• الفهرس
  • عدد النتائج:

ولا يخفى أنّ مسألة الدين والحج عند إجراء البراءة من الدين لا يكون في الطرف المقابل ـ أعني وجوب الحجّ ـ أصل مثبت للتكليف ، بل إنّ وجوب الحجّ يكون ثابتاً بواسطة تحقّق موضوعه ، الذي هو الاستطاعة وعدم اشتغال الذمّة بدين مقابل لما في يده من المال ، كما قاله في صدر كلامه من كون التكليف في أحد الطرفين مشروطاً بعدم التكليف في الآخر. وليت [ شعري ] كيف يعاهد من الأصل النافي بأن يقال له إنّ الغرض من إجرائك هو مجرّد الاثبات ، وبعد إثبات الطرف الآخر تعود فتكون محقّقاً للعذر ، هذه أُمور لا تخفى على الأُستاذ قدس‌سره ، وكأنّه لأجل ذلك قال : « ولكنّه كما ترى » بناءً على رجوعه إلى الجميع ، لا إلى خصوص قوله : « كما أنّه لو بنينا » فلاحظ.

وفي الحقيقة ليس أمثال هذه المقامات من قبيل العلم الاجمالي وإن كانت بصورته. ولو جمدنا على صورة المسألة وأنّها من قبيل العلم الاجمالي ، لقلنا إنّ هذا العلم الاجمالي مولّد من الشكّ في وجوب أداء الدين ، فإذا جرى الأصل النافي في الوجوب المذكور ارتفع العلم الاجمالي حتّى لو كان النافي هو البراءة ، بناءً على كون وجوب الحج تابعاً لعدم تنجّز وجوب أداء الدين ، كما أنّه لو جرى الأصل المثبت لوجوب أداء الدين ، سواء كان من قبيل الاستصحاب أو كان من قبيل أصالة الاشتغال ، كان ذلك كافياً في ارتفاع وجوب الحج الموجب لارتفاع العلم الاجمالي.

وبالجملة : ليس الشكّ في وجوب أداء الدين متولّداً من العلم الاجمالي ، بل ولا من قبيل الشكّ السابق على العلم الاجمالي أو المقارن له ، بل إنّ العلم الاجمالي هنا متولّد عن الشكّ في وجوب أداء الدين ، فإذا جرى الأصل في الشكّ المذكور ارتفع العلم الاجمالي وتعيّن أحد طرفيه ، فلو كان الأصل هو البراءة تعيّن