بقوّته من شمال شبام واتّخذ له أخدودا بجنوبها ؛ إذ قد اجتاح كثيرا من الخبّة (١) الّتي كانت متّصلة بشبام ، ثمّ عمّرت شيئا فشيئا ، وما زالت معمورة حتّى اجتاحها سيل الإكليل الجارف في سنة (١٠٤٩ ه) (٢).
ثمّ أحبّ آل شبام التّنزّه .. فعمّروها واحدا واحدا ، حتّى صارت قرية ، وعند ذلك ابتنى السّيّد عقيل بن عليّ السّقّاف مسجدا في حدود سنة (١٠٦٣ ه) ، وأحبّ أن يجمّع فيه ، فاختلف عليه العلماء ـ حسبما فصّلناه ب «الأصل» ـ فامتنعت الجمعة (٣)
وما يفهمه قول ياقوت السّابق : (إنّ الحسين بن سلامة (٤) ابتنى جامع شبام) محمول على التّجديد أو التّرميم ، وإلّا .. فقد كان جامعها مبنيّا قبل ذلك بزمان ؛ ففي تاريخ القاضي محمّد بن عبد الرّحمن باشراحيل أنّه (بني في سنة «٢١٥ ه» ، وأنّه كالقطب الّذي تدور عليه غالب شعائر الدّين بشبام).
وله أوقاف تنسب إلى هارون الرّشيد ، وهو شاهد بأنّ بناءه كان متقدّما على هذا التّاريخ الّذي ذكره باشراحيل ؛ لأنّ وفاة الرّشيد كانت في سنة (١٩٣ ه).
وممّا يدلّ لتقدّمه : ما نقله الشّيخ العلّامة عبد الله بلحاج ، عن العلّامة الشّيخ محمّد بن سعيد باشكيل : (أنّ آل باذيب من الأزد ، وأصلهم من البصرة ، ثمّ استوطنوا شباما.
__________________
(١) الخبّة ـ بتثليث الخاء ـ : هي الطريق الرملية ، كما في «القاموس». ويطلق هذا الاسم على البقعة التي يعلوها جبل الخبّة جنوب مدينة شبام ، وهي القرية المسمّاة : (السّحيل ـ سحيل ابن مهري).
(٢) «عقد الجواهر والدرر» ، و «العدة المفيدة» (١ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧) ، وكان سيلانه في صفر. وهناك سيل آخر يسمى : الإكليل ، سال سنة (١٣٣٥ ه) ، ويعرف بسيل بن ربيدان.
(٣) المسألة في «مجموع» الحبيب طه بن عمر الصافي (١٠٨ ـ ١١٢) ، وهو جواب صدر من العلامة الكبير الشيخ أحمد صفي الدين القشاشي المدني ، وذيّل على الجواب بكلام نفيس محرر الإمام الفقيه أحمد محمد مؤذن الصبحي باجمال ، وحاصل الفتوى : أن مباني الخبة وهي حدود (٢٠٠) دار والثلاثة المساجد التي بها لا تعد قرية مستقلة ، بل هي من أعمال شبام .. فلا يصح فيها إقامة الجمعة.
(٤) هو الحسين بن سلامة النوبي ، أمير تهامة اليمن ، كان نوبيا من موالي بني زياد ولاة اليمن ، ولما تضعضع حكم آل زياد .. نهض الحسين وتسلم مقاليد الإمارة في حدود سنة (٣٧٥ ه) ، وكان رجلا عادلا ، واختط عدة مدن ، وأنشأ الجوامع وحفر الآبار .. أقام في الحكم (٣٠) سنة ومات بزبيد سنة (٤٠٢ ه).