• الفهرس
  • عدد النتائج:

وتكون النتيجة من ضمّ أحد هذين المطلبين إلى الآخر ، هو أنّ الشارع لابدّ أن يكون قد جعل لنا طريقاً لأحكامه ، يخلّصنا ممّا حرّمه علينا من الإهمال ، وينقذنا ممّا منعنا منه من الاحتياط والجري على طبق الاحتمال ، وذلك الطريق منحصر بالظنّ ، إذ لا طريق سواه مع فرض تمامية المقدّمة الأخيرة ، أعني قبح ترجيح المرجوح على الراجح ، وحينئذ يكون العقل حاكماً بأنّه لابدّ أن يكون قد جعل لنا طريقاً ينقذنا من هذين المحذورين ، والظنّ بالحكم الواقعي لو جعله لنا لكان كافياً وافياً في صحّة منعه لنا من الإهمال مع منعه لنا من الاحتياط ، ولا يدلّ العقل على أنّه قد جعل لنا أو أنّه يلزمه أن يجعل لنا ما هو أوسع من ذلك ، أعني مطلق الظنّ سواء كان متعلّقاً بالواقع أو كان متعلّقاً بالطريق ، ولا أقل حينئذ من كون ذلك هو القدر المتيقّن ، وحينئذ تبقى حجّية الظنّ بالطريق شرعاً مشكوكة ، فتندرج في أصالة حرمة العمل بالظنّ ، أو أصالة عدم الحجّية ، إذ لا يدلّ العقل إلاّعلى حجّية مقدار يكون منقذاً لنا من هذين المحذورين ، وحجّية الظنّ بالواقع كافية في ذلك.

بل يمكننا القول بأنّ سلسلة الدليل المذكور لا تعطي إلاّ أنّ الشارع قد جعل الظنّ بالأحكام الواقعية حجّة علينا ، لأنّها هي التي منعنا من الرجوع إلى البراءة والاحتياط فيها ، وبواسطة ذلك استكشفنا أنّ الشارع قد جعل لنا الظنّ حجّة فيها.

واعلم أنّ الشيخ قدس‌سره ذكر حجّية الظنّ بالطريق وسمّاه الظنّ في المسائل الأُصولية ، وقال : وربما منع منه غير واحد من مشايخنا رضوان الله عليهم ، وما استند إليه أو يصحّ الاستناد إليه للمنع أمران : أحدهما : أصالة الحرمة وعدم شمول دليل الانسداد (١). وحاصل ما أفاده في هذا الأمر الأوّل : أنّ دليل الانسداد إمّا يجري

__________________

(١) فرائد الأُصول ١ : ٥٤١.