إقامة الذكريات والموسم ، بمناسبة يوم الاستقلال وفي الأيام التي هي مثل أيّام ولادة عظمائهم ، وغير ذلك من مناسبات ، وقد تقدم توضيح ذلك.
ورابعاً : بل إن ما نحن فيه داخل في قسم ما أمر الله سبحانه ، حيث ان الاحتفالات بيوم مولد النبِّي (ص) ، أو أحد الأئمة (ع) ، أو الاحتفال بيوم الهجرة أو يوم المبعث ، أو حتى يوم عاشوراء ، إلى غير ذلك من المناسبات إنّما هو داخل تحت عناوين عامة ورد الأمرُ بها والحثُّ عليها. وتقدَّم أنَّ اختيار المكلف لمصداق العنوان العام لا يعدُّ ٱبتداعا ، ولا إحاداثا في الدين ، وإدخالا في امره ما ليس منه. وقد تقدم توضيح ذلك في أوائل الفصل السابق فلا نعيد.
وتقدم أنَّ ما ورد عنه صلَّى الله عليه وآله وسلم : « من سنَّ سنَّةً حسنة الخ .. » قد طبقه الرسول صلَّى الله وآله وسلم على اختيار البعض لمصداق عنوان عام مأمور به ، فيكون من شواهد ما ذكرناه آنفا.
وخامسا : قد تقدم قول بعض المانعين ـ وهو ابو بكر جابر الجزائري :
« ان الفطرة قاضية : أنَّ الإنسان يفرح بالمولود يوم ولادته ، ويحزن عليه يوم موته ، فسبحان الله كيف يحاول الانسان ، غروراً ـ تغيير طبيعته ».
ونحن نوضح هذا الأمر هنا ، بمقدار ما تسمح لنا به الفرصة ، ويسعفنا به البيان .. فنقول :
إنّ ممّا لا شك فيه هو : أن الناس ـ كل الناس ـ يولون ما يرتبطون به عقائدياً وفكريّاً وعاطفياً أهميَّةً خاصة ، وعلى أساس ذلك يتَّخذون مواقفهم ، ويكون الفعل ، وردُّ الفعل .. والتأثير والتأثر ، بصورة تلقائية ، وعفوية وطبيعية.
وكذلك ، فان الناس بالنسبة لما يرفضونه ، ويدينون به عقائديّاً ، وفكرياً ، وعاطفياً موقفاً آخر ، وتأثيراً وتأثراً من نوع آخر كذلك.
وقد اعتاد الناس انطلاقا من احترامهم
للمُثُلِ والقيم التي يؤمنون بها ، على احترام الأشخاص الذين بشروا بها ، وضحّوا في سبيلها ، وارتبطوا بهم عاطفيّاً وروحيّاً كذلك .. ورأوا : أن إحياء الذكرى لهؤلاء الاشخاص ، لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص ، وإنّما من أجل أنَّهم بذلك يحيون تلك القيم والمثل في نفوسهم ،