص الحكم به صلىاللهعليهوآله ، وبجنازة المخصوصة ، بل يعم التعليل كما مر ، ويؤيده ما رواه العامة عن ثوبان قال : خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوآله في جنازة فرأى ناسا ركبانا ، فقال ألا تستحيون : إن ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب.
باب من يتبع بجنازة ثم يرجع
قال ابن الجنيد : من صلى على جنازة لم يبرح حتى يدفن ، أو يأذن أهله في
أن صلى على الميت قال وليه لأبي جعفر عليهالسلام ارجع يا أبا جعفر مأجورا ولا تعنى لأنك تضعف عن المشي فقلت أنا لأبي جعفر عليهالسلام قد أذن لك في الرجوع فارجع ولي حاجة أريد أن أسألك عنها فقال لي أبو جعفر عليهالسلام إنما هو فضل وأجر فبقدر ما يمشي مع الجنازة يؤجر الذي يتبعها فأما بإذنه فليس بإذنه جئنا ولا بإذنه نرجع.
٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله رفعه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله أميران وليسا بأميرين ليس لمن تبع جنازة أن يرجع حتى يدفن أو يؤذن له ورجل يحج مع امرأة فليس له أن ينفر حتى تقضي نسكها.
______________________________________________________
الانصراف. إلا من ضرورة.
أقول كلامه يحتمل الوجوب ، والاستحباب ، والمشهور الاستحباب كأصله.
الحديث الأول : ضعيف.
قوله عليهالسلام : « ولا تعني » بحذف تاء الخطاب نفي في معنى النهي.
قال الجوهري : عني بالكسر عناء : أي تعب ونصب ، وعنيته أنا تعنية ، وتعنيته إنا أيضا فتعنى ، أقول هذا الخبر يدل على فضل تشييع الجنازة وعلى كثرة الثواب بزيادته ، وعلى عدم اشتراط الإذن في حضور الجنازة ، ولا لزوم الانصراف مع الإذن فيه ، بل عدم رجحانه وإن التمس صاحب الجنازة.
الحديث الثاني : مرفوع.
قوله عليهالسلام : « أميران » إلخ أي يلزم إطاعة أمرهما وليسا بأميرين منصوبين على الخصوص من قبل الإمام ، أو أميرين عامين يلزم إطاعتهما في أكثر الأمور.
أقول : لا ينافي هذا الخبر ما سبق وما سيأتي ، إذ هذا الخبر يدل على جواز
٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال حضر أبو جعفر عليهالسلام جنازة رجل من قريش وأنا معه وكان فيها عطاء فصرخت صارخة فقال عطاء لتسكتن أو لنرجعن قال فلم تسكت فرجع عطاء قال فقلت لأبي جعفر عليهالسلام إن عطاء قد رجع قال ولم قلت صرخت هذه الصارخة فقال لها لتسكتن أو لنرجعن فلم تسكت فرجع فقال امض بنا فلو أنا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم؟!
______________________________________________________
الرجوع أو زوال الكراهة بعد الإذن ، ولا ينافي أفضلية عدم الرجوع كما يدل عليه الخبران.
الحديث الثالث : حسن.
قوله عليهالسلام : « وكان فيها عطاء » هو عطاء بن أبي رباح ، وكان بنو أمية يعظمونه جدا ، حتى أمروا المنادي أن ينادي لا يفتي الناس إلا عطاء ، وإن لم يكن فعبد الله بن أبي نجيح ، وكان عطاء أعود ، أفطس ، أعرج ، شديد السواد ، ذكره ابن الجوزي في تاريخه.
قوله عليهالسلام : « وصرخت صارخة » في القاموس ( الصرخة ) الصيحة الشديدة وكغراب الصوت ، أو شديدة و ( الصارخ ) المغيث والمستغيث ضد. انتهى ، أي صاحت بالنياح والجزع امرأة.
قوله عليهالسلام : « لتسكن » بكسر التاء الثانية ، وتشديد النون ، وفي بعض النسخ : لتسكتين بالياء بين التاء والنون المخففة.
قوله عليهالسلام : « امض بنا » إلخ قال شيخنا البهائي : رحمهالله يستفاد من هذا الحديث أمور.
الأول تأكد كراهة الصراخ على الميت حيث جعله عليهالسلام من الباطل ، ولعل ذلك بالنسبة إلى المرأة إذا سمع صوتها الأجانب ، إذ لم نجعل مطلق إسماع
قال فلما صلى على الجنازة قال وليها لأبي جعفر عليهالسلام ارجع مأجورا رحمك الله فإنك لا تقوى على المشي فأبى أن يرجع قال فقلت له قد أذن لك في الرجوع ولي حاجة أريد أن أسألك عنها فقال امض فليس بإذنه جئنا ولا بإذنه نرجع إنما هو فضل وأجر طلبناه فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يؤجر على ذلك.
______________________________________________________
المرأة صوتها الأجانب محرما ، بل مع خوف الفتنة ، لا بدونه كما ذكره بعض علمائنا.
الثاني أن رؤية الأمور الباطلة ، وسماعها ، لا ينهض عذرا ، في التقاعد من قضاء حقوق الإخوان.
الثالث أن موافقتهم بامتثال ما يستدعونه من الاقتصار على اليسير من الإكرام ، وتأدية الحقوق ليس أفضل من مخالفتهم في ذلك ، بل الأمر بالعكس.
الرابع أن تعجيل قضاء حاجة المؤمن ليس أهم من تشييع الجنازة ، بل الأمر بالعكس ، ولعل عدم سؤال زرارة رضياللهعنه حاجته من الإمام عليهالسلام في ذلك ، المجمع وإرادته أن يرجع. ليسأله عنها ، لأنها كانت مسألة دينية ، لا يمكنه إظهارها.
في ذلك الوقت ، لحضور جماعة من المخالفين ، فأراد أن يرجع عليهالسلام ليخلو به ويسأله عنها. انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وقال العلامة رحمهالله في المنتهى : لو رأى منكرا مع الجنازة أو سمعه فإن قدر على إنكاره وإزالته فعل وأزاله ، وإن لم يقدر على إزالته استحب له التشييع ، ولا يرجع لذلك خلافا لأحمد قوله فإنك لا تقوى على المشي لأنه عليهالسلام كان بادنا.
(باب)
(ثواب من مشى مع جنازة)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال إذا أدخل المؤمن قبره نودي ألا إن أول حبائك الجنة وحباء من تبعك المغفرة.
٢ ـ علي ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقي ، عن رجل من أصحابه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره وكل الله عز وجل به سبعين ملكا من
______________________________________________________
باب ثواب من مشى مع جنازة
الحديث الأول : في هذا السند سيف بن عميرة ، وقد وثقه النجاشي ، والشيخ ، وقال ابن شهرآشوب : إنه واقفي ولم يذكر الشيخان المتقدمان ذلك ، مع كونهما أعرف بأحوال الرجال ، فالظاهر أن الخبر حسن.
قوله عليهالسلام : « إلا أن أول حبائك » إلخ قال في القاموس حبا فلانا ، أعطاه بلا جزاء ولا من ، أو عام ، والاسم : الحياء ككتاب ، قال شيخنا البهائي رحمهالله.
قوله عليهالسلام : « أول حباء من تبعك » ربما يومئ إلى ترجيح اتباع الجنازة على تقدمها. والمشي إلى أحد جانبيها.
الحديث الثاني : مرسل.
قوله عليهالسلام : « من شيع » يدل على استحباب التشييع إلى الدفن. قال في المنتهى : أدنى مراتب التشييع. أن يتبعها إلى المصلى فيصلي عليها ثم ينصرف ، وأوسطه. أن يتبع الجنازة إلى القبر. ثم يقف حتى يدفن ، وأكمله الوقوف بعد الدفن ليستغفر له ، ويسأل الله له الثبات على الاعتقاد عند سؤال الملكين انتهى.