شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه » (١) لاجتماع الطائفتين في الشبهة الحكمية التحريمية البدوية ، واختصاص أخبار التوقّف وانفرادها بالشبهة المنجّزة ، واختصاص أخبار البراءة وانفرادها بالشبهة الوجوبية غير المنجّزة ، ولا أقل من انفرادها بالشبهة الموضوعية التحريمية غير المنجّزة كما في « كلّ شيء لك حلال ».
لأنّا نقول : إنّ هذا الإجماع ليس بدليل مستقل ، فإنّ الأُصوليين إنّما يقولون بالبراءة في الشبهات الوجوبية والشبهات الموضوعية الغير المنجّزة لأجل أدلّة البراءة. نعم لم يعلم الوجه في إخراج الأخباريين هذه الشبهات ـ أعني الوجوبية والشبهات الموضوعية ـ عن عمدة ما يتمسّكون به للاحتياط ، وهو أخبار التوقّف وأخبار التثليث ، ولا أظنّه إلاّ أنّهم يقدّمون أخبار البراءة ، وحينئذ يكون العمدة هو أخبار البراءة ، ولا محصّل للإجماع المذكور ، وقد عرفت الحال في مقابلة أخبار البراءة لأخبار التوقّف من كون الأُولى مخصّصة للثانية ، فلاحظ.
قوله : ويحتمل قريباً أن تكون روايات التوقّف لإفادة معنى آخر ، وهو أنّ الاقتحام في الشبهات ... الخ (٢).
حاصل هذا المعنى ، هو أنّ كثرة ارتكاب الشبهات يوجب الاقتحام في الحرام الذي هو الهلكة ، لأنّ عدم المبالاة بالشبهات يوجب الجرأة على ارتكاب المحرّمات ، وهذا وإن كان صحيحاً في نفسه إلاّ أنّه لا يمكن حمل الرواية أعني قوله عليهالسلام : « الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام بالهلكات » (٣) [ عليه ] فإنّ
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤ ( مع اختلاف يسير ).
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٣٧٤.
(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٤ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٢ ، ٩ ، ١٣ ، ١٥.