• الفهرس
  • عدد النتائج:

وسواء أصحت هذه الرواية ، أم لم تصح فإنها أوضح مثال على ان الله سبحانه قد منح لقمان الحكمة والمعرفة ، ويظهر من أقوال المفسرين وأهل السير انه كان معاصرا للنبي داود. انظر تفسير الآية ٨٠ من الأنبياء.

(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ). بعد ان ذكر سبحانه انه قد منّ على لقمان بالحكمة ذكر طرفا من مواعظه لابنه رفقا به وشفقة عليه ، وقد أوصى الإمام علي ولده الإمام الحسن (ع) بوصية طويلة جاء في مقدمتها : «وجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأن شيئا لو أصابك أصابني ، وكأن الموت لو أتاك أتاني فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي». قال لقمان :

١ ـ (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). يرى بعض المفسرين ان هذا القول من لقمان لابنه يشعر بأن ابنه كان مشركا. والحق ان النهي عن الشيء لا يدل على صدوره من المخاطب ، فقد خاطب سبحانه خليله ابراهيم (ع) بقوله : (أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً) ـ ٢٦ الحج ، وقال لحبيبه محمد (ص) : (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) ـ ٥٢ الفرقان. وقال الإمام علي (ع) للإمام الحسن (ع) : اعتصم بالله .. وليكن له تعبدك .. ولو كان لربك شريك لأتتك رسله.

٢ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ). هذه الآية والتي بعدها استطراد في سياق وصية لقمان لابنه .. والوهن الضعف والجهد ، وكلما نما الجنين في بطن أمه زادها ضعفا وجهدا (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ). ترضع الأم ولديها عامين ، ثم تفطمه عن الرضاع ، وتقاسي خلالهما الشدائد بالاضافة إلى ما قاسته أيام الحمل وعند الوضع. وتقدم الكلام مفصلا عن مدة الرضاع عند تفسير الآية ٢٣٣ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٥٦ وما بعدها (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فأسالك يومئذ : هل كنت من أهل الشكر والطاعة أو العقوق والمعصية لي ولوالديك (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما) حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) بخفض الصوت وطيب الكلام ولين العريكة ، والحرص على ما يرغبان. وتقدم الكلام عن البر بالوالدين مفصلا عند تفسير الآية ٢٣ من سورة الإسراء ج ٥ ص ٣٥ وتفسير الآية ٨ من سورة العنكبوت.