رسائل آل طوق القطيفي - ج ٢

الشيخ أحمد آل طوق

رسائل آل طوق القطيفي - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طوق


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

ولهذا احتاج إلى تسليمتين.

ويمكن أن يقال : ليس استحباب التسليمتين في حقّه ؛ لكون الاولى ردّاً والثانية مخرجة ؛ لأنه إذا لم يكن على يساره أحد اكتفى بالواحدة عن يمينه وكانت محصّلة للردّ والخروج من الصلاة ، وإنما شرعيّة الثانية ليعمّ السلام على الجانبين ؛ لأنه بصيغة الخطاب ، فإذا وجّه إلى أحد الجانبين اختصّ به وبقي الجانب الآخر بغير تسليم ، ولمّا كان الإمام غالباً ليس على جانبيه أحد اختصّ بالواحدة ، وكذلك المنفرد ، ولهذا حكم ابن الجنيد (١) : بما تقدّم من تسليم الإمام إذا كان في صفّ عن جانبيه ) (٢) ، انتهى.

وظاهره الميل إلى وجوب قصد الإمام التسليم على المأموم ، والمأموم قصد الردّ على الإمام ، وبعضهم على بعض.

وفاضل ( المناهج ) : لمّا أورد عبارة ( الذكرى ) بحروفها من غير مناقشة قال بعدها بلا فصل : ( ولا تتوهّم أنه إن كان يجب على المأمومين ردّ الإمام وجب على كلّ مَنْ سمع تسليم كلّ مصلّ ردّه ؛ لأنه يقصد بتسليمه المؤمنين ؛ لأن الإمام ينبغي أن يخصّ المأمومين بالتسليم من بين المؤمنين ثمّ يقصد سائرهم ، بخلاف غير المأموم فإنه غير مقصود بخصوصه ، على أن قصده المؤمنين غير معلوم ، بخلاف قصد المأمومين فإنه الظاهر ) ، انتهى.

قلت : ظاهره كـ ( الذكرى ) وجوب قصد الإمام التسليم على المأموم والمأموم الردّ على الإمام وبعضهم على بعض ، إلّا إن قوله : ( ثمّ يقصد سائرهم ) لم يظهر لي معناه ، فإن ( ثمّ ) تقتضي الترتيب مع التراخي ، والقصد سابق على التسليم قطعاً.

والوجه في أنه لا يجب الردّ على كلّ مَنْ سمع تسليم مُصَلّ غير المأموم أن قصارى الأمر استحباب قصد سائر المؤمنين مع جملة مَنْ يقصد بتسليمه ، ولا نعلم قائلاً بوجوب هذا القصد ، ولا دليلاً عليه ، والأصل عدمه ، والسامع لا يجب عليه الردّ ،

__________________

(١) عنه في مختلف الشيعة ٣ : ٥١٦ / المسألة : ٣٧٩.

(٢) الذكرى : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ( حجريّ ).

١٠١

إلّا إذا تيقّن أنه مقصود بالسلام ، ولا قرينة تدلّ على قصده ، فلا يجب الردّ.

بل الظاهر أنه لا يشرع إلّا للمأموم ؛ لعدم الدليل على مشروعيّته حينئذٍ ، ولأنه خلاف عمل المسلمين في سائر الأزمان والأصقاع ، كما لا يخفى.

ثمّ قال رحمه‌الله بعد قول ( الروضة ) : ( فليقصد بالأُولى الردّ على الإمام ) (١) ـ : ( لأنه حقّ آدمي أداؤه واجب مضيّق ، ولكن ينافيه الإيماء إلى اليمين كما لا يخفى ، بل الأوْلى أن يقصد بالأُولى الردّ مضافاً إلى مقصده. وقال في ( البيان ) : ( الظاهر أن ردّ السلام هنا غير واجبٍ ؛ لعدم قصد المصلّي التحيّة المحضة ) (٢) أقول : ولو سلّم ، فلمّا لم يكن القصد واجباً لم يتيقّن المأموم قصده ، فلم يعلم بما يوجب الردّ ) ، انتهى.

قلت : لا ينافيه الإيماء إلى اليمين لوجهين :

أحدهما : أنه حينئذٍ تعبّد محض.

والثاني : أن العلّة في هذا الإيماء إدخال الكاتبين في التسليم ، كما صرّح به بعض الأخبار (٣) ، فلا منافاة بين وجوب ردّ المأموم لأنه مسلّم عليه وبين الالتفات.

ومعنى عدم قصد المصلّي التحيّة المحضة إنه يقصد التحيّة بجزء من الصلاة ، فهو تحيّة وجزء ، وأنت خبير بأن قصد الجزئيّة مع قصد التحيّة لا ينافي وجوب الردّ.

نعم ، إن قلنا : إن قصد التحيّة بالسلام للمأموم غير واجب ، توجّه عدم وجوب الردّ ؛ لعدم تيقّن المأموم أن الإمام سلّم عليه ، بل على هذا لا يظهر وجه لمشروعيّة الردّ بمجرّد الاحتمال الإمكاني ، مع عدم إمكان إطلاق المأموم على قصد الإمام ، فالاستحباب حينئذٍ يحتاج إلى دليل ، فأمّا الوجوب إن قلنا بوجوب قصد الإمام التسليم على المأموم ، أو عدم مشروعيّة قصد الردّ إن لم نقل به.

والتحقيق أن نقول : الذي يظهر لي بعد تدبّر الأخبار واستشهاد الاعتبار أن المنفرد والإمام والمأموم يلزمهم قصد التسليم على محمّد وآل محمَّد صلى‌الله‌عليه‌وآله : ، وذلك أنه

__________________

(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ( المتن ) ١ : ٢٨٠.

(٢) البيان : ١٧٨.

(٣) علل الشرائع ٢ : ٥٧ ـ ٥٨ / ١.

١٠٢

لا ريب في أن التسليم تحيّة ودعاء لمخاطب ، وقد ثبت الأمر به من الشارع على سبيل الوجوب ، وأنه تعبّد كلّ مكلّف بالصلاة به على وجه الجزئيّة من الصلاة ، فلا بدّ أن يُقْصَدَ به مُحيّا مدعوّ له مُسلّمٌ عليه وإلّا لخرج عن مقاصد الحكمة وأُلحِقَ بكلام مَنْ لا قصد له ، وحاشا الحكيم أن يتعبّد العبيد بمثله.

وأيضاً ، فهو كلام خطابي إنشائي موضوع لمعنًى فلا بدّ له من قصد مخاطب معنيّ به ، وإلّا لخرج عن محاورات العقلاء ومقاصد الإنشاءات أو موضوعاتها.

والدليل على وجوب قصد محمّد : وآله الأطياب أنه هم الذين وجب تقديم ذكرهم قبل التسليم بالصلاة عليهم التي هي تجديد العهد المأخوذ لهم في الذرّ والأظلّة فهم بها حضور ، فيخاطبون خطاب الحاضر فهم المدلجون بين يدي كلّ مدلج ، والباب الذي يصعد منه إلى الله كلّ عمل صالح ، وهم الذين يعرضون أعمال الخلائق على الله ، وهم الوجه الذي تقصد به القربات وتتوجّه إليه الصالحات ، وهم الميزان الذي توزن به الأعمال ، فالصلاة الواجبة في الصلاة عليهم والتسليم الواجب فيها لهم وعليهم ؛ لأنهم قبلة كلّ عمل صالح ، بل هم المخاطبون والمخاطبون بالصالحات.

ويؤيّده بل يدلّ عليه ما جاء في تفسير قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (١) مِنْ أن المراد الصلاة عليه والتسليم عليه وله ، فهو أمر ، والأمر للوجوب ، ولا صلاة ولا سلام عليه واجب إلّا في الصلاة ، فتدبّر ، وتفهّم تفهم.

ويستحبّ للمصلّي إدخال المَلَكَيْنِ الكاتبين في قصد التسليم استحباباً مؤكّداً ؛ لدلالة بعض الأخبار عليه ، وأن يقصد أيضاً سائر الأنبياء والملائكة ، فإنهم عباد الله الصالحون ، ولكن بالتبعيّة لمحمّد : وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهم المعنيّون أوّلاً وبالذات بـ : « السلام علينا » وعلى عباد الله الصالحين.

ويتأكّد الاستحباب إن قدّم ذكرهم قبل التسليم بالصلاة والتسليم عليهم ، ولا

__________________

(١) الأحزاب : ٥٦.

١٠٣

يجب ذلك ؛ لأنه لا يجب ذكر غير محمّد وآل محمّد : صلّى الله عليه وعليهم ـ بالصلاة والسلام في الصلاة ، ولكن استحباب ملاحظة إدخال الملكين وسائر الأنبياء وعباد الله الصالحين من الملائكة وغيرهم حينئذٍ ، إنما هو من باب استحباب أفضل فردَي الواجب التخييري ، فافهم.

وإن الإمام يجب عليه مع هذا إدخال المأموم في قصد التسليم أيضاً.

وظاهر ( الذكرى ) (١) أن وجوب عنايتهم بالتسليم مذهب الأصحاب ، فتدبّرها.

ويدلّ عليه من الأخبار مثل ظاهر صحيح زرارة : وفضيل : ومحمّد بن مسلم : عن أبي جعفر عليه‌السلام : إذا كان صلاة المغرب في الخوف فرّقهم فرقتين الخبر.

إلى أن قال فتمّت للإمام ثلاث ركعات ، وللأوّلين ركعتان في جماعة ، وللآخرين واحدة (٢) ، فصار للأوّلين التكبير وافتتاح الصلاة ، وللآخرين التسليم (٣) ، فإن المراد به التسليم عليهم.

ويدلّ عليه صريحاً حسنة الحلبي : أو صحيحته : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن صلاة الخوف قال يقوم الإمام وتجي‌ء طائفة من أصحابه فيقومون خلفه ، وطائفة بإزاء العدو ، فيصلّي بهم الإمام ركعة ، ثمّ يقوم ويقومون معه ، فيمثل قائماً ويصلّون هم الركعة الثانية ، ثمّ يسلِّم بعضهم على بعض ، ثمّ ينصرفون فيقومون مقام أصحابهم ، ويجي‌ء الآخرون فيقومون خلف الإمام فيصلِّي بهم الركعة الثانية ، ثمّ يجلس الإمام فيقومون هم فيصلّون ركعة أُخرى ، ثمّ يسلِّم عليهم فينصرفون بتسليمه (٤).

ومثل خبر ابن اذَيْنة : عن الصادق عليه‌السلام : في حديث المعراج قال ثمّ التفتَ فإذا بصفوف من الملائكة والمرسلين والنبيّين يعني : بعد أن صلّى هناك بهم فقيل : يا محمّد : ، سلّم عليهم ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (٥).

وهو صريح في وجوب تسليم الإمام

__________________

(١) الذكرى : ٢٠٥ ـ ٢٠٩ ( حجريّ ).

(٢) في المصدر : « وحداناً » بدل : « واحدة ».

(٣) تهذيب الأحكام ٣ : ٣٠١ / ٩١٧ ، ٩١٨ ، وسائل الشيعة ٨ : ٤٣٦ ، أبواب صلاة الخوف ، ب ٢ ، ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٤٥٥ / ١ ، وسائل الشيعة ٨ : ٤٣٧ ، أبواب صلاة الخوف ، ب ٢ ، ح ٤.

(٥) علل الشرائع ٢ : ٩ / ١ ، وسائل الشيعة ٥ : ٤٦٨ ، أبواب أفعال الصلاة ، ب ١ ، ح ١٠.

١٠٤

على المأموم ، فيجب قصدهم مع القصد الأوّل.

ومثل ظاهر رواية أبي بصير : عن الصادق عليه‌السلام : قال فيها ثمّ تُؤذِنُ القومَ يعني : المأمومين فتقول وأنت مستقبل القبلة : السلام عليكم (١).

ومثل ظاهر موثّقة يونس بن يعقوب ، قلت لأبي الحسن الأوّل عليه‌السلام : صلّيت بقومي صلاة فقمت ولم أُسلّم عليهم ، نسيت ، فقالوا : ما سلّمت علينا قال ألَمْ تسلِّم وأنْت جالس؟ قلت : بلى. قال فلا شي‌ء عليك ، ولو شئت حين قالوا لك ، استقبلتهم بوجهك فقلت : السلام عليكم (٢).

فظاهرها أن الإمام يسلّم على المأموم وأنه معهود بينهم لا يعرفون سواه.

وهذه الرواية أوردها في ( البحار ) من ( قرب الإسناد ) بهذا اللفظ ، ثمّ قال : ( روى الشيخ (٣) : أيضاً هذا الخبر في الموثّق عن يونس : ، وفيه ولو نسيت حين قالوا ولعلّ ما هنا أصوب ) (٤) ، انتهى.

قلت : الظاهر منه أنه نسي إسماعهم التسليم لا أصله بقرينة قوله ألَمْ تسلِّم وأنت جالس يعني : عليهم ، كما هو ظاهره ، فإذن نسخة ( تهذيب الأحكام ) أيضاً تكافئ نسخة ( قرب الإسناد ) في الصواب.

ومثل ما رواه الصدوق : في ( العلل ) و ( العيون ) بسنده من ( علل الفضل ) عن الرضا عليه‌السلام : فإن قال قائل : فَلِمَ جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدله تكبير أو تسبيح أو ضرب آخر؟ قيل : لأنه لمّا كان في دخول الصلاة تحريم الكلام للمخلوقين والتوجّه للخالق ، كان تحليلها كلام المخلوقين والانتقال عنها بدء المخلوقين من الكلام أوّلاً بالتسليم (٥).

فدلّ الخبر على أنه يراعي فيه خطاب مخاطب مخصوص به ، وأحقّ مَنْ

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٨.

(٢) قرب الإسناد : ٣٠٩ / ١٢٠٦.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٣٤٨ / ١٤٤٢.

(٤) بحار الأنوار ٨٢ : ٣٠٣ / ٧ ، قرب الإسناد : ٣٠٩ / ١٢٠٦.

(٥) علل الشرائع ١ : ٣٠٥ / ٩ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٠٨ ـ ١٠٩ / ١ ، بتفاوتٍ يسيرٍ فيهما.

١٠٥

يخاطب به من وجب ذكره قبله ، وهو مَنْ لا يغيب عنه أحد من الخلق ، فإنه سبيل جميع الخلق إلى الله ومَنْ إليه إيابهم وعليه حسابهم. والمأموم ، فإنه قد ربط صلاته بصلاة الإمام ، وهو من شفعائه إلى الله فيها ، فيلزم الإمام الشفاعة له بالسلامة فيها باللفظ ، كما أنه شفيعه فيها بالمعنى. ثمّ بعدهما من ذكر من عباد الله الصالحين من النبيّين والمرسلين والملائكة ، خصوصاً الكرام الكاتبين.

ومثل ما رواه الصدوق : في ( العلل ) بسنده عن المفضّل بن عمر : قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن العلّة التي من أجلها وجب التسليم في الصلاة ، فقال لأنه تحليل الصلاة.

قلت : فلأيّ علّة يسلّم على اليمين ولا يسلّم على نبيّنا قال لأن الملك الموكّل الذي يكتب الحسنات على اليمين ، والذي يكتب السيّئات على اليسار ، والصلاة حسنات ليس فيها سيّئات ، فلها يسلِّم على اليمين دون اليسار.

قلت : فَلِمَ لا يقال : السلام عليك ، والملك على اليمين واحد ، ولكن يقال السلام عليكم؟.

قال ليكون قد سلّم عليه وعلى مَنْ على اليسار ، وفضّل صاحب اليمين عليه بالإيماء إليه.

قلت : فَلِمَ لا يكون الإيماء في التسليم بالوجه كلّه ، ولكن كان بالأنف لمن يصلّي وحده ، وبالعين لمن يصلّي بقوم؟ قال لأن مقعد الملكين من ابن آدم الشِّدْقَيْنِ (١) ، فصاحب اليمين على الشِّدْقِ الأيمن ، وتسليم المصلّي عليه ليثبت له صلاته في صحيفته.

قلت : فَلِمَ يسلّم المأموم ثلاثاً؟ قال تكون واحدة ردّاً على الإمام ، وتكون عليه وعلى ملائكته. وتكون الثانية على مَنْ على يمينه ، والملكين الموكّلين به. وتكون الثالثة على مَنْ على يساره وملائكته الموكّلين به ، ومَنْ لم يكن على يساره أحد لم يسلِّم على يساره ، إلّا أنْ يكون يمينه إلى الحائط ويساره إلى المصلِّي معه خلف الإمام فيسلّم على يساره.

__________________

(١) الشِّدْقُ : جانب الفمّ. لسان العرب ٧ : ٥٨ شدق.

١٠٦

قلت : فتسليم الإمام على مَنْ يقع؟ قال على ملائكته والمأمومين ، يقول لملائكته : اكتبا سلامة صلاتي ممّا يفسدها ، ويقول لِمَنْ خَلْفَهُ : سلّمتم وأمِنْتُم من عذاب الله عزوجل.

قلت : فَلِمَ صار تحليل الصلاة التسليم؟ قال لأنه تحيّة المَلَكَيْنِ ، وفي إقامة الصلاة بحدودها وركوعها وسجودها وتسليمها سلامة العبد من النار يوم القيامة ، وفي قبول صلاة العبد يوم القيامة قبول سائر أعماله ، فإذا سلمت له صلاته سلمت له جميع أعماله ، وإن لم تسلم له صلاته وردّت عليه ردّ ما سواها من الأعمال الصالحة (١).

فقد دلّ هذا الخبر على ما دلّ عليه الخبر الذي قبله من وجوب قصد الخطاب بالتسليم لمعيّن ، وعلى استحباب إدخال الملكين في القصد ، وعلى وجوب قصد المأموم مع من يجب قصده ، خصوصاً مع ملاحظة غيره معه من الأدلّة ، وعلى وجوب قصد الإمام مع مَلَكَيْهِ تبعاً له بالردّ ، كما هو شأن ردّ السلام في غير الصلاة.

ومثل خبر عبد الله بن الفضل المروي : في ( المعاني ) : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن معنى التسليم في الصلاة ، فقال التسليم علامة الأمْنِ ، وتحليل الصلاة ، قلت : وكيف ذلك جعلت فداك؟ قال كان الناس فيما مضى إذا سلّم عليهم وارد أمِنُوا شرَّه ، وكانوا إذا ردّوا عليه أمِن شرَّهم ، وإن لم يسلِّم عليهم لم يأمَنُوه ، وإن لم يردّوا على المسلم لم يأمنهم ، وذلك خُلُقٌ في العرب ، فجعل التسليم علامة للخروج من الصلاة وتحليلاً للكلام وأمناً من أن يدخل في الصلاة ما يفسدها ، والسلام اسم من أسماء الله عزوجل ، وهو واقع من المصلِّي على ملكي الله الموكّلين به (٢).

فقد دلّ هذا الخبر على أن السلام مقصود به خطاب مسلّم عليه ، وأنه يستحبّ ملاحظة الملكين في الخطاب بالتسليم ، لكنّه استحباب عينيّ لأنه أفضل فردي المخيّر ؛ لاستحالة أن يجمع بين المندوب بالذات والواجب بالذات في نيّة واحدة وجوباً أو ندباً.

ودلّت هذه الأخبار كلّها وغيرها على أن المراد بإطلاق الأمر بالتسليم هو التسليم المتعارف بين الناس ، وهو السلام عليكم ، أو وما يتبعها.

__________________

(١) علل الشرائع ٢ : ٥٧ ـ ٥٨ / ١.

(٢) معاني الأخبار : ١٧٦.

١٠٧

وأن المأموم يجب أن يقصد بالسلام مع من خصّ من الله بقصد الصلاة أوّلاً وبالذات ، ولم يشرع لغيره إلّا تبعاً له ، وهو من لا يغيب عنه مصلّ ، ولو غاب عن مصلّ لم يصلّ ، فالصلاة منه وله وعليه الصلاة والسلام ، والتسليم له ومنه بدأ وإليه يعود الردّ على الإمام وعلى مَلَكَيْه تبعاً له.

ويستحبّ له أيضاً أن يلاحظ مع ذلك من يستحبّ له الصلاة والسلام عليهم هنالك ، وهم جميع عباد الله الصالحين من النبيّين والمرسلين والملائكة أجمعين ، وخصوصاً المقرّبين.

وإن كان مع المأموم مأموم آخر وجب ملاحظة الردّ عليه بتسليمه أيضاً إن سبقه بالتسليم ، وإلّا استحبّ له التسليم على غيره من المأمومين مرّة أُخرى ، فإن اتّفقوا دفعةً فالظاهر التكافؤ ولا يجب الردّ ، وكذا لو اقترن تسليم الإمام والمأموم كما صرّح به في ( الذكرى ) (١).

ويكفي كلّ من الإمام والمأموم تسليم واحد يقصد به جزئيّة الصلاة والتسليم على من يخاطبه به وتتأدّى به الوظيفتين.

ويدلّ على وجوب قصد المأموم الردّ على الإمام بعد تحقّق وجوب قصد الإمام التسليم على المأموم كلّ ما دلّ على وجوب ردّ السلام ، من إجماع الأُمّة ، والنصوص المستفيضة المضمون (٢) من غير معارض ولا استثناء هذا الفرد منه.

فإن جميع ما ذكرناه من الأخبار هنا وفيما سبق ، غير ما استدلّ به القائل بالاستحباب يدلّ على أن المراد بتسليم الصلاة هو تحيّة الإسلام المعروفة ، وأنه فرد منه ، وخصوص خبر المفضّل المذكور عن قريب (٣) ، فيراعى فيه جميع ما يجب مراعاته في تحيّة الإسلام ، وجميع تلك الأحكام لفظاً وهيئة وقصداً ، ويخصّ هنا

__________________

(١) الذكرى : ٢٠٩ ( حجريّ ).

(٢) انظر وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٧ ، أبواب قواطع الصلاة ، ب ١٦.

(٣) علل الشرائع ٢ : ٥٧ ـ ٥٨ / ١.

١٠٨

بزيادة قد عرفتها ، والسلام.

وأمّا كفاية تسليمة واحدة وعدم وجوب أكثر منها ، فلا يظهر فيه خلاف ، ومن هنا يعلم أنه لو اتّفق الإمام والمأموم أو المأمومون دفعة كفى تسليم واحد للوظيفتين ؛ ولتكافؤهما حينئذٍ كما ذكره في ( الذكرى ) (١).

واعلم أن جميع ما ذكرناه يجزي فيه ما يجزي في سائر أجزاء الصلاة الواجبة أو المندوبة ، من النيّة الإجماليّة البسيطة الواقعة مقارنة للتحريمة المستديمة إلى آخر الصلاة ، فيجزي في هذا ما يجزي في غيره ، من غير فرق ؛ لأنه جزء منها. وذهول الفكر ودهشته ما لم يخرج به المصلّي عن القصد بالكلّيّة لا يضرّ ، ويجب على الجاهل التعلّم.

[الخامس : (٢) ] المشهور في كتب الفتوى أن الإمام والمنفرد يسلّم كلّ منهما تسليمة واحدة تجاه القبلة ، ويومئ بصفحة وجهه إلى يمينه ، والمأموم كذلك ، إلّا أن يكون على يساره مأموم فحينئذٍ يستحبّ له تسليمة اخرى يومئ فيها بصفحة وجهه إلى يساره.

وجعل ابنا بابويه (٣) : الحائط عن يساره بمنزلة المأموم.

وحكم في ( الفقيه ) (٤) بثلاث تسليمات حينئذٍ ، وإن لم يكن عن يساره أحد من المأمومين ولا حائط فتسليمتان.

فأمّا أنه لا يجب على المصلّي منفرداً كان أو إماماً أو مأموماً إلّا تسليمة واحدة ، فالدليل عليه الأصل والإجماع والنصّ.

ففي صحيحة محمّد بن مسلم : وزرارة : ومُعَمّر بن يحيى : وإسماعيل : ، جميعاً عن

__________________

(١) الذكرى : ٢٠٩ ( حجريّ ).

(٢) أي الخامس من التنبيهات التي ابتدأها في ص ٧٣ ، وفي المخطوط : ( الرابع ).

(٣) المقنع : ٩٦.

(٤) الفقيه ١ : ٢١٠ / ذيل الحديث ٩٤٤.

١٠٩

أبي جعفر عليه‌السلام : أنه قال يسلّم تسليمة واحدة إماماً كان أو غيره (١).

وفي الإمام والمأموم إذا لم يكن على يساره أحد مع هذا صحيحة منصور بن حازم : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الإمام يسلِّم واحدة ، ومَنْ وراءه يسلّم باثنتين ، فإن لم يكن على يساره (٢) أحد سلّم واحدة (٣).

وفي المأموم مع هذا إذا لم يكن على يساره أحد رواية عَنْبَسَة بن مصعب : قال : سألت أبا عبد الله : سلام الله عليه عن رجل يقوم في الصفّ خلف الإمام ، وليس على يساره أحد ، كيف يسلّم؟ قال تسليمة عن يمينه (٤).

والأخبار بهذه المضامين غير عزيزة.

وأمّا استحباب تسليمة ثانية للمأموم إذا كان عن يساره أحد من المأمومين ، فهذان الخبران وغيرهما من الأخبار (٥) يدلّ عليه ، مع أنه لا يظهر فيه خلاف.

وفي ( المناهج ) بعد قول الشهيد : ( وإن كان على يساره أحد سلّم اخرى ) (٦) يعني : المأموم قال : ( وإن لم يكن مصلّياً ؛ لكثير من الروايات ، منها : صحيحة منصور : ، الماضية آنفاً ، ومنها : صحيحة عبد الحميد بن عوّاض : عن الصادق : سلام الله عليه قال وإن كنت مع إمام فتسليمتين (٧) ) ، انتهى.

قلت : لا يكاد يتحقّق الشكّ عند كلّ من يفهم لحن خطاب أهل البيت سلام الله عليهم في أن المراد ب أحد في مثل هذه الأخبار الناصّة على أنه إذا كان على

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٨ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٠ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٥.

(٢) في المصدر : « شماله » بدل : « يساره ».

(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٦ ، الإستبصار ١ : ٣٤٦ / ١٣٠٤ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٠ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٤.

(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٠ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٦.

(٥) انظر وسائل الشيعة ٦ : ٤١٩ ـ ٤٢٣ ، أبواب التسليم ، ب ٢.

(٦) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ١ : ٢٧٩.

(٧) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٢ / ٣٤٥ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٠ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٣.

١١٠

يسار المأموم أحد استحبّ له أن يسلّم اخرى ـ : هو أحد يصلّي معه مؤتمّاً بمن ائتمّ به ، وأنه لا يعني به كلّ شي‌ء ، وإلّا لشمل الحائط والبهيمة والملائكة والجانّ ، فعلى هذا يشرع لكلّ مأموم تسليمتان ؛ لأنه لا يخلو يساره عن أحد بالضرورة ، وبطلان هذا لا غبار عليه ، ولذلك لم نعلم أحداً من المصنّفين نصّ على هذا التعميم ، ولم يُذكر في خبر.

واستناده رحمه‌الله إلى الأخبار الكثيرة إنما هو في استحباب تسليمتين للمأموم إذا كان عن يساره أحد من المأمومين لإمامه ، كما يدلّ عليه علّة ذلك ، وهو الردّ على مَنْ على يساره مع سبقهم له بتسليم أو التسليم عليهم ، لما عرفت من أن المأموم يقصد الردّ على الإمام والتسليم على غيره من المأمومين أو الردّ عليهم ، ويشعر به استدلاله بصحيحة ابن عوّاض ، فلا تغفل.

بقي هنا شيئان يجب التنبيه عليهما :

الأوّل : يحتمل عندي احتمالاً قويّاً أن المأموم إذا علم سبق تسليم مَنْ على يساره مِنَ المأمومين وجب عليه التسليمة الثانية ، لتكون التسليمة الاولى مؤدّية لفريضة الصلاة والردّ على الإمام ، والتسليم على مَنْ وجب عليه التسليم عليه ، وسنّة التسليم على غيره من المأمومين. والثانية للردّ على من سبق تسليمه عليه منهم ، وهم مَنْ على يساره منهم ؛ لعموم أدلّة وجوب ردّ السلام من الكتاب (١) والسنّة (٢) ، فلو قيل به لكان قويّاً ، لكن لم أرَ مَنْ ذكره.

الثاني : دلّ الفتوى والأخبار الواردة في هذه المسألة على أن التسليم قد صار حقيقة شرعيّة وعرفيّة في الصلاة كغيرها في السلام عليكم ، أو ما يتبعها ؛ إذ لا يقول أحد : إن المراد بـ : يسلّم مرّة أو مرّتين أو ثلاثاً ، أو يسلّم على ملَكَيْه ، أو المأموم ، وبه يردّ على الإمام ، أو يقصد الأنبياء والرسل ، إلى غير ذلك من هذه المعاني والمقاصد ، متحقّق في السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإذن لا يحمل إطلاق

__________________

(١) النساء : ٨٦.

(٢) انظر الكافي ٢ : ٦٤٤ / باب التسليم.

١١١

الأمر بالسلام هنا إلّا على السلام عليكم ، وبهذا يتحقّق سقوط القول بتعيين السلام علينا ، وضعف القول بالتخيير جدّاً.

وأمّا ( إيماء المنفرد إلى القبلة ، ثمّ يومي بمؤخّر عينه إلى يمينه ) ، كما قال الشهيد في ( اللمعة ) (١) ، فقال الشهيد الثاني : في الشرح : ( أمّا الأوّل يعني : إيماءَهُ إلى القبلة ـ فلم نقف على مستنده ، وإنما النصّ والفتوى على كونه إلى القبلة بغير إيماء ، وفي ( الذكرى ) (٢) ادّعى الإجماع على نفي الإيماء إلى القبلة بالصيغتين ، وقد أثبته هنا وفي ( النفليّة ) (٣).

وأمّا الثاني يعني : إيماءَهُ بمؤخّر عينه فذكره الشيخ (٤) : ، وتبعه عليه الجماعة ، واستدلّوا عليه بما لا يفيده ) (٥) ، انتهى.

وفي ( المناهج ) بعد قوله : ( ثم يومي ) إلى آخره ـ : ( أي في آخر التسليم لا بعده ، وعبارات غيره من الأصحاب خالية عن هذا الترتيب ، وإنما يفتقر إليه إذا اعتبر الإيماء إلى القبلة ، فإنهما لا يجتمعان ، فيجب أن يجمع بين الخبرين الدالّ أحدهما على الإيماء إلى القبلة ، والآخر عليه إلى اليمين على هذا ، ولمّا كان الإيماء إليها لا وجه له لم يكن لهذا وجه.

واعتبر ابن إدريس (٦) : الإيماء بالوجه إلى اليمين كالإمام ، وعكس بعضهم فاعتبر الإيماء بالعين في الإمام ، وبالوجه في المنفرد ) ، انتهى.

وعنى بالخبرين : رواية ابن عوّاض (٧) : ، ورواية البزنطي : عن عبد الكريم : عن أبي بصير (٨).

__________________

(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ( المتن ) ١ : ٢٧٩.

(٢) الذكرى : ٢٠٩ ( حجريّ ).

(٣) الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة ( المتن ) : ٢٢٤.

(٤) النهاية ( الطوسي ) : ٧٢.

(٥) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ١ : ٢٧٩.

(٦) السرائر ١ : ٢٣١.

(٧) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٢ / ٣٤٥ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٠ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٣.

(٨) المعتبر ٢ : ٢٣٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ١١.

١١٢

ويمكن أن يقال : إن الشهيد : في ( اللمعة ) و ( النفليّة ) إنما أراد بالإيماء إلى القبلة هو التسليم مستقبل القبلة ، بقرينة كلامه في ( الذكرى ) ، وبقرينة فتواه في جميع كتبه باستحباب نظره حال الجلوس للتشهّد إلى حِجْرهِ.

أو أراد به الإيماء بقلبه لا بوجهه الجسماني ، أي يكون حال تسليمه مشيراً بقلبه وقصده إلى القبلة ، وأراد مَنْ في جهتها.

أو أراد بالقبلة القبلة الحقيقيّة ، وهو مَنْ يستقبله حال صلاته بقلبه ، فلا تناقض في فتواه ، ولا خروج عن ظاهر فتوى غيره.

وقال أيضاً في ( المناهج ) : ( قوله : ( على كونه إلى القبلة ) (١) كرواية عبد الحميد بن عوّاض : عن الصادق عليه‌السلام : قال فإن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة ). وقال أيضاً : ( قوله : ( وفي ( الذكرى ) ادّعى الإجماع ) (٢) ) إلى آخره قال : ( لا إيماء إلى القبلة بشي‌ء من صيغتي التسليم المخرج من الصلاة بالرأس ولا بغيره إجماعاً ، وإنما المنفرد والإمام يسلّمان تجاه القبلة بغير إيماء ، وأمّا المأموم فالظاهر أنه يبتدئ به مستقبل القبلة ، ثمّ يكمله بالإيماء إلى الجانب الأيمن أو الأيسر. وهذه العبارة كما تدلّ على نفي الإيماء إلى القبلة مطلقاً تدلّ على الفرق بين المأموم وغيره باختصاص الإيماء إلى اليمين أو اليسار به.

واستفاد منها الشارح في ( روض الجنان ) (٣) تبعاً للشيخ عليّ (٤) : رحمه‌الله أن الإيماء بعد الفراغ من التسليم ، مع أنها صريحة في خلافه ، فإنه إنما جعل الإيماء في تكميل السلام لا بعده ، ولا شي‌ء في كلامه يوجب حمل ذلك على أن يقرن بين التكميل والإيماء ، فإن الذي نفى أن يكون بصيغة التسليم إنما هو الإيماء إلى القبلة. نعم ، يتوجّه عليه أن الفرق الذي اختاره لا وجه له ).

__________________

(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ١ : ٢٩٧.

(٢) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ١ : ٢٩٧.

(٣) روض الجنان : ٢٨١.

(٤) جامع المقاصد ٢ : ٣٢٨ ـ ٣٢٩.

١١٣

وقال : ( قوله : ( واستدلّوا عليه بما لا يفيده ) (١) ، وهو رواية البزنطي : عن عبد الكريم عن أبي بصير : عن الصادق : صلوات الله عليه قال إذا كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة عن يمينك (٢) ، فإنه مع عدم نقاء السند إنما المتبادر منه أن يحوّل وجهه إلى اليمين ، لا أن يومئ بمؤخّر العين إليه ، إلّا إنهم لعلّهم أرادوا الجمع بينه وبين ما دلّ على الاستقبال ، فإن المراد به لا بدّ من أن يكون ما يقابل الكون عن اليمين أو الشمال ، لا ما ينافي ميل الوجه قليلاً إلى أحدهما ، فحينئذٍ لا بدّ من حمل هذه الرواية على إرادة الإيماء بالعين. وبَعْدُ فيه ما فيه ؛ لصحّة الرواية الأُولى دون هذه ، فلا تعارض بينهما حتّى يفتقر إلى الجمع ، وروى الصدوق : في ( العلل ) (٣) مسنداً عن المفضّل بن عمر ) وساق الخبر المتقدّم.

ثمّ قال : ( وقد عمل بمضمونه الصدوق : في ( الفقيه ) (٤) ، إلّا فيما سيأتي من أنه ينزّل الحائط عن اليسار منزلة الإنسان ، ويمكن أن تكون هذه الرواية متمسّكاً للعاكس القائل : إن الإمام يومئ بمؤخّر عينه والمنفرد بصفحة وجهه ، حملاً للإيماء بالأنف على ما قاربه من صفحة الوجه ، أو لأن الإيماء بصفحة الوجه يستلزم الإيماء بالأنف.

وأمّا ابن إدريس (٥) : المسوّي بينهما في الإيماء بصفحة الوجه ، فالخبر الأوّل الذي حمله الأكثر على الإيماء بمؤخّر العين مع الذي يأتي يصلحان متمسّكاً له ) ، انتهى.

وهو حسن ، وأحسن منه حمل خبر أبي بصير (٦) : على ميل الوجه إلى اليمين شيئاً قليلاً لا ينافي الاستقبال بالوجه ، كما يرشد إليه الإجماع والأخبار على عدم جواز تعمّد الميل به إلى محض اليمين أو الشمال ، فلا تنافي بين الخبرين ، ولعلّه مراد من

__________________

(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ( المتن ) ١ : ٢٧٩.

(٢) علل الشرائع ٢ : ٥٧ / ١.

(٣) علل الشرائع ٢ : ٥٧ / ١.

(٤) الفقيه ١ : ٢١٠ / ذيل الحديث ٩٤٤.

(٥) السرائر ١ : ٢٣١.

(٦) المعتبر ٢ : ٢٣٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ١١.

١١٤

عبّر بالإيماء بمؤخّر العين ، ولا يخفى على أحد تلازم الإيماء بالأنف وصفحة الوجه ، وعدم إمكان انفكاك أحدهما عن الآخر ، فلا غَرْوَ (١) في التعبير عن أحدهما بالآخر ، فلا تغفل ولا تسارع إلى تغليط عالمٍ إلّا بعد الجهد في تصحيح مقاله.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى ـ : ( قوله : ( والإمام يومئ بصفحة وجهه يميناً ) (٢) ؛ لصحيحة عبد الحميد بن عوّاض : عن الصادق : صلوات الله عليه قال إن كنت تؤمّ قوماً أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك (٣) ، والظاهر من الكون على اليمين الإيماء بصفحة الوجه ، ولا مانع من حمله عليه ، يلجئنا إلى تأويله بنحو ما مرّ في حديث المنفرد. ثمّ إنه ربّما يتوهّم من استحباب هذا الإيماء استحباب التسليم ، أو عدم جزئيّته للصلاة ، فإنه التفات ، ومثل هذا الالتفات في الصلاة مكروه ، وهو مندفع بجواز مخالفة هذا الجزء الواجب لها كسائر أجزائها ).

أقول : بل المانعُ من حمله على الإيماء بصفحة الوجه بحيث يخرج عن حدّ الاستقبال عرفاً قائم ؛ لأنه جزء ممّا يجب الاستقبال به كلّه ، واستثناء هذا الجزء يحتاج إلى دليل يقاوم النصوص المجمع على العمل بها في مطلق الصلاة ، فيجب صرف هذا إلى ما لا يخرجه عن ذلك ، وهو ما يتحقّق به مسمّى الإشارة بالوجه وهو أدقّ المَيْل ، وهو ما عبّر بعضهم عنه بالمَيْل أو الإشارة بالأنف لتلازمهما ، وبهذا يظهر أنه لا يدلّ على استحباب التسليم ولا على عدم جزئيّته ، فتأمّله.

ثمّ قال رحمه‌الله : ( قوله : ( بمعنى أنه يبتدئ به ) (٤) إلى آخره ، يعني أنه الذي أراده المصنّف ؛ لأنه لمّا اعتبر الاستقبال في المنفرد لزمه اعتباره في غيره ؛ إذ لا وجه لاعتبار ما دلّ على الاستقبال في البعض دون البعض ، وكما يمكن الجمع بين الأدلّة

__________________

(١) الغَرْو : العَجَبُ. لسان العرب ١٠ : ٦٤ غرا.

(٢) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ( المتن ) ١ : ٢٧٩.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٢ / ٣٤٥ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٠ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٣.

(٤) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ١ : ٢٧٩.

١١٥

بالترتيب الذي اعتبره يمكن في غيره فليعتبر.

وقال في ( المسالك ) : ( وينبغي أن يكون الإيماء بالصفحة بعد التلفّظ بـ : « السلام عليكم » إلى القبلة ، جمعاً بين وظيفتي الإيماء والاستقبال بأفعال الصلاة على تقدير كونه منها ) (١) ، انتهى.

يعني : أنه يدوم مستقبلاً إلى أن يقول السلام عليكم ، ثمّ يومئ ويقول ورحمة الله وبركاته بناءً على أن أقلّ الواجب هو السلام عليكم ، وقد حصل مستقبلاً ، ولا يخفى أنه خلاف الظاهر ؛ لأن الظاهر أن يكون الإيماء مقروناً بالخطاب.

ثمّ أقول : إن الخبر الذي عارض خبر الإيماء على ما صرّح به في ( روض الجنان ) (٢) هو رواية أبي بصير : عن الصادق عليه‌السلام : ثمّ تُؤذِنُ القومَ ، فتقول وأنت مستقبل القبلة : السلام عليكم (٣) ، وفي طريقها محمّد بن سنان : ومحمّد بن مسْكان : ، فلا تقوى على معارضة صحيحة عبد الحميد (٤) : ، بخلاف حال المنفرد فإن الدالّ على الاستقبال هناك صحيح ، والدالّ على الإيماء ضعيف.

على أن هذه الرواية على تقدير الاعتماد عليها ليست صريحة المعارضة لتلك الرواية ، فإنه تقدّم فيها الأمر بقول السلام علينا ، وأنه تنقطع به الصلاة ، فيحتمل أن يكون الإيماء به على قول من خيّر بين العبارتين كالمصنّف هنا ، على أنه ذكر في ( روض الجنان ) (٥) أن الإيماء بصفحة الوجه لا ينافي الاستقبال ، وإنما الغرض من ذكر الاستقبال الردّ على العامّة ، حيث يولّون تمام وجوههم فيحرفونها عن القبلة ، وهو حسن ، إلّا أن يحمل الاستقبال على الإيماء إلى القبلة ، كما فهمه المصنّف ، وقد عرفت أنه لا وجه له.

__________________

(١) مسالك الأفهام ١ : ٢٢٥.

(٢) روض الجنان : ٢٨١.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٨.

(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٢ / ٣٤٥ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٦ ، أبواب التسليم ، ب ١ ، ح ٣.

(٥) روض الجنان : ٢٨١.

١١٦

هذا ، وقال ابن الجنيد : إن الإمام إن كان في صفّ سلّم على جانبيه (١). قيل : وفي بعض الأخبار ما يدلّ عليه (٢).

أقول : ولا بأس بما قاله ؛ لأن الإيماء إلى إحدى الجهتين ظاهره تخصيص مَنْ عليها بالسلام ، فأيّ بأس في تخصيص مَنْ على الأُخرى بتسليم آخر ) ، انتهى.

وأقول : أنت خبير بأنه لا تلازم بين اعتبار الاستقبال في المنفرد وبين اعتباره في غيره ؛ لجواز اختصاص كلّ بحكم ، فحمله عليه قياس أو يشبهه.

وما قاله في ( المسالك ) (٣) حسن ، لكن ليس معناه بحسب الظاهر ما قاله هذا الفاضل من أنه يستقبل بـ : « السلام عليكم » ، ثمّ يومئ بقول ورحمة الله وبركاته ، إلّا أن تقول بأن ورحمة الله وبركاته مستحبّة محضة خارجة عن التسليم بالكلّيّة ، وقد حقّقنا أنه لا وجه له ولا دليل عليه ، وإنما التسليم في الصلاة كغيرها واجب مخيّر بين السلام عليكم ، أو ورحمة الله وبركاته.

وكون أقلّ الواجب السلام عليكم لا ينافي هذا ، ولا يدلّ على ما قاله من تفسير عبارة ( المسالك ) اقتصار الشهيد فيها على ذكر السلام عليكم ، فإنه أقلّ الواجب كما اعترف به هذا الفاضل وغيره ؛ لأن الصيغة الوسطى والكبرى على ما حقّقناه مستحبّ عيني واجب تخييري كما هو معلوم بالإجماع في غير الصلاة ، وعدم ظهور الفارق بعد ثبوت أن التسليم في الصلاة هو بعينه تحيّة الإسلام المعهودة كما سبق بيانه ، ومن البيّن أن مراد ( المسالك ) (٤) الإيماء بعد كمال التسليم الشامل للرتب الثلاث المتأدّي بالدنيا منها ، على أنه اعترف بأن ما قاله في عبارة ( المسالك ) خلاف الظاهر ، فكفانا مؤنة النزاع.

__________________

(١) عنه في مختلف الشيعة ٣ : ٥١٦ / المسألة : ٣٧٩ ، بالمعنى.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٣١٧ / ١٢٩٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٩ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٢.

(٣) مسالك الأفهام ١ : ٢٢٥.

(٤) مسالك الأفهام ١ : ٢٢٥.

١١٧

وأمّا إن رواية أبي بصير (١) : لضعفها لا تعارض صحيحة عبد الحميد (٢) : فحقّ ، لكن إذا أمكن الجمع بينهما بما لا يستلزم طرح ظاهر كلّ منهما وجب ، فإن طرح الرواية لا يخلو من شَوْبِ تكذيب للراوي ، وهو ممّا يجب اجتنابه حتّى يقوم الدليل القاطع عليه. نعم ، إن استلزم الجمع طرح ظاهر أحدهما أو كلاهما لم يقبل إلّا بدليل.

هذا ، وقد وثّق جماعة محمّد بن سنان : ، منهم المفيد (٣) : ، ومنهم : الشيخ حسين بن عصفور : في ( شرح المفاتيح ) ، وقد ورد فيه روايات (٤) تدلّ على جلالته (٥).

وروى عنه جماعة من أكابر العصابة ، واعتمد على هذه الرواية جماعة واستدلّوا بها على استحباب السلام.

وابن مسْكان : مجهول الحال ، فروايته أقوى من رواية معلوم الضعف ، كما أن رواية المختَلَف في حاله أقوى من رواية المتّفَق على ضعفه ، ولكن لا شكّ أن المقطوع بصحّتها أقوى منهما ، وفيما تضمّنته من الأمر بـ : « السلام علينا » مع الحكم بانقضاء الصلاة به ما مرّ ، واحتمال الإيماء بـ : « السلام علينا » كما ترى ، مع أنه مدفوع بما مرّ في كلامه من تأويلها.

وما نقله عن ( روض الجنان ) (٦) هو عين ما حقّقناه من أن الإيماء بصفحة الوجه يجب حمله على ما لا يخرج به عن الاستقبال عرفاً ، فهو حسن كما قال. وحمل الاستقبال على الإيماء بعيد عن الظاهر جدّاً ، على أنه اعترف بأنه لا وجه له ، فلا وجه لاحتماله.

ثمّ قال رحمه‌الله : ( قوله : ( بصيغة السلام عليكم ) (٧) في المرّتين ، وإلّا فالإتيان بالصيغتين

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٨.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٢ / ٣٤٥ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٦ ، أبواب التسليم ، ب ١ ، ح ٣.

(٣) الإرشاد ( ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ١١ / ٢ : ٢٤٨.

(٤) رجال الكشّي ٢ : ٨٤٩ ـ ٨٥٠.

(٥) في المخطوط بعدها : ( لكنه الراوي ).

(٦) روض الجنان : ٢٨١.

(٧) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ( المتن ) ١ : ٧٩.

١١٨

مشترك بين الكلّ ، لا يختلف حكمه باختلاف حال المصلّي ، ولأن هذه الصيغة هي التي وضعت للتحيّة وتصلح للردّ والإيماء ، وأمّا الأُخرى فبمنزلة الدعاء ) ، انتهى.

وهذا ممّا لا يكاد يقع فيه شكّ ، وهو دليل على ما سلف من أن لفظ السلام والتسليم قد صار حقيقة شرعيّة فيه عرفاً عامّاً وخاصّاً في هذه الصيغة ، فلا وجه لما مضى من مناقشته للشهيد في ذلك.

وقال السيّد : في ( المدارك ) بعد قول المحقّق : ( ومسنون هذا القسم : أن يسلّم المنفرد إلى القبلة تسليمة واحدة ، ويومئ بمؤخّر عينه إلى يمينه ) (١) ـ : ( أمّا الاكتفاء بالتسليمة الواحدة إلى القبلة فهو مذهب الأصحاب ، ويدلّ عليه صحيحة عبد الحميد (٢) ).

وذكرها بتمامها ، ثمّ قال : ( وأمّا الإيماء بمؤخّر العين إلى اليمين والمؤخّر ـ كمؤمّن طرفها الذي يلي الصدْغ فَعَزَاهُ في ( المعتبر ) (٣) إلى الشيخ : في ( النهاية ) (٤) ) قال : ( وربّما أيّده رواية أبي بصير : عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال إذا كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة عن يمينك (٥) ، وفي رواية أبي بصير : ثمّ تُؤْذِنُ القومَ ، وتقول وأنت مستقبل القبلة : السلام عليكم (٦) ، وفي الطريق محمّد بن سنان ) (٧).

قلت : الإيماء بمؤخّر العين وبصفحة الوجه والتسليم عن أحد الجانبين متلازم فلا ينفكّ أحدها عن الآخر ، فكلّ ما دلّ على أحدها دلّ على الآخرَيْنِ ، فلا تغفل.

ولو أغمضنا عن دلالة بعض هذه الأخبار على ذلك فكفى بفتوى مثل هؤلاء الأئمّة دليلاً ؛ لأنهم لا يفتون إلّا بدليل ، وهذا أمر مندوب إجماعاً ، فيكفي في ثبوته

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ : ٩٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٢ / ٣٤٥ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٦ ، أبواب التسليم ، ب ١ ، ح ٣.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٣٧.

(٤) النهاية ( الطوسي ) : ٧٢.

(٥) المعتبر ٢ : ٢٣٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ١٢.

(٦) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٨.

(٧) مدارك الأحكام ٣ : ٤٣٨ ـ ٤٣٩.

١١٩

مثل فتوى هؤلاء الأعاظم.

وقد عرفت أن ابني بابويه (١) : جعلا الحائط بمنزلة المأموم في استحباب التسليمة الثانية للمأموم ، وأنكر جماعة الدلالة عليه.

وقال في ( الذكرى ) : ( لا بأس باتّباعهما لأنهما جليلان لا يقولان إلّا عن ثَبْت ) (٢) ، واعتماد الفقهاء في المستحبّات على فتوى أكابر العصابة كثير.

ثمّ قال في ( المدارك ) : ( قوله : ( والإمام بصفحة وجهه ، وكذا المأموم ، ثمّ إن كان على يساره غيره أومأ بتسليمة أُخرى إلى يساره بصفحة وجهه ) (٣). المستند في ذلك ما رواه الشيخ : في الصحيح عن منصور بن حازم : قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الإمام يسلِّم واحدة ، ومَنْ وراءَه يسلّم اثنتين ، فإن لم يكن على شماله أحد سلَّم واحدة (٤).

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال إذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت ، وسلم على مَنْ على يمينك وشمالك ، فإن لم يكن على شمالك أحد فسلِّم على الذين على يمينك (٥).

وليس في هاتين الروايتين ولا في غيرهما ممّا وقفت عليه دلالة على الإيماء بصفحة الوجه ) (٦) ، انتهى.

قلت : قد عرفت أن التسليم عن اليمين أو الشمال مستلزم للإيماء بصفحة الوجه ، أو هو هو ، فلا غَرْوَ في التعبير عن أحدهما بالآخر ، وباقي البيان ووجه الفتوى بيّن ممّا قبله.

وقال البهائي : في ( الحبل ) : ( أمّا إيماء الإمام والمأموم بصفحة الوجه ، والمنفرد بمؤخّر العين ، فلم نظفر في الأخبار التي وصلت إلينا بما يصلح مستنداً له ) (٧) ، انتهى.

__________________

(١) المقنع : ٩٦.

(٢) الذكرى : ٢٠٨ ( حجريّ ).

(٣) شرائع الإسلام ١ : ٧٩.

(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٦ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٠ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٤.

(٥) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٣ / ٣٤٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢١ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٨.

(٦) مدارك الأحكام ٣ : ٤٣٩ ، ويلاحظ أن صاحب المدارك قد أفرد عبارة ( والإمام بصفحة وجهه ) بشرح مستقلّ.

(٧) الحبل المتين ( ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين ) : ٢٥٥ ( حجريّ ).

١٢٠