وذكر الإمام الباقر عليهالسلام الوصية باعتبارها أهم ما يعهد به النبي إلى القائد الرسالي الذي يخلفه في قيادة الأمة في مسيرتها الرسالية ، ويكون حجةً للّه على العباد ، ووريثاً للنبوة ، ومحافظاً على ديمومة حركة الرسالة ، ولم يتخلف أحد من الأنبياء عن هذه القاعدة الإلهية منذ أبينا آدم عليهالسلام حتى رسولنا المصطفى صلىاللهعليهوآله ، وتماشياً مع هذه السنن الإلهية خلّف النبي صلىاللهعليهوآله علياً عليهالسلام وصياً له من بعده ، في أحاديث كثيرة منها قوله صلىاللهعليهوآله : «لكلّ نبي وصيّ ووارث ، وأنّ علياً وصيي ووارثي» (١) ، وبيّن أن أولاده المعصومين هم الأوصياء من بعده.
وجاء في حديث الإمام الباقر عليهالسلام ما يؤكّد هذه المضامين ، ففي حديث عنه عليهالسلام ذكر فيه اتصال الوصية منذ هبة اللّه وصيّ آدم عليهماالسلام إلى سام بن نوح عليهالسلام (٢).
وفي حديث آخر عنه عليهالسلام جاء فيه : « فلمّا انقضت نبوة آدم عليهالسلام واستكمل أيامه ، أوصى اللّه تعالى إليه ، أن يا آدم قد قضيت نبوتك ، واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك والايمان والاسم الأعظم وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك ، عند هبة اللّه ابنك ، فإني لم أقطع العلم والإيمان والاسم الأعظم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك إلى يوم القيامة ، ولن أدع الأرض إلاّ وفيها عالم يُعرَف به ديني ، وتُعرَف به طاعتي ، ويكون نجاةً لمن يولد بينك وبين نوح .. » (٣).
__________________
(١) الرياض النضرة ٣ : ١١٩ ، ذخائر العقبى : ٧١ ، فتح الباري ٨ : ١٥٠.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ٢٨ / ١٢٣٧ ، قصص الأنبياء / الراوندي : ٦٢ / ٤٣.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٢ / ١٢٣٨ ، روضة الكافي ٨ : ١١٣ / ٩٢ ، اكمال الدين : ٢١٣ / ٢.