وفي هذا السياق ، نفى الإمام الباقر عليهالسلام أن يكون القرآن نزل على سبعة أحرف ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إن القرآن واحد ، نزل من عند واحد ، ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة» (١). فالأحرف المدعاة إنما هي أخبار آحاد واختلاف من قبل الرواة ، والقرآن لا اختلاف فيه من حيث صورة ألفاظه ، بل نزل بلغة واحدة ، وعلى قراءة واحدة ، هي لغة قريش ، لقوله تعالى : «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ» (٢) وكان رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قرشياً.
رابعاً : تأويل المتشابه الذي يعارض العقائد الإسلامية التي أرادها اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، بمعانٍ مناسبة لجوّ الآيات والروايات ، مثل تنزيه الخالق عن التجسيم التشبيه والتعطيل ، وتنزيه الأنبياء عن المعاصي ، واستحالة روءية الخالق في الدنيا والآخرة ، والأمر بين الأمرين وغيرها من عقائد الإسلام الأصيل ، وذلك بالاستفادة من معاني الكلمات المجازية عند العرب ، أو من الآيات الأخرى التي تكمل بمجموعها معنى النص القرآني ، كما في تأويل الإمام الباقر عليهالسلام لكلمة اليد في الحديث المتقدم.
ومثال تنزيه الخالق من صفة المخلوق ، ما سأل عمرو بن عبيد الإمام الباقر عليهالسلام ، عن قول اللّه تبارك وتعالى : «وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى» (٣) ، ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : «هو العقاب. يا عمرو ، إنه من زعم أن اللّه قد زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفة مخلوق ، وإنّ اللّه تعالى
__________________
(١) الكافي ٢ : ٦٣٠ / ١٢.
(٢) سورة إبراهيم : ١٤ / ٤.
(٣) سورة طه : ٢٠ / ٨١.