تفسير المراغي - ج ٦

أحمد مصطفى المراغي

(حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) فيما دعيا إليه من التوحيد الخالص ، والعمل الصالح ، وفيما بشرا به من بعثة النبي الذي يجىء من ولد إسماعيل الذي سماه المسيح روح الحق والبارقليط.

(وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) على لسان محمد وهو القرآن المجيد فهو الذي أكمل به دين الأنبياء والمرسلين بحسب سنن الله فى الكون.

(وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً) أي وأقسم بأن الكثير من أهل الكتاب لا يزيدهم القرآن الذي أكمل الله به الدين المنزل على محمد خاتم النبيين إلا غلوّا فى تكذيبهم وكفرا على كفرهم ، لأنهم لم ينظروا فيه نظرة إنصاف ، بل نظروا إليه بعين العصبية والعدوان ، إذ كانوا على تقاليد وثنية ، وأعمال وعادات سخيفة ، فلم يكن لهم من الدين الذي يدينون به ما يقرّبهم إلى فهم حقيقة الإسلام ، ليعلموا أن دين الله واحد ، وأن ما سبق بدء وهذا إتمام.

أما غير الكثير وهم الذين حافظوا على التوحيد ولم تحجبهم عن نور الحق شتى التقاليد فهم الذين ينظرون إلى القرآن بعين البصيرة ، فيعلمون أنه الحق من ربهم ، وأن من أنزل عليه هو النبي المبشر به فى كتبهم ، فيسارعون إلى الإيمان به بحسب حظهم من سلامة الوجدان واطمئنان النفس ، بما لديها من العلم والعرفان.

(فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) قال الراغب : الأسى الحزن ، وأصله إتباع الفائت بالغم ، أي فلا تحزن عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم ، فإن ضرر ذلك راجع إليهم لا إليك ولا إلى المؤمنين ، وحسبك الله ومن اتبعك من مؤمنى قومك ومن مؤمنى أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وغيره من علمائهم.

والعبرة للمسلم من هذه الآية أن يعلم أنه لا يكون على شىء يعتدّ به من أمر الدين حتى يقيم القرآن وما أنزل إليه من ربه فيه ويهتدى بهديه ، فحجة الله على عباده واحدة ، فإذا كان الله لا يقبل من أهل الكتاب قبلنا ما ورثوه من تلك التقاليد التي صدتهم عما عندهم من وحي الله ، فإنه لا يقبل منا مثل ذلك مع حفظنا لكتابنا

١٦١

والناس عن مثل هذا غافلون ، وإلى حكمة الدين ومقاصده لا ينظرون ، ويحسبون أنهم على شىء ، ألا إنهم هم الكاذبون.

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي إن الذين صدقوا الله ورسوله ، والذين دخلوا اليهودية ، والصابئين الذين يعبدون الملائكة ويصلّون إلى غير القبلة ، والنصارى ، من أخلص منهم الإيمان بما ذكر دواما وثباتا كما فى المؤمنين المخلصين ، أو إيجادا وإنشاء كما هو حال المنافقين وغيرهم من الطوائف الأخرى ، فلا خوف عليهم فيما قدموا عليه من أهوال القيامة ولا هم يحزنون على ما خلّفوا وراءهم من لذات الدنيا وعيشها بعد معاينتهم ما أكرمهم الله به من جزيل ثوابه.

وفى الآية إيماء إلى أن أهل الكتاب لم يقيموا دين الله ، لا الوسائل منه ولا المقاصد ، فلا هم حفظوا نصوص الكتب كلها ، ولا هم تركوا ما عندهم منها على ظواهرها ، ولا هم آمنوا بالله واليوم الآخر على الوجه الذي كان عليه سلفهم الصالح ، ولا هم عملوا الصالحات كما كانوا يعملون ، إلا قليلا منهم عذّبوا على توحيد الله ورموا بالزندقة لرفضهم تقاليد الكنائس والبدع التي شرعها الأحبار والرهبان ، كما أن فيها ترغيبا لمن عدا من ذكروا فى الإيمان والعمل الصالح ليكون لهم من الجزاء مثل ما لأولئك.

(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٧١) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ

١٦٢

إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥))

المعنى الجملي

بعد أن ذكر سبحانه أنه أخذ الميثاق على بنى إسرائيل وبعث فيهم النقباء ـ أعاد التذكير به هنا مرة أخرى ، وبيّن عتوّهم وشدة تمردهم وما كان من سوء معاملتهم لأنبيائهم.

الإيضاح

(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) الميثاق هو العهد الموثّق ، وقد أخذ الله عليهم العهد فى التوراة بتوحيده واتباع الأحكام التي شرعها لهدى خلقه وتحليهم بحلي الفضائل ومكارم الأخلاق ، وقد نقضوا هذا الميثاق كما تقدم أول السورة وعاملوا الرسل تلك المعاملة ـ وهو أنه كلما جاءهم رسول بشىء لا تهواه أنفسهم عاملوه بأحد الأمرين إما التكذيب المستلزم للإعراض والعصيان وإما القتل وسفك الدماء.

وخلاصة ذلك ـ إنهم بلغوا من الفساد واتباع الأهواء أخشنها مركبا ، وأشدها

١٦٣

عتوا وضلالا ، حتى لم يعد يؤثر فى قلوبهم وعظ الرسل ولا هديهم ، بل صار ذلك مغريا لهم بزيادة الكفر والتكذيب وقتل أولئك الهداة البررة والسادة الأخيار.

ثم ذكر ما سولته لهم أنفسهم على سوء أفعالهم فقال :

(وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) الفتنة الاختبار بشدائد الأمور كتسلط الأمم القوية عليهم بالقتل والتخريب والاضطهاد : أي وظنوا ظنا قويا تمكن من نفوسهم أنه لا تقع لهم فتنة بما فعلوا من الفساد ، لأنهم كانوا يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه ، ويعتقدون أن نبوة أسلافهم وآبائهم تدفع عنهم العقاب الذي يستحقونه بسبب ذلك القتل والتكذيب.

ثم بين نتائج ذلك فقال :

(فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) أي فعموا عن آيات الله التي أنزلها فى كتبه مرشدة إلى عقابه للأمم المفسدة الظالمة ، وعما وضعه من السنن فى خلقه مصدقا لذلك ، وصموا عن سماع المواعظ التي جاءهم بها أولئك الرسل وأنذروهم بالعقاب إذا هم خالفوها ونقضوا الميثاق وخرجوا عن هدى الدين ، وظلموا أنفسهم واتبعوا أهواءهم وساروا فى غيهم ، وانهمكوا فى ضلالهم ، فسلط الله عليهم من سامهم الخسف وأوقع بهم البوار والدمار ، فجاس البابليون خلال ديارهم ، وأحرقوا المسجد الأقصى ونهبوا أموالهم وسبوا أولادهم ونساءهم وسلبوهم أموالهم وثلوّا عروش ملكهم ، ثم رحمهم الله وتاب عليهم حين أقلعوا عن الفساد وأعاد إليهم ملكهم وعزهم على يد ملك من ملوك الفرس ، إذ جاء إلى بيت المقدس وعمره وردّ من بقي من بنى إسرائيل فى أسر بختنصّر إلى وطنهم ، ورجع من تفرق منهم فى الأقطار فاستقروا وكثروا وكانوا كأحسن ما كانوا.

ثم عموا وصموا مرة أخرى وعادوا إلى ظلمهم وفسادهم فى الأرض وقتلوا الأنبياء بغير حق فقتلوا زكريا وأشعيا وأرادوا قتل عيسى عليه السلام ، فسلط الله عليهم الفرس ثم الروم (الرومانيين) فأزالوا ملكهم واستقلالهم.

١٦٤

وفى قوله (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) إشارة إلى أن عمى البصيرة والصمم عن المواعظ لم يكن للجميع بل كان للكثير منهم ، والله تعالى يعاقب الأمم بذنوبها إذا كثرت وشاعت فيها ، إذ العبرة بالغالب لا بالأفل النادر الذي لا يؤثر فى صلاح ولا فساد ومن ثم قال تعالى : «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً».

(وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) لنبيه وخاتم أنبيائه من الكيد والمكر وتدبير الإيقاع به وتأليب القبائل والشعوب المختلفة لتكون يدا واحدة للفتك به ، وما سبب ذلك إلا اتباعهم للهوى ، وأنهم عموا وصموا مرة أخرى فصاروا لا يبصرون ما جاء به من النور والهدى ولا يسمعون ما يتلوه عليهم من الآيات ، وسيعاقبهم الله على ذلك بمثل ما عاقبهم به من قبل وينكّل بهم أشد النكال ، ويذيقهم أنواع الوبال.

وبعد أن عدد قبائح اليهود ومخازيهم شرع يفصل قبائح النصارى ويبطل أقوالهم الفاسدة وآراءهم الزائفة ، فقال :

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) أي أقسم إن هؤلاء الذين ادّعوا أن الله هو المسيح بن مريم ـ قد كفروا وصلّوا ضلالا بعيدا ، إذ هم فى إطرائه ومدحه غلوا أشد من غلوّ اليهود فى الكفر به وتحقيره ، وقولهم عليه وعلى أمه الصدّيقة بهتانا عظيما ؛ وقد صارت هذه المقالة هى العقيدة الشائعة عندهم ، ومن عدل عنها عدّ مارقا من الدين فقالوا : إن الإله مركب من ثلاثة أصول يسمونها (الأقانيم الثلاثة) وهى الآب والابن وروح القدس فالمسيح هو الابن والله هو الآب وقد حل الآب فى الابن واتحد به فكون روح القدس ، وكل واحد من هذه الثلاثة عين الآخرين.

وخلاصة ذلك ـ الله هو المسيح ، والمسيح هو الله كما يزعمون.

ثم ذكر أن المسيح يكذبكم فى ذلك فحكى عنه :

(وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) أي والحال أن المسيح قال لهم ضد ما يقولون. فقد أمرهم بعبادة الله وحده ، معترفا بأنه ربه وربهم ، ودعا بنى إسرائيل الذين أرسل إليهم إلى عبادة الله وحده ، ولا يزال هذا الأمر محفوظا فى الأناجيل التي كتبت لبيان بعض سيرته وتاريخه ففى إنجيل يوحنا (وهذه هى الحياة الأبدية

١٦٥

أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته) فدين المسيح مبنى على التوحيد المحض ، وهو دين الله الذي أرسل به جميع رسله.

وفى هذه المقالة تنبيه إلى ما هو الحجة القاطعة على فساد قول النصارى لأنه عليه السلام لم يفرق بين نفسه وغيره فى أن دلائل الحدوث ظاهرة على الجميع.

وبعد أن أمرهم عليه السلام بالتوحيد الخالص ، أتبعه بالتحذير من الشرك والوعيد عليه ، فقال :

(إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) أي إن كل من يشرك بالله شيئا من ملك أو بشر أو كوكب أو حجر أو نحو ذلك فيجعله ندّا له أو متحدا به ، أو يدعوه لجلب نفع أو دفع ضرر ، أو يزعم أنه يقرّ به إليه زلفى فيتخذه شفيعا ليؤثر فى إرادته تعالى وعلمه ، ويحمله على شىء غير ما سبق به علمه وخصصته إرادته فى الأزل ـ من يفعل ذلك فإن الله قد حرم عليه الجنة فى سابق علمه ، وبمقتضى شرعه الذي أوحاه إلى جميع رسله ، فلا مأوى له إلا النار التي هى دار العذاب والذل والهوان ـ وما للظالمين لأنفسهم بشركهم بالله من نصير ينصرهم ولا شفيع ينقذهم مما يحل بهم «مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ».

وفى هذا إيماء إلى أن النصارى كانوا يتكلمون على كثير من القديسين ، إذ كانت وثنية الشفاعة قد فشت فيهم وإن لم تكن من أصل دينهم.

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) أي لقد كفر الذين قالوا إن الله خالق السموات والأرض وما بينهما ـ ثالث أقانيم ثلاثة ، أب والد غير مولود ، وابن مولود غير والد ، وزوج متتبعة بينهما.

والخلاصة ـ إن الفرق ثلاثة :

(١) إن إلههم ثالث ثلاثة (٢) إن الله هو المسيح ابن مريم (٣) إن المسيح هو ابن الله وليس هو الله والمتأخرون من النصارى يقولون بالأقانيم الثلاثة وأن كل واحد منهما عين الآخر

١٦٦

فالآب عين الابن وعين روح القدس ، ولما كان المسيح هو الابن كان عين الآب وروح القدس أيضا ، وقد ذكرنا فيما سلف أن النصارى أخذوا عقيدة التثليث من قدماء الوثنيين.

ثم ردّ الله عليهم ما قالوه بلا روية ولا بصيرة ، فقال :

(وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) أي ولا يوجد إله إلا من اتصف بالوحدانية وهو الإله الذي لا تركيب فى ذاته ولا فى صفاته ، فليس ثمّ تعدد ذوات وأعيان ، ولا تعدد أجناس وأنواع ، ولا تعدد جزئيات وأجزاء.

ثم توعدهم على هذه المقالة فقال :

(وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي وإن لم يتهوا عن قولهم بالتثليث ويتركوه ، ويعتصموا بعروة التوحيد ويعتقدوه ، فو الله ليصيبّهم عذاب شديد يوم القيامة جزاء كفرهم.

وفى الآية إيماء إلى أن هذا العذاب لا يمس إلا الذين كفروا منهم خاصة دون من تاب وأناب إلى الله تعالى ورجع عن عقيدة التثليث وغيرها.

ثم تعجب من حالهم بإصرارهم على التثليث بعد أن ظهرت لهم البينات ، وقامت عليهم الحجج المبطلة له ، والنذر بالعذاب المرتب عليه ، فقال :

(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ؟) أي أيسمعون ما ذكر من التفنيد لآرائهم والوعيد عليها ، ثم لا يحملهم ذلك على التوبة والرجوع إلى التوحيد واستغفار الله عما فرط منهم ، والحال أن ربهم واسع الرحمة عظيم المغفرة يقبل التوبة من عباده ويغفر لهم ما فرط من الزلات إذا هم آمنوا وأحسنوا واتقوا وعملوا الصالحات.

ثم ذكر أن المسيح رسول كغيره من الرسل وأقام الدليل على ذلك فقال :

(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) أي ليس المسيح إلا رسول من الرسل الذين بعثهم الله لهداية عباده ، قد مضت من قبله رسل اختصهم مثله بالرسالة وأيدهم بالآيات ، وأمه صديقة فلها فى الفضل مرتبة

١٦٧

تلى مرتبة الأنبياء والمرسلين.

ونحو الآية قوله : «وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ».

أما حقيقتهما النوعية والجنسية فهى مساوية لحقيقة غيرهما من أفراد نوعهما وجنسهما فهما يأكلان الطعام ليقيما بنيتهما ويمدّا حياتهما لئلا ينحل بدنهما ويهلكا ، وكذلك يعرض لهما ما يستلزمه أكل الطعام من الحاجة إلى دفع الفضلات ، فلا يمكن أن يكون كل منهما إلها خالقا ولا ربا معبودا ، ومن السفه أن يحتقر الإنسان نفسه ويحتقر جنسه ويرفع بعض المخلوقات المساوية له فى الماهية والمشخصات والممتازة بميزات عرضية فيجعل نفسه عبدا لها ويسميها آلهة أو أربابا.

وبعد أن بين حالهما بيانا لا يحوم حوله شائبة من الريب ، تعجب من حال من يدّعى لهما الربوبية ولا يرعوى عن غيه وضلاله ولا يتأمل فيما هو عليه من أفن الرأى والخطأ ، فقال :

(انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) الآيات هى الدلائل القاطعة ببطلان ما يدّعون ، ويؤفكون أي يصرفون عن التأمل فيها لسوء استعدادهم وخبث نفوسهم.

أي انظر أيها السامع نظرة عقل وفكر ، كيف نبين لهؤلاء النصارى الآيات والبراهين البالغة أقصى الغايات فى الوضوح على بطلان ما يدّعون فى أمر المسيح ثم هم بعد ذلك يعرضون عنها ، وكيف لا ينتقلون من مقدماتها إلى نتائجها ، ومن مباديها إلى غاياتها ، فكأنهم فقدوا عقولهم وصارت أفئدتهم هواء.

(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا

١٦٨

عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩) تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٨١))

تفسير المفردات

الغلو : الإفراط وتجاوز الحد ، والأهواء : الآراء التي تدعو إليها الشهوة دون الحجة ، واللعن : الحرمان من لطف الله وعنايته ، يتولون الذين كفروا : أي يوالونهم ويزينون لهم أهواءهم.

الإيضاح

(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً؟) أي قل أيها الرسول لهؤلاء النصارى وأمثالهم ممن عبدوا غير الله ـ أتعبدون من دونه أي متجاوزين عبادته وحده ـ ما لا يملك لكم ضرا تخشونه أن يعاقبكم به إذا أنتم تركتم عبادته ، ولا يملك لكم نفعا ترجون أن يجزيكم به إذا عبدتموه؟.

وفى هذا إيماء إلى دحض مقالتهم بالحجة والدليل فإن اليهود ، وقد كانوا يعادون المسيح ويقصدونه بالسوء لم يقدر على الإضرار بهم ، وأنصاره وصحابته مع شديد محبتهم له لم يستطع إيصال نفع من منافع الدنيا إليهم ، والعاجز عن الضر والنفع كيف يعقل أن يكون إلها؟.

١٦٩

وإذا كان قول النصارى فى المسيح من أشد أنواع الغلوّ فى الدين بتعظيم الأنبياء فوق ما يجب أن يكون لهم من التعظيم وكان إيذاء اليهود له وسعيهم فى قتله من الغلو فى الجمود على تقاليد الدين التي ابتدعوها واتباع أهوائهم بلا علم ، وكان هذا الغلوّ هو الذي دعاهم إلى قتل زكريا واشعيا قال تعالى :

(يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) سواء السبيل : وسطه الذي لا غلوّ فيه ولا تفريط وهو الإسلام ، وضلالهم : ترك شريعتهم واتباعهم الأهواء الفاسدة الموافقة لشهوات النفوس الجامحة بها إلى الحصول على اللذات والإعراض عن الدين جانبا ، وضلالهم عنه هو : إعراضهم عن اتباعه.

نهى سبحانه أهل الكتاب الذين كانوا فى عصر التنزيل عن الغلوّ الذي كان عليه من قبلهم من أهل ملتهم ، وعن التقليد الذي كان سبب ضلالهم ، إذ هم قد اتبعوا أهواءهم وتركوا سنن الرسل والنبيين والصالحين من قبلهم ، لأن كل أولئك كانوا موحدين وكانوا ينكرون الشرك والغلو فى الدين ، فعقيدة التثليث وتلك الشعائر الكنسية المستحدثة من بعدهم كشرع عبادات لم يأذن بها الله ، وتحريم ما لم يحرمه الله من الطيبات بل حرمها القسيسون والرهبان على أنفسهم وعلى من اتبعهم ، مبالغة فى التنسك والزهد أو رياء وسمعة ، وجعل الأنبياء والصالحين أربابا ينفعون ويضرون بسلطة غيبية لهم فوق سنن الله فى الأسباب والمسببات الكسبية ، ولذا جعلوهم آلهة يعبدون من دون الله أو مع الله.

كل أولئك قد ضلوا به وأضلوا كثيرا ممن اتبعهم فيه وسيكون سبب شقائهم وعذابهم فى الآخرة إن لم يرجعوا عنه وينيبوا إلى الله منه.

وبعد أن بين الله ضلالهم وإضلالهم ذكر أسباب ذلك وأرشد إلى ما أخذهم به ، فقال :

(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ

١٧٠

بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) أي لعن الله الذين كفروا من بنى إسرائيل فى الزبور والإنجيل على لسان هذين النبيين ، فقد لعن داود عليه السلام من اعتدى منهم فى السبت أو لعن العاصين المعتدين عامة ، وكذلك لعنهم عيسى عليه السلام وهو آخر أنبيائهم ، وما سبب ذلك اللعن الذي امتدّ واستمر إلا تماديتهم فى العصيان وتمردهم على الأديان ، كما يدل عليه قوله : وكانوا يعتدون.

ثم بين سبحانه أسباب استمرارهم على العصيان وتعدى الحدود فقال :

(كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) أي كان من دأبهم ألا ينهى أحد منهم أحدا عن منكر يقترفه مهما قبح وعظم ضرره ، والنهى عن المنكر هو حفاظ الدين ، وسياج الفضائل والآداب ، فإذا تجرأ المستهترون على إظهار فسقهم وفجورهم ورآهم الغوغاء من الناس قلدوهم فيه ، وزال قبحه من نفوسهم ، وصار عادة لهم ، وزال سلطان الدين من قلوبهم وتركت أحكامه وراءهم ظهريا.

وفى الآية إيماء إلى فشوّ المنكرات فيهم وانتشار مفاسدها بينهم ، إذ لولا ذلك كان ترك التناهى شأنا من شئونهم ، وعادة من عاداتهم.

(لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) هذا تقبيح لسوء فعلهم وتعجب منه وذم لهم على اقتراف بعضهم للمنكرات وإصرارهم عليها ، وسكوت آخرين ورضاهم بها ، وفى سوق الآية إرشاد للمؤمنين وعبرة لهم ، حتى لا يفعلوا فعلهم فيكونوا مثلهم ويحل بهم من غضب الله ولعنه مثل ما حل ببني إسرائيل.

روى أبو داود والترمذي عن ابن مسعود أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أول ما دخل النقص على بنى إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ـ إلى قوله فاسِقُونَ) ثم قال صلى الله عليه وسلم : كلا ، والله لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر ثم لتأخذنّ على يد الظالم ولتأطرنّه (تعطفنّه)

١٧١

على الحق أطرا ولتقسرنّه على الحق قسرا ، أو ليضربنّ الله قلوب بعضكم ببعض ، ثم يلعنكم كما لعنهم».

وأخرج الخطيب من طريق أبى سلمة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «والذي نفس محمد بيده ليخرجنّ من أمتى ناس من قبورهم فى صورة القردة والخنازير بما داهنوا أهل المعاصي وكفّوا عن نهيهم وهم يستطيعون».

والآثار فى هذا الباب كثيرة ، وفيها وعيد عظيم على ترك التناهى ، فهل من مدّكر ، وإلى متى نعرض عن أوامر ديننا ، ولا نرعوى عن غيّنا ، ولا نتّبع أوامر شرعنا؟.

وبعد أن ذكر الله لنبيه أحوال أسلافهم ذكر له أحوال حاضريهم مما يدل على رسوخ تلك الملكات فيهم ، فقال :

(تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي ترى أيها الرسول الكريم كثيرا من بنى إسرائيل يتولون الذين كفروا من مشركى قومك ويحالفونهم عليك ويحرّضونهم على قتالك ، وأنت تؤمن بالله وبما أنزله على رسله وأنبيائه وتشهد لهم بصدق الرسالة وأولئك المشركون لا يؤمنون بكتاب ولا رسول ولا يعبدون إلها واحدا ، ولولا اتباع الهوى وتزيين الشيطان لهم أعمالهم ما فعلوا ذلك ، ولا دار هذا بخاطرهم ، وما استحبّوا العمى على الهدى «(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ» وقد روى أن كعب بن الأشرف وأصحابه ذهبوا إلى مكة واستجاشوا المشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن لم يتم لهم ما أرادوا ، إذ لم يلبّوا لهم دعوة ، ولا استجابوا لهم كلمة.

(لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) أي بئس شيئا قدموه لأنفسهم فى آخرتهم ـ الأعمال التي أوجبت سخط الله وعظيم غضبه وسيجزون بها شر الجزاء ، إذ سيحيط بهم العذاب ولا يجدون عنه مصرفا ، ويخلدون فى النار أبدا ، فالنجاة منه إنما تكون برضا الله عن عبده ، وهم لم يعملوا إلا ما يوجب سخطه وشديد غضبه

١٧٢

(وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ) أي ولو كان أولئك اليهود الذين يتولون الكافرين من مشركى العرب ـ يؤمنون بالنبي الذي يدّعون اتباعه وهو موسى عليه السلام وما أنزل إليه من الهدى والبينات ، لما اتخذوا أولئك الكافرين ممن يعبدون الأوثان والأصنام أولياء وأنصارا ، إذ كانت العقيدة الدينية تصدهم عن ذلك وتدفع عنهم هذه الآصار والآثام التي يقترفونها.

والخلاصة ـ إن هذه الولاية بين اليهود والمشركين لم يكن لها من سبب إلا اتفاق الفريقين على الكفر بالله ورسوله ، والتعاون على حربه ، وإبطال دعوته ، والتنكيل بمن آمن به.

ويرى مجاهد أن المراد بالذين كفروا المنافقون أي : إن أولئك المنافقين كفار ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه كما يدّعون ما اتخذهم اليهود أولياء لهم ، فتولّيهم إياهم من أعظم الأدلة على أنهم يسترون الكفر ويظهرون الإيمان نفاقا ، وكان اليهود يتولون المشركين والمنافقين جميعا لاشتراكهم فى عداوة النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.

وقد بين الله أسباب هذه الألفة والعلة الجامعة بينهم فقال :

(وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) أي ولكن كثيرا منهم متمردون فى النفاق ، خارجون عن حظيرة الدين ، لا يريدون إلا الرياسة والجاه ، ويسعون إلى تحصيلها من أي طريق قدروا عليه ، ومتى سار الكثير من الأمة على طريق تبعه الباقون ، إذ لا عبرة بالقليل فى سيرة الأمة وأعمالها.

وكان الفراغ من مسوّدة تفسير هذا الجزء فى الليلة الثالثة من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية بحلوان من أرباض القاهرة قاعدة الديار المصرية ، ولله الحمد أولا وآخر ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

١٧٣

فهرست

أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

مفاسد الجهر بالسوء من القول.................................................... ٤

سؤال أهل الكتاب للرسول أن ينزل عليهم كتابا من السماء.......................... ٩

حدوث الاشتباه فى الأشخاص لتقارب الشبه جد التقارب........................... ١٣

المراد من التوفى والرفع فى قوله تعالى : «إنى متوفيك ورافعك إلىّ»................... ١٤

فى التوراة التي بين أيديهم جواز أخذ الربا من غير اليهود............................ ١٨

حكمة إرسال الرسل........................................................... ٢٣

آية الله فى خلق عيسى كآيته فى خلق آدم......................................... ٢٩

عقيدة التثليث عقيدة وثنية...................................................... ٣٢

الديانة النصرانية أساسها التوحيد الخالص وحوّلها الكهنة إلى الوثنية.................. ٣٧

العقود ثلاثة أضرب............................................................ ٤٣

الأمر بالتعاون على البر والتقوى................................................. ٤٥

الحكة فى تحريم أكل الميتة والدم.................................................. ٤٧

الوقذ تعذيب للحيوان.......................................................... ٤٩

الاستقسام بالسبح والقرآن...................................................... ٥٢

الاستخارة التي ورد النص عليها.................................................. ٥٣

١٧٤

حكم مؤاكلة أهل الكتاب ومناكحتهم............................................ ٥٨

الحكمة فى شرع الوضوء والغسل................................................ ٦٥

آيات الله قسمان............................................................... ٦٩

نقباء بنى إسرائيل............................................................... ٧٣

تحريف الكلم وأنواعه........................................................... ٧٥

القرآن يبين كثيرا مما كان يخفيه أهل الكتاب...................................... ٧٩

اليهود يعتقدون أنهم شعب الله المختار من سائر البشر.............................. ٨٥

عقاب بنى إسرائيل بالتيه أربعين سنة.............................................. ٩٣

القرابين لدى اليهود والنصارى والمسلمين......................................... ٩٨

متى يكون الندم توبة؟......................................................... ١٠١

العبرة من قصص ابني آدم...................................................... ١٠٣

جزاء قطاع الطرق............................................................ ١٠٥

معنى الوسيلة والتوسل......................................................... ١٠٩

المقدار الذي يوجب قطع اليد عند السرقة....................................... ١١٤

إنكار اليهود لحكم الزاني فى التوراة حتى أطلعهم النبي صلى الله عليه وسلم.......... ١١٦

كان من وظيفة اليهود التجسس للمشركين فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.... ١١٨

اليهودي سماع للكذب على الرسول أكال للسحت.............................. ١٢٠

اليهود تركوا التوراة وتحاكموا إلى الرسول ليحكم على حسب أهوائهم............. ١٢١

كتمان اليهود لوصف النبي صلى الله عليه وسلم والبشارة به....................... ١٢٤

الإنجيل لا يحتضن أحكاما...................................................... ١٢٨

الشريعة اسم للأحكام العملية ، والدين أعم من ذلك............................. ١٣٠

الشرائع تختلف باختلاف الزمان والمكان........................................ ١٣٠

١٧٥

توبيخ اليهود على طلب حكم الجاهلية وهم أهل كتاب........................... ١٣٣

عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انقسم الكافرون أقساما ثلاثة............ ١٣٥

الموالاة بين المختلفين فى الدين لمصالح دنيوية ليس بالمنهي عنها...................... ١٣٦

ارتد كثير من القبائل فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده...................... ١٣٩

صفة المؤمن حقا.............................................................. ١٤٢

الله ورسوله ولىّ المؤمنين....................................................... ١٤٣

النهى عن موالاة أهل الكتاب والمشركين........................................ ١٤٥

الإسلام نهج مع أهل الكتاب سياسة غير سياسته مع مشركى العرب............... ١٤٦

النعي على اليهود لتركهم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر....................... ١٥٠

المقصد من الأديان العمل بها................................................... ١٥٧

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزل (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فترك ذلك ١٦٠

المسلم ليس على شىء يعتدّ به من الدين حتى يقيم القرآن ويهتدى بهديه............ ١٦١

النصارى يقولون : الله هو المسيح والمسيح هو الله................................. ١٦٥

النصارى فرق ثلاث.......................................................... ١٦٦

نهى الله أهل الكتاب عن الغلوّ فى دينهم......................................... ١٧٠

كان كثير من أهل الكتاب يوالون المشركين..................................... ١٧٢

١٧٦