واختياره ، فمتى
أعمل قدرته نحو إيجاده وجد وإلاّ فلا ، سواء أكان هناك مرجّح خارجي يقتضي وجوده أم
لم يكن ، وهذا بخلاف المعلول فانّ صدوره عن العلّة إنّما هو في إطار قانون التناسب
، ويستحيل صدوره في خارج هذا الإطار ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى :
قد ذكرنا في بحث الوضع أنّ الترجيح بلا مرجّح لم يكن قبيحاً فضلاً عن كونه
مستحيلاً ، وذلك كما إذا تعلّق الغرض بصرف وجود الطبيعي في الخارج وافترضنا أنّ
أفراده كانت متساوية الأقدام بالاضافة إليه ، فعندئذ اختيار أيّ فرد منها دون آخر
لم يكن قبيحاً فضلاً عن كونه محالاً.
نعم ، اختيار فعل
من دون تعلّق غرض به لا بشخصه ولا بنوعه لغو وقبيح ، لا أنّه محال.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين : هي أنّ المشيئة الإلهية حيث
تعلّقت بخلق العالم وإيجاده ، فاختياره تعالى هذا الشكل الخاص له والترتيب المخصوص
المشتمل على الأنظمة الخاصّة المعيّنة من بين الأشكال المتعددة المفترض تساويها لا
يكون قبيحاً فضلاً عن كونه محالاً.
على أنّ الترجيح
بلا مرجّح لو كان قبيحاً لقلنا بطبيعة الحال بوجود المرجّح في اختياره ، وإلاّ
استحال صدوره من الحكيم تعالى ، بداهة أنّه ليس بامكاننا نفي وجود المرجّح فيه
ودعوى تساويه مع بقية الأفراد والأشكال ، وكيف كان فالشبهة واهية جداً.
وأمّا
على نظريّة الفلاسفة ، فالأمر أيضاً كذلك ، والوجه فيه : أنّ صدور
__________________