يوجب تحريم الحلال ، كما لم يوجب ذلك إخراج الواجب عن كونه واجباً.
فإنَّ من يحاول أن يخدع الناس عن طريق الصلاة والصوم والعبادة ، لا يعني ذلك حرمة هذه العبادات ، نعم المحرَّم هو استغلاله لها بهذه الصورة.
هذا .. كله ، عدا عمّا قدَّمناه من أننا نرى انها داخلة تحت عنوان التعظيم المطلوب للشارع.
وأمّا استدلاله على دعواه بمناصرة أهل الباطل لها ، ووقوفهم إلى جنبها ومعها .. فهو في غير محله أيضاً ، فإنَّ أهل الباطل يحاولون خداع الناس ، بإظهارهم التقوى والورع ، وعدم ضدِّيَّتهم مع عقائد الناس وعاداتهم وأعرافهم .. من أجل أن يحصلوا على ما هو أعظم وأهم بنظرهم .. فهذا الاستدلال على ضد مراد المستدل أدَلُّ .. كما هو مظاهر لا يخفى.
وإذا أردنا أن نسلِّمَ بما يقال ، من أنَّ عمل السلف حجة ، وإن لم يكن المعصوم داخلا فيهم ، بل وحتى كفاية عمل عمر بن عبد العزيز وأمثاله ، ليكون ذلك سنَّة ، ومن الدِّين. ١
واذا كان عصر الصحابة والتابعين هو العصر الذي تنعقد فيه الإجماعات ، وتصير حجة وتشريعاً متَّبعاً ، وإذا كان الإجماع معصوما ونبوَّة بعدَ نبوَّةٍ ، حسبما يدَّعون ، وإذا كان يحلُّ لمسلم أن يدَّعيَ وجود نبوَّةٍ بعد نبوَّة خاتم النبيِّين ، خلافاً لنص القرآن الكريم : « مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ » ٢.
وإذا كان يجوز ٱطِّراح القرآن ، وكل ما قاله النبي الأعظم صلَّى الله عليه وآله وسلم لمجرد أنه انعقد الإجماع بعد عصر النبي على خلافهم. ،
إذا جاز كل ذلك .. فلقد سب امير المؤمنين عليه السّلام على عشرات الألوف من المنابر في جميع أقطار العالم الإسلامي ، من قبل وعّاظ السلاطين ، طيلة
__________________
١ ـ قد تقدَّم ما يشير الى ذلك حين الكلام على مشروعية التهنئة في العيد.
٢ ـ الاحزاب : ٤٠.