منزلك ، وكل طير يستجير بك فأجره » (١) بتقريب أنه علل عدم البأس بخرء الخطاف بأنه ممّا يؤكل لحمه ، وظاهره أن الخطاف لو لم يكن محلل الأكل كان في خرئه بأس فالمناط في الحكم بطهارة الخرء هو حلية الأكل من دون فرق في ذلك بين الطيور والحيوانات.
وأمّا المجلسي وصاحب المدارك قدسسرهما فقد استندا فيما ذهبا إليه إلى أن نجاسة الخرء في الحيوان إنما ثبتت بعدم القول بالفصل ، وهو غير متحقق في الطيور لوجود القول بالفصل فيها ، وعليه فلا مدرك لنجاسة خرء الطيور. وأمّا بولها فقد ترددا فيه ، للتردد في تقديم الحسنة على الموثقة ، هذا.
ولكن الصحيح من هذه الأقوال هو ما ذهب إليه العماني والصدوق وجملة من المتأخرين من طهارة بول الطيور وخرئها مطلقاً بيان ذلك : أنّ الرواية التي استدلّ بها شيخنا الأنصاري قدسسره ممّا لا يمكن الاعتماد عليه.
أمّا أولاً : فلأن الشيخ نقلها بإسقاط كلمة « خرء » (٢) فمدلولها حينئذٍ أن الخطاف لا بأس به فهي أجنبية عن الدلالة على طهارة البول والخرء أو نجاستهما.
وأمّا ثانياً : فلأنها على تقدير أن تكون مشتملة على كلمة « خرء » لا تقتضي ما ذهب إليه ، لأنه لم يثبت أن قوله « هو مما يؤكل لحمه » علة للحكم المتقدم عليه أعني عدم البأس بخرء الخطاف ، ومن المحتمل أن يكون قوله هذا وما تقدمه حكمان بيّنهما الإمام عليهالسلام من غير صلة بينهما ، بل الظاهر أنه علة للحكم المتأخر عنه أعني كراهة أكله أي الخطاف يكره أكله ، لأنه وإن كان مما يؤكل لحمه إلاّ أنّه يكره أكله لأنه استجار بك ، وفي جملة « ولكن كره أكله ... » شهادة على أن قوله « هو مما يؤكل لحمه » مقدمة لبيان الحكم الثاني كما عرفت فهذا الاستدلال ساقط.
وأمّا ما ذكروه وجهاً لتقديم الحسنة على الموثقة فهو أيضاً لا يرجع إلى محصل : أمّا الترجيح بأنها أشهر فقد ذكرنا في محلّه أنّ الشهرة بمعنى الوضوح والظهور ليست من
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤١١ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ٢٠.
(٢) التهذيب ٩ : ٨٠ / ٣٤٥.