محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-103-6
الصفحات: ٤٧١
الجنب من الحرام » (١).
وعن أبي الحسن عليهالسلام : « لا تغتسل من غسالته ، فإنه يغتسل فيه من الزنا » (٢).
أمّا عرق الجنب من الحلال ، والحائض ، والنفساء ، والمستحاضة ، فطاهر إجماعا ، قاله في المعتبر (٣).
وخامسها : المذي ـ في المشهور ـ ونقل فيه الإجماع ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ليس بشيء » (٤) وقول الصادق عليهالسلام : « انما هو بمنزلة النخامة » (٥) ولمرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليهالسلام (٦).
وابن الجنيد : ينجّس المذي عقيب الشهوة وينقض الطهارة (٧) ، لرواية الحسين بن أبي العلاء عن الصادق عليهالسلام : « فاغسله » (٨).
وفي السند منع ، ويحمل على الندب.
والودي ـ بالمهملة ـ الخارج عقيب البول ، والوذي ـ بالمعجمة ـ عقيب المني ، طاهران.
والحديد طاهر إجماعا. وقول الصادق عليهالسلام في من حلق شعره أو قص ظفره بالحديد : « عليه أن يمسحه بالماء » (٩) محمول على الندب ، وما في
__________________
(١) الكافي ٦ : ٥٠٣ ح ٣٨.
(٢) الكافي ٦ : ٤٩٨ ح ١٠.
(٣) المعتبر ١ : ٤١٥.
(٤) التهذيب ١ : ١٧ ح ٣٩ ، الاستبصار ١ : ٩١ ح ٢٩٢.
(٥) الكافي ٣ : ٣٩ ح ١ ، علل الشرائع : ١ : ٢٩٥ ، التهذيب ١ : ٢١ ح ٥٢ ، الاستبصار ١ : ٩٤ ح ٢٠٥.
(٦) التهذيب ١ : ١٩ ح ٤٧ ، الاستبصار ١ : ٩٣ ح ٣٠٠.
(٧) المعتبر ١ : ٤١٧ ، مختلف الشيعة : ١٨.
(٨) التهذيب ١ : ٢٣٥ ح ٧٣١ ، الاستبصار ١ : ١٧٤ ح ٦٠٦.
(٩) التهذيب ١ : ٤٢٥ ح ١٣٥٣ ، الاستبصار ١ : ٩٦ ح ٣١١.
الرواية : « ان الحديث نجس » (١) لتأكيد الاستحباب.
وأمّا الحكم ففيه عشرون بحثا :
الأول : يجب ازالة ما عدا الدم عن الثوب والبدن ، للصلاة ، والطواف ، ودخول المساجد مع التلويث ، لعموم ( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) (٢) وقول النبي عليهالسلام : « جنّبوا مساجدكم النجاسة » (٣).
ومنه يعلم وجوب إزالتها عن المساجد ، وهو فرض كفاية.
هذا مع التلويث ، أمّا مع عدمه فلا ، لجواز دخول الحائض والمستحاضة المسجد والأطفال وهم لا ينفكون عن النجاسة غالبا ، ومنع الكافر لغلظ نجاسته أو لأنّه معرّض للتلويث.
وقال في الخلاف : لا يجوز للجنب والحائض دخول المسجد بالإجماع ، ولم يعتبر التلويث. ثم قال : لا خلاف في ان المساجد يجب ان تجنّب النجاسات (٤).
ويجب إزالة النجاسة أيضا :
عن مسجد الجبهة ، للنص (٥).
وعن المصلّى بأسره عند المرتضى (٦) ، والمساجد السبعة عند أبي الصلاح (٧).
والأقرب : العدم ، لدعوى الشيخ الإجماع على ذلك (٨) ، ولتجويز الصلاة على
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٢٥ ح ١٣٥٣ ، الاستبصار ١ : ٩٦ ح ٣١١.
(٢) سورة المدثر : ٤.
(٣) لاحظناه في تذكرة الفقهاء ١ : ٩١.
(٤) الخلاف ١ : ٥١٣ المسألة : ٢٥٨ ، ٥٢٨ ، ٢٦٠.
(٥) قال في جواهر الكلام ـ بعد أن حكى كلام الشهيد ـ ٦ : ١٠٠ : لعل المراد به موثقة عمار عن الصادق عليهالسلام ، وهي في التهذيب ١ : ٢٧٢ ح ٨٠٢ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ح ٦٧٥.
(٦) المعتبر ١ : ٤٣١.
(٧) الكافي في الفقه : ١٠٦.
(٨) الخلاف ١ : ٥٠٢ المسألة : ٢٤٢.
الشاذ كونة (١) عليها الجنابة بنص الباقر والصادق عليهماالسلام (٢) ، ولا يستقر الوجوب في شيء من ذلك إلاّ مع تعيّن الحاجة إليه.
وعن كلّ مستعمل برطوبة ، في أكل أو شرب ، أو ضوء تحت ظل ، لتحريم النجس ، والنص (٣).
وعمّا أمر الشرع بتعظيمه ، كالمصحف ، والضرائح المقدّسة.
والواجب ذهاب العين والأثر ، ولا عبرة بالرائحة واللون ، لعسر الإزالة ، دفعا للحرج ، والرواية (٤). ويستحب صبغه بالمشق ـ بكسر الميم وإسكان الشين ـ وهو المغرة (٥) ـ بتحريك الغين المعجمة ـ وشبهه ، للنص (٦) لتزول صورته من النفس. ويستحبّ حتّ دم الحيض وقرصه (٧) وليسا بشرطين في الغسل.
ولا يجب العصر في غير القليل من الماء. وفيه يجب ، لوجوب إخراج النجاسة ، والأولى : الشرطية ، لظن انفصال النجاسة مع الماء بخلاف الجفاف المجرد. أمّا بول الصبي فيكفي الصب عليه ، للنص (٨). وفي بول الصبية قول بالمساواة ، والعصر أولى.
الثاني : انما يطهر بالغسل العددي ما يمكن فصل الغسالة عنه كالثوب ويجزئ في الثخين كاللحاف : الدقّ والغمز ، للرواية (٩) ـ فلا تطهر المائعات
__________________
(١) الشاذكونة : ثياب غلاظ مضرّبة تعمل باليمن ، وقيل : انها حصير صغير يتخذ للافتراش. مجمع البحرين ـ مادة شذك.
(٢) التهذيب ١ : ٢٧٤ ح ٨٠٦ ، و ٢ : ٣٦٩ ح ١٥٣٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ ح ١٤٩٩ ، وح ١٥٠٠.
(٣) التهذيب ٢ : ٣٧٢ ح ١٥٤٨.
(٤) الكافي ٣ : ١٧ ح ٩ ، التهذيب ١ : ٢٨ ح ٧٥.
(٥) المغرة : الطين الأحمر الذي يصبغ به. مجمع البحرين ـ مادة مغر.
(٦) التهذيب ١ : ٢٥٧ ح ٧٤٦.
(٧) القرص : الغسل بأطراف الأصابع .. وقيل : هو القلع بالظفر ونحوه. مجمع البحرين ـ مادة قرص.
(٨) الكافي ٣ : ٥٦ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٢٤٩ ح ٧١٥ ، الاستبصار ١ : ١٧٣ ح ٦٠٢.
(٩) قال البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٣٧٠ : والذي وقفت عليه مما يتعلق بهذا المقام روايات
والقرطاس والطين ولو ضربت بالماء إلاّ في الكثير.
وفي طهارة الدهن في الكثير وجه اختاره الفاضل في تذكرته ، وكذا العجين إذا رقّق وتخلّله الماء (١) ، وفي صحاح ابن أبي عمير المرسلة عن الصادق عليهالسلام طهره بالخبز (٢) والبيع (٣) والدفن (٤) وهي مشعرة بسد باب طهارته بالماء ، إلاّ أن يقيّد بالمعهود من القليل.
والظاهر : طهارة الحنطة واللحم وشبهه ـ مما طبخ بالماء النجس ـ بالكثير إذا علم التخلل ، وكذا الجلد المدهون بالنجس.
وفي طهارة الحديد المشرب بالنجس ، بتشريبه بالماء الطاهر ، احتمال مع كثرة الماء بل ومع قلته ، لملاقاة الطاهر ما لاقى النجس. ويمكن طهره كالآجر ، لما يأتي.
الثالث : يكفي الغسل مرة في غير الإناء ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في دم الحيض : « حتّيه ثم اغسليه » (٥) وكذا أوامر الغسل ، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار.
أمّا البول فيجب تثنيته ، لقول الصادق عليهالسلام في الثوب يصيب البول : « اغسله مرتين ، الأول : للإزالة ، والثاني : للإنقاء » (٦).
ولو قيل في الباقي كذلك كان أولى ، لمفهوم الموافقة ـ فان نجاسة غير البول أشد ـ وظاهر التعليل. وتستحب الثالثة ، وفي المبسوط : لا يراعى العدد إلاّ في
__________________
ثلاث ، وهي لا تعرض في شيء منها لما ذكروه من الدق والتغميز والتقليب. وقال الشيخ محمد حسن في جواهر الكلام ٦ : ١٤٤ : ولم نعثر فيما وصل إلينا من الروايات على شيء من ذلك.
(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٩.
(٢) الفقيه ١ : ١١ ح ١٩ ، التهذيب ١ : ٤١٤ ح ١٣٠٤ ، الاستبصار ١ : ٢٩ ح ٧٥.
(٣) التهذيب ١ : ٤١٤ ح ١٣٠٥ ، الاستبصار ١ : ٢٩ ح ٧٦.
(٤) التهذيب ١ : ٤١٤ ح ١٣٠٦ ، الاستبصار ١ : ٢٩ ح ٧٧.
(٥) راجع : تلخيص الحبير ١ : ٤٧ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٧.
وألحت : ان يحك بطرف حجر أو عود مجمع البحرين ـ مادة حتت.
(٦) عوالي اللئالي ١ : ٣٤٨ ح ١٣١ ، وراجع الحدائق الناضرة ٥ : ٣٥٩.
الولوغ (١).
أمّا الإناء ، فالإجماع على الثلاث في ولوغ الكلب ، ولخبر الفضل عن الصادق عليهالسلام : « اغسله بالتراب أول مرة ، ثم بالماء مرتين » (٢).
وابن الجنيد أوجب سبعا (٣) ، للخبر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤) ولقول الصادق عليهالسلام : « يغسل من الخمر سبعا ، وكذا الكلب » (٥).
ويعارض بما روي من التخيير بينها وبين الخمس والثلاث (٦) ، فيحمل على الندب.
ويجب التراب في الأولى ، لخبر الفضل (٧). والمفيد : الوسطى (٨).
والراوندي وابن إدريس : تمزج بالماء ، تحصيلا لحقيقة الغسل (٩).
قلنا : لا ريب في انتفاء الحقيقة على التقديرين ، والخبر مطلق فلا ترجيح ، وازالة اللعاب حاصلة بهما.
ولا يجزئ غير التراب إلاّ للضرورة ، للنص. وابن الجنيد خيّر (١٠).
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٧.
(٢) أخرجه المحقق في المعتبر ١ : ٤٥٨ ، والعلامة في مختلف الشيعة : ٦٣. وفي التهذيب ١ : ٢٢٥ ح ٦٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٩ ح ٤٠ ، بدون كلمة : « مرتين ». راجع في ذلك : الحدائق الناضرة ٥ : ٤٧٧ ، جواهر الكلام ٦ : ٣٥٥.
(٣) المعتبر ١ : ٤٥٨.
(٤) صحيح مسلم ١ : ٢٣٤ ح ٩٠ ، ٩١ ، الجامع الصحيح ١ : ١٥١ ح ٩١ ، سنن الدار قطني ١ : ٦٣ ، السنن الكبرى ١ : ٢٤٠.
(٥) التهذيب ٩ : ١١٦ ح ٥٠٢.
(٦) سنن الدار قطني ١ : ٦٥ ، السنن الكبرى ١ : ٢٤٠.
(٧) راجع الهامش ٥.
(٨) المقنعة : ٩.
(٩) السرائر : ١٥.
(١٠) مختلف الشيعة : ٦٤.
ومباشرة الكلب بباقي أعضائه كولوغه ، عند المفيد (١) وابن بابويه (٢). والمشهور خلافه.
والأولى اعتبار تقدّم التراب في الجاري والكثير ـ ثم لا يشترط فيهما العدد ، خلافا للشيخ (٣) ـ لإطلاق الأمر بالتراب ، ولعلّه تعبّد. ولو قلنا : إنّه لإزالة النجاسة ، كفى زوالها.
وهو اختيار الفاضل ، لظاهر رواية عمار عن الصادق عليهالسلام في غسل الإناء : « بماء يصبّ فيه ثم يحرّك فيه ، ثم يفرغ ثم يصبّ فيه ماء ثم يفرغ ، ثم يصب فيه ماء آخر » (٤) ، فان مفهومه : ان العدد مع صب الماء.
ولا يتكرر الغسل بتكرر الولوغ. نعم ، يعاد بولوغ في الأثناء. ولو نجس بغيره في الأثناء ، كفى الإتمام إن لم نوجب الثلاث في الإناء ، وإلاّ استؤنف ثلاثا بالماء.
ولا يعتبر التراب فيما نجس بماء الولوغ ، ولا الجفاف ، خلافا للشيخ (٥).
والخنزير لا يساويه ، خلافا للشيخ في المبسوط ، لتسميته كلبا ، ولعدم الفارق (٦).
والأقرب : السبع فيه بالماء ، لنص الكاظم عليهالسلام (٧).
__________________
(١) المقنعة : ٩.
(٢) الفقيه : ١ : ٨ ، المقنع : ١٢.
(٣) المبسوط ١ : ١٤ ، الخلاف ١ : ١٨١ المسألة : ١٣٦.
(٤) مختلف الشيعة : ٦٤.
وحديث الصادق عليهالسلام في التهذيب ١ : ٢٨٤ ح ٨٣٢.
(٥) لعل المراد بـ ( الشيخ ) : المفيد ـ بخلاف المتعارف من إطلاق ( الشيخ ) على الطوسي ـ فيه وبالصدوقين انحصر اعتبار الجفاف ـ راجع : المقنعة : ٩ ، الفقيه ١ : ٨ ، المعتبر ١ : ٤٥٨ ، الحدائق الناضرة : ٥ : ٤٨٣.
(٦) المبسوط ١ : ١٥ ، الخلاف ١ : ١٨٦ المسألة : ١٤٣.
(٧) التهذيب ١ : ٢٦١ ح ٧٦٠.
وكذا الخمر والمسكر والجرذ ، للخبرين عن الصادق عليهالسلام (١).
وفي المعتبر : ثلاث فيهما ، لرواية عمار عن الصادق عليهالسلام في الخمر ، واحتمل فيه أن تحمل السبع على الجرذ فلا يتناول الفأرة ، ثم رجع إلى المرة (٢) كما يأتي.
ويغسل الإناء من غير ذلك ثلاثا ، لرواية عمار عن الصادق عليهالسلام في الكوز والإناء : يصب فيه الماء ويفرغ ثلاثا (٣).
وفي المعتبر والمختلف : يكفي المرّة فيما عدا الولوغ ، لحصول الغرض من الإزالة ، وضعف رواية عمار (٤).
قلنا : قد يعلم المذهب بالرواية الضعيفة ، وخصوصا مع نقل الشيخ الإجماع (٥).
ولا ريب في عدم اعتبار العدد في الجاري والكثير في غير الولوغ.
وقول ابن بابويه : باعتبار المرتين في الراكد دون الجاري (٦) ، لحسنة محمّد بن مسلم عن الصادق عليهالسلام (٧) محمول على الناقص عن الكر أو على الندب ، لتغاير المياه في الجاري ، فكأنّه غسل أكثر من مرّة بخلاف الراكد.
ولا فرق في آنية الخمر بين المغضور (٨) وغيره ، لإطلاق الرواية (٩). ونهى
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٨٤ ح ٨٣٢ ، و ٩ : ١١٦ ح ٥٠٢.
(٢) المعتبر ١ : ٤٦٠ ـ ٤٦١. ورواية عمار في التهذيب ١ : ٢٨٣ ح ٨٣٠ و ٩ : ١١٥ ح ٥٠١.
(٣) راجع الهامش ٤ صحيفة ١٢٦.
(٤) المعتبر ١ : ٤٦١ ، مختلف الشيعة : ٦٤.
(٥) قال في مفتاح الكرامة ١ : ١٩٧ ـ بعد نقل إجماع الشيخ عن المصنف ـ : ولعله أشار إلى ما في الخلاف ١ : ٢٧ المسألة ١٣٨ من قوله : إذ مع الغسلات الثلاث يحصل الإجماع على طهارته .. والشيخ انما استدل على ذلك بالخبر والاحتياط ولم يستدل بالإجماع.
(٦) الفقيه : ١ : ٤٠.
(٧) التهذيب ١ : ٢٥٠ ح ٧١٧.
(٨) المغضور : الإناء المطلي بطين اخضر لازق يمنع خروج شيء منه أو نفوذ شيء إليه ، لاحظ : لسان العرب ـ مادة غضر.
(٩) الكافي ٦ : ٤١٨ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٢٨٣ ح ٨٢٩ ، و ٩ : ١١٥ ح ٤٩٩ ، ٥٠٠.
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الخشب (١) للتنزيه.
وأمّا البدن فيصبّ عليه مرتين ، لقول الصادق عليهالسلام في البول يصيب الجسد : « يصب عليه مرتين ، فإنما هو ماء » (٢) وفيه اشعار بعدم الدلك فيه ، ولو احتيج الى الدلك في غيره وجب. ويكفي في المرتين تقديرهما كالماء المتصل.
الرابع : تطهر الأرض والحصر والبواري بتجفيف الشمس ، من نجاسة البول وشبهه ، والخمر في الأقرب ، لقول الصادق عليهالسلام : « ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر » (٣) وفي رواية عمار عنه عليهالسلام : « البول وغيره » (٤).
وقال الراوندي وابن حمزة : يجوز الصلاة عليها ولا تطهر (٥). ومال إليه المحقق ، لروايتي عمار وعلي بن جعفر ، عن الصادق والكاظم عليهماالسلام ، بجواز الصلاة (٦).
ومنع الراوندي من طهارة غير الثلاثة (٧) ، والخبر يدفعه ، لشموله : البناء ، والشجر ، وشبههما. نعم ، لا يطهر المنقول عادة غير الأخيرين (٨) اقتصارا على المتيقن.
وفي الخلاف : الريح المزيل للعين تطهّر ، وأوّل بإرادة ذهاب الأجزاء
__________________
(١) راجع الهامش السابق.
(٢) الكافي ٣ : ٥٥ ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٤٩ ح ٧١٤.
(٣) التهذيب ١ : ٢٧٣ ح ٨٠٤ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ح ٦٧٧ ، عن الباقر عليهالسلام.
(٤) التهذيب ١ : ٢٧٣ ح ٨٠٢ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ح ٦٧٥.
(٥) الوسيلة ٧٦ ، وحكاه عن الراوندي : المحقق في المعتبر ١ : ٤٤٦ ، والعلامة في مختلف الشيعة : ٦١.
(٦) المعتبر ١ : ٤٤٦. ورواية عمار تقدمت في الهامش ١٠ ، ورواية علي بن جعفر في التهذيب ١ : ٢٧٣ ح ٨٠٣ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ، ح ٦٧٦.
(٧) مختلف الشيعة : ٦١.
(٨) في س : غير الأخير من الحصر والبواري. ولعل ( من ) تصحيف لعلامة التثنية ، والحصر والبواري مقحمة إذ في « م » وردت تحت : « الأخيرين ».
المنجّسة ، لحكمه فيه : أنه لا تطهر الأرض بجفاف غير الشمس (١)
وقطع في المبسوط بعدم الطهارة بتجفيف الريح ، وبطهارة حجر الاستنجاء بالشمس (٢).
ولا تطهر المجزرة (٣) والكنيف بالشمس ، لبقاء العين غالبا ، وكذا كل ما يبقى فيه العين.
الخامس : يطهر باطن القدم وباطن النعل والخف بالأرض ، سواء مشى عليها أو لا ، للخبر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في النعلين : « فليمسحهما وليصلّ فيهما » (٤).
وقوله عليهالسلام : « إذا وطأ أحدكم الأذى بخفّيه ، فان التراب له طهور » (٥).
وقول الباقر عليهالسلام في العذرة يطؤها برجله : « يمسحها حتى يذهب أثرها » (٦).
ولا يشترط جفاف النجاسة ، ولا كونها ذات جرم ، للعموم. نعم ، يشترط طهارة الأرض.
ولا حصر في المشي ، وابن الجنيد : نحو خمس عشرة ذراعا ، وهو مروي عن الصادق عليهالسلام (٧).
وحكم الصنادل حكم النعل ، لأنّها مما ينتعل.
السادس : لا خلاف في طهارة النّطفة والعلقة والبيضة بصيرورتها حيوانا.
__________________
(١) الخلاف ١ : ٢١٨ المسألة : ١٨٦.
(٢) المبسوط ١ : ١٧ ، ٩٣.
(٣) المجزرة : موضع الجزر ونحر الإبل. مجمع البحرين ـ مادة جزر.
(٤) سنن أبي داود ١ : ١٧٥ ح ٦٥٠ ، شرح معاني الآثار ١ : ٥١١ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٠٢.
(٥) سنن أبي داود ١ : ١٠٥ ح ٣٨٥ ، المستدرك على الصحيحين ١ : ١٦٦ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٣٠.
(٦) التهذيب ١ : ٢٧٥ ح ٨٠٩.
(٧) الكافي ٣ : ٣٨ ح ١.
وتطهّر النار ما أحالته رمادا ، لنقل الشيخ الإجماع (١) ولكتابة أبي الحسن عليهالسلام في الجصّ يوقد عليه بالعذرة : « إن الماء والنار قد طهّراه » (٢). وكذا الدخان للإجماع على عدم توقّي دواخن الأعيان النجسة.
ولو صار آجرا أو خزفا ، طهر عند الشيخ أيضا ، لجريانه مجرى الرماد (٣).
وكذا لو استحالت العين النجسة ـ كالعذرة ، والميتة ـ ترابا ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « التراب طهور » (٤). ولو صارت ملحا أمكن ذلك ، لزوال الاسم والصورة.
السابع : تطهر الأرض بما لا ينفعل من الماء بالملاقاة. وفي الذنوب (٥) قول لنفي الحرج ، ولأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم به في الحديث المقبول (٦). والتأويل بالكر ، وذهاب الرائحة ، والأعداد للشمس ، بعيد.
نعم ، روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بإلقاء التراب الذي أصابه البول ، وصبّ الماء على مكانه (٧).
والشيخ حكم بطهارة الأرض التي يجري عليها وإليها ، قال : ويتعدّد بتعدّد البول (٨) وتبعه ابن إدريس في الجميع (٩).
الثامن : لو طهّر بعض الثوب النجس ، أو شيئا من البدن النجس طهر ،
__________________
(١) الخلاف ١ : ٥٠٠ المسألة : ٢٣٩.
(٢) الكافي ٣ : ٣٣٠ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٧٥ ح ٨٢٩ ، التهذيب ٢ : ٢٣٥ ح ٩٢٨ ، و ٣٠٦ ح ١٢٣٧.
(٣) الخلاف ١ : ٤٩٩ المسألة : ٢٣٩ ، المبسوط ١ : ٩٤.
(٤) سنن أبي داود ١ : ١٠٥ ح ٣٨٥ ، المستدرك على الصحيحين ١ : ١٦٦ ، السنن الكبرى ٤٣٠٢.
(٥) الذنوب : في الأصل الدلو العظيم ، لا يقال لها ذنوب الا وفيها ماء. مجمع البحرين ـ مادة ذنب.
(٦) مسند أحمد ٣ : ١١٠ ، صحيح البخاري ١ : ٦٥ ، صحيح مسلم ١ : ٣٣٦ ح ٢٨٤ ، مسند أبي عوانة ١ : ٢١٤.
(٧) سنن أبي داود ١ : ١٠٤ ح ٣٨١ ، سنن الدار قطني ١ : ١٣٢ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٢٨.
(٨) المبسوط ١ : ٩٢.
(٩) السرائر : ٣٧.
قطع به : الشيخ (١) والمحقق (٢) والفاضل (٣). وتوهّم السريان مدفوع : بطهارة السمن والزّيت بإلقاء المنجّس منه خاصّة ، ولزوم نجاسة العالم كلّه بنجاسة موضع منه.
التاسع : لو اشتبه موضع النجاسة غسل كل ما يمكن ، لتيقن الخروج عن العهدة ولا يتحرى. ولو كان بعدد غير محصور فلا ، للعسر.
العاشر : الظاهر : اشتراط ورود الماء على النجاسة ، لقوته بالعمل ، إذ الوارد عامل ، وللنهي عن إدخال اليد في الإناء قبل الغسل (٤) ، فلو عكس نجس الماء ولم يطهر. وهذا ممكن في غير الأواني وشبهها مما لا يمكن فيه الورود ، الاّ ان يكتفى بأول وروده.
مع ان عدم اعتباره مطلقا متوجه ، لأن امتزاج الماء بالنجاسة حاصل على كل تقدير ، والورود لا يخرجه عن كونه ملاقيا للنجاسة.
وفي خبر الحسن بن محبوب ، عن أبي الحسن عليهالسلام ، في الجصّ يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى : « ان الماء والنار قد طهّراه » (٥) تنبيه عليه.
الحادي عشر : يطهر الكافر بإسلامه إجماعا ـ ولو كان عن ردّة فطريّة على الأشبه ـ لا ما كان قد باشره ، ولا ثيابه التي عليه.
الثاني عشر : يطهر الدم بانتقاله إلى البعوض والبرغوث ، لسرعة استحالته الى دمها.
وتطهر البواطن كلّها بزوال العين لرفع الحرج ، وهو مروي عن الصادق عليهالسلام في الأنف عليه الدم : « انما عليه ان يغسل ما ظهر منه » (٦) وكان
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٧.
(٢) المعتبر ١ : ٤٥٠.
(٣) تذكرة الفقهاء ١ : ٩.
(٤) تقدم في ص ٧٢ الهامش ٥.
(٥) الكافي ٣ : ٣٣٠ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٧٥ ح ٨٢٩ ، التهذيب ٢ : ٢٣٥ ح ٩٢٨ ، ٣٠٤ ح ١٢٢٧.
(٦) الكافي ٣ : ٥٩ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٤٢٠ ح ١٣٣٠.
السؤال عن باطنه.
وتطهر أدوات الاستنجاء والاستبراء ، وقد مر النزح ، والنقص ، والتراب في الولوغ. اما الغيبة فلا.
نعم ، لو علم المكلّف بالنجاسة ، ثم مضى زمان يمكن فيه الإزالة ، حكم بالطهارة ، لظاهر تنزه المسلم عن النجاسة.
الثالث عشر : طهّر المرتضى الصقيل ـ كالسيف والمرآة ـ بالمسح (١) ، لصلابتها فلا يتداخلها شيء من النجاسة. ومنعه الشيخ ، لعدم ورود الشرع به (٢).
الرابع عشر : روي عن علي عليهالسلام : « لا بأس ان يغسل الدم بالبصاق » (٣) وهو في الضعيف ، وعمل به ابن الجنيد (٤) وحمل على دم طاهر (٥). نعم ، لو جعل الماء في فيه وغسل به جاز ، للخبر عن الكاظم عليهالسلام (٦).
الخامس عشر : لا تتعدّى النجاسة مع اليبوسة ، وهو منصوص في الكلب والخنزير والكافر (٧).
وفي المرسل عن أبي عبد الله عليهالسلام : « انضحه يابسا » (٨) وهو للندب ، وحمله ابن حمزة على الوجوب (٩) وقال عليهالسلام : « كل يابس ذكي » (١٠).
__________________
(١) المعتبر ١ : ٤٥٠ ، مختلف الشيعة : ٦٣.
(٢) الخلاف ١ : ٤٧٩ المسألة : ٢٢٢.
(٣) التهذيب ١ : ٤٢٥ ح ١٣٥٠.
(٤) مختلف الشيعة : ٦٣.
(٥) العلامة في مختلف الشيعة : ٦٣.
(٦) التهذيب ١ : ٤٢٣ ح ١٣٤٣.
(٧) راجع في الموارد الثلاث : الكافي ٣ : ٦٠ ، التهذيب ١ : ٢٦٠ ح ٧٥٧ ، ٧٦٠ ، ٧٦٤ ، قرب الاسناد : ٨٩ ، ٩٦.
(٨) الكافي ٣ : ٦٠ ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٦٠ ح ٧٥٦.
(٩) الوسيلة : ٧٣.
(١٠) التهذيب ١ : ٤٩ ح ١٤١ ، الاستبصار ١ : ٥٧ ح ١٦٧.
أمّا الميت فقد قيل بالتعدي مطلقا ، لعموم قول الصادق عليهالسلام : « فاغسل ما أصاب ثوبك منه » (١) وترك الاستفصال دليل العموم.
وكذا الميتة ؛ لمرسل يونس عن الصادق عليهالسلام ، في مس شيء من السباع أو الثعلب والأرنب حيا أو ميتا : « يغسل يده » (٢). والتسوية بين الحي والميت تشعر بالاستحباب ، لطهارة المذكورة حال الحياة ، فيحمل على اليبوسة ـ للفرق مع الموت ـ والرطوبة قطعا.
والشيخ في المبسوط بعد إطلاقه نجاسة الثوب الملاقي للميت ، قال : كل نجاسة أصابت الثوب أو البدن وكانت يابسة لا يجب غسلها ، وانما يستحب مسح اليد بالتراب أو نضح الثوب (٣).
وعن الكاظم عليهالسلام في الثوب يقع على خنزير ميت ، أيصلّي فيه؟ « لا بأس » (٤).
وقال عليهالسلام في كلب ميت يقع عليه الثوب : « ينضحه ويصلّي فيه » (٥) وحمله في التهذيب على صيرورته عظما بعد سنة (٦) ، لقول الصادق عليهالسلام : « عظم الميت إذا جاز سنة فلا بأس » (٧). وكل هذا يشعر بعدم النجاسة باليبوسة.
السادس عشر : لا يطهر جلد الميتة بالدباغ ، إجماعا ، وبه أخبار متواترة ، مثل : قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تنتفعوا من الميتة بشيء » (٨).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦١ ح ٥ ، ١٦١ ح ٧.
(٢) الكافي ٣ : ٦٠ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٢٦٢ ح ٧٦٣ ، و ٢٧٧ : ٨١٦.
(٣) المبسوط ١ : ٣٧ ـ ٣٨.
(٤) التهذيب ١ : ٢٧٦ ح ٨١٣ وفيه : « حمار ميت ».
(٥) الفقيه ١ : ٤٣ ح ١٦٩ ، التهذيب ١ : ٢٧٧ ح ٨١٥ ، الاستبصار ١ : ١٩٢ ح ٦٧٤.
(٦) التهذيب ١ : ٢٧٦ ذيل الحديث ٨١٣.
(٧) الكافي ٣ : ٧٣ ح ١٣ ، التهذيب ١ : ٢٧٧ ح ٨١٤ ، الاستبصار ١ : ١٩٢ ح ٦٧٣.
(٨) شرح معاني الآثار ١ : ٤٦٨ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٢ : ٢٨٦ ح ١٢٧٦ ، نيل الأوطار ١ : ٧٨ عن البخاري في تاريخه.
وقول الباقر عليهالسلام : « لا ، ولا ، ولو دبغ سبعين مرة » (١).
وقول الصادق عليهالسلام : « لا تصلّ في شيء منه ، ولا شسع » (٢).
والشلمغاني وابن الجنيد طهّرا بالدبغ ما كان طاهرا في حال الحياة (٣) لما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أيّما إهاب دبغ فقد طهر » (٤) ولخبر شاة ميمونة (٥).
وعن الصادق عليهالسلام في جلد الميتة : « يدبغ ويتوضأ منه ، ولا يصلّي فيه » (٦).
والصدوق أرسل عن الصادق عليهالسلام في جلود الميتة : « تجعل فيها ما شئت من لبن أو سمن ، وتتوضأ منه وتشرب ، ولا تصلّ فيها » (٧).
ولم يذكر الدبغ ، وهو أغرب من الأول وأشذ ، والشاذ لا يعارض المتواتر ، مع عدم معرفة صحّة السند وصحة معارضه ، كصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليهالسلام : « زعموا ان دباغ جلد الميتة ذكاته ، ثم لم يرضوا ان يكذبوا في ذلك الاّ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٨).
وفي صحاح العامة : كتب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى جهينة : « كنت رخصت لكم في جلود الميتة ، فإذا جاءكم كتابي هذا ، فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٦٠ ح ٧٥٠ ، التهذيب ٢ : ٢٠٣ ح ٧٩٤.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٠٣ ح ٧٩٣.
(٣) مختلف الشيعة : ٦٤.
(٤) المصنف لعبد الرزاق ١ : ٦٣ ح ١٩٠ ، مسند أحمد ١ : ٢١٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٨٥ ، صحيح مسلم ١ : ٢٧٧ ح ٣٦٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٣ ح ٣٦٠٩ ، سنن أبي داود ٤ : ٤٦ ح ٤١٢٣.
(٥) المصنف لعبد الرزاق ١ ٦٢ ح ١٨٤ ، الموطأ ٢ : ٤٩٨ ح ، مسند أحمد ١ : ٣٢٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٧٦ ح ٣٦٣ ، سنن أبي داود ٤ : ٦٥ ح ٤١٢٠ ، سنن النسائي : ٧ : ١٧٨.
(٦) التهذيب ٩ : ٧٨ ح ٣٣٢ ، الاستبصار ٤ : ٩٠ ح ٣٤٣ ، باختصار في الألفاظ.
(٧) الفقيه ١ : ٩ ح ١٥.
(٨) الكافي ٣ : ٣٩٨ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٠٤ ح ٧٩٨.
ولا عصب » وكان ذلك قبل موته بشهر أو شهرين (١) فيكون ناسخا للمتقدم ان صح. وخبر شاة ميمونة (٢) أو سودة بنت زمعة (٣) مأوّل بقول الصادق عليهالسلام : « ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا بإهابها ، أي : بالذكاة ، وكانت مهزولة » (٤) وهو أعرف بالنقل.
وابن الجنيد وأفق على عدم جواز الصلاة فيه وان دبغ (٥).
ولا ينتفع بجلد الميتة أيضا في اليابس ، لعموم ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) (٦) ، و « لا تنتفعوا » (٧).
السابع عشر : الأصح وقوع الذكاة على الطاهر في حال الحياة كالسباع ، لعموم ( إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ ) (٨) وقول الصادق عليهالسلام : « لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه ، ذكّاه الذبح أو لم يذكّه » (٩) فيتطهر بالذكاة.
والمشهور : تحريم استعماله حتى يدبغ. والفاضلان جعلاه مستحبا ، لطهارته ، وإلاّ لكان ميتة فلا يطهره الدبغ (١٠).
وليكن الدبغ بالطاهر ، كالقرظ ، وهو : ورق السلم ، والشث ـ بالشين
__________________
(١) مسند أحمد ٤ : ٣١٠ ، سنن أبي داود ٤ : ٦٧ ح ٤١٢٨ ، الجامع الصحيح ٤ : ٢٢٢ ح ١٧٢٩ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٢ : ٢٨٦ ح ١٢٧٤ ، السنن الكبرى ١ : ١٥.
(٢) راجع ص ١٣٤ الهامش ٥.
(٣) الكافي ٣ : ٣٩٨ ح ٦ ، و ٦ : ٢٥٩ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٢٠٤ ح ٧٩٩.
(٤) راجع الهامش السابق.
(٥) مختلف الشيعة : ٧٩.
(٦) سورة المائدة : ٣.
(٧) راجع ص ١٣٣ الهامش ٨.
(٨) سورة المائدة : ٣.
(٩) الكافي ٣ : ٣٩٧ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٢٠٩ ح ٨١٨ ، الاستبصار ١ : ٣٨٣ ح ١٤٥٤ ، باختلاف في ألفاظ الحديث.
(١٠) المعتبر ١ : ٤٦٦ ، مختلف الشيعة : ٦٥.
والثاء المعجمتين المثلثتين ـ وهو : نبت طيب الريح مر الطعم يدبغ به ، قاله الجوهري (١) وقيل : بالباء الموحدة تحت ، وهو يشبه الزاج. والأصل فيهما ما روي من قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أليس في الشث والقرظ ما يطهره » (٢).
ولا يجوز بالنجس ، فلا يطهر عند ابن الجنيد (٣).
والأجود : انه يكفي فيما يحتاج إلى الدبغ ، ولكن لا يستعمل إلاّ بعد طهارته ، لقول الرضا عليهالسلام في جلود الدارش ـ بالراء المهملة ، والشين المعجمة ـ : « لا تصلّ فيه ، فإنها تدبغ بخرء الكلاب » (٤).
الثامن عشر : عفي عن الدم في الثوب والبدن عما نقص عن سعة الدرهم الوافي. وهو البغلي ـ بإسكان الغين ـ وهو منسوب الى رأس البغل ، ضربه للثاني في ولايته بسكة كسرويّة ، وزنته ثمانية دوانيق ، والبغلية كانت تسمى قبل الإسلام الكسرويّة ، فحدث لها هذا الاسم في الإسلام والوزن بحاله ، وجرت في المعاملة مع الطبريّة ، وهي أربعة دوانيق ، فلما كان زمن عبد الملك جمع بينهما واتّخذ الدرهم منهما ، واستقر أمر الإسلام على ستة دوانيق ، وهذه التسمية ذكرها ابن دريد.
وقيل : منسوب الى بغل ـ قرية بالجامعين ـ كان يوجد بها دراهم يقرب سعتها من أخمص الراحة ، لتقدم الدراهم على الإسلام.
قلنا : لا ريب في تقدّمها ، وانّما التسمية حادثة ، فالرجوع الى المنقول أولى.
وانما يعفى عنه لصحيح عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق عليهالسلام : « يغسله ولا يعيد صلاته ، إلاّ أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا ، فيغسله ويعيد » (٥) ونقل فيه الإجماع (٦).
__________________
(١) الصحاح ١ : ٢٨٥.
(٢) تلخيص الحبير ١ : ٢٩٣.
(٣) المعتبر ١ : ٤٦٦ ، مختلف الشيعة : ٦٥.
(٤) الكافي ٣ : ٤٠٣ ح ٢٥ ، التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥٢ ، علل الشرائع : ٣٤٥.
(٥) التهذيب ١ : ٢٥٥ ح ٧٤٠ ، الاستبصار ١ : ١٧٦ ح ٦١١.
(٦) كالعلامة في مختلف الشيعة : ٦٠.
والغسل في الرواية ان وجب ينافي الحكم بالعفو.
والمتفرق ، المشهور : انه عفو ، وإلحاقه بالمجتمع أولى ، لظاهر الخبر.
واعتبر بعضهم المتفاحش (١) وهو : الزائد عن الحد عادة.
وسلار : يعفى عن سعته (٢).
وابن أبي عقيل : إذا كان بسعة الدينار غسله ولم يعد الصلاة (٣) لحسن محمد ابن مسلم ، قلت له : الدم يكون في الثوب : « لا إعادة ما لم يزد على مقدار الدرهم » (٤).
وابن الجنيد قدّر الدرهم بعقد الإبهام ، وطرد الحكم في جميع النجاسات بالعفو عما دونه الا دم الحيض والمني ، وقطع بان الثوب لا ينجس بذلك (٥).
ويعفى عن دم الجرح والقرح لا يرقأ وان كثر ، لقول الصادق عليهالسلام : « يصلي وان كانت الدماء تسيل » (٦) وصلّى به عليهالسلام وقال : « لست أغسل ثوبي حتى تبرأ » (٧).
فرع :
لو تعاقب هذا الدم بفترة تسع الصلاة ، فالأقرب : إزالته والصلاة ، لزوال الضرورة. ويظهر من الرواية عدمه.
__________________
(١) في س ، ط : التفاحش.
(٢) المراسم : ٥٥.
(٣) المعتبر ١ : ٤٣٠ ، مختلف الشيعة : ٦٠.
(٤) الكافي ٣ : ٥٩ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٦١ ح ٧٥٨ ، التهذيب ١ : ٢٥٤ ح ٧٣٦ ، الاستبصار ١ : ١٧٥ ح ٦٠٩ ، باختصار في الألفاظ.
(٥) مختلف الشيعة : ٥٩.
(٦) التهذيب ١ : ٢٥٦ ح ٧٤٤ ، ٣٤٨ ح ١٠٢٥ ، الاستبصار ١ : ١٧٧ ح ٦١٥ ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام.
(٧) التهذيب ١ : ٢٥٨ ح ٧٤٧ ، الاستبصار ١ : ١٧٧ ح ٦١٦.
واستثني دم الحيض في المشهور ، وهو في موقوف أبي بصير : « لا تعاد الصلاة من دم لم تبصره الا دم الحيض ، فإن قليله وكثيره في الثوب ، لمن رآه ومن لم يره ، سواء » (١).
والحق به دم الاستحاضة والنفاس (٢) لتساويها (٣) في إيجاب الغسل ، وهو يشعر بالتغليظ ، ولأنّ أصل النفاس حيض ، والاستحاضة مشتقة منه.
وألحق الراوندي والفاضل دم نجس العين (٤) لأن نجاسته لا عفو فيها.
وأنكره ابن إدريس ، قضية للظاهر (٥).
فروع :
الأول : لو تفشّى الدم ، فواحد إن رقّ الثوب ، والا تعدّد.
الثاني : لو أصابه نجاسة أخرى فلا عفو ، وان اصابه مائع طاهر فالعفو قوي ، لأن المنجس بشيء لا يزيد عليه ، ولمسّ الحاجة.
الثالث : لا فرق بين المسجد وغيره ، لما مر من اعتبار التلويث.
وعفي عن مطلق النجاسة فيما لا تتم الصلاة فيه وحده ، لقول الصادق عليهالسلام : « كل ما كان على الإنسان أو معه ، مما لا يجوز الصلاة فيه ، فلا بأس ان يصلي فيه وان كان فيه قذر ، مثل : القلنسوة ، والتكّة ، والنعل ، والخفين ، وما أشبه ذلك » (٦). والخبر وان أرسل الا أنّه متأيّد بغيره وبالعمل.
واقتصر الراوندي على ما في الرواية والجورب (٧) ولفظ « مثل » ، و « ما أشبه
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٠٥ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٢٥٧ ح ٧٤٥.
(٢) كالشيخ في المبسوط ١ : ٣٥.
(٣) في س : لتساويهما.
(٤) السرائر : ٣٥ ، مختلف الشيعة : ٦٠.
(٥) السرائر : ٣٥.
(٦) التهذيب ١ : ٢٧٥ ح ٨١٠.
(٧) مختلف الشيعة : ٦١.
ذلك » يأباه.
وألحق الصدوقان العمامة (١). وقيّدها بعضهم بالصغر (٢). واشترط الفاضل كونها في محالها (٣) ويمنعه قوله عليهالسلام : « أو معه ».
وظاهرهم اعتبار الملابس ، فلا يعفى عن محمول ، والرواية مشعرة بالعموم ، وقد أومأ إليه في المعتبر (٤).
وعفي عن نجاسة ثوب المربية للصبي ذات الثوب الواحد إذا غسلته كل يوم مرة ، عن الصادق عليهالسلام (٥) والليلة تابعة ، ولتتحر إقلال النجاسة بجهدها. ولا يعفى عن نجاسته بغير الصبي ، والأولى : دخول الصبية ، للمشقة ، ولأن السؤال عن مولود ، ودخول المربّي ، والمتعدد.
وعفي عن خصيّ يتواتر بوله بعد غسل ثوبه مرّة في النهار ، وان ضعفت الرواية عن الكاظم عليهالسلام (٦) للحرج.
التاسع عشر : لو تعذّر الستر بغير ثوب نجس تعذّر تطهيره ، فالمشهور : الصلاة عاريا إلا لضرورة ، لقول الصادق عليهالسلام : « يطرحه ويومئ » (٧). وحمل قول الصادق والكاظم عليهماالسلام : « يصلّى فيه » (٨) على الضرورة. والتخيير قوي ، لتعارض الستر والقيام ، واستيفاء الافعال والمانع.
وروى عمار عن الصادق عليهالسلام : « إعادة ما صلى فيه » (٩) وتحمل على
__________________
(١) الفقيه ١ : ٤٢ ، الهداية : ١٥ ، وحكاه عن علي بن بابويه : العلامة في مختلف الشيعة : ٦١.
(٢) كالراوندي ، كما في المعتبر ١ : ٤٣٥.
(٣) تحرير الأحكام ١ : ٢٤ ، مختلف الشيعة : ٦١ ، منتهى المطلب ١ : ١٧٤.
(٤) المعتبر ١ : ٤٣٤.
(٥) الفقيه ١ : ٤١ ح ١٦١ ، التهذيب ١ : ٢٥٠ ح ٧١٩.
(٦) الكافي ٣ : ٢٠ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٤٣ ح ١٦٨ ، التهذيب ١ : ٣٥٣ ح ١٠٥١ ، و ٤٢٥ ح ١٣٤٩.
(٧) التهذيب ١ : ٤٠٦ ح ١٢٧٨ ، و ٢ : ٢٢٣ ح ٨٨٢ ، الاستبصار ١ : ١٦٨ ح ٥٨٣.
(٨) الفقيه ١ : ١٦٠ ح ٧٥٣ ، ٧٥٤ ، ٧٥٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٤ ح ٨٨٤ ، ٨٨٥.
(٩) التهذيب ١ : ١١٥ ح ١٢٧٩ ، و ٢ : ٢٢٤ ح ٨٨٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٩ ح ٥٨٧.
الندب.
ولو اشتبه النجس بغيره ، صلّى فيما زاد على عدد النجس في المشهور ، لحسن صفوان عن أبي الحسن عليهالسلام في الثوبين (١) وعليه يحمل الزائد.
ونقل الشيخ الصلاة عاريا (٢) واختاره ابن إدريس ، تفصّيا من شروعه شاكا في الصلاة ، والواجب مقارنة الوجه المقتضي لوجوبه (٣).
قلنا : لمّا كان اليقين موقوفا على الجميع قطع بوجوب الجميع ـ كالصلاة إلى الجهات ـ فقارن وجه الوجوب ، وما أبعد ما بين الصلاة في الثوب المتيقن النجاسة والصلاة عاريا هنا.
ولو ضاق الوقت صلّى المحتمل.
ولو كثرت الثياب وشق ذلك ، فالتحرّي وجه ، للحرج.
ولو حصلت أمارة تظن بها طهارة بعض ، أمكن الاقتصار عليه. والوجه : الجميع.
ولو فقد أحد المشتبهين صلّى في الآخر وعاريا. وعلى القول : بجواز الصلاة في متيقن النجاسة ، يكفيه الصلاة في الباقي.
العشرون : يعيد المصلّي بنجاسة في بدنه أو ثوبه مع تمكنه من ثوب طاهر إذا كان عامدا إجماعا ، للنهي المفسد للعبادة.
ولو علم ثم نسي حال الصلاة ، فخبران عن الصادق عليهالسلام : أشهرهما إطلاق الإعادة (٤) والآخر إطلاق عدمها (٥).
وفي مكاتبة مجهولة المروي عنه التقييد بخروج الوقت (٦) واختارها في
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٦١ ح ٧٥٧ ، التهذيب ٢ : ٢٢٤ ح ٨٨٧.
(٢) المبسوط ١ : ٩١.
(٣) السرائر : ٣٧.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٠٢ ح ٧٩٢ ، الاستبصار ١ : ١٨٢ ح ٦٣٩.
(٥) التهذيب ١ : ٤٢٤ ح ١٣٤٥ ، و ٢ : ٣٦٠ ح ١٤٩٢ ، الاستبصار ١ : ١٨٣ ح ٦٤٢.
(٦) التهذيب ١ : ٤٢٦ ح ١٣٥٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٤ ح ٦٤٣.