ومن هنا يظهر أنّ إطلاق الكلام على هذا المرتب الموجود في النفس مجاز ، إمّا بعلاقة الأول ، أو بعلاقة المشابهة في الصورة.
وأمّا الآيتان الكريمتان فلا تدلاّن بوجهٍ على أنّ هذا الموجود في النفس كلام نفسي.
أمّا الآية الاولى : فيحتمل أن يكون المراد فيها من القول السر هو القول الموجود في النفس ، فالآية تكون عندئذٍ في مقام بيان أنّ الله تعالى عالم به سواء أظهروه في الخارج أم لم يظهروه ، وإطلاق القول عليه يكون بالعناية. ويحتمل أن يكون المراد منه القول السرّي ، وهذا هو الظاهر من الآية الكريمة. فإذن الآية أجنبية عن الدلالة على الكلام النفسي بالكلّية.
وأمّا الآية الثانية : فيحتمل أن يكون المراد ممّا في الأنفس صورة الكلام ، ويحتمل أن يكون المراد منه نيّة السوء ، وهذا الاحتمال هو الظاهر منها ، وكيف كان فلا صلة للآية بالكلام النفسي أصلاً.
نتائج البحث لحدّ الآن عدّة نقاط :
الاولى : أنّ ما ذكر من المعاني المتعددة لمادة الأمر لا واقع موضوعي له ، وقد عرفت أنّها موضوعة لمعنيين : إبراز الأمر الاعتبار النفساني في الخارج وحصّة خاصّة من الشيء ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره من أنّ الأهمّية في الجملة مأخوذة في معنى الأمر لا أصل له ، ومن هنا قلنا بصحّة توصيف الأمر بما لا أهمّية له بدون عناية ، كما أنّه لا أصل لجعل معناه واحداً ، لما ذكرناه من أنّ اختلافه في الجمع شاهد على تعدد معناه.
ومن ناحية ثالثة : أنّ ما أفاده شيخنا المحقق قدسسره من أنّه موضوع