أمّا الأمر الأوّل : فهو وإن كان متيناً إلاّ أنّه خارج عن محل كلامنا في المقام.
وأمّا الأمر الثاني : فيردّه أنّ الماهيات الاعتبارية لا تكون مبهمة أصلاً ، ضرورة أنّ للصلاة مثلاً حقيقة متعيّنة من قبل مخترعها ، وهي أجزاؤها الرئيسية التي هي عبارة عن مقولة الكيف والوضع ونحوهما ، ومن المعلوم أنّه ليس فيها أيّ إبهام وغموض ، كيف فانّ الابهام لا يعقل أن يدخل في تجوهر ذات الشيء ، فالشيء بتجوهر ذاته متعيّن ومتحصّل لا محالة ، وإنّما يتصور الابهام بلحاظ الطوارئ وعوارضه الخارجية كما صرّح هو قدسسره بذلك في الماهيات المتأصلة.
فحقيقة الصلاة حقيقة متعيّنة بتجوهر ذاتها ، وإنّما الابهام فيها بلحاظ الطوارئ وعوارضها الخارجية ، وعليه فالعمل المبهم إلاّمن حيث النهي عن الفحشاء ، أو فريضة الوقت ، لا يعقل أن يكون جامعاً ذاتياً ، ومنطبقاً على جميع مراتبها المختلفة زيادة ونقيصة انطباق الكلّي على أفراده ، ومتحداً معها اتحاد الطبيعي مع مصاديقه ضرورة ، إذ قد عرفت أنّ الصلاة مركبة من عدّة مقولات متباينة فلا تندرج تحت جامع ذاتي ، فلا محالة يكون ما فرض جامعاً عنواناً عرضياً لها ومنتزعاً عنها ، إذ لا ثالث بين الذاتي والعرضي ، ومن الواضح جدّاً أنّ لفظ الصلاة لم يوضع بازاء هذا العنوان ، وإلاّ لترادف اللفظان وهو باطل يقيناً ، ومن هنا يظهر بطلان قياس المقام بمثل كلمة الخمر ونحوها ممّا هو موضوع للعنوان العرضي ، دون الذاتي.
على أنّ الكلام في هذه المسألة كما مرّ (١) إنّما هو في تعيين مسمّى لفظ الصلاة الذي هو متعلق للأمر الشرعي ، لا في تعيين المسمّى كيف ما كان ، ومن الظاهر
__________________
(١) في ص ١٦٨.