ان كان صاحبه أهلاً للتعظيم كان طاعة ، وعبادة الله تعالى ، وليس كل تعظيم عبادة للمعظم ، كما بيَّنّاه مراراً ، فقياس ذلك بفعل المشركين مع أصنامهم قياس فاسد .. » ١. انتهى
وسادساً : قد تقدم أنهم يقولون : إن الإجماع نبوَّةٌ بعد نبوَّةٍ ، ولا يختص عندهم زمان الاجماع بوقت دون وقت ، ولا بزمان ، وقد انعقد الإجماع على إقامة أعيادٍ أخرى غير الفطر والأضحى ، مثل عيد النوروز ، والمهرجان ، وعيد المولد النبوي ، ولا سيما في عهد حاكم أربل وبعده إلى قرب ظهور ابن تيمية .. حسبما تقدمت الإشارة إليه في غير موضع .. فلا نعيد.
وسابعاً : وقد ادَّعى أولئك المانعون أنه لا يوجد إلّا عيدان : الفطر والأضحى ، ولكننا نقول : إنه على أساس ما قدَّمناه ، من أن الفرح حينما يوجد ما يقتضي الفرح والحزن حينما يوجد ما يتقضي الحزن ، هو مقتضى النزعة الانسانية والسجية والفطرة البشرية.
وبما أنَّ الانسان يفرح ويبتهج ، حينما ينتصر في معركةٍ مّا ..
ولأنَّ خسران المعركة مع الشياطين ، معناه خسارة الانسان لأعزِّ شيءٍ يملكه ، وإلى الأبد .. ألا وهو نفسه وذاته ..
نعم .. من أجل ذلك نجد أمير المؤمنين عليه السّلام يقول في بعض الأعياد :
« إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه ، وشكر قيامه ، وكلُّ يوم لا يعصىٰ الله فيه ، فهو عيد .. ». ٢
نعم .. وهذا بالذات ، هو سرُّ تشريع عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، بعد تلك الرحلة التربوية الجهادية مع النفس الأمّارة ، وضد كلِّ الشياطين ، حينما يفترض بالإنسان أن يترك ـ مختارا ـ أموراً تدعوه إليها غرائزه ، وتدفعه نحوها شهواته ، كما ويزيده شوقا إلى بعضها حنين الإلف والعادة ، الناشئ عن طول
__________________
١ ـ كشف الارتياب / ص ٤٥٠.
٢ ـ نهج البلاغة ، بشرح عبده / ج ٣ / ص ٣٥٥ ، الحكمة رقم ٤٢٨.