مبهم غاية الإبهام بالقياس إلى تمام نفس الحقيقة ، ونقصها وراء الإبهام الناشئ فيه عن اختلاف في الأفراد بحسب هوياتها انتهى. مع أنّ ما ذكرناه أولى به ممّا ذكره في الحقائق المتأصلة ، والماهيات الواقعية ، كما لا يخفى.
ثمّ قال قدسسره وأمّا على ما تصوّرنا الجامع ، فالصحيحي والأعمي في إمكان تصوير الجامع على حد سواء ، فانّ المعرّف إن كان فعلية النهي عن الفحشاء فهي كاشفة عن الجامع بين الأفراد الصحيحة ، وإن كان اقتضاء النهي عن الفحشاء فهو كاشف عن الجامع بين الأعم (١) هذا.
يتلخص نتيجة ما أفاده قدسسره في ضمن امور :
الأوّل : أنّ الماهية والوجود متعاكسان من جهة السعة والإطلاق ، فالوجود كلّما كان أشد وأقوى كان الإطلاق والشمول فيه أوفر ، والماهية كلّما كان الضعف والإبهام فيها أكثر كان الإطلاق والشمول فيها أعظم وأوفر.
الثاني : أنّ الجامع بين الماهيات الاعتبارية كالصلاة ونحوها سنخ أمر مبهم في غاية الإبهام ، فانّه جامع لجميع شتاتها ومتفرقاتها ، وصادق على القليل والكثير والزائد والناقص ، مثلاً الجامع بين أفراد الصلاة سنخ عمل مبهم من جميع الجهات ، إلاّمن حيث النهي عن الفحشاء والمنكر ، أو من حيث فريضة الوقت.
الثالث : أنّ الماهيات الاعتبارية نظير الماهيات المتأصلة التشكيكية من جهة إبهامها ذاتاً ، بل إنّ ثبوت الابهام في الاعتباريات أولى من ثبوته في المتاصلات.
الرابع : أنّ القول بالصحيح والأعم في تصوير الجامع المزبور على حد سواء.
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ١٠١ ـ ١٠٣ ، ١١٣.