تفسير الحبري

أبو عبد الله الكوفي الحسين ابن الحكم بن مسلم الحبري

تفسير الحبري

المؤلف:

أبو عبد الله الكوفي الحسين ابن الحكم بن مسلم الحبري


المحقق: السيد محمد رضا الحسيني
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٩٦

و على هذا، فتفسير الصحابيّ خاصّة في موضوع أسباب النزول، هو من الحديث المسند، بمعنى أنّه محكوم بالاتّصال بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيكون مثله في الحجّيّة و الإعتبار.

و ثالثا : لو فرضنا كون كلام الصحابيّ في هذا الباب حديثا مرسلا، لكن ليس مرسل الصحابيّ كلّه مردودا و غير حجّة.

قال المقدسيّ : مراسيل أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مقبولة عند الجمهور، و الامّة اتّفقت على قبول رواية ابن عبّاس و نظرائه من أصاغر الصحابة مع إكثارهم، و أكثر روايتهم عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مراسيل (١) .

و قال النووي : ــ بعد أن تعرّض لحكم الحديث المرسل بالتفصيل ــ :

هذا كلّه في غير مرسل الصحابيّ، أمّا مرسله فمحكوم بصحّته، على المذهب الصحيح.

و قال السيوطيّ في شرحه لهذا الكلام : «أمّا مرسله» كإخباره عن شي‏ء فعله النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو نحوه، ممّا يعلم أنّه لم يحضره لصغر سنّه أو تأخّر إسلامه «فمحكوم بصحّته على المذهب الصحيح» الّذي قطع به الجمهور من أصحابنا و غيرهم، و أطبق عليه المحدّثون المشترطون للصحيح، القائلون بضعف المرسل» و في الصحيحين من ذلك ما لا يحصى (٢) .

ثمّ، على فرض صدق «المرسل» على كلام الصحابيّ اصطلاحا،

__________________

(١) روضة الناظر (ص ١١٢).

(٢) تدريب الراوي شرح تقريب النواوي (ص ١٢٦).

١٢١

و قلنا باعتبار مرسلات الصحابة تلك التي لم يحضروها، كان القول باعتبار مرسلاتهم التي حضروها ــ لو سمّيت بالمرسل ــ أولى، كما لا يخفى.

و رابعا : إنّ الذي عرفناه في الفقرة السابقة هو انحصار طريق معرفة أسباب النزول بالأخذ من الصحابة، لأنّ أكثر الأسباب المعروفة للنزول إنّما هو مذكور عن طريقهم و مأخوذ من تفاسيرهم، لأنّهم وحدهم الحاضرون في الحوادث و المشاهدون للوحي و نزوله، فلو شدّدنا التمسّك بقواعد علم الرجال و مصطلح الحديث، و طبّقناها على روايات أسباب النزول، لأدّى ذلك إلى سدّ باب هذا العلم.

و بما أنّا أكّدنا في صدر هذا البحث على أهمّيّة المعرفة بأسباب النزول فإنّ من الواضح عدم صحّة هذا التشدّد، و فساد ما ذكر من عدم حجّيّة روايات الباب، و لا يكون ما ذكر في علمي الرجال و المصطلح مانعا من الأخذ بأقوال الصحابة في الباب.

الوجه الثاني : الاعتراض بالإرسال و الوقف على التابعين :

لا شكّ أنّ ما يرويه التابعيّ من دون رفع الى من فوقه من الصحابة أو وصله الى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكون «رأيا» خاصّا له، فلا يكون حجّة من باب كونه حديثا نبويّا، لأنّه لا يدخل تحت عنوان «السنّة» و يسمّى ــ في مصطلح دراية الحديث ــ «بالموقوف» هذا ما لا بحث فيه.

و إنّما وقع البحث فيما يذكره التابعيّ ناقلا له عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من دون توسيط الصحابيّ، فقال قوم بحجّيّته بعد أن اعتبروه من «السنّة» و سمّوه «مرسلا» أيضا (١) .

__________________

(١) تقريب النواوي المطبوع مع التدريب (ص ١١٨).

١٢٢

و الوجه في التسمية هو أنّ التابعيّ ــ و المراد به من تأخّر عصره عن عصر صحبة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و لم يرو عنه إلّا مع الواسطة ــ إذا روى شيئا عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله و رفعه إليه، فحديثه مرفوع، إلّا أنّه ليس متّصلا، بل هو مرسل، و الواسطة محذوفة، و هي الصحابيّ بالفرض، فيكون حديثه غير مسند، و قد وقع الخلاف في حجّيّة مرسلات التابعيّ مطلقا غير ما يختصّ منها بأسباب النزول.

أمّا في خصوص هذا الباب فإنّهم اعتبروا الموقوف على التابعيّ من روايات النزول مرفوعا حكما، و قالوا : إنّ ما لم يرفعه ــ في هذا الباب ــ هو بحكم المرفوع من التابعيّ، و إن كان مرسلا قال السيوطيّ ــ بعد أن حكم بأنّ الموقوف على الصحابيّ في باب أسباب النزول بمنزلة المسند المرفوع منه ــ ما نصّه : ما تقدّم أنّه من قبيل المسند من الصحابيّ، إذا وقع من تابعيّ فهو مرفوع أيضا، لكنّه مرسل، فقد يقبل إذا صحّ المسند إليه، و كان من أئمّة التفسير و الآخذين من الصحابة كمجاهد و عكرمة و سعيد بن جبير، أو اعتضد بمرسل آخر، و نحو ذلك (١) .

إذن، ما ورد في باب أسباب النزول عن التابعين، يعدّ حديثا مرفوعا منسوبا الى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و لو لم يرفعه التابعيّ إليه، و لا الى أحد من الصحابة، فيدخل في البحث عن حجّيّة مرسل التابعيّ ثمّ أنّ مرسل التابعيّ ليس بإطلاقه مرفوضا.

قال الزركشي : في الرجوع الى قول التابعيّ، روايتان لأحمد و اختار

__________________

(١) الإتقان (ج ١ ص ١١٧).

١٢٣

ابن عقيل المنع، و حكوه عن شعبة، لكن عمل المفسّرين على خلافه، و قد حكوا في كتبهم أقوالهم (١) .

أقول : بل في غير المفسّرين من يلتزم بحجّيّة مراسيل التابعين.

قال الطبريّ : أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل و لم يأت عنهم إنكاره، و لا من أحد من الأئمّة بعدهم إلى رأس المائتين (٢) .

و بين القائلين بحجّيّة المرسل، ثلاثة من أئمّة الفقهاء، و هم أبو حنيفة و مالك و أحمد، أي خلا الشافعيّ.

قال النووي و السيوطيّ : «المرسل : حديث ضعيف، و قال مالك» في المشهور عنه، و أبو حنيفة في طائفة منهم أحمد في المشهور عنه : صحيح (٣) .

أقول : حتّى الشافعيّ ــ القائل بضعف المرسل ــ يقول باعتبار في بعض الظروف، كما سيأتي.

ثمّ أنّ المرسل لو كان ضعيفا، فإنّ ذلك لا يعني تركه و عدم الأخذ به مطلقا، بل هناك طرق مؤدّية الى تقويته الى حدّ الإعتبار.

قال النووي : فإن صحّ مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر، مسندا أو مرسلا، أرسله من أخذ من غير رجال الأوّل، كان صحيحا.

و أضاف السيوطيّ عليه : هكذا نصّ عليه الشافعيّ في الرسالة (٤) .

__________________

(١) البرهان في علوم القرآن للزركشي (ج ٢ ص ١٥٨).

(٢) تدريب الراوي (ص ١٢٠).

(٣) المصدر و الموضع.

(٤) المصدر و الموضع.

١٢٤

أقول : و هذه طريقة متداولة لتقوية الحديث الضعيف بواسطة الشواهد و المتابعات، كما سنذكر ذلك في جواب الوجه الثالث التالي.

الوجه الثالث : الاعتراض بضعف روايات الباب.

إنّ الكثير من رواة أخبار الباب ضعفاء من الناحية الرجاليّة، و موهونون في نقل الحديث، فكثيرا ما نرى هذا السند في روايات النزول : «... الكلبيّ عن أبي صالح ...» و قد نقل السيوطيّ عن الحاكم النيسابوريّ في هذا السند أنّه «أوهى أسانيد ابن عبّاس، مطلقا» و يقول فيه ابن حجر «هذه سلسلة الكذب» (١) .

و الجواب : إنّ ما ذكر صحيح في الجملة، إلّا أنّ ضعف سند حديث مّا لا يعني ــ إطلاقا ــ ضعف متنه، فإنّ من الممكن أن لا يكون المتن ضعيفا بل يكون صحيحا بسند آخر، غير هذا السند الضعيف، توضيح ذلك :

قال المحقّق الدربنديّ : اعلم أنّك إذا وجدت حديثا بإسناد ضعيف فلا يسوغ لك أن تقول (إنّه ضعيف المتن) بالتصريح، و لا أن تقول : (هذا الحديث ضعيف) بقول مطلق و تعني بالإطلاق ضعف الإسناد و المتن جميعا، بل إنّما لك أن تصرّح بأنّه ضعيف الإسناد، أو تطلق القول و تعني بالإطلاق ضعف الإسناد فقط، إذ ربما يكون ذلك المتن قد ورد بسند آخر يثبت به الحديث و أنت لم تظفر به (٢) .

قال اللكهنويّ : قولهم : «هذا حديث ضعيف» فمرادهم أنّه لم تظهر لنا فيه شروط الصحّة، لا أنّه كذب في نفس الأمر، لجواز صدق الكاذب،

__________________

(١) المصدر (ص ١٠٦).

(٢) القواميس (الورقة ٩٤ ــ ٩٥).

١٢٥

و إصابة من هو كثير الخطأ، هذا هو القول الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم، كذا في شرح الألفيّة للعراقيّ، و غيره (١) .

و قال أيضا : كثيرا ما يقولون «لا يصحّ» و «لا يثبت هذا الحديث» و يظنّ منه من لا علم له : أنّه موضوع أو ضعيف، و هو مبنيّ على جهله بمصطلحاتهم، و عدم وقوفه على مصرّحاتهم، فقد قال عليّ القارئ : لا يلزم من عدم الثبوت وجود الوضع (٢) .

و قال الدكتور عتر : قد يضعف السند و يصحّ المتن، لوروده من طريق آخر ... إذا رأيت حديثا بإسناد ضعيف، فلك أن تقول : «ضعيف بهذا الإسناد» و ليس لك أن تقول : «هذا ضعيف» كما يفعله بعض المتمجهدين في هذا العلم الشريف، فتعيّن به ضعف متن الحديث، بناء على مجرّد ضعف ذلك الإسناد!؟ فقد يكون مرويّا بإسناد آخر صحيح، يثبت بمثله الحديث (٣) .

إذن، فليس كلّ حديث ضعيف السند باطلا، موضوعا، ضعيف المتن، بل هناك فرق بين ما يكون إسناده ضعيفا و بين ما يكون متنه ضعيفا، و بين الحديث المتروك و الحديث الموضوع، و محلّ التفصيل هو علم المصطلح أو «دراية الحديث».

و قد قرّر علماء الدراية و المصطلح طرقا يعرف بها أيّ الأحاديث الضعيفة السند لا يمكن الأخذ بها؟ و أيّها يؤخذ بها من وجوه أخر؟

__________________

(١) الرفع و التكميل في الجرح و التعديل (ص ١٣٦).

(٢) المصدر السابق (ص ١٣٧).

(٣) منهج النقد في علوم الحديث (ص ٢٩٠).

١٢٦

قال النوويّ و السيوطيّ ــ و قد جمعنا بين كلامهما متنا بين الأقواس و شرحا خارجها ــ : إذا ورد الحديث من وجوه ضعيفة، لا يلزم أن يحصل من مجموعها حسن.

[ و المراد من قوله : (لا يلزم ...) أنّه ليس ضروريّا لصيرورة الحديث الضعيف حديثا حسنا أن يلتزم بأنّ الأسانيد تقوّي بعضها بعضا، و ليس بحاجة الى كثرة فيها، حتّى تصل الى درجة الحسن، بل يكفي الأقلّ من ذلك، كطريق واحد آخر، كما يشرحه في الفقرات التالية ].

قالا : بل :

١ ــ ما كان ضعفه لضعف راويه الصدوق الأمين، زال بمجيئه من وجه آخر، و صار حسنا.

٢ ــ (و كذا إذا كان ضعفها لإرسال) أو تدليس، أو جهالة رجال، كما زاده شيخ الإسلام [ ابن حجر ] (زال بمجيئه من وجه آخر) و كان دون الحسن لذاته.

٣ ــ (و أمّا الضعف لفسق الراوي) أو كذبه (فلا يؤثّر فيه موافقة غيره) له إذا كان الآخر مثله، نعم، يرتقي بمجموع طرقه من كونه منكرا لا أصل له، صرّح به شيخ الإسلام، قال :

٤ ــ بل ربّما كثرت الطرق، حتّى أو صلته الى درجة المستور السيّئ الحفظ بحيث إذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قريب محتمل، ارتقى بمجموع ذلك إلى درجة الحسن (١) .

__________________

(١) تدريب الراوي بشرح تقريب النواوي (ص ١٠٤).

١٢٧

أقول : و من هذا الباب تقوية الحديث بالشواهد و المتابعات، فقد يردف الحديث بما يسمّى (شاهدا) فيقال : يشهد له حديث كذا، أو بما يسمّى (متابعة) فيقال : (تابعه على حديثه فلان) و توضيحه :

إنّ الشاهد هو حديث مرويّ عن صحابيّ آخر يشبه الحديث الذي يظنّ تفرّد الصحابيّ الأوّل به، سواء شابهه في اللّفظ و المعنى أو في المعنى فقط (١) .

و المتابعة : أن يوافق راوي الحديث على ما رواه من قبل راو آخر، فيرويه الثاني عن شيخ الأوّل أو عن من فوقه من الشيوخ (٢) .

و المقصود بالشواهد و المتابعات، كما أسلفنا، هو تقوية الحديث و رفع درجته من الضعف إلى الحسن، أو من الحسن الى الصحّة.

مثاله ما ذكره السيوطيّ، بعد أن روى حديثا في شأن نزول آية، سنده هكذا : «ابن مردويه، عن طريق ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّد، عن عكرمة أو سعيد، من ابن عبّاس» قال السيوطيّ : إسناده حسن، و له شاهد عند أبي الشيخ، عن سعيد بن جبير، يرتقي به إلى درجة الصحيح (٣) .

ثمّ لا يخفى أنّ بعضهم اعتبر عدم المتابعة للحديث طعنا في الراوي.

قال البخاريّ في ترجمة «أسماء بن الحكم الفزاري» : لم يرو عنه إلّا

__________________

(١) منهج النقد (ص ٤١٨).

(٢) المصدر و الموضع السابقان.

(٣) الإتقان (ج ١ ص ١٢٠).

١٢٨

هذا الحديث، و حديث آخر لم يتابع عليه (١) .

لكن لا يصحّ هذا الطعن :

قال المزّيّ : هذا [ أي عدم وجود المتابعة ] لا يقدح في صحّة الحديث، لأنّ وجود المتابعة ليس شرطا في صحّة كلّ حديث صحيح (٢) .

و قال الذهبيّ : بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع و أكمل رتبة، و أدلّ على اعتنائه بعلم الأثر و ضبطه ــ دون أقرانه ــ لأشياء ما عرفوها.

و إن تفرّد الثقة المتقن، يعدّ صحيحا غريبا (٣) .

و قال اللكهنويّ : ربّما يطعن العقيليّ أحدا و يجرحه بقوله : «فلان لا يتابع على حديثه» فهذا ليس من الجرح في شي‏ء، و قد ردّ عليه العلماء في كثير من المواضع بجرحه الثقات بذلك (٤) .

و أمّا ما نقل عن الحاكم و ابن حجر حول «أو هي أسانيد ابن عبّاس» فنجيب عنه:

أوّلا : إنّ التمثيل لأوهى أسانيد ابن عبّاس بهذا السند لم يرد في كتاب الحاكم النيسابوري أصلا، فقد ذكر أمثلة لأوهى الأسانيد في كتابه «معرفة علوم الحديث» و لم يرد فيها هذا السند.

و قد تنبّه الشيخ الدكتور نور الدين عتر الى هذا، و أشار في هامش كتابه‏

__________________

(١) تهذيب التهذيب (ج ١ ص ٢٦٧).

(٢) نقله في هامش الرفع و التكميل (ص ١٢٢).

(٣) ميزان الاعتدال (ج ٢ ص ٢٣١).

(٤) الرفع و التكميل (ص ١٢٢ ــ ١٢٣).

١٢٩

القيّم «منهج النقد في علوم الحديث» كتاب الحاكم «معرفة علوم الحديث : ص ٥٦ ــ ٥٨» و قال : إلّا المثال الأخير، فليتنبّه (١) .

أقول : و هذا تنبيه جليل الى وقوع التصحيف في النقل عن الحاكم، حيث زيد في المنقول عنه التمثيل لأوهى الأسانيد بهذا السند «الكلبيّ عن أبي صالح، عن ابن عبّاس».

و قد وردت هذه الزيادة في كتاب السيوطيّ نقلا عن الحاكم (٢) .

لكنّ السيوطيّ المعروف بكثرة النقل عن من سبقه في التأليف من دأبه الإشارة إلى انتهاء النقل قبل أن يضيف عليه شيئا و يصرّح بأنّ الزيادة من عند نفسه، و هذا يؤيّد أن تكون زيادة هذا السند من عبث بعض المحرّفين.

و ثانيا : إنّ الكلبيّ ليس بتلك المثابة من الضعف و الوهن، و خاصّة إذا كان راويا عن أبي صالح عن ابن عبّاس، و بالأخصّ في مجال «تفسير القرآن».

قال الحافظ الرجاليّ الناقد، أبو أحمد ابن عديّ في كتابه «الكامل» المعدّ لذكر الضعفاء ما نصّه : للكلبيّ أحاديث صالحة و خاصّة عن أبي صالح و هو معروف بالتفسير، و ليس لأحد تفسير أطول منه و لا أشبع فيه، و بعده مقاتل بن سليمان إلّا أنّ الكلبيّ يفضل على مقاتل، لما في مقاتل من المذاهب الرديئة (٣)

و قد ذكره ابن حبان في «الثقات» (٤) .

__________________

(١) منهج النقد (ص ٢٨٨) الهامش (١).

(٢) تدريب الراوي (ص ١٠٦).

(٣) البرهان للزركشي (ج ٢ ص ١٥٩).

(٤) لسان الميزان (ج ٧ ص ٣٥٩).

١٣٠

و قال ابن حجر في ترجمته : قال ابن عديّ : «رضوه في التفسير» (١) .

و على هذا، فهل يصحّ أن يقال في حديث الكلبيّ، و خاصّة في التفسير و أسباب النزول أنّ سنده «أو هي الأسانيد» أو «سلسلة الكذب»؟

أليس هذا من التناقض الواضح؟! و لقد وضعنا هذه الناحية في اهتماماتنا بهذا الكتاب، و أخذنا بنظر الإعتبار لزوم ذكر الشواهد و المتابعات لكلّ حديث ورد في المتن، تقوية لسنده، و رفعه من مرتبة الضعف ــ الذي ربّما يرد عليه ــ إلى الحسن و الصحّة، و أوضحنا منهجنا في ذلك في فصل : العمل في الكتاب و منهج تحقيقه، من هذه المقدّمة.

٤ ـ مصادرها

و يدلّ على مدى اهتمامهم بموضوع «أسباب النزول» كثرة الجهود المبذولة في سبيلها، فالتفسير بالمنهج التاريخي المتمثّل في أحاديث أسباب النزول و العناية بها، منتشر في بطون التفاسير الموسّعة الجامعة، أمّا الصغيرة ــ و خاصّة القديمة تلك التي كانت طلائع فنّ التفسير ــ فهي منحصرة بهذا المنهج.

و بعد هذا فإنّ كثيرا من العلماء بذلوا جهودا في سبيل جمع أسباب النزول في مؤلّفات خاصّة، و يمكن من ناحية فنيّة تقسيم هذه المؤلّفات الى قسمين :

__________________

(١) المصدر السابق، نفس الموضع.

١٣١

الأوّل : الباحثة عن أسباب نزول القرآن، بصورة عامّة و شاملة لجميع الآيات، و ذكر أسبابها، من دون تخصيص بجانب معيّن.

الثاني : الباحثة عن أسباب نزول بعض الآيات في موضوع معيّن أو في أشخاص معيّنين.

فلنذكر المؤلّفات تحت هذين العنوانين.

القسم الأوّل : المؤلّفات الشاملة

قال السيوطيّ : أفرده بالتصنيف جماعة [ الإتقان ج ١ ص ١٠٧ ]، ثمّ ذكر عدّة منهم.

و نحن نورد ما وقفنا عليه أو على اسمه منها، مرتّبة حسب أوائل أسمائها.

١ ــ أحاديث النزول :

للدارقطني.

جزء صغير مخطوط في مكتبة طبقبوسراي ــ إستانبول.

٢ ــ إرشاد الرحمن لأسباب النزول، و النسخ و المتشابه، و تجويد القرآن :

تأليف : عطية اللّه ابن البرهان الشافعيّ الأجهوري، المتوفّى (١١٩٠)

* معجم مصنّفات القرآن الكريم، لشوّاخ (ج ١ ص ١٢٧ رقم ٢٠٤).

٣ ــ أسباب النزول :

تأليف : عليّ بن هبة بن جعفر، أبي الحسن المدينيّ، السعدي‏

١٣٢

المتوفّى (٢٣٤).

* إيضاح المكنون (٣/ ٦٩).

و ذكره السيوطيّ قائلا : أقدمهم عليّ بن المدينيّ شيخ البخاريّ [ الإتقان ج ١ ص ١٠٧ ] و فيمن يأتي ذكره بعض من هو أقدم منه وفاة.

٤ ــ أسباب النزول :

تأليف : محمّد بن أسعد، القرافيّ.

* كشف الظنون (ج ١ ص ٧٦).

٥ ــ أسباب نزول القرآن، المطبوع باسم «أسباب النزول» :

تأليف : عليّ بن أحمد، أبي الحسن الواحديّ، النيسابوريّ، المتوفّى (٤٦٨)، و لدينا منه مصوّرة عن نسخة قديمة مصحّحة.

قال السيوطيّ : من أشهرها كتاب الواحديّ، على ما فيه من إعواز.

* الإتقان (ج ١ ص ١٠٧)، و كشف الظنون (١/ ٧٦)، و النابس في أعلام القرن الخامس (ص ١١٨).

٦ ــ أسباب النزول :

تأليف : الشيخ سعيد بن هبة اللّه بن الحسن، قطب الدين الراونديّ، المفسّر، المتوفّى (٥٧٣).

قال : شيخنا آقا بزرك الطهرانيّ : هو من مآخذ كتاب «بحار الأنوار» صرّح به في أوّله، و ينقل عنه فيه.

* الذريعة إلى تصانيف الشيعة (ج ٢ ص ١٢).

٧ ــ أسباب النزول :

تأليف : عبد الرحمن بن محمّد، أبي المطرف، المعروف بابن فطيس‏

١٣٣

الأندلسيّ، المتوفّى (٤٠٢)، في أجزاء عديدة.

* سير أعلام النبلاء (١١/ ق ٤٦)، و كشف الظنون (١/ ٧٦) و سمّاه في معجم مصنّفات القرآن (ج ١/ ص ١٢٣) بالقصص و الأسباب التي نزل من أجلها الكتاب.

٨ ــ أسباب النزول :

تأليف : عبد الرحمن بن عليّ، أبي الفرج، ابن الجوزيّ البغداديّ، المتوفّى (ت ٥٩٧).

* كشف الظنون (١/ ٧٦).

٩ ــ الأسباب و النزول على مذهب آل الرسول :

تأليف الشيخ محمّد بن عليّ، ابن شهرآشوب، السرويّ، الحافظ، المتوفّى (٥٨٨).

* معالم العلماء (ص ١١٩)، و انظر : تأسيس الشيعة (ص ٣٣٧)، و الذريعة (١/ ١٢)، و كشف الظنون (١/ ٧٧).

١٠ ــ الإعجاب ببيان الأسباب :

تأليف : أحمد بن عليّ، شهاب الدين ابن حجر العسقلاني، المتوفّى (٨٥٢)، مجلّد ضخم.

* كشف الظنون (١/ ١٢٠).

أقول : و لعلّه ما ذكره السيوطيّ في الإتقان (١/ ١٠٧) بقوله : و ألّف فيه شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر كتابا مات عنه مسودّة، فلم نقف عليه كاملا.

١٣٤

١١ ــ البيان في نزول القرآن :

تأليف : محمّد بن عليّ النسويّ، و هو في أسباب نزول القرآن.

* معجم مصنّفات القرآن الكريم، رقم (٢٦٠٨).

١٢ ــ تسمية المنافقين و من نزل فيهم القرآن منهم و من غيرهم.

لأبي الحسن المدائني، علي بن محمد بن عبد اللّه (١٣٥ ــ ٢٢٥).

ذكره ابن الكوفي، الفهرست لابن النديم (ص ١١٣).

١٣ ــ التنزيل من القرآن و التحريف :

تأليف : المحدّث عليّ بن الحسن بن فضّال الكوفيّ، المتوفّى (٢٢٤). كذا سمّاه السيّد الصدر.

* تأسيس الشيعة (ص ٣٣٥)، و انظر (ص ٣٣٠)، و الذريعة (ج ٤ ص ٤٥٤)، و ذكره في إيضاح المكنون (٤/ ٢٨٣) باسم : «التنزيل في القرآن».

١٤ ــ التنزيل و التعبير :

تأليف : محمّد بن خالد البرقي (أواخر المائة الثانية).

ذكره النجاشيّ. أعيان الشيعة للأمين (ج ١ ص ١٢٨).

١٥ ــ التنزيل :

من مصادر «المصباح» للكفعميّ.

* الذريعة (ج ٤ ص ٤٥٤).

١٦ ــ التنزيل :

تأليف : محمّد بن مسعود بن محمّد بن عياش، السلميّ،

١٣٥

السمرقنديّ، صاحب تفسير العياشي.

* الذريعة (ج ٤ ص ٤٥٤).

١٧ ــ التنزيل عن ابن عبّاس :

تأليف : عبد العزيز بن يحيى الجلوديّ، أبي أحمد البصريّ، المتوفّى (٣٣٢).

* الذريعة (ج ٤ ص ٤٥٤) عن رجال النجاشي.

١٨ ــ الصحيح المسند في أسباب النزول :

تأليف : مقبل الوادي.

طبع بمكتبة المعارف، الرياض، بلا تاريخ.

١٩ ــ لباب النقول في أسباب النزول، و هو مطبوع متداول.

تأليف : عبد الرحمان بن أبي بكر، جلال الدين السيوطيّ، المتوفّى (٩١١)، قال في الإتقان : و قد ألّفت فيه كتابا حافلا موجزا لم يؤلّف مثله في هذا النوع.

* الإتقان (١/ ١٠٧).

٢٠ ــ لبّ التفاسير في معرفة أسباب النزول و التفسير :

تأليف : محمّد بن عبد اللّه، القاضي الروميّ الحنفيّ، الشهير ب «لبي حافظ» المتوفّى (١١٩٥).

* إيضاح المكنون (٤/ ٤٠٠).

٢١ ــ مختصر أسباب النزول :

تأليف : إبراهيم بن عمر بن إبراهيم، برهان الدين الجعبريّ، المتوفّى‏

١٣٦

(٧٣٢).

قال السيوطيّ : قد اختصره [ يعني كتاب الواحديّ‏ ] الجعبريّ، فحذف أسانيده، و لم يزد عليه شيئا.

* الإتقان (١/ ١٠٧)، و كشف الظنون (١/ ٧٢).

٢٢ ــ مدد الرحمان في أسباب نزول القرآن :

تأليف : عبد الرحمن بن علاء الدين بن عليّ بن إسحاق القاضي، زين الدين التميميّ، الخليليّ، المقدسيّ، الشافعيّ، المتوفّى (٨٧٦).

* إيضاح المكنون (٤/ ٤٥٥).

٢٣ ــ مقامات التنزيل لأبي العباس الضرير* ذكره ابن حجر و نقل عنه نزول آية في بعض الصحابة، الإصابة (٣/ ٦٣٠).

٢٤ ــ نزول القرآن :

تأليف : الحسن بن سيّار البصريّ، أبي سعيد، المتوفّى (١١٠).

قال شوّاخ : كان راويته عمرو بن عبيد المعتزليّ، المتوفّى سنة (١٤٤).

* معجم مصنّفات القرآن الكريم (ج ١ ص ١٣٧) رقم (٢٢٣).

٢٥ ــ نزول القرآن :

تأليف : الضحاك بن مزاحم، الهلاليّ، اللّخميّ، الخراسانيّ، المتوفّى (١٠٥).

* تاريخ التراث العربي (ج ١ ق ١ ص ١٨٧).

١٣٧

٢٦ ــ نزول القرآن :

تأليف : محمّد بن إسحاق بن خزيمة، أبي بكر النيسابوريّ.

ينقل عنه في كتابه «قوارع القرآن».

* معجم المؤلّفات القرآنيّة للسيد الحسيني، مخطوط قيد التأليف.

٢٧ ــ نزول القرآن :

تأليف : الحسن بن أبي الحسن البصريّ.

* الفهرست للنديم (ص ٤٠).

٢٨ ــ نزول القرآن :

تأليف : عكرمة عن ابن عبّاس.

* الفهرست للنديم (ص ٤٠).

٢٩ ــ يتيمة الدرر في النزول و آيات السور :

تأليف : أبي عبد اللّه، محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين الموصلي الحنبلي المتوفي (٦٥٦).

محفوظ بمكتبة جستربتي برقم (٢/ ٣٩٦١).

القسم الثاني : المؤلّفات المختصّة

و بذل ثلّة من الأعلام جهودا في تأليف أسباب نزول آيات معيّنة، نزلت في شؤون خاصّة، أو بشأن أشخاص معيّنين، و قد ألّف على هذه الطريقة جمع من القدماء و المتأخّرين، و لعلّ الأصل في ذلك ما عنونه السيوطيّ ب «النوع الحادي و السبعين» في أسماء من نزل فيهم القرآن، قال : رأيت فيهم تأليفا مفردا لبعض القدماء، لكنّه غير محرّر.

١٣٨

و أضاف : و كتب «أسباب النزول» و «المبهمات» يغنيان عن ذلك [ الإتقان ج ٤ ص ١١٩ ].

و بما أنّ الأغراض تختلف في جمع الآيات و ذكر أسبابها حسب اختلاف المواضيع المقصودة بالبحث و التأليف، فإنّ الوقوف على جميع ما ألّف على هذا النمط متعذّر، و لم أ تفرّغ أنا للتتبّع الكامل، كي أستقصي جميع المؤلّفات المختصّة كذلك، و إنّما جمعت أسماء ما توفّر لديّ أثناء إعداد هذا البحث، بالإضافة الى ما استفدته من الفهارس و الفوائد المتناثرة التي أمكنني الوقوف عليها، و نرتّبها هنا حسب أوائل أسمائها :

١ ــ الآيات النازلة في أهل البيت عليهم‌السلام :

للسيّد محمّد بن أبي زيد بن عربشاه الوارمينيّ (القرن ٨) و هو صاحب كتاب «أحسن الكبار في معرفة الأئمّة الأطهار».

* فهرست مكتبة السيّد المرعشيّ (رقم ٧٤٩ ــ ٧٥٠).

٢ ــ الآيات النازلة في أهل البيت عليهم‌السلام :

لابن الفحّام، الحسن بن محمّد بن يحيى، أبي محمّد المقرئ النيسابوريّ، المتوفّى (٤٥٨).

* لسان الميزان، لابن حجر (ج ٢ ص ٢٥١).

٣ ــ الآيات النازلة في ذمّ الجائرين على أهل البيت عليهم‌السلام :

لحيدر عليّ بن محمّد بن الحسن الشيروانيّ.

* الذريعة للطهراني (ج ١ ص ٤٨).

٤ ــ الآيات النازلة في فضائل العترة الطاهرة :

للشيخ عبد اللّه، تقيّ الدين الحلبيّ.

١٣٩

* الذريعة (ج ١ ص ٤٩).

٥ ــ آية التطهير في الخمسة أهل الكساء :

للسيّد محيي الدين الموسويّ الغريفيّ، طبع بالمطبعة العلميّة ــ النجف ١٣٧٧.

٦ ــ آية التطهير :

للسيّد محمّد باقر الخرسان الموسويّ، لا يزال مخطوطا عند المؤلّف.

٧ ــ آية التطهير :

للسيّد محمّد جواد الحسينيّ الجلاليّ لا يزال مخطوطا عند المؤلّف.

٨ ــ إبانة ما في التنزيل من مناقب آل الرسول :

تأليف : أحمد بن الحسن بن عليّ بن أبي العبّاس الطوسيّ، الفلكيّ، المفسّر و يسمّى أيضا «مثار الحقّ».

* معالم العلماء (ص ٢٣).

٩ ــ أربعون آية في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام :

لمؤلّف مجهول.

* الذريعة (١١/ ٤٩ ــ ٥٠) و انظر (١٧/ ٢٦٤).

١٠ ــ أسماء أمير المؤمنين عليه‌السلام في كتاب اللّه عزّ و جلّ :

لابن أبي الثلج، محمّد بن أحمد بن عبد اللّه أبي بكر البغداديّ، المتوفّى (٣٢٥).

* الذريعة (١١/ ٧٥) و قال : ذكره الشيخ في الفهرست.

١٤٠