والفسوق وأنواع الرذيلة (١) ، وحين وصل إلى سدة الحكم أراد انتزاع البيعة من الحسين عليهالسلام ، فامتنع الحسين عليهالسلام ، ورأى أن مجرّد السكوت عن هذا الحاكم الفاسق يشكّل خطرا داهماً على الإسلام كدعوة ودين ، فكيف يبايعه وهو وارث الرسول ووصيّه وسبطه وسيّد شباب أهل الجنة ، من هنا اختار طريق الصراع المسلح والثورة على الطغيان اليزيدي ، فخرج من المدينة بعياله وأهل بيته وأنصاره الصادقين ، وأعلن أهداف نهضته ، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإحياء معالم الدين ، وطلب الإصلاح في الأُمّة وإيقاظ ضميرها وتحريك وجدانها ، كي يحيا من حيي عن بينة ، ويهلك من هلك عن بينة.
ومن مكة قصد العراق مصمِّما على تحقيق أهداف نهضته ، فتسابق هو وأصحابه إلى الشهادة ونيل الرضوان ، وسجّلوا ملحمة البطولة والفداء بدمائهم الزكيّة حتّى تضرّجوا بدم الشهادة على طفّ كربلاء. ولم ينم بنو أمية مل ء جفونهم بعد مصرع الحسين عليهالسلام ، بل هزّت واقعة الطف عروشهم ، وزلزلت الأرض تحت أقدامهم ، وكشفت عن أقنعتهم المزيفة ، فكانت رائدة الثورات والانتفاضات التي بدّدت سلطانهم ومزّقت ملكهم أي ممزّق.
بعث أهل المدينة وفداً إلى الشام ، فعادوا وهم يشهدون أن يزيد رجل لا دين له ، يشرب الخمر ، ويدع الصلاة ، ويلعب بالكلاب ، ويعزف بالطنابير ، وينكح الأمهات والبنات والأخوات ، فخلعه أهل المدينة ، وبايع الأنصار عبد اللّه بن حنظلة الأنصاري ، وبايعت قريش عبد اللّه بن مطيع بن الأسود والمنذر بن الزبير ، فوجّه إليهم يزيد جيشاً بقيادة السفّاح مسرف بن عقبة ،
__________________
(١) راجع : الفخري في الآداب السلطانية : ٥٥ ، مروج الذهب ٣ : ٦٧.