آيات الأنوار

آية الله الميرزا محمود اليوسفي الغروي

آيات الأنوار

المؤلف:

آية الله الميرزا محمود اليوسفي الغروي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مركز انتشارات دار النشر اسلام
المطبعة: مهدية قم المقدسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

لعنة الله ، ويقول النّبي «ص» : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ومن كنت مولاه فعليّ مولاه ، فمن والى غيره وغير ذريّته فعليه لعنة الله ، واشهدكم أنا وعليّ أبوا المؤمنين ، فمن سبّ أحدنا فعليه لعنة الله ، قال حسان بن ثابت : كان ذلك قبل وفاة رسول الله بسبعة عشر يوما (١).

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها ...) (٤٧)

١٥٩ ـ في اصول الكافي : علي بن ابراهيم عن أحمد بن محمّد البرقي عن أبيه عن محمّد بن سنان عن عمّار بن مروان عن منقل عن أبي عبد الله «عليه‌السلام» قال : نزل جبرئيل على محمّد «ص» بهذه الآية هكذا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا ،) في عليّ نورا مبينا (٢).

١٦٠ ـ العياشي عن جابر الجعفي قال : قال لي أبو جعفر «عليه‌السلام» في حديث له : يا جابر أوّل الأرض المغرب تخرب أرض الشام يختلفون عند ذلك على رآيات ثلاث ، رآية الاصهب ، ورآية الابقع ، ورآية السفياني ، فيلفي السفياني الابقع فيقتله ومن معه ، ورآية الاصهب ، ثمّ لا يكن لهم همّ إلّا الإقبال نحو العراق ومرّجيش بقرقيسا فيقتلون بها مأة ألف من الجبّارين ويبعث السفياني جيشا الى الكوفة وعدّتهم سبعون ألفا فيصيبون من الكوفة قتلا وصلبا فبيناهم كذلك إذ أقبلت رآيات من ناحية خراسان تطوي المنازل طيّا حثيثا ومعه نفر من اصحاب القائم «عج» يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله جيش السفياني بين الحيرة والكوفة ، ويبعث

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ٣٦٩ وما وجد بهذه الألفاظ في مناقب أبن شهر آشوب ، راجع امالي الطوسي ١ / ١٢٣ ـ ١٢٤ وامالي الشيخ المفيد ص ٣٥١ مجلس ٤٢ ح ٣ وعاية المرام ص ٣٥٧.

(٢) اصول الكافي ج ١ ص ٤١٧ ح ٢٧.

٨١

السفياني بعثا الى المدينة فينفر المهدي منها الى مكّة ، فيبلغ أمير جيش السفياني على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكّة خائفا يترقب على سنّة موسى بن عمران قال : وينزل جيش أمير السفياني البيداء فينادي مناد من السماء : يا بيداء بيدي القوم ، فيخسف بهم البيداء ، فلا يفلت منهم إلّا ثلاثة نفر يحوّل الله وجوههم في أقفيتهم وهم من كلب ، وفيهم نزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا) على عبدنا ، يعني القائم ، من قبل أن نطمس وجوها فنردّها على أدبارها (١).

قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ...) (٤٨)

١٦١ ـ العياشي عن جابر عن أبي جعفر «عليه‌السلام» قال : امّا قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ،) يعني أنّه لا يغفر لمن يكفر بولاية علي ، وأمّا قوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ،) يعني لمن والى عليا (٢).

١٦٢ ـ الشيخ الصدوق «ره» في من لا يحضره الفقيه بإسناده إلى أمير المؤمنين «عليه‌السلام» قال : ولقد سمعت حبيبي رسول الله «ص» يقول : لو أنّ المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب ، ثم قال : من قال لا إله إلّا الله باخلاص فهو بريء من الشرك ، ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنّة ، ثمّ تلى هذه الآية : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ،) من شيعتك ، ومحبّيك يا علي ، قال أمير المؤمنين : فقلت : يا رسول الله هذا لشيعتي؟ قال : أي وربّي إنّه لشيعتك (٣).

قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ

__________________

(١) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٤٤.

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٤٥.

(٣) من لا يحضره الفقيه ج ٤ ص ٢٩٥ في حديث ٧٢.

٨٢

إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٥٤)

١٦٣ ـ عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا «عليه‌السلام» مع المأمون في الفرق بين العترة والأمّة ، فقال أبو الحسن «عليه‌السلام» : إنّ الله تعالى بأن فضل العترة على سائر النّاس في محكم كتابه ، فقال له المأمون : أين ذلك من كتاب الله تعالى؟

فقال الرضا «عليه‌السلام» : في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ)(١) وقال عزوجل في موضع آخر : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ،) ثمّ ردّ المخاطبة في أثر هذا الى سائر المؤمنين فقال عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(٢) ، يعني الّذين قرنهم بالكتاب والحكمة وحسدوا عليها ، فقوله عزوجل : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ،) يعني الطاعة للمصطفين الطّاهرين ، فالملك هاهنا الطاعة (٣).

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٥٩)

١٦٤ ـ الصدوق في كتاب إكمال الدين : حدّثنا أبي «رضي الله عنه» قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب عن عبد الله بن محمّد الحجال عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي جعفر «عليه‌السلام» في قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ،

__________________

(١) آل عمران / ٣٣.

(٢) النساء / ٥٩.

(٣) العيون ١ / ٢٣.

٨٣

قال : الأئمّة من ولد علي وفاطمة «عليهما‌السلام» الى يوم القيامة (١).

١٦٥ ـ عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت أمير المؤمنين «عليه‌السلام» يقول : أحذروا على دينكم الى قوله : ولا طاعة لمن يعصي الله ، انّما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر ، وانّما أمر الله تعالى بطاعة الرسول لأنّه معصوم مطهّر لا يأمر بمعصيته ، وانّما أمر الله بطاعة اولى الأمر لأنّهم معصومون مطهّرون لا يأمرون بمعصيته (٢).

١٦٦ ـ محمّد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن أبن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد العجلي قال : قال أبو جعفر «عليه‌السلام» : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فإن خفتم تنازعا في الأمر فارجعوه إلى الله والى الرسول وإلى أولى الأمر منكم ، ثمّ قال : كيف يأمر بطاعتهم ويرخّص في منازعتهم ، إنّما قال ذلك للمأمورين الّذين قيل لهم : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(٣).

١٦٧ ـ اصول الكافي : علي بن ابراهيم عن محمّد بن عيسى بإسناده الى أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله «عليه‌السلام» عن قول الله عزوجل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ،) فقال : نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين «ع» ، فقلت له : إنّ النّاس يقولون فماله لم يسّم عليّا وأهل بيته في كتاب الله عزوجل قال ، فقال : قولوا لهم : أنّ رسول الله «ص» نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ الله لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله هو الذي فسّر لهم ، ونزل عليه الزكاة ولم يسّم لهم من أربعين دهم درهما ، حتي كان رسول الله هو الذي فسّر ذلك لهم ،

__________________

(١) إكمال الدين ص ٢١٦ وفيه : الى أن تقوم الساعة.

(٢) علل الشرايع ص ٥٢٠ والخصال ص ٦٨.

(٣) الروضة ص ١٤٨ ح ٢١٦.

٨٤

ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا أسبوعا حتى كان رسول الله هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ،) ونزلت في علي والحسن والحسين ، فقال رسول الله في عليّ : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، وقال : أوصيكم بكتاب الله عزوجل وأهل بيتي ، فإنّي سئلت الله عزوجل أن لا يفارق بينهما حتّى يوردهما عليّ الحوض ، فأعطاني ذلك ، وقال : لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ، وقال : إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة ، فلو سكت رسول الله «ص» ولم يبيّن من أهل بيته لادّعوها آل فلان وفلان ، ولكن الله أنزل في كتابه تصديقا لنبيّه «ص» : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(١) ، فكان علي والحسن والحسين وفاطمة فادخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت أمّ سلمة ، ثمّ قال : أللهمّ أن لكلّ نبىّء أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي (٢).

أقول : نزول آية التطهير في علي وفاطمة والحسن والحسين رواه المفسّرون وأصحاب الحديث من العامّة والخاصّة ولا شك فيه ، فهل ترى أن العقل يقبل أن يكون اولى الأمر الذين فرض الله طاعتهم أن يكون غيرهم الذين لا دليل على عصمتهم ، وهذا قرينة أخرى بأن الأحاديث التي وردت بأنّ اولى الأمر هم عليّ وأولاده المعصومون مطابقة للواقع كما ورد في حديث جابر الأنصاري عن رسول الله «ص» أسماء المعصومين الأثنى عشر «صلوات الله عليهم» (٣) ، وورد في صحيح مسلم أحاديث عن النّبي بأنّ خلفائه أثنا عشر كلّهم من قريش (٤).

__________________

(١) الإحزاب آيه ٣٣.

(٢) اصول الكافي ج ١ ص ٢٨٦ ـ ٢٨٧ وللحديث صله. راجع اعلام الورى : ٣٧٥.

(٣) اكمال الدين : ٣٢٠ ح ١٩ وص ٢٣٩ و ٢٤٦ و ٦٨ و ٢٧٣.

(٤) راجع صحيح مسلم ج ٦ ص ٣ و ٤ طبعة مشكول.

٨٥

قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) (٦٦)

١٦٨ ـ محمّد بن يعقوب عن علي بن محمّد عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه عن أبي طالب عن يونس بن بكار عن أبيه عن أبي جعفر «عليه‌السلام» : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ ،) في عليّ ، (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ)(١).

١٦٩ ـ العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله «عليه‌السلام» : ولو أنّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم ، للإمام تسليما ، أو إخرجوا من دياركم ، رضا له ما فعلوه إلّا قليل منهم ولو أنّ أهل الخلاف فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم ، يعني في علي (٢).

قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٦٩)

١٧٠ ـ محمّد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله «عليه‌السلام» في حديث له مع أبي بصير قال : لقد : ذكركم الله في كتابه فقال : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ،) فرسول الله في الآية النّبييّن ، ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء ، وأنتم الصّالحون ، فتسمّوا بالصلاح كما سمّاكم الله عزوجل (٣).

١٧١ ـ ابن بابويه «رحمه‌الله» قال : أخبرنا المعافي بن زكريّا قال : حدّثنا أبو سليمان أحمد بن أبي هراب عن ابراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن عثمان بن أبي شيبة قال : حدّثنا حريز عن الاعمش عن الحكيم بن

__________________

(١) اصول الكافى ١ / ٤١٧ ح ٩٨.

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٥٦ ح ١٨٨.

(٣) الروضة ص ٣٥ ـ ٣٦ ح ٦.

٨٦

عيينة عن قيس بن أبي حازم عن أمّ سلمة قالت : سئلت رسول الله «ص» عن قول الله سبحانه : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ،) قال : الّذين أنعم عليهم من النّبييّن أنا ، والصديقين علي بن أبي طالب ، والشهداء الحسن والحسين ، والصالحين حمزة ، وحسن اولئك رفيقا ، الأئمّة الاثنا عشر بعدي (١).

قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٧٧)

١٧٢ ـ محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي جعفر «عليه‌السلام» قال : والله الّذي صنعه الحسن بن علي كان خيرا لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشمس ، والله ، لقد نزلت هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ،) إنّما هي طاعة الإمام (٢).

قوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (٨٠)

١٧٣ ـ محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي جعفر «عليه‌السلام» قال : زروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضى الرحمن طاعة الإمام ومعرفته ، إنّ الله عزوجل يقول : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ،) أمّا لو أنّ رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ولم يعرف وليّ الله فيواليه فيكون أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله حق في ثواب ، ولا كان

__________________

(١) البرهان ج ١ / ٣٩٢.

(٢) الروضة ص ٣٣ ح ٥٦.

٨٧

من أهل الإيمان ، ثمّ قال : أولئك المحسودون منهم من يدخل الجنّة بفضل منه (١).

قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ) (١١٣)

١٧٤ ـ العياشي عن زارة عن أبي جعفر وحمران عن أبي عبد الله «ص» في قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ ،) قالا : فضل الله رسوله ، ورحمته ولاية الأئمّة (٢).

١٧٥ ـ عن محمّد بن الفضيل عن عبد الصالح «عليه‌السلام» قال : الرحمة رسول الله «ص» والفضل علي بن أبي طالب (٣).

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (١٧٤)

١٧٦ ـ العياشي عن عبد الله بن سليمان قال : قلت لأبي عبد الله «عليه‌السلام» قوله : (قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً ،) قال : البرهان محمّد «ص» والنّور علي ، قال : قلت : صراطا مستقيما ، قال : الصراط المستقيم علي «ع» (٤).

__________________

(١) اصول الكافي ج ٢ / ١٨ ح ٥ والبحار ج ٣٦ ص ٣٤٧ ح ٢١٤ عن كفاية الأثر ص ٢٤ ـ ٢٥.

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦٠ ح ٢٠٧.

(٣) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦١ ح ٢٠٩.

(٤) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٨٥ ح ٣٠٨ وصراطا مستقيما في آية ١٧٥.

٨٨

سورة المائدة

قوله تعالى : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٣)

١٧٧ ـ في تفسير علي بن ابراهيم ، قوله : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ،) قال : ذلك لمّا نزلت ولاية أمير المؤمنين (١).

١٧٨ ـ العياشي عن عمرو بن شمر عن جابر قال : قال أبو جعفر في هذه الآية : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ،) يوم يقوم فيه القائم ييأس بنو أميّة فهم الّذين كفروا يئسوا من آل محمّد «عليهم‌السلام» (٢).

١٧٩ ـ امالي الشيخ قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا أبو المفضل بن محمّد بن المسيب الموالي بجرجان ، قال : حدّثنا هارون بن عمر بن عبد العزيز بن محمّد أبو موسى النجاشي قال : حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّد عن

__________________

(١) تفسير القمي ج ١ ص ١٦٢.

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩١ ح ١٩.

٨٩

أبيه أبي عبد الله «عليه‌السلام» عن عليّ أمير المؤمنين ، قال : سمعت رسول الله «ص» يقول : بناء الإسلام على خمس خصال ، على الشهادتين والقرينتين ، قيل له : أمّا الشهادتان فقد عرفنا ، فما القرينتان ، قال : الصلاة والزكاة ، فانّه لا يقبل أحدهما إلّا بالاخرى ، والصّيام وحجّ بيت الله من استطاع له سبيلا ، وختم ذلك بالولاية ، فانزل الله عزوجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(١).

أقول : يأتي بيان نزول الآية (٦٧) من هذه السورة أيضا في ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» وهذا من المتواترات فراجع كتاب الغدير.

قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ...) (٥)

١٨٠ ـ عن جابر عن أبي عبد الله قال : سألته عن تفسير هذه الآية : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ،) يعني بولاية علي (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٢).

١٨١ ـ بصائر الدرجات بإسناده عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر «ع» عن قول الله تبارك وتعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ ،) قال : تفسيرها في بطن القرآن : من يكفر بولاية عليّ ، وعلي هو الايمان (٣).

قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) (٧)

١٨٢ ـ في تفسير القمي قوله : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ)

__________________

(١) امالي الشيخ ٢ / ١٣١ ـ ١٣٢ ويظهر من حديث أبو جعفر «ع» نزول هذه الآية بعد آية التبليغ.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٢٩٧ ح ٤٤.

(٣) البرهان : ١ / ٤٥٠ وبصائر الدرجات ص ٧٧ ح ٥.

٩٠

به ، قال : لمّا أخذ رسول الله «ص» الميثاق عليهم بالولاية قالوا : سمعنا واطعنا ثمّ نقضوا ميثاقه (١).

قوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ ...) (١٣)

١٨٣ ـ تفسير القمي : قوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ ،) قال : من تنحّى أمير المؤمنين عن مواضعه ، والدليل أنّ الكلمة أمير المؤمنين قوله : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ،) يعني الولاية (٢).

قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ) (١٥)

١٨٤ ـ في تفسير علي بن ابراهيم : يعني بالنور أمير المؤمنين والأئمّة «ع» (٣).

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) (٣٥)

١٨٥ ـ في عيون أخبار الرضا «عليه‌السلام» قال : قال رسول الله «ص» ألأئمّة من ولد الحسين من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى (٤).

١٨٦ ـ مجمع البيان : روى سعد بن ظريف عن الاصبغ بن نباته عن علي «ع» قال : في الجنّة لؤلؤئتان إلى بطنان العرش أحدهما بيضاء والأخرى صفراء ، في كلّ واحد منهما سبعون ألف غرفة أبوابها وأكوابها من عرق واحد ، فالبيضاء الوسيلة

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٦٣.

(٢) تفسير القمي ١ / ١٦٣.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٦٤.

(٤) العيون ٢ / ٥٨.

٩١

لمحمّد وآل محمّد «ص» والصفراء لإبراهيم وأهل بيته (١).

قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٣٧)

١٨٧ ـ العياشي عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر يقول : عدوّ عليّ هم المخلدون في النّار ، قال الله : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها)(٢).

١٨٨ ـ عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله : وما هم بخارجين من النّار ، قال : أعداء عليّ هم المخلدون في النّار أبد الآبدين ودهر الداهرين (٣).

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) (٥٤)

١٨٩ ـ النعماني بإسناده عن سليمان هرون العجلي قال : سمعت أبا عبد الله «عليه‌السلام» يقول : إنّ صاحب هذا الأمر محفوظ له أصحابه ، لو ذهب النّاس جميعا ، أتى الله بأصحابه ، وهم الّذين قال الله عزوجل : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ)(٤) ، وهم الّذين قال الله عزوجل : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ)(٥).

١٩٠ ـ الثعلبي في تفسيره قال : هذه الآية نزلت في عليّ «عليه‌السلام» (٦).

__________________

(١) مجمع البيان ٣ / ١٨٩.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٣١٧.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٣١٧.

(٤) الجملات في سورة الأنعام آية ٨٩.

(٥) غيبة النعماني ص ٣١٦ ح ١٢.

(٦) تفسير البرهان ١ / ص ٤٧٨ و ٤٧٩.

٩٢

١٩١ ـ روى إنّ النّبي «ص» سئل عن هذه الآية فضرب بيده على عاتق سلمان وقال : هذا وذووه ، ثمّ قال : لو كان الدين معلقا بالثريا لناله رجال من الفرس (١).

قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٥٥)

١٩٢ ـ محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محمّد الهاشمي قال : حدّثني أبي عن احمد بن عيسى قال : حدّثني جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه «عليهم‌السلام» في قوله عزوجل : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) قال : لمّا نزلت (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ،) اجتمع نفر من أصحاب رسول الله «ص» في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض : إن كفرنا بهذه الآية لكفرنا بسائرها وإن آمنّا فإنّ هذا ذلّ حين يسلط علينا أبن أبي طالب ، فقالوا : قد علمتا أنّ محمّدا صادق في ما يقول ، ولكنّا نتولاه ولا نطيع عليّا في أمرنا ، قال : فنزلت هذه الآية : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها ،) يعرفون ولاية عليّ وأكثرهم الكافرون بالولاية (٢).

١٩٣ ـ في كتاب اكمال الدين بإسناده الى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين «عليه‌السلام» أنّه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والانصار في المسجد أيّام خلافة عثمان : أنشدكم الله عزوجل أتعلمون حين نزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ،) وحيث نزلت : (وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ

__________________

(١) تفسير البرهان ١ / ص ٤٧٨ و ٤٧٩.

(٢) اصول الكافي ج ١ ص ٤٢٧ حديث ٧٧ وراجع ص ٢٨٩ حديث ٤ فهو وارد في تأويل هذه الآية.

٩٣

دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ،) قال النّاس : يا رسول الله هذه خاصّة في بعض المؤمنين أم عامّة لجميعهم ، فأنزل الله عزوجل على نبيّه «ص» أن يعلّمهم ولاة أمرهم وأن يفسّر لهم من الولاية بما فسّر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجّهم فنصبني للنّاس بغدير خم ، ثمّ خطب فقال : يا أيّها النّاس إنّ الله أرسلني برسالة ضاق صدري وظننت بانّ النّاس يفتنون بها ، فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني ، ثمّ أمر فنودي : الصّلاة الصلاة جامعة ، ثمّ خطب النّاس ، فقال : أيّها النّاس أتعلمون بأنّ الله عزوجل مولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : قم يا عليّ ، فقمت فقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، أللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، فقام سلمان فقال : يا رسول الله ولاء كماذا ، فقال : ولاء كولائي ، من كنت مولاه اولى به من نفسه فعليّ أولى به من نفسه ، فانزل الله تبارك وتعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ،) وكبّر رسول الله ، وقال : ألله أكبر بتمام نبوّتي وتمام ديني دين الله عزوجل ، وولاية عليّ بعدي ، فقام أبو بكر وعمر فقالا : يا رسول الله هذه الآيات في عليّ خاصّة ، فقال «ص» : بلى خاصّة فيه وفي أوصيائي الى يوم القيامة ، قالا : يا رسول الله بيّنهم لنا ، قال : عليّ أخي ، ووزيري ، ووارثي ، ووصييّ وخليفتي في أمّتي ، ووليّ كلّ مؤمن بعدي ، ثمّ أبني الحسن ، ثمّ أبني الحسين ، ثمّ تسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد والقرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتّى يردا عليّ الحوض ، قالوا : أللهمّ نعم سمعنا ذلك ، وشهدنا كما قلت سواء ، وقال بعضهم قد حفظنا جلّ ما قلت ولم نحفظ كلّه ، وهؤلاء الّذين حفظوا خيارنا وأفاضلنا ، فقال عليّ «عليه‌السلام» : صدقتم ليس كلّ النّاس يتساوون في الحفظ (١).

__________________

(١) نور الثقلين ج ١ ص ٥٣٤ ح ٢٦١ واكمال الدين ص ٢٧٠ وراجع سعد السعود ص ٩٥.

٩٤

وقد مرّ احاديث هذا الموضوع بعضها في تفسير الآية الثالثة ، أى آية اكمال الدين واتمام النعمة ، وحسب ما يستفاد من الاحاديث كان نزول آية الإكمال بعد نزول آية التبليغ ، وتبليغ الرسول الأعظم للنّاس ولاية عليّ أمير المؤمنين عليهما أفضل الصلاة والسلام.

قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (٥٦)

١٩٤ ـ في كتاب الإحتجاج عن أمير المؤمنين «عليه‌السلام» قال : الهداية هي الولاية كما قال الله عزوجل : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ،) والّذين آمنوا في هذا الموضع هم المؤمنون على الخلائق من الحجج والأوصياء في عصر بعد عصر (١).

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٦٧)

١٩٥ ـ الصدوق في اماليه بإسناده الى أبن عباس يروي حديثا طويلا فيه : فأنزل الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ،) فقال رسول الله «ص» : تهديد ووعيد بعد وعيد لأمضيّن أمر الله ، فان يتّهموني ويكذّبوني فهو أهون عليّ من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة ، قال : وسلّم جبرئيل على عليّ بإمرة المؤمنين ، فقال عليّ «عليه‌السلام» : يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحسّ الرؤية ، قال : يا عليّ هذا جبرئيل أتاني من قبل ربّي بتصديق ما وعدتم ، أمر رسول الله «ص» رجلا فرجلا من الصحابة حتّى سلّموا عليه بأمرة المؤمنين ، ثمّ قال : يا بلال ناد في النّاس أن لا يبقى

__________________

(١) الإحتجاج ج ١ ص ٣٦٩ في اجتجاجه على على زنديق.

٩٥

غدا أحد إلّا عليل إلّا خرج الى غدير خم ، فلمّا كان من الغد خرج رسول الله «ص» بجماعة أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : يا أيّها النّاس إنّ الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة وأنّي ضقت به ذرعا مخافة أن يتّهموني ويكذّبوني حتى أنزل الله عليّ وعيدا بعد وعيد ، فكان تكذيبكم إيّاي أيسر عليّ من عقوبة الله إيّاي ، الحديث (١).

وفي تفسير أبن جريح وعطا والثوري والثعلبي إنّها نزلت في فضائل علي بن أبي طالب «عليه‌السلام».

١٩٦ ـ أحمد بن حنبل روى في مسنده بإسناده عن أبي سعيد الخدري : أنّ النّبي «ص» دعا النّاس يوم غدير خم ، أمر بما تحت الشجر الشوك فقمّ وذلك يوم الخميس ثمّ دعا الى عليّ فأخذ بضبعيه ثمّ رفعه حتّى بان بياض أبطيه وقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، أللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، قال : فقال له عمر بن خطّاب هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة الى يوم القيامة (٢) وفي تاريخ بغداد بخّ بخّ بدل هنيئا (٣).

قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ...) (٦٨)

١٩٧ ـ العياشي عن حمران بن أعين عن أبي جعفر «عليه‌السلام» في قول الله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما

__________________

(١) اما لي الصدوق ص ٢٩٠ ونور الثقلين ١ / ٥٤٢.

(٢) المسند ٤ / ٢٨١.

(٣) تاريخ بغداد ٨ / ١٩٠ وحلية الأولياء : ٥ / ٢٦ واحقاق الحق : ٢ / ٤٢٣ ـ ٤٧٩.

٩٦

أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً ،) قال : هو ولاية أمير المؤمنين (١).

قوله تعالى : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ ...) (٧١)

١٩٨ ـ محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي عبد الله «عليه‌السلام» في قول الله عزوجل : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ ،) قال : حيث كان النّبي «ص» بين اظهرهم فعموا وصمّوا حيث قبض رسول الله «ص» ثمّ تاب عليهم حيث قام أمير المؤمنين «ع» قال :

ثمّ عموا وصمّوا إلى الساعة (٢).

قوله تعالى : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ...) (٩٥)

١٩٩ ـ الكافي : محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن علي بن فضال عن أين أبي بكير عن زارة قال : سألت أبا جعفر «عليه‌السلام» عن قول الله عزوجل : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ،) قال : ألعدل رسول الله «ص» والإمام من بعده (٣).

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ٣٣٤ وحلية الأولياء.

(٢) الروضة ص ٢٠٠ ح ٢٣٩.

(٣) فروع الكافي ٤ / ٣٩٧.

٩٧
٩٨

سورة الأنعام

قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١)

٢٠٠ ـ قال شيخنا الصدوق «رحمه‌الله» : حدّثني أبي «رضي الله عنه» قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد الأسدي عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن عبد الله بن عباس ، قال : إنّ رسول الله «ص» لمّا أسرى به الى السّماء انتهى به جبرئيل الى نهر يقال له نور ، وهو قول الله : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ،) ثمّ ذكر كيفيّة إسراء النّبي وأنّ الله اخبره بنصب علي «عليه‌السلام» بالولاية ، وبعد نصبه نزلت آية : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ،) الحديث (١).

أقول : كما أن النور الظاهر سبب لتمييز الحق من الباطل كذلك في أمور المعنويّة والدينيّة ، ولا يجوز عند العقل العدول من النور الى الظلمة وكما جعل الله

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ٥١٥ وامالي الصدوق ص ٢٩٠.

٩٩

محمّدا «ص» نورا لهداية النّاس الى الحق والى الطريق المستقيم جعل بعده علي بن أبي طالب نورا لهم ، وهكذا في كل زمان وفي كل عصر ، ففي عصرنا هو حجّة بن الحسن العسكري «عليه‌السلام» كما ورد : إنّ الأرض لا تخلو من الحجة ، فلا يجوز العدول عن هذه الأنوار الى غيرهم لانّه ليس وراء النور إلّا الظلمة.

قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢٣)

٢٠١ ـ علي بن ابراهيم عن الحسين بن محمد عن المعّلى بن محمد عن علي بن اسباط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله «عليه‌السلام» في قوله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ،) بولاية علي. وفي روضة الكافي روى مثله عن أبي جعفر «عليه‌السلام» (١).

قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (٧٥)

٢٠٢ ـ بصائر الدرجات : الحسن بن احمد بن سلمة عن الحسين بن علي بن لقاح عن أبن جبلة الى أن قال في حديث بعده : وعنه عن محمد بن المغني عن عثمان بن يزيد عن جابر بن عبد الله عن أبي جعفر «عليه‌السلام» قال : سألت عن قول الله عزوجل : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ،) قال : وكنت مطرقا الى الأرض فرفع يده الى فوق ، ثمّ قال : إرفع رأسك فرفعت رأسي ونظرت إلى السقف قد انفجر حتّى خلص نظري إلى نور ساطع حار بصري منه ، ثمّ قال : رأى إبراهيم ملكوت السموات والارض هكذا ، ثمّ قال لي : اطرق ، فاطرقت ، ثمّ قال : ارفع رأسك ، فرفعت رأسي فاذا السقف على حاله ، ثمّ أخذ بيدي وقام وخرجنا من البيت

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ٥٢٠ وراجع تفسير الصافي : ١ / ٥١١ ولم يوجد في تفسير القمي ، ط مكتبة الهدى.

١٠٠