• الفهرس
  • عدد النتائج:

المعنى :

(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ). ما زال الكلام عن أحوال الجنة. قال سبحانه في الآيات السابقة : ان أهل الجنة يتنعمون بأنواع الملذات. وقال في هذه الآية : انهم يتكالمون مسرورين عما كان يجري معهم في الحياة الدنيا ، من ذلك (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ). يتحدث هذا المؤمن الى إخوانه وجيرانه عن جليس له كان يسخر من الذين آمنوا بيوم الدين ، ويقول فيما يقول : أبعد الفناء نبعث أحياء؟ حديث خرافة يا أم عمرو .. وهذا ما يلوكه كل ملحد .. والسر ان الايمان بالبعث فرع عن الايمان بالوحي من الله الى من اصطفى من عباده ، والملحد لا يؤمن بهذا الوحي فكيف يؤمن بالبعث بعد الموت؟. وفي جملة واحدة ان البعث غيب ، والغيب أسطورة عند الملحدين.

(قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ). الخطاب من المؤمن لزملائه في الجنة يدعوهم أن يشرفوا على جهنم ليروا عاقبة ذاك الساخر المكابر (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ). قال لهم هذا ، وأشرف هو على جهنم فرأى قرينه في قلبها (قال ـ له موبخا ـ تالله ان كدت لتردين) أي تهلكني وتوقعني في الشك بوسوستك وشكوكك (وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) معك في سواء الجحيم.

ثم يلتفت المؤمن الى إخوانه ويقول لهم : (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يتحدث فرحا بما أصاب ، ويقول : تجاوزنا الامتحان بنجاح ، ولله الحمد .. فلا موت ولا أتعاب بعد اليوم .. لا شيء إلا نعمة الله ورضوانه ، وفي هذا المعنى قوله : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ـ ٥٧ الدخان.

(لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) ويتنافس المتنافسون .. أضاف سبحانه الأعمال والأفعال الى العباد ، وأوجب عليهم عمل ما فيه خيرهم وصلاحهم ، ونهاهم عما يعود عليهم بالشر والفساد ، وترك لهم الخيار فعلا وتركا فيما عدا ذلك ، ووعد